إذا أردت أن تكون مستجاب الدعوة فتجنب موانع الإجابة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74458 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-09-2020, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي إذا أردت أن تكون مستجاب الدعوة فتجنب موانع الإجابة

إذا أردت أن تكون مستجاب الدعوة فتجنب موانع الإجابة
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد





إن الْحَمْد لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102).
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ (النساء: 1).
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ (الأحزاب: 71- 72).

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

عباد الله؛ أتعلمون ما هو أكرم شيء على الله؟ لا تقولوا الصلاة، والصيام والزكاة والحج، فهذه أركان الإسلام، لكنّ أعظم شيء أو أكرم شيء عند الله هو الدعاء، استمعوا إلى قولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ". (ت) (3370)، (جة) (3829).

الدعاء لماذا؟
الدعاءُ لا يكلفك جوعا كالصيام، ولا قياما ولا حركة ولا سجودا كالصلاة، ولا يكلفك مادة وأموالا تدفعها في الحج أو في الزكاة، وإنما يكلفك أن تتوجه بقلبك إلى الله، وتحرّك لسانك مستعينا بالله، رافعا يديك متوسلا إلى الله، وهل هذا يكلّف شيئا؟ هو عبادة، كما ثبت في حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (غافر: 60). (ت) (3247)، (د) (1479)، (جة) (3828)، (حم) (18378)، انظر صَحِيح الْجَامِع (3407)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1627).

وقال سبحانه: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ- مع أن الدعاء سهل ميسور، وقد قصّر فيه كثير من الناس- ﴿ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (الفرقان: 77).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللهَ، يَغْضَبْ عَلَيْهِ". (ت) (3373)، (خد) (658)، (جة) (3827)، (حم) (9717)، الصَّحِيحَة (2654).
يعني من لم يدعُ الله ويسأله حاجاته ويطلب منه أشياؤه التي منها ما هو في الدنيا والآخرة، فمن لم يسأل الله يغضب عليه.
وقَالَ سبحانه وتَعَالَى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة: 186).
وقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ (النمل: 62).

وبعد هذه المقدمة؛ هل كلُّ دعاءِ مستجاب؟
لا والله، وأكبرُ شاهد على ذلك هو واقعنا، كم من دعاء دَعونا فلم يُستجب لدينا؟ كم؟ كثير كثير، فكيف التوفيق مع هذه الآيات: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.
إذن هناك موانع للدعاء، موانعُ للإجابة، تمنع الإجابة حتى عمّن دعا، هناك ثلة من الناس كبيرة لا تدعو الله، فكيف يستجيب لها؟ وهناك كثير ممن يدعو الله وقد وقع في صفات أو أفعال تحرمه من الإجابة من الله سبحانه وتعالى، فإذا أردت يا عبد الله أن تكون مستجاب الدعوة فتجنب موانع الإجابة، الموانع التي تمنع وهي بيدك، وتستطيع فعلها والاتصاف بها، فالتجنُّب أسهل وأيسر بكثير من الفعل، افعل كذا ستجد صعوبة، لكن تجنب كذا ابتعد عنه، لا تجد فيها صعوبة.

فكما قلنا؛ ليس كلُّ ما تسأل الله يعطيك، ولا كلّ دعاء مستجاب! لماذا؟ لأن هناك موانع تحدث من السائل وصفات يتلبس بها الداعي تمنع من الاستجابة، وتَحرم من قبول الدعاء، منها:
سُوءُ الظَّنِّ بِاللهِ سبحانه وتعالى يَمْنَعُ إِجَابَةَ الدُّعَاء، سوء الظن؛ لا يقين عند هذا الإنسان، ولماذا الدعاء؟ وماذا نستفيد من الدعاء؟ دعَونا كثيرا فلم يستجب الله لنا، فهذا أساء الظن بالله، فيحرم من الإجابة، فالمحروم من الإجابة هو الذي يسيء الظن بالله؛ أن يستجيب له، أو يغفرَ له أو يفهمه، يمنع من الإجابة.

من الذي يستجيب الله له؟ الموقِن بالله، وبما عند الله، وما جاء عن الله سبحانه وتعالى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: "ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ". (ت) (3479)، (حم) (6655)، (ك) (1817)، (طس) (5109)، انظر صَحِيح الْجَامِع (245)، الصَّحِيحَة (594).

موقنون أي متأكدون أن الله سيستجيب لكم، فإن كان هناك شكٌّ؛ فادعوا ولكن الدعاء يكون على الهباء، لا يكون فيه فائدة أبدا، ما دام كان هناك شك وريب في القلب، وفيه سوء ظن بالله أن الله لا يغفر، بل لابد حتى يستجيب الله لك أن تدعو وأنت موقن بالإجابة، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم: ("قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي"). (خ) (6970)، (م) (2675)، ("إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ"). (حم) (9065)، انظر الصحيحة تحت حديث (1663).

(إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ)، فماذا قال النووي؛ بل القرطبي رحمه الله في المفهم في شرحه لهذه الكلمات الربانية القدسية، قال: [أَيْ: ظَنَّ الْإِجَابَةَ عِنْدَ الدُّعَاء]، -فيستجيب الله له- [وَظَنَّ الْقَبُولَ عِنْدَ التَّوْبَة، وَظَنَّ الْمَغْفِرَةَ] -عند الله و- [عِنْدَ الِاسْتِغْفَار، وَظَنَّ الْمُجَازَاةَ عِنْدَ فِعْلِ الْعِبَادَةِ بِشُرُوطِهَا]، -يظن هذه الأشياء ويتيقين بما عند الله عز وجل، أن الله لا يخلف وعده، فأبشر يا عبد الله- [تَمَسُّكًا بِصَادِقِ وَعْدِه، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَر: "اُدْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ"، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ] -المؤمن والعبد المسلم- [أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْقِيَامِ بِمَا عَلَيْهِ، مُوقِنًا بِأَنَّ اللهَ يَقْبَلُهُ، وَيَغْفِرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَعَدَ بِذَلِكَ، وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَاد...

فَإِنْ اِعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ، فَهَذَا هُوَ الْيَأسُ مِنْ رَحْمَةِ الله، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر، وَمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وُكِلَ إِلَى مَا ظَنَّ]، -من مات على ذلك، وهو لا يحسن الظن بالله، وكل إلى ما ظن-.

[وَأَمَّا ظَنُّ الْمَغْفِرَةِ مَعَ الْإِصْرَار] -على المعصية-، [فَذَلِكَ مَحْضُ الْجَهْلِ وَالْغِرَّة، وَهُوَ يَجُرُّ إِلَى مَذْهَبِ الْمُرْجِئَة -والعياذ بالله-]. فتح الباري.

والمرجئة هم القائلون: لا يضر مع الإيمان معصية، ما دمت أنت مؤمنا بالله، اعمل ما تريد، هذا مذهبهم ومنهجهم عافنا الله منهم، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، قاسوا هذه على هذه، فنعوذ بالله من الفرق الضالة، اللهم آمين.

ومن موانعِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ الِاسْتِعْجَالُ عَلَى اللهِ، وهو يظن أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يفعل له ويستجيب له مباشرة؛ والعياذ بالله، يقول له: افعل فيفعل!!! إنه الله إنه الرب خالق السماوات والأرض، وأنت العبد الذليل الحقير المخلوق، فهل تلزم على الله شيئا يا عبد الله؟! فلا تستعجل على الله، فادعوا الله وتنتظر الإجابة، إن لم هناك إجابة هناك موانع، أو هناك شيء فيك مانع لهذه الإجابة، الإجابة لابد منها إذا رفعت الموانع.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم قَالَ: "لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ"، قِيلَ: (يَا رَسُولَ اللهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟!) قَالَ: "يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ". (خ) (5981)، (م) (2735)، (ت) (3387)، (حم) (9137)، وهذا حال الناس؛ ندعو السنوات تِلْوَ السنوات بالنصر؛ حتى ترك الناس الدعاء بالنصر على الأعداء، تركوا وانهمكوا في أمور أخرى، إذن لا يستجاب لهم.

كذلك يا عباد الله؛ ومن موانع استجابة الدعاء؛ كَوْنُ الْمَأكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ، وأدخل معها المسكن إذا كان من- حَرَام، كيف ترفع يديك يا آكل الحرام، وتقول: رب اغفر لي رب انصرني، رب ارحمني، ومأكلك ومشربك وملبسك من الربا والعياذ بالله، من أكل أموال اليتامى والعياذ بالله، من التجارة في الحرام والمحرمات، من النصب والاحتيال جمعت الأموال، كيف يستجاب لك يا عبد الله؟ نسأل الله السلامة، فهذا يَمْنَعُ من إِجَابَةِ الدُّعَاء.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: "أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿ يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. (المؤمنون: 51)، وَقَالَ: ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ (البقرة: 172)، ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم؛ "الرَّجُلَ، يُطِيلُ السَّفَرَ" -فكيف تكون إطالة هذا السفر؟ [أي: يُطِيل السَّفَر فِي وُجُوه الطَّاعَات، كَحَجٍّ، -وعمرة- وَزِيَارَة مُسْتَحَبَّة، وَصِلَة رَحِم وَغَيْر ذَلِكَ].. من شرح النووي. "أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ". (م) (1015)، (ت) (2989)، (حم) (8330). [أي: كَيفَ يُسْتَجَاب لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ؟] من شرح النووي، نسأل الله السلامة.

ومن موانع الدعاء، ومن موانع الإجابة الْغَفْلَةُ عَنْ اللهِ، يدعو وقلبه منشغل بأمور أخرى، ليس عنده همّ الدعاء، الدعاء عنده عادة لم ينتبه إلى هذه الكلمات التي تقرأ، وهذه الكلمات التي تخرج من فمه، لم يربطها بقلبه، القلب هناك في الأكل، أو هناك في الشرب، والدعاء يصل إلى أبواب السماء، فيجد أبواب السماء مقفلة؛ لأنه ليس من القلب، لابد أن يصل الإنسان القلبَ مع اللسان، أما الغفلة فهي مانع من موانع الدعاء، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: "ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ". (ت) (3479)، (حم) (6655)، (ك) (1817)، (طس) (5109)، انظر صَحِيح الْجَامِع (245)، الصَّحِيحَة (594).
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَا يَسْمَعُ اللهُ مِنْ مُسْمِعٍ، وَلَا مُرَاءٍ، وَلَا لَاعِبٍ)، (وَلَا دَاعٍ إِلَّا دَاعٍ دَعَا بِتَثَبُّتٍ مِنْ قَلْبِهِ). (خد) (606)، (ش) (29270).

لا يسمع الله من مسمع الذي يدعو للسمعة، وبعض الناس يؤمّ الناس أو يخطبُ بهم ويدعو وهو يريد أن يمدح على دعائه، ويريد السمعة في ذلك، أو يسمع منه، وآخر يدعو ويريد الرياء، حتى يراه الناس، لا ينفعه ذلك، يدعو ويتوسل إلى الله وهو لاعب، وهو لاه، لا ينفعه ذلك عند الله.
كذلك؛ ولا يستجيب من داع إلا داعٍ دعا بتثبت من قلبه، لابد قبل اللسان أن يكون من القلب، يتوجه الإنسان إلى الرحمن.

ومن موانع الإجابة تَرْكُ اَلْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر، فهذا يَمْنَعُ إِجَابَةَ الدُّعَاء، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها قَالَتْ: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه) -وعلى آله وصحبه- (وسلَّم فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ أَنْ قَدْ حَضَرَهُ شَيْءٌ، فَتَوَضَّأَ وَمَا كَلَّمَ أَحَدًا، ثُمَّ خَرَجَ)، -فدخل إلى المسجد-، (فَلَصِقْتُ بِالْحُجْرَةِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُ)، -تريد أن تسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم- (فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لَكُمْ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، قَبْلُ أَنْ تَدْعُونِي فلَا أُجِيبُكُمْ، وَتَسْأَلُونِي فلَا أُعْطِيكُمْ، وَتَسْتَنْصِرُونِي فلَا أَنْصُرُكُمْ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِنَّ حَتَّى نَزَلَ". (حب) (290)، (حم) (25294)، (جة) (4004)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ (2325)، صَحِيح الْجَامِع (5868).

فما زاد عليهن؛ أي بدأ يكرر في هذه الكلمات، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن ترك ذلك لا يكون هناك نصر ولا استجابة دعاء، ولا يكون هناك عطاء من الله سبحانه وتعالى.

ومن موانع الإجابة؛ الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم، فهل يستجاب لإنسان يدعو بمعصية؟ يقول: اللهم يسِّر لي الزنا بفلانة، اللهم يسِّر لي مالا حراما أو حلالا في صفقة، وهي صفقة مبنية على الغش وعلى الربا مثلا، وعلى المحرمات من الترامال أو الشيشة أو الدخان أو سَمِّ ما شئت، ويسأل الله أن يوفقه لذلك! فهل يستجاب لهذا؟!

عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رضي الله تعالى عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ؛ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا؛ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: (إِذًا نُكْثِرُ)، -يعني يكثرون من الدعاء- قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ". (ت) (3573).

وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ..."، (م) (2735)، وبعض الناس يدعون على أرحامهم! فهذه لا تستجاب دعوتهم في قطيعة الرحم ولا تجوز، وهي سبب في منع الإجابة.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الآخرة

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين المعتدين، الله صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى الدين.
أما بعد:
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا أن ندعوه ونحن موقنون بالإجابة، وأن ندعوه سبحانه وتعالى وقلوبنا حاضرة متثبتة مع ألستنا خالصة، وندعوه بدون إثم ولا قطيعة رحم.

كذلك؛ ومن موانع الإجابة في الدعاء الإقامة على المخالفة، الإقامة على ما يخالف شرع الله، أو ما يخالف هواه، يعني كان عنده أمر ما أو شيء ما، ولا يريده ومع ذلك لا يتخلص منه، فيبقيه ويدعو الله أن يتخلّص منه، هذا لا يجوز، وهذا الدعاء مردود على صاحبه، كما ثبت ذلك عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: "ثَلَاثةٌ يَدْعُونَ اللهَ فلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ آتَى سَفِيهًا مَالَهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عزَّ وجل: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ﴾"، (النساء: 5). (ك) (3181)، (هق) (20304)، (ش) (17144)، انظر صَحِيح الْجَامِع (3075)، الصَّحِيحَة (1805).

وهذا الكلام ما معناه؟ [(ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم؛ رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلُق) بالضم] -أي أخلاقها سيئة، بذيئة اللسان- [(فلم يطلقها)؛ فإذا دعا عليها] -وهي تسيء إليه- [لا يستجيب له؛ لأنه] -هو- [المعذّب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها]، -فلماذا يقيم عليها؟-

[(ورجل كان له على رجل مالٌ فلم يشهد عليه)] -تداين منه وما عليه شهود، وعند طلبه- [فأنكره] -ما لك عندي شيء- [فإذا دعا] -هذا الرجل- [لا يستجاب له]؛ -ويدعو عليه ولا يستجاب له، لماذا؟- [لأنه] -هو- [المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾].

[(ورجل آتى سفيها)] -قليلَ العقل الذي يحجر على ماله- [أي محجورا عليه بسفه]؛ -لأنه سفيه فيحجر على ماله، فهو أعطاه- [(مالَه) أي شيئا من ماله مع علمه بالحجر عليه، فإذا دعا عليه لا يستجاب له؛ لأنه المضيع لماله فلا عذر له، (وقد قال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم})]. فيض القدير (3/ 336).

[السَّفَه: الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لَا اسِتقامَةَ له، والسفيه: الجاهلُ]، الذي لا يعرف أمور نفسه، فالإقامة على المعصية والإقامة على الذنب مع الدعاء لا ينفع، فالدعاء لا ينفع.

[قَالَ الضَّحَّاكُ: ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ؛ رَجُلٌ مُقِيمٌ عَلَى امْرَأَةٍ زِنًا]، -يعني يزني بها- [قَضَى مِنْهَا شَهْوَتَهُ، قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا أَصَبْتُ مِنْ فُلَانَةٍ، فَيَقُولُ الرَّبُّ: تَحَوَّلْ عَنْهَا، وَأَغْفِرُ لَكَ، فَأَمَّا مَا دُمْتَ مُقِيمًا عَلَيْهَا، فَإِنِّي لَا أَغْفِرُ لَكَ، وَرَجُلًا عِنْدَهُ مَالُ قَوْمٍ يَرَى أَهْلَهُ]، -يعني يعرف أصحاب المال الذي عنده، لأن هذا المال الذي عنده ليس له وهو يعرف أهله- [فَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا آكُلُ مِنْ فُلَانٍ، فَيَقُولُ] -الله- [تَعَالَى: رُدَّ إِلَيْهِمْ مَالَهُمْ، وَأَغْفِرُ لَكَ، وَأَمَّا مَا لَمْ تَرُدَّ إِلَيْهِمْ، فَلَا أَغْفِرُ لَكَ]. جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 410).

واعلموا عباد الله! أنه [لَيْسَ فِي وعد الله خلف، وَكثير من الداعين لَا يُسْتَجَاب لَهُم] لماذا؟
الجواب: [إِنَّمَا ذَاك لوُقُوع الْخلَل فِي شَرط من شُرُوط الدُّعَاء، مثل: الِاحْتِرَاز فِي الْمطعم وَالْمشْرَب والملبس، أَو لاستعجال الدَّاعِي، أَو يكون الدُّعَاء بإثم أَو قطيعة رحم، أَو تحصل الْإِجَابَة ويتأخر الْمَطْلُوب إِلَى وَقت آخر، يُرِيد الله وُقُوع الْإِجَابَة فِيهِ؛ إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَة]. عمدة القاري (7/ 201).
وإما أن يصرف الله عنك سوءا أكبر من دعوتك هذه.

ألا وصلوا وسلموا على السراج المنير والهادي البشير النذير، كما أمركم العلي القدير، في كتابه الكريم فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (الأحزاب: 56).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى الدين.
اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.

﴿ .. وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(العنكبوت:45).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.88 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]