|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أحكام الردة عن الإسلام
أحكام الردة عن الإسلام الشيخ صلاح نجيب الدق الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ الردة عن دين الإسلام لها أحكام شرعية يجب على المسلم معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق: معنى الردة: هي الرجوع عَن الدين الإسلامي إلى الكفر بالقول أو بالفعل؛ (المغني لابن قدامة، جـ12، صـ264). قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217]. أمور تدل على الردة عن الإسلام: 1- إنكار ما هو معلوم مِن الدين بالضرورة؛ مثل: إنكار توحيد الله وخلقه للعالم، وإنكار وجود الملائكة، وإنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن وحي من الله، وإنكار البعث والجزاء، وإنكار فرضية الصلاة والزكاة، والصيام والحج. 2- استباحة شيء مُحرَّم أجمع المسلمون على تحريمه؛ كاستباحة الخمر، والزنا، والربا، وأكل الخنزير، واستحلال دماء المعصومين وأموالهم إلا إذا كان ذلك بتأويل، مثل تأويل الخوارج؛ فإنهم استحلوا دماء الصحابة وأموالهم، ومثل تأويل قدامة بن مظعون شرب الخمر، ومع ذلك فجمهور الفقهاء على أنهم غير كافرين. 3- تحريم ما أجمع المسلمون على حِلِّه؛ كتحريم الطيبات. 4- سب النبي أو الاستهزاء به، وكذا سب أي نبي من أنبياء الله. 5- سب الدين، والطعن في الكِتاب والسُّنة، وترك الحكم بهما، وتفضيل القوانين الوضعية عليهما. 6- ادِّعاء فرد من الأفراد أن الوحي ينزل عليه. 7- إلقاء المصحف في القاذورات، وكذا كتب الحديث، استهانة بها واستخفافًا بما جاء فيها. 8- الاستخفاف باسم من أسماء الله، أو أمر من أوامره، أو نهي من نواهيه، أو وعد من وعوده، إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام، ولا يعرف أحكامه، ولا يعلم حدوده، فإنه إن أنكر منها جهلًا به لم يكفر. وفيه مسائل أجمع المسلمون عليها، ولكن لا يعلمها إلا الخاصة، فإن منكرها لا يكفر، بل يكون معذورًا بجهله بها؛ لعدم استفاضة علمها في العامة؛ كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وأن القاتل عمدًا لا يرث، وأن للجدة السدس، ونحو ذلك. ولا يدخل في هذا الوساوس التي تساور النفس؛ فإنها مما لا يؤاخذ الله بها؛ (فقه السنة للسيد سابق، جـ 3، صـ203: صـ205). شروط الردة عن الإسلام: يشترط لصحة الردة عن الإسلام الشروط التالية: 1- العقل 2- البلوغ 3- الاختيار وإرادة الكفر؛ (المغني لابن قدامة، جـ12 صـ265: صـ266). فائدة مهمة: اتفق الفقهاء على أنه إذا أُكْرِه أحدٌ على التلفُّظ بكلمة الكفر، فإنه لا يخرج بذلك عن الإسلام ما دام قلبه مطمئنًا بالإيمان؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ * مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 105، 106]؛ (المغني لابن قدامة، جـ12، صـ292: صـ294). ثبوت الردة عن الإسلام: تثبت الردة عن الإسلام بأحد أمرين: (1) اعتراف الشخص نفسه وإقراره بالردة عن الإسلام. (2) شهادة عدلين من المسلمين على ردة هذا الشخص؛ (المغني لابن قدامة، جـ12، صـ287). عقوبة المرتد عن الإسلام: اتفق جميع الفقهاء على وجوب قتل المرتد عن الإسلام وذلك بعد استتابته، وإقامة الحجة الواضحة عليه مِن أهل العِلم؛ (المغني لابن قدامة، جـ12، صـ264: صـ268). روى البخاري عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ"؛ (البخاري، حديث 6878). روى البخاري عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ؛ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ؛ (البخاري، حديث6922). إقامة حد الردة مسئولية الحاكم أو نائبه: اتفقَ الفقهاءُ على أنه لا يُقيم الحدود إلا الحاكم أو مَن ينوب عنه. • رَوَى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا؛ (مسلم، حديث: 1688). • قال الإمامُ ابن عثيمين (رَحِمَهُ اللهُ): الذي يتولى القطع هُوَ الإمامُ أو نائبه؛ (الشرح الممتع لابن عثيمين، جـ11، صـ192). الآثار المترتبة على الردة: (1) تُحبَط جميع أعمال المرتد الصالحة. (2) لا يرث أحدًا مِن أقاربه المسلمين، ولا يرثه أحدٌ من أقاربه المسلمين بعد موته. (3) لا تحل ذبيحته. (4) ينفسخ عَقْد زواجه. (5) يرد ماله إلى بيت مال المسلمين. (6) إذا مات أو قتل فإنه لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه ولا يُدفَن في مقابر المسلمين؛ (المغني لابن قدامة، جـ12، صـ272). توبة المرتد: إذا تاب المرتدُّ توبةً نصوحًا قبلت توبتُه، وتكون بنطق الشهادتين؛ (المغني لابن قدامة، جـ12، صـ269). روى الشيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ؛ (البخاري، حديث 25/ مسلم، حديث 22). خِتَامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89] كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|