سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله - الصفحة 23 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 49 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 54 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #221  
قديم 22-03-2022, 05:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود












تفسير سورتي الأعلى والغاشية كاملة








تفسير سورة الأعلى



من الآية 1 إلى الآية 13: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أي: نَزِّه اسم ربك الأعلى عن الشَريك والولد وعن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته، قائلاً بلسانك وبقلبك: (سبحان ربي الأعلى)، فهو سبحانه ﴿ الَّذِي خَلَقَ جميع المخلوقات ﴿ فَسَوَّى يعني فأتقن خَلْقها وحَسَّنه، ﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ جميع المقادير، وقَدَّرَ لكل مخلوق ما يناسبه ﴿ فَهَدَى : يعني فأرشَدَ كل مخلوق إلى الانتفاع بما خلقه اللهُ له وقدّره، ﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى أي أنبَتَ العُشب الأخضر (مِن سائر النباتات التي يَرعاها الإنسان ويَنتفع بها)، ﴿ فَجَعَلَهُ أي جَعَلَ ذلك المَرعى - بعد الانتفاع بثمره وحَبِّه - ﴿ غُثَاءً أي جافًا مُتكَسِّراً ﴿ أَحْوَى أي مائلاً إلى السواد، (ولَعَلّالمقصود من هذه الآيات الكريمة: إرشاد العباد إلى كمال قدرة ربهم وتنوّع نعمه، حتى يزداد المؤمنون إيماناً على إيمانهم، وحتى يعود الكافرون إلى رُشدهم بعد هذا البيان الواضح الحكيم).







﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى يعني:سنُقرئك أيها الرسول هذا القرآن قراءةً لا تنساها ﴿ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أنْ يُنسِيَه لك، مِن أجل مَصلحةٍ يَعلمها لعباده (قد اقتضت بها حِكمته)، ﴿ إِنَّهُ سبحانه ﴿ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى : أي يَعلم العَلانية من القول والعمل، ويَعلم ما يَخفى منهما، (وكذلك يَعلم سبحانه الأمور الظاهرة (التي يَعلمها العباد)، ويَعلم أيضاً ما يَخفى عليهم مما فيه مَصلحتهم).







﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى أي سنُوَفّقك توفيقاً دائماً للطريقة الأسهل في جميع أمورك (ومِن ذلك: تسهيل تَلَقِّي أعباء الرسالة، وجَعْل دينك يُسرًا لا عُسرَ فيه)، ﴿ فَذَكِّرْ يعني: فعِظ قومك - أيها الرسول - بهذا الوحي الذي يَسَّرناه لك، والذي فيه خيرهم وصلاحهم، ﴿ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى يعني: وخُصَّ بالتذكير مَن يُرجَى منه التذكُّر،ولا تُتعِب نفسك في تذكير مَن لا يُورثه التذكر إلا استكباراً وعناداً، ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى : أي سوف يتعظ الذي يخاف ربه، ﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى يعني وسيَبتعد عن الذِكرى: الأشقى الذي لا يَخشى ربه، وهو ﴿ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى أي الذي سيَدخل نار جهنم العظمى (ليُعاني من شدة حرَّها ولهيبها) ﴿ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا فيستريح ﴿ وَلَا يَحْيَا حياةً تنفعه، (وفي هذا تحذير لكل مَن يَرفض النصيحة).







من الآية 14 إلى الآية 19: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى أي: قد فازَ بالجنة مَن طَهَّرَ نفسه من العقائد الفاسدة والأخلاق السيئة (فتَعَلَّمَ العلم الشرعي وتَحَلَّى بالصبر) ﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى يعني: وذَكَرَ ربه تعالى فوَحَّده ودَعَاه بأسمائه، وأقام الصلاة في أوقاتها - باطمئنانٍ وخشوع - طلباً لرضوانه، وامتثالاً لشرعه، وخضوعاً لعظمته، ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يعني: ولكنكم أيها الناس تُفَضِّلون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة، فلا تُقَدِّمون للآخرة إلا أعمالاً قليلة ﴿ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى يعني: وإنّ نعيم الآخرة الدائم المتتابع، خيرٌ من لَذّات الدنيا العاجلة وأبقى منها، ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى : يعني إنّ ما أُخبِرتم به في هذه السورة هو مِمّا ثَبَتَ معناه في الصُّحُف التي أُنزِلت قبل القرآن، وهي ﴿ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى عليهما السلام.



♦♦ ♦♦ ♦♦








تفسير سورة الغاشية



من الآية 1 إلى الآية 7: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ؟ يعني هل جاءك أيها الرسول خبر القيامة التي تَغشى الناس - أي تغطيهم - بأهوالها وشدائدها؟، ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ يعني: وجوهُ الكفار يومئذ ذليلة منكسرة، ﴿ عَامِلَةٌ أي مُجهَدة بالعمل الشاق المُهِين، الذي ليس بعده راحة، ﴿ نَاصِبَةٌ أي مُتعَبة (يَظهر عليها الإعياء) من ثِقَل السلاسل والقيود، ﴿ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً : أي تصيبها نارٌ شديدة الحرق والالتهاب، ﴿ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ : أي تُسقَى مِن عَين ماء شديدة الحرارة، ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (والضريع هو نباتٌ له شوك)، ﴿ لَا يُسْمِنُ أي لا يُسمِن بَدَن صاحبه من الهُزال والضعف، ﴿ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ يعني: ولا يَسدُّ جوع آكله.







واعلم أنّ قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾، لا يتعارض مع قوله تعالى: ﴿ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ ﴾، وذلك لأن النار عبارة عن دَرَكات (أي طَبَقات سُفلَى)، ولكل دركةٍ منهم طعامها وشرابها.







من الآية 8 إلى الآية 16: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ أي يَظهر عليها آثار النعيم والبهجة والحُسن(وهي وجوهُ المؤمنين)، ﴿ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ يعني: لِأجل سَعْيها في الدنيا بالطاعات: راضية بأصناف النعيم في روضات الجنات، ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ أي مرتفعة المكان، رفيعة المكانة ﴿ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً : أي لا تسمع فيها كلمة لغو واحدة تُنَغِّص سعادتهم أو تُقلِق راحتهم (واللغو هو الكلام الباطل)، ﴿ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ يعني: في الجنة عينٌ تتدفق مياهها، ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ أي مرفوعة عنالأرض (والسُرُر جمع سرير)، ﴿ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ يعني: وأكوابٌ مُعَدّة للشاربين، ﴿ وَنَمَارِقُ أي وسائد ﴿ مَصْفُوفَةٌ (أي الواحدة بجانب الأخرى) للاستناد إليها، ﴿ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ يعني: وبُسُط - جَمْع بساط - كثيرة مفروشة.







من الآية 17 إلى الآية 26: ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ أي الجاحدونَ بتوحيد ربهم وقدرته على البعث، وبما أعَدَّه لأوليائه من النعيم المقيم وما أعَدَّه لأعدائه من عذاب الجحيم، أفلا يَنظرون نظرة اعتبار ﴿ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ هذا الخلق العجيب، حتى تتحمل الجوع والعطش أياماً كثيرة لتحملكم في أسفاركم؟، وكيف سَخَّرها الله لكم رغم قوّتها، فأصبح يقودها الكبير والصغير؟، وكيف سَخَّرها لكم لتشربوا ألبانها وتركبوا ظهورها وتأكلوا لحومها؟، وكيف جعلها سبحانه تَبرك على رُكَبِها لتحمل أثقالكم عن قُربٍ ويُسر، ثم تنهض بما حملت؟، وكيف خلق سبحانه خُفّها بصورةٍ بديعة تجعلها تسير على الأرض الصخرية والأرض الزَلقة ولا تغوص في الرمال؟، ﴿ وَإِلَى السَّمَاءِ : ﴿ كَيْفَ رُفِعَتْ بغير أعمدة؟، ﴿ وَإِلَى الْجِبَالِ : ﴿ كَيْفَ نُصِبَتْ أي ثُبِّتَت ليَحصل بها ثبات الأرض واستقرارها؟ ﴿ وَإِلَى الْأَرْضِ : ﴿ كَيْفَ سُطِحَتْ ؟ يعني كيف بُسِطت ومُهِّدت ليستقر الناس عليها؟، ﴿ فَذَكِّرْ أيها الرسول هؤلاء المُعرِضين بما أُرسِلْتَ به إليهم، وذَكِّرهم بنعم الله وأدلة توحيده، ولا تحزن على إعراضهم، فـ ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (وليس عليك شيءٌ من المسؤولية بعد إبلاغهم)، وإنك ﴿ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ : أي ليس عليك إكراههم على الإيمان ﴿ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ يعني: لكنّ الذي أعرَضَ عن المَوعظة وأصَرَّ على كُفره: ﴿ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ - في الآخرة - ﴿ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ أي العذاب الشديد في النار، ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ : يعني إنَّ إلينا مَرجعهم بعد موتهم ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ وجَزاءهم على أعمالهم.







[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #222  
قديم 22-03-2022, 05:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود




تفسير سورتي (الفجر والبلد) كاملة




تفسير سورة الفجر

من الآية 1 إلى الآية 5: ﴿ وَالْفَجْرِ (يُقسم الله تعالى بوقت الفجر)﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ (يعني: ويُقسِم سبحانه بالليالي العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة، وما شُرِّفَت به من فضائل وأعمالٍ في الحج)،﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ يعني: ويُقسِم سبحانه بكل زوجٍ وفرد (من الصلوات وغيرها)،﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ يعني: وبالليل إذا يَسْري (أي يسير ويذهب)،ثم يؤكد سبحانه هذه الأقسام العظيمة بقوله: ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ؟ يعني أليس في هذه الأقسام المذكورة قَسَمٌ مُقنِع لذي عقلٍ سليم؟، (فالحِجر هنا هو العقل، وقد سُمِّيَ بذلك لأنه يَحجُر صاحبه - أي يَمنعه - عن فِعل ما لا يليق).



وأما الشيء الذي يُقسِم اللهُ عليه، فهو محذوف بَلاغةً (لأنه يُفهَم من الآية التي بعده)، وتقديره: (سنُعَذّب المُشرِكين المُعانِدين كما فعلنا بمَن قَبلهم).



من الآية 6 إلى الآية 14: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ؟ يعني ألم تعلم أيها الرسول كيف فعل ربُّك بقوم عاد؟، وهي قبيلة:﴿ إِرَمَ﴿ ذَاتِ الْعِمَادِ أي ذات الأعمدة الضخمة (التي تحمل الأبنية القوية العالية)﴿ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ: أي التي لم يُصنَع مِثلها في البلاد (في ضخامتها وقوتها)، وهذا يدل على قوة مَن بناها وعِظَم أجسادهم،﴿ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ؟ يعني: وكيف فعل سبحانه بقوم ثمود الذين قطعوا الصخر بالوادي واتخذوا منه بيوتًا في الجبال؟﴿ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ؟ يعني: وكيف فعل بفرعون صاحب الجنود الكثيرة الذين قوَّوا مُلْكه؟، (وقد قيل إنه كان له أربعة أوتاد يَربط فيها مَن أراد تعذيبه)، فهؤلاء المذكورون هم ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ: أي الذين تجاوزوا حَدّهم - في الظلم والطغيان - في بلاد الله تعالى﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ بكُفرهم وعِصيانهم﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ أي: فأنزل عليهم ربُّك عذاباً شديداً،﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ أي يَرصد أعمال مَن أصَرّ على عِصيانه (إذ يُمهِله قليلاً، ثم يأخذه أخْذَ عزيز مقتدر).



من الآية 15 إلى الآية 20: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ يعني إذا اختبره ربه ﴿ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ أي وَسَّع له رزقه، وجعله في أطيَب عيش: ﴿ فَيَقُولُ حينئذٍ: ﴿ رَبِّي أَكْرَمَنِ أي لقد أكرمني ربي (وهو يظن أن ذلك لكرامته عند ربه ورضاه عنه)﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ يعني: وأما إذا ما اختبره ربه، فضيَّق عليه رزقه، ﴿ فَيَقُولُحينئذٍ: ﴿ رَبِّي أَهَانَنِ أي لقد أهانني ربي وأذلّني بالفقر، فرَدَّ اللهُ على ذلك الظن الفاسد بقوله:﴿ كَلَّا أي ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان، فإن الله تعالى يُوَسِّع الرزق على مَن يشاءُ امتحانًا (هل يَشكر أو يَكفر؟)، ويُضيِّقه على مَن يشاء اختبارًا (هل يَصبر أو يَسخط؟)، (فليست التوسعة دليلاً على حب الله للعبد ورضاه عنه، وليس التضييق دليلاً على كُره الله للعبد وغضبه عليه)، ﴿ بَلهناك ما هو أقبح من هذا الظن الفاسد، وهو أنكم﴿ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ولا تحسنون معاملته؛ لضعفه وفقره (بسبب نظرتكم المادية واغتراركم بالدنيا)،﴿ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ يعني: ولا يَحُثُّ بعضكم بعضًا على إطعام المسكين، وهو جائع أمامكم،﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا: أي تأكلون حقوق الآخرين في الميراث أكلاً شديدًا (وخاصةً النساء والأطفال)،﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا أي: وتحبون المال حبًا عظيماً يُشغِلكم عن طاعة ربكم.



من الآية 21 إلى الآية 30: ﴿ كَلَّا: أي ما هكذا ينبغي أن يكون حالكم، ثم تَوَعَّدهم سبحانه بقوله: ﴿ إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا يعني: فإذا زُلزِلَت الأرض وكُسِرَت كَسرة شديدة، (واعلم أنّ قوله تعالى: (دَكًّا دَكًّا) لا يتعارض مع قوله تعالى: (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً)، لأنّ كلمة "دَكّاً" الأولى هي الدكة الواحدة التي ذُكِرَت هنا، وأما كلمة "دَكّاً" الثانية، فقد كُرِّرَت لتأكيد هذه الدكة القوية، وكذلك الحال في قوله تعالى: (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أي صفاً عظيماً).



﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ لفصل القضاء بين خلقه (مَجيئاً يليق بجلاله وكماله وعظمته)، ﴿ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّاأي: ووقفت الملائكة صفاًعظيماً، ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (يقول النبي صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم -: "يُؤتَى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف مَلَك يَجُرَّونَها")، ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ أي: حينئذٍ يتعظ الإنسان العاصي ويتوب، ولكنْ: ﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى؟! يعني: وكيف ينفعه الآن الاتعاظ والتوبة، وقد فات أوان ذلك؟!،﴿ يَقُولُ حينئذٍ - نادماً متحسراً -: ﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي يعني: يا ليتني قدَّمتُ في الدنيا أعمالاً تنفعني في حياتي الحقيقية في الآخرة،﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ يعني: فيومئذٍ لا يستطيع أحد أن يُعذِّبَ مثل تعذيب الله لمَن عَصاهُ ولم يتب قبل موته،﴿ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ يعني: ولا يستطيع أحد أن يُقَيِّد مثل تقييد الله تعالى للفجار بالسلاسل العظيمة.



وأما المؤمنون الطائعون، المُطمئنونَ إلى صِدق وَعْد الله ووعيده، فاتقَوا عذابه بترك الشرك والمعاصي، وسارَعوا إلى التوبة الصادقة، فهؤلاء يُنادَون يوم القيامة: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ أي المطمئنة إلى ذِكر الله وتوحيده، الآمنة اليوم من عذابه:﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ أي في جواره، ﴿ رَاضِيَةً بإكرام الله لكِ من أصناف النعيم في الجنة ﴿ مَرْضِيَّةً أي قد رضي عنكِ ربك﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي أي فادخلي في جملة عبادي الصالحين﴿ وَادْخُلِي معهم ﴿ جَنَّتِي.

♦♦ ♦♦ ♦♦





تفسير سورة البلد

من الآية 1 إلى الآية 10: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (يُقسِم اللهُ تعالى بهذا البلد الحرام، وهو "مكة") (واعلم أنّ كلمة (لا) التي في قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ) تُسَمَّى (لا الزائدة) لتأكيد القسم)، إذ هذا مِثل قول القائل مُهدداً: (أنا لن أُقسِم، ولكنْ لو لم تفعل كذا: سوف يَحدث كذا)،﴿ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ يعني: وأنت أيها النبي مُقيم في هذا البلد الحرام،﴿ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (يعني: ويُقسِم سبحانه بوالد البشرية - وهو آدم عليه السلام - وما تناسَلَ منه مِن ولد)، ثم أخبَرَ سبحانه عن الشيء الذي يُقسِم عليه، فقال:﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ أي لقد خلقنا الإنسان في شدةٍ وعَناء في الدنيا (إذاً فلا يَغتر بهذه الدنيا الزائلة، ولا يتعلق بها، لأنها دارُ تعبٍ وهموم، ولا تشغله عن طاعة ربه، لعِلمه أنه لا راحة ولا سعادة إلا في الجنة، فلذلك ينبغي له أن يَسعى في عملٍ يُريحه من هذه الشدائد، ويُوجِب له الفرح والسرور الدائم).



﴿ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ؟! يعني أيظنُّ هذا الإنسان المغرور بالدنيا الزائلة أنّ اللهَ لن يقدر عليه؟!، إذ﴿ يَقُولُ مُتباهيًا:﴿ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا يعني لقد أنفقتُ مالاً كثيرًا (يَقصد هنا في المعاصي، وفي صَدّ الناس عن الدخول في الإسلام، لأن هذه الآية نزلت في أحد المُشرِكين المحاربين لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم).



ولَعَلّ الله تعالى قد سَمَّى الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكًا في قوله: (أَهْلَكْتُ مَالًا)، لأن هذا المُنفِق لا ينتفع بما أنفقه، ولا يعود عليه ذلك الإنفاق إلا بالندم والخسارة، والعذاب في الدنيا والآخرة، وليس كمَن أنفق ماله في وجوه الخير طلباً لرضا الله تعالى وجنّته، فإنّ هذا قد تاجَرَ مع ربه، وربح أضعاف ما أنفقه.



ثم قال تعالى متوعدًا هذا الصِنف:﴿ أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ؟! يعني أيظنُّ - بفِعله هذا - أن الله لا يراه، ولا يحاسبه؟!، ثم قال تعالى مُقَرِّراً له بقدرته ونعمه عليه:﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ لُيبصر بهما؟!﴿ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ليَنطق بهما؟﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ؟! أي وَضَّحنا له طريقَي الخير والشر والسعادة والشقاء (وذلك بما خلقناه في فطرته، وبما أرسلنا به رُسُلنا وأنزلنا به كتبنا)؟! هل نَسِيَ كل هذا، ثم أنفق ما أعطيناه في مَعصيتنا وصد الناس عن ديننا؟!



من الآية 11 إلى الآية 20: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ؟ يعني فهَلاّ تجاوَزَ مَشَقة الآخرة (بالإنفاق مِن ماله فيما يُرضِي ربه، ليأمَن عذابه، بدلاً من الإنفاق في معصيته)، (إذ العقبة هي الطريق الصعب في الجبل، والمقصود باقتحام العقبة هنا: النجاة من النار)،﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ؟ يعني وأيُّ شيءٍ أعلَمَك ما هي مَشَقة الآخرة، وما الذي يُعِين على تجاوزها؟، إنه﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ: يعني إنه عِتق رقبة مؤمنة مِن الأسر والرِّق (لتأخذ حُرِّيتها)﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ: يعني أو إطعامُ الناس في يومٍ ذي مَجاعة شديدة، فيُطعِم الإنسانُ حينئذٍ أشد الناس حاجةً وفقراً،وهو﴿ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أي يتيمًا مِن أقربائه (ليَجتمع فيه ثواب الصدقة وصلة الرحم)، ﴿ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ: يعني أو يُطعِم فقيرًا ليس عنده شيء، (ومعنى "ذا مَتربة": أي قد التصقت يداه بالتراب، كِناية عن شدة فقره)،﴿ ثُمَّ كَانَ- قبل تلك الأعمال الصالحة -﴿ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا أي صدقوا في إيمانهم وأخلصوا أعمالهم لربهم ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ أي أوصى بعضهم بعضًا بالثبات والصبر على طاعة الله والصبر عن معاصيه، والصبر على اختباراته، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ يعني: وتواصوا بالرحمة بالخلق،﴿ أُولَئِكَ الذين فعلوا هذه الأفعال هم ﴿ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ أي هم أصحاب اليمين، الذين يؤخَذ بهم يوم القيامة إلى الجنة،﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا: يعني: وأما الذين كفروا بآيات القرآن الواضحة: ﴿ هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ أي هم أصحاب الشمال، الذين يؤخَذ بهم يوم القيامة إلى النار،﴿ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ: أي جزاؤهم أنّ نارَ جهنم تكون مُغلقةً عليهم، لا يخرجون منها.





[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #223  
قديم 22-03-2022, 05:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود




تفسير سور (الشمس والليل والضحى) كاملة





تفسير سورة الشمس



من الآية 1 إلى الآية 10: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴿ يُقسِم اللهُ تعالى بالشمس وإشراقها في وقت الضحى﴾، ﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴿ يعني: ويُقسِم سبحانه بالقمر إذا تَلا الشمس في الطلوع ﴿ أي طلع بعد غروبها﴾، ﴿ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا يعني: وبالنهار إذا جَلَّى الشمس ﴿ يعني أظهَرَها وكَشَفَها للناظرين﴾، ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا يعني: وبالليل عندما يَغشى الشمس ﴿ أي يُغَطّيها بظُلمته حتى يُغَطّي ضوءَها﴾، ﴿ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ﴿ يعني: ويُقسِم سبحانه بالسماء وبنائها المُحكَم﴾، ﴿ هذا باعتبار أنّ ﴿ ما﴾ المذكورة في الآية هي: ما المصدرية﴾، أمّا إذا كانت ﴿ ما بمعنى ﴿ الذي، فحينئذٍ يُقسِم سبحانه بالسماء والذي بَناها، وهو اللهُ تعالى.




﴿ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴿ يعني: ويُقسِم سبحانه بالأرض وبَسْطها﴾،أو لَعَلّ المقصود أنه سبحانه يُقسِم بالأرض والذي بَسَطها ومَدَّها، وهو اللهُ تعالى،﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿ يعني: ويُقسِم سبحانه بكل نفس، وبإكمال خَلْقها لأداء مُهِمَتها﴾، أو لَعَلّ المقصود أنه سبحانه يُقسِم بكل نفسٍ، والذي سَوَّاها وأحكَمَ خَلْقها، وهو اللهُ تعالى،﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا يعني: فوَضَّحَ لها طريق الشر وطريق الخير.




ثم أخبَرَ سبحانه عن الشيء الذي يُقسِم عليه، فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا أي: قد فازَ بالجنة مَن طَهَّرَ نفسه من الذنوب والعقائد الفاسدة والأخلاق السيئة ﴿ فتابَ توبةً صادقة، وتَعَلَّم العلم الشرعي، وتَحَلَّى بالصبر في جميع أموره، وفَعَلَ ما يُرضي ربه﴾، ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا أي خسر مَن أخفى نفسه ﴿ يعني غَطّاها بالشرك والمعاصي والأخلاق الدنيئة والأهواء الفاسدة، ومَنَعَها عن فِعل الخير﴾.




من الآية 11 إلى الآية 15: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ أي كذَّبت نبيَّها "صالحاً" ﴿ بِطَغْوَاهَا أي بسبب طُغيانها في الشرك والعِصيان، وذلك﴿ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا أي حينَ انطلق أشقى رجل في القبيلة ليذبح الناقة،﴿ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - وهو صالح عليه السلام -: ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ أي احذروا أن تمَسُّوا الناقة بسوء فتهلكوا؛ فإنها آيةٌ أرسَلَها اللهُ إليكم، تدل على صِدق نبيِّكم، ﴿ وَسُقْيَاهَا أي: واحذروا أن تعتدوا على سَقْيها، فإنّ ماء بئركم مَقسومٌ بينكم وبين الناقة: ﴿ يومٌ لكم ويومٌ لها﴾، ﴿ فَكَذَّبُوهُ فيما توَعَّدهم به ﴿ فَعَقَرُوهَا : أي ذبحوا الناقة، ﴿ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ أي: فأطبق عليهم ربُّهم العذابَ فأهلكهم﴿ بِذَنْبِهِمْ أي بسبب إجرامهم، ﴿ فَسَوَّاهَا أي فجعل العقوبة عليهم على السواء، فلم يُفْلِت منهم أحد ﴿ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا يعني:ولا يخاف سبحانه عاقبة ما أنزلَ عليهم من العقاب الشديد ﴿ إذ ليس سبحانه كما يخاف الإنسان عاقبة فِعله - إذا هو قتل أحداً أو عَذَّبه -، بل هو سبحانه رب كل شيء، وهو القاهر فوق عباده، وهو العزيز الحكيم﴾.





تفسير سورة الليل

- من الآية 1 إلى الآية 11: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴿ يُقسِم اللهُ تعالى بالليل عندما يُغَطّي بظلامه الأرضَ وما عليها﴾، ﴿ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴿ يعني: ويُقسِم سبحانه بالنهار إذا كَشَفَ ظلام الليل بضيائه﴾،﴿ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴿ يعني ويُقسم سبحانه بخَلْق النوعين: الذَكَر والأنثى﴾، ﴿ هذا باعتبار أنّ ﴿ ما﴾ المذكورة في الآية هي: ما المصدرية﴾، أمّا إذا كانت ﴿ ما بمعنى ﴿ الذي، فحينئذٍ يُقسِم سبحانه بالذي خَلَقَ النوعين: ﴿ الذَكَر والأنثى﴾، وهو اللهُ تعالى.




ثم أخبَرَ سبحانه عن الشيء الذي يُقسِم عليه، فقال:﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى يعني إنّ عملكم أيها الناس لَمُختلف بين عاملٍ للدنيا وعاملٍ للآخرة،﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى مِن ماله ﴿ طلباً لرضا الله وجنّته﴾ ﴿ وَاتَّقَى عذاب ربه ﴿ بترك الشرك والمعاصي﴾ ﴿ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى أي صدَّق بـ"لا إله إلا الله"، وبما ترتب عليها من الجزاء في الآخرة، وعمل بما تدعو إليه ﴿ وهو الانقياد لأوامر الله وحده﴾:﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى أي: فسوف نُيَسّر له أسباب الخير والصلاح، ونُرشده ونوفقه إليها،﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بماله ﴿ فلم يؤدِّ حق الله فيه﴾ ﴿ وَاسْتَغْنَى عن ثواب ربه ودعائه﴿ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى يعني: وكذَّب بـ"لا إله إلا الله"، وبما ترتب عليها من الجزاء في الآخرة، وتكَبّر عن الانقياد لأوامر الله وحده:﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى أي: فسوف نُيَسِّر له أسباب الشقاء،﴿ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ يعني: ولن يَنفعه ماله الذي بخل به ﴿ إِذَا تَرَدَّى يعني إذا سقط في النار.




- من الآية 12 إلى الآية 21: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى يعني: إنّ علينا أن نُوَضِّح طريق الهدى المُوَصّل إلى الجنة، ﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى يعني: وإنّ لنا مُلك ما في الدنيا والآخرة، نُعطي ونَمنع مَن نشاء، لا مالكَ غيرنا،﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى : يعني فحَذَّرتكم أيها الناس نارًا تتوهج بشدة ﴿ وهي نار جهنم﴾، التي﴿ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى : أي لا يدخلها إلا مَن كان شديد الشقاء، وهو﴿ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى : أي كذَّب النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأعرض عن طاعةالله تعالى، ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى يعني وسوف يُزحزَح عن النار: شديد التقوى، وهو﴿ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى : أي الذي يُنفِق ماله ليكون سبباً في تطهير نفسه من الذنوب والأخلاق السيئة والأهواء الفاسدة، ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى أي ليس لأحدٍ من الناس عليه نعمة معينة، فهو لأجْلها يُكافئه بهذا المال ﴿ أو بعبارةٍ أخرى: ليس إنفاقه ذلك مكافأةً لمن صَنَعَ له معروفاً﴾، ﴿ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى يعني لكنه يطلب بذلك الإنفاق: رضا اللهِ تعالى وَجَنَّتِه والنظر إلى وجهه الكريم، ﴿ وَلَسَوْفَ يَرْضَى يعني: ولَسَوف يُعطيه ربه في الجنة ما يَرضى به ويفرح.




♦ واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - في فضل الصدقة -: "صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العُمر، وفِعل المعروف يَقي مَصارع السُوء" ﴿ انظر حديث رقم: 3760 في صحيح الجامع﴾.






تفسير سورة الضحى

من الآية 1 إلى الآية 11: ﴿ وَالضُّحَى ﴿ يُقسِم اللهُ تعالى بوقت الضحى، والمقصود به هنا: النهار كله﴾، ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴿ يعني: ويُقسِم سبحانه بالليل إذا غَطَّى الأرض بظلامه﴾، ثم أخبَرَ سبحانه عن الشيء الذي يُقسِم عليه، فقال:﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ أي: ما تركك ربك أيها النبي ولا تخلَّى عنك ﴿ وَمَا قَلَى يعني: وما كَرِهك ﴿ بسبب إبطاء الوحي عنك﴾، وقد نزلت هذه الآيات عندما تأخر الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففرح المُشرِكون بذلك وعَيّروه، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللهُ سورة الضحى مُواساةً له.




﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى يعني: ولَلدَّار الآخرة خيرٌ لك أيها النبي من دار الدنيا،﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ مِن أنواع النعيم في الآخرة ﴿ فَتَرْضَى بذلك العطاء وتفرح،﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى ؟ يعني ألم يعلم أنك كنتَ يتيماً، فآواك إلى بيت عمك "أبي طالب" ورعاك؟،﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ؟ يعني: وعَلِمَ أنك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلَّمك ما لم تكن تعلم، ووَفّقك لأحسن الأعمال؟،﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ؟ يعني: وعَلِمَ أنك فقير، فأغنى نفسك بالقناعة والصبر، وبما يَسَّرَ لك مِن مال خديجة وأبي بكر الصِدِّيق ﴿ رضي الله عنهما﴾؟﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ - الذي مات أبوه وهو صغير لم يَبلغ بعد - ﴿ فَلَا تَقْهَرْ أي فلا تُسِئْ معاملته ولا تُذِلّه ولا تأخذ ماله ﴿ شُكراً لله تعالى على رعايتك وأنت يتيم﴾،﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ ﴿ وهو الذي يسأل الناس لشدة فقره، وكذلك الذي يسأل في أمور الدين حتى يتعلم﴾ ﴿ فَلَا تَنْهَرْ أي لا تَنهره، بل أطعمه، واقضِ حاجته، أو قل له قولاً معروفاً ﴿ شُكراً لله تعالى أن أغناك بعد فقرك﴾، وأجِب سؤال طالب العلم ﴿ شُكراً لله تعالى أن هداك للعلم النافع، وعلَّمك ما لم تكن تعلم﴾، ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ أي تحدث أمام الناس بنعم ربهم عليهم لتُذَكِّرهم بها فيُوَحِّدوه ويطيعوه.




ولَعَلّ الجمع بين قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإنّ كل ذي نعمةٍ محسود)، أنّ التحدث بالنعمة يكون بعد انتهاء الحاجة أو المَصلحة، ويكون أيضاً أمام مَن تعلم أنه ليس عنده مرض الحسد، بل يقول دائماً إذا رأى أو سمع ما يعجبه: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم بارِك).




♦ واعلم أنه من الأشياء التي يُبتَلى بها العبد: أن يَعتاد النعمة فلا يؤدي شُكرها، ولا يخافُ أن تُسلَب منه بسبب ذنوبه أو تقصيره في شُكر ربه، ورَحِم اللهُ مَن قال: (إذا كنتَ في نعمةٍ فارعَها، فإنّ الذنوب تُزِيل النعم)، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه - كما في صحيح مسلم -: (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحَوُّل عافيتك وفُجاءَة نِقمتك وجميع سَخَطك).





[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من ( كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #224  
قديم 22-03-2022, 05:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود


تفسير سور (الشرح والتين والعلق والقدر) كاملة











تفسير سورة الشرح

من الآية 1 إلى الآية 8: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ؟ يعني ألم نُوَسِّع لك صدرك - أيها النبي - ليَتحمل شرائع الدين، والدعوة إلى الله تعالى، والاتصاف بمكارم الأخلاق، كالصبر والحِلم ورَدّ السيئة بالحسنة؟ ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ؟ يعني وحططنا عنك بذلك حِمْلك (إذ الوِزر هو الحِمل الثقيل، كما قال تعالى - حكايةً عن بني إسرائيل -: (وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا) أي أثقالاً (مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ)، (ولَعَلّ المقصود بذلك الحِمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يَحمل هَمّ الدعوة وأعباء الرسالة، وما يَنتج عن ذلك من تكذيبٍ وإيذاء)، وهذا الحِمل هو ﴿ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي أثقل ظهرك ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ؟ يعني أعلَينا ذِكرك (فأصبحتَ تُذكَر مع ربك في الأذان والإقامة والتشهد)، إذاً فلا يُضعِفك أذى أعدائك وتكذيبهم عن تبليغ رسالة ربك؛ ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا : يعني فإنّ مع الضيق فرجًا، ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا يعني إنّ مع الشدة والكَرب: تيسيرٌ وتخفيف، ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ يعني: فإذا فرغتَ من أمور الدنيا وأشغالها فاجتهِد في العبادة، وإذا فرغتَ من عبادةٍ فاجتهد في أخرى، ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ يعني: وإلى ربك وحده فارغب فيما عنده، مُخلِصاً له الدعاء.



*****************************




تفسير سورة التين

من الآية 1 إلى الآية 8: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (يُقسِم اللهُ تعالى بالتين والزيتون، وهما من الثمار المشهورة)، وقد قيل إن المقصود هنا: أرض الشام التي تكثر فيها زراعة هذه الثمار (لأن السِياق الآتي يدل على أن هذا القَسَم بالأماكن المُقدَّسة)، ﴿ وَطُورِ سِينِينَ (يعني: ويُقسم سبحانه بجبل "طور سيناء" الذي كَلَّمَ اللهُ عليه موسى)، ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ يعني: وبهذا البلد الآمِن مِن كل خوف، وهي "مكة"، التي نزل فيها الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.



♦ ثم أخبَرَ سبحانه عن الشيء الذي يُقسِم عليه، فقال: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ أي خلقناه في أحسن صورة، ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ أي: ثم رددناه إلى النار (إن لم يُطِع اللهَ ويَتَّبع الرُسُل) ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ - بإخلاصٍ لله تعالى وعلى النحو الذي شَرَعه - ﴿ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي لهم أجرٌ عظيم غير مقطوع ولا منقوص، ﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ؟! يعني فأيُّ شيء يدفعك أيها الإنسان إلى أن تُكَذّب بالبعث والجزاء، بعد وضوح الأدلة على قدرة الله تعالى على ذلك؟ (إذ الدين هنا هو الجزاء، كما قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ) أي جزاءهم الحق)، ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ؟! يعني أليس الله الذي جعل هذا اليوم للفصل بين الناس هو أحكم الحاكمين وأعدلهم؟! بلى، فليس هناك أعدل من الله تعالى، وليس هناك أحسَنُ منه حُكماً، وإنّ حِكمته سبحانه تقتضي أنه لا يَترك خَلْقه بغير ثوابٍ وعقاب، ولا يُساوي المُتَّقي بالفاجر، (واعلم أنّ لفظ "أَحْكَمِ" يشمل الحُكم ويشمل أيضاً الحكمة).



****************************




تفسير سورة العلق

من الآية 1 إلى الآية 8: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ يعني: اقرأ أيها النبي ما أُنزِل إليك من القرآن، مُفتَتِحًا قراءته باسم ربك المتفرد بالخلق، الذي ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ : أي خَلَقَ كل إنسان مِن قطعة دم غليظ أحمر متعلق بالرحم، ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ يعني: اقرأ أيها النبي ما أُنزِل إليك، وإنّ ربك هو كثير الإحسان، واسع الكرم، وقد أكرمك بإنزال الوحي عليك، وعلَّمك ما لم تكن تعلم، وهو ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ أي علَّم خَلْقه الكتابة بالقلم، ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (فنَقَله من ظُلمة الجهل إلى نور العلم)، ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى يعني: ألاَ إن الإنسان لَيَتجاوز حدود الله تعالى إذا رأى نفسه قد استغنى بماله أو ولده أو سُلطانه، ﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى يعني: فليَعلم كل طاغية أن المصير إلى الله تعالى بعد الموت، فيجازي كلَّ إنسان بعمله.





من الآية 9 إلى الآية 19: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى ؟ يعني هل رأيتَ أعجَب مِن طغيان هذا الرجل (وهو أبو جهل) الذي يَنهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ ﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ؟! يعني أرأيتَ إنْ كانَ المَنهي عن الصلاة على الهدى فكيف يَنهاه؟! ﴿ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ؟! يعني أو إنْ كانَ آمِرًا غيره بالتقوى، أيَنهاه عن ذلك؟! ﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ؟ يعني أرأيتَ إنْ كذَّبَ هذا الناهي بما يُدعَى إليه، وأعرَضَ عنه؟ ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ؟! يعني ألم يعلم أنّ اللهَ سبحانه يرى كل ما يفعله الإنسان؟!، فكيف إذاً لم يَستَحِ من ربه ويَخَفْ عذابه؟!، ﴿ كَلَّا أي ليس الأمر كما يزعم أبو جهل مِن أنه قادرٌ على إيذائك أيها الرسول، ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ عن إيذائه لك: ﴿ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ أي لنأخذنَّ بناصيته (وهي مُقدَّم رأسه) أخذًا عنيفًا، ونطرحه في النار، ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ يعني: ناصيته ناصية كاذبة في مَقالها، خاطئة في أفعالها، (إذ طالما كَذَّبت بالحق، وتعمدتْ ارتكاب المنكر)، ﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ أي: فليُحْضِر حينئذٍ أهل ناديه - أي مَجلس قومه - الذين يَستنصر بهم، فإننا ﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ : أي سندعو ملائكة العذاب، ﴿ كَلَّا يعني إنه لن ينالك - أيها الرسول - بسوء، فـ ﴿ لَا تُطِعْهُ فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة ﴿ وَاسْجُدْ لربك ﴿ وَاقْتَرِبْ مِن رضاه (بالتحبب إليه بطاعته، وخاصةً الصلاة).



*****************************




تفسير سورة القدر

من الآية 1 إلى الآية 5: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ أي ابتدأنا إنزال القرآن ﴿ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أي في ليلة الشَرَف والفضل (وهي إحدى ليالي شهر رمضان)، (ويُحتمَل أن يكون القرآن قد نزل كاملاً في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة في السماء الدنيا، ثم نزل إلى الأرض خِلال ثلاث وعشرين سَنة، بحسب الحوادث والأحوال)، ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ يعني وما أعلمك - أيها النبي - ما ليلة القَدْر والشَرَف؟، ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ : يعني إنها ليلةٌ كثيرة الخيرات، إذ ثواب العمل الصالح فيها خيرٌ من ثوابه في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر، ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا أي: يَكثر نزول الملائكة فيها ومعهم الروح الأمين جبريل عليه السلام ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وأمْره لهم بالنزول، ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أي ينزلون مصحوبين بكل أمْرٍ قضاه سبحانه في تلك السَنَة (مِن رزقٍ وأجل وغير ذلك)، ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يعني: هذه الليلة أمْنٌ كلها، لا شرَّ فيها يصيب المؤمنين إلى أن يَطلع الفجر (إذ هي كلها خيرٌ وسلامٌ من الملائكة على المؤمنينَ العابدين).





[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #225  
قديم 22-03-2022, 05:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود




تفسير سورة البينة


من الآية 1 إلى الآية 4: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يعني: لم يكن كفار أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى الذين كفروا بنُبُوّة محمد صلى الله عليه وسلم) ﴿ وَالْمُشْرِكِينَ يعني: وكذلك لم يكن عَبَدة الأصنام ﴿ مُنْفَكِّينَ أي لم يكن هؤلاء جميعاً تاركي ما هم عليه ﴿ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ أي حتى تأتيهم العلامة الموجودة في الكتب السابقة، (إذ كانَ كل فريق من هؤلاء المذكورين متمسك بما هو عليه، وعازم على عدم ترْكه إلا إذا جاءت هذه العلامة، حتى المُشرِكين، فإنهم كانوا يعلمون هذه العلامة، مِن كثرة ما تحدّثَ بها أهل الكتاب في هذه الفترة)، وهذه العلامة هي: ﴿ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (وهو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يتلو قرآنًا في صحف مُطهَّرة من الباطل، ومُطهَّرة من الزيادة والنقص)، (واعلم أن الصُحُف تشمل الأوراق والجلود التي يُكتَب فيها القرآن، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابته في هذه الصُحُف).

﴿ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ أي: مكتوبٌ في تلك الصحف أخبارٌ صادقة وأوامر عادلة، تهدي إلى الحق وإلى طريقٍ مستقيم،﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ يعني: وما اختلف الذين أعطاهم اللهُ الكتابَ من اليهود والنصارى في كَون محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً حقًا إلا مِن بعد ما تأكدوا أنه النبي الذي وُعِدوا به في التوراة والإنجيل (وذلك عناداً وحسداً، لأنهم كانوا يَرجون أن يكون النبي الخاتَم مِن بني إسرائيل وليس مِن العرب﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ يعني: وما أُمِروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا اللهَ وحده، قاصدينَ بعبادتهم ثوابه ورضاه، ﴿ حُنَفَاءَ أي مائلينَ عن الشرك إلى دين الإسلام (وهو الخضوع والانقياد لأوامر الله تعالى) ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ كما شُرِعَت لهم ﴿ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ لمُستحِقيها ﴿ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ يعني: وذلك هو دين الاستقامة، وهو الإسلام، (إذاً فلماذا لم يؤمنوا بالإسلام الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أُمِروا أن يؤمنوا به؟!).

من الآية 5 إلى الآية 8: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ (وهم كفار اليهود والنصارى) ﴿ وَالْمُشْرِكِينَ (وهم الذين عبدوا مع الله معبوداً آخر من مَخلوقاته)، فعِقابُ هؤلاء جميعاً سيَكونُ ﴿ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يوم القيامة ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴿ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ يعني أولئك هم شر الخلق،﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا أي آمَنوا بالله ورسوله وبكل ما أخبر به رسوله من الغيب ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وهي الفرائض والنوافل وأفعال الخير (فأدَّوْها بإخلاصٍ لله تعالى وعلى النحو الذي شَرَعه) ﴿ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ : يعني أولئك هم خير الخلق،﴿ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ - في الآخرة - ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ أي جنات الخلود، التي ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أي تجري أنهار العسل واللبن والخمر من تحت قصورها ومن خلال أشجارها ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (فحياتهم فيها أبديةٌ، وفرْحَتهم فيها لا توصَف)،﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فقَبِلَ أعمالهم الصالحة، ﴿ وَرَضُوا عَنْهُ بما أعَدَّ لهم من أنواع النعيم واللذات، ﴿ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أي: ذلك الجزاء الحَسَن لمن خافَ اللهَ تعالى واجتنب مَعاصيه.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦

تفسير سورة الزلزلة
من الآية 1 إلى الآية 8: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا : يعني إذا رُجَّت الأرض رَجَّتها الشديدة عند قيام الساعة، ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا يعني: وأخرجت ما في بطنها مِن مَوتى وكنوز،﴿ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ؟ يعني وتساءل الإنسان وهو خائف: (ما الذي حدث لها؟)،﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا أي: يوم القيامة تُخبِر الأرضُ بما عُمِل عليها من خير أو شر، وقد شهدتْ بتلك الأعمال لأصحابها ﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا : أي بسبب أن الله تعالى أمَرَها أن تُخبِر بما عُمِل عليها،﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا يعني: في ذلك اليوم يَخرج الناس من قبورهم متفرقينَ ﴿ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ أي ليُريهم اللهُ ما عملوا من الحسنات والسيئات ويجازيهم عليها،﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا - أي مِقدار ذَرّةٍ مِن خير -: ﴿ يَرَهُ أي يَرى ثوابه في الآخرة، ويَدخل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم - كما في الصَّحِيحَيْن -: (اتقوا النارَ ولو بِشِقِّ تمرة)، يعني: ولو أن تتصدقوا بنصف تمرةٍ، أو ما يُعادلها في القِيمة،﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا - أي مقدار ذَرّةٍ مِن شر -: ﴿ يَرَهُ أي يَرى عقابه في الآخرة، ويَدخل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين -: (إنّ العبد لَيتكلم بالكلمة ما يَتبيّن فيها - أي لا يُلقي لها بالاً - يَزِلّ بها في النار أبعد ما بين المَشرق والمغرب)، فاللهم عفوك وغفرانك لنا.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

تفسير سورة العاديات
من الآية 1 إلى الآية 11: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (يُقسِم اللهُ تعالى بالخيل العاديات - أي الجاريات - في سبيله نحو العدوِّ، حين يَظهر صوتها مِن سرعة جَرْيها)، (واعلم أنّ الضَبح هو صوتٌ خاص يَصدر من الخَيل حين تجري بسرعة)، ﴿ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (يعني: ويُقسِم سبحانه بالخيل اللاتي تنقدح النار مِن صلابة حوافرها أثناء جَرْيها)، (فكلمة المُورياتمَعناها: المُخرِجات للنار، والقدح هو الشرارة التي تخرج نتيجة احتكاك حوافر الخيل بالأرض)، ﴿ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (يعني: ويُقسِم سبحانه بالخيل المُغِيرات - أي التي تهجم - على الأعداء عند الصبح)، ﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا أي: فهيَّجْنَ بهذا الجَري غبارًا﴿ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا أي: فتوسَّطنَ برُكبانهنّ جموع الأعداء، ثم أخبَرَ سبحانه عن الشيء الذي يُقسِم عليه، فقال:﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ يعني إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود (إذ يَعُدّ المصائب ويَنسى النعم)،﴿ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ يعني: وإنه معترفبجحوده ذلك ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ يعني: وإنه لحُبّ المال لَشديد،(واعلم أن تسمية المال بالخير هي تسمية عُرفية تَعارَفَ عليها الناس، إذ يقولون: فُلان عنده خير كثير)، ﴿ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ؟ يعني أفلا يَعلم هذا الإنسان الجاحد ما ينتظره إذا أخرَجَ اللهُ الأمواتَ من قبورهم للحساب والجزاء؟ ﴿ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ يعني: واستُخرج ما خَفِيَ في الصدور من الخير والشر، والنوايا الصالحة والفاسدة وغير ذلك، ﴿ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ : يعني إن ربَّهم بهم وبما في صدورهم - من السرائر والخواطر - يومئذٍ لخبير، لا يَخفى عليه شيءٌ من ذلك.
♦ ♦ ♦ ♦ ♦

تفسير سورة القارعة
من الآية 1 إلى الآية 11: ﴿ الْقَارِعَةُ يعني: القيامة التي تَقرع القلوب (أي تَطرِقها وتجعلها تنبض بقوة من شدة الرعب)،﴿ مَا الْقَارِعَةُ ؟ يعني: ما هذه القارعة في صفتها وحالها؟﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ؟ يعني: وأيّ شيء عَرَّفك حقيقة القارعة، وصَوَّر لك شدتها وصعوبتها؟﴿ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ أي: في ذلك اليوم يكون الناس - في كثرتهم وتفرقهم واختلاطهم - كالفَراش المنتشر بسرعة (والفَراش جمع فراشة﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ يعني: وتكون الجبال كالصوف المصبوغ المنفوش (الذي نسفته الريح)، ﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ : يعني فأما مَن رَجَحَت مَوازين حسناته:﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أي في عيشةٍ يَرضى بها صاحبها في الجنة (إذ فيها كل ما تشتهيه النفوس، وتفرح برؤيته العيون)،﴿ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يعني: وأما مَن خَفّت مَوازين حسناته، ورَجَحَت مَوازين سيئاته:﴿ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ أي: فأمّه التي يأوى إليها يوم القيامة هي الهاوية (وهي التي يَهوِي فيها - أي يَسقط فيها - على رأسه)، وهي النار،﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ؟ يعني وما أدراك أيها الرسول ما هذه الهاوية؟إنها ﴿ نَارٌ حَامِيَةٌ أي نارٌ قد حَمِيت من كثرة الوقود عليها.


[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #226  
قديم 22-03-2022, 05:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود




تفسير سورة التكاثر


من الآية 1 إلى الآية 8: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ: أي شَغَلَكم التفاخر بكثرة الأموال والأولادعن طاعة الله تعالى ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ يعني: واستمَرَّ انشغالكم بذلك إلى أن صِرتم إلى المقابر ودُفِنتم فيها،﴿ كَلَّا: أي ما هكذا ينبغي أن يُلْهيكم التكاثر بالأموال، ﴿ سَوْفَ تَعْلَمُونَ في قبوركم ويوم جَزائكم أن الدار الآخرة خيرٌ لكم من الدنيا، ثم كَرَّرَ سبحانه الوعيد والتهديد - لأهمية الأمر - قائلاً:﴿ ثُمَّ كَلَّا أي: ثم احذروا ﴿ سَوْفَ تَعْلَمُونَ سُوء عاقبة انشغالكم بها،﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ: يعني ألاَ لو تعلمون ذلك علماً يقينياً، لانتهيتم عن ذلك، ولَسارعتم إلى إنقاذ أنفسكم من الهلاك،﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ أي سوف ترون جهنم في الآخرة،﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ أي: ثم ستَرَونها حقيقةً دونَ شك،﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أي: ثم لَتُسألُنَّ يوم القيامة عن كل أنواع النعم التي تمتعتم بها: هل شكرتم ربكم عليها أو لا؟ (حتى الماء البارد وظِلَ المَسكن وشِبَع البطن).

♦♦ ♦♦ ♦♦




تفسير سورة العصر

من الآية 1 إلى الآية 3:﴿ وَالْعَصْرِ ﴿ يُقسِم اللهُ تعالى بصلاة العصر، أو بالعُمر كله):﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ: يعني إنّ بَني آدم لَفي هَلاكٍ وخسارة﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا باللهِ ورُسُله، وبالغيب الذي أخبَرَتْ به الرُسُل، ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ - بإخلاصٍ لله تعالى وعلى النحو الذي شَرَعه - ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ يعني: وأَوْصَى بعضهم بعضًا بالاستمساك بالحق (وذلك باتّباع الكتاب والسُنّة)، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ يعني: وأَوْصَى بعضهم بعضًا بالصبر والثبات على ذلك.

♦♦ ♦♦ ♦♦




تفسير سورة الهمزة

من الآية 1 إلى الآية 9: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ أي: عذابٌ شديد لكل مُغتاب للناس (وهو الذي يَذكر ما يَكرهونه أثناء غيبتهم)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم - موَضِّحاً خطورة الغيبة -: (الرِّبا اثنان وسبعون باباً، أدناها - يعني أقلّها في العقوبة - مِثل إتيان الرجل أمّه، وإنّ أربَى الرِّبا - أي أشدّه في العقوبة -: استطالة الرجل في عِرض أخيه) (انظر حديث رقم: 3537 في صحيح الجامع).



﴿ لُمَزَةٍ أي يَسخر من الناس، سواء كانت تلك السُخرية باللسان أو عن طريق الإشارة باليد أو العين أو غيرهما، ﴿ ويَدخل في ذلك: مَن يُقَلِّد الناس في أقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليُضحِك الآخرين).



وهو﴿ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُأي كانَ هَمُّه: جَمْع المال وعَدَّه، ﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ: أي يظن أنه ضَمِنَ لنفسه - بهذا المال الذي جَمَعه - الخلود في الدنيا والإفلات من الحساب،﴿ كَلَّا أي ليس الأمر كما يظن، ﴿ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ: أي ليُطرحنَّ في النار التي تُحَطِّم كل ما يُلْقَى فيها،﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ؟ يعني وما عَرَّفَكَ أيها الرسول حقيقة هذه النار؟، إنها﴿ نَارُ اللَّهِ﴿ الْمُوقَدَةُ أي شديدة اللهب والاشتعال﴿ الَّتِي - مِن شِدَّتها - ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ: أي تنفُذ من الأجسام إلى القلوب، ﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ أي مُغلقة على مَن فيها، وهُم ﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ أي مُقَيَّدونَ في السلاسل المُطوَّلة، فيُعَذَّبون وهُم في هذه القيود (نسألُ اللهَ العافية).



واعلم أن اللفظ "هُمَزة"، واللفظ "لُمَزة" هو إحدى صِيَغ المُبالَغة، مثل هَمَّاز ولَمَّاز، أي كثير الهَمز واللَّمز.

♦♦ ♦♦ ♦♦




تفسير سورة الفيل

من الآية 1 إلى الآية 5:﴿ أَلَمْ تَرَ يعني ألم تعلم أيها الرسول ﴿ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿ وهو أبرَهة الحبشي وجيشه، الذين جاءوا بفيلٍ ضخم لتدمير الكعبة المباركة)؟﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ؟ يعني ألم يجعل سبحانه ما دبَّروه مِن شر في إبطال وتضييع؟﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ يعني: وبعث عليهم طيرًا في جماعات متتابعة،﴿ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ: أي تقذفهم بحجارة من طين متحجِّر شديد الحرارة،﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ أي فجعلهم سبحانه - بهذه الحجارة - مُفَتَّتين كالعصف ﴿ وهو أوراق الزرع الجافة) ﴿ مَأْكُولٍ أي الذي أكلته البهائم، ثم ألقته مِن فمها وداسته بأرجلها، (ألاَ فليَتعظ كفار قريش مما حدث لهم، فيوَحِّدوا ربهم القادرُ على الانتقام ممن عصاه، وتكَبَّرَ عن الانقياد لأمره واتِّباع رسوله).

♦♦ ♦♦ ♦♦




تفسير سورة قريش

من الآية 1 إلى الآية 4: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ: أي اعْجَبوا لإلف قريش - أي اعتيادهم - لنعم ربهم دونَ أن يشكروه عليها، ﴿ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ يعني: واعْجَبوا من انتظام رحلتَيهم في الشتاء إلى "اليمن"، وفي الصيف إلى "الشام"، وتيسير ذلك لهم; لجلب ما يحتاجون إليه، واستقامة مَصالحهم، إذاً ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ أي: فليشكروا رب هذا البيت - وهو الكعبة - بإخلاص العبادة له وحده دونَ غيره، فهو سبحانه ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ شديد، ﴿ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ عظيم (بسبب هذا البيت الحرام)، كما قال تعالى:﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا ﴾ يعني ألم نجعلهم متمكنين في بلدٍ آمِن ﴿ حَرَّمنا على الناس سفك الدماء فيه والصيد والسرقة)، ﴿ يُجْبَى إِلَيْهِ ﴾ أي يُحمَل إليه ﴿ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ مِن مختلف البلاد في موسم الحج، وأثناء رِحلتَي قريش إلى الشام واليمن، ﴿ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا ﴾ أي مِن عندنا، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ أي لا يعلمون قَدْر هذه النعم، فيشكروا اللهَ عليها بتوحيده وطاعته.






[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #227  
قديم 22-03-2022, 05:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود

تفسير سور (الماعون والكوثر والكافرون والنصر والمسد) كاملة
















تفسير سورة الماعون



من الآية 1 إلى الآية 7: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ؟ يعني أرأيتَ أيها الرسول حالَ ذلك الذي يُكذِّب بالبعث والجزاء؟ (إذ المقصود بالدين هنا: الجزاء، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ أي جزاءهم الحق)، ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾: أي فذلك هو الذي يَدفع اليتيم بعنف وشدة عن حقه؛ لقساوة قلبه، ﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ يعني: ولا يَحُثّ الناس على إطعام أهل الفقر والاحتياج (إذ لم يكن في قلبه رحمة يَرحم بها الفقراء والمساكين، فلا هو أطعمهم من ماله ولا حَثَّ غيره على إطعامهم)،﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ أي: فعذابٌ شديد للمُصَلِّينَ الذين هم عن صلاتهم لاهون (أي لا يُقيمونها على وَجْهها الصحيح الذي شَرَعه اللهُ لهم، ولا يؤدونها في أوقاتها)﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ: أي الذين هم يَتظاهرون بأعمال الخير مُراءاةً للناس (أي طلباً لثناءهم)﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ يعني: ويمنعون إعارة (أي إقراض) ما لا يَضُرّ إعارته من الآنية وغيرها، فكيف يُنفقون ما هو أكثر مِن ذلك؟! (فلا هم أحسَنوا عبادة ربهم، ولا هم أحسَنوا معاملة خَلْقه).







♦ واعلم أنه لا يَدخل في ذلك مَن كانَ متأكداً - مِن تجارب سابقة - أنّ جيرانه أو أصدقائه لا يعيدون إليه هذه الأشياء بعد استعارتها، فهذا لا إثمَ عليه في عدم إعطائها لهم.







♦ واعلم أيضاً أنّ لفظ "الماعون" هو ما يُطلِق عليه المصريون لفظ "المَواعين"، والصحيح أنّ اسمه "الماعون" وهي الآنية بمختلف أشكالها.













تفسير سورة الكوثر



من الآية 1 إلى الآية 3: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ: يعني إنا أعطيناك أيها النبي الخير الكثير في الدنيا والآخرة (ومِن ذلك: نهر الكوثر في الجنة، الذي حافّتاه - أي شاطئاه -: خيام اللؤلؤ المُجَوَّف، وطِينُه: المِسك)، ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ أي: فأخلِص صلاتك لربك وحده، ﴿ وَانْحَرْ: أي اذبح ذبيحتك له، وعلى اسمه وحده،﴿ إِنَّ شَانِئَكَ: يعني إنّ الذي يَكرهك، ويَكره ما جئتَ به من الهدى والنور: ﴿ هُوَ الْأَبْتَرُ أي هو المنقطع أثره، المقطوع من كل خير.













تفسير سورة الكافرون



من الآية 1 إلى الآية 6: ﴿ قُلْ - أيها الرسول - للذين كفروا بتوحيد الله تعالى وكفروا برسوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ: يعني إنني لا أعبد هذه الأصنام والمَعبودات الباطلة التي تعبدونها من دون الله تعالى (إذ هي مخلوقاتٌ عاجزة لا تنفع ولا تضر، وما أنزل اللهُ مِن شيءٍ يدل على أنها تستحق لعبادتكم أو أنها تُقَرِّبكم إليه كما تزعمون)،﴿ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (لأنني أعبد إلهاً واحداً، وهو الله رب العالمين، الخالق الرازق المُستحِق وحده للعبادة)﴿ وَلَا أَنَا عَابِدٌ - في المستقبل - ﴿ مَا عَبَدْتُمْ﴿ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ - في المستقبل - ﴿ مَا أَعْبُدُ (واعلم أن هذه الآية قد نزلت في أشخاص من المُشرِكين بعَينهم، قد عَلِمَ اللهُ أنهم لا يؤمنون أبدًا؛ لعنادهم وإصرارهم من بعد ما تبيَّنَ لهم الحق)،﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ الذي أصررتم على اتّباعه، ﴿ وَلِيَ دِينِ يعني: ولي ديني الذي لا أطلب غيره.













تفسير سورة النصر



من الآية 1 إلى الآية 3: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ: يعني إذا تمَّ لك - أيها الرسول - النصرُ على كفار قريش، وتمَّ لك فتح "مكة"﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا يعني: ورأيتَ الكثير من الناس يدخلون في الإسلام جماعات جماعات:﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ يعني فإذا وقع ذلك الوعد: فاستعد للقاء ربك بالإكثار من التسبيح بحمده والإكثار من استغفاره.







♦ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر قبل موته مِن أن يقول: (سبحان الله وبحمده، أستغفرُ اللهَ وأتوب إليه)، (فلذلك ينبغي للعبد ان يُكثِر من هذا الذِكر، حتى يستعد للقاء الله تعالى بكثرة الحمد على نعمه، وكثرة الاستغفار من ذنوبه، حتى يُعِدّ حَمداً كثيراً ليُساعده في سؤال النعم أمام اللهِ تعالى، كما يُعِدّ استغفاراً كثيراً ليُساعده في سؤال الذنوب)، ﴿ إِنَّهُ سبحانه ﴿ كَانَ تَوَّابًا على التائبين من عباده، المُكثِرين من التسبيح والحمد والاستغفار (إذ يوفقهم سبحانه للتوبة الصادقة النصوح، ويَقبلها منهم، فلا يُعَذِّبهم).







واعلم أنّ الفعل (كان) إذا جاء مع صفة معينة، فإنه يدل على أنّ هذه الصفة مُلازِمة لصاحبها، كقوله تعالى - واصفاً نفسه بالرحمة والمغفرة -: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) أي كانَ - دائماً وأبَداً - غفوراً رحيماً.













تفسير سورة المسد



من الآية 1 إلى الآية 5: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ: أي خَسِرَت يدا أبي لهب (أي خسر عمله)،﴿ وَتَبَّ أي خسر هو بذاته، إذ هو من أهل النار بسبب إيذائه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ: أي ما نفعه ماله ﴿ وَمَا كَسَبَ يعني: وما نفعه ولده الذي كَسَبه (إذ الولد مِن كَسْب أبيه)، فلن يَدفع عنه ماله وولده شيئاً من عذاب الله إذا نزل به، ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ أي سيَدخل نارًا شديدة الاشتعال، هو﴿ وَامْرَأَتُهُ التي كانت ﴿ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ أي كانت تحمل الشوك، فتُلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه،﴿ فِي جِيدِهَا أي سيكون في عُنُقها ﴿ حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي حبلٌ مِن ليف شديد خشن، تُرفَع به في نار جهنم، ثم تُرمَى إلى أسفلها.







♦ ومِن لطيف ما يُذكَر أنّ هذه السورة كانت سبباً في إسلام أحد علماء الغرب، إذ قال بعد إسلامه - ما مُختصَرُه -: (هذا الرجل (أبو لهب) كانَ َيكره الإسلام كُرهاً شديداً، وكان يَسخر مِن دعْوة النبي محمد، وكانَ يُشَكِّك الناسَ في كلامه، وقبل وفاة (أبي لهب) بعشر سنوات: نزلتْ سورة في القرآن اسمها سورة المَسَد، تُقَرِّر أنَّ (أبا لهب) سوف يدخل النار، أو بمعنى آخر: إنَّ (أبا لهب) لن يَدخل الإسلام.








♦ ففي خلال عشر سنوات ما كانَ على (أبي لهب) إلا أن يأتي أمام الناس ويقول: (محمدٌ يقول بأنني لن أُسلِم، وبأنني سوف أدخل النار، ولكني أُعْلِن الآن أنني مُسلِم!!)، لكنَّ (أبا لهب) لم يفعل ذلك مُطلَقاً، رَغمَ أنَّ كل أفعاله كانت مُخالِفة لأفعال النبي محمد: إلا أنه لم يُخالِفه في هذا الأمر، رغم أنه كانت لديه الفرصة - عشر سنوات كاملة - أن يَهدِمَ الإسلام بكلمة واحدة! ولكنْ، لأنَّ هذا الكلام ليس كلام محمد، ولكنه كلامُ مَن يَعلمُ الغيبَ وحده، ويَعلمُ أنَّ (أبا لهب) لن يُسلِم.








♦ ما رأيُكُم الآن؟، إنْ لم يكن هذا القرآن وَحْيٌ من الله تعالى: فكيف للنبي محمد أنْ يَعلم أنَّ (أبا لهب) سوف يُحقق كل ما في هذه السورة بالحرف الواحد؟!، إنْ لم يكن النبي محمد يَعلم أنّ القرآن وَحْيٌ من عند الله تعالى: فكيف يكونُ واثقاً خِلال عشر سنوات أنَّ ما عنده هو الحق؟!، إنني الآن أستطيعُ أن أقول: (إنه لِكَي يَضَع شخصٌ مِثل هذا التحدي الخطير، فهذا ليسَ له إلا أمرٌ واحد: (أنَّ كلامَهُ هذا هو وَحْيٌ مِن الله)).







[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #228  
قديم 22-03-2022, 05:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

رامي حنفي محمود











تفسير سور (الإخلاص والفلق والناس)







تفسير سورة الإخلاص



من الآية 1 إلى الآية 4: ﴿قُلْ أيها الرسول: ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أي هو اللهُ وحده المتفرد بالألوهية )أي المُستحِق وحده للعبادة)، والمتفرد بالرُّبوبيّة )وهي أفعال الخلق والرزق والتدبير وغير ذلك مما لا يَقدر عليه غيره)، والمتفرد بالأسماء الحُسنى والصفات الكاملة )التي لا يُشاركه فيها أحد)، وهو﴿اللَّهُ الصَّمَدُ أي المقصود في قضاء الحوائج وتفريج الكُرَب )إذ هو الذي يَصمِد إليه العباد - أي يلجؤون إليه - عند حاجتهم وشدائدهم)، فهو سبحانه المُستغني عن كل خلقه، والجميع مُفتقرون إليه، ﴿وقد قيل في معنى الصمد: أي الذي لا جوف له)، وهو سبحانه﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ: أي ليس له ولد ولا والد، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أي: لم يكن أحدٌ مُماثِلاً له ولا مُشابِهًا )لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله)، إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء.




♦ ♦ ♦








تفسير سورة الفلق



من الآية 1 إلى الآية 5: ﴿قُلْ أيها الرسول - مُستعيذاً بربك - قائلاً بلسانك وبقلبك: ﴿أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ: يعني أستعيذ وأعتصم وأحتمي برب الفلق (وهو الصبح) ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَأي: مِن شر جميع المخلوقات وأذاها، ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ أي: ومِن شر ليلٍ شديد الظُلمة إذا دخل وانتشر، وما فيه من الشرور والمؤذيات،﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ أي: ومِن شر الساحرات النافخات فيما يَعقِدنَ من عُقَدٍ بقصد السِّحر﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ أي كاره للناس ﴿يتمنى زوال النعم التي أعطاها الله لهم)، ﴿إِذَا حَسَدَ يعني إذا أعمَلَ حسده ووَجَّهَه إليهم، ﴿واعلم أن الحسد كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه اعتراض على الله تعالى فيما قَسَمه بين عباده، ولذلك ينبغي للإنسان إذا رأى ما يُعجبه في نفسه أو في ماله أو في ولده أو في شيءٍ يَخُصّ غيره أن يقول: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم بارِك)، فقد قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَاللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أصاب أخاه بعينه: (هَلاّ بَرَّكتَ) أي تقول: اللهم بارِك.



♦ ♦ ♦








تفسير سورة الناس



من الآية 1 إلى الآية 6: ﴿قُلْ أيها الرسول - مُستعيذاً بربك - قائلاً بلسانك وبقلبك: ﴿أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ: يعني أستعيذ وأعتصم وأتحَصّن برب الناس، القادر وحده على ردِّ شر الوسواس،﴿مَلِكِ النَّاسِ أي مالكهم وسيّدهم والمتصرف في كل شؤونهم،﴿إِلَهِ النَّاسِ الذي لا معبودَ بحَقٍ غيره، فاطلب حمايته سبحانه﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ أي: مِن أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويَخنَس - أي يَختفي - عند ذِكر الله،﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ أي الذي يوسوس بالشر والشكوك في قلوب الناس ﴿إذا هم غفلوا عن ذِكر الله تعالى)، والذي هو﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أي مِن شياطين الجن والإنس.



♦ ♦ ♦








هذا، والحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات



والحمدُ لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، مِلء السماوات، ومِلء الأرض، ومِلء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيءٍ بعد



أسأل الله باسمه الأعظم أن يجعل عملنا صالحاً، ولوجهه خالصاً، وأن ينفع المسلمين بهذا التفسير،



وأن يجعله أسهل تفسير للقرآن الكريم، وأن يجعله حُجّةً لنا لا علينا



كما أسأله سبحانه أن يجعل ذلك العمل في ميزان حسنات جميع القائمين على موقع الألوكة الكريم،




وأن يَجعله في ميزان حسنات كل مَن أعانني عليه أو طَبَعه أو دَلّ الناس عليه لينفعهم به، اللهم آمين



وصَلِّ اللهم وسَلِّم وبارِك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين







[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 202.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 197.65 كيلو بايت... تم توفير 5.15 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]