أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد - الصفحة 10 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 32 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859206 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393524 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215796 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #91  
قديم 09-02-2024, 09:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد





الخطباء كثر ولكن...


من يعظ فينا كثرٌ، ومن يتكلم، ويشارك بالكلام أكثر!
جمعٌ غفيرٌ هم خطباء الجمع، بل الآلاف ومئات الآلاف من الخطب التي تُلقى على الملايين من المسلمين والمستمعين. والخطباء يتنوع خطابهم، وتختلف أساليبهم، ومدى تأثر الناس بهم، فمنهم من إذا سمعه الحاضرون استقبلوه بوجوههم، وسقطت دموعهم على خدودهم، بل يتمنون أن يقف الساعات ليعظهم ويذكرهم، وربما يعدُّون أيامهم شوقًا للقاء وسماع خطيبهم!

وشاهد ذلكودليله هو تمايزُ الحاضرين في المساجد وغيرها من المجامع، فها نحن نرى بعض المساجد ما إن يصعد الخطيب على منبره، إلا ويرى الجموع الكبيرة بين يديه، وقد يتزاحمون على الصف الأول أو المكان الذي يقربهم منه ليسمعوا حديثه وينظروا إليه.

وربما كثيرٌ منهم متوجس قبل صعود الخطيب على منبره؛ خشية أن يصعد غيره أو يقوم أحد في مقامه.

ومن الخطباء من يصعد على منبره، ويرى بين يديه أشخاصًا ربما يعدون بأصابعه، وهم مفرقون في يمين المسجد وشماله، وبعضهم ربما ممتدٌّ بين أعمدته، وقد يكونون على صرحه أو في خارجه، ولعلهم لا يدخلون إلا بعد أن ينتهي الخطيب من خطبته، أوحين يشرع في دعائه.

وإذا رأيت وتأملت في وجوه الحاضرين اللذين بين يديه، رأيت كل واحد منهم على حال: منهم من ينظر إلى جواله، ومنهم من يكثر من حركته وقلب ساعته ليعبر عن شعوره بعدم قبوله، وارتياحه لخطيبه، ومنهم من هو مشغول بالنظر إلى وجوه الداخلين والحاضرين، أو إلى زخارف المسجد وفراشه؛ بل بعضهم يغط في نومه ولا يستيقظ إلا عند قول الخطيب: (وقوموا إلى الصلاة يرحمكم الله، والله المستعان)!

ما أحرانا أيها الإخوة الكرام أن نعيد النظر في خطابنا، وطريقة أسلوبنا وإلقائنا، ما أحرانا أن نعرف قدر الدعوة إلى الله، وقدر هذا المكان الذي منحنا الله إياه!
_________________________________________________
الكاتب: يحيى بن حسن حترش








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #92  
قديم 24-02-2024, 10:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد





أهمية إعداد الخطبة


أهمية خطبة الجمعة، وعظيم شرفها، وجلالة قدرها ومكانتها في ميزان الإسلام.

وإذا كانت خطبة الجمعة بهذه المنزلة في ديننا، فينبغي لنا أن نوليها بالغ اهتمامنا، وغاية عنايتنا ورعايتنا؛ لكي نؤدي حق هذه الأمانة التي على عاتقنا، وشكر هذه المكرمة التي فُضلنا بها على غيرنا؛ لنعتذر به أمام ربنا سبحانه وتعالى.

ومن أوائل هذه المهمات، وأحق ما تُصرف له الأوقات، وتُبذل من أجله الطاقات، العناية بإعداد الخطبة التي جعل لها الإسلام ما جعل من الأحكام التي تقدم ذكرها وتعدادها، والتي من أجلها استعد الناس لها، وتركوا أعمالهم على اختلاف مراتبهم ورُتَبهم لسببها.

فينبغي لمن صعد المنبر، وارتفع على رقاب الناس وأكتافهم، أن يستعدَّ لهم كما استعدُّوا له، وأن يحترم عقولهم، ويعظم أوقاتهم التي سيقضيها معهم.

كذلك ينبغي له أن يستشعر قدرهم وقدراتهم؛ فقد يكون منهم من هو أسن وأعلم منه، وأتقى لله منه، لكنهم بين يديه، وملزمون بالسكوت والاستماع إليه.

وقد يخرجون من عنده وألسنتهم تلهج بذمِّه، أو بالثناء عليه ومدحه، على حسب ما قدمه لهم، وبما يتناسب مع عقولهم ويتفق مع زمانهم ومكانهم.

فحريٌّ بك أيها الخطيب أن تعطي المنبر حقَّه وقدره، وأن تستعد للصعود عليه بإعداد وإتقان ما تقوله وتقدمه، وأن تستشعر قدر هذه الفرصة، ومقدار هذه الغنيمة التي جمع الله لك بها هذه الجموع، وبهذه الطريقة التي لا يستطيع أحدٌ أن يحصل له ما يحصل لك أيها الخطيب، حتى قال أحد أعداء الإسلام: «لو كان لي خطبة الجمعة التي للمسلمين لقُدتُ بها العالم!».

وجديرٌ بك - أيها الخطيب - أن تستشعر أن كثيرًا من هذه الجموع، وهذه المئات لعلهم لم يسمعوا كلمةً وعظية، أو نصيحةً إرشادية، إلا منك في هذه اللحظات.

وقد يكونون في غفلةٍ عن دينهم، وفي بعدٍ عن ربهم طول أيام أسبوعهم، وليس معهم من يذكرهم إلا أنت في هذا اليوم العظيم.

فإياك إياك أن تشغلهم بما لا ينفعهم، فيخرجوا من عندك بدون فائدة في دينهم أو دنياهم!
__________________________________________________ _________
الكاتب: يحيى بن حسن حترش








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #93  
قديم 01-03-2024, 01:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد

استعد أيها الخطيب لجمهورك كما استعدوا لك

يحيى بن حسن حترش

ومن هنا نوجه رسالةً ونصيحة لأولئك الذين لا يستعدون لخطبهم، ولا يبذلون لها جزءًا من أوقاتهم؛ معتمدين على ثقافتهم، وبعض معلوماتهم، فلا يلتفتون إلى تحضير خُطَبهم إلا قبل ساعات من صعودهم على منابرهم، ولعل بعضهم قد أصبحت هذه عادته، وتأخير إعداد خطبته دأبه وطريقته، ولعله يفخر بذلك، ويظن أنه من الذكاء وسرعة النباهة والبداهة، وهي في الحقيقة استخفافٌ بالناس، وجهلٌ وحماقة.

فهل من الأدب والحكمة أن يستعد الناس لك، ويحضرون بين يديك، وقد تركوا أشغالهم وأعمالهم المتعلقة بدينهم أو دنياهم، ثم تأتي قبل لحظات، أو حتى ساعات لتقلِّب ناظريك في بعض الورقات أو المجلات؛ لتملأ أسماعهم كلامًا فارغًا، أو تتنقل بهم شرقًا وغربًا، فيخرجوا من عندك وهم في غاية السخط والاستياء! ولعلهم بسبب هذا الإهمال والتقصير قد يتركون التبكير أو سماع الخطبة والتذكير، وكل ذلك باستخفافك بهم، وعدم إعداد الغذاء الذي يناسبهم، ويقضي نهمتهم ورغبتهم.

وليت هؤلاء وأشباههم قد قصروا بواجبهم، وإعداد خطبهم، بسبب أعمالٍ فاجأتهم، أو مصالح اضطرتهم وألجأتهم، وإنما قد يظل أحدهم فارغًا وعاطلًا طوال أيام أسبوعه، فإذا اقترب وقت صعوده، وطلوعه على أعواد منبره، بدأ ينظر له عنوانًا يناسب وقته، ويقلِّب أوراقه لينظر له كلامًا مفرقًا يملأ به فراغه.

فبالله عليك ما عساك ستقوله، وتقدمه في هذا الوقت اليسير، لهؤلاء الجمع الغفير، التي جاء يلتمس الوعظ والتذكير؟! هل هذه هي الأمانة التي وكلت بها، وهل هذه هي المسؤولية التي جعلت عليها، أم أنك قد جعلتها مهنة، وعادة، وفراغًا تملؤه، لا تقصد به قربة أو عبادة؟

ومن هنا نوجه رسالة لمن لا يعرف للمنابر شرفها وقدرها، فنقول: إنها أمانة، ولعلها يوم القيامة خزي وندامة، فإن رأيت أيها الخطيب كفاءة من نفسك، وأداءً للأمانة التي على عاتقك، وإلا كما قيل[1]:
يا باري القوس بريًا ليس يُحسنه
لا تظلم القوسَ وأعطِ القوس باريها[2]




[1] الفصيح، أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار المعروف بثعلب ص (264).

[2] انظر لموضوع هذا الفن بتوسع: كتاب (فن الإلقاء والخطابة) للمؤلف.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #94  
قديم 15-04-2024, 06:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد

علم الأداء - فن النطق


ـ علم الأداء ـ
د.عبد البديع النيرباني

ـ الأداء: فنّ النطق.
ـ فطبيعة الأداء: أنه فنّ، أي مهارة تكتسب بالدربة والمران، لكنه كغيره من الفنون يستند إلى أساس معرفي، هو علم الأداء.
فالجراحة مثلاً فن، لكنها تستند إلى علمي التشريح ووظائف الأعضاء.
وقيادة السيارة أيضاً فن، لكنها تستند إلى علمي الميكانيك والكهرباء وقانون السير.
ـ لكن قبل الشروع في هذا العلم، لا بدّ أن نقف ملياً عند معنى (النطق)، لنشقّق منه مباحثه.
ـ نَطَقَ يَنْطِقُ نُطْقاً ومَنْطِقاً ونُطُوقاً: تكّلم.
والمنطق: علم يَعْصِم الذِّهن من الخطأ في الفكر.
والنِّطاق: ما يُشدّ به الوَسَط.
ولم أجد خيراً من كلام الراغب الأصفهاني (ت 425هـ) في تلُّمس المعنى الأصلي لمادة (ن ط ق)، إذ يقول في (المفردات):
" النطق في التعارف: الأصوات المقطعة التي يظهرها اللسان وتعيها الآذان، ولا يكاد يقال إلا للإنسان، ولا يقال لغيره إلا على سبيل التبع، ولا يقال للحيوانات (ناطق) إلا مقيداً وعلى طريق التشبيه.
والمنطقيون يُسمُّون القوة التي منها النطق نطقاً، وإياها عنَوا حيث حدّوا الإنسان فقالوا: هو الحيّ الناطق المائت. فالنطق لفظ مشترك عندهم بين القوة الإنسانية التي يكون بها الكلام، وبين الكلام المبرز بالصوت.
وقد يقال (الناطق) لما يدلّ على شيء. وقولهعُلِّمنا منطق الطير) فإنه سمّى أصوات الطير نطقاً اعتباراً بسليمان الذي كان يفهمه، فمن فهم من شيء معنى فذلك الشيء بالإضافة إليه ناطق وإن كان صامتاً، وبالإضافة إلى من لا يفهم عنه صامت وإن كان ناطقاً.
وقيل: حقيقة النطق اللفظ الذي هو كالنطاق للمعنى في ضمه وحصره. والمِنْطَق والمِنْطَقة: ما يُشدّ به الوَسَط." ] 811ـ812 باختصار[

ـ وعلى هذا، فالنطق: إنتاج صوت يدلّ على معنى.
فيمكننا إذاً أن نميّز في (النطق) ثلاثة معانٍ: معنى الحدث المأخوذ من المصدرية، ومعنى الصوت، ومعنى دلالة الصوت على المعنى.
أما المعنى الأول ـ وهو الحدث، ونطلق عليه (النطق) تغليباً ـ فندرس فيه: أعضاء النطق، وآلية النطق، وعيوب النطق كالثأثأة والفأفأة واللثغة، وتعديل النطق بما يصطنعه مهندسو الاتصال من أجهزة لتغيير صفات الصوت، وسيرورة النطق مما يعرف بالوقف والابتداء، وأطراف النطق وهي ثلاثة: فعل النطق، وفاعله، والمنفعل به، وفي كلٍّ مقال: (فأما الطرف الأول ـ وهو فعل النطق ـ فينقسم ثلاثة أقسام: فهو إما أن يكون كلاماً ينشئه الناطق ابتداء، وإما أن يكون كلاماً يستظهره، وإما أن يكون كلاماً يقرؤه.
وأما الطرفان الثاني والثالث ـ وهما فاعل النطق والمنفعل به ـ فينبغي أن تتوافر فيهما أمور تعين كلاً على كل.)
وأغراض النطق مما يعرف بوظائف الاتصال، ومرافقات النطق وهي ما يلحق به مما يعين على تمام الإبلاغ كالإشارات ونحوها.
وأما المعنى الثاني ـ وهو الصوت ـ فندرس فيه الصوت مفرداً ببيان المخارج والصفات، ومركباً ببيان أشكال التغيرات الصوتية.
وأما المعنى الثالث ـ وهو دلالة الصوت على المعنى ـ فندرس فيه شكلي الدلالة: دلالة الصوت على المعنى بحضوره مما يعرف بالمحاكاة الصوتية، ودلالة الصوت على المعنى بشكل حضوره مما يعرف بالتنغيم.
ـ وفي علاقة هذا العلم بالعلوم الأخرى، نجد أنه ذو صلة وثيقة بعلم الأصوات، وقرابته من علم التجويد لا تخفى فهو جزء من علم الأداء، ولو أن علم التجويد تطور على أيدي اللاحقين لصار إياه.
ـ ومن أعظم مصادر هذا العلم في تراثنا العربي شيئان: الأول نظري وهو كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ (ت255هـ)، والآخر تطبيقي وهو ما تناقلته كتب السنة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فضلاً عن أشياء أخرى لا تخفى على الباحث.
ـ وتأتي أهمية هذا العلم من حاجة كل من ينطق بالعربية إليه، ولا سيما من يتخذ الكلام صنعة له، كالقراء والخطباء والمحاضرين وغيرهم من الملقين.
والناس في تمكنهم من الأداء صنفان:
فصنف حباهم الله استعداداً فطرياً، فحاجة أولئك إلى علم الأداء لصقل أدائهم وبلوغهم الغاية فيه.
وصنف قصّر بهم استعدادهم الفطري، فحاجة أولئك إلى علم الأداء لتلافي تقصيرهم وبلوغهم الكفاف فيه.
ـ وثمرة هذا العلم أنه سبيل إلى حسن الأداء، وحسن الأداء سبيل إلى حسن الاستماع، وحسن الاستماع سبيل إلى حسن التدبّر، وحسن التدبر سبيل إلى حسن الانتفاع.
ـ ويرد هذا العلم في كتابات الدارسين باسم (علم الأداء) تارة، وباسم (فنّ الإلقاء) تارة أخرى. غير أن في تسمية هذه المعارف بالفن تسامحاً.
ألقيت في الدورة التأهيلية لخطباء مساجد حلب التي أقامتها مديرية أوقاف حلب بين: 10/5و4/6/2009 في مكتبة الثانوية الشرعية في حلب>

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #95  
قديم 18-04-2024, 03:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد

منبر الجمعة في حياة المسلمين
تهتم الدول في العصر الحديث بوسائل الثقافة والإرشاد، فتقيم النوادي والقاعات الكبيرة، وتنظم الندوات الفكريَّة، وتدعو إلى سماع المحاضرات في شتى الموضوعات، بغية توعية الناس، وتوجيههم.
ومع ما تبذله الحكومات من جهود في دعوة الناس إلى سماع تلك المحاضرات وفي تهيئة الجو الهادئ الأنيق المريح الجذَّاب الذي تُلْقى فيه المحاضرة، فإنَّ عدد الملبيّن تلك المحاضراتِ قليلٌ، إذا قيس بالجهود المبذولة لجمعهم وترغيبهم بالحضور.
وخُطبة الجمعة في الإسلام محاضرة أسبوعية، يحضرها الآلاف من المسلمين، بل الملايين، بملء إرادتهم طائعين راغبين، فيجلسون على الأرض منصتين بآذانهم وقلوبهم إلى كل كلمة يقولها الخطيب.
ذلك أن خطبة الجمعة شَعيرة دينية، شُرِعت لبحث قضايا الساعة في حياة المسلمين، ولتفقيههم بدينهم الذي جاء مُنظِّماً شؤون الدنيا والآخرة.
وكان حريّاً بهذه الخطبة الأسبوعية الراتبة المقدّسة أن تفعل الأعاجيب في حياة المسلمين، فتفتّحَ أذهانهم على الحق، وتحرّرَ نفوسهم من الذل، وتسمو بأرواحهم إلى الآفاق العليا التي دعا إليها الدين الحنيف.
ولكن المتأمل أوضاع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليقطع بأن منبر الجمعة لا يؤدي رسالته، وأن خطبة الجمعة لا تحقق غايتها.
ولو أدّى منبر الجمعة رسالته، وحققت خطبته الغاية منها، لكان شأن المسلمين غير شأنهم اليوم.
ولقد سبق أن أدى هذا المنبر رسالته ذات يوم، فصنع من المسلمين خير أمة أُخرجت للناس، تأمرُ بالمعروف وتنْهَى عن المنكر، وتؤمنُ بالله. وقد فعلت هذا كله في واقع الحياة والناس، لا في بطون الكتب والأسفار والنظريات.
فكيف يستطيع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها أن يعيدوا لمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبةِ الجمعة الحيوية والقوةَ والتأثيرَ في عصر قائم على العلم والتخطيط والاختصاص؟
إن منبر الجمعة مرتبط بروح خطيب الجمعة وموهبته وعلمه وتقواه، يَقْوى بقوته، ويضعف بضعفه، ومن ثمّ لا يصحّ أن يعتلي منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رجلٌ توافرت فيه شروط ثلاثة: العلم، والتقوى، والموهبة الخطابية.
وإن إنشاء خطيب الجمعة، القويِّ في علمه، الموهوبِ في خطابته، التقيِّ في دينه وخُلقه، ضرورةٌ كبرى مصيريَّة في حياة المسلمين، وشرطٌ أساسيّ من شروط نهضتهم، واستعادةِ عزَّتهم، واسترداد شخصيتهم.
فالعلم: لابدَّ منه لخطيب الجمعة، ليكون قادراً على العطاء، وتفقيه الناس بدينهم في شتى أحكام الشريعة ومسائلها. ومن ثمَّ وَجَب أن يكون خطيب الجمعة عالما كبيراً.
والتقوى: شرط أساسيٌّ لابدَّ منه أيضاً لخطيب الجمعة، ليكون أميناً على رسالة الإسلام وقيمه، يعرضها على الأسماع من غير مُجَاملة ولا تزييف، فيصدع دوماً بكلمة الحق، مبتغياً بها وَجْهَ الله، لا يحول دون جهره حائل مهما كان.
والموهبة الخطابية: شرط هام جداً من شروط الخطيب الناجح المؤثر، الذي يعرف كيف يستميل القلوب بحُسن حديثه، ويستولي على النفوس بأسلوبه الحار المتدفّق الأخّاذ، فَيُحدث فيها التأثير المرجو، ويسمو بها إلى آفاق الحق والهداية والاستقامة.
ومثلُ هذا الخطيب حريُّ بأن يُعطي الحرية كاملةً فيما يقول للناس ولا ضير من إعطائه الحرية، لأنه أوتيَ من رجاحة العقل، ورشاد المنطق، وسداد التفكير، ما يجعله في عصمة من الانزلاق والتهوّر، وإساءة استعمال حق الحرية الممنوح له. فهو يدعو دوماً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وينصح للمسلمين في كل ما يقول، إذ الدين النصيحة. ومن كان من أُولي الأحلام والنُّهى لا يُعجزه أن يجهر بالحق والنصيحة في آن.
ومثلُ هذا الخطيب ينبغي أن يكون متفرِّغاً لمهمته العلمية التوجيهية الجليلة، لا يشغله عنها شاغل من شواغل العيش، مستقلاً، بعيداً عن المؤثرات والتيارات السياسية التي تستغل المنابر في كثير من البلاد الإسلامية. فمنبر الإسلام ينبغي ألا يسخَّر إلا لدعوة الله : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً}[الجن:18].
إن مثل هذا الخطيب لا يمكن أن ينشأ اعتباطاً وبمحض المصادفات، ولكن لابدَّ لإيجاده من إنشاء المعاهد العالية الراقية، التي تنتقي أصحاب المواهب الأتقياء، لتصنع منهم خطباء جمعة، فَتُخْضِعَهم لشروط علمية وتربوية صارمة، بحيث لا يُؤهَّلُ لهذا المنصب الخطير إلا العلماء العقلاء الموهوبون الأتقياء، ويُمنحون بعد التخرج المرتبة المعاشية اللائقة بجلال العلم، وكرامة التوجيه، وعزّةِ الموهبة.
ويوم يتنبه المسلمون في شتى أصقاعهم إلى خطورة منبر الجمعة في حياتهم، ويعملون مخلصين على إيجاد هذا الخطيب الصالح التقي الحرّ الموهوب، يكونون قد بدأوا منعطفاً جديداً في حياتهم نحو الوعي والعزة والسؤدّد، وساروا في الطريق التي جعلت منهم ذات يوم خيرَ أمةٍ أخرجت للناس.
"ومضات الخاطر"
منقول

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #96  
قديم 20-04-2024, 08:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد

محاضرة بلا ملل

عمار يحيى الضايع


لا شَكَّ في أنَّ الأسلوبَ هو راحلةُ الفكرةِ إلى القلوب، فكمْ من أسلوبٍ عَجَزَ عن بلوغِ غاية فكرتِه، فنزلتْ في القلوب دون منزلِها، واستقرتْ في غير محلِّها، فلا أزهرت ولا أثمرت.
والأسلوب معيار مُهمٌّ يتمايز به الأدباءُ والخطباءُ والدعاةُ، فضلاً عن الأساتذة والمحاضرين؛ ولا يشفع لهؤلاءِ علمُهم أو حكمتُهم أو إخلاصُهم أو غَيرَتُهم على الدين إذا عجَز أسلوبهم عن بلوغِ قلوب المتلقِّين.
وهذا في المعلمين ظاهرٌ بَيِّن، ألا ترى الطلابَ –على صغرهم- يقارنون بين مُعلِّمَينِ، فيقولون: أحدهما عنده علمٌ لكنّه لا يستطيع إيصاله للطلاب، والآخر أسلوبُه يَسيرٌ سَهل، يُبسط لك المعلومة حتى تفهمها بسهولة دون تعقيد.
وقد أرشَدَنا الله تعالى إلى ضرورة أن يتحلى المسلم الداعية بالأسلوب المناسب، الذي ييسر وصول دعوته إلى الناس، ويُرغِّبهم فيها؛ ولخَّص السياق القرآني الكريم ذلك بسِمَتَينِ اثنتين: الحكمة، وحُسْن الموعظة، قال سبحانه: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125] .
ولهذا كان على الداعية والمحاضر -وغيرهما ممن يتصدرون لخطاب الناس- أن يعتنوا بأساليب الدَّرسِ والمحاضرة، وأن يرسلوا فوائدهم على بُسُطٍ من الحكمة والمتعة واللطف، غيرِ مثقلةٍ بالضَّجَرِ والمَلالَة والصَّخَب، علَّها تنزل من القلوب منازل القبول.
وجدير بالذكر أنه لا توجد وصفة سرية محتَكَرة لجعل الدرسِ ممتعًا، بل إنَّ لكل إنسان أن يضيف من "خلطاته الخاصةِ" ما يراهُ أكثر مناسبةً لشخصيته وقدراته، وملاءَمةً لجمهوره ونوعيته؛ غير أن هناك بعضًا من المواصفات والمُحَسِّنات، يمكن –إن وُظِّفت بحكمة- أن تُضفي مزيدًا من المتعةِ على الدَّرس، فتحمل المعلومةَ والفائدةَ على بساطٍ مخملي لطيف يبلغ غايته في القلوب.
وفيما يأتي مرور سريع على بعض المزايا المهمة التي يجدر بالمحاضر أن يُلاحظها في محاضرته:


• تنويع الأسلوب:
إنّ من جَمَال اللغة أنها تمكّنكَ من أداء المعنى بأساليب متعددة، لكلٍّ منها مزية وفائدة خاصة، والمحاضر الفَطِن ينوِّع في استخدام الأساليب اللغوية، فيتنقل بين الخبر والإنشاء، والتأكيد والتضعيف، والأمر والنهي، والاستفهام، والحوار، والشرط، والتعجّب، والتحضيض، والإنكار... وغير ذلك، فإنَّ هذا ينفي الملل ويوقظ الذهن.
وهذا التنوّع الأسلوبي جليٌّ في القرآن الكريم، ألا ترى أنّ القرآن جاء بمطالب عديدة، لكنَّ أساليب الطلب اختلفت بين آية وأخرى، فنراه –مثلاً- طلب إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فاستخدمَ لذلك أسلوب الأمر المباشر، كقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة: 43]؛ وطلب البِرَّ بالوالدين، فاستخدمَ لذلك أسلوب النهي عن أقلِّ الأذى، فقال تعالى: (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا) [الإسراء: 23]؛ وطلبَ إرضاعَ الأمِّ وليدَها، ورزقَ الأبِ وكسوتَه أولادَه، فاستخدم لذلك أسلوب الإخبار، فقال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 233]؛ وطلب التصدّق، فاستخدم لذلك أسلوب الاستفهام، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [الحديد: 11]. والأمثلة على هذا كثيرة جداً، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شواهد مثلها أيضًا.

• حُسن السَّرد:
ويتمم تنويع الأسلوب اللغوي تنويعُ الأداء الصوتي بما يتناسب مع الأسلوب، من حيث العلوّ والانخفاض، والشدة والرخاوة، ومناسبته لموضوعه من فرحٍ أو حزنٍ أو مفاجأة أو مَكرٍّ أو حُبٍّ أو بُغضٍ...؛ ألا ترى أن الطرفَةَ الواحدة يرويها اثنان، فتستظرفها من أحدهما وتستقبحها من الآخر! وهكذا المحاضر الجيّد يُحسنُ السرد والرواية، فيؤدي بنبرة صوته ما لا يُفصِحُ عنه كلامه من المعاني.
ويدخل في هذا حُسن سردِ القصة، كأن يُحسنَ ترتيب أحداثها، ويركّزَ على المُهمِّ منها، ويتدرجَ بالمستمع، فلا ينتقل به من حدثٍ حتى يشوقه للذي يليه؛ ويؤخر حلَّ الحبكة حتى النهاية، دون أن يُلمِحَ إليها.

• ليكنْ درسُـك حيّـًا:
إنَّ المحاضر الناجح يضفي على درسه الحيوية ويجنِّبُه رتابة الآلة، ويربأ بنفسه عن أن يكون جهازًا لإلقاءِ الكلام، إنما هو مخاطِبٌ لأحياء عقلاء، يتفاعلون معه بصمتهم كما يتفاعلون معه بكلامهم، يقبَلون وينكرون، ويتساءلون ويفسِّرون؛ فليتعامل معهم وهذا الأمرُ بارزٌ نُصبَ عينيه، وليأخذ منهم كما يعطيهم، فيُسهب حيثما استوقفته نظراتهم، ويلبي استغاثاتهم إذا ضجرتْ وجوههم؛ وليسمعْ منهم كما يُسمعهم، فإن تعذر عليه ذلك فليُثِر أسئلتَهم بلسانه، وليَتْلُ إجاباتِهم بلسانه أيضًا؛ ويرحم الله الشيخ الشعراوي، إذ كان يحمل العلم على أجنحة السؤال، فترى الناسَ مأسورين له، يطوف بهم في كل رَوضٍ بهيج.

• القـصـة والمَثَـل:
ومما يضفي على الدرس الحيوية أيضًا، أن تأتيَ الأفكار في ثَوبِ القصة، فيرى المتلقون القِيمَ والأفكارَ شُخوصًا، تتحدث بلسانِهم، وتثورُ فيها عواطِفُهم، وتجولُ في أمكنة وأزمنة، فترتبط ثمرة الدرس بواقعهم، وتنزل من النفوس منزل المشاهد المحسوس.
ويُفضَّل في المحاضرة أن تكونَ القصةُ قصيرةً، أو قصيرةً جدًا، رمزيةً، وقد يكتفي المحاضر بالإلماحِ إليها دون سردها، وهذا مما يجري مجرى الأمثال.
وعلى المحاضر أن يتفطّن إلى أنْ يتجه بالقصة اتجاهًا يخدم فكرته، فيركز على الأحداثِ والشخصيات المؤثرة في الفكرة، لا أن يجعل الفكرة تبعًا للقصة، فيستنبط قيمًا وأفكارًا عشوائية ليس يربطها رباط، فيبدو كالضالِّ طريقه، يميل مع الريح حيث مالت به.

• خير الكلام ما قلَّ ودلّ:
ولا يَحسَبَنَّ امرُؤٌ أنَّ طويلَ الكلام أدعى للإقناع والقَبول من قصيره، بل إنَّ طويل الكلام يُنسي آخرُه أولًه، كما قيل، ولهذا ابتدعت العرب المَثَل، يختصرون به الحكاية الطويلة.
ومن الإطالة المكروهة أن يطيلَ المحاضر في شرح الفكرة الواحدة، فيقول ويعيد، و"يلتُّ ويعجن"، وما هو إلا يحوم حول فكرة واحدة! يعرضها بأسلوب ثم يعود إليها بآخر، بل قد لا يغيِّر أسلوبه!! ونحن المستمعين رازحون تحت وطأة محاضرته، نُقسِم -في نفوسنا- الأيمان المغلظة أنْ قد فهمنا، ولكن لا مجيب!
وليس هذا دعوة للاختصار المُخِلِّ، بل هو دعوة إلى تنويع الأفكار واختيارها بدقة، بحيث يعرض المحاضر عددًا من الأفكار تفي بوقتِ المحاضرة، وتخدم موضوعها دون تكرار أو إطالة؛ فهذا دليل حُسن التحضير، واحترام عقول الحضور، وأمانة المحاضر.




• بساطة العبارة، وحسن الاستشهاد:
والمحاضر المُجيد فصيحٌ لسانه، بليغة كلمته، سهلة عبارته، بسيطة مفرداته، قصيرة جُمله، فالجمل الطويلة عسيرة الهضم، يأخذ نَفَسًا بين الفكرة وأختها، حتى تستقر في العقول، ويتروى ولا يتعجل، ولا يطلق فوائده كالمدفع الرشاش، تصيب ما تصيب ويخيب أكثرها!
ويوضح أقواله بالأمثلة، ويفسِّر عبارته بالتشبيه، ويستخدم الرمز البسيط لحلِّ الأفكار المعقّدة، ويُسقط نظرياته على الواقع، فيلامس حياة الناس ومشكلاتهم، ويستشهد على كلامه بكلام غيره، من قرآن كريم، وسنة مطهرة، وأقوال العلماء والحكماء، والشعر، والمثل... وغير ذلك.
ولا بُدَّ في الختام من تحذير مهم:
الأسلوب بهارات المحاضرة، لا تكون مستساغة دونه، لكنك تنتفع بالطعام ولو لم يكن مستساغًا، أمّا الإكثار من البهار فإنه يُفسد الطعام.
ومن ينشغل بالأسلوب عن المضمون، فيلوّن محاضرته ويبهرجها دون إعداد جيد لمضمونها العلمي، من حيث انتقاء الأفكار وتحضيرها وتحقيقها، فكأنما يغري مستمعيه ببضاعة فاسدة، وهذا عينُ الغِش.
ومعلوم أنه:
لا أمتع من معلومة نافعة!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.
 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 97.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 91.84 كيلو بايت... تم توفير 5.42 كيلو بايت...بمعدل (5.57%)]