الصدقة الجارية على فقراء الأخلاق في عالم القيم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 37 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1197 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16919 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 17 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-10-2020, 08:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي الصدقة الجارية على فقراء الأخلاق في عالم القيم

الصدقة الجارية على فقراء الأخلاق في عالم القيم
بلال وهـــــــــــــب


أعتقد جازمًا أننا كثيرًا ما نذهل عن حقائق تامة معقودة! وسبب الذهول عنها ليس هو الجهالة بها؛ وإنما الغفلة عنها، وطول الإلفة لها، حتى يعتريها نسيان، أو يلحق بها ذهول!
وأعتقد بأكثر جزمًا أن الله (أعطى، ومنع، ورزق)! (فالعطاء) ما قد منحه فعلاً كما أعطاني وجهًا، وقدمًا، وعقلاً، و(المنع) ما قد منعه فعلاً كما منعني خبلاً، وعرجًا، ودمامةً، وأما (الرزق) فهو ما جعله مقسوم غير أنه لا يقع إلا في دوائر العناء في التحصيل، والإضناء في الكسب!
والرزق ليس في المطعم الشهيّ، والشراب الهنيّ، والمركب الوطيّ، وحسب؛ فهذا ما يعتقده جمهرة من الناس! وإنما يلحق بالأرزاق: العقول، والتفكير، والإدراك، وحسن التصرف .. والأخلاق!
وإن كانت الأخلاق ملحوقة بالأرزاق فإنها لا ريب يسري عليها ما يسري على أصلها، فالرزق مقسوم غير أنه عند الكسل والدعة فإنه ينصرف إلى قسمة أخرى لرجل خرج فعرِقَ، وجدّ في سعيه حتى يصيب رزقًا تغدقه عليه السماء في صبح أو أصيل!
ودنيا الناس اليوم مشحونة بفقراء كثيرين في عالم الأخلاق، والقيم، والمثل الرفيعة .. وعاجة بأصناف من الخلق حياتهم قحط من خلق قويم، أو هدى مستقيم، ولكم تجد من فاقة في صدق، أو فقر في أمانة، أو مسغبة في حياء، أو بؤس في أدب، أو عوَز في وفاء، أو قحط في سلامة صدر، وصفاء نية، وحسن طوية!
وإنك لتلقى الرجل فتجد ثوبه حسنًا، ونعله حسنًا، وهو موفور المال زائده، لا يشكو منه فقرًا، ولا فاقة، وليس في صدره مثقال ذرة من خلق، فإذا ما برحت تعامله، وتكلمه، وتشاركه، وتروح عليه وتجيئ؛ إلا وظهر لك عجزه، وبان لك فقره، وتجلت لك فاقته، فلا يقول إلا كذبًا، ولا ينطق إلا زورًا، ولا يؤتمن إلا يخون، ولا يكون في موطن من مواطن الأدب إلا أساء، وافتضح سوءه، ثم لا تزال به حتى تعطيه الصدقة، فإما قبلها وكفّ عنك سوءه وفاقته، وإما أنكرها البائس، وزاد فقرًا على فقره، وفحشًا على فحشه!
إن نفرًا من الناس مرد على هذا الفقر حتى عشقه، وألفه، والتذّ به! ولربما سعى في كسب المال سعيًا حثيثًا، وكافح في تحصيل العلم كفاحًا مرًا طويلاً، حتى اكتنز المال، وجمع العلوم، وحاز ما يحوزه الناس من صورة الأرزاق، والمسكين كلما كثرت دراهمه من المال، وازدادت حصيلته من العلم؛ كلما زاد فقرًا في الخلق، وخسّة في الطباع، إذ لا تُشترى بالدراهم الأخلاق، ولا يُعوّض العلم مفقودًا من سخائم صحيحة، ودواخل سليمة!
والسعي في الصدقات للفقراء، والمساكين؛ من هؤلاء سمة يحتكرها أغنياء الأخلاق، ومن جمعته بالدين صلة غير معتلة، وفهم غير منقوص، ورضي باتباع المرسلين، والأنبياء، وانتهج بذلك سبيل الصالحين والأولياء! والرجل الحصيف الحاذق الغني لا ينبغي له الدخول في معارك دموية مع هؤلاء الفقراء التي تنتهي غالبًا بخسارة فادحة في الوقت، والجهد، والنفس! والأفدح من ذلك خسارة القلوب، والأشخاص الذين يزيدون سفاهة كلما التقوا سفاهة بينما كانت تكفيهم (سلام) أو (سلامًا)!
إن صدقة واحدة من صدقات اللسان على فقير خلق تعدل عند الله جبالاً من الأجور، والرب المقدس لمَّا أمر بالصدقة على أولئك الفقراء جمعهم تحت كلمة (الناس): (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ)[البقرة:83]، ولقد تأملت طويلاً بعد أن احتفيت بهذه التكرمة المهيبة من الله للنبي المؤدب في سورة القلم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فوجدت أن المكرّم - تبارك ذكره - حذره بعدها في أربع آيات من خطايا اللسان! (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ)[8-11] فانقلبت إلى نفسي أقول: إن هذه التحذيرات ما انطوت إلا على كسب قلوب الناس بطيب الكلام، وحسن اللفظ، وهذا ما فتح مغاليق القلوب، ومواصد العقول للرسول المصطفى، وما منعه دين، ولا جنس، ولا لون؛ أن يسدي إلى الناس من غناه وهو أغنى الأغنياء خلقًا، حتى أن الرجل الكبير - صلى الله عليه وسلم - برّ يهودي، وتودد إلى مسكين، وعطف على أرملة، وتواضع لعجوز، وبسط ظهره مطيّة لطفل صغير، وكل ذلك ابتدأه بطلاوة اللسان، وحلاوة الكلمة حتى استسلمت له القلوب بتمام الاستسلام!
يا صديقي .. إن أثقل ما يوضع في الميزان يوم الدين هو حسن الخلق .. وأول من تسعر بهم النار يوم القيامة هم أولوا العلم، فلا تنصرف عن الثقيل بجملتك فقد يخزيك وقت الحاجة!
تليّن واعطف، وتكرّم بغناك، وامسح على قلوب الناس ببرد يدك، فإن ذلك يقرب بعيد الناس إليك، ويقصر شاسع المسافات بين يديك، ويهوّن وعثاء السفر إلى القلوب النافرة المعرضة البعيدة، والرصيد لك في ذلك هي الكلمات اللينة، والبسمات المشرقة والطلعات المضيئة، والوجوه المستنيرة، ومسابقة الإحسان، ولطف النصيحة، وإبداء المودة، وفثئ الغضب، ومعها سلامة النية، وحسن الطوية، وذهاب الغل، ومحق الحسد .. وكل ذلك من الصدقات!
وإني لألقى المرءَ أعـلـم أنــه *** عدوي وفي أحشائه الضُـغن كامُن
فأمنحه بشرى فيرجع قلبــــهُ *** سليما وقد ماتت لديــــه الضغــائن



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.10 كيلو بايت... تم توفير 1.78 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]