|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مفاسد جهل المنتسبين للعلم بمقاصد الشريعة ومآلات الأفعال
مفاسد جهل المنتسبين للعلم بمقاصد الشريعة ومآلات الأفعال أحمد خالد الطحان المقاصد الشرعية هي الحِكم المقصودة من الأحكام الشرعية، والتي وُضعت لجلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم، و هي التي عناها الإمام ابن القيم رحمه الله بقوله: "إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد"[1]، وقصدها الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله في قوله: "هي المعاني والحِكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا تختصّ ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا أوصاف الشريعة وغاياتها العامة، والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظتها... ويدخل في هذا أيضًا معان من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها"[2]. وأكثر الخلل الذي يأتي على المنتسبين للعلم هو جهلهم بمقاصد الشرع وعدم النظر إلى مآلات الأفعال، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين: بالإقدام أو بالإحجام، إلاّ بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، مشروعًا لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قُصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه، أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدّى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعًا من القول بالمشروعية. وهو مجال للمجتهد صعب المورد، إلاّ أنه عذب المذاق، محمودُ الغِبِّ جارٍ على مقاصد الشريعة"[3]. وجهل المنتسب للعلم أسرار هذه المقاصد والمآلات تورده المهالك؛ لأن الفعل الواحد قد يُمْنَع في حال لا تكون فيه مصلحة فإذا كان فيه مصلحة جاز. ومعرفة المصلحة نفسها يحتاج إلى فهم دقيق، وفهم عميق، مع صحة النظر وحسن الاستنباط، قال الإمام النووي رحمه الله:"شرط المفتي كونه فقيه النفس، سليم الذِّهن، رصين الفكر، صحيح النظر والاستنباط"[4]، ويقول الإمام الشاطبي رحمه الله:"فزلّة العالم أكثر ما يكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشرع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه"[5]. فصحة الدليل لا تكفي لاستنباط الحُكْم، بل لا بد أن تكتنف هذه الصحة سلامة النظر، وفقه النفس، وفهم الحِكمة، واعتبار المآلات، ومعرفة المصالح المترتبة في المعاش والمعاد، واختلال أصل من هذه الأصول يلزم منه اختلال ما سواه من المكمِّل المبني عليه، وهذا موطن تفاوت العقول، والتفطن للصحيح والمعلول، والتمييز بين الفاسد والمقبول. يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله: "فإن أصول المصالح والمفاسد، قد لا تكاد تخفى على أهل العقول المستقيمة. فمقام الشرائع في اجتلاب صالحها، ودرء فاسدها، مقام سهل والامتثال له فيها هيِّن، واتفاق علماء الشرائع في شأنها يسير. فأما دقائق المصالح والمفاسد وآثارها ووسائل تحصيلها، فذاك هو المقام المرتبك، وفيه تتفاوت مدارك العقلاء، اهتداء وغفلة، وقبولا وإعراضا، فتطلع فيه الحيل والذرائع، وفيه التفطن لعلل وضده، وفيه ظهر تفاوت الشرائع، وفازت شريعة الإسلام فيه بأنها الصالحة للعموم والدوام"[6]. لذا فإن من أولى أولويات طالب العلم الاهتمام بمعرفة مقاصد الشريعة ومآلاتالأفعال حتى يكون صحيح النظر في الأمور والحوادث والمستجدات، ويتمكن من تزيل الأحكام الصحيحة على الواقع الملائم. [1] ينظر: إعلام الموقعين (3 /14). [2] ينظر: مقاصد الشريعة (ص51). [3] ينظر: الموافقات (5 / 177) [4] ينظر: المجموع شرح المهذب (1 /41). [5] ينظر:الموافقات (4 /170) [6] ينظر: مقاصد الشريعة الإسلامية ص 316.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |