العربية والتعمية (التشفير) في عصر التكنولوجيا - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858647 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393069 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215542 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-06-2023, 02:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي العربية والتعمية (التشفير) في عصر التكنولوجيا

العربية والتعمية (التشفير) في عصر التكنولوجيا
د. يحيى مير علم

الرسالة (16) ليوم المخطوط العربي 2020م في دورته الثامنة تحت شعار: هل يتكلّم العلم بالعربية مرة أخرى. (جرى بثّها في صفحة معهد المخطوطات العربية على الفيسبوك يوم السبت في 6/ 6/ 2020م الساعة الثانية ظهرًا وستحمّل على الموقع لاحقًا).



كلمة د. يحيى مير علم / أستاذ مساعد في كلية التربية الأساسية - الكويت.
العربية والتعمية (التشفير) في عصر التكنولوجيا



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبقني كوكبة من الأعلام والباحثين والخبراء إلى الإجابة عن سؤال معهد المخطوطات العربية: هل يتكلّم العلمُ بالعربية مرةً ثانيةً؟ وذلك بمناسبة يوم المخطوط العربي في دورته الثامنة، فأجابوا وأفادوا وأحسنوا وأشادوا بالعربية، ونوّهوا بفضلها وخصائصها، وعرضوا أدلّة كثيرة، تؤكّد أن العربية سيعود لها مجدها وعزّها ومكانتها، وستكون لغةً للعلم والحضارة.

حديثي إليكم إخوتي وأخواتي سيقتصر على عِلْم مهمّ من العلوم التطبيقية، مادّتُه اللغة العربية، تنامت أهمّيّته في عصر المعرفة الرقمية وثورة المعلومات وأنظمة الاتصالات والشابكة (الإنترنت) ومنصّات التواصل الاجتماعي، حتى استغرقت تطبيقاته جميع مجالات العلوم النظرية والتطبيقية والبحوث والتجارة والإعلام والاقتصاد والبنوك وشركات البث التلفزيوني وبرامج الاتصال والبطاقات الممغنطة وغيرها.

أظنّكم عرفتم هذا العلم، إنه (علم التعمية واستخراج المعمى) الذي يقابله حديثًا علمُ التشفير، أو الشفرةُ وكسرُ الشفرة، أو الكتابةُ السرّيّة، أو أمنُ المعلومات، ولا عجب فقد أصبح هذا العلم ركنًا من أركان حضارة العصر، إنه واحد من علوم كثيرة تدين إلى العلماء العرب بالسبق والريادة، ولكنه علم يختلف عن العلوم الأخرى التي ترجموها عن الحضارات السابقة، وحفظوها وصحّحوها وأضافوا إليها وأغنوها، وذلك بأنه علمّ عربيّ الولادة والنشأة والتطوّر.

إن استعمال التعميةقديم جدًّا، اقتضته دواعٍ مختلفةٌ لإخفاء بعض ما يُقال أو يُكتب عن الآخرين، فقد عرفت حضاراتُ العالم القديم استعمالَ التعمية منذ أكثر من ألفي سنة قبل الميلاد. على أنّ التعمية لم تصبح علمًا مُدَوَّنًا في مؤلَّف، يجمع أصولها وقواعدَها وسُبُلَ استخراجها إلّا على يد الفيلسوف يعقوب بن إسحاق الكندي (ت260هـ- 874م) حين وضع مُصَنَّفه (رسالة في استخراج المعمّى) الذي أفاد منه كلُّ مَنْ جاء بعده، فكان رائدًا في تأليف أقدمِ مُدَوَّنةٍ وصلت إلينا، وكان جديرًا بما وصفوه أنّه أبو التعمية في العالم، إذ سبق ألبرتي الإيطالي Leon Battista Alberti رائد التعمية عند الغربيين بنحو ستة قرون، الذي كتب رسالة باللاتينية في (25) صفحة سنة (1466م).

فالتعمية (التشفير) علمٌ تطبيقيٌّ عربيٌّ أصيل، سبق أعلامُ التعمية العرب إلى تدوينه، وإرساء أُصوله، وصَوْغ مبادئه وقواعده، ووضع مصطلحاتِه، وابتداع منهجياتِه، وعالجوا سُبُل استخراجه (خوارزمياته). وقد شهد بريادة العرب أشهر مؤرّخي التعمية في العالم البروفسور الأمريكي ديفيد كان (David Kahn) وصاحب أكبر موسوعتين في التشفير معتمدًا في ذلك على ما ذكره القلقشندي (ت821ه/ 1418م) في كتابه المشهور (صبح الأعشى) نقلًا عن عليّ بن الدُّرَيْهم (ت760ه/ 1359م) في رسالته (مفتاح الكنوز في إيضاح المرموز) في الفصل الثامن من الجزء التاسع الموسوم بـ (إخفاء ما في الكتب من السرّ) [ص 229- 248]. وقد عبّر مخطئًا عن بالغ أسفه لفقدان تلك الرسالة المهمّة إذ لم يطّلع عليها. قال في كتابه (أسرار علم التعمية الجديد):
«..اطّلعتُ على مقالٍ نُشر في مجلة الدراسات الساميَّة... بيَّن أن العربَ مارسوا استخراج المعمّى قبل الغرب بزمنٍ طويل. ووفَّر لي هذا المقالُ ما أَعُدُّه أكبرَ فتحٍ تاريخيٍّ في كتابي كلِّه...».

وقال: «... فالعربُ هم الذين اكتشفوا مبادئ استخراج المعمّى، إلا أن معرفتهم تقلّصت مع أُفول حضارتهم، ولم يكتشف الغربُ استخراجَ المعمّى من جديد إلّا في عصر النهضة...».

وقال: «...لقد طوّر المسلمون معرفةً نظريةً في استخراج المعمّى، تَنِمُّ عن ممارستهم العملية لاعتراض المراسلات، واستخراجِ تعميتها...».

وقال في كتابه الآخر (مستخرجو الـمُعَمَّى):
«...لقد وُلِدَ علم التعمية بشقَّيْه بين العرب؛ إذ كانوا أولَ من اكتشف طُرُق استخراج المعمَّى ودوَّنها...».

وقال بعد اطلاعه على ملخّص الجزء الأول من كتابنا (علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب): «إنه عملٌ رائع، وإسهامٌ عظيمٌ في تاريخ علم التعمية».

وما تقدّم من كلام المؤرّخ الأمريكي ديفيد كان، وكلام غيره من الأعلام الغربيين المنصفين، صحيح دقيق، أثبتته مخطوطات التعمية التي حقّقناها ودرسناها (د. محمد مراياتي و د. محمد حسان الطيان و د. يحيى مير علم) بمساعدة الأستاذ مروان البواب. وكان لمجمع اللغة العربية بدمشق فضلُ السبق إلى الاهتمام بهذا العلم التطبيقي، فنشر تلكم المخطوطات في جزءين، صدر أولهما سنة (1987م) مشتملًا على أهمّ ثلاث مخطوطات، وصدر ثانيهما سنة (1997م) متضمّنًا ثماني مخطوطات. وقد رجعنا فيهما بتاريخ التعمية ستة قرون، من القرن التاسع إلى القرن الثالث الهجري، وإلى الفيلسوف الكندي (ت260ه/ 873م) في رسالته (رسالة في استخراج المعمّى) المتقدّمة.

لقد تنبّهت بعضُ الهيئات العلمية المرموقة إلى أهمية نشر هذا التراث العربي الإسلامي الرائد في التعمية بلغة أجنبية، فأصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية (KFCRIS) بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (KACST) بالرياض ترجمة كتابَـي (علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب) إلى اللغة الإنكليزية في ستة أجزاء بعنوان (الأصول العربية لعلم التعمية) Series on Arabic Origins of Cryptology ) ما بين (2003م و2007م). نهض بترجمها الأستاذ سعيد الأسعد، وراجعها د.محمد السّويّل، ود.إبراهيم القاضي والأستاذ مروان البواب. واشتملت على ترجمة لنصوص الرسائل المخطوطة مع الدراسة والتحليل.

ثمّة جزء ثالث وقفناه على تحقيق ودراسة أهمّ كتاب في التعمية بالأقلام واللغات البائدة، وهو (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لابن وحشية النبطي (ت260أو291 أو318أو نحو350هـ) الذي سبق شامبليون إلى كشف رموزٍ هيروغلفيةٍ بنحو عشرة قرون، لأن المخطوط طُبع في لندن عام (1806م) بعناية المستشرق جوزيف فون هامّر (Joseph von Hammer) (1774-1856) مع مقدّمة مهمّة بالإنكليزية، نبّه فيها على أهمية كتاب ابن وحشية النبطي في اكتشاف اللغات والأقلام القديمة والهيروغليفية، في حين كان اكتشاف شامبليون حروفًا هيروغليفيةً في حجر رشيد سنة 1822م.


لقد استمرّت جهود العرب العلمية في التعمية واستخراجها (الشفرة وكسرها) نحوًا من ستة قرون، وشكّلت مدرسةً عربيةً رائدةً، أبدعت جملة من النظريات والأفكار الأصيلة في هذا العلم. ابتدأت بالخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ/ 786م) الذي نُسِب إليه استخراجُ معمّى كتابٍ ورد إليه، فخلا به شهرًا حتى فهمه، ثم وضع كتابًا في المعمّى، نصّ على ذلك الزبيدي (ت379ه) في (طبقات النحويين واللغويين) [ص51] وابن نباته (ت768ه) في (سرح العيون) ومحمد بن الحنبلي في (شرح كنز من حاجى وعمّى في الأحاجي والمعمّى) والراغب الصفهاني (ت502ه) في (محاضرات الأدباء) [ص 12]. وتعاقب على المدرسة أعلام كثيرون، أشهرهم جابر بن حيّان ويعقوب الكندي وأحمد بن وحشية النبطي وابن طباطبا وابن وهب الكاتب وأسعد بن مماتي وابن دُنَيْنير وعليّ بن عَدْلان وعليّ بن الدُّرَيْهم وعليّ بن أيدمر الجِلْدكي وأبو القاسم أحمد العراقي ومحمد بن الحسن الجُرْهُمي وذو النون المصري وغيرهم. وقد استمرّت هذه المدرسة نشطةً حتى أفل نجمها في القرن التاسع الهجري.

ومن أهمّ الأسباب التي أدّت إلى ولادة علم التعمية وتدوينه وتطويره لدى العرب نشاطُ حركة الترجمة وإنشاءُ الخليفة المأمون لبيت الحكمة، واستقدامُه أشهر المترجمين، وتطوّرُ الدراسات اللغوية العربية التي أدّت إلى تطوير منهجية استخراج المعمّى وطرائقه، والتقدّمُ العلميّ في العلوم الرياضية، وازدهارُ علوم الإدارة والدواوين والإنشاء، وشيوعُ صنعة الكتابة والترسّل، وانتشارُ القراءة والكتابة والحفظ في أرجاء العالم الإسلامي، وتعرّضُ العالم الإسلامي للغزو المغولي من الشرق والحروب الصليبية من الشمال.

أما طرائق التعمية فهي الخوارزميات التي تُطَبَّق على النصّ الواضح لتحويله إلى نصٍّ معمّى. وأهمّها التعمية بالقلب أو البعثرة، التي تقوم على تغيير مواقع حروف النصّ الواضح وفق قاعدة معينة. والتعمية بالإبدال أو الإعاضة، التي يُستبدل فيها بكلِّ حرفٍ شكلٌ أو رمزٌ وفق قاعدةٍ محدَّدة، والتعميـة المركبـة التي تكون باستعمال طريقتين أو أكثر.

وأما اسـتخراج المعمّـى فيعود إلى ثلاثة مبادئ أساسية، أولها اسـتعمال الصفـات الكميـة للحروف بمعرفة تواترها في النصوص، ومقابلتها بمراتب الرموز المستعملة في الرسالة المعمّاة، وثانيها اسـتعمال الصفـات الكيفيـة للحروف بمعرفة أحكام بنية الكلمة، وما يقارِن غيرَه من الحروف، وما لا يقارنه، وثالثها اسـتعمال الكلمـة المحتملـة بمعرفة الكلمات التي يُحتمَل وجودها في النص.

ومن أشهر الأعلام الذين وضعوا مصنّفات في التعمية بالأقلام القديمة ذو النون المصريّ (ت 245ﻫ) في (حلّ الرموز وبَرْء الأسقام في كشف أصول اللغات والأقلام)، وأبو القاسم العراقي في (حلّ الرموز وفتح أقفال الكنوز)، ويعقوبُ الكنديّ (ت260ﻫ) في (رسالة في استخراج الـمُعَمَّى)، وابنُ وحشيةَ النبطي (بعد 291ﻫ) في (شوق الـمُسْتَهامِ في معرفةِ رموزِ الأقلامِ)، وجابرُ بن حيان (ت 200ﻫ) في (حلّ الرموز ومفاتيح الكنوز)، وابنُ الدُّرَيْهِم (ت762ﻫ) في (مفتاح الكنوزِ في إيضاحِ المرموزِ).

ومن أشهر العلماء الذين جمعوا بين علوم الإدارة والتعمية في مُصَنَّفاتهم أبو بكر الصولي (ت335ﻫ/ 946م) في (أدب الكُتّاب)، وحمزةُ بن الحسن الأصبهاني (ت360ﻫ/ 970م) في (التنبيه على حدوث التصحيف)، وإسحاقُ بن وهب الكاتب (ق 4 ه/ 10م) في (البرهان في وجوه البيان)، وأبو هلال العسكري (ت بعد 395ه) في (ديوان المعاني)، وأسعدُ بن مَـمَّاتي (544/ 606ه) في (خصائص المعرفة في المعمّيات)، وابنُ نُباتة (686/ 768ه) في (ترسُّل ابن نباتة)، وابنُ خلدون (732-808ه) في تاريخه (العبر) و(المقدمة) والقلقشنديّ (756-821ه) في (صبح الأعشى) (9/ 229-248).

ظهر مما سبق أن اللغة العربية كانت مادة التعمية بنوعيها العلمية المهمّة التي تقوم على قوانين وأصول وطرائقَ وخوارزمياتٍ، والتعمية البديعية الشعرية غير المهمّة التي أغفلناها. وكلا النوعين كان استعماله يدويًّا، أما اليوم فقد أصبح هذا العلم معتمدًا على النظريات الرياضية والحواسيب والدارات الإلكترونية ذوات القدرات والسرعات الهائلة.

لا شكّ أن ما سبق يؤكّد أن اللغة العربية ستعود كما كانت لغةً للعلم والحضارة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.53 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]