شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7824 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 51 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859474 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393847 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215980 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 02-03-2024, 11:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

– باب: صوم يوم عرفة


  • صيام داود عليه السلام مِن أحَبِّ الصِّيامِ إلى اللهِ عزَّوجلَّ كما جاء في الصَّحيحَينِ وذلك أنَّه ليس صَوماً مُستمِرّاً ولا إفطاراً مُستمِرّاً
  • كانَ النَّاسُ يَسألونَ عن هَديِ النبي صلى الله عليه وسلم فِيما أَشْكلَ عَليهِم أو ما أَحبُّوا أنْ يَعلَموه حتَّى يَقتَدوا به ويَفوزوا بالفلاحِ
  • كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ للمسلمِ أنْ يَفعَلَ مِن الأعمالِ ما يُطِيقُها ويُداوِمُ عليها
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ - رضي الله عنه - غَضَبَهُ، قَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه - يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ، حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: «لَا صَامَ ولَا أَفْطَرَ» أَوْ قَالَ: «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ»، قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْماً؟ قَال: «ويُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟»، قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً؟ قَالَ: «ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام»، قَال: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ورَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، والسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ، أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». الحديث رواه مسلم (2/818-819) باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس.
يَرْوي الصحابي أبو قَتادةَ الأنصاريُّ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن عادته في صَومِه، وفي رِوايةِ أحمَدَ: ذُكِر أنَّ السَّائلَ كان أعرابيًّا، وهم مَنْ يَسكُنُ الصَّحراءَ، فغَضِب - صلى الله عليه وسلم -، وظَهَر أثرُ الغضبِ على وجْهِه مِن قوْلِ الرَّجلِ وسُؤالِه، ولعلَّ سَببَ غضَبِه: أنَّه كَرِهَ مَسألتَه؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى أنْ يُجيبَه، ويَخْشى مِن جَوابِه مَفسَدةً، وهي أنَّه ربَّما اعتقَد السَّائلُ وُجوبَ عمله - صلى الله عليه وسلم -، أو أنْ يستقَلَّه ويراه قليلا، أو يقتصَرَ عليه وحالُه يَقْتضي أكثرَ منه.
اقتصار النبي على صيامه
وإنَّما اقتَصَر على صيامه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، لشُغلِه بمَصَالحِ المُسلِمين، والقيام بحُقوقِهم، وحُقوقِ أزواجِه، وحقوق أضيافِه والوافدينَ إليه، فلا يَقتديَ به كلُّ أحدٍ في ذلك، وكان حقُّ السَّائلِ أنْ يقولَ: كمْ أصُومُ؟ أو: كيْف أصومُ؟ فيخُصَّ السُّؤالَ بنفْسِه، ليُجِيبَه بما تَقْتضيهِ حالُه، كما أجاب غيرَه بمُقْتضى أحوالِهم. وأيضاً: لم يكُنْ صَومُه - صلى الله عليه وسلم - على مِنوالٍ واحدٍ، بلْ كان يَختلِفُ باختلافِ الأحْوالِ، فتارةً يُكثِرُ الصَّومَ، وتارةً يُقلِّلُه، ومِثلُ هذا الحالِ يَتعذَّرُ جَوابُ السُّؤالِ فيه.

رضِينا باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دِينًا وبمُحمَّدٍ رسولًا
فلمَّا رأى عُمرُ - رضي الله عنه - غضَبَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال -أدباً وإكْراماً له صلى الله عليه وسلم ، وشَفقةً على السَّائلِ، واعتذاراً عنه، واسْترضاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم -: «رَضِينا باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دِينًا، وبمُحمَّدٍ رسولًا». أي: رَضِينا بتَدبيرِ الله وقَضائِه لنا، واتَّخذَناه دُونَ ما سِواهُ إلَهَنا ومَعبودَنا، ورَضِينا بالإسلامِ دِينًا، فاختَرْناه مِن بيْنِ سائِرِ الأديانِ، فدخَلنا فيه راضِين مُسْتَسلِمين، ولم نَبتغِ غيرَ الإسلامِ دِينًا، ورَضِينا بِمحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - رَسولًا، وبجَميعِ ما جاء به مِن عندِ اللهِ -تعالى-، وقَبِلنا ذلك بالتَّسليمِ والانْشراحِ، فصدَّقناه فيما أخْبَر، وأطعناه فيما أمَرَ، واجتنَبْنا ما عنه نهَى وزجَرَ، وأحبَبْناه واتَّبعْناه ونَصَرْناه. ثم قال عُمر: «نعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه - يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ، حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ» أعوذ بالله، أي: ألجأُ وأستجيرُ بالله، بما يرضَى به عنِّي، ممَّا يَسخَط ويغضَب به عليَّ، وكذا اسْتجار بالله مِنْ غَضب رسوله - صلى الله عليه وسلم -، عندما شَعروا أنّهم أغْضبوه؛ لأنّهم يعلمون أنّ غَضبه مظنة الهلاك، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب إلا إذا انْتُهكت حُرمات الله -تعالى.

صِيام الدَّهرِ
فلمَّا هَدَأ غَضبُه - صلى الله عليه وسلم - سَأله عُمرُ -كما في رِوايةٍ أُخرى لمُسلمٍ- بعبارة أكثَرَ إحكاماً وتَعقُّلًا، وأقرَبَ إلى الحقِّ، فجَعَله سُؤالًا عامًّا يَنتفِعُ به جَميعُ النَّاسِ، فسَأله عن صِيامِ الدَّهرِ، وهو صِيامُ كلِّ أيَّامِ السَّنةِ مُتَّصِلةً، وكيْف حالُ صائمِه، وهلْ هو مَحمودٌ أو مَذمومٌ؟ فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا صامَ ولا أفطَر؟»، أو قال: «ما صَامَ وما أفطَر». والمعنى: لم يُكابِدْ سَوْرةَ الجُوعِ وحَرَّ الظَّمأِ، لاعْتيادِه الصَّومَ حتَّى خَفَّ عليه، ولم يَفتقِرْ إلى الصَّبرِ على الجُهدِ الَّذي يَتعلَّقُ به الثَّوابُ، فصار كأنَّه لم يَصُمْ، وحيث إنَّه لم يَنَلْ راحةَ المُفطِرين ولذَّتَهم فكأنَّه لم يُفطِرْ. وقيل: مَعناه الدُّعاءُ عليه، زجْراً له، ويجوزُ أنْ يكونَ إخبارًا، يعني أنَّ هذا الشَّخصَ كأنَّه لم يُفطِرْ، لأنَّه لم يَأكُلْ شيئًا، ولم يَصُمْ، لأنَّه لم يكُنْ بأمرِ الشَّارعِ.
صيام المسلم يَومينِ ويُفطِرُ يوماً
ثمّ سَأله عن أنْ يَصومَ المسلم يَومينِ ويُفطِرُ يوماً، فيكون صَومِه ضِعفَ فِطرُه، ويَجعَلَ العبادةَ غالِبةً على العادةِ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ومَن يُطِيق ذلك؟!»، أي: ومَن يَستطيعُ فِعلَ ذلك؟ فيَقْوى ويُتابِعُ الصِّيامَ، ويَقومُ بما عليه مِن واجباتٍ أُخرى في يومِه؟! وكأنَّه كَرِهه، لأنَّه ممَّا يُعجَزُ عنه في الغالِبِ، فلا يَرغَبُ فيه، وديننا دِينٌ سَهلٌ سمْحٌ. وقيل: فيه إشارةٌ إلى أنَّ العلَّةَ في النَّهيِ: إنَّما هو الضَّعفُ، فيكونُ المعنى: إنَّه إنْ أطاقَه أحدٌ فلا بأْسَ.

صيام الإنسانُ يومًا ويُفطِرُ يَومينِ
ثمّ سَأله عن أنْ يَصومَ الإنسانُ يومًا ويُفطِرُ يَومينِ، فيكون صَومُه ضِعفَ فِطرِه، مُستمِرًّا على ذلك حَياتَه، فأجابه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ليْتَ أنَّ اللهَ قوَّانا لفِعلِ ذلك، فكأنَّه استَحسَنَ هذا النَّوعَ مِن الصِّيامِ وتَمنَّاه، قيل: إنَّ هذا التَّمنِّيَ لغَيرِه مِن أمَّتِه، فقدْ كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُطيقُه ويُطيقُ أكثَرَ منه، فقدْ ثبَت عنه - صلى الله عليه وسلم - الوِصالُ في الصَّومِ، وقيل: مَعناه أنَّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - لانشِغالِه بأهلِه وضُيوفِه، وبأعمالِه وبالنَّاسِ، يَجعَلُه لا يَصومُ هذا المِقدارَ باستمرارٍ، وليْس لضَعْفِ جِبلَّتِه عن احتمالِ الصِّيامِ، أو قِلَّةِ صَبرهِ عن الطَّعامِ في هذه المُدَّةِ.
صيام الإنسان يوماً ويُفطِرُ يوماً
ثم سَأله عن أنْ يَصومَ الإنسانُ يوماً ويُفطِرُ يوماً، وتكون هذه عادتَه، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَام»، وفي لفظ: «ذاك صَومُ أخي داودَ -عليه السَّلامُ»، وهذا كِنايةٌ عن تَرغيبِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فيه، فهو صِيامٌ في غايةٍ مِن الاعتدالِ، ومُراعاةٍ لِجانبَي العبادةِ والعادةِ بأحسَنِ الأحوالِ، وهو مِن أحَبِّ الصِّيامِ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ-، كما جاء في الصَّحيحَينِ، وذلك أنَّه ليس صَوماً مُستمِرّاً، ولا إفطاراً مُستمِرّاً.

صِيام ثَلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ
ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ صِيامَ ثَلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، وسواء كان صِيامِ الأيَّامِ البِيضِ، وهي: الثَّالثَ عشَرَ، والرَّابعَ عشَرَ، والخامسَ عشَرَ، أو على الإطلاقَ، فيَصومُ الثَّلاثةَ في أوَّلِه، أو أوسَطِه، أو آخِرِه، على التَّوالي أو مُتفرِّقة، وصيامَ رمَضانَ مِن كلِّ سَنةٍ، أنَّ هذا يَعدِلُ صِيامَ الدَّهرِ كلِّه، أي: أنَّ اللهَ تَفضَّلَ بكَرمِه بأنْ ضاعَفَ أجْرَ كلِّ عمَلٍ مِن أعمالِ الخيْرِ والطَّاعةِ، مِن الأقوَالِ والأفعالِ إلى عَشْرةِ أمثالِه، فالحسَنةُ تُضاعَفُ إلى عشْرِ حسَناتٍ مِثلِها، فكذلك صِيامُ اليوْمِ يُكتَبُ بصِيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، فإذا صام ثَلاثةَ أيَّامٍ فكأنَّه صامَ ثَلاثينَ يوماً، وهي شَهْرٌ كامِلٌ، فيكونُ بصِيامِه ثَلاثةَ أيَّامٍ كلَّ شهْرٍ، كأنَّه صامَ السَّنةَ كلَّها، مع صِيامُ الفريضةِ في شَهرِ رَمضانَ.
صَوم يومِ عرَفةَ
ثم سَأله عن صَومِ يومِ عرَفةَ، فأجابه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مَن صامَه يَغفِرُ اللهُ له ذُنوبَ سَنتينِ: السَّنةِ الماضيةِ والسَّنةِ الآتيةِ، وهذا الصَّومُ يكونُ لغَيرِ الحاجِّ، فإنَّ الحاجَّ يُكرَهُ له صِيامُ يَومِ عَرَفةَ؛ وذلِكَ لأنَّ الصَّومَ في هذا اليَومِ يُضعِفُ الحاجَّ عنِ الوُقوفِ والدُّعاءِ، وأمَّا غَيرُ الحاجِّ فإنَّه مُخاطَبٌ بهذا الحَديثِ في الفَضلِ والنَّوالِ مِن اللهِ -عزَّ وجلَّ-، والمُرادُ بيَومِ عَرَفةَ: هو يومُ التَّاسِعِ مِن ذي الِحجَّةِ، سُمِّي بذلِكَ؛ لأنَّ فيه رُكناً مِن أرْكانِ الحجِّ، وهو الوُقوفُ بعَرَفةَ بمكَّةَ.

صَوم يومِ عاشوراءَ
ثم سَأله عن صَومِ يومِ عاشوراءَ، وهو يومُ العاشرِ مِن شَهرِ المُحرَّمِ، وهو اليومُ الَّذي أنْجى اللهُ فيه مُوسى -عليه السَّلامُ- وقَومَه مِن فِرعَونَ، فَصامَه مُوسى شُكراً للهِ على نِعمَتِه في إهْلاكِ الظَّالِمينَ، فأخبَرَ -[- أنَّ صِيامَه يَغفِرُ اللهُ به ذُنوبَ السَّنةِ الماضيةِ، وهذا التَّكفيرُ يَشمَلُ صَغائرَ الذُّنوبِ دونَ كَبائرِها، وأمَّا الكَبائرُ فلَا يُكَفِّرُها إلَّا التَّوبةُ، أو رَحمةُ اللهِ، أو يُرْجَى تَخفِيفُ الكَبائرِ، وقيل: تَكْفيرُ السَّنةِ الآتِيةِ أنْ يَحفَظَه مِن الذُّنوبِ فيها، وقيلَ: أنْ يُعطِيَه مِن الرَّحمةِ والثَّوابِ قَدْرًا يكونُ كفَّارةً للسَّنةِ الماضِيةِ، والآتيةِ إذا جاءتْ ووقَعَ في ذُنوبٍ.
فقه عُمرَ - رضي الله عنه
وهذه الأسئلةُ مِن عُمرَ - رضي الله عنه - تدُلُّ على فِقهِه، فقدْ هَدَّأ مِن غضَبِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أوَّلًا، ثمَّ سَأَله عن أنواعٍ مِن الصِّيامِ تَشمَلُ كلَّ ما يُمكِنُ أن يَصومَه المسلِمُ وعرَفَ أحكامَها، مع بيانِ ما يَصِحُّ منها وما لا يَصِحُّ، وبيانِ فَضلِ بعضِها، فعلَّمَنا كلَّ ذلك، فمَن شاء صامَ ما يَصِحُّ، ويَختارُ ما هو أوفَقُ لنَفسِه وقُدرتِه.

صوم الدهر
الصيام كل يوم - عدا الأيام المنهي عن صيامها كالعيدين- يُسَمَّى في الاصطلاح الشرعي «صوم الدهر»، أو «صوم الأبد»، وقد اختلف أهل العلم في حكمه على أقوال، حتى اختلف أصحاب المذهب الواحد في هذه المسألة، وأصح ما جاء هو المنع من ذلك، فينهى عن صوم الدهر مطلقاً، إمّا على وجه الكراهة، كما هو مذهب الحنفية، واختيار ابن قدامة، وابن تيمية من الحنابلة خلافاً للمذهب، وهو اختيار اللجنة الدائمة للإفتاء (23/221)، أو على وجه التحريم، كما ذهب إليه ابن حزم، وجاء في «الدر المختار» (2/84) من كتب الحنفية، وهو الأصحّ. يقول ابن قدامة -رحمه الله-: «الذي يقوى عندي أنّ صوم الدهر مكروه، وإنْ لم يصم هذه الأيام - يعني العيد والتشريق- فإنْ صامها قد فعلَ مُحرّماً، وإنّما كره صوم الدهر؛ لما فيه من المشقة والضعف، وشبه التبتل المنهي عنه». «المغني» (3/53).، وقال ابن حزم -رحمه الله-: «لا يحلّ صوم الدهر أصلاً». «المحلى» (4/41).

ويستدل لهذا القول بما يلي: 1- قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ». رواه البخاري (1977) ومسلم (1159). 2- ما جاء عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جَاءَ ثَلاثُ رَهطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسأَلُونَ عَن عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أُخبِرُوا كَأَنَّهُم تَقَالُّوهَا، فَقَالًوا: وأَينَ نَحنُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَد غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُم: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي الَّليلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهرَ وَلَا أُفطِر، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَنتُمُ الَّذِينَ قلُتُم كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخشَاكُم للَّهِ وَأَتقَاكُم لَه، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَن رَغِبَ عَن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي». رواه البخاري (5063) ومسلم (1401). فدلّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: لكني أصوم وأفطر... فمن رغب عن سنتي، فليس مني». على أنّ صيام الدهر مُخالف لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه. 3- ما جاء عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: يَا عبداللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا...إلى آخر الحديث. وفي رواية: فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». رواه البخاري (1975)، ومسلم (1159). ولا يصح الاستدلال بالنصوص العامة في فضل الصيام، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». رواه البخاري (2840)، ومسلم (1153).فقد جاءت الأدلة السابقة بتخصيص صيام الدهر من عموم الاستحباب.
فوائد الحديث
  • فضْلُ صَومِ يومِ الاثنينِ.
  • وفيه: فضْلُ صَومِ يومِ عاشوراءَ.
  • وفيه: فضْلُ صَومِ يومِ عرَفةَ.
  • وفيه: فضْلُ صَومِ شَهرِ رَمَضانَ.
  • وفيه: لُطفُ اللهِ -عزَّ وجلَّ- بعبادِه، والتَّيسيرُ عليهم، ورفْعُ المشقَّةِ والحرَجِ عنهم.
  • وفيه: النَّهيُ عن صَومِ الدَّهرِ.
  • وفيه: الزَّجرُ عن التَّشديدِ على النَّفسِ في العباداتِ بما لا تُطيقُ.
  • كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ للمسلمِ أنْ يَفعَلَ مِن الأعمالِ ما يُطِيقُها ويُداوِمُ عليها، وكانَ النَّاسُ يَسألونَ عن هَديِه - صلى الله عليه وسلم - فِيما أَشْكلَ عَليهِم، أو ما أَحبُّوا أنْ يَعلَموه، حتَّى يَقتَدوا به ويَفوزوا بالفلاحِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 03-03-2024, 03:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

– باب: تَرْكُ صَومِ يَومِ عَرَفة للحَاجّ


  • الأَوْلى للحاجِّ أنْ يُفطِرَ يوم عرفة اسْتِقواءً على ما فيه مِن جَهْدٍ ففي الحَجِّ جِهادٌ ومَشَقَّةٌ أمّا المقيم فالصِّيامُ يومَ عَرَفَةَ مستحب ومتأكّد لما فيه مِن الأجر العظيمِ
عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ -رضي الله عنها-: أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَال: بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ. صحابي الحديث: أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ بن حزن الهلالية، وهي لُبَابَة الكُبْرى، وهي زوجة العباس بن عبدالمطلب، ووالدة ابن عباس والفضل بن العباس -رضي الله عنهم-، وتُسمّى الكبرى، تمييزًا لها من أختٍ لها لأبيها تُعرف بالصغرى.
وهي أختُ ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأيضًا أخت أم المؤمنين وزوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت خزيمة، وهي أخت الصحابية لبابة الصغرى والدة خالد بن الوليد، وهي أخت الصحابية المهاجرة أسماء بنت عميس، وأيضاً: هي أخت سلمى بنت عميس زوجة حمزة بن عبدالمطلب، وهي التي ضربت أبا لهب بعمود فشجّته، حين رأته يضرب أبا رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في حجرة زمزم بمكة، على أثر وقعة بدر، وكان موت أبي لهب بعد ضربة أم الفضل له بسبع ليال. يقال: إنّها أول امرأة أسلمت بعد خديجة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزورها ويَقِيلُ عندها، وكانت من المُنْجبات، ولدت للعباس ستة رجال، لمْ تلدْ امرأة مثلهم، توفيت نحو 30 هـ في خلافة عثمان.

صِيامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ عَرَفَةَ
وفي هذا الحَديثِ: تُخبِرُ أمُّ الفضل بنتُ الحَارِثِ -رضي الله عنها- أنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ عَرَفَةَ، فقال قومٌ: هو صائمٌ، وقال آخَرون: غيرُ صائمٍ، وذلك في حَجَّةِ الوَداعِ التي حَجَّها في السَّنةِ العاشرةِ مِن الهجرةِ. قولها: «أنّ ناسًا تَمَاروا» أي: اخْتلفوا. وفي البُخاري: «شَكَّ النَّاسُ يَومَ عَرَفَةَ، في صَوْمِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم ». قولها: «في صيام النّبي - صلى الله عليه وسلم -» هذا يُشعر بأنّ صَوم يوم عرفة كان مَعروفاً عندهم، مُعتاداً لهم في الحَضَر، وكأنّ مَنْ جَزَم بأنّه صائم، استند إلى ما ألفه مِنْ العبادة، ومَنْ جَزم بأنّه غيرُ صائم، قامتْ عنده قرينة كونه مُسافراً، وقد عُرف نهيه عن صوم الفَرْض في السّفر، فضلاً عن النّفل، قاله الحافظ. قولها: «فأرسلتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ»، وفي رواية البخاري: أنّ ميمونة بنت الحارث هي التي أرْسلت، فيَحتمل التّعدّد، ويَحْتمل أنّهما معاً أرْسلتا، فنُسب ذلك إلى كلٍّ منهما؛ لأنّهما كانتا أخْتين، فتكونُ ميمونة أرْسَلت بسُؤال أمّ الفضل لها في ذلك، لكشفِ الحال في ذلك، ويحتمل العكس، وسيأتي الإشارة إلى تعيين كون ميمونة هي التي باشرت الإرْسال. ولمْ يسمَّ الرسُول في طُرق حديث أمّ الفضل، لكن روى النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، ما يدل على أنه كان الرسُول بذلك، ويقوّي ذلك أنّه كان ممّن جاء عنه أنّه أرسل إمّا أمّه، وإمّا خالته. (الفتح).

وإرسالها للبن، للتَّأكُّدِ مِن الأمرِ وقَطْعِ الشَّكِّ باليقينِ. قولها: «وهو واقفٌ على بَعيره بعَرفة» قولها: «وهو واقفٌ على بَعيره بعَرفة»، وفي البخاري: «وهو واقِفٌ في المَوْقِفِ». زاد أبو نعيم في «المُستخرج» عن مالك: «وهو يَخطُبُ الناسَ بعَرفة». وللمُصنف في الأشْربة: «وهو واقفٌ عَشيّة عَرفة». ولأحمد والنسائي: من طريق عبدالله بن عباس عن أمه أمّ الفَضل: «أنّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أفْطَرَ بِعَرفة». قولها: «فشربه» زاد في حديث ميمونة «والناسُ يَنْظرون». أَرْسَلتْ مَيمونةُ -رضي الله عنها- إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بحِلَابٍ -وهو إناءٍ فيه لَبَنٌ- وهو واقِفٌ بعَرَفَةَ، وذلك لِتَتبيَّنَ به صِيامَه مِن فِطْرِه، فشَرِب منه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - والنَّاسُ يَنظُرون، فظَهَرَ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان مُفطِراً يومَ عَرَفَةَ، وأنَّ هذا ما يُشرَعُ للحاجِّ الواقِفِ بعَرَفَةَ.

فوائد الحديث
  • من فوائد الحديث أنَّ الأَوْلى للحاجِّ أنْ يُفطِرَ يوم عرفة، اسْتِقواءً على ما فيه مِن جَهْدٍ، ففي الحَجِّ جِهادٌ ومَشَقَّةٌ، أمّا المقيم فالصِّيامُ يومَ عَرَفَةَ مستحب ومتأكّد، لما فيه مِن الأجر العظيمِ.
  • وفيه إظهارُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الأمْرَ الشرعي للنَّاسِ وقتَ الحاجةِ، وهذا مِن حِرصِه عليهم ورَحمتِه وشَفَقتِه بهم.
  • وفيه: حِرصُ الصَّحابَةِ على مَعرِفَةِ هديّ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الأحْوالِ المختلِفَةِ.
  • وفيه: أنَّ المُشاهَدةَ بالعِيانِ أقطَعُ للحُجَّةِ وأنَّها فوقَ الخبَرِ.
  • وفيه: مَشروعيَّةُ الأكْلِ والشُّربِ في المَحافلِ، والأكْلِ والشُّربِ واقفاً.
  • وفيه: تَأسِّي النَّاسِ بأفعالِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - واتّباعهم له.
  • وفيه: التّلطف والتَّحيُّلُ على الاطِّلاعِ على الحُكْمِ بغَيرِ سُؤالٍ.
  • وفيه: بَيانُ ذكاء أمّ الفضل -رضي الله عنها- وفطنتها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 03-03-2024, 03:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

– باب: النّهيُّ عنْ صِيَامِ يَومِ الأضْحَى والفِطْر


  • عيد الفطر وعيد النّحر هما العيدان الإسْلاميان المُباركان العظيمان جَعَلهما الله تبارك وتعالى للفَرَح وللبَهْجَة وللسُّرور وللحُبور وللذكر وإظْهار الشُّكر لله تبارك وتعالى
  • الصَّحابَةُ أخذوا كلَّ ما يُصلِحُ شُؤونَ دِينِهم ودُنْياهم عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَهو القُدوةُ والأُسْوةُ لهم في كلامُهُ وفِعْلُهُ
عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -، فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. الحديث رواه مسلم في الصوم (2/799) باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى.
ورواه البخاري في الأضاحي (5571) باب: ما يُؤكل منْ لُحوم الأضاحي، ولفظه: أنَّهُ شَهِدَ العِيدَ يَومَ الأضْحَى مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قدْ نَهَاكُمْ عن صِيَامِ هَذَيْنِ العِيدَيْنِ، أمَّا أحَدُهُما فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِن صِيَامِكُمْ، وأَمَّا الآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ مِن نُسُكِكُمْ. أَبِو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ تابعي، واسْم أبي عبيد هذا: سعد بن عبيد، مولى عبدالرحمن بن أزهر بن عوف، ابن أخي عبدالرحمن بن عوف. قال الواقدي: يُنسب ولاؤه إلى عبدالرحمن بن أزهر، وأحياناً ينسب إلى عبدالرحمن بن عوف. وقال الزُّبير بن بكّار: هو مولى عبدالرحمن بن عوف. مات سنةَ ثمانٍ وتِسعينَ.

النهى عَنْ صِيامِ يَومِ عيدِ الفِطرِ وعيدِ الأضحى
في هذا الحَديثِ: يُخبِرُ التابعيُّ أبو عُبيدٍ سَعدُ بنُ عُبَيدٍ، أنَّه شَهِدَ صَلاةَ العيدِ يَومَ الأضحى، وهو يومُ العاشِرِ مِن ذي الحِجَّةِ، مَع عُمرَ بنِ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - في عَهدِه وخلافَتِه، فصَلَّى قبْلَ الخُطبَةِ، ثُمَّ خطَبَ النَّاسَ يَقتدي بِالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فذكر في خُطبَتِه هذه: أنَّ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ نهى عَنْ صِيامِ يَومِ عيدِ الفِطرِ، وعيدِ الأضحى، فأمَّا عيدُ الفِطرِ، فيَومُ الفِطرِ من صيامِ شَهرِ رَمَضانَ، وأمَّا يومُ عِيدِ الأضحى، فيَومُ الأكْلِ مِن الأضاحيِّ. وهذا كما أنّ المسلم تعبّده الله -تبارك وتعالى- بصيامِ شهر رَمضان، بالإمْساك عن الطّعام والشّراب، فهو جل وعلا يتعبّده بإظْهار الأكل والشُّرْب والفَرح، فلذلك هو يُطيع الله -تعالى- ويُظهر الامتثال في الإمْساك، ويُظْهر الامْتثال في الأكل والطّعام يوم العيد. وأيضاً: يَظهر قَرْنُ هذه الأشياء المُباحة، وهي الطّعام والشراب والزينة بذكر الله -تبارك وتعالى-، فتَجد أنّه في يوم الأضْحى يأكلُ الناس مِنَ الأضَاحي والهدايا، وفي أيام التّشريق، ويُقرنُ هذا كلّه بشُكر الله -تعالى- وذِكْره، ولذلك قال النّبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيامُ التّشْريق، أيامُ أكْلٍ وشُرْب، وذِكْرٍ لله -تبارك وتعالى-». فلذلك حَرُم صَوم يومِ الفِطر، وصوم يوم الأضحى، وكذلك حَرُمَ صيام أيام التَّشْريق الثلاثة، كما سيأتي.
منْ صَامَ يوم العيد فعليه التّوبة والاستغفار
وعلى هذا: فالصّومُ في عيد الفِطر والأضْحى وأيامِ التَّشْريق لا يَنْعَقد ولا يَصحّ، والصّوم باطل، ومَنْ صَامَ فعليه التّوبة والاستغفار؛ لأنّ هذا مَعصية، وتعمّقٌ وتنطعٌ وتكلّف في دِين الله -تبارك وتعالى-، لأنّ النّهيَ في هذا الحديث، وحديث أبي سعيد، هو للتّحْريم بإجْماعِ أهل العلم، كما ذَكر ذلك ابن قدامة -رحمه الله تعالى- وغيرُه، فلا يصحّ الصّيامُ فيها، سواءً كان قضاءً أم نفلاً، أم نَذْراً، كلُّ هذا مُحرّم، ولا يصحّ كما ذكر أهلُ العلم -رحمهم الله تعالى.

الحِكْمة مِنْ النّهي
والحِكْمة مِنْ النّهي: هو أنْ تتميّز العِبادة عن غيرها، فيتميّز رمضان عن غيره، فرمَضان: نَهى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن تقدّمه بصومِ يومٍ أو يومين، ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن صيامِ يوم الفِطر، ليتميز الصيام في بدايته وفي نهايته، فهو شهر واحد، فلا يُزاد في العبادة ولا يُنقص منها شيئاً.

الفرح بعطاء الله ونعمته
ومِنَ الحِكم: أنّ الفِطْر في يومي الفِطْر والأضحى، الفرح بعطاء الله ونعمته، فالفطر فيه الأكل والشرب بعد الصيام، والأضحى فيه الأكل من الهدايا والضّحايا، فالناس في هذين اليومين أضياف على الكريم الجواد، الملك الرزاق، القوي المتين -سبحانه وتعالى-، فهم أضياف الله -تبارك وتعالى-، فليقبلوا ضيافته، وليفطروا في هذين اليومين. والمَشْروع للمُسْلم في عيد الفِطر والسنَّة له: أنْ يأكل تَمراتٍ وِتْراً قبل خُروجه إلى المُصلّى يوم الفِطر، وذلك تأكيداً للإفْطار في هذا اليوم. وأمّا في الأضْحى: فالسُنَّة ألا يطعمَ شيئاً حتّى يرجع ويذبح أضْحيته ويأكل منْها، اتباعاً لسنَّة النّبي - صلى الله عليه وسلم .

العبادات توقيفية
وفيه: أنّ العبادات توقيفية، فلا يصحّ أنْ نتقرّب إلى الله -تعالى- إلا بما ورد في الشّرع، فمدارُ قبول العَمل: على الإخْلاص لله -تبارك وتعالى-، ثمّ المُتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك قال أهلُ العلم: ليس كلُّ عملٍ مشروعٍ، تُشْرع آحاده. وروى عبدالرزاق عن ابن المُسيّب: أنّه رأى رجُلاً يُكرّرُ الركوع بعد طلوع الفجر؟ فنَهاه عن ذلك، فقال يا أبا محمد: أيُعذّبني اللهُ على الصّلاة؟! قال: لا، ولكن يُعذّبك على خِلاف السُّنَّة.

باب: كرَاهيةُ صِيام أيامِ التّشْريق
عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ». وفِي رواية: «وَذِكْرٍ لِلَّهِ». الحديث رواه مسلم في الصيام (2/800) باب: تحريمُ صَوم أيّام التشريق. ونبيشة بن عبدالله الهُذلي، صحابي قليل الحديث. قوله: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» أيام التَّشريق الثلاثة، وتُسمّى أيام النَّحر، وهي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ويُقال لها: أيام التّشريق، ويقال لها: أيام النّحر، فهذه لا تُصام لأنّها أيامُ عيدٍ، ولأنّها ملحقة بعيد الأضْحى، فهذه خمسة أيام في السّنة، لا يجوزُ للمسلم أنْ يَصُومها، الفطر والأضْحى، وأيام التّشريق الثلاثة، فيجبُ على المُسلم الإفطار فيهما، وإعلان الأكلِ والشّرب فيها، وإشاعة الفرحة والسرور. فلا يجوز صيام أيام التشريق، وقال بعضُ أهل العلم بكراهتها، والصّحيح: المَنع، فلا تُصام ولو كانت الأيّام البيض، أو الاثنين أو الخميس. إلا مَنْ عجز عنْ هدْي التّمتّع والقِرَان، فله أنْ يصومَ أيّام التَّشْريق بصفةٍ خاصة مستثناة، لما روت عائشة وابن عمر -رضي الله تعالى عنْهما- قالا: «لمْ يُرخَصّ في أيامِ التَّشْريق أنْ يَصُمنَ، إلا لمَنْ لمْ يَجدِ الهَدْي». رواه البخاري.

فوائد الحديث
  • عيد الفطر وعيد النّحر هما العيدان الإسْلاميان المُباركان العظيمان، جَعَلهما الله -تبارك وتعالى- للفَرَح وللبَهْجَة وللسُّرور وللحُبور، وللذكر وإظْهار الشُّكر لله -تبارك وتعالى-، والمُسْلمون يُظهرون الزّينة، وكمال دين الإسْلام، ويَتمتعون بالأكلِ والطّعام والشّراب، مع ذِكْر الله -تبارك وتعالى.
  • وفيه: أنَّ خُطبةَ العيدِ تكونُ بعْدَ الصَّلاةِ.
  • وأنّ الخطيب ينبغي له أنْ يَعْتني بخُطْبة عيد الفطر وعيد الأضْحى، وأنْ يذكر فيهما ما يُنَاسبُ الحال والزّمان، مِنَ الأحْكام والمناسبات، فيُبيّن للناس أحكام عيد الفطر، والقَضَاء، والستّ مِنْ شوال، ويبين لهم في الأضحى أحكام الأضاحي، ويُبيّن لهم المأمورات والمنهيات في هذا الباب، فإمَام العيد: يُعلّم الناس ما يتعلق بالعيد مِنْ أحكام الشّرع ممّا أمَرَ اللهُ -عزّ وجل- به، وممّا نهى عنه.
  • وفيه: أنّ الصَّحابَة الكِرام أخذوا كلَّ ما يُصلِحُ شُؤونَ دِينِهم ودُنْياهم عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَهو القُدوةُ والأُسْوةُ لهم، وكلامُهُ وفِعْلُهُ هو المَرْجِعُ عندهم.
  • وفيه: النهيُ عن صيامِ يَومِ الفِطرِ ويومِ الأَضحى.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 04-03-2024, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي



– باب: صِيام يوم الاثنين


  • لم يشرع النبيّ صلى الله عليه وسلم لأحدٍ من الصحابة أو غيرهم أنْ يصوموا يوم مولدهم فدلّ ذلك على عدم مشروعيته وأنّ الاحتفال به بدعة
  • كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعبدَ الناسِ لربِّه وكان أكثرَهم وأحسنَهم شُكرًا لِلهِ عزّ وجلَّ على نِعَمِه بالطَّاعةِ والعبادةِ
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَال: «فِيهِ وُلِدْتُ، وفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ»، الحديث رواه مسلم في الصيام (2/819) باب: استحباب صيام ثلاثة من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، وهذا الحديثِ جزءٌ من حديث طويل: أنَّ رجلًا سأَل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- عن صَومِ يَومِ الاثنَينِ، فقال: «فيه وُلِدتُ، وفيه أُنْزِلَ عليَّ القرآنُ».
قوله: «فيه وُلِدتُ» أي: في يوم الإثنين، في عام الفيل، هذا هو الثابت، لكنّنا لا نَعْلم شيئاً يُفيدُ أنه - صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن تاريخ مولده، ولا أنّه ذُكر في حديثٍ صحيح ولا ضعيف أنه وُلد في الثاني عشر مِنْ ربيع الأول، وإنّما ثبتَ عنه فقط أنّه - صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن صَوم الإثنين، فقال: فيه وُلِدت، وكذلك هو ماتَ - صلى الله عليه وسلم- في يوم الإثنين، فيوم الإثنين وُلد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم-، لكن في أيّ شهر لم يتبين، لكن هو - صلى الله عليه وسلم- قد مات في شهر ربيع الأول، في اليوم الثاني عشر منه.
قوله: «ويوم بُعثتُ فيه،أو: أُنْزِلَ عليَّ فيه»
وقوله: «ويوم بُعثتُ فيه، أو: أُنْزِلَ عليَّ فيه» أي: بدَأ نُزولُ القرآنِ عليه - صلى الله عليه وسلم-، وكلُّ ذلك في يومِ الاثنَينِ، أي: نزول جبريل -عليه السلام- عليه، فقال له ثلاث مرات: «اقرأ»، فيقول: ما أنا بقارئٍ، قال: فغطَّني الثالثة حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (العلق: 1). حتى بلغ: {علّم الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق: 5). رواه البخاري.
فضائل أخرى
وليوم الإثنين فضائل أخرى: فقد روى الترمذي (747) وحسّنه وأحمد: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ والْخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وأَنَا صَائِمٌ». وصححه الألباني في «صحيح الترمذي»، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّى صوم الإثنين والخميس». رواه الترمذي (745) والنسائي (2361) وابن ماجة (1739) وصححه الألباني في «صحيح الترغيب» (1044)، وبناء عليه، فإنّه يسنّ صوم يوم الإثنين، لهذه الأحاديث النبوية الثابتة.
مسألة مهمة
بعض الذين يَحتفلون ببدعة المولد النبوي، يحتجُّون بهذا الحديث؛ لما يقومون به منْ احتفالات ونحو ذلك. وهو استدلال غير صحيح؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم- شَرع لنا الصيام كلّ اثنين؛ لأجل ثلاثة أمُور مُجْتمعة، وأقرّ هذه العبادة، وهو الصيام في يوم الاثنين. أمّا الذين يحتفلون بالمولد، فلا يستطيعون تحديد تاريخ مولد النبي - صلى الله عليه وسلم- بدليلٍ صحيح ثابت، ثمّ لو حَصل أنّنا حدّدنا ذلك اليوم، فلا يُشْرع لنا فعل هذه الأمُور في ذلك اليوم؛ لأنّها مِنَ البدع المُحدثة في الدّين، ولم يرد فيها نصٌّ وشرعٌ لفعلها، فالثابتُ هو أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولد يوم اثنين من عام الفيل، وشرع لنا صيام يوم الاثنين لثلاثة أشياء؛ ولذا فلا يشرع لنا الاحتفال مثلاً في يوم بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم-، ولا يشرع الاحتفال بيوم نُزُول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك لا يَشرع الاحتفال بيوم مولد النبي - صلى الله عليه وسلم.
الموالد تشتمل على منكرات
والموالد - مع كونها بِدْعَةً مُحْدَثة في الإسلام - فإنّها لا تَخلو مِنْ اشْتمالها على منكرات، كاخْتلاط النّساء بالرجال، واسْتعمال الأغاني والمعازف، وغير ذلك، مما هو مشاهَد ومعلوم لجميع الناس، وقد يقع في الموالد ما هو أعظم من ذلك، وهو الشرك بالله -تعالى-، وذلك بالغلوِّ في رسُول الله - صلى الله عليه وسلم- أو غيره من الأولياء، وذلك بدعائه والاسْتغاثة به، وطلب الْمَدَدِ منه - صلى الله عليه وسلم -، أو الذّبح له، وكلّ هذا من الغلو، ولقد نهانا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن الغلوّ فيه، وعن الغلو في الدّين. فروى البخاري: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُطْرُوني -أي: لا تُبالغوا في مَدْحي - كما أطْرَتِ النّصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدالله ورسوله». البخاري. وروى أحمد: عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والغلوَّ في الدِّين! فإنما أُهْلِكَ مَنْ كان قبلكم بالغلو في الدين». رواه أحمد (1/ 215) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1283). وإنّما يكفينا الصيام يوم الاثنين كما جاء في السنة النبوية. والعجب أنّهم يحتفلون في شهر ربيع الأول بيوم مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يظنّون، مع أنّ هذا اليوم وهو الثاني عشر من شهر ربيع الأول، هو اليوم الذي تُوفي فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على قول الجُمهور، فهم يحتفلون بيوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعوى الاحتفال بالمولد؛ فنعوذ بالله مِنَ البدعِ المضلة.
زعم خطأ
ومَنْ زعم أنّ الاحتفال بمَولِد النبي - صلى الله عليه وسلم- بدعةً حسنة، فقد أخطأ أيضاً، فليس هناك بدعةٌ حَسَنة وبدعة سيئة، بل البدعُ في الدّين كلُّها شرٌّ وضلالة؛ فقد روى مسلم: عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّ خَيرَ الحديث كتابُ الله، وخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد - صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمُور مُحْدثاتها، وكل بدعة ضلالة». مسلم (867). وبهذا الحديث نقول: مَنْ زعم أنّ في البدع التي ابتُدعت في دين الله -تعالى- شيئًا مَحمودًا، فإنما هو في الحقيقة استدراك على شريعة الله الكاملة، وردٌّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، وهذان أمران خطيران جدًّا؛ لِما فيهما من المحادَّة لله -تعالى- ولرسوله - صلى الله عليه وسلم-؛ يقول الله -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} المائدة: 3.
قراءة السّيرة النّبوية
وكذلك ظهر بعض المعاصرين مَن يقول بأنه: يُشْرع قراءة السّيرة النّبوية في شهر ربيع الأول منْ كلّ عامٍ دون احْتفالات، ويستدلون بهذا الحديث، وليس في هذا الحديث أي دليل على مشروعية قراءة السيرة في شهر ربيع الأول من كلّ عام، فالحديث يدل على مشروعية صيام يوم الاثنين من كل أسبوع فقط، وذلك للبعثة وإنْزال الوحي والمولد، ولو لمْ يُقرّه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لما جازَ تخصيصه بالصيام دون دليل.
أيُّهما أفضلُ؟
مسألة: أيُّهما أفضلُ صيامُ الإثنين والخميس، أو صيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر؟ والجواب: أنّ صيام الإثنين والخميس أفضل من صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ لأنّ من صام الإثنين والخميس كلّ أسبوع، فإنه قد صام ثمانية أيام مِنْ كلّ شهر، فيكون بذلك قد جمع بين الفضيلتين: صيام الإثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام منْ كلّ شهر، والثلاثة أيام من كل شهر يصح صيامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، متفرقة أو متتابعة، إلا أنّ الأفضل أن يجعلها الأيام البِيض، وهي الأيام التي يكون القمر فيها مكتملاً، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر القمري.
فوائد الحديث
1- أنّ الأصل في العبادات المنع إلا بدليل.
2- كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أعبدَ الناسِ لربِّه، وكان أكثرَهم وأحسنَهم شُكرًا لِلهِ -عزّ وجلَّ- على نِعَمِه بالطَّاعةِ والعبادةِ.


3- ولا يوجد أي دليل على إقامة الموالد النّبوية، ولا على تخصيص شهر ربيع الأول بقراءة السيرة.
4- أيضاً: ما شاع بين الناس اليوم ممّا يسمونه بعيد الميلاد، وانتشار احتفالهم به هو بدعة غير مشروعة، وليس للمسلمين أعياد يحتفلون بها سوى عيدي الفطر والأضحى.
5- لم يشرع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأحدٍ من الصحابة أو غيرهم أنْ يصوموا يوم مولدهم، فدلّ ذلك على عدم مشروعيته، وأنّ الاحتفال به بدعة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 04-03-2024, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي


– باب: كراهيةُ صِيام الجُمُعة مُنْفَرداً


  • النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَت له أحوالٌ مُتعدِّدةٌ في الصِّيامِ فأخبَرَ كلُّ صَحابيٍّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بما عَلِم أو بما رأَى وجميعُ الأخبارِ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في صَومِه صِحاحٌ
  • الحِكمةُ في النَّهيِ عن صِيامِ يوم الجُمعةِ منفردًا أنَّه يومُ دُعاءٍ وذِكرٍ وعِبادةٍ متنوّعة مِنْ الغُسلِ والتنظّف والتّطيّب والتَّبكيرِ إلى صّلاةِ الجُمعة وانْتظارِها واسْتماعِ الخُطبةِ والإكثارِ من الذِّكرِ بعْدَها
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ»، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - قَال: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ». الحديثان رواهما مسلم في الصيام (2/801) باب: كراهية صيام يوم الجمعة منفرداً.
في هذين الحَديثين يَذكُرُ أبو هُرَيرةَ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن صَومِ يَومِ الجُمُعةِ تَطوُّعًا مُنْفرِداً، إلَّا أنْ يَصومَ يَومًا قبْلَه، وهو يومُ الخميسِ، أو يومًا بعْدَه، وهو يومُ السَّبْتِ.
في الباب أحاديث أخرى
عن محمدِ بنِ عبَّادٍ قال: سألتُ جابراً - رضي الله عنه -: «أنَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن صَومِ يومِ الجُمُعةِ؟ قال: نعم». رواه البخاري (1984)، ومسلم (1143)، وعن جُوَيريةَ بنتِ الحارِثِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا-: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها يومَ الجُمُعةِ وهي صائمةٌ، فقال: «أصُمْتِ أمْسِ؟» قالت: لا، قال: «تُريدينَ أنْ تَصُومي غداً؟» قالت: لا، قال: «فأفطِري». رواه البخاري (1986). وأيضاً: هذا النَّهيُ مَحمولٌ على مَنْ لم تكُنْ له عادةٌ في الصيام، كمَن يَصومُ يوماً ويُفطِرُ آخَرَ، فوافق صيامه يوم الجمعة، أو نذَرَ أنْ يَصومَ يومَ شِفاءِ مَريضِه، فوافَقَ ذلك يومَ الجُمعةِ؛ فإنه لا يُنْهَ عنه.
الحِكمةُ في النَّهيِ عن صِيامِ يومَ الجُمعةِ
والحِكمةُ في النَّهيِ عن صِيامِ يومَ الجُمعةِ: أنَّه يومُ دُعاءٍ وذِكرٍ وعِبادةٍ متنوّعة؛ مِنْ الغُسلِ والتنظّف والتّطيّب، والتَّبكيرِ إلى صّلاةِ الجُمعة وانْتظارِها، واسْتماعِ الخُطبةِ، والإكثارِ من الذِّكرِ بعْدَها، لقولِ اللهِ -تعالى-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (الجمعة: 10)، فعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامُهَا وقِيَامُهَا». رواه الترمذي وصحّحه الشيخ الألباني -رحمه الله. وكذلك كثرة الصلاة على نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، وقراءة سورة الكهف، وغيرِ ذلك مِن العباداتِ في يَومِها؛ فنُهي عن صِيامِه ليَكونَ ذلِك أعوَنَ له على هذه الوَظائفِ، وأدائِها بنَشاطٍ وقوّة، وانْشراحٍ لها، وتِلذّذٍ بها، مِن غَيرِ مَلَلٍ ولا سآمةٍ. وهو نَظيرُ النّهي عن صِيامِ الحاجِّ يومَ عَرَفةَ بعَرَفةَ؛ فإنَّ السُّنَّةَ له الفِطرُ لهذه الحِكم، وأنَّه يَحصُلُ له بفَضيلةِ الصَّومِ الَّذي قبْلَه أو بعْدَه، ما يُجبِرُ ما قدْ يَحصُلُ مِن فُتورٍ أو تَقْصيرٍ في وَظائفِ يومِ الجُمعةِ بسَببِ صَومِه.
خشية أن يفرض على الناس
ويَحتمِلُ أنْ يكونَ نَهْيُه - صلى الله عليه وسلم - عن صَيامِ يومِ الجُمعةِ: خَشيةَ أنْ يَستمِرَّ النَّاسُ على صَومِه، فيُفرَضَ عليهم، كما خَشِيَ مِنْ فرض صَلاةِ اللَّيلِ، فقَطَعَه لذلك، وخَشِيَ أنْ يَلتزِمَ النَّاسُ مِن تَعظيمِ يومِ الجُمعةِ ما الْتَزَمَه اليهودُ والنَّصارى في يومِ السَّبتِ والأحدِ، مِن ترْكِ العَمَلِ والتَّعظيمِ، فأمَرَ بإفطارِه، ورَأى أنَّ قطْعَ الذَّرائعِ أعظَمُ أجراً مِن إتمامِ ما نَوى صَومَه للهِ، أو أنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالفِطْر فيه؛ لأنَّه يومُ عِيدٍ للمُسلِمينَ.
كرَاهةُ إفرادِ يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ
وقد قال بكرَاهة إفراد يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ إلَّا أن يوافِقَ ذلك صَوماً جمهور العلماء: الشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلة، وبعض الحَنَفيَّة، وهو قولُ بعض السَّلَف، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابنُ القيم، والشوكاني، والشنقيطي.
  • قال ابن قدامة الحنبلي: «يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، إلا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْماً كَانَ يَصُومُهُ، مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْما، فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ». المغني (3 /53).
  • وقال النووي: «قَال أَصْحَابُنَا (يعني الشافعية): يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ وَصَلَهُ بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ، بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ شِفَاءِ مَرِيضِهِ، أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ أَبَداً، فَوَافَقَ الجُمُعَةَ لَمْ يُكْرَهْ». «المجموع شرح المهذب» (6 /479).
  • وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: إنّ السنّة مضتْ بكراهة إفْراد رَجَب بالصّوم، وكراهة إفْراد يوم الجمعة ..اهـ. «الفتاوى الكبرى» (6 /180).
  • ويستثنى من هذا النّهي: ِمَنْ صَامَ يوماً قَبْله أَوْ بَعْده.
وكذلك إنْ اِتَّفَقَ وُقُوعُهُ فِي أَيَّامٍ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِهَا، كَمَنْ يَصُوم أَيَّام الْبِيضِ، أَوْ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِ يَوْمٍ وإفطار يوم، أو وافق يوماً يستحب صومه كَيَوْمِ عَرَفَةَ، أو عاشوراء، لأن نيّته صيام عاشوراء وعرفة، وليس الجمعة. أو نَذَرَ صوم يَوْم قُدُوم زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ يَوْم شِفَائه، فوافق يوم الجمعة. انظر «فتح الباري» لابن حجر.
  • وفي الحديث: أنّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فصَّلَ أحكامَ صِيامِ التَّطوُّعِ، وأوضَحَ الكيفيَّةَ المُناسِبةَ لصِيامِ بَعضِ الأيَّامِ، ومِن ذلِك يومُ الجُمعةِ.
باب: صَومُ ثلاثة أيامٍ مِنْ كلّ شَهْر
عن مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ أَنَّهَا قالت: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَها: مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ. في هذا الحَديثِ تُخبِرُ التَّابعيَّةُ مُعاذةُ العَدويَّةُ أنَّها سألَتْ أُمَّ المؤمنينَ عائشةَ -رَضِي اللهُ عنها-: «أَكانَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصومُ مِن كلِّ شَهرٍ ثَلاثةَ أيَّامٍ؟» وذلك أنّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم - كان قدْ رغَّب في صِيامِ ثَلاثةِ أيَّامٍ مِنْ كلِّ شَهرٍ، كما في الصَّحيحينِ، فأجابتْها عائشةُ -رَضِي اللهُ عنها-: «نَعمْ» كان يَصومُها، وهذا أقلُّ ما كان يَقتصِرُ عليه مِن الصِّيامِ في الشَّهرِ.
تَحديد هَذه الأَيَّامِ
  • ثمّ سَألَتْ مُعاذةُ العَدويَّةُ عنْ تَحديدِ هَذه الأَيَّامِ، وهلْ كانت هَذه الثَّلاثةُ مِن أوَّلِ الشَّهرِ أو أَوسطِه أو آخِرِه، وهلْ كانتْ مُتَّصلةً أو مُنفصِلةً؟ فَأخبرَتْها عائشةُ -رَضِي اللهُ عنها- أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَم يكُنْ يَهتمُّ بالتَّعيينِ، فقد تَجِدُه صائماً في أوَّلِ الشَّهرِ، ووَسطِه وآخِرِه.
قيل: ولَعلَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يُواظِبْ عَلى ثَلاثةٍ مُعيَّنةٍ؛ لئلَّا يُظَنَّ وجوب تَعيينُها.
  • وقدْ ورَد عندَ أبي داودَ: عن عبدَاللهِ بنِ مَسعودٍ - رضي الله عنه - قال: «كان رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصومُ -يعني مِن غُرَّةِ كلِّ شَهرٍ- ثَلاثةَ أيَّامٍ». أي: أوَّلَ الشَّهرِ، وغُرَّةُ الشَّيءِ: أوَّلُه. وقيل: إنَّه أراد الأيَّامَ البِيضَ مِن مُنتصَفِ الشَّهرِ، الَّتي يَكتمِلُ فيها القَمرُ، وهي: الثَّالثَ عشَرَ والرَّابعَ عشَرَ والخامِسَ عشَرَ مِنَ الشهر القمري؛ لأنَّ الغُرَّةَ تُطلَقُ أيضاً على البياضِ.
ولعلَّ الصَّحابيَّ عبدَاللهِ بنَ مسعودٍ راويَ الحديثِ، قدْ أخبَر عن الغالبِ فيما اطَّلَع علَيه مِنْ أحْوالِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم -، وأنَّه كان يَصومُ هذه الأيَّامَ.
أحوالٌ مُتعدِّدةٌ في الصِّيامِ
وقد روَتْ عائشةُ -رَضِي اللهُ عنها كما في الصَّحيحينِ- أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُكثِرُ الصِّيامَ في غيرِ رمَضانَ، حتَّى يُقالَ: إنَّه لا يُفطِرُ، وكان يُفطِرُ حتَّى يُقالَ: إنَّه لا يَصومُ، ومع ذلك فقدْ كان يُخصِّصُ أيَّاماً للصِّيامِ، مِثْلَ غُرَرِ الشُّهورِ وأوساطِها، ومِثلَ يومِ الاثنينِ والخميسِ. فالحاصِلُ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَت له أحوالٌ مُتعدِّدةٌ في الصِّيامِ، فأخبَرَ كلُّ صَحابيٍّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بما عَلِم، أو بما رأَى، وجميعُ الأخبارِ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم - في صَومِه صِحاحٌ، وهو مِن بابِ التيسير والتَّوسُّعِة على الأمّة، لِمَن أراد أنْ يَصومَ كيْفَما شاء، معَ التَّحرِّي لسُنَّةِ النَّبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، والبُعدِ عَن الأيَّامِ المَنهيِّ عَن صِيامِها.
فوائد الحديث
  • بيانُ ما كان عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن إكثارِ الصَّومِ والاجتهادِ فيه.
  • أنّ النَّاسُ كانوا يَسألونَ زَوجاتِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن هَديِه -صلى الله عليه وسلم - فِيما أشْكَلَ عَليهِم، أو ما أَحبُّوا أنْ يَعلَموه مِنْ عباداته التي لا تظهر لهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 05-03-2024, 10:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي


– باب: كَرَاهية سَرْدِ الصّيام


  • كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أعبَدَ النَّاسِ للهِ وأحرَصَهم على مَرضاتِه ومع هذا فقدْ علَّمَنا اليُسرَ في العبادةِ وأخْذَ النَّفْسِ بما تَستطيعُ وتَرْكَ التَّشديدِ عليها
  • الإسلامُ دِينُ الوسَطيَّةِ والسَّماحةِ في كلِّ الأُمورِ وقد حثَّ على الاقتِصاد وفِعلِ المُستطاعِ والاقتِصادُ في العِباداتِ يُبَقي بَعض القوَّةِ لغَيرِها
عن عبداللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضِيَ اللهُ عنهما- يَقُولُ: بَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي أَصُومُ أَسْرُدُ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ، وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ؟ وَتُصَلِّي اللَّيْلَ؟ فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ حَظًّا، ولِنَفْسِكَ حَظًّا، ولِأَهْلِكَ حَظًّا، فَصُمْ وأَفْطِرْ، وصَلِّ وَنَمْ، وصُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَوْماً، وَلَكَ أَجْرُ تِسْعَةٍ». قَالَ: إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَال: «فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام»، قَال: وكَيْفَ كَانَ دَاوُدُ يَصُومُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَال: «كَانَ يَصُومُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً، ولَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى». قَال: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: فَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -[-: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ»، الحديث رواه مسلم في الصيام (2/815) باب: النّهي عن صَوم الدّهر لمَنْ تضرّر به، أو فوّت به حقّاً أو لم يُفطر العيدين والتّشريق، وبيان تفضيل صوم يومٍ وإفطار يوم، ورواه البخاري في الصوم (1977) باب: حقّ الأهل في الصوم.
في هذا الحَديثِ يَحْكي عبداللهِ بنُ عَمْرٍو بن العاص -رضِيَ اللهُ عنهما- أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بلغه أَنِّي أَصُومُ أَسْرُدُ، أي: أصوم ولا أفطر. «وَأُصَلِّي اللَّيْلَ» أي: أُصلّي الليل كلّه ولا أنام.
قوله: «فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ»
وفي رواية البخاري.: «أنْكَحَنِي أبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَكانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ، فَيَسْأَلُهَا عن بَعْلِهَا، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِن رَجُلٍ! لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، ولَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أتَيْنَاهُ، فَلَمَّا طَالَ ذلكَ عليه، ذَكَرَ للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: الْقَنِي به، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، فَقالَ: كيفَ تَصُومُ؟ فَأجابَه: أصُومُ كُلَّ يَومٍ. وَكَيْفَ تَختِمُ القُرآنَ؟ فَأجابَه: أخْتِم كُلَّ لَيلةٍ خَتمةً. فأشار عليه -صلى الله عليه وسلم - بأن يصومَ في كُلِّ شَهرٍ ثَلاثةَ أيَّامٍ، وأن يقرَأَ القُرآنَ في كُلِّ شَهْر خَتْمةً. فراجع عبداللهِ - رضي االله عنه - رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أنَّه يَقدِرُ على أكثَرَ من ذلك، فأشار عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأن يصومَ ثَلاثةَ أيَّامٍ في الأُسبوعِ، فذكر عبداللهِ - رضي الله عنه - لرَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم - أنَّه يقدِرُ على أكثَرَ من ذلك، فَقالَ له -صلى الله عليه وسلم -: أفطِرْ يَومَينِ، وصُم يَومًا. فَقالَ عبداللهِ بنُ عَمْرٍو - رضي الله عنه -: أُطيقُ أكثَرَ مِن ذَلك، فقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم -: «صُم أفضَلَ الصَّومِ، صَومَ داوُدَ نَبيِّ اللهِ -عليه السَّلامُ-: صيامُ يَوْمٍ، وَإِفْطارُ يَومٍ، واقرَأْ في كُلِّ سَبْعِ لَيالٍ مَرَّةً». يعني: اختِمِ القُرآنَ مَرَّةً كُلَّ أُسبوعٍ؛ فتمَنَّى عبداللهِ بنُ عَمرٍو -رضِيَ اللهُ عنهما- بعدما كَبِرَ وضَعُفت قوَّتُه، أنْ لو كان قَبِلَ التخفيفَ مِن رَسولِ الله -صلى الله عليه وسلم -، فَكانَ يَقرَأُ على مَن تَيسَّرَ له من أهلِه السُّبْعَ مِن القُرْآنِ بِالنَّهارِ، والَّذي يُريدُ أن يَقْرَأه بِاللَّيْلِ يَعرِضه مِن النَّهارِ؛ ليَكونَ أخَفَّ عليه بِاللَّيلِ. وَإِذا أرادَ أن يَتَقَوَّى على الصِّيامِ أفْطَرَ أيَّاماً، وَأحْصى عَدَد الأيَّام التي أفطرها وَصامَ أيَّامًا مِثلَهنَّ؛ لئلَّا يَترُكَ شَيْئًا مات النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان عبداللهِ - رضي الله عنه - يفعَلُه.

لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ قوله: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ»، أي: مَنْ صام الأبدِ، بأنْ هو سَرْدُ الصِّيامِ طوالَ أيَّامِ السَّنةِ، فلا صيام له، وأكّده ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات. وفي الرواية الأخرى: «فلا صَامَ ولا أفطَرَ»، وهذا إخبارٌ مِن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لا أجْرَ له في صِيامِه، فكأنَّه لم يَصُمْ أصلًا، أو هو دُعاءٌ مِن النَّبيِّ -[- على مَن فعَلَ هذه الطَّريقةِ في الصِّيامِ، وتشنيعٌ عليهم؛ وذلك لأنَّ صَومَ الدَّهرِ منهيٌّ عنه، ومُخالِفٌ لسُنَّةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم -، وقد قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم كما في الصَّحيحَينِ-: «لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ... فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس منِّي». وقد وردت أحاديث في ذلك: فعن عبدالله بن الشخير - رضي الله عنه - قال: قال رَسولِ الله -صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صامَ الأبدَ فلا صامَ ولا أفطَرَ»، أخرجه ابن ماجة (1705) واللفظ له، وأخرجه النسائي (2380)، وأحمد (16308) باختلاف يسير، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَام الدَّهرَ ضُيِّقَت عليه جهنَّمُ هكذا». وعقَد تِسعينَ. رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الأرناؤوط. قال النووي -رحمه الله-: «ومعنى: «ضيقت عليه» أي: عنه، فلم يدخلها».قال ابن قدامة -رحمه الله-: «الذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام - يعني العيد والتشريق - فإنْ صامها قد فعل مُحرّما، وإنّما كره صوم الدهر لما فيه من المشقة والضّعف، وشبه التبتّل المنْهي عنه». «المغني» (3/53)، وكذا قال ابن تيمية من الحنابلة خلافا للمذهب، وهو اختيار اللجنة الدائمة للإفتاء (23/221)، وذهب ابن حزم إلى التحريم، فقال -رحمه الله-: «لا يحلّ صَومُ الدَّهر أصْلاً» انتهى. «المحلى» (4/41)..
فوائد الحديث
  • كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أعبَدَ النَّاسِ للهِ، وأحرَصَهم على مَرضاتِه، ومع هذا فقدْ علَّمَنا اليُسرَ في العبادةِ، وأخْذَ النَّفْسِ بما تَستطيعُ، وتَرْكَ التَّشديدِ عليها، فيَجمَعُ الإنسانُ بيْن دُنياهُ وآخِرتِه.
  • الإسلامُ دِينُ الوسَطيَّةِ والسَّماحةِ في كلِّ الأُمورِ، وقد حثَّ على الاقتِصاد وفِعلِ المُستطاعِ، والاقتِصادُ في العِباداتِ؛ يُبَقي بَعضُ القوَّةِ لغَيرِها.
  • أنَّ أفْضلَ صَومِ التَّطوُّع هو صَوْمُ نَبيِّ الله داوُدَ -عليه السَّلامُ.
  • وفيه: بَيانُ رِفقِ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - بأُمَّتِه، وَشَفَقَتِه عليهم، وَإِرشادِه إيَّاهُم إلى ما يُصلِحهم، وَحَثِّه إيَّاهم على ما يُطيقونَ الدَّوامَ عليه، وَنَهْيهم عَن التَّعمُّقِ في العِبادةِ؛ لما يُخْشى مِن إِفْضائِه إلى المَلَلِ والسآمة.
  • وفيه: تقديمُ الواجِبِ من حَقِّ الأهلِ وكذا الولد، على التطَوُّعِ بالصِّيامِ والقيامِ.
  • وفيه: جواز الإخبارُ عن الأعمالِ الصَّالحةِ، والأورادِ، ومحاسِنِ الأعمالِ عند أَمْنِ الرِّياءِ.
  • وفيه: تفَقُّدُ الوالِدِ أحوالَ وَلَدِه وزوجتِه في بَيتِه.
  • وفيه: استخدامُ الكناياتِ في الكلامِ عَمَّا يُستقبَحُ ذِكْرُه، في قولها: «لم يطأ لنا فراشا..».
  • وفي الحديثِ: النَّهيُ عن صيامِ الدَّهرِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 05-03-2024, 10:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

– باب: أفضلُ الصّيام صيام داود صومُ يومٍ وإفْطار يوم


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَام-، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ويَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، الحديث رواه مسلم في الصيام (2/816) في الباب السابق نفسه.
في هذا الحديثِ يُخبِرُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم - بأفضلِ كَيفيَّةٍ في قِيامِ اللَّيلِ، وصَيامِ النَّافلةِ، وهما قِيامُ نَبيِّ اللهِ داودَ عليه السَّلامُ وصَومُه؛ فأمَّا قِيامُه: فكان يَنامُ نصْفَ اللَّيلِ الأوَّلَ، ثمَّ يَقومُ ثُلثَ اللَّيلِ، ثمَّ يَنامُ سُدسَه الأخيرَ، وأمَّا صِيامُه فكان يَصومُ يَومًا ويُفطِرُ يومًا، فهذا أكثَرُ ما يكونُ القِيامُ والصِّيامُ مَحبوباً للهِ -عز وجل-، ويَنالُ به صاحبُه أعْلى الدَّرجاتِ، وإنَّما كانتْ هذه الطَّريقةُ أحَبَّ إلى اللهِ -عز وجل-؛ مِن أجْلِ الأخذِ بالرِّفقِ على النُّفوسِ الَّتي يُخشَى منها السَّآمةُ والملَلُ، والَّذي هو سَببٌ إلى تَرْكِ العِبادةِ، واللهُ يُحِبُّ أنْ يُديمَ العبدُ العبادة، ليدوم فضْل الله عليه، ويُواليَ إحسانَه إليه أبدًا، وإنَّما كان ذلك أرفَقَ؛ لأنَّ النَّومَ بعدَ القِيامِ يُريحُ البدَنَ، ويُذهِبُ ضرَرَ السَّهرِ، وذُبولَ الجِسمِ، بخِلافِ السَّهرِ إلى الصَّباحِ.

المصالح المترتبة على صيام داود
وفيه مِن المصلحةِ أيضاً: استِقبالُ صَلاةِ الصُّبحِ وأذكارِ النَّهارِ بنَشاطٍ وإقبالٍ، وأنَّه أقرَبُ إلى عدَمِ الرِّياءِ؛ لأنَّ مَن نام السُّدسَ الأخيرَ من الليل، أصبَح ظاهرَ اللَّونِ، سَليمَ القُوى؛ فهو أقربُ إلى أنْ يُخفيَ عمَلَه الماضيَ على مَن يَراهُ. وكذلك صِيامُ يَومٍ وإفطارُ يَومٍ، أفضَلُ مِن صِيامِ الدَّهرِ كلِّهِ؛ إذْ بصِيامِ الدَّهرِ يَضعُفُ البَدَنُ، ويَقصُرُ المُسلِمُ عن أداءِ الحُقوقِ لأصْحابِها، من أهلٍ وولد وضيف، وغير ذلك من الفوائد والمصالح. وأيضاً: فإنَّ سَرْدَ الصِّيامِ طَوالَ العامِ تَألَفُه النَّفْسُ وتَعْتادُه، فيَفقِدُ الصِّيامُ أثَرَهُ في تَهْذيبِ نفْسِ الصَّائمِ، أمَّا إعْطاءُ النَّفْسِ حظّها يوماً، وحِرمانُها آخَرَ، فهو أشدُّ عليها وأقْوى في تَهْذيبِها، وبذلِكَ يكونُ الصَّومُ أنفَعَ لصاحِبِه، وأحَبَّ إلى اللهِ -تعالَى. وقد بيَّنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: السَّبَبَ في تَفضيلِ صِيامِ نَبيِّ اللهِ داودَ على غَيرِه، فقالَ: «كان يَصومُ يَومًا ويُفطِرُ يَومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقَى»، كما في رِوايةِ الصَّحيحَينِ. أي: لا يَفِرُّ مِن العَدوِّ إذا لَقِيَه في الحربِ؛ لقُوَّةِ نفْسِه بما أبقَى فيها، من غَيرِ إنهاكٍ وإضعافٍ لها بصَومٍ مُستمر.

الْأَخْذ بِالرِّفْقِ لِلنَّفْسِ
قال الحافظ -رحمه الله-: «قَالَ المُهَلَّب: كَانَ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَام- يُجِمّ نَفْسه بِنَوْمٍ أَوَّل اللَّيْل، ثُمَّ يَقُوم فِي الْوَقْت الَّذِي يُنَادِي اللَّه فِيهِ: هَلْ مِنْ سَائِل فَأُعْطِيَهُ سُؤْله، ثُمَّ يَسْتَدِرْك بِالنَّوْمِ مَا يَسْتَرِيح بِهِ مِنْ نَصَب القِيَام فِي بَقِيَّة اللَّيْل. وإِنَّمَا صَارَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَة أَحَبّ مِنْ أَجْل الْأَخْذ بِالرِّفْقِ لِلنَّفْسِ الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا السَّآمَة، وقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّه لَا يَمَلّ حَتَّى تَمَلُّوا». واَللَّه أَحَبَّ أَنْ يُدِيم فَضْله ويُوَالِي إِحْسَانه، وإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَرْفَق؛ لِأَنَّ النَّوْم بَعْد الْقِيَام يُرِيح الْبَدَن وَيُذْهِب ضَرَر السَّهَر، ودُبُول الجِسْم بِخِلَافِ السَّهَر، إِلَى الصَّبَاح، وفِيهِ مِنْ المَصْلَحَة أَيْضاً: اِسْتِقْبَال صَلَاة الصُّبْح وَأَذْكَار النَّهَار؛ بِنَشَاطٍ وإِقْبَال، وأَنَّهُ أَقْرَب إِلَى عَدَم الرِّيَاء، لِأَنَّ مَنْ نَامَ السُّدُس الْأَخِير، أَصْبَحَ ظَاهِر اللَّوْن، سَلِيم القُوَى، فَهُوَ أَقْرَب إِلَى أَنْ يُخْفِي عَمَله الْمَاضِي عَلَى مَنْ يَرَاهُ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْن دَقِيق العِيد». انتهى. وقال الإمامُ ابنُ القيم -رحمه الله-: «وهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ أَحَبّ إِلَى اللَّه؛ لِأَجْلِ هَذَا الوَصْف، وَهُوَ مَا يَتَخَلَّل الصِّيَام والقِيَام، مِنْ الرَّاحَة الَتِي تجمّ بها نَفْسه، ويَسْتَعِين بِهَا علَى القِيَام بِالحُقُوقِ». «تهذيب سنن أبي داود» (1 /475).

فوائد الحديث
  • الاقتداءُ بالأنبياءِ قبْلَ نبيِّنا مُحمَّدٍ -عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- في العِباداتِ، كما قال -تعالى-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: 90).
  • وفيه: الحَثُّ على قِيامِ اللَّيلِ، وصِيامِ التَّطوُّعِ.
  • وفيه: أنَّ صَومَ يَومٍ وفِطرَ يَومٍ أحَبُّ إلى اللهِ -تعالَى- مِن غَيرِه، وإنْ كان أكثَرَ منه.
  • وأنّ الإقبال على اللهِ -عزَّوجلَّ- بالعمَلِ الصالحِ، والاجتِهادِ في العِبادةِ باللَّيلِ والنَّهارِ، سَمْتُ الصالحينَ الأبرارِ، وقد وجَّهَ النبيُّ -[- أُمَّتَه لأخْذِ النَّفْسِ بما تُطيقُ، وكان أنبياءُ اللهِ همُ القُدوة في هذا الشَّأنِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 05-03-2024, 10:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم


شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم

الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

– باب: مَنْ يُصْبِح صَائماً تطوّعاً ثمَّ يُفْطر


عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ»، ثُمَّ أَتَانَا يَوْماً آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: «أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِماً، فَأَكَلَ».، الحديث رواه مسلم في الصيام (2/808) باب: جواز صوم النافلة بنيةٍ مِنَ النّهار قبل الزّوال، وجواز فِطر الصّائم نفلاً منْ غير عُذر، والحديث من أفراد مسلم -رحمه الله.
تقول أمُّ المُؤمنينَ عائشةُ -رضي الله عنها-: إنَّ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَألها ذاتَ يومٍ، وهو في بيتِها صباحاً، كما في رِوايةٍ للنَّسائيِّ، فقال: «يا عائشةُ، هلْ عندَكم شَيءٌ؟» يَقصِدُ طَعاماً يَأكُلُه؛ فأَجابتْه بأنَّه لا طَعامَ عِندَها، فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عاقِدًا الصَّومَ: «فإِنِّي إذن صائمٌ»، أي: فإنِّي صائمٌ ومُمسِكٌ عنِ الطَّعامِ.
مَشروعيَّة عقْدِ نِيَّةِ صِيامِ النَّفلِ في النَّهارِ
وهذا يدُلُّ: على مَشروعيَّةِ عقْدِ نِيَّةِ صِيامِ النَّفلِ في النَّهارِ، لمَن لم يَأكُلْ أو يَشرَبْ شيئًا منذُ أذانِ الفجر. وهو مذهب الجمهور، أنّ صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل زوال الشمس. قالت عائشة -رضي الله عنها-: ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: «أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِماً؛ فَأَكَلَ». والحيس: بفتح الحاء المهملة، هو التّمر مع السّمن والأقط «اللَّبَنُ المُجفَّفُ». وقيل: يُضافُ إليه الدَّقيقُ. وقال الهروي: ثريدة من أخلاط، والأول هو المَشهور. فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا جاء إلى بَيتِ أُمِّ المُؤمنينَ عائشةَ -رضي الله عنها- أَخبرتْه بذلكَ، وأنَّها أخْفَت له جُزءاً مِن الطَّعامِ ليَأكُلَه؛ لِعِلْمِها بأنَّه كان يُريدُ أن يَأكُلَ.
تأويلٌ فاسد وتكلّفٌ بعيد
قال النّووي: ويتأوله الآخرون على أنَّ سُؤاله - صلى الله عليه وسلم -: «هلْ عِنْدكم شيء؟» لكونه ضَعُف عن الصّوم، وكان نواه مِنَ الليل، فأراد الفِطْر للضّعف، وهذا تأويلٌ فاسد، وتكلّفٌ بعيد، وفي الرواية الثانية التّصريح بالدلالة لمذهب الشافعي وموافقيه، في أنَّ صومَ النافلة يجوز قطعه، والأكل في أثناء النّهار، ويبطل الصّوم، لأنه نَفْلٌ، فهو إلى خيرةِ الإنْسَان في الابتداء، وكذا في الدوام. قال: وممّن قال بهذا: جماعةٌ من الصحابة، وأحمد وإسحاق وآخرون، ولكنّهم كلهم والشافعي معهم متفقون على اسْتِحباب إتمامه. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز قطعه ويأثم بذلك، وبه قال الحسن البصري ومكحول والنخعي، وأوجبوا قضاءه على مَنْ أفطر بلا عذر، قال ابنُ عبد البر: وأجمعوا على ألا قضاء على من أفطره بعذر. والله أعلم. انتهى.
الصّائمُ المُتطَوّع أميرُ نَفْسِه
وأيضاً: يدلُّ لصحّة قول الجمهور: قول النّبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصّائمُ المُتطَوّع أميرُ نَفْسِه، إنْ شَاءَ صامَ، وإنْ شَاءَ أفْطَر». حديث صحيح، رواه أحمد والترمذي، عن أم هانئ -رضي الله عنها. - وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دُعِيَ أحَدُكم إلى طَعامٍ فَلْيُجبْ، فإنْ كانَ مُفْطراً فليأكل، وإنْ كانَ صَائماً فليُصَلّ». أي: فليَدع. أخرجه أحمد ومسلم عن أبي هريرة.

الفَرْض لا يجوز الخروج منه
قال الحافظ النووي رحمه الله: إنْ كان صومُه فرضاً؛ لمْ يَجُزْ له الأكل، لأنّ الفَرْض لا يجوز الخروج منه، وإنْ كان نفلاً، جازَ الفِطْرُ وتركه، فإنْ كان يَشُقُّ على صاحب الطعام صومه فالأفْضلُ الفطر، وإلا فإتمام الصوم. انتهى. وفي رواية لمسلم: قالَ طَلْحَةُ: فَحَدَّثْتُ مُجَاهِدًا بهذا الحَديثِ، فَقالَ: ذَاكَ بمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ مِن مَالِهِ، فإنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وإنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا. يقول طَلحةُ بنُ يَحيى الرَّاوي عن عائشةَ بنتِ طَلْحةَ: فحَدَّثتُ مُجاهدَ بنَ جَبرٍ المكِّيَّ، الإمامَ الحُجَّةَ بهذا الحَديثِ الَّذي حَّدَثَته عائشةُ بنتُ طَلحةَ، فَقال: ذاكَ بمَنزلةِ الرَّجلِ يُخرِجُ الصَّدقةَ مِن مالِه؛ فإنْ شاءَ أَمْضاها، وإِن شاءَ أَمْسكَها. أي: فَعَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلكَ؛ لأنَّ لَه حُرِّيَّةَ الاختِيارِ في التَّطوُّعِ، وهوَ بمَنزلةِ الرَّجلِ الَّذي يَنْوي أنْ يُخرِجَ الصَّدقةَ مِن مالِه؛ فإنْ شاءَ أَنفذَها وأَعطاها لِمن كانَ يَنوي أنْ يُعطيَها لَه، وَإن أَرادَ أَمسَكَها ومَنَعها وَلم يُخرِجْها.

فوائد الحديث
1- إفطارُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صِيامِ التَّطوُّعِ في أيِّ وَقتٍ مِن اليَومِ. 2- والحَديثُ يُوضِّحُ جانباً مِن هَديِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في عَقدِه الصِّيامَ إذا لم يَجِدْ طعاماً في بيته، وفي إفطارِه إذا وَجَدَ الطَّعامَ، وهذا مِن يسر الإسلامِ وعَدمِ تَشدُّدِه، وتَعليمٌ مِن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - للمُسلِمينَ لِيقتَدوا بهِ. 3- وفيه: ما كان عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن التَّقلُّلِ مِن الدُّنيا؛ زُهداً في مَلذَّاتِها الفانيةِ، وإيثاراً لِما عندَ اللهِ مِن نَعيمِ الآخرةِ. 4- وفيه: أنَّ مَن أخرَجَ شيئًا مِن مالِه للتَّصدُّقِ به، ثمَّ بَدا له ألَّا يَتصدَّقَ؛ فله ذلك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 154.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 149.38 كيلو بايت... تم توفير 5.58 كيلو بايت...بمعدل (3.60%)]