الحج

[ابوالوليد المسلم]

الحج
عقيل بن محمد المقطري


الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا ».
ونحن في هذه الأيام في أشهر الحج ويتهيأ كثير من المسلمين لأداء هذه الفريضة.
وإسهاماً في توعية المسلمين بأمور دينهم رأيت أنه من الواجب أن يوعى المسلمين بأحكام الحج.
فأقول:

فضل الحج:
ثبت في الحديث الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ».
وفي الصحيحين أنه قال: « الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ».

أنواع النسك:
الأنساك ثلاثة:
1) التمتع.
2) القران.
3) الإفراد.
والأول أفضلها لقوله - عليه الصلاة والسلام -: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ».

بين يدي الإحرام:
1- يستحب الاغتسال للإحرام.
2- يستحب أن يطيب بدنه بشيء من الطيب وهذا خاص بالذكور.
3- يلبس المحرم الإزار والرداء.
4- لا يلبس القلنسوة والعمامة ونحوهما مما يستر الرأس.
5- أما المرأة فتلبس لباسها المعتاد إلا أنها لا تشد على وجهها النقاب أو البرقع واللثام أو المنديل ولا تلبس القفازين.
ويجوز لها أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو الجلباب تلقيه على رأسها وتسدله على وجهها وإن كان يمس وجهها إلا أنها لا تشده.
6- يجوز لبس ملابس الإحرام قبل الميقات في البيت فقد فعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وفي هذا تيسير لمن يحج بالطائرة.

المواقيت:
هي خمسة: ذو الحليفة (لأهل المدينة) والجحفة (لأهل الشام) وقرن المنازل (لأهل نجد) ويلملم (لأهل اليمن) وذات عرق (لأهل العراق) فهذه المواقيت لكل من أتى عليها مريداً للحج أو العمرة.

الإحرام:
فإذا وصل إلى الميقات أو قريباً منه إذا كان مسافراً على الطائرة وجب عليه أن يحرم ولا يكون ذلك إلا بالتلفظ بالتلبية بلسانه قاصداً الحج أو العمرة.
ولا يقول قبل تلبيته: (اللهم إني أريد الحج أو العمرة فيسره لي وتقبله مني)؛ وذلك لعدم ثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الاشتراط:
وذلك أن تشترط على الله أثناء تلبيتك خوفاً من حصول أي عارض يصدك عن إتمام حجك فتقول: (اللهم محلي حيث حبستني)، فإنك إن قلت ذلك وحصل لك أي أمر منعك من الحج فإنك تتحلل ولا يلزمك دم ولا حج من قابل إلا إذا كانت حجة الإسلام فلا بد من قضائها.
تنبيه: ليس هنالك صلاة خاصة بالإحرام.

صفة التلبية:
استقبل القبلة ثم قل: "اللهم هذه حجة أو عمرة لا رياء فيها ولا سمعة" ثم لبِ بتلبيته - صلى الله عليه وسلم -: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ".
ولك أن تزيد على ذلك فتقول: "لبيك إله الحق" "لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل".
وعليك أن ترفع صوتك بالتلبية، فقد أمر جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر أصحابه برفع أصواتهم بالتلبية.
وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « أفضل الحج العج والثج ».
ويستمر الحاج بالتلبية حتى يرى بيوت مكة.

الاغتسال لدخول مكة:
يسن الاغتسال لدخول مكة لمن تيسر له ذلك، والأفضل أن يدخل مكة نهاراً أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويسن الدخول من ناحية(كدا) ويجوز من أي ناحية أخرى.
وعند دخولك المسجد فابدأ بتقديم رجلك اليمنى ولا تنس أذكار الدخول إلى المسجد.

طواف القدوم:
وبعد دخولك المسجد اكشف ساعدك الأيمن ثم توجه إلى الحجر الأسود ثم قبله إن أمكن وإلا استلمته بيدك وقبلتها، فإذا لم تستطع ذلك فأشر بيدك، وإياك أن تزاحم وتقاتل المسلمين من أجل تقبل الحجر الأسود وعند الإشارة كبر الله قائلاً: "الله أكبر" مرة واحدة، وهذا في كل شوط.
ويسن أن ترمل في الثلاثة الأشواط الأولى وتستلم الركن اليماني من غير تقبيل إن أمكن ذلك وإلا مررت من دون إشارة وليس للطواف ذكر خاص، وللطائف أن يأتي بما تيسر من الذكر، وله أن يقرأ القرآن فإذا انتهيت من الأشواط السبعة توجه إلى مقام إبراهيم وتقرأ قول الله - تعالى -: [..وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى..] البقرة: 125.
ثم صلِ ركعتين خلف المقام تقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية بعد الفاتحة قل هو الله أحد.
ثم اذهب إلى زمزم واشرب منها ثم ارجع إلى الحجر الأسود وافعل فيه كما فعلت قبل ثم انصرف إلى الصفا.

السعي بين الصفا والمروة:
إذا وصلت إلى باب الصفا اقرأ قوله - تعالى -: [إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ.. ] البقرة: 158. ثم قل: أبدأ بما بدأ الله به ثم ارق على الصفا حتى ترى الكعبة إن أمكن فاستقبلها ثم قل: الله أكبر (ثلاثاًَ) لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده (تقول هذا ثلاثاً) وتدعو ما بينها.
ثم تنزل للسعي بين الصفا والمروة (سبعة أشواط) وتذكر الله بما تيسر ولك أن تقرأ القرآن وليس هناك ذكر خاص، فإذا وصلت إلى العلم الأخضر فعليك بالسعي الشديد حتى تصل إلى العلم الأخضر الآخر، فإذا وصلت إلى المروة فعلت فيها كما فعلت على الصفا من التكبير والتهليل والدعاء (وهذا شوط)، ثم تعود إلى الصفا ذاكراً داعياً فإذا وصلت إلى العلم الأخضر سعيت سعياً شديداً حتى تصل إلى العلم الآخر، ثم ترقى على الصفا وتفعل فيه ما فعلت سابقاً (وهذا شوط ثاني) وهكذا بقية الأشواط فتنتهي على المروة.
فإذا انتهيت قصر شعرك ثم تلبس ثيابك وتبقى حلالاً إلى يوم التروية.

الإهلال بالحج يوم التروية:
إذا كان يوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية أحرمت بالحج فتفعل كما فعلت عند إحرامك بالعمرة وتحرم من المكان الذي نزلت فيه، ثم تنطلق منى فتصلي فيها الظهر وسائر الصلوات الخمس قصراً دون جمع وتبيت فيها، فإذا طلعت شمس يوم التاسع وهو يوم عرفة انطلقت إلى عرفة ملبياً ثم تنزل في مسجد نمرة وتصلي فيه مع الإمام الظهر والعصر جمعاً وقصراً وتسمع الخطبة، فإذا انتهيت من ذلك انطلقت إلى عرفة ووقفت مستقبل القبلة رافعاً يديك تدعو الله - تعالى -، وأفضل قول في هذا اليوم هو: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
وتستمر على هذه الحالة إلى غروب الشمس ثم تنطلق إلى المزدلفة وعليك السكينة والوقار وعند وصولك تبدأ بصلاة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، ولا يسن الصلاة بينهما ولا بعد العشاء ثم تنام في المزدلفة إلى الفجر ثم تصلي الفجر أول وقته، ويلزم كل حاج أن يصلي الفجر في هذا المكان ولايستثنى إلا الضعفة والنساء فإنه يجوز لهم أن ينطلقوا من المزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل.
وبعد الصلاة تنطلق إلى المشعر الحرام أو تقف في المكان الذي أنت فيه من مزدلفة وتستقبل القبلة وتدعو الله حتى إذا أسفر جداً انطلقت إلى منى بالسكينة والوقار، فإذا أتيت بطن وادي محسر أسرعت في السير ما أمكن ثم تأخذ الطريق الوسطى التي تخرجك إلى الجمرة الكبرى.

الرمي:
تلتقط سبع حصيات من الطريق لترمي بها جمرة العقبة، فإذا وصلت إلى الجمرة وهي أقرب جمرة إلى مكة جعلت مكة عن يسارك ومنى عن يمينك واستقبلت الجمرة ورميتها بهذه السبع الحصيات مكبراً مع كل حصاة وتكون الحصيات صغيرة مثل حصى الخذف وتقطع التلبية عند آخر حصاة، وجمرة العقبة في يوم العيد ترمى بعد طلوع الشمس ولو إلى الليل. فإذا رميت الجمرة حلّ كل شيء إلا النساء، ثم تفعل أي عمل من أعمال ذلك اليوم حسب التيسير والأفضل الترتيب فترمي الجمرة ثم تنحر إذا كنت متمتعاً أو قارناً ثم تحلق ثم تطوف طواف الإفاضة وتسعى بين الصفا والمروة ولك أن تنحر في منى أو في مكة ثم تعود إلى منى فتبيت فيها وجوباً ثم بعد زوال شمس اليوم الثاني وهو الحادي عشر من ذي الحجة تلتقط الحصى فترمي بها الجمرات الثلاث لكل جمرة سبع حصيات تبدأ بالصغرى ثم تنطلق قليلاً جهة الجمرة الوسطى وتأخذ ذات الشمال وتستقبل القبلة وتدعو الله ثم ترمي الجمرة الوسطى وتمشي قليلاً جهة جمرة العقبة وتدعو بعدها كذلك ثم ترمي جمرة العقبة وتنصرف من غير دعاء.
ثم تبيت الليلة الثانية وترمي الجمرات الثلاث فإن شئت بعد رميها تعجلت فتنصرف من منى إلى مكة ثم تطوف طواف الوداع ثم ترجع إلى أهلك.
بالنسبة للمرأة إذا أتاها الحيض فإن كانت قد طافت طواف الإفاضة فيسقط عنها طواف الوداع، وإن لم تكن قد طافت لزمها البقاء حتى تطهر فتطوف طواف الإفاضة.
وإن شئت بقيت يوماً ثالثاً فترمي الجمرات الثلاث وهو الأفضل ثم تنطلق لتؤدي طواف الوداع وبهذا ينتهي حجك.
ولك أن تذهب إلى مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرض الصلاة في مسجده لا لزيارة قبره -ما لم تكن قد ذهبت قبل الحج- وبعد الصلاة في المسجد تعرج على قبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فتسلم عليه وعلى صاحبيه.
وهذه الزيارة لا تعلق لها بالحج فمن رجع إلى أهله دون الذهاب إلى المدينة فحجه صحيح.
وحديث: "من حج ولم يزرني فقد جفاني" مكذوب.
أسأل الله أن يرزقنا اتباع سنة نبيه وأن يجعل حجنا حجاً مبروراً وسعينا مشكوراً إنه جواد كريم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.