وكان الجواب شعراً - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216192 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7838 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859765 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394092 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-06-2012, 11:10 AM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي وكان الجواب شعراً

وكان الجواب شعراً


الشعر ديوان العرب وسجل حضارتهم ؛ حفظوا به الوقائع والمآثر وتعاقبوا على حفظه والاحتفال به جيلاً إثر جيل . وكان ظهور شاعر في القبيلة فتحاً " إعلامياً " يبتهج له السادة والفرسان ليكون شاعرهم الناطق الرسمي والمتحدث الوحيد عن مفاخر الحي كما يتولى مهمة الدفاع والذب عن أهله وجماعته .

وكم ارتقى بالشعر إنسان وعلا اسمه وكم طورد به آخر وغاب نجمه ؛ ورب رأس حصيد لسان كما قالوا في الحكم والأمثال وصدقوا .
وكان للشعر سوق ومناظرات يحضرها الفحول ليستمعوا للناشئة والشعراء الجدد وكانت هذه التظاهرة الثقافية محل العناية والاهتمام من القبائل ليعرضوا ما عندهم ويروا ما عند غيرهم .
ومع مرور الأيام وتعاقب الليالي فقد الشعر منزلته المتقدمة ومكانته العالية لجملة من الأسباب منها : ظهور وسائل الإعلام والترفيه الحديثة وانتشار العامية واللهجات المحلية وكذلك ظهور أنواع من الشعر أفسدت الذوق الرفيع كالشعر الطلسمي الحديث إضافة إلى الاهتمام بالأشعار الشعبية إلى حد الهوس أحياناً . ومما زاد الأمر ضغثاً على إبالة صيرورة الشعر سلعة تباع وتشترى ؛ فثورة الشعر تغلي مراجلها في نفس إنسان لتجود قريحته بفيض من مشاعره _ والمشاعر غير قابلة لنقل الملكية _ لكنها في زماننا تنقل بلا عقد ولا شاهد مادام هناك من يدفع ويغدق ولو كان بليداً غليظ الإحساس لا يصلح لشعر ولا نثر .
وهذه بعض القصص كان الشعر عمادها والمخرج الآمن من مأزقها ؛ أحببت أن أبرز فيها شيئاً من أثر الشعر قديماً إضافة إلى مراعاة جانب الإمتاع والفائدة .

• النمام :
النميمة خلق شائن قبيح منهي عنه ؛ والنمام دنئ وقح ولا كرامة ومحروم من دخول الجنة ابتداءً كما في الخبر الصحيح . وقد سعى رجل إلى أمير العراق عبيد الله بن زياد بالوشاية في الشاعر عبد الله بن همام السلولي ، وقد أحسن الأمير حين تريث ولم يلتفت لغرور السلطة وشهوة العقاب فاستدعى الشاعر وعرض عليه التهمة أمام الواشي ؛ فأجاب ابن همام مخاطباً رجل السوء :

وأنت امرؤٌ إما ائتمنتك خالياً ******** فخنت ، وإما قلت قولاً بلا علم !
فأنت من الأمر الذي كان بيننا ******** بمنـزلة بين الخـيانـة والإثـم !
وحينها تهلل وجه الأمير ورد الواشي متسربلاً بالخزي ؛ وقد ذهب عجز البيت الثاني مثلاً يجري على الألسن .

• الزفاف الحزين :

ومع الخليفة "المثقف " المأمون _ عفا الله عنه _ الذي أمهر " بودان " ابنة وزيره الحسن بن سهل مائة ألف دينار وخمسين مليون درهم وأهداها وبذخ عليها مالا يُحفظ له مثيل قبل عصرنا ، ومنح والدها خراج ثلاثة أقاليم إضافة إلى عشرة ملايين درهم في صورة متكررة من صور الترف الباذخ والفساد في بيت مال المسلمين الذي لم ينبعث له مجدد بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله .ولأن أكثر النساء بركة أقلهن مئونة كما جاءنا عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقد كانت بودان ليلة زفافها ممن تحرم عليهن الصلاة والصيام وما أن دخل عليها المأمون زوجاً مسروراً حتى خرج من غير أولي الإربة . وفي الصباح جاءه أحمد بن يوسف الكاتب مهنئاً " بالانتصار في المعركة حين اشتداد الحركة " لكن المأمون تنهد بحسرة وألم ممض قبل أن يجيب قائلاً :

فارس ماضٍ بحربته ******** صادقٌ بالطعن في الظلم
رام أن يدمي فريسته ******** فاتـقتـه من دمٍ بـدم
• حسد النبوغ :
كان المتنبي مقدماً في بلاط سيف الدولة ؛ ولأن الحظوة عند الكبراء مجلبة للحساد فإذا صاحب الحظوة نبوغ وتميز كان الحسد لئيماً مضاعفاً ؛ ولذا فقد نال المتنبي حسد من أبي فراس الحمداني _ وهو الأمير الشاعر _ ومن ابن خالويه _ وهو عالم اللغة والنحو ومؤدب الأمير _ . وقد حاولا استعداء سيف الدولة على شاعره في مثال لا يعز نظيره عبر العصور . وقد نجحا في المكيدة يوماً فضرب سيف الدولة صدغ المتنبي بمحبرة أسالت دمه وأبهجت الحساد ؛ لكن أبا الطيب بدهائه وبديهته الحاضرة نغص بهجتهم حين قال لسيف الدولة :

إن كان سركمُ ما قال حاسدنا ******** فمـا لجـرح إذا أرضاكم ألمُ
وبيننا-لو رعيتم ذاك- مـعرفةٌ ******** إن المعارف في أهل النُهى ذِممُ

• النقاد :
امتدح أبو تمام أحمدَ بن الخليفة المعتصم فلما بلغ قوله :

إقدام عمرو في سماحة حاتم ******** في حلم أحنف في ذكاء إياس
وحيث " لاتعدم الحسناء ذاماً " فقد قال هواة النقد لمجرد النقد : " إن الأمير فوق ما وصفت ، ولم تزد على أن شبهته بأجلاف العرب " فأطرق أبو تمام قليلاً ثم أرسل قذيفته القاصمة :
لا تنكروا ضربي له مَنْ دونه ******** مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره ******** مثلاً مـن المشكـاة والنبراس
ولهول الصدمة على النقاد وشدة وقعها فقد أخذ أبو يوسف الكندي الفيلسوف _ وكان من المشاركين في النقد _ الرقعة ولم يجد فيها هذا الرد المفحم فقال متفرساً : " إن هذا الرجل لن يعيش طويلاً " ؛ وصدقت فراسته حين توفي أبو تمام عن ثلاث وأربعين سنة .

• لغة الرموز :

سافر أبو العلاء المعري في رحلة مثيرة ماتعة من الشام لبغداد التي كانت موطن الحضارة والعلم والأدب ؛ وحضر مجلساً أدبياً راقياً في منزل الشريف المرتضى ؛ وفي ثنايا حديث هذا المنتدى انتقص الشريف من شاعرية المتنبي وكان شيخ المعرة يجل أبا الطيب ويستكثر على الشريف انتقاده فقال من فوره : يكفيه _ أي المتنبي _أنه القائل :

لكِ يا منازل في القلوب منازل ******** أقفرت أنت وهن منك أواهلُ
فاحمر وجه المرتضى وتغيظ وصاح بغلمانه أن أخرجوا هذا الأعمى الحقير . وحين استفسر الحضور عن سبب هذا الانزعاج المفاجئ من بيت شعرٍ ليس فيه ما يريب أجابهم المرتضى قائلاً : لقد كان هذا الأعمى يقصد قول المتنبي في نفس القصيدة :
إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ******** فهي الشهادة لي بأني كاملُ
فعجبوا من ترميز أبي العلاء ومن فهم المرتضى .

• المدح الكاذب :

عاتب الخليفة المأمون الشاعر الماجن أبا نواس قائلاً : ماذا أبقيت لنا إذ قلت في الخصيب أمير مصر :

إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا ******** فأي فتىً بعد الخصيب تزورُ؟
ولأن الشعر لا يعذب بغير المبالغة والشعراء يجري في دماء كثير منهم أمشاج خاصة للمدح الكاذب يتأكلون به ويقصمون ظهر الممدوح فقد أجاب أبو نواس قائلاً :
إذا نحن أثنينا عليك بـصـالحٍ ******** فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة ******** لغيرك إنساناً فأنـت الذي نعني


منقول من صيد الفوائد


__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-06-2012, 12:52 AM
الصورة الرمزية أبلة ناديا
أبلة ناديا أبلة ناديا غير متصل
مشرفة ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: maroc
الجنس :
المشاركات: 2,645
الدولة : Morocco
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

بارك الله فيك أم اسراء
__________________

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-06-2012, 10:29 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

بارك الله بك على مرورك أختى الفاضلة
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14-09-2012, 09:05 PM
الصورة الرمزية أبلة ناديا
أبلة ناديا أبلة ناديا غير متصل
مشرفة ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: maroc
الجنس :
المشاركات: 2,645
الدولة : Morocco
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

اشتقنا لك أم اسراء
__________________

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14-09-2012, 10:18 PM
الصورة الرمزية أسية م
أسية م أسية م غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
مكان الإقامة: maroc
الجنس :
المشاركات: 509
الدولة : Morocco
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

أشكرك اختي جعله الله في ميزان حسناتك
__________________
يا قارىء كلماتي
لا تبكي على موتي... فاليوم انا معك وغدا في التراب
ويا مارا على قبري... لا تعجب من امري
بالامس كنت معك... وغدا انت معي
اموت ويبقى كل ما كتبته ذكرى .
فيـا ليت كل من قرأ كلماتي دعـالي
[IMG


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-11-2012, 09:13 AM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

بارك الله فيكن وجزاكن خيرا

وشاكرة لك أختى الغالية أبلة ناديا

ربى يرزقك الجنة
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-11-2012, 08:39 PM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

بارك الله فيك اختي الفاضلة أم إسراء
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-12-2012, 07:15 AM
الصورة الرمزية زهـرة المحبة
زهـرة المحبة زهـرة المحبة غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2012
مكان الإقامة: *´¨`* حضن أمـى *´¨`*‬
الجنس :
المشاركات: 5,209
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

جزاك الله خيرا خالتوا
__________________
آحب أولئڳ الذين يغرسون
السعاده في أيامي
بِ ; سؤال - تعليق - مزحـۂِھ . .
آو حتى بـ عتب على التأخير ‘(
± . . هؤلاء / . . لهم القدرة
على تغير آحداث يوميَ .. ~
♥♥♥
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30-12-2012, 06:52 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

بارك الله بكن على مروركن أخواتى الفاضلات
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30-12-2012, 07:49 PM
راحلين راحلين غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
مكان الإقامة: دايح بأرض الله الواسعه
الجنس :
المشاركات: 818
الدولة : Zimbabwe
افتراضي رد: وكان الجواب شعراً

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم اسراء مشاهدة المشاركة
وكان الجواب شعراً




الشعر ديوان العرب وسجل حضارتهم ؛ حفظوا به الوقائع والمآثر وتعاقبوا على حفظه والاحتفال به جيلاً إثر جيل . وكان ظهور شاعر في القبيلة فتحاً " إعلامياً " يبتهج له السادة والفرسان ليكون شاعرهم الناطق الرسمي والمتحدث الوحيد عن مفاخر الحي كما يتولى مهمة الدفاع والذب عن أهله وجماعته .
وكم ارتقى بالشعر إنسان وعلا اسمه وكم طورد به آخر وغاب نجمه ؛ ورب رأس حصيد لسان كما قالوا في الحكم والأمثال وصدقوا .
وكان للشعر سوق ومناظرات يحضرها الفحول ليستمعوا للناشئة والشعراء الجدد وكانت هذه التظاهرة الثقافية محل العناية والاهتمام من القبائل ليعرضوا ما عندهم ويروا ما عند غيرهم .
ومع مرور الأيام وتعاقب الليالي فقد الشعر منزلته المتقدمة ومكانته العالية لجملة من الأسباب منها : ظهور وسائل الإعلام والترفيه الحديثة وانتشار العامية واللهجات المحلية وكذلك ظهور أنواع من الشعر أفسدت الذوق الرفيع كالشعر الطلسمي الحديث إضافة إلى الاهتمام بالأشعار الشعبية إلى حد الهوس أحياناً . ومما زاد الأمر ضغثاً على إبالة صيرورة الشعر سلعة تباع وتشترى ؛ فثورة الشعر تغلي مراجلها في نفس إنسان لتجود قريحته بفيض من مشاعره _ والمشاعر غير قابلة لنقل الملكية _ لكنها في زماننا تنقل بلا عقد ولا شاهد مادام هناك من يدفع ويغدق ولو كان بليداً غليظ الإحساس لا يصلح لشعر ولا نثر .
وهذه بعض القصص كان الشعر عمادها والمخرج الآمن من مأزقها ؛ أحببت أن أبرز فيها شيئاً من أثر الشعر قديماً إضافة إلى مراعاة جانب الإمتاع والفائدة .

• النمام :
النميمة خلق شائن قبيح منهي عنه ؛ والنمام دنئ وقح ولا كرامة ومحروم من دخول الجنة ابتداءً كما في الخبر الصحيح . وقد سعى رجل إلى أمير العراق عبيد الله بن زياد بالوشاية في الشاعر عبد الله بن همام السلولي ، وقد أحسن الأمير حين تريث ولم يلتفت لغرور السلطة وشهوة العقاب فاستدعى الشاعر وعرض عليه التهمة أمام الواشي ؛ فأجاب ابن همام مخاطباً رجل السوء :

وأنت امرؤٌ إما ائتمنتك خالياً ******** فخنت ، وإما قلت قولاً بلا علم !
فأنت من الأمر الذي كان بيننا ******** بمنـزلة بين الخـيانـة والإثـم !


وحينها تهلل وجه الأمير ورد الواشي متسربلاً بالخزي ؛ وقد ذهب عجز البيت الثاني مثلاً يجري على الألسن .

• الزفاف الحزين :
ومع الخليفة "المثقف " المأمون _ عفا الله عنه _ الذي أمهر " بودان " ابنة وزيره الحسن بن سهل مائة ألف دينار وخمسين مليون درهم وأهداها وبذخ عليها مالا يُحفظ له مثيل قبل عصرنا ، ومنح والدها خراج ثلاثة أقاليم إضافة إلى عشرة ملايين درهم في صورة متكررة من صور الترف الباذخ والفساد في بيت مال المسلمين الذي لم ينبعث له مجدد بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله .ولأن أكثر النساء بركة أقلهن مئونة كما جاءنا عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقد كانت بودان ليلة زفافها ممن تحرم عليهن الصلاة والصيام وما أن دخل عليها المأمون زوجاً مسروراً حتى خرج من غير أولي الإربة . وفي الصباح جاءه أحمد بن يوسف الكاتب مهنئاً " بالانتصار في المعركة حين اشتداد الحركة " لكن المأمون تنهد بحسرة وألم ممض قبل أن يجيب قائلاً :

فارس ماضٍ بحربته ******** صادقٌ بالطعن في الظلم
رام أن يدمي فريسته ******** فاتـقتـه من دمٍ بـدم



• حسد النبوغ :
كان المتنبي مقدماً في بلاط سيف الدولة ؛ ولأن الحظوة عند الكبراء مجلبة للحساد فإذا صاحب الحظوة نبوغ وتميز كان الحسد لئيماً مضاعفاً ؛ ولذا فقد نال المتنبي حسد من أبي فراس الحمداني _ وهو الأمير الشاعر _ ومن ابن خالويه _ وهو عالم اللغة والنحو ومؤدب الأمير _ . وقد حاولا استعداء سيف الدولة على شاعره في مثال لا يعز نظيره عبر العصور . وقد نجحا في المكيدة يوماً فضرب سيف الدولة صدغ المتنبي بمحبرة أسالت دمه وأبهجت الحساد ؛ لكن أبا الطيب بدهائه وبديهته الحاضرة نغص بهجتهم حين قال لسيف الدولة :

إن كان سركمُ ما قال حاسدنا ******** فمـا لجـرح إذا أرضاكم ألمُ
وبيننا-لو رعيتم ذاك- مـعرفةٌ ******** إن المعارف في أهل النُهى ذِممُ


• النقاد :
امتدح أبو تمام أحمدَ بن الخليفة المعتصم فلما بلغ قوله :

إقدام عمرو في سماحة حاتم ******** في حلم أحنف في ذكاء إياس

وحيث " لاتعدم الحسناء ذاماً " فقد قال هواة النقد لمجرد النقد : " إن الأمير فوق ما وصفت ، ولم تزد على أن شبهته بأجلاف العرب " فأطرق أبو تمام قليلاً ثم أرسل قذيفته القاصمة :

لا تنكروا ضربي له مَنْ دونه ******** مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره ******** مثلاً مـن المشكـاة والنبراس


ولهول الصدمة على النقاد وشدة وقعها فقد أخذ أبو يوسف الكندي الفيلسوف _ وكان من المشاركين في النقد _ الرقعة ولم يجد فيها هذا الرد المفحم فقال متفرساً : " إن هذا الرجل لن يعيش طويلاً " ؛ وصدقت فراسته حين توفي أبو تمام عن ثلاث وأربعين سنة .

• لغة الرموز :
سافر أبو العلاء المعري في رحلة مثيرة ماتعة من الشام لبغداد التي كانت موطن الحضارة والعلم والأدب ؛ وحضر مجلساً أدبياً راقياً في منزل الشريف المرتضى ؛ وفي ثنايا حديث هذا المنتدى انتقص الشريف من شاعرية المتنبي وكان شيخ المعرة يجل أبا الطيب ويستكثر على الشريف انتقاده فقال من فوره : يكفيه _ أي المتنبي _أنه القائل :

لكِ يا منازل في القلوب منازل ******** أقفرت أنت وهن منك أواهلُ

فاحمر وجه المرتضى وتغيظ وصاح بغلمانه أن أخرجوا هذا الأعمى الحقير . وحين استفسر الحضور عن سبب هذا الانزعاج المفاجئ من بيت شعرٍ ليس فيه ما يريب أجابهم المرتضى قائلاً : لقد كان هذا الأعمى يقصد قول المتنبي في نفس القصيدة :

إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ******** فهي الشهادة لي بأني كاملُ

فعجبوا من ترميز أبي العلاء ومن فهم المرتضى .

• المدح الكاذب :
عاتب الخليفة المأمون الشاعر الماجن أبا نواس قائلاً : ماذا أبقيت لنا إذ قلت في الخصيب أمير مصر :

إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا ******** فأي فتىً بعد الخصيب تزورُ؟

ولأن الشعر لا يعذب بغير المبالغة والشعراء يجري في دماء كثير منهم أمشاج خاصة للمدح الكاذب يتأكلون به ويقصمون ظهر الممدوح فقد أجاب أبو نواس قائلاً :

إذا نحن أثنينا عليك بـصـالحٍ ******** فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة ******** لغيرك إنساناً فأنـت الذي نعني



منقول من صيد الفوائد

اما عن منزلة الشعر فلازالت كما هي ولازال الشعراء يؤدبون الناس ويردون وكلامهم يقطع الالسن وكما قال حبيبي صلى الله عليه وسلم لن تدع العرب الشعر حتى تدع النوق الحنين
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 103.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.25 كيلو بايت... تم توفير 5.95 كيلو بايت...بمعدل (5.76%)]