|
|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الكفاءة وتكييفها الفقهي في عقد النكاح
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: الكفاءة وتكييفها الفقهي في عقد النكاح
ثانياً: مناقشة أدلة الفريق الثاني القائلين بعدم اشتراط الكفاءة: 1-و أمّا الآيات التي استدلوا بها و التي تنفي التفاضل بين الناس، و كذا حديث: "لا فضل لعربي على عجمي.... " فإنّ المراد بها أحكام الآخرة، و منع التفاضـل الوارد بها إنّما يرجـع لما يتعلق بأمور الدين و النظام العام في الحقوق و الواجبات، أمّا مايتعلق بالصفات الشخصية فالنّاس يتفاوتون بلا شك [60]. و هذا ماذكره الكاساني في بدائع الصنائع حيث قال: " و أمّا الحديث ليس لعربي على عجمي... فالمراد به أحكام الآخرة، إذ لايمكن حمله على أحكام الدنيا فيحمل على الآخرة و به نقول "[61]. 2-و أما بقية الأحاديث الواردة في زواج العديد من الصحابة من نساء لسنَ بكفؤ لهنّ كبلال و المقداد و سالم مولى أبي حذيفة، و كذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة بن زيد، فإنّما تحمل على أحد الأمور التالية [62]: الأول: أنّه من باب الندب إلى الأفضل، و هو اختيار الدين و ترك الكفاءة فيما سواه و الاقتصار عليه، و هذا لا يمنع جواز الامتناع إن لم تتوفر باقي خصال الكفاءة. الثاني: أنّه كان من باب الخصوصية لهم، كما خصّ - صلى الله عليه وسلم - أبا طيبة بالتمكين من شرب دمه - صلى الله عليه وسلم -، وخصّ خزيمة بقبول شهادته وحده، ونحو ذلك. الثالث: أنّه ليس في هذه الأحاديث دليل على عدم اشتراط الكفاءة لأنّ رضا الزوجة و أوليائها يسقط الكفاءة، و ليس في الأدلة ما يثبت أنّ هذه الزيجات تمّت دون موافقة الزوجة و أوليائها حتى نستدل بها على عدم اشتراط الكفاءة. 3-و أمّا قياسهم الزواج على مسائل الجنايات و القصاص فهو غير سديد لأنّ القصاص شرع لمصلحة الحياة و اعتبار الكفاءة في القصاص يؤدي إلى تفويت هذه المصلحة، لأننا لو اشترطناها هنا لقام كل شخص بقتل من لا يكافئه فتفوت المصلحة من القصاص وهي حفظ الحياة. وأما اشتراط الكفاءة في عقد النكاح ففيه حفظ لمصلحة عقد النكاح المطلوبة شرعاً[63]. ثالثاً: الترجيح: و مما سبق من مناقشة أدلة كلٍّ من الفريقين يظهر ترجيح قول الجمهور الذين اعتبروا الكفاءة شرطاً في عقد النكاح، وذلك للأسباب التالية: 1-تعدد الأدلة التي استندوا إليها، و هي و إن كانت ضعيفة إلاّ أنّ ضعفها يتقوى بتعددها، مما يرجح قبول المعنى الذي وردت به، و هو اشتراط الكفاءة، و في هذا يقول ابن الكمال: " هذه الأحاديث الضعيفة من طرق عديدة يُقوِّي بعضها بعضاً، فتصبح حجة بالتضافر و الشواهد، و ترتفع إلى مرتبة الحسن لحصول الظن بصحة المعنى، و ثبوته عنه - صلى الله عليه وسلم - و في هذا كفاية[64]. و يقول أ. د. نور الدين عتر: " و قد اتفق جمهور الفقهاء على مراعاة الكفاءة و أنّها شـرط في لزوم الزواج، و منهم المذاهب الأربعة للأدلة المتضافرة "[65]. 2- ورود حديث بريرة في الباب، و هو حديث صحيح يشهد لاشتراط الكفاءة، بل هو أصـح شيء ورد في باب الكفـاءة كما نُقـِل عن الشافعي، و تخيير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها بعد عتقها في زوجها العبد يدل على اعتبار الكفاءة إذ الحرية إحدى خصالها. و مما يؤيد هذا الحديث أيضاً حديث عبد الله بن بريدة في المرأة التي جاءت تشتكي والدها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تزويجها من ابن عمّ لها، وذكرت أنّه لم يكن كفؤاً لها بدليل قولهـا: " ليرفع بي خسيسته " فجعـل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمر إليها. و هذا الحديث أخرجه ابن ماجه و ذكر أنّ رجاله رجال الصحيح كما سبق. 3-ماذكره الإمام الكاساني من أنّ المصلحة تدعونا إلى اشتراط الكفاءة، و ذلك لأنّ مصالح النكاح تختل عند عدم الكفاءة، و هذا أمر واقع ملموس في زماننا هذا، فالملاحظ أنّ الحياة الزوجية مع وجود الكفاءة بين الزوجين غالباً ما تكون أنجح و أفضل، كما أنّ التفاوت الكبير بينهما كثيراً ما يكون سبباً للشقاق و النفرة بينهما، و تعيير كلٍّ منهما بما يفضل به صاحبه، و خاصة في زماننا هذا حيث خفَّ الوازع الديني و التقوى عند كثير من الناس، و مال الناس بحياتهم إلى الجوانب المادية، واتّجه عرفهم لتخّير الأكفاء لبناتهم بعد أن تعددت جوانب الكفاءة هذه بانتشار العلم و الشهادات الجامعية و الوظائف بين الفتيات، إضافة إلى التفاوت في العوائل و المدن والبيئات. و ملّخص الكلام أنّ أهم ما دعى جمهور الفقهاء إلى اشتراطها هو تحقيق مقصد الشارع في استقرار الحياة الزوجية، و قيامها على أساس من التفاهم والانسجام بين الزوجين و هذان من المصالح المعتبرة شرعاً. يقول ابن مازه في المحيط البرهاني: " و الحكمة في اشتراطها تحقيق ما هو المقصود من النكاح و هو السكنى و الازدواج "[66]. 4-لا يقال إنّ اشتراط الكفاءة ينافي المساواة بين الناس التي دعا إليها الإسلام، لأنّ المساواة التي أمر بها الإسلام هي المساواة في الحقوق و الواجبات و العقوبات لا في الاعتبارات الشخصية التي تقوم على أعراف النّاس و عاداتهم، و قد نصّت الآيات القرآنية على أنّ الله فضّل بعض الناس على بعضهم في الرزق، و في العلم، قال - تعالى -: {و الله فضّل بعضكم على بعض في الرزق} (النحل: 71). و قال: {يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة: 11). و الشريعة لا تتجاهل الفطرة السليمة و الأعراف التي لا تصادم النصوص الشرعية أو تخالف مبادئ الدين، و منها التفاضل بين الناس في أمورهم الشخصية و اعتباراتهم الدنيوية [67]، و الله أعلم. -------------------------------- [1] أبو جيب، القاضي سعدي، القاموس الفقهي مادة (نكح). [2] الزمخشري، أبو القاسم، محمود بن عمر، أساس البلاغة / 546/ - الرازي، محـمد بن أبي بكر، مختار الصحاح / 572-573/ - الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1/ 26/ - نعمة، أنطون، المنجد / 1237/. [3] أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود، كتـاب الجهاد، باب السرية ترد على أهل العسكر [3/8-ح2751] النسائي، عبد الرحمن بن أحمد بن شعـيب، المجتبـى " السنـن الصغرى " كتاب الجـهاد، باب سـقوط القـود من المسـلم للكـافر[8/24-ح 4746]. [4] ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم بن محمد، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 3/ 137- ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار " حاشية ابن عابدين 3/84. [5] الخطيب الشربيني،، شمس الدين محمد بن محمد، مغني المحتاج 4/272. [6] الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات، /185/. [7] عكر الشيء أي صيّره عكراً، بمعنى أزال صفاءه و حرم نتيجة مبهجة، و المراد أنّه يزيل صفاء الحياة الزوجية. المنجد /1005/ مادة عكر [8] الصابوني، د عبد الرحمن الأحوال الشخصية 1/197. [9] القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن 3/72. ابن قدامة، المغني 7/363. [10] ابن نجيم، البحر الرائق 2/137- الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي، تبيين الحقائق 2/128. [11] الدسوقي، محمد بن أحمد بن عرفة، حاشية الدسوقي 3/58. [12] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج 3/164. [13] ابن قدامة المقدسي، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد، المغني مع الشرح الكبير 7/372- ابن ضويان، ابراهيم بن محمد بن سالم، منار السبيل 2/158. [14] الشرط: هو القسم الثاني من أقسام الحكم الوضعي، و هو: مايلزم من عدمه العدم، و لايلزم من وجوده وجود و لاعدم، ويكون خارخاً عن ماهية الشيء كالوضوء شرط لصحة الصلاة. الخن، د. مصطفى، الكافي الوافي /52/. [15] ابن حزم الظاهري، محمد علي بن أحمد بن سعيد، المحلّى بالآثار 10/151. [16] ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار 2/318- الكمال بن الهمام، محمد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير 3/293- الـكاســاني، علاء الدين أبي بكر بن مسعود، بدائع الصنائع 2/317- الزيلعي، تبيين الحقائق 2/128. [17] نسبة إلى الزنج، و هو جبل من السودان، معجم الصحاح /459/ مادة زنج [18] الدار قطني، علي بن عمر الدار قطني، سنن الدار قطني، كتاب النكاح، باب المهر [3/245- ح 11] البيهقي، أبي بكر أحمد بن الحسن بن علي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب اعتبار الكفاءة [10/343-ح 14063]. [19] الترمذي، أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل [1/320 ح 171]. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، كتاب النكاح [2/835- ح 2734] وقال عنه حديث غريب صحيح و لم يخرجاه. البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب اعتبار الكفاءة [10/342-ح 14059]. [20] ابن ماجه، سنن ابن ماجه، كتاب النكاح، باب الأكفاء [1/633 ح 1968] الحاكم، المستدرك على الصحيحين، كتاب النكاح [2/ 835 ح 2735] الدار قطني، سنن الدار قطني، كتاب النكاح، باب المهر [3/299 ح 98] من رواية الأشجّ. [21] البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب اعتبار الصفة في الكفاءة [10/346 ح- 14072]. [22] العتق: قوة حكمية يصير بها العبد أهلاً للتصرفات الشرعية. الجرجاني، التعريفات /224 /. [23] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الحرة تحت العبد [5/1959 ح- 4809] مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري، صحيح مسلم، كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق [2/1143- ح 1504] البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب اعتبار الكفاءة [10/341-ح 14058]. [24] الخسيس الدني، و رفعت من خسيسته إذا فعلت به فعلاً يكون فيه رفعته. معجم الصحاح /295/ مادة خسس. [25] النسائي: سنن النسائي، كتاب النكاح، باب البكر يزوجها أبوها و هي كارهة [6/ 86 ح- 3269]. أحمد: الإمام أحمد بن حنبل، المسند [6/136 ح- 25087] عن عبد الله بن بريدة. ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، كتاب النكاح، باب من زوّج ابنته و هي كارهة [1/602 ح 1874]. الدار قطني، سنن الدار قطني، كتاب النكاح [3/232 ح 45]. [26] الشوكاني، محمد علي محمد، نيل الأوطار، 6/145 [27] ابن أبي شيبة، أبو بكر عبد الله بن محمد، المصنف، كتاب النكاح، باب ما قالوا في تزويج الأبكار [4/52 ح269] عبد الرزاق، أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، مصنف عبد الرزاق، كتاب النكاح، باب في الأكفاء [6/102 ح10324]. [28] الصابوني، شرح الأحوال الشخصية السوري، 1/198 [29] الاستفراش، استفعل من فرش، أي بسط على الأرض بمعنى مدّ، و المراد أنها تأبى أن تكون فراشاً لغير الكفء. ينظر المنجد /1085 / مادة فرش. [30] نكفتُ عن الشيء، أي عدلت عنه، و المراد أنّ المرأة تعدل و تأبى من أن يفترشها و يجامعها غير الكفء. ينظر، معجم الصحاح /1069 / مادة نكف. [31] الكاساني، بدائع الصنائع 2/317. [32] شعبان، زكي الدين، الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية / 216/. [33] المرجع السابق، بنفس الموضع. [34] ابن حزم الظاهري، المحلى 9/152 [35] أحمد بن حنبل، المسند [5/411 - ح 23536] عن أبي نضرة. [36] الكاساني، بدائع الصنائع 2/496. [37] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها [2/114 ح 1480]. أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الطلاق، باب في نفقة المبتوتة [2/285 ح 2284]. الترمذي، سنن الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه [3/440 ح 1134] و قال صحيح. [38] ابن الملقن، عمر بن علي بن أحمد، عجالة المحتاج 3/1228. [39] الدار قطني، سنن الدار قطني، كتاب النكاح [3/301 ح 207]. البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب لا يرد الكفؤ في الدين إذا رضيت به الزوجة [7/137 ح 13564]. [40] ابن الملقّن، عجالة المحتاج 3/1228. [41] البخاري، صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب في الأكفاء في الدين [5/1957 ح 4800]. البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب الرخصة في تزويج المولى العربية [7/459 ح- 5331]. [42] البخاري، صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب في الأكفاء في الدين [5/ 1957 ح 4801]. مسلم:، صحيح مسلم، كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل [2/867-ح1207]. [43] ابن الملقّن، عجالة المحتاج 3/1228 [44] اليافوخ هو: مكان ملتقى عظم مقدّم الرأس و مؤخره، فهو القسم الأعلى من قبة الجمجمة. المنجد /157/ مادة يفخ. [45] أبو داود، سنن أبي داود، كتاب النكاح، باب في الأكفاء [2/233 ح 2102]. البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب لا يردّ نكاح غير الكفؤ إذا رضيت به الزوجة [10/350 ح 14082]. الدار قطني: سنن الدار قطني، كتاب النكاح [3/ 301 ح 204]. [46] الجنايات جمع جناية، و هي كل فعل محظور يتضمن ضرراً على النفس أو غيرها. الجرجاني، التعريفات / 141/. [47] الكاساني، بدائع الصنائع، 2/496 الزحيلي، د. وهبة، الفقه الإسلامي و أدلته 7/231. [48] الزيلعي، جمال الدين عبد الله بن يوسف، نصب الراية 3/196-197. [49] البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح 10/ 343. [50] الترمذي، سنن الترمذي، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل [1/320 ح 171]. [51] الزيلعي، نصب الراية 3/197-198. [52] ابن الجـوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، التحقيق في أحاديث الخلاف [2/27 ح 1732]. [53] الزيلعي، نصب الراية، 3/197-198. [54] الشوكاني، نيل الأوطار 6/145. [55] عتر، د نور الدين، إعلام الأنام شرح بلوغ المرام، 2/336. [56] البهوتي، كشاف القناع 11/310. [57] البيهقي، السنن الكبرى 10/341، و قد سبق تخريج الحديث عنده. [58] عتر، إعلام الأنام 2/338.. [59] الشوكاني، نيل الأوطار 6/145. [60] أبو راس، أحمد سعيد، أحكام الزواج في الإسلام /22/. [61] الكاساني، بدائع الصنائع 2/317. [62] الكاساني، بدائع الصنائع 2/497 الصابوني، أ. د عبد الرحمن، الأحوال الشخصية 1/199. [63] الكاساني، بدائع الصنائع 2/497. [64] الكمال بن الهمام، فتح القدير 3/292. [65] عتر، أ. د. نور الدين، إعلام الأنام 2/336. [66] ابن مازه، عبد العزيز، المحيط البرهاني 5/21. [67] أبو راس، أحكام الزواج في الإسلام / 23 /.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |