الحج عِبر وعِظات(خطبة الحرم المكي 26 ذي القعدة 1433هـ ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         البيت المبارك وحياتنا المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قيام الليل يرفعك إلى درجة الشاكرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          إسرائيل تخسر الجامعات الأميركية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          أسرار الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          موعظة الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          ثقافة السوق والاستعمار الناعم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أزمة المسلمين الحضارية: جذورها وأبعادها وحلولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          منهج خالد لا أشخاص عابرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          "لعل" في كلام الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-04-2024, 02:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,166
الدولة : Egypt
افتراضي الحج عِبر وعِظات(خطبة الحرم المكي 26 ذي القعدة 1433هـ )

الحج عِبر وعِظات(خطبة الحرم المكي 26 ذي القعدة 1433هـ )



تحدَّث الشيخ سعود الشريم -حفظه الله- في خطبته مذكرًا بضرورة وأهمية استِحضار العِبَر والعِظات التي تضمَّنتها فريضةُ الحجِّ: من تذكُّر بناء البيت العتيق وكيفية ذلك، وسعي هاجر – عليها السلام – بين الصفا والمروة بحثًا عن الماء لابنها الرضيع، ووقوف النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا والمروة في غير موضعٍ، وبيَّن بعضَ مقاصِد الحجِّ ولطائفه.
وكان مما قال: إن من تأمَّل قصةَ هذا البيت العتيق وما مرَّ به عبر القرون والعصور، وهو شامخُ البُنيان، ثابتُ الأركان، بدأ في وادٍ غير ذي زرعٍ، لا ماءٌ به ولا شجَرٌ ولا شيءٌ، خلاءٌ بلقَع، ليس به أنيسٌ ولا جليسٌ، ونراه اليوم بيتًا معمورًا، لا تمرُّ لحظةٌ إلا وفيه طائفٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ.
بلدٌ كان لا يقصدُه القاصِد إلا ووصيَّته مكتوبةٌ عنده؛ لأن شدَّ الرَّحل إليه مظِنَّةٌ من مظانِّ الهلاك؛ إما تيهًا، أو جوعًا وعطشًا، أو قطعًا للطريق، وربما كان يُقال عنه قديمًا: الذاهبُ إليه في عِداد المفقود، والعائدُ منه كالمولود؛ لبُعد المسافة، ووعورة الطريق، وقلَّة الزاد والرَّاحِلة.
وقد أشارَ إليه المولَى بقوله: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (النحل:7) قال المُفسِّرون: «هي مكة».
وتتوالَى نعمُ المولَى - سبحانه - على عباده، فيخلُق ما لم يكونوا يعلمون به ولا يحتسِبون، فيُذلِّلُ لهم ركوبَ ثبَج الهواء والبحار والبراري، ويُؤمِّنُ لهم الطريق، ويُنعِمُ على عباده بالمَركب الرَّخِيِّ، والرزقِ الهنِيِّ، والمسكن السلِيِّ، ويُكرِم عبادًا حمَّلَهم خدمةَ الحرمين الشريفين ليُفيضُوا فيه مما أفاءَ الله عليهم، يُسخِّرون نعمةَ الله خدمةً لوفود بيته الحرام، في صورةٍ لو ذُكِرت لأسلافنا لوُصِف راويها بالخَبال، {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}(إبراهيم: 34).
ومع ذلكم كلِّه - عباد الله - فإن السفرَ قطعةٌ من العذاب، وورود عرَصات المناسِك بأركان الحجِّ وواجباته وسُننه لم يأتِ في شريعتنا الغرَّاء في دائرة الترفُّه أو التنعُّم، كلا؛ بل إن الحجَّ عبادةٌ تميَّزَت باشتراك الجهد البدنيِّ والماليِّ فيه، ومهما بلَغَت وسائلُ الراحة والترفُّه مبلغَها في هذا العصر فلن يُعفِيَ أحدًا من التفَث والشَّعَث والمشقَّة؛ إذ عرَصاتُ المناسِك إنما هي امتحانٌ للمرء المُسلم أيصبِرُ أم يضجر.
وما مُنِع الحاجُّ مما كان حلالاً عليه قبل الإحرام إلا لحكمةٍ يعلمُها - سبحانه - تُشعِرُ الناسِك بالنَّصَب والوَصَب والمشقَّة في ذات الله - سبحانه - وإلا فما معنى المنع من قصِّ الشعر وتقليم الأظافر والطِّيب ولُبس المخيط والخِطبة والنِّكاح ومُعاشَرة الزوجة، إن لم يكن من أجل استِحضار نعمة الله على العبد حالَ الترفُّه وترادُف النعم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم- لعائشة - رضي الله عنها -: «إنما لكِ من الأجر على قدر نصَبكِ ونفقَتِك»، {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الحج: 29).
وحينما يمتنِعُ الحاجُّ والمُعتمِر عما حرَّمَه الله عليه حالَ النُّسُك - وهي كلُّها من وسائل الترفُّه - ليرسُخُ في أفئدتِهم مبدأُ الوقوف عند حدود الله، والسمع والطاعة له فيما أباح وفيما حرَّم، لا يُجادِلون في حُرمة ذلك، ويتلقَّونَه بعين الرِّضا، والتعبُّد للواحد القهَّار الذي منعَهم من مُزاولة ومُلابَسة ما نهاهم عنه، فيُدرِكون أن الحُكمَ لله وحده، والأمرَ لله وحده، وأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله.
وبمثل هذا تُصقَل النفوسُ المؤمنة من خلال توثيق الصِّلَة بالله في الحجِّ، وتجديد الولاء له بالتوحيد في صيغة التلبية: لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلك، لا شريك لك، وفي صيغة التهليل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وفي صيغة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، عند الإحرام، وفي عرفة، وعند رمي الجِمار، وكأنَّ ذلك التوحيد علامةٌ على أن من أراد أن يغفِر الله له فليُوحِّده حقَّ توحيده، وليجعل الأمرَ كلَّه لله خلقًا وعبادةً، وأمرًا ونهيًا، لا مُبدِّل لكلمات الله، ولن تجِد من دونه مُلتحدًا.
ولهذا - عباد الله - كان جزاءُ من أقام شعائر التوحيد في الحجِّ ولم يرفُث ولم يفسُق أن يرجِع كيوم ولدَتْه أمُّه، كما صحَّ الخبرُ بذلكم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان الباري - سبحانه - قد جعلَ اجتِنابَ الكبائر سببًا في كفَّارة الذنوب، كما في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}(النساء: 31)، فإن تركَ الشرك بالله - أكبر كان أو أصغر - وإقامة التوحيد من بابِ أولَى، {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب}ِ (البقرة: 197).
وذكر الشيخ الشريم أن من مقاصِد الحجِّ: إقامةَ ذكر الله بالتوحيد؛ فتارةً يكون بالتلبية، وتارةً يكون بالتهليل، وتارةً يكون بالتكبير، وكلُّها أذكارٌ تُؤكِّدُ انفرادَ الله في رُبُوبيَّته وألوهيَّته وأسمائه وصفاته، وهكذا تظلُّ جُموع الحَجيج تجأرُ بذكر الله، لها هديرٌ لا ينقطِع، يُستحبُّ لهم ذلك كلُّهم حال القيام والقعود والمشي والركوب، والاضطجاع والنزول والسير، للمُحدِث والجُنُب والحائض، في الليل والنهار، وعند الأسحار، وفي أدبار الصلوات؛ فقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الحجِّ أفضلُ؟ فقال: «العَجُّ والثَّجُّ»؛ رواه الترمذي، والعَجُّ: هو رفعُ الصوت بالتلبية. والثَّجُّ: هو نحرُ البُدْن.
وفي الحديث الآخر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جُعِل الطوافُ بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجِمار لإقامة ذِكر الله» رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود.
وفي السعي - عباد الله - وقِف النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا ثم وحَّد اللهَ وكبَّرَه، وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجزَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ وحده»، ومن هنا يستحضِرُ كلُّ مؤمنٍ مُوحِّدٍ أن الله سيُنجِزُ وعدَه لمن وعَد، وأنه لا يفُلُّ كيدَ عدُوِّهم ويُفرِّقُ شملَهم إلا هو - سبحانه - فهو القاهرُ فوق عباده، وهو على كل شيء قدير، وأن النصرَ من عند الله ينصُر من يشاء وهو العزيزُ الرحيمُ، وأما العباد فلا حول لهم ولا طَول إن لم يكن لهم نصرٌ من الله وفتحٌ قريبٌ، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِين}َ (آل عمران: 126، 127).
ولعلَّ من اللطائف في كون أن النبي صلى الله عليه وسلم اختارَ موضعَ الصفا والمروة ليذكُر فيه نعمةَ النصر وإنجازَ الوعد: أنه هو الموضع الذي كانت تقطعُه هاجَر أم إسماعيل - عليهما السلام - تبحثُ فيه عن الفَرَج وكشف الكُربة، تبحثُ عن الماء لابنِها الرَّضيع، فيكشِفُ الله غُمَّتَها، ويُفرِّجُ كُربتَها.
فحريٌّ بكل حاجٍّ أن يستلهِمَ هذه العِبَر والعِظات، وأن يستحضِر وهو يقِفُ على الصفا والمروة ما كان يقولُه صلى الله عليه وسلم، مُعطَّرًا بالفأل الحسن، وتغيُّر الحال من الضعف إلى القوة، ومن الاضطهاد إلى النصر.
هذا هو الحجُّ - عباد الله -، يبدأُ بالذكر، ويتوسَّطه الذكر، ويُختَتم بالذكر، {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (البقرة: 200- 202).


اعداد: الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.40 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]