الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11970 - عددالزوار : 191871 )           »          سحور اليوم العشرين من رمضان.. سلطة فلافل سهلة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 680 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 972 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 1135 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 872 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 857 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 970 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 93091 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 118 - عددالزوار : 57050 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-06-2019, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,712
الدولة : Egypt
افتراضي الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس

الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس


عبدالكريم السمك



ترجع معرفتي بالمرحوم شريف الراس، إلى مطلع العقد السابع من القرن العشرين للميلاد، وذلك من خلال محاضراته على منبر مركز حماة الثقافي، حيث كان رحمه الله من أنشط مثقفي مدينة حماة، كمحاضر على منبر مركزها الثقافي، وكان في بداية نشأته الفكرية يسارياً ومن أبناء حزب البعث، كما كان مشبعاً ومحباً للمدرسة الفكرية الفرنسية، بتعدد وجوهها وتنوعها، وخاصة الوجودية والفلسفية، وكان يحترم فكر الآخر، بغض النظر عن هذا الفكر الذي ينتمي إليه صاحبه، ومع انقلاب الثامن من آذار لسنة 1963م، فقد وجد فيه بأنه الطامة الكبرى التي نزلت في سوريا، بعد أن اكتسى بثوب الطائفية، وخاصة بعد الذي نزل في مدينة حماة، في أولى حوادثها مع نظام حكم البعث سنة 1964م، حيث دَمَّر هذا النظام عدداً من المساجد فيها، وقتل عدد كبير من أهلها، وسبق الحادثة هذه مناهضة شريف الراس للانقلاب، وإن كان الحكم في أصول نظامه يعود للمدرسة الفكرية التي ينتمي لها شريف الراس، فقد كان نصيبه من ذلك تسريحه من عمله، وسجنه أربعة أشهر في سجن المزة، بعد أن وجد بأن خمسة عشر سنة من نضاله الفكري - البعثي -، إنما كان سلم النجاة الذي وصل عليه الطائفيون لحكم سوريا، من خلال هذه الثورة المشؤومة.



وقد جاءت الهجمة الطائفية على حماة في هذه الحادثة، على قاعدة الثأر الطائفي التاريخي، فهي البلد السنية التي تعاملت معها فرنسا سنة 1925م، من خلال الثورة السورية الكبرى، بأبشع الصور عندما نكّلت بأهلها، حتى يكون تدميرها درساً لغيرها من المدن السورية، وعلى هذا النمط من سياسة التعامل، نهج البعثيون من أبناء الطوائف النصيرية والدرزية والإسماعيلية، على التعامل معها جرياً على السياسة الفرنسية، وعندما انفرد النصيريون بحكم سوريا برئاسة الأسد، كانت سياسة الإبادة وسفك الدماء لمدينة حماة، هي الخط الأمثل لإذلال هذه المدينة ومن ورائها سوريا بكاملها، حتى كانت واقعة حماة الكبرى سنة 1982م، فقتل من أهلها قرابة 40 ألف حموي، والواقع الذي تشهده سوريا اليوم يصدق ذلك.



كما سعى البعثيون مع ثورة الثامن من آذار، بعد أن اكتست هذه الثورة بثوب الطائفية على حساب المواطنة، بتصفية جميع القوى السنية الحموية الفاعلة سياسياً وعسكرياً، من على الساحة السورية، والتي كانت فيه صاحبة الوجود الأقوى في تعاقب الحكومات السورية، على الساحتين العسكرية والسياسية، إلى أن آل الحكم في سوريا إلى النمط الطائفي الذي تعيشه اليوم، وانتهى معه الدور الحموي في السياسة السورية، وكان هذا عاملاً من أكبر العوامل في دفع شريف الراس، ومن ينتسب لهذه المدرسة الفكرية، إلى فضح ومناهضة هذا الحكم وسياسته الطائفية، بعد أن عاشوا قرابة العقدين فيما قبل الثورة، يسعون لمثل هذا اليوم من الثورة، وهم لا يدرون بأنهم في نشاطهم هذا، كانوا هم ورواد الفكر، من الحوراني وعفلق والبيطار، وراء ما نزل في سوريا من مصائب على أيدي هؤلاء الطائفيين.



فقد تم طرد رموز هذا الفكر من سوريا، لينفرد الطائفيون بحكم سوريا، بتوجيه من وهيب الغانم وزكي الأرسوزي وسليمان العيسى، وكلا الثلاثة من أبناء الطائفة العلوية، ومن منطقة اسكندرونة، ومن الذين شملهم الطرد الوظيفي المترجم له - الراس-، وزامن طرده هذا؛ سجنه أربعة أشهر بعد مناهضته لهذه الثورة، وبعد الإفراج عنه كان تحت المراقبة الأمنية، الأمر الذي دفعه إلى الهروب إلى لبنان في الأسبوع الأخير من سنة 1965 م، وعاش في لبنان ملاحقاً من نظام الحكم في سوريا، ومن تاريخ سفره إلى لبنان ملاحقاً، فقد انقطعت الصلة والتواصل معه، ولكنني كنت أتابع أخباره في غربته رحمه الله، من خلال نشاطاته العلمية، وخاصة منها، مسلسله المعروف الذي حظي بالمكانة الكبيرة عند المشاهدين والنقاد من العلماء والأدباء، والذي ذهب في عنونته بـ «أحلى الكلام»، وقد جاء هذا المسلسل في رسالته وموضوعه وأهدافه، بربط المشاهد في دفعه للاهتمام بلغته العربية ونحوها، وقد عرضته معظم القنوات العربية والإسلامية بما فيها المملكة العربية السعودية، كما عُرض في أندونيسيا وباكستان وماليزيا، كما كان لي متابعات له في الكثير من عطاءاته العلمية، وسيأتي الحديث عنها في سياق الدراسة.



نشأته ومولده:

في مدينة حماة السورية، كان مولد محمد شريف بن خالد الرأس، وذلك سنة 1930م، ووالده هو خالد بن حسن السكاف، الذي عمل على تعديل اللقب سنة 1950م، إلى لقب الرأس، ولم يذكر صاحب الترجمة دواعي التغيير هذه، مع العلم بأن عائلة السكاف هذه، تفرع منها من اكتنى بكنية الحداد، وأسرة السكاف من الأسر الكريمة في حماة، ويشير المترجم له، بأن الشهادات الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية حملت كنية السكاف.



أما عن نشأته التعليمية والعلمية، فقد التحق للدراسة في النشأة الأولى، بمدرسة المحمدية الشرعية، الكائنة في حي الشرقية من حماة، وقد أنشأها الشيخ محمود الشقفة رحمه الله، وذلك سنة 1940م، وفي هذه المدرسة درس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وحصل على شهادة الثانوية، من ثانوية أبي الفداء، وعمل مدرساً في قرية الصقيلبية، التي تتبع مدينة حماة، وهي قرية أهلها من الطائفة المسيحية، وفي سنة 1952م، التحق في قسم الفلسفة بجامعة دمشق، وفي دراسته الجامعية كان متقدماً على كل زملائه، حيث كان ترتيبه الأول في نجاحه الجامعي، وتكريماً له فقد تم إعفاءه من الرسوم الجامعية، وكان مقدارها (75) ليرة سورية، ونتيجة لنجاحه المميز هذا فقد طلبته الأمم المتحدة للعمل مترجماً في اللغة الفرنسية، لكنه اعتذر.



وقد تكلم الرأس عن بداية الكتابة عنده، فأشار إلى أنَّ أول مقال كتبه، كان قد نشره في جريدة اليقظة، وجاء موضوعه في تلخيص أحد الكتب للفيلسوف الإنجليزي «هاكسلي»، وأول منشوراته من الكتب، كان أطروحة التخرج الجامعي، وكانت الدراسة معنية بالفيلسوف «بريغسون »، وكان هذا الفيلسوف قد كتبها عن أستاذه «رافيسون»، وقد نصحه بطباعتها، أستاذه بجامعة دمشق «أنطون مقدسي».



ومن بعد ذلك سار في طريق الكتابة الأدبية، من خلال مجلة «الآداب البيروتية»، حيث كان يكتب فيها قصصاً قصيرة، بعد أن لاقت القبول عند النقاد والوسط الأدبي السوري واللبناني.



كما كان كاتباً في جريدة البعث التي أصدرها الحزب سنة 1956م، حيث كانت له في الجريدة زاوية أسبوعية، تحت عنوان «لوحات من حياة الشعب»، وكان بعثي الولاء يومها، وقد عُين مديراً لثانوية التربية الاجتماعية في حماة، كما كان يُدرس فيها مادتي الفلسفة وعلم النفس، إضافة لثانويات حماة، وقد جاءه عرض عمل في الكويت فقصدها، ولكن لم يطل به المقام فيها، فعاد أدراجه إلى بلده، ومع قيام الوحدة السورية المصرية، عمل في وزارة الثقافة رئيساً لشعبة الفنون الشعبية، وبقيام انقلاب الثامن من آذار، فقد تم تسريحه من هذا العمل، من قبل رفيق دربه في الحزب وصديقه، الذي أصبح وزيراً للإعلام الطائفي سامي الجندي، وهنا وضع الرأس اللمسات الأولى على طائفية الانقلاب، عندما كان من طلائع من نالته الملاحقة الأمنية من هذه الثورة، فتم سجنه أربعة أشهر في سجن المزة العسكري بدمشق، وبعد خروجه من السجن اتجه إلى العمل الحر، فعمل خطاطاً ومصمم كتب، إضافة لوضع بروفات طباعة، كما أَنشأَ داراً للإعلان، وفي الأسبوع الأخير من سنة 1965م، قصد لبنان هارباً من ملاحقة السلطات الأمنية له للإقامة فيها.



شريف الراس في بيروت:

قصد شريف الراس بيروت ليعيش فيها طريداً من حكومة دمشق الطائفية، والتي أهانته وقامت بسجنه، ولم يشفع له عندهم ماضيه الحزبي، هذا الحزب الذي كان للطائفيين، سفينة نجاة أوصلتهم لحكم سوريا، فمن خلال وجوده في بيروت ازداد يقينه بطائفية النظام، بعد الذي أصابه منه، إضافة إلى ما شهدته مدينة حماة بلد الراس، من انتقام منها على قاعدة الطائفية، في إِرثٍ تاريخي لا أصول له مع هذه المدينة، وفي لبنان امتدت إقامته فيها مدة عشر سنوات، يتكسب فيها لقمة العيش، وفي سنة 1970م، وجهت العراق الدعوة له لزيارتها، مشاركاً في المربد الأول، ومن خلال وجوده فيها، حصل على جواز سفر عراقي، وعاد منها ليعمل في بيروت، مراسلاً لجريدة الثورة العراقية، براتب شهري وقدره (60) دينار عراقي.



ومع اشتعال الحرب الطائفية اللبنانية سنة 1975 م، فقد عجلت بخروجه هذه الحرب منها، لا سيما وأن سوريا وإسرائيل المستفيدتين في هذه الحرب، فقد تم الاتفاق فيما بين الدولتين بوساطة أمريكية، وكان اتفاقاً سرياً أرخ في نيسان 1976م، تلتزم فيه سورية بعدم تحريك قواتها المسلحة جنوب خط «صيدا - جزين - قانا» والذي عرف طيلة أزمة الصراع بـ «الخط الأحمر»، وبموجب هذه الاتفاقية تم لسوريا طرد الفلسطينيين من جنوب لبنان، بما يخدم أمن إسرائيل في الجليل الأعلى، وفيما يخص سوريا فقد تحكمت بالإدارة الأمنية السورية في لبنان، فضمنت سوريا بهذه الإدارة أمن سوريا، لأن لبنان كانت دائماً مصدر تهديد لأي حكم في سوريا، وكانت أرضه حاضنة لكل معارضة تناهض حكومة دمشق، وكان خروج شريف الراس من لبنان، ما ضمن له حياته، فقد قصد الجيش السوري منزله في بيروت وسرقوا ما فيه، فكيف لو كان موجود في بيروت؟



وفي بغداد تم تعيينه موظفاً في وزارة الإعلام - دار ثقافة الأطفال -، وقد امتدت إقامته فيها حتى أحداث سنة 1991م، والمعنية بحرب الخليج الأولى، وبعد نهاية الحرب قصد الأردن ليقيم في عاصمتها عمان، واستمر مقيماً فيها حتى وفاته رحمه الله في 13/2/1421هـ الموافق 17/5/2000م.



الاتجاهات الفكرية في شخصية شريف الراس:

هو واحد من أبناء جيله الذين عاشوا العقود الخمسة الوسطى من القرن العشرين للميلاد، حيث شهدت هذه الفترة ألواناً من النشاط الفكري والسياسي، الذي اخترق واقعنا العربي، كالفكر الاشتراكي والشيوعي والبعثي والفلسفي الوجودي، الذي ارتبط بشكل مباشر، بالاستعمار الفرنسي والبريطاني لدول العالم العربي، بعد أن هيأَت له البيئة لانتشار مثل هذا النوع من الأفكار، في أوساط الناشئة من الشباب، وكان شريف الراس ممن تأثر بهذه الأفكار الوافدة، والذي أعلمه عنه أَنه كان من أبناء مدرسة الفكر الاشتراكي، البعيدة عن اليسار الشيوعي، وكان بسبب تخصصه العلمي بعلوم الفلسفة، على درجة علمية عالية بالفكر الوجودي، ومذهب السان سيمونية، وذلك بسبب حبه للمدرسة الفكرية الفرنسية بجميع علومها وفنونها، وأول من تأثر فيه فكرياً ضيف ترجمتنا، ابن حيَّه أكرم الحوراني، الذي تقلب في رياح الأفكار الوافدة يمنة ويسرة، ويعلق الكثير من النقاد السياسيين بأن الحوراني كان السبب المباشر في كل ما أصاب سوريا، في واقع حالها اليوم، فمن حركة عصبة العمل القومي، إلى الحزب القومي السوري الذي طرد منه، ليلتحق بعد طرده بحركة الشباب التي أنشأها عمه عثمان الحوراني، وكان أكرم قد ورث عن عمه هذه الحركة، فغير اسمها إلى الحزب العربي الاشتراكي، الذي اتحد فيه سنة 1952م مع حزب البعث، فأصبح اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي، ويعود تاريخ انتساب شريف الراس إلي الحزب الاشتراكي الذي أنشأه أكرم الحوراني إلى سنة 1948م رسمياً، واستمر في عضوية الحزب حتى قيام ثورة الثامن من آذار 1963م، والني ناهضها هو والعديد من زملائه في الحزب، بعد أن لمسوا فيها البعد الطائفي والذي لم تعرفه سوريا في تاريخها السياسي، وجاء هذا الاتجاه الطائفي على حساب الولاء الوطني.



وفي دار هجرته وغربته، ونتيجة لما نزل في سوريا من نوازل ومصائب، من قبل الحكم الطائفي الذي يحكمها، فقد توجه إلى الالتزام بالفكر الإسلامي، رسالة وفكرا ومنهجاً، وقد تجلى ذلك في ميراثه العلمي، الذي أثرى فيه المكتبات العربية والإسلامية، وعندما سأله أحد المحاورين له؛ قائلاً له أنت رجل متعدد المواهب والأعمال، ولم تضع نفسك باتجاه كتابي واحد بل كنت متنوع فيما تكتب، فقد انطلقت في الكتابة الساخرة، ومررت بأدب الأطفال، وعملت بالكتابة السياسية، ومارست الكتابة التلفزيونية والإذاعية، وأخيراً العمل الروائي الطويل، ولكن السؤال كيف يصنف شريف الراس نفسه؟ فيكون الجواب على قدر السؤال” أنا أصنف نفسي بأنني «صاحب قضية» فقط. فإن أتيح لي أن أعبر عن قضيتي بأسلوب الكتابة على الحيطان؛ كتبت على الحيطان، المهم أن لا تخبو جذوة الإيمان والمروءة والحرية والعزة في نفوس أبناء أمتي.. سمها أمة عربية أو أمة إسلامية أو أي أمة من الأمم، فتولستوي خدم أمته بكتاب «الحرب والسلام»، ورجاء جارودي صاحب قضية ومثلي الأعلى، والخليل بن أحمد الفراهيدي، كان يزكي عن كل سنة ثقافة، بسنة مشاركة في الجهاد، إنها إيمان الكاتب بعدالة قضيته.



يذهب الكثير من النقاد من أهل الأدب، على أنَّ هذا النوع من الكتابة الساخرة قد عرفها الأدب العربي في ماضيه، وهم يرون بأن الجاحظ، كان في طليعة القوم في هذا الفن من الكتابة، في مسألة النقد السياسي والاجتماعي، ففي مصر عُرف (يعقوب صنوع)، صاحب جريدة «أبو نظارة»، ويتمتع هذا الكاتب بموهبة عالية، بحيث أنه كان يستطيع كتابة نصه بعشر لغات، كما شهدت الساحة التونسية نهضة كبيرة في هذا الفن والنوع من الكتابة، أما في الشام بوحدتها الجغرافية، فقد كانت صاحبة ريادة في هذا النوع من الكتابة، وذلك عندما شهدت ساحتها الإعلامية في العقود الثلاثة الأولى، من القرن العشرين للميلاد، إصدار أكثر من خمسين صحيفة هزلية، في مسماها وفي لغة الكتابة فيها، وكان آخرها صحيفة «المضحك المبكي» لصاحبها حبيب كحالة.



ولا يغيب عنا في هذه البلاد الكريمة، شخصية أديب أثرى بعطائه الشعري والروائي والأدبي المكتبة العربية، إنه الدكتور الشاعر المعطاء، والذي يحسن السباحة في كل بحر، غازي القصيبي رحمه الله، ومن كتبه في هذا الجانب، كتاب «أبو شلاخ البرمائي»، وهو من روائع مؤلفاته الموضوعية الهادفة في بعدها السياسي والاجتماعي والأخلاقي، والذي يعرف غازي القصيبي رحمه الله، يدرك مدى العلمية والأهلية لمن يريد الكتابة بهذا اللون من الكتابة. فليس من السهل الكتابة بهذا اللون من الكتابة الأدبية، إلا عند من امتلك الأهلية فيها.



وفي العودة للحديث عن ضيفنا الذي نترجم له، فقد جاء عطاؤه في هذا النوع من الكتابة من تاريخ دخوله عالم التأليف والكتابة، وكان للواقع السياسي العربي والسوري، الأثر المباشر في سيره في هذا النموذج من الكتابة، مع قدرته على الكتابة بغيرها، وحتى يتم بيان أهمية هذه الكتابة في تحقيق الغرض منها، فقد تم إدراج هذه الكتابة تحت تصنيف الرسوم الساخرة النثرية، وقوامها أربعة عناصر؛ كما أشار لها د.عبداللطيف حمزة، في كتابه التحرير الصحفي:

1- عنصر التجسيم للعيوب أو المسخ.



2- عنصر التوليد، هو ما يتاح للكاتب ولا يتاح للمصور، توليد المعاني واستطراد الأفكار، بحيث كل معنى يُذكِّر بآخر، وكل فكرة منها توحي بأخرى.



3- عنصر التندر: أي إيراد النكات التي ترد على الكاتب في أثناء الكتابة.



4- عنصر التشبيه أو التمثيل للاستعانة فيه في عملية المسخ والاستهزاء.



والرسوم النثرية هي أصعب من شقيقاتها الشعرية والخطية، ولهذا فإن المبرزون في هذا النوع من الفن قليلون، وقد دخلت هذه الصورة من الكتابة، في تصنيفها تحت تصنيف التحرير الصحفي، أما عن بواعثها؛ فقد كان منها السياسي والاجتماعي والأخلاقي والاستبدادي، في إطار الفضاءات المكانية والزمانية، وهي التي كانت سبباً في إثارة هذه البواعث والإبداع في الكتابة فيها، كلون من ألوان الأدب النقدي الهادف، والذي لا يحسن الكتابة فيه إلا القليل، وفي عصرنا ظهر هذا اللون الأدبي، بالصورة دون النثر، وفي صورة أخرى النثر مع الصورة، وأول ما عرفه عصرنا على صفحات الصحف، ثم جاء رواية.



والمتتبع لميراث الأديب شريف في الأدب الهزلي الساخر، يجد بأن هذا النوع من الأدب، لم يذهب فيه كاتبه على قاعدة الملهاة، بل المأساة هي الباعث في كل ما كتبه، ولدى تتبعي في استقصاء هذا النوع من الأدب، فقد وجدت فيه، بأن الغالب فيه إنما هو طابع المأساة، ولا يغيب عنا كذلك الكاريكاتور التصويري، فهو ليس أقل شأناً ومكانة من الكاريكاتور النثري، المطبوع بطابع المأساة، فها هو ناجي العلي، الذي كان يجسد مأساته في أهله ووطنه؛ فيما يرسمه بيده من رسومات كاريكاتورية، وينشرها في الصحافة، وكان رسوله فيها شخصية «حنظلة» التي ابتكرها هو بنفسه، وهنا تتداخل الفضاءات المكانية والزمانية والاجتماعية، عند الرسام الكاريكاتوري نثراً كان أم صورةً، لتقدم صورة المأساة للآخر، في ظل واقع إنساني، أصابه العمى والصمم عما يعيشه صاحب الكاريكاتور.



فصاحب فن الكاريكاتير، يجب عليه امتلاك القدرة على بعث الحياة وخلقها في عطاءاته، من خلال عناصر الإثارة «أشخاص - أحداث - أهداف» بعد ربطها ببعضها البعض، والقائمة على عنصر التشويق لواقع الحدث زماناً ومكاناً، فكاتبنا شريف الراس كان في كل عطائه في هذا الفن، عطاء ألم وحزن وأسى، جَسّد فيه صورة المأساة التي يعيشها شعبه ووطنه السوري، بل تجاوز حدود وطنه القطري، ليتسع فيه المكان إلى وطنه العربي، الذي جسد حبه له في موروثه العلمي، وقد تعددت وتنوعت المواهب التي تكونت منها شخصية شريف الراس العلمية، التي صنعت منه كاتباً بهذا الشكل، وقد تمثلت فيما يلي:

أهليته العلمية في علم النفس، ودور هذه الأهلية المباشر، في طرق أبواب القلوب والنفوس والعقول.



خطاط لا يجارى.



لغوي ونحوي متمكن في علوم اللغة، بتعدد وتنوع علومها.



كاتب روائي متميز.



شاعر على قاعدة التفعيلة والتي لا يحب شعرها.



كاتب متميز في أدب الأطفال، وقد حصد فيه العديد من الجوائز.



كاتب مسرحي، ولا يغيب عنا «مسلسل أحلى الكلام»، والذي كان معنياً في اللغة العربية والعمل على النهوض فيها من الحال الذي آلت إليه في عصرنا.



متنوع الثقافة والفكر، وصاحب ولاء للمدرسة الفكرية الفرنسية، وهو كثير القراءة، متمكن من اللغة الفرنسية، إضافة لماضيه الصحفي في أدب القصة القصيرة.
وللموضوع تتمة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-06-2019, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,712
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس


الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس


عبدالكريم السمك


أعماله المنشورة والغير منشورة:
متنوعة ومتعددة هي عطاءات شريف الراس، وإن يغلب عليها في هذا الجانب، ما هو معني بأدب الأطفال، إضافة إلى كمٍ كبير من الكتب الهادفة، والخاصة بالنقد السياسي والاجتماعي قطرياً كان أم عربياً، فكل كتاباته تجاوز فيها حدود الإقليمية، بل وتجد أنه في بعض الكتب، انطلق إلى الحاضن لعالمنا العربي، ألا وهو العالم الإسلامي، بعد أن غدى تاريخ الإسلام السياسي مصدر إلهام، وقاعدة إمداد له في هذه الكتابة، وهذا بيان بأعماله وآثاره كما جاء عليها هو بنفسه:
أ- الأدب السياسي الهزلي والساخر:
للضاحكين فقط: مجموعة مقالات في النقد السياسي الساخر، وقد طبع في بيروت سنة 1967م.
مقهى البقرة: رواية فكاهية ساخرة حول الحرب الجنونية في لبنان «غير منشور».
فصول في علم السجنولوجيا « ويصح قولك حبسولوجيا »، قام بتأليفه وهو سجين في سجن المزة بدمشق سنة 1963م. «غير منشور».
أسرار الضحك العربي: نقد سياسي ساخر، عن الأوضاع العربية من منظور قومي. صدر في القاهرة سنة 1984م.
من الجرح السوري: يتناول الحديث فيه عن مذبحة حماة لسنة 1982 م، والأوضاع السورية بعد هذه المذبحة، وقد تم نشره في القاهرة سنة 1984م، كتب مقدمته عدنان سعد الدين.
صطوف الأحمد في دمشق: رواية ساخرة عن فترة حكم نور الدين الأتاسي رئيساً لسوريا «غير منشور».
مهمة سرية جداً: رواية ساخرة عن ملاحقة سلطات الطغيان للمجاهدين السوريين في فرنسا،التي اغتيل فيها صلاح البيطار، وطبع الكتاب في القاهرة سنة 1984م.
حالات السيد محمد صابر فقعتوني: نشر في بغداد سنة 1985م. وقد كتبه بأسلوبه الهزلي والساخر، نقد فيه صوراً اجتماعية للواقع العربي.
خواطر ضاحكة: نشر في بغداد 1985م.
طاحون الشياطين: بغداد 1985 م. لغة الكتابة هزلية ساخرة رواية هادفة، معنية بمذبحة حماة لسنة 1982م، ظهر فيها عداء الحاكم للإسلام.
الورطة: قدم فيها صورة السوري عندما يساق معتقلاً إلى سجن تدمر في الصحراء.. نشر بغداد سنة 1986م، وفيها يرى أن الإسلام هو المخلص من هذا الحكم الطائفي.
رواية اعترافات قاتل سعيد جداً: معنية بالمحنة السورية وأزمة «قعود» المعارضة «غير منشور».
رواية تعالوا نعشق ليلى: تتضمن في سياق نصها، حديث عن الدمار الأخلاقي والاجتماعي والديني في المجتمع السوري، تحت كابوس الطغيان النصيري الأسدي «غير منشور».
كتاب سوريا المستجيرة تحت سكين الطاغية الحقيرة: عرض عن واقع المحنة السورية، من خلال مراسلات بين بعض أدباء سوريا الشرفاء الأحرار «غير منشور».
كتاب القدس لا أورشليم: صدر في بيروت 1967م.
مسرحية «في انتظار عبدو»: الفائزة باختبارات النصوص المسرحية للنادي العربي في الكويت سنة 1986م.
كتاب «سوريا تحت الحكم النصيري»: صدر في فرانكفورت 1987م.
ب - كتب للأطفال العرب:
سلسلة اعرف وطنك عنوانها «ربوع بلادي» سلسلة كتب مصورة يتعرف فيها الناشئة العرب بمدن وطنهم العربي. تبنت نشره «دار ثقافة الأطفال» في بغداد، و«مركز دراسات الوحدة العربية»، في بيروت قد قام بنشره، لتعريف الطفل العربي بوطنه من منظور قومي، وبأسلوب قصصي بسيط ومشوق، وبلغة عربية صحيحة، مُشكلة بإشارات التنوين، بحيث يتمكن الطفل العرب من قراءتها على الوجه الصحيح، وصيغت بمنظور قومي، لتعريف الطفل العربي بوطنه العربي، وقد صدر منها:
1- من أين أنت؟
2- حماة.
3- القاهرة.
4- - بغداد.
5- حلب.
6- مسقط.
7- صنعاء.
8- أبو ظبي.
9- الخرطوم.
10- نواكشوط.
11- المدينة المنورة.
12- سيناء.
13- القدس.
14- العراق في صور.
ج - في التاريخ:
سلسلة «فتى العرب»، كتب قصصية للناشئة صدرت عن «دار ثقافة الأطفال» في بغداد، و«مركز دراسات الوحدة العربية» في بيروت، و«دار الرواد» في بيروت، ومن سياق عرض البيان، فإن عنونة الكتب مفسرة لمحتواها، فمنها ما هو تراثي، ومنها ما هو تاريخي، ومنها ما هو معني بعلماء وعظماء سلف الأمة وحاضرهم وهي كالتالي:
1- امرأة باسلة: حكاية المرأة الليبية التي استطاعت إنقاذ أحد المجاهدين الليبيين.
2- عبقري في البصرة: قصة الخليل بن أحمد الفراهيدي.
3- فخر النساء: تناول فيه قصة المرأة العراقية، التي نبغت في العلوم، ومنها من الخط والتربية الوطنية في أواخر العصر العباسي.
4- صاحب الأمالي: قدم فيه كاتب الكتاب سيرة أبي علي القالي.
5- أحمد والأبطال: وحديث عن مقاومة السعب المصري لاحتلال نابليون لمصر.
6- تل أَعفر: تحكي قصة شراكة السوريين العراقيين لقتال الإنجليز المحتلين للعراق.
7- رجل لكل الأقطار: وحديث عن ساطح الحصري.
8- الصفعة: قصة عن البطل العراقي «جمال جميل» الذي شارك في الثورة اليمنية.
9- سائق الشاحنة: قصة محمد علي القابسي أول مناضل عربي نقابي عمالي.
10- القطار العجيب: وحديث عن ثورة العراق لسنة 1920م ضد الإنجليز.
11- المسافر العنيد: حكاية الشيخ عبدالعزيز الثعالبي، مؤسس حركة التحرر السياسي من الاستعمار الفرنسي في تونس.
12- الانتصار العظيم: انتصار العراقيين على الإنجليز سنة 1920م.
13- دبابتان في الليل. 13-كتيبة دبابات في الليل.
14- حكاية انتصار حقيقي: عن ثورة 1945م ضد فرنسا في مدينة حماة.
15- عندما سافرنا إلى الجبل ليلاً: وحديث عن ثورة السوريين ضد فرنسا سنة 1925م.
16- الجنرال العجيب: وحكاية اغتيال غورو في حوارن من قبل أهل حوارن.
17- رحلة الأهوال: قصة خمسة عشر طفلاً موريتانياً اخترقوا أفريقيا مشياً على الأقدام، للوصول إلى الأزهر للدراسة فيه.
18- السلطان حامد: قصة المقاومة الشعبية ضد نابليون في مصر، بقيادة حامد.
19- سيدة في الموصل: وحكاية نخبة من المجاهدين الحمويين لنصرة ثورة 1941م. التحررية في العراق.
20- سعيد العاص: البطل الحموي شهيد فلسطين سنة 1935م الذي شارك القسام في ثورته.
21- أحمد بن ماجد: وقصة الملاح العربي الشهير.
22- نجار من حلب: قصة تحرير القدس أيام صلاح الدين من الصليبيين.
ج- كتب لإحياء التراث عند الأطفال:
1- الفتى غياث في أروقة التراث: الجزء الأول.
2- الفتى غياث في أروقة التراث: الجزء الثاني.
3- قال الراوي.
4- حكايات جحا الأول.
5- حكايات الذكي إياس.
د- كتب في اللغة العربية:
1- كتاب الأصوات.
2- هَمَسَ وصَرَخ.َ
3- خمس كلمات.
هـ - قصص خيالية:
1- مروان والجمل.
2- ابن الدب.
3- الصيف.
4- في شارعنا بقرة.
5- الثلج عند بني عصفور.
6- أبو أحمد والتمور.
و - حكايات السيد جوعان:
1- التفاح.
2- المشمش.
3- الطماطم.
4- البصل.
5- الفستق.
6- الجوز.
7- التمر.
8- الحليب.
9- البيض.
10- التوت.
11- البرتقال.
12- العسل.
ز- كتب للتلوين:
هذا النوع من الإصدارات عند شريف الراس، جاء في قدرته على الرسم.
1- أزياؤنا الشعبية.
2- كان وصار.
3- صور من الماضي.
4- أنا مسافر.
5- عندما زرنا الأهوار.
6- أَرسُم انتصارنا.
7- أَرسُم بالمقص.
ح - كلمة من القرآن:
جاء هذا الإصدار في مجموعة من ثلاثين كتاباً، اختار ثلاثين كلمة من كتاب الله مثل: «أجر - ثواب - زكاة - فضل - هدى)؛ وكعادته فيما سبق، له أن كتبه ونشره فيما يخص أدب الأطفال؛ فقد جاءت هذه المجموعة متوجة لمنشوراته التي سبق له نشرها، وذلك بما تضمنه من أهداف في رسالتها التربوية والأخلاقية والتعليمية والتوجيهية، إذ لا يخلو من كتب السلسلة هذه، من تحذير أو نهي إلهي، من خلال قصة جاءت في كتاب الله، كذلك فإن الكاتب؛ يعمد في كل كتاب إلى إعراب آية أو آيتين، بأسلوب مشوق ومبسط، جرياً على أسلوبه الذي عرف فيه في كتبه الأخرى، التي نولته جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كأحسن كاتب في ثقافة الأطفال، وفي معرض لا يبزغ للكتاب، فقد نال ما كتبه الجائزة الأولى، كأحسن كتاب في أدب الأطفال، فنال فيه دبلوم الشرف، وحتى مسلسله المعروف «أحلى الكلام»، فقد طمع الناس الذين أُعجبوا فيه، بأن يكون مطبوعاً على الورق، وقد تم تلبية طلبهم من قبل المؤلف، فتم له نشر المسلسل في سلسلة مع سلسلة «كلمة من القرآن»، والكاتب لقدرته على فن الرسم، فكل مؤلفاته كان هو الذي قام برسم لوحات النص برسوم جميلة بيده، وذلك لبعث عنصر التشويق في القراءة عند الطفل العربي، ولو نظر القارئ للدراسة إلى غلاف كتاب الورطة، لأوحى له الغلاف واقع الإنسان السوري في سجنه الكبير سوريا، فالغلاف إنما كان في رسمه وتصميمه.
الاتجاه الإسلامي في أدبيات شريف الراس:
لم يكن يتصور أحد ممن يعرف أبناء المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها شريف الراس في مدينة حماة، وجلهم كانوا في ولائهم الفكري، يساريون وجوديون وليبراليون ثقافة وفكراً، ساهم الاستعمار الفرنسي في بناء مدرستهم هذه في دائرة نشاطهم الفكري والثقافي والسياسي العصر الذي نشؤوا فيه، وقد خرج معظمهم من عباءة الفكر الذي نشؤوا عليه حيث، فهذه الطليعة الفكرية إنما هي واحدة للعديد من الطلائع الفكرية، التي عرفتها المدن السورية، في النصف الأول من القرن العشرين للميلاد، ومطلع النصف الثاني منه، فقد كانت هذه النخبة الفكرية درع الحماية للفكر البعثي والاشتراكي، حتى وصل حزب البعث لسدة الحكم في سوريا، وقد احتضنت هذه المدرسة الفكرية العديد من أبناء الشعب السوري بتنوع معتقدهم وعرقيتهم، ولم يكن يدور في خلدهم بأنَّ الفكر الذي اعتنقوه وحملوا لواءه، ودافعوا عنه، قد كساه رفاق دربهم من أبناء الطوائف، بتبني الطائفية الذي فضحته ثورة الثامن من آذار لسنة 1963م، ولهذا فقد
كانت هذه الثورة حداً فاصلاً بين تاريخين، فيما قبل الثورة وفيما بعدها، حيث بدأت رياح التغيير الفكري عند أبناء النخبة الفكرية من أبناء المسلمين السنة، وبدأت معها الانشقاقات بين أصدقاء الأمس، ليصبحوا أعداءاً فيما بعد الثورة، بعد أن تسلط عليهم سيف الاستبداد السياسي والأمني الطائفي، ما دفع بالكثير منهم من مغادرة سوريا مطاردين وملاحقين من نظام حكم دمشق، وكان فيهم ضيفنا المترجم له.
ومع هروبه من دمشق بدأت عنده مرحلة التحول الفكري والثقافي، فهو لا يؤمن بمصطلح «كنت» واليوم «أصبحت»، وهذا بالنسبة عنده ليس بصحيح، فهذه القضايا ليست سوى كليشيهات وتصنيفات، فسلوك الشخص هو الذي يحدد هذه المعايير، فقضية «التصنيف» هذه غير منضبطة، فالمثقف والكاتب، يحدد شخصيته البعد الموضوعي في رسالته فيما يكتبه، ولهذا فهو يرى نفسه وإن حسب على التيار اليساري فيما سبق، فقد كان موضوعياً في احترام فكر الآخر منذ نشأته الفكرية، فهو يجل ويحترم فكر كل كاتب موضوعي فيما يكتبه، والولاء الذي ينتمي إليه، ولو كان هذا الكاتب - إسلامياً، فقد كان من المعجبين بسيد قطب رحمه الله، ولهذا فيوم أن أعدمه عبدالناصر، دافع عنه أمام جبروت عبدالناصر، ولهذا لم يكن انتماؤه الفكري الذي عرفه في بداية حياته، موجباً عليه أن يكون مقيداً في حرية فكره الذي انتمى إليه، ومن هنا جاءت قضية «كنت» واليوم «أصبحت» مرفوضة عنده، فالتصنيف يجعل الكاتب مرهوناً فيما يكتبه داخل إطار الولاء للتصنيف الذي ينتمي إليه، فالموضوعية هي التي نهج عليها الراس في كتاباته، بدون شعارات ولافتات وتنظيمات وولاءات وروابط، ولذلك حارب ضيفنا المؤسسات الفكرية والأدبية المرهونة بروابط تجعل الأديب والمفكر مكبلاً بقيود هذه المؤسسات كرابطة الأدب الإسلامي، فهو يشعر بألم الآخرين، ويعيش ولاءه الإسلامي، وقدوته في ذلك محمد صادق الرافعي، وباكثير وسيد قطب، فهؤلاء الثلاثة كانت القضايا التي آمنوا بها وعملوا من أجلها، هي التي صنعت الأدب الذي ارتبط فيهم، ولذلك فهو يرى بأن الأدب الإسلامي في تاريخنا انتهى بأديبين هما: باكثير وسيد قطب رحمهما الله تعالى.
وعن شخصية شريف الراس كأديب ملتزم، يتألم بألم الآخرين، ويعيش مآسيهم، وخير من تناول رسم شخصية بورتريه له في شخصه وفكره وقلمه، الأديب والشاعر الدكتور عبدالله الطنطاوي، اقتطعنا منها هذه الفقرة، وقد عنون الأستاذ الطنطاوي مقالته بـ «شريف الراس شاعراً ساخراً»:
ففي مقطع مما كتبه قال: «قلمه مشحوذ كسيخ المعاش «ساطور الجزار»، إذا انتقد عرّى، وإذا سخر بامرئ ألصقه في الأرض وممرغه بالوحل، وإذا خاصم قصم، ينطلق في كل ذلك من مبدئيةٍ لا تريم، وعن اقتناع في صدق التوجه، تجعله خصماً عنيداً يقف في مواجهة من تراوده الظنون والشكوك في نظافته الوطنية، أو من يراه عدواً للحرية، ديكتاتوراً أو ذيلاً لمستبد. فهو موهوب متعدد المواهب، ولو أنه خلق في باريس أو القاهرة مثلاً، لطبق صيته الآفاق، إنه أعجوبة في نشاطه، وأعجوبة في تعدد مواهبه... وأعجوبة في مخاصماته..

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-06-2019, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,712
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس


الأدب السياسي الساخر عند شريف الراس


عبدالكريم السمك








وأما عن شاعريته كما أشار لها الأستاذ الطنطاوي:
فهو يحمل قلب شاعر، ولكن شعره إنما هو من عطاءِ حال وطنه؛ فهذه صورة لقصيدة له من ديوانه فيقول:
«سألونا: ما معنى الحرية؟
قلنا عفواً... نحن رعية» انتهت القصيدة.

وهذه قصيدته الثانية:
«سأل الطفل أباه فقال:
- ما الحرية؟
اهتزت أوصال أبيه وقال:
اخفض صوتك يا ابن الكلب
لا تفضحنا»

فكان اسم ديوانه.. «اسق العطاش تكرماً»، فكل قصائده في ديوانه هذا جاءت على هذا النسق، موجهة إلى الأنظمة القمعية في عالمنا العربي، في بيان حال الشعوب في ظل هذه الأنظمة.

فهذا الديوان: صواريخ موجهة إلى عيوبنا التي نزلت بنا إلى ما نزلت إليه، وموجهة إلى الأنظمة الطاغوتية التي جعلت من أفكار المفكرين لحماً على عظم، تفرمه عصابات الأجهزة القمعية، التي فعلت بنا ما لم تفعله الصهيونية وأعدى أعدائنا بنا... فثأر شريف الراس ثأر عريان، يريد أن يثأر لوطنه، ولأرضه، ولمدينته ولأمته العربية. «انتهى كلام الأستاذ طنطاوي».

وعن مسألة الكتابة الإسلامية في موروث شريف الراس، وخاصة ما جاء في روايتي «طاحونة الشياطين» و«الفضيحة »، وفي هاتين الروايتين، رأى المترجم له فيهما، بأن الإسلام العظيم هو السبيل الأمثل، لتحقيق حرية الإنسان العربي وحفظ كرامته وضمان عزته، وتوفير الشروط السليمة لتقدمه ونهضته، ومن هاتين الروايتين كانت بداية الكتابة في الرواية عند شريف الراس، كان مدادها الدم والألم والمأساة، والترويع لواقع القتل والدمار، الذي نزل بمدينته العظيمة والجميلة، بماضي تاريخها الحضاري والإنساني والعلمي والإسلامي، ومن هنا جاءت مسألة عرض الروايتين كضرورة مع هذه الدراسة عن كاتبها، وعن أسلوبه فيهما، وكيف صاغهما؟

فقد كان الكاتب قد رسم لكلا الروايتين صورة فنية عظيمة في مخيلته، جسد فيهما واقع المأساة عند الشعب السوري، من الذي نزل فيه من سياسة هذا النظام الطائفي الشمولي، فكلا الروايتين كانتا من عطاء الصورة التي رسمها في مخيلته عن قضية بلده وشعبه، وقد دخل على الروايتين من بوابة الصورة القاتمة، التي تمثلت في هجرة الأدمغة العلمية من سوريا إلى خارج البلاد، كالدكتور أحمد الغشاش والدكتور هشام الذين يعيشان في ألمانيا، وأحمد الغشاش هذا بطل رواية « طاحون الشياطين»، ومحمود قاضي القلعة الذي تم تسريحه من عمله الوظيفي مدرساً، وقصد دول الخليج ليعمل دهاناً من أجل إطعام وعيش أسرته، كما قدم في الروايتين، صورة الحال الذي وصل إليه المدن والمواطنين السوريين، الذين ناهضوا الاستعمار الفرنسي، بما نالوا من الإهانة والإذلال على يد هذا النظام العميل لإسرائيل، وهذا ما قصده كاتب الروايتين في رسالته التي أرادها أن تصل للقارئ العربي عن حال مأساة بلده.

طاحونة الشياطين:
أحداث هذه الرواية جرت في مدينة حماة السورية، المدينة المتجذرة في تاريخ الحضارة الإنسانية، والتي كشفت البحوث والدراسات الأثرية بأنها التوأم لمدينة دمشق، حيث تعود للألف التاسع قبل الميلاد، فقد شهدت هذه المدينة في تاريخها صراعات قديمة، فكانت ساحة معترك حضاري في تاريخها القديم المدون هذا، فلم تعرف في تاريخها الذي عاشته كالذي عرفته في عهد هذا النظام المجرم الذي يحكمه حافظ الأسد، والذي قتل من أهلها أكثر من (40) ألف إنسان ما بين امرأة وطفل ورجل، وتلك هي قصة المذبحة، التي صورها شريف الراس في روايته هذه، حاكم على رأس الهرم، وفي أسفل الهرم قوى عسكرية متعددة ومتنوعة، وعلى رأسها ضباط من أبناء الطائفة النصيرية، على شكل عصابات مشرعنة من قبل النظام الطائفي، وكانت أقوى هذه القوى، قوة سرايا الدفاع ويرأسها شقيق الأسد أخيه رفعت، وجاء اسمه في الرواية - قائد سرايا الفتوحات - وقوات الوحدات الخاصة التي يقودها النصيري علي حيدر، وهاتين القوتين هما اللتين جاءت على يديهما ما شهدته مدينة حماة من مذابح وتدمير وخراب ونهب.

لغة الرواية:
كتبت لغتها بلغة الهزل والسخرية، وفيها شيء من العامية الحموية، بما يتفق وهدف الرواية، في تقديم صورة واقع المدينة بعد الذي أصابها.

نص الرواية:
جاء نص الرواية في سبعة عشر فصلاً، بدأ الرواية بدون مقدمة، وجاء سياق النص بشكل إخباري على لسان الحاج رضوان، الذي اشترى لنفسه مزرعة في ريف حماة بعد تدمير المدينة.

الرواية في مكوناتها:
الحاج رضوان ومزرعته التي يقيم فيها بعد تدمير حماة، فهو يمثل في شخصيته التي يتمثل فيها، شخصية الحموي القديم في عقليته وفكره في حياته، وقد اشترى لنفسه مزرعة في ريف حماة، ليعيش فيها بعيداً عن الجميع بعد تدمير المدينة، وقد استهل الرواية كاتبها، بشقيق الحاج رضوان الدكتور أحمد، وهو طبيب يعيش في ألمانيا ومن كبار أطبائها، مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود مغترباً، وقد قدم لزيارة أخيه في المزرعة بعد أن علم بتدمير مدينته، ومن خلال وجوده في المزرعة مع أخيه، فقد قام بعلاج الأسد أيام مرضه، وقد رمز له كاتب الرواية بـ «الخنزير الأكبر» وعلى يد الدكتور أحمد قد تم شفاؤه.

خادم الحاج رضوان - زكي - مصاب بشفة الأرنب - وهو تشوه خلقي يصاب فيها الإنسان في الشفة العليا منذ الولادة.

سيارة الحاج رضوان: يسميها بـ «هيئة الأمم» على وجه المجاز، للحط من مكانة هذه الهيئة.

أولاد أخت الحاج رضوان والدكتور أحمد الغشاش، وهما بنتان وولد اسمه خالد، ولعل كاتب الرواية قصد بهذا الاسم، أبيه، خالد والد شقيقته خديجة الصيدلانية - والتي هي كناية عن أخيه أديب الراس الصيدلي الذي تم قتله خلال مذبحة حماة.

حيوانات المزرعة: بقرة للحليب اسمها حفيظة، حمار واسمه صابر الذي قال له الحاج رضوان «انت يا صابر أفندي أسعد مخلوق على الأرض، لأنك مستريح من قضية التفكير. كلب حراسة اسمه قطاش، قطة اسمها شحادة، ولكل واحد من هؤلاء له وجود في الرواية وأحداثها.

سعاد صورة لامرأة حموية مقطوعة الكفين، قطعت أيديها بعد قتل أفراد أسرتها، وعندما لمح الجنود الذهب في أيديها كعادة نساءِ أهل حماة، قطعوا أيديها من أجل الذهب، واستطاعت هذه المرأة الوصول لجمعية حقوق الإنسان، فقدمت يديها وما أصابها للجمعية، وذهب أزلام الأسد للبحث عنها، بعد أن تحدثت فيها هذه المنظمة وحفظت اسمها، وطلبت من الحكومة السورية المرأة.

الشيخ عبدالرحمن الخليل: وهو كفيف عالم في اللغة العربية ونحوها في مدينة حماة، فقد قتل في الرواية

مع عملية القتل التي أصابت مدرسة المكفوفين، وكان قصد المؤلف من ذكر اسمه، إشارة من المؤلف إلى الصورة الهمجية لعملية قتل من هم من أصحاب العلم، ولو كانوا من أصحاب الخدمات الخاصة، ويلحق بذلك قتل النظام الأكثر من مائتي أستاذ جامعي، ومنهم أستاذ الفيزياء النووية في جامعة حلب الفلسطيني حسن المحمد، حيث سلمت جثته بعد ثلاثة أيام من اعتقاله.

الشيخ عبدالقادر، رجل تقدم فيه العمر إلى العقد التاسع، استطاع هذا الشيخ تهريب سعاد ذات الأيدي المقطوعة، التي يبحث عنها الأمن السوري، بعد طلب لجنة حقوق الإنسان، من الحكومة السورية تأمين حياة سعاد، وقد تم له إيصالها للمزرعة، والشيخ المذكور هذا، ذبحت كل أفراد أسرته، ولم ينج إلا هو، والشيخ عبدالقادر هذا، هو جد الدكتور هشام صديق الدكتور أحمد في ألمانيا، وهو من كبار أطباء العالم المميزين، وغالباً ما يتنقل بين عواصم العالم كمستشار في تخصصه، وصورة هذا الشيخ جَسَّدت أكثر من مأساة في اسم الشيخ عبدالقادر.

وفي الجانب الآخر هناك شخصيات تابعة للنظام، ورد اسمها في الرواية، وكان لهم شأن في الواقع السوري وحادثة حماة..

وساف بوجقل: ضابط نصيري برتبة ملازم متسلط على رقاب الشعب السوري.

جعفر الضاوي: ضابط كبير من المقربين للرئيس الأسد - الخنزير الأكبر - كما رمز له في الرواية، وهذا الضابط كان على معرفة بالدكتور أحمد، وتعرف عليه في ألمانيا من خلال شهرته الطبية، وقد أخذ هذا الضابط الدكتور أحمد لعلاج الرئيس، الذي كان في غيبوبة، وقد تم له علاجه، وعاد لوعيه وصحته بعد أن عجز الأطباء عن علاجه.

د. عبداللطيف: كبير أطباء الرئيس، التقي فيه د. أحمد، وتحدث معه عن قتل نقيب أطباء حماه د. عمر شيشكلي، حيث تم أخذه حياً إلى قرى النصيرية، مع أربعة أشخاص، منهم أحمد قصاب باشي، ود. عبدالقادر قنطقجي، وخضر الشيشكلي وكان عمره 85سنة، وكلهم تم فيهم القتل والتمثيل سنة 1980م، ولعل الطبيب عبد اللطيف كان سنياً، حتى تمكن الدكتور أحمد من الحديث معه عن قتل د. عمر شيشكلي، وكيف سملوا عينيه لكونه طبيب عيون؟

ضرغام الخضور: ضابط نصيري من كبار ضباط مذبحة حماة، وهو علي حيدر قائد الوحدات الخاصة.

الخنزير الأكبر: في الرواية الرئيس السوري.

أبو شعلان الرج: شخصية مستكينة ضعيفة، همه استرضاء السلطة، شعاره لا رأيت ولا سمعت ولا قلت؛ وهو تاجر طائر الفري من مزرعة الحاج رضوان.

اسكندر الحفيان: شخصية المخبر الكاذب النصاب، الذي تقدمه الرواية كنموذج عن الكثير من أمثاله، بعدما نشطت هذه الطبقة، بعد حادثة حماة، حيث كان يذهب هو وأمثاله إلى أسر المفقودين، فيقدم نفسه لهم على أنه قادر على إطلاق سراح المعتقلين، فيأخذ من هذه الأسر الأموال الكبيرة، وهو كاذب وهو الرجل البشع في الرواية عند أهل البيت، فقد أخذ منهم مبالغ كبيرة كي يأتي لهم بخبر شقيقتهم خديجة.

قائد سرايا الفتوحات: المراد به رفعت الأسد، الذي شهد بنفسه مذبحتي تدمر وحماة.

كتائب الصمود: هي القوة الثانية في الجيش التي يرأسها المجرم النصيري ضرغام الخضور - علي حيدر -، واسمها القوات الخاصة، وقد شاركت بدورها بمذبحة حماة.

صادر جلعوط: المراد فيه نقيب الصحفيين كما جاء في الرواية، واسمه صابر فلحوط وهو موضع تندر واستهزاء عند الجميع.. وكان صابر هذا قد حصل على الدكتوراه من مدينة من على سفوح جبال الهيمالايا غير معروف اسمها، وكان موضوعها «التاريخ السري للتراشق بالأَحذية في البرلمانات البورجوازية »، وكان قد دفع رشوة للهندي الذي كتب له الرسالة كما جاءت القصة في الرواية.. وقدم صورته في الرواية كشخصية مستهجنة وشخصية ضعيفة، يتندر فيه الجميع، والضابط الذي يرافق الدكتور أحمد، هو الذي تحدث له عن صابر فلحوط وأمثاله، بقوله؛ هؤلاء أناس كلما أذللتهم أكثر؛ كلما أخلصوا لك.. وخصوصاً عند الإنسان الرخيص مثل صادر فلحوط.

وزير الحرب: المراد به مصطفى طلاس، وقد ورد اسمه المجرم والمكروه، وكان تاجر شنطة.. وصاحب مزارع الفري في سوريا، وهو منافق ومتزلف مع هذا الحكم الطائفي، وها هي بلدته الرستن تدك دكاً، وكان خير من دعم الحكم في سوريا طيلة فترة حكمه.

سائق الباص: من المدينة إلى القرى، والذي ركب فيه د. أحمد الفشاش، كي يصل فيه إلى مزرعة الحاج رضوان، وهو كريه الرائحة مخبر سيئ، فمثله كمثل الكثير من السائقين الذين عرفوا بهذا الوصف.

في خاتمة التعليق على الرواية؛ فقد بدأت بمأساة وانتهت بمأساة.

فالرواية في صفحاتها الخمسة والثمانون بعد المئة، مليئة بالصور المأساوية، فهي وإن جاءت على حادثة حماة، في ظل نظام شمولي طائفي، فقد بدأت بمأساة وانتهت بمأساة، أما مأساة النهاية، فقد جاءت مع مشاركة الدكتور أحمد كمعالج للخنزير الأكبر - الرئيس - حسب الرواية، وقد وفق الدكتور أحمد في علاجه، وقدر له الشفاء، وكان مصاحباً للرئيس خلال مرضه، وقد تم إحضاره من المزرعة، من عند أخيه الحاج رضوان، وكان يتردد عليه أثناء علاجه للرئيس، شقيق الرئيس - قائد سرايا الصراع رفعت -، ليسأله عن أخيه الرئيس، وكان الدكتور أحمد قد لمس منه أمنيته بعدم شفاء أخيه من مرضه، حتى يرث منه حكم سوريا، فكان كلام أحمد لا يعجبه، لكن الرئيس عادت له عافيته، ومع استعادة عافيته وقع ما لم يكن في حسبان الدكتور أحمد، فقد أرسل شقيق الرئيس كلاب صيده من رجاله إلى مزرعة الطاحون، فدمروها وقتلوا كل من فيها، حتى البقرة حفيظة، والكلب قطاش والضعيف زاكي - الخادم - والطفلة ليلى، فقد شاهد آثار التدمير الكامل في المزرعة، وبالنسبة لسلوى أصغر بنات أخته، فقد عمد كلابه إلى إعدامها ثمناً لعلاج أخيه وشفائه، وقد جاء إعدامها بصورة مؤلمة، فقد أعدموها شنقاً على شجرة، وقد استدل عليها من خلال سماعه لصوت ذئاب، فقصد الصوت فإذا به يرى الطفلة معلقة، وكان قصد الذئاب الوصول إليها، فأنزلها من على الحبل الذي شنقت فيه، منتظراً الصباح حتى ينبلج نوره.

كل هذا حصل والدكتور أحمد يقوم على علاج الرئيس، وبعد أن اطمأن على شفائه، قصد العاصمة ليشتري منها هدايا للأطفال وامرأة أخيه وسعاد المقطوعة الأيدي، وبعد شراء الهدايا حُمِلَ بالطوافة التي حملته يوم علاج الرئيس، وأنزلته على حدود المزرعة، فما أن وصل لسور المزرعة، حتى أصيب بصدمةٍ، عندما شاهده بعد وصوله، وانتظر حتى الصباح، فقام بدفن زاكي والطفلة سلوى والكلب قطاش، ولم ينجو من المذبحة سوى القطة التي اختفت خلال المذبحة في أحد المخابئ، أما بقية أفراد العائلة، الحاج رضوان وزوجته، وسلوى والشيخ عبدالقادر وبقية الأطفال، فقد تم قتلهم على الطريقة التي تم فيها قتل (40) ألف حموي، وتم إخفاء جثثهم بعد قتلهم، فقد انتابه شعور، بأن الذي أصاب شقيقته خديجة، قد أصاب الحاج رضوان والجميع، انتقاماً من شقيق الرئيس، لأنه تمكن من شفاء الرئيس الأسد، وبينما هو على هذا الحال، تذكر كلمة أخيه الحاج رضوان، ووصيته له بالحفاظ على انتمائه الوطني، وشجاعة الحاج رضوان أمام الملازم النصيري وساف بوجقل، عندما خرج عن نطاق المألوف من الخوف إلى الشجاعة، ليقول له: إذا وصلك يا حضرة الملازم من يبلغك بأنني أقيم الآذان فوق سطح البيت، فتلك هي الحقيقة وليست وشاية، وسخر الضابط ببلاهته المعروفة قائلاً: تؤذن وتنادي بأعلى صوتك الله أكبر الله أكبر من تنادي؟ فأجابه الحاج رضوان.... بهذه الكلمات..... أنادي الرياح الأرض السماء الأشجار النجوم الحصى الرمال الأجداد الذين ماتوا قبل ألف سنة. الأحفاد الذين سيأتون بعد ألف سنة... الزلازل... البراكين... الصواعق.... أشعر بأنهم جميعاً يسمعونني، ويلبون ندائي، ويأتون إلي، وقد اشتعلت الدنيا بنار الغضب، الذي سوف يطهر كل شيء... وهكذا ظهرت الكتابة الإسلامية في الرواية.

وقعت هذه الكلمة بموقع الجد عند الدكتور أحمد، وأينعت في قلبه مع العديد من الوصايا التي أوصاه بها الحاج رضوان، منها تمسكه بالأرض وإيمانه بسعيه لتحرير سوريا من هذا النظام الشمولي المجرم، وفي الصباح غادر أحمد المزرعة المنكوبة، قاصداً العاصمة، وركب في باص قرية المبعوجة، ونظر إليه السائق الكريه، قائلاً له إلى أين؟ فسمع منه كلمة منه لمساعده؛ قائلاً له: ألم أقل لك إن هذا مجنون، ترك ألمانيا وجاء إلى هذا البلد المنكوب، وقد جاء الرد من الدكتور أحمد على كلام السائق، في تمزيقه تذكرة طيران العودة لألمانيا، فقال السائق لمساعده ألم أقل لك إنه مجنون؛ ورداً على كلمته الثانية، فقد أخرج جواز سفره الألماني ومزقه في الباص، إيذائاً منه في البقاء في البلد، نزولاً على وصية أخيه الحاج رضوان، استعداداً لمستقبل مشرق قادم.

وانتهت الرواية على هذا الحال... وها هي سورية التي تمثل في الرواية صورة الدكتور أحمد، في ثورته على النظام الباطني الاستبدادي الكريه، وفي الرواية يؤكد كاتبها شريف الراس، بأن عداء النظام لسوريا، إنما هو من عدائه للإسلام ليهوديته، ولذلك فإننا نجد في عرض الرواية، أن كاتب الرواية، ومن خلال ما ذهب إليه الدكتور أحمد، في وصية الحاج رضوان بأن يتمسك بالأرض، إضافة لوصيته له، بعدم تزويج بناته الثلاث، الموجودات في ألمانيا من أم ألمانية إلا لمسلم عربي، وقد وعده الدكتور أحمد بذلك، وقد جاء على أولى وصاياه، في عدم مغادرته للبلاد، وتركها لهذه الطائفة الباطنية ذات الأصول اليهودية، وفي بقائه هذا سيأتي ببناته إلى سوريا ليعيشوا فيها، ويتزوجوا فيها من أبناء ملتهم، إيذاناً بأمل جديد قادم على سوريا، تتخلص فيه من حكم نظام طائفي شمولي مستبد، استبد بسوريا وأهلها طيلة نصف قرن، وها هي الثورة السورية التي فجرها الإيمان بالقضية، والكتابة فيها ولو كان على الجدران كما سبق، وأشار لذلك شريف الراس، بأن صاحب القضية لو كتب على الجدران، فليس هناك مانع، على أن تكون الكتابة في رسالتها خدمة لأي قضية عادلة.


2- رواية الورطة:
إن ما يشهده الواقع السوري اليوم، بداية من تاريخ الثامن من آذار لسنة 1963م، مروراً بالفترة التي عنتها رواية «الورطة»، التي احتوت بين دفتيها الكثير من الصور والأحداث المؤلمة، والرواية تاريخياً تبدأ من الثامن من آذار، وتنتهي بمذبحة تدمر التي قادها رفعت الأسد وقتل فيها أكثر من ألف وخمسمائة معتقل، والتي أرخت في 27/6/1980م، والرواية إخبارية بالنسيبة لكاتبها، وبأسلوبه الكتابي المميز، فقد وجد في بنائها أن يكون واحداً من عناصرها، شأنه في ذلك شأن أي مواطن سوري، وقد قدم نفسه في سياق النص بأنه كان سبباً من أسباب سيادة هذا الحكم، لماضيه الثوري في حزب البعث، وهو وإن تكلم عن نفسه، فإنما قصد بذلك أقطاب الحزب الأربعة «الحوراني - عفلق - البيطار - الرزاز»، الذين كانوا سبب خراب سوريا وخاصة منهم الحوراني لا بارك الله فيه، فقد كان الجميع ممن أسهموا بسيادة الطائفية في حكم سوريا، على حساب المواطنة، وذلك بعد أن وجدوا في أبناء الطوائف مستقبلهم السياسي على الساحة السورية، فانقلب السحر على الساحر، وطرد الطائفيون أصحاب السفينة، التي أوصلتهم إلى شاطئ الأمان، في إيصالهم لسدة الحكم في سوريا.

فرواية الورطة هذه، فيها حكاية ما جرى لأستاذ الفلسفة «محمود قاضي القلعة» «العبقري سابقاً»، منذ لحظة وصوله إلى البلاد، إلى أن نجا من الموت بأعجوبة. والمراد بذلك؛ هو كاتب الرواية نفسه، فقد بدأ الرواية، بقصة محمود بطل الرواية، الذي ترك علمه وأهليته العلمية، ليعمل دهاناً في الخليج، وما أن وصل إلى صالة المطار في دمشق حتى تم القبض عليه، ومن المطار تم نقله إلى سجن تدمر، إذا ما علمنا بأن بلدته تل عنبر - المراد بها حي الشيخ عنبر بحماه - وهذه البلدة صارعت الاستعمار الفرنسي مع البطل هنانو، وقد جاء سياق النص هذا، لبيان أن الحكم الطائفي، الذي يحكم سوريا، إنما هو محكوم في الخفاء بتواصل سري مع اليهود، وهذا ما صرحت عليه إسرائيل من تاريخ نشأتها، من خلال إيجاد بنى ثورية يسارية، تتحكم سياسياً في دول الطوق لإسرائيل، وقد تحقق لهم ذلك في كل من سوريا ومصر، وإن الذي طرح هذا المشروع هو بن غوريون سنة 1948م، وقد ظهرت شخصية كاتب الرواية في الرواية تحت اسم محمود قاضي القلعة، وتمثل ذلك فيما يلي:

دراسته في قسم الفلسفة بجامعة دمشق ونجاحه المميز فيها.

عمله مدرساً في بلدة - الصقيلية - بالقرب من حماة، وفيها تتلمذ على يديه مدير أمن المطار المقدم خضور أبو الكلب، والذي تنكر لأستاذه عندما اعتقل في المطار.

نشاطه الثوري والبعثي كما جاء في الرواية.

ثقافته الفكرية في بعدها الفكري والانتمائي، حيث كان منهله الأول في هذه الثقافة، المدرسة الفرنسية برموزها خاصة والغربية والروسية عامة، فقد كان مولع بهذه الرموز الفكرية «سارتر - ديكارت - هيغل - ماركس - انجلز - تولستوي»، وكان معجب بصديقه رجاء جارودي، من خلال شجاعته فيما كتبه في أدبياته في نفيه للهولوكوست اليهودي، وقد ظهر اسمه في الرواية.

قصة سجنه لأربعة شهور بعد انقلاب الثامن من آذار 1963م.

دخوله على محاسبة الذات والنفس، على الماضي الذي عاشه في ظل الفكر اليساري، من خلال عضويته في حزب البعث، الذي كان بمثابة سفينة نجاة للنصيريين في استلام حكم سوريا، واعتبر الحوراني نفسه بأنه هو الذي كان سبباً في هذا الأمر.

انتهى كاتب الرواية، إلى القناعة بأن الفكر اليساري «البعثي والاشتراكي والشيوعي» يمثل قمة الانتهازية في سوريا والعالم العربي، وتمثل هذا في شخصية الشيوعي شكري فوق السطوح، وهو زميل دراسة معه في الكلية، فهو متعهد الغذاء لسجن تدمر الذي يسجن فيه أحرار سوريا، فعندما اتسخت جزمته وهو جالس مع مسؤول السجن، ذهب بمسح جزمته بورقة من كتاب شيوعي عليها صورة لينين.

توفيق النادري زميل لمحمود قاضي القلعة في الدراسة، كان له صحيفة في بيروت وقد عمل معه في الصحيفة، لكن توفيق هذا، متأَمرك في فكره، وقد استطاع أن يحمل الجنسية الأمريكية حتى غدى من كبار رجال الأعمال، وعندما اجتمع فيه ثانية، وجد فيه شخصية المتأَمرك والمتهود..، وكان جواب هذا الأخير لزميله محمود، لم يعد يجرؤ أحد بعد اليوم أن يقول بأنني عميل أمريكي، فأنا اليوم، أحمل الجنسية الأمريكية، فعلى هذه المشاعر والأحاسيس بنى كاتب الرواية، نص روايته حيث أظهر فيها أقسى معاني الألم والحسرة والندم، والتي كُتبت في مدادها بدماء شهداء أحرار سوريا وشهداء تدمر.

المواصفات الفنية للرواية:
جاءت لغة النص في الرواية، على النسق اللغوي الذي يحس كاتب الرواية الكتابة فيه، القائم على الشكل الهزلي والسخرية السياسية، ولغة مثل هذه اللغة لها ثقلها ووقعها الإعلامي، على الذين تنالهم في الكتابة، فقد نزلت الروايتين - طاحون الشياطين والورطة - كحد السيف، وهي لغة سادت ثم بادت، على الساحة الإعلامية العربية، ولا يحسن الكتابة فيها، إلا من كان من أبناء مدرسة هذا اللون من الكتابة، ولهذا فكاتب الرواية حظى بالمكانة اللائقة في الوسط الإعلامي العربي، منذ مطلع العقد السادس من القرن العشرين، وحتى وفاته في السنة التي انتهى فيها القرن.

عدد صفحات الرواية: هي سبع وستون صفحة، وقد أغنت في غرضها الوظيفي عن الكثير من الدراسات والكتب، فهي على قلة صفحاتها، فقد حملت أكثر من صورة، وكل صورة قدمت للقارئ أكثر من مأساة، فالرواية في لغة كتابتها آسرة، لقارئها، وذلك لقدرة كاتب الرواية على سبك حبكتها، فيبما ستقدمه من بيان عن صورة المأساة التي يعيشها الشعب السوري، طيلة خمسة عقود، من حكم هذا النظام الشمولي الطائفي.

وثمة هناك كتاب آخر قد تم له نشره في مصر، وقدم له المقدمة الأستاذ عدنان سعد الدين، وعنونه بـ «من الجرح السوري»، وعنوان الكتاب يغني عن محتواه، في بناء نصه والغرض منه، في سياق نصه، جرياً على ما سبق له نشره من كتب عن سوريا في ظل هذا النظام الطائفي المجرم.

وفي تقييم مؤلفات الكاتب شريف الراس، والتي يغلب عليها المأساة، وخاصة فيما هو معني بالواقع السوري، من روايات وكتب ودراسات، فهي تعتبر من مكونات التاريخ السوري، سيراً على ما اتفق عليه علماء المصطلح التاريخي، في أن الأدب في جميع مكوناته، من شعر ونثر ومقالة ورواية، يعتبر مصدراً من مصادر التاريخ، بغض النظر عن لغة العواطف، مأساة أم ملهاة، وخاصة عندما تتناول هذه الفنون الأدبية، واقعاً مثل الواقع السوري في مآسيه، التي عاشها في ظل هذا النظام الطائفي المجرم.

ولكثرة عطاءات الأديب شريف الراس، بعد أن تم عرض بيان فيها، فقد اكتفيت بما تم لي عرضه، عن الروايات الثلاث «طاحونة الشياطين» و«الورطة» و«من الجرح السوري»، وقد وجدت بأنه من الضرورة عرض ثلاث نماذج من مؤلفات الأديب الراس فيما هو معني بأدب الأطفال، وقد جاءت هذه النماذج على الشكل التالي:

1- كلمة من القرآن:
هي سلسلة من ثلاثين دراسة، قدمها الكاتب للناشئة العرب، بحيث خص كل كتاب بكلمة من كتاب الله، وقد سبق الحديث عنها، والتعريف فيها، وجعل ما يتفق مع سياق النص، رسوماً رسمها بيده، بما يبعث فيها عنصر التشويق عند القارئ لها.

2- ربوع بلادي:
سلسلة للناشئين العرب، فهي في رسالتها ذات بعد قومي، بحيث تنقل الطفل من الدائرة الإقليمية إلى الحاضن الأوسع الوطن العربي، فتقوم هذه السلسلة بتعريف الناشئ بوطنه العربي جغرافياً وتاريخياً وسكانياً، وتنمي فيه الأخلاق والولاء الديني الإسلامي، من خلال تعريف الطفل بجغرافية عالمنا العربي الذي عربه الإسلام، في الفتوحات الإسلامية.

3- فتى العرب:
سلسة كتب قصصية للناشئة العرب من الجنسين، تنمي فيهم المروءة والشجاعة والأخلاق، من خلال ربط الناشئة بأبطال الأمة، ولا تختلف هذه السلسلة عن غيرها من الرسومات المشوقة والتعليقات عليها، بما يحفز القارئ لها على التعليق في الذهاب إلى قراءتها بتشوق، وذلك لقدرة الكاتب على تفعيل عنصر التشويق في قراءة النص، في هذه السلسلة وغيرها من كتب الأطفال التي ذكرناها فيما سبق للمؤلف، ففي هذه السلسلة جاء عنصر التشويق فيها، عندما صاغها على طريقة الدراما.. بينما السلسلة السابقة «ربوع بلادي». كان سياق عرضها قد جعلها الكاتب تجري على لسان الناشئة العرب، في (مدرسة الوحدة العربية)، عندما قام هؤلاء الطلبة، بالاتفاق فيما بينهم، على تأليف كتاب سموه «أطلس ربوع بلادي»، وذلك عندما نشر هؤلاء الطلبة في الجرائد إعلاناً، وجهاً إلى الناشئة العرب في أوطانهم، بدفعهم إلى جمع ما يستطيعون جمعه من صور وخرائط جغرافية، عن المدن التي يعيشون فيها لوضع هذه الصور والخرائط في هذا الأطلس الذي خططوا له.

وفي الختام: فإن الذي ينظر إلى موروث شريف الراس، يجد بأنه كان أكثر اهتماما بأدب الأطفال، بعد أن وجد مكتبة الطفل العربي مفتقرة إلى ما تم له اختياره، وفيما يخدم الطفل العربي في ثقافته، على قاعدة عريضة من المنوعات التربوية والفكرية والثقافية والتاريخية والفنية واللغوية والخيالية، وارتبط هذا النوع من العطاء العلمي الخاص بالأطفال، على الأصول الإسلامية من واقع قاعدته العلمية العريضة التي تقوم عليها شخصيته، وخاصة ما هو معني بتأهيله العلمي في علم النفس، التي يستطيع منه النفاذ إلى قلوب الناشئة، في قضية الإثارة والتشويق، والقدرة على الحبكة والربط في عناصر التكوين للنص، ويبقى موروثه في هذا الجانب الشاهد الأمثل، ورحم الله ضيفنا المرحوم شريف الذي كان فلتة في عطائه المتنوع والمتعدد، والذي برهن فيه بأنه يحسن العوم في كل بحر.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 118.77 كيلو بايت... تم توفير 2.80 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]