"محكمة الأبرياء" من نوادر المسرح الإسلامي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 766 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 124 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 2 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 20 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 85 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-10-2020, 05:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي "محكمة الأبرياء" من نوادر المسرح الإسلامي

"محكمة الأبرياء" من نوادر المسرح الإسلامي



شمس الدين درمش




اسم الكتاب: محكمة الأبرياء؛ مسرحية شعرية عن البوسنة والهرسك.
المؤلف: الدكتور غازي طليمات.

لعل هذا العمل الأدبي الإبداعي من الأعمال النادرة التي كتبت عن "البوسنة والهرسك" بأحداثها الدامية المفجعة أمام سمع العالم وبصره. وتأتي ندرته كونه اتخذ شكلا مسرحيا شعريا، فأحداث البوسنة والهرسك ومثيلاتها وجدت تجاوبا عميقا في نفوس الشعراء ونتج عنها قصائد كثيرة، ومنها ذلك الديوان الشعري الذي صدر عن رابطة الأدب الإسلامي العالمية باسم "ديوان البوسنة والهرسك" وهو مختارات لعدد من شعراء الرابطة فحسب، مما يجعله جزءا يسيرا من الإبداع الشعري المكتوب في هذا الموضوع.


ولقد كان للقصة والرواية مجال واسع أيضا في تناول تلك الأحداث لو توجه إليها المبدعون على غرار ما كتبه نجيب الكيلاني من روايات عمالقة الشمال، وعذراء جاكرتا، وليالي تركستان التي لقيت قبولا واسعا، ولكن الإبداع السردي لم يكن على مستوى الإبداع الشعري.


والإبداع المسرحي النثري هو الأقل تجاوبا مع أحداث العالم الإسلامي نظرا لما يحتاجه هذا الفن من قدرة عالية في صياغته، أما إذا بحثنا عن إبداع مسرحي شعري فربما لا نجد سوى هذا العمل الذي بين أيدينا، ومن هذا التفرد تنبع الأهمية الأولى لهذا العمل، أما الأهمية الثانية فتنبع من الصياغة الشعرية المتألقة التي اتسم بها هذا العمل بصفحاته التي قاربت المئة من القطع العادي ليشكل ديوانا شعريا كاملا.


فكرة المسرحية:

أقام د. غازي طليمات مسرحيته الشعرية على فكرة لافتة لنظر القارئ ومثيرة لتساؤلاته (محكمة الأبرياء)، إذ المحاكم تقام عادة للمتهمين، فيدانون بجرائمهم، أو يبرؤون منها، أما أن تقام للأبرياء فذلك مدعاة لقدر كبير من الدهشة! والأصل في الإنسان البراءة! فمن هم الذين حاكمهم الشاعر في منصة مسرحيته القضائية، وهل بقي متهموه على أصل براءتهم أم أدينوا بجرائمهم التي كانت تتستر بثياب البراءة كما يقال عن الذئب الذي يرتدي ثوب الحمل أو الثعلب المتنسك في حكايات الأطفال الموروثة؟!

المجرمون في قضية البوسنة والهرسك وغيرها من الأحداث التي مر ويمر بها العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة معروفون، ومحاكمتهم لا تحتاج من وجهة نظر الشاعر غازي طليمات إلى مجلس قضاء، ولكن أولئك الذين يعيشون في نفوسهم بإحساس البراءة هم الذين يحتاجون إلى مجلس قضاء لكشف جريمتهم المتخفية حتى عن أصحابها، وهنا تظهر براعة الحاكم الذي نصبه الشاعر وذكاؤه.


اكتشاف المحكمة:

تبدأ الأحداث التمهيدية للمحكمة بمرور كهل رث الثياب ليقرأ لوحة كبيرة كتب عليها (محكمة الأبرياء)، وفي جانب المنصة منبر كتب عليه (منبر الضمير) فيثير ذلك دهشته، لأنه يقرأ أول مرة أن للأبرياء محكمة!!

ينضم إلى الكهل شاب تاجر فيشارك الكهل في دهشته، ويحصل بينهما تعارف، ثم ينضم إليهما ضابط يحمل على صدره أوسمة كثيرة، وكهل آخر مهيب نعرف أنه قاض ٍ درس الفقه، وعمله في القضاء يزيد الموقف إثارة بين الرجال الأربعة، لأنه الخبير بالمحاكم فيقول (صـ7):

"بلوت محاكم الدنيا وهذي تصنف في أعاجيب القضاء ِ أمحكمة تشاد لأبرياء لترمي بالبراءة في الشقاء؟!".

ويخرج الحارس على الرجال الأربعة فيزيل ما هم فيه من الحيرة بتأكيد واقعية المحكمة ومصداقيتها، وأن (الحاكم) موجود في الداخل لإجراء المحاكمة، وأمام دهشة الضابط وسؤاله يؤكد الحارس فيقول (صـ9) إنه:

"من أعقل الرجال يفهم ما يقال حتى قبل أن يقالْ كأنه يبصر ما في القلب من طيف ومن خيالْ وكل ما يقبع في مغاور الأنفس من خصالْ بمقلة حديدة دقيقة".

ويتداول الرجال الأربعة:

- الرجل الكهل الرث الثياب الذي يمثل العابد الزاهد.
- والشاب الأنيق التاجر الذي يمثل الأغنياء.
- والضابط الذي يمثل الجنود والقادة حماة البلاد.
- والقاضي الذي يمثل العدالة.

يتداولون الأمر فيما بينهم للمثول على منصة محكمة الأبرياء للمحاكمة حتى يظهر للناس الحقيقة، ويختارون للمحكمة موضوعا يحاكمون على أساسه، وأن يكون قضية جامعة ومعقدة، وهي (الحرب والسلام في العالم)، وأن يكون مسرحه بعيدا عن بلاد العرب حتى لا يقعوا في مشكلات هم في غنى عنها فتتفق كلمتهم على (البوسنة والهرسك)؛ لأنهم لم يشاركوا في هذه الحرب ولم يرتكبوا أية جريمة!!


يقول القاضي في ذلك (صـ14):

"إن نناقشها نجونا من الأذى والملامِ ورفعنا رأس البراءة تاجاً وظفرنا من طهرها بوسامِ".

محاكمة الرجال الأربعة:

بعد إبلاغ (الحاكم) بقرار الرجال الأربعة بالمثول في (محكمة الأبرياء) لإثبات براءتهم والاتفاق على أن تكون المحاكمة فردية تبدأ المحكمة بتعريف كل (بريء) نفسه أمام الحاكم.

ويبدأ القاضي أولا ً فيعرف نفسه قائلا (صـ15):

" أنا عبد الحق، والوالد عادل وكلانا درس الفقه في سلك القضاء الحر عامل همنا أن ننصر الحق وأن نثأر من بغي وباطل ونزيل المظلمة".

ثم يقف في قفص (الاتهام/البراءة) الضابط، ويعرف نفسه قائلا (صـ27):

"أنا محمود بن منتصر كلاهما ضابطان الشيخ والولدُ خاض الحروب أبي في كل مجتلد مع العدو فلم يضعف له جلدُ".

ويقف التاجر ثالثا للمحاكمة فيسأله الحاكم (صـ45):

"الحاكم: هات، وإياك وعصف الصخب ما اسم ضيفي؟
التاجر: رابحٌ
الحاكم: صنعته؟
التاجر: صنعتي المال كجدي وأبي صيرفيان هما لكنني جوهري همتي في الذهب".

ويأتي دور الرجل الكهل الرث الثياب رابعا، بينما كان هو الأول الذي دخل قاعة المحكمة العجيبة (محكمة الأبرياء) ونتعرف عليه من خلال حوار الحاكم إياه (صـ58):

"الحاكم: ما اسم ضيفي؟
الكهل: تقي بن يحيى
الحاكم: وصنعته؟
تقيّ: النسك كالأولياء
الحاكم: أصنعتك النسك؟
تقيّ: لا هم لي سوى الذكر أدمنه والدعاء
الحاكم: عن الشغل أسأل!
تقيّ: شغلي التقى".

ويدور حوار طويل بين (الحاكم) وكل من (الأبرياء) الأربعة حول علاقتهم بحرب البوسنة والهرسك لإثبات براءتهم من وجهة نظر كل منهم، وإدانتهم من وجهة نظر الحاكم.

ويكشف الحاكم بالحوار الذكي العلاقة الخفية والخافية بين كل منهم وحرب البوسنة والهرسك من خلال عمله المنوط به وموقفه في الأحداث حتى يوصله إلى قناعة بجريمته التي تدينه، أو بعدم براءته –على الأقل- من هذه الحرب التي جلبت على المسلمين من أهلها الويل والدمار.

نماذج من محاورات المحكمة:

ونأخذ شخصية الكهل الزاهد تقي بن يحيى نموذجا للمحاكمة، وتأتي محاكمته بعد القاضي والضابط والتاجر.

محاكمة الكهل الرث الثياب:

يأتي الكهل الزاهد المتنسك إلى قفص (البراءة) ليخرج متهماً!!

والحاكم يدخل على الكهل المتنسك من اسمه (تقيّ) بن يحيى، واسم تقي فيه تزكية للنفس، وتزكية النفس منهية عنها في الشرع (ولا تزكوا أنفسكم)، ويظهر الحاكم براعة في كشف خفايا (تقيّ) مما يلبس به إبليس على الزهاد والمتعبدين، فلما سأله الحاكم عن شغله قال (صـ58):

"تقي: شغلي التقى
الحاكم: وكيف تمارسه؟
تقي: في الخفاء تخيرت من مسجد موضعا عليه أصلي صباح مساء
الحاكم: ومن أين تقتات؟
تقي: مما يجود على الأتقياء به الأسخياء
الحاكم: أفي الناس مثلك؟
تقي: فيهم ألوف مريدون لي في التقى والنقاء تبرأت من تبعات الحياة فقلبي ضياء وروحي صفاء
الحاكم: وكيف يعيش المريدون؟
تقي: مثلي حياة التقى والرضا والنقاء
الحاكم: كسوت التهرب ثوب التبرؤ لما ترديت هذا الدواء وأغويت جيلا من الخاملين فأنت ومن قلدوك هباء".
ونلاحظ المفارقة الواضحة بين أسئلة الحاكم وأجوبة (تقي) مما جعله مهيأ لاتهامه، فالحاكم عندما يسأل عن معيشة المريدين يقصد مأكلهم ومشربهم، بينما (تقي) يجيب بعيدا عن الموضوع بما فيه تزكيتهم كما يزكي نفسه وأنهم لا أعمال لهم منها يتكسبون، فهم عالة على المجتمع، ولا شك في أن هذا مسلك منهي عنه شرعا، وليس هذا سبيل الزهد والتقى في الإسلام؟!

ويستخدم الحاكم كلمة ذات معنيين عندما يقول:

"كسوت التهرب ثوب التبرؤ لما ترديت هذا الرداء".
فترديت بين الكساء والرداء توحي بمعنى الارتداء، ولكن المعنى الكامن فيه هو التردي بمعنى الوقوع من علٍ!!

ومن خلال الحوار الطويل الذي يدور بين الحاكم وتقي حول العبادة والشهادة والمساجد والمعارك، والشباب والكهول، والمحارب والمعلم في محاولة من (تقي) أن يلقي عن نفسه أية مسؤولية أو تبعة لما حدث في البوسنة والهرسك يضرب له الحاكم مثالا من (عمر المختار رحمه الله) الذي كان شيخا كبيرا حين قاد الجهاد فيجيب تقي (صـ67):

"تقي: مضى وكان على المدى بطلا فريدا أنا دارس لا فارس أغشى المكاتب لا الكتائب
الحاكم: قد كان مثلك يقرئ الأولاد لكن كي يربيهم أسودا
تقي: وأنا أربيهم حمائم
الحاكم: أنت تمسخهم أرانب فإذا دعوا في الغائبات وجدتهم فيها نوائب يتمزقون تمزق الأغنام قد لقيت فهودا
تقي: أأنا بتشجيع التواكل والتخاذل متهم؟ بعد الذي عانيت في بعث القيم؟!
الحاكم: لك أن تظن
تقي: لقد ظننت ولم يخب في العمر ظني".

ويقرر تقي مثل سابقيه الخروج من القفص وقد أحسّ أن أدلة الاتهام قد أحاطت به، وضيقت عليه فقال (صـ70):

"تقي: أختار الخروج من الحوار قبل التفاف الأفعوان علي كالحبل المدار فلأنطلق متفلتا من بين أغلال الإسار أنا لا أطيق العيش في قلب الحصار".

فيخلي الحاكم سبيله ويقول مشيرا إليه وإلى زملائه الثلاثة الذين سبقوه (صـ71):

"الحاكم: ها أنت ذا كالآخرين خرجوا من القضبان لكن لم يزالوا في سجون
تقي: ماذا قصدت؟
الحاكم: قصدت أن لكم حناجر أقسمت ألا تبين خنقت ضمائركم وأخفت عن قلوبكم اليقين".
وبذلك يسدل الستار على الفصل الأول من المسرحية، وقد هزّ الحاكم ضمائر الرجال الأربعة الذين كانوا يظنون ألا علاقة لهم بقضية الحرب والسلام في البوسنة والهرسك، وهم وإن كانوا لم يقتنعوا تماما أنهم مدانون بتقصيرهم في مساعدة إخوانهم في الإسلام فإنهم صاروا على يقين بأنهم ليسوا أبرياء!!

من قفص (البراءة / الاتهام ) إلى منبر الضمير:

يأتي الفصل الثاني من المسرحية الذي يمتد من (صـ73-110) ليحكي لنا الأبرياء الأربعة المتهمون عن مكنون ضمائرهم بعد الرجوع إلى أنفسهم في الزمن الفاصل بين الجزء الأول من المسرحية والجزء الثاني.

يدعو الحاكم كلا منهم إلى أن يقف على منبر الضمير ويقول الحق دون تزوير (صـ73):

"الحاكم: - مشيرا إلى منبر الضمير- منبر ناطق بصوت الضمير شرط من يعتليه أن يتجافى في الحوار المعقود عن كل زور".
وهكذا يتناوب الرجال الأربعة الوقوف على المنبر، فيبدأ عبد الحق بن عادل القاضي، ثم الضابط محمود بن منتصر، ثم التاجر رابح ثم الكهل الزاهد تقي بن يحيى.

الكهل الزاهد تقي بن يحيى على منبر الضمير:

يطلب الحاكم من التاجر رابح أن يخلي مكانه على منبر الضمير للزاهد تقي بن يحيى فيعترف تقي بما يعانيه من تأنيب الضمير (صـ95) فيجيب على سؤال الحاكم:
"الحاكم: أعرفت السر؟
تقي: نعم ندم في الصدر كجمر مستعر أوهام كانت تشغلني عن واقع شعب مندحر عن واقع أمتي الكبرى إذ أمست مزقا من بشر في الغرب يمزقها صرب في المشرق عباد البقر".

ولكنه مع الاعتراف يبحث عما يبرئه كونه ضعيفا لا يملك من وسائل المقاومة وأساليبها شيئا فيذكره الحاكم بأن ( النحل إذا غزيت لدغت) (صـ97) وهي ضعيفة، ولكن الرجل الزاهد يختار مرة أخرى صورة ضعف تبرئه فيقول (صـ97):

"تقي: شجر وجراد نحن وهم فأجبني ما ذنب الشجر؟".

ونقف مرة أخرى عند تحليلات نفسية عميقة في الحوار بين الحاكم وتقي ويسمي الحاكم بعض ما يفعله (تقي) رشوة ولكن من نوع آخر غير الذي يقدمه رابح التاجر، فمثلا يسأل الحاكم تقيا عما سيفعله إن حدث عن البوسنة حديثا داميا، فيقول تقي (صـ100):

"تقي: أقمع العصف أصلي ركعتين ثم أدعو الله أن يعصمني من كل تقصير وشين وبهذا يغتدي عني ضميري راضيا وبريئا أغتدي ليس لأهل البوسنة عندي دين!
الحاكم: لمْ تصلي حين تشتد الرزايا
تقي: ورعا مني وتقوى ورجاء لجلال الله أن يعصمني من كل بلوى
الحاكم: ربما يؤذيك أن ندعو ما تفعل رشوة.. رشوة تدفع عن نفسك إيلاما وشقوة وتراها عوضا ألين من فرض الجهاد يخدع النفس ولا يخدع خلاق العباد".

النهاية في محكمة الأبرياء:

يعلن الحاكم للرجال الأربعة (الأبرياء المتهمين) أن يخلو مع الضمير لتداول الحكم النهائي في القضية فيقول (صـ105):
"الحاكم: أيها القوم سأخلو لحظات ألتقي فيها الضمير قبل أن أنطق بالحكم الأخير بلسان الشرع والإيمان والحق المنير".

وعندما يخرج يلوم الرجال الأربعة أنفسهم، ويلوم بعضهم بعضا أن دخلوا في هذا المأزق الذي كانوا في غنى عنه، وما يتوقعونه من حكم الحاكم ببراءتهم أو إدانتهم، ثم يعود ويبدأ بنطق الحكم وسط همهمات الرجال واعتراضاتهم لينزل أخيرا من منصة الحكم فيفتح قفص الاتهام ويضع نفسه مع الرجال الأربعة، يقول (صـ110):

"فوجدناكم ونفسي بينكم في الإثم طرا غارقين ووجدناكم، وما برأت نفسي – مذنبين".

ومع ارتفاع أصوات الرفض والاحتجاج من الرجال يتابع الحاكم قوله:

"الحاكم: ارفضوا الحكم ولكن لا تكونوا جبناء واعشقوا الموت يكن في عشقه طول البقاء واخفضوا الأعناق إن زرتم قبور الشهداء إنهم ماتوا لنحيا فحيينا كبغايا!! ليس فيهن حياء فلنطأطئ هامنا لله فعل القانتين الخاشعين فعسى أن يغفر الله ذنوب التائبين وعسى أن نعشق الموت لنحيا خالدين".

وتنتهي المسرحية بفصلها الثاني تاركة آثارها العميقة في نفوسنا حول قضية عاشها المسلمون وعاشها العالم رأي العين من قتل وتهجير وتدمير واغتصاب دون تفريق، في حرب عنصرية قذرة في قلب أوروبا التي تدعي تصدير الحضارة إلى العالم، ولكن عن طريق الموت!! وما قضية البوسنة والهرسك إلا مثل من أمثلة كثيرة في العالم الضعيف، جمر ينفخ في رمادها الأقوياء دون أن تدمع عيونهم بدخانها، ودون أن تحترق ثيابهم بشرارة جمرها.


وهذه المسرحية بصياغتها الشعرية الرائعة تعد عملا أدبيا من عيون الأدب الإسلامي المعاصر. وهي من بعد لا تعدم أن يقول فيها قائل قولا يقترح فيه تغيير لفظة مستقبحة مثل (بغايا) في قوله (فحيينا كبغايا)، أو إدخال شيء من التعديل في تقسيم الفصل الأول والثاني من المسرحية إلى مشاهد يسهل على القارئ تفهم الأحداث، واستيعاب الأفكار من خلال الوقوف في نهاية كل مشهد، والاستعداد لرؤية مشهد جديد، فإن السير في فصل واحد يستمر سبعين صفحة يعتمد فيه تطور الحدث وتصعيده على النمو الفكري أمر متعب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.04 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]