خطورة القول بلا علم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853520 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388636 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 214066 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-02-2021, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي خطورة القول بلا علم

خطورة القول بلا علم
د. سعود بن غندور الميموني





الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ بفضلِهِ، ويُذِلُّ مَن يشَاءُ بِعدْلِهِ، وأشْهدُ أنَّ محمَّدًا عَبدُهُ ورسُولُهُ صلَّى اللهُ عليهِ في الأوَّلينَ، وصلَّى اللهُ عليهِ فِي الآخِرِينَ، وصلَّى اللهُ عليهِ فِي الملإِ الأَعلَى إِلى يومِ الدِّينِ... أمَّا بَعدُ:
فاتَّقُوا اللهَ -عبادَ اللهِ- واعْلَمُوا أنَّهُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُحْسِنَ اغْتِنَامَ الْمَوَاسِمِ الْفَاضِلَةِ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي أَنْوَاعِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لا سِيَّمَا في هذِه الأَيامِ المبارَكَاتِ أَيَّامِ شَهرِ شَعبَانَ، فَإِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفْحَاتٍ، وَالسَّعِيدُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا، وَاغْتِنَامُ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ هُوَ تَوْفِيقٌ مِنَ اللهِ لِلْعَبْدِ وَمِنَّةٌ عَلَيهِ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذِهِ الْمَوَاسِمَ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ نَفَسُهُ وَتَسْكُنَ جَوَارِحُهُ:
تَزَوَّدْ قَرِينًا مِنْ فِعَالِكَ إنَمَّا
قَرِينُ الْفَتَى فِي الْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُ

فَلَنْ يَصْحَبَ الْإِنْسَانَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ
إِلَى قَبْرِهِ إلاَّ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ


عِبَادَ اللهِ... لَقَدْ أَشْرَقَتْ شَمْسُ الإِسْلامِ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا فِي جَاهِلِيَّةٍ عَمْيَاءَ، كَانُوا يَعْبُدُونَ الصَّنَمَ مِنَ الْحَجَرِ، وَيَصْنَعُ أحَدُهُمْ مَعْبُودَهُ مِنَ الْحَلْوَى فَإِذَا جَاعَ أَكَلَهَا، وَتُولَدُ لِلرَّجُلِ البِنْتُ مِنْ لَحْمِهِ وَدَمِهِ فَيَدْفِنُهَا فِي التُّرَابِ خَشْيَةَ الْعَارِ، فَضْلاً عَنِ الظُّلْمِ الَّذِي كَانَ يَقَعُ عَلَى النِّساءِ وَالضُّعفَاءِ وَالْيَتَامَى وَالْمسَاكينِ، حَتَّى كَانَ شِعَارُ الْجَاهِلِيَّةِ "مَنْ لَا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَم".. أَشْرَقَتْ شَمْسُ الْإِسْلامِ عَلَى مُجْتَمَعٍ هَكَذَا؛ فَمَحَتْ مِنْه آثَارَ الظُّلْمِ وَالْجَاهِلِيَّةِ..


وَكَانَتْ الْأدَاةُ فِي ذَلِكَ هِي نُورُ الرِّسَالَةِ، وَعَنْدَمَا نَتَكَلَّمُ عَنِ الرِّسَالَةِ الْإلَهِيَّةِ التِي نَزَلَتْ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّنَا نَتَكَلَّمُ عَنْ غِذَاءِ الْأَرْواحِ وَنَبْضِ الْقُلُوبِ أَلَا وَهُوَ "الْعِلْمُ"، وَمَا أَدْرَاكُمْ مَا الْعِلْمُ، إِنَّه نُورُ الدُّنْيا وَحَيَاتُهَا، وَغِذَاءُ الأَرْوَاحِ وَلُبُّهَا، وَصَانِعُ الأُمَمِ وَرَافِعُهَا، لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أنْ يَطَلُبَ الزِّيادَةِ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ مِنَ الْعِلْمِ، فَقَالَ سُبْحَانَه لَهُ آمِراً: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾.. وعلَى هذَا كَانتْ مَكانَةُ الْعِلْمِ في الإسلامِ لا تُضَاهَى، وفَضيلةُ العُلماءِ لا تُبَارَى، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ" رواهُ أَصحابُ السُّنَنِ.


وعَلَى العَكْسِ أَيضاً.. كَانتْ خُطُورةُ التَّعَالُمِ والقَولِ علَى اللهِ بِلا عِلمٍ مِن أَشَدِّ الذُّنوبِ وأَكبَرِ السَّيئاتِ؛ قَالَ تعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.. قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحمه اللهُ مفسراً لهذِه الآيةِ: "رَتَّبَ (سبحانَهُ) الْمُحَرَّمَاتِ أَرْبَعَ مَرَاتِبَ، وَبَدَأَ بِأَسْهَلِهَا وَهُوَ الْفَوَاحِشُ، ثُمَّ ثَنَّى بِمَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ وَهُوَ الْإِثْمُ وَالظُّلْمُ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ تَحْرِيمًا مِنْهُمَا وَهُوَ الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ رَبَّعَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ بِلَا عِلْمٍ، وَهَذَا يَعُمُّ الْقَوْلَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِلَا عِلْمٍ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَفِي دِينِهِ وَشَرْعِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فَتَقَدَّمَ إلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ بِالْوَعِيدِ عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِهِ، وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ إلَّا بِمَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَحَلَّهُ وَحَرَّمَهُ" انتَهَى كلامُهُ.


عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّ الْكَلاَمَ عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ هُوَ أَصْلُ الشِّركِ وَالْكُفْرَانِ، وَأَسَاسُ الْبِدَعِ وَالْعِصْيَانِ، وَها نَحْنُ نَرَى مِنْ بَعْضِ النَّاسِ جُرْأَةً عَلَى التَّوْقِيعِ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَجُرْأَةً فِي الْكَلاَمِ فِي دِينِ اللهِ فِي مُدْلَهِمِّ الْمَسَائِلِ وَخَطِيرِ الْقَضَايَا، رَأَيْنَا شَيئاً يَغِيظُ الْمُؤْمِنِينَ..


إنكَ لَتَعْجَبُ عِنْدَمَا تَجِدُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ أَحْكَامَ الطَّهَارَةِ وَالصَّلاَةِ ثُمَّ تَجِدُهُ يَتَكَلَّمُ فِي مَسَائِلَ لَوْ عُرِضَتْ عَلَى أَبِي بِكْرٍ أَوْ عُمَرَ لَجَمَعَ لَهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، لَكِنَّكَ تَجِدُ هَذَا الْمُسْتَخِفَّ بَدِينِ اللَّهِ يَتَكَلَّمُ وَكَأَنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَيهِ.. بِكُلِّ ثِقَةٍ يَتَكَلَّمُ وَكَأَنَّه جَمَعَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ والآخِرِينَ.. تَرَاهُ قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ عَالِماً ومُفتِياً في مِسائِلَ عَظيمةٍ وأُمُورٍ كَبيرةٍ، كمَسائلِ الوَلاءِ والبَراءِ والحِجَابِ، والموسِيقَى والغِناءِ والسِّينِما، يَتحدَّثُ كَأنَّمَا قَد قَرأَ السُّنةَ كُلَّهَا، فكَمْ قَرَأَ مِنَ السُّنَّةِ؟ وهل اطَّلعَ على تَفَاسِيرِ الصَّحابةِ والسَّلفِ وفَهِمَهَا؟ لَيتَهُ يُخْبِرُنَا: هَلْ عَرَفَ العَامَّ مِنَ الخَاصِّ؟ هَلْ عَرَفَ الْمُطْلقَ مِنَ المُقَيَّدِ؟ هَلْ عَرَفَ الْمُجْمَلَ مِنَ الْمُبَيَّنِ؟ هَلْ عَرَفَ الظَّاهِرَ مِنَ الْمُؤوَّلِ؟ لَيتَ شِعْرِي.. هَلْ عَرفَ الصَّحيحِ مِنَ السَّقيمِ، هَلْ عَرَفَ الْمُتَّصِلَ مِنَ الْمُنْقَطِعِ؟ هَلْ عَرَفَ الْمَحفُوظَ مِنَ الشَّاذِّ؟!!


لَقدْ صَدَقَ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ قَوْلُ ابْنُ الْقَيِّمِ:
مُتَفَيْهِقٌ مُتَشَدِّقٌ مُتَضَلِّعٌ
بالجَهلِ ذُو ضَلْعٍ مِنَ الْعِرْفَانِ

مُزْجَى البِضَاعةِ في العُلُومِ وإنَّهُ
زَاجٍ مِنَ الإِيهَامِ والْهَذَيَانِ

عَجَّتْ فُرُوجُ الْخَلقِ ثُمَّ دِمَاؤُهُمْ
وحُقُوقُهُمْ.. مِنهُ إلى الدَّيَّانِ


أيهَا المسلمونَ... مَا أَسوأَ أَنْ تَرَى خَوَّاضاً مُنَازِلاً في حَلائِبِ العِلْمِ وهُوُ عَنِ العِلمِ غَافِلٌ، وبالكتابِ والسُّنَّةِ جَاهِلٌ، يَظُنُّ بَعقلِهِ أنَّ مجرَّدَ الحَمَاسِ للدِّينِ يُجِيزُ له الكَلامَ بغَيرِ عِلمٍ! بل هُوَ حَرامٌ عليهِ وحَرامٌ على كلِّ امْرِئٍ أنْ يتَحَدَّثَ في دِينِ اللهِ بغَيرِ عِلمٍ ولَوْ زَعَمَ أنَّهُ يُدَافِعُ عَنِ الدِّينِ!


تَجِدُ الوَاحِدُ مِن هَؤلاءِ يَتحَدَّثُ ولاَ يَرَى عَواقِبَ قَوْلِهِ، يتَحَدَّثُ ولا يَخَافُ أنَّهُ قَالَ عَلَى اللهِ بغَيرِ عِلمٍ! أَلاَ فبُعْداً لهؤلاءِ الأَمواتِ! أَلاَ يتَّعِظونَ؟ ألاَ يَعلَمُونَ أَنَّهُم مَوقُوفُونَ ليومٍ عَظِيمٍ! ألاَ يَعلَمُونَ أَنَّ رُبَّ كَلِمةٍ يَقولُهَا أَحَدُهُم تَهوِي بهِ في النَّارِ سَبعِينَ خَرِيفاً، كمَا قَالَ نَبيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم.
قَدِّرْ لِرِجْلِكَ قَبلَ الخَطْوِ مَوضِعَهَا
فمَنْ عَلاَ زَلَقاً عَن غِرَّةٍ زَلَجَا

وَلاَ يُغَرَّنْكَ صَفْوٌ أَنْتَ شَارِبُهُ
فَرُبَّمَا كَانَ بالتَّكدِيرِ مُمْتَزِجَا


أيها الموحِّدونَ.. إنَّ الكلامَ في دِينِ اللهِ إنَّمَا يَكونُ بضَوابِطَ شَرعِيَّةٍ لا يجوزُ للمُسلمِ أنْ يَتَجَاوَزَهَا، ألاَ يَعلَمُ ذَلكَ الرَّجُلُ أنَّ كِبارَ الصَّحابةِ والعُلماءِ تَورَّعُوا عَنِ الفُتْيَا في دِينِ اللهِ خَوفاً مِنَ الوقُوعِ فيمَا حَذَّرَ اللهُ مِنهُ مِنَ القَولِ بِلا عِلمٍ، روى الطَّبَرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيُ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ فَقَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: لَعَمْرُكَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ يَا عُمَرُ".


وفي مُسنَدِ ابنِ المُبَارَكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي اللهُ عنه سَنَةً، مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِيهَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ فذَكَرَ فِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَعَلاَهُ كَرْبٌ شَدِيدٌ حَتَّى رَأَيْتُ الْعَرَقَ يَحْدِرُ عَنْ جَبْهَتِهِ..


عَرَقٌ وخَوفٌ وهُو يُحدِّثُ عَن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَشيةَ أَنْ يُخطِئَ عَليهِ. بَلْ كانُوا يُمْسِكُونَ عَنِ التَحْدِيثِ أَصلاً خَوفاً مِن ذَلكَ؛ رَوَى ابنُ مَاجَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي اللهُ عنه: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "كَبِرْنَا وَنَسِينَا، وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَدِيدٌ!".


وهذَا الإمامُ مَالكٍ رحمه اللهُ يُسْأَلُ عَن أَربعِينَ مَسألةٍ، فَأجَابَ في أربعةٍ مِنهَا، وقال في سِتٍّ وثَلاثينَ مَسألةٍ: (لاَ أَدْرِي)، فَتعَجَّبَ السَّائِلُ وقالَ: مَاذا أَقولُ للنَّاسِ؟! أَأَقولُ لَهم مَالِكٌ لاَ يَدْرِي؟! ومَنْ يَدرِي إذَا لَم يَدْرِ مَالِكٌ؟! فقالَ لَه الإمامُ مَالكٌ: (نعَم، لاَ أدرِي وأَخبِرِ النَّاسَ أنَّ مَالِكاً لا يَدرِي).. فَنِعْمَ الأَدبُ معَ كَلامِ اللهِ ورسُولِهِ.


فلْنَتَّقِ اللهَ - عبادَ اللهِ - ولْنَحْرِصْ على التَّحَرِّي في القَولِ والعَمَلِ، بلْ يَجِبُ ألاَّ نَسمَعَ إلاَّ لَمَنْ نَثِقُ في دِينِهِ ودِيانَتِهِ وعِلْمِهِ مِمَّنْ شُهِدَ لَهُمْ بالعِلْمِ والعَمَلِ.
نسألُ اللهَ سُبحانهُ وتَعَالى أَنْ يُبَصِّرَنَا في أُمورِ دِينِنَا إنَّه عَلَى كلِّ شيءٍ قَديرٌ.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، جَلَّ شَأْنُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُهُ وَلَا إلَهَ غَيْرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم.. أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللَّهِ... إنَّه مِنَ الوَاجِبِ عَلينَا في هذِه الأَيَّامِ التي وَقَعَتْ فِيهَا الْفِتنُ في بَعضِ بِلادِ المسلِمِينَ -والَّتِي تَتبَعُهَا بَلادٌ أُخرَى علَى نَفسِ الِمنوَالِ- مِنَ الوَاجبِ علينَا أَنْ نَتَّبِعَ العُلماءَ الرَّبانِيينَ الذينَ يَقومُونَ بالحَقِّ ولا يُمَيِّعُونَهُ. ولْنَعْلَمْ.. أنَّ العِلْمَ والفَتَاوَى لاَ يُؤخَذَانِ مِنْ مَواقِعِ التَّواصُلِ أَو مِن أَفْوَاهِ المُغَرِّدِينَ والمغَرِّدَاتِ، وإنَّمَا الدِّينُ كِتابٌ وسُنَّةٌ، طُرُقُهُ مَعروفَةٌ وعُلمَاؤهُ مَعروفُونَ.
علينَا أنْ نَحتَاطَ لِدِينِنَا كمَا نَحتَاطُ لِدُنْيَانَا.


ولْنَتَذَكَّرْ دَائِماً أنَّ الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقعَ في الحَرامِ..
فخُذْ مِنَ الحَلالِ مَا تَيَقَّنْتَ، ودَعْ مَا عَلِمتَ حُرْمَتَهُ، ومَا اشْتَبَهَ عَليكَ فدَعْهُ ورُدَّهُ إلى أهلِ العِلمِ العَارِفِينَ بكتابِ اللهِ وسنَّةِ رَسولِهِ صلى الله عليه وسلم.


عِبادَ اللهِ.. أَلا وإنَّ المسلِمَ مَأمُورٌ بالإِيجابيَّةِ في حَياتِه، فالمُسلمونَ لا يَعرفونَ السلبيَّةَ ولا السُّكوتَ، أو الرِّضَا بالبَاطِلِ، وإنَّما يَجبُ على كُلِّ مُسلِمٍ أن يَكونَ إِيجابِيًّا آمِرًا بالمعرُوفِ نَاهِيًا عَن المنكَرِ علَى قَدرِ استِطاعَتِهِ كمَا جاءَ في كلامِ خَيرِ البشَريَّةِ صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ" رواه مسلمٌ.. فَمَنْ أَنْكَرَ بِيدِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ -مُلْتَزِمًا الضَّوَابِطَ الشَّرْعِيَّةَ- فَقَدْ سَلِمَ وَأَدَّى مَا عَلَيهِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُنْكِرَ بِقَلْبِهِ فَلَا يَرْضَى؛ فَصُمُودُ الْإِنْكارِ الْقَلْبِيِ هُوَ آخِرُ حَلبَاتِ الْمُجَاهَدَةِ فَإِيَّاكَ أَنْ يُسْرَقَ مِنْكَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا عَدُوَّا الْحَرامَ حَرامًا وَإِنَّ ضَعُفُوا مَعَهُ. نسألُ اللهَ أَنْ يُوفِّقَنَا لِمَا يُحبُّ ويَرضَى.


اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.
اللهمَّ وَفِّقْ ولي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بناصيته لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.
اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي مَشَارِقِ الأَرضِ ومَغَارِبِهَا، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وأَنْتَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.03 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]