|
|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عوائق في طريق الزواج
عوائق في طريق الزواج أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عباد الله، لا يجادل عاقل في أهمية الزواج وفضائله، ومنـزلة النكاح وفوائده، وأنه السبيل الطَبَعِي لاستقرار النفوس، وسَكَن القلوب، واستقرار المجتمع ونمائه، فهو الطمأنينة والسَّكَن، وبه تنتظم الحياة، وفي بحره تتدفّق أنهار المشاعر، وفي حِمَاه يأتي الجيلُ الصالح بإذن الله، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم:21]. بالزواج يَنشُر الطُّهْرُ ضياءَه، ويُسْدِل العَفَافُ رداءَه، ويحصل الإحصان لمن استطاع الباءة، عندها تنحسِر المنكرات، وتظهر الخيرات والبركات، ويعيش المجتمع رفاهيةَ الأمن الـخُلُقي؛ ورغد العيش الاجتماعي. لقد جعل الله تعالى الزواج فضيلة، وجعله سنة أنبيائه فقال سبحانه مخاطبًا خليله: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد:38]. ولما في الزواج من المصالح العظيمة فقد رَغَّبَت شريعة الإسلام فيه، وحثّت على تيسيره؛ وتسهيل طريقه، ونهت عن كل ما يقف في سبيله، أو يُعوِّق تمامَه، ويكدّر صفوه، قال تعالى: ﴿ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء:3]، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر؛ وأحصن للفَرْج...)) رواه البخاري ومسلم. وقد أمر الله تعالى في كتابه بتزويج الأكفاء، ونهى عن عَضْل النساء، وبيّن تعالى في كتابه وسنة رسوله الحقوقَ والواجباتِ بين الزوجين، داعيًا لتكوين الأسرة المسلمة واستصلاحها. عباد الله، الحديث عن الزواج حديث ذو شُجُون، وحسبنا في هذه الوقفة المباركة أن نُعَرِّج نصحًا وتنبيهًا؛ على بعض الظواهر التي ترتبط بالزواج ولها أثر غير حسن على مسيرة الحياة الأسرية والاجتماعية. فأوّلها - رعاكم الله - ظاهرة تأخير الزواج لدى الذكور والإناث بحجة إكمال الدراسة، أو الحصولِ على الغنى، أو عدمِ الرغبة في الارتباط المبكّر، أو غير ذلك من الأسباب، وإن تأخير الزواج مخالف للسنّة الشرعية؛ كما هو مخالف للسنّة الفِطرية، قال الصديق رضي الله عنه: (أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (التمسوا الغنى في النكاح)؛ وقرأ قوله تعالى: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور:32]. وقال أيضًا ابن مسعود رضي الله عنه: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرةُ أيام وأعلم أني أموت في آخرها يومًا ولي طَوْلٌ على النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة). وقال إبراهيم بن ميسرة: قال لي طاووس (التابعي): لتنكِحَنّ أو لأقولنّ لك ما قال عمر لأبي الزوائد؛ قال له: (ما يمنعك عن النكاح إلا عجزٌ أو فجور). أيها الإخوة؛ وثاني هذه الظواهر: الغلاءُ في المهور؛ والمباهاتُ في المناسبات؛ وتقويمَ الخاطب بمقدار ما يستطيع أن يقدم؛ وهذا حقيقة صِغَرٌ في النفس، وانحدار في التفكير، ونقص في العقل، كما أن إرهاق الخاطب بالمهر الكثير واشتراط الهدايا الكثيرة والمناسبات العظيمة لتُرهِق بالديون، وتُعيق مسيرة الزواج في المجتمع، ويتسبّب في بقاء الشباب مدة طويلة بلا زواج؛ وكذلك الفتيات؛ حتى تمتلئ البيوت بالعَوانِس، وهذا من صور العَضْل الذي حرّمه الله تعالى. وليُعْلَم أنه إذا غالى في المهور والشروط بعضُ الناس؛ ففي بقيّة النساء غُنْيَة. وكم من بيوت تتمنّى الكُفْء الذي يُسعِد ابنتَهم؛ ويحفظها بدينه وحُسن عِشرته، ويرضون منه بالمَهْر اليسير. كما أنّ من أسوأ صور العَضْل حَجْر المرأة على أحد أبناء قرابتها، فلا يسمحُ لها وليُّها بالزواج من غيره، وهذه جريمةٌ كبيرة وأنانيةٌ مُفرِطة، تراعي أعرافًا بالية؛ تخالف الشريعة الخالدة، إن المرأة لا يجوز أن تُجبَر على نكاح مَن لا تريد، وولايةُ أبيها عليها ولايةُ حفظٍ وصيانةٍ وأمانةٍ لِكلِّ ما يَصلحُ لها؛ لا ولايةُ تسلّطٍ وتجَبّر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تُنكَح الأيّم حتى تُسْتَأمَر، ولا تُنكَح البِكْر حتى تُستأذَن ))، فقالوا: يا رسول الله، فكيف إذنها؟ قال: (( أن تسكت )) رواه البخاري ومسلم، كما أنّ على الفتاة المسلمة أن تتفهّم مشورة وليِّها في القبول والرفض، وأن تكون المصلحة مَناط الاختيار. أيها الإخوة المؤمنون، إن على الأولياء مسؤوليةً عظيمة تجاه من تقدم خاطبا، انطلاقًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته )) رواه الشيخان. ولأنها أمانة يُسأل عنها يوم القيامة أدّاها أم ضيّعها، ولأن الفتاة غالبًا تعتمد على معرفة وليّها ومشورته، فعليه أن يتقيَ الله تعالى، وأن يستقصيَ في استظهار حال الخاطب ومعرفة كفاءته، فكم من امرأة صالحة عفيفة بُلِيت بزوج فاسقٍ لا يصلّي، أو يشرب المسكرات، ويُقارِف المحرّمات، أو سيّئِ العشرة كَرِيهِ الخُلُق، ولا ذنب لها سوى تقصير وليّها وإهماله في السؤال عن ديانة الخاطب؛ مكتفيًا بالرضا بظاهر الحال؛ أو الثقة في أهل الخاطب وعشيرته! والكفاءة إنما تكون بصلاح ديانةِ وحسنِ خُلُقِ هذا الخاطب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم(إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلُقه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) رواه الترمذي وابن ماجه. وليَعلم من جعل هَمَّه السؤال عن الجاه والمنصب والمال، وتغاضى عن سوء ديانة الخاطب؛ أنّ من خان الله ورسوله لا يمكنُ أن يؤتمنَ على ابنته. ويقال ذلك للخاطب أيضًا، فكم من رجلٍ اشترط كل الشروط الدنيوية في مخطوبته، وجعل الدّين آخر اهتماماته، بل ربما ليس في حساباته، ثم يكتشف أنها لا تصلح زوجة؛ لما فيها من نقصٍ عظيم في دينها وخُلُقها! وقد روى البخاري ومسلمٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك)). وليعلمَ الخاطبُ أن المُقَصِّرَةَ في حق الله؛ المضيّعةَ لفرائض الله؛ المتجاوزة لحدود الله؛ لن تقوم بحق زوجها وبيته وأولاده كما يجب. اللهم ارزقنا وأبناءَنا وبناتِنا العفةَ والطُّهر، وارزقهم وإياهم صلاحا وتوفيقا في أمور الدين والدنيا. أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم.. الخطبة الثانية أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما هيأ لكم من الحلال الطيب، وبادروا بطاعة ربكم وامتثال أمره فيما أمركم به من الحلال. إخوة الإيمان، إنه ليَسُرُّ كلَّ مسلم ما يُشَاهد في الإجازات من كثرة حفلات الزواج؛ وإقبال أعدادٍ من الشباب على هذا الخير، وإن مما يؤسف له تجاوزَ بعضِ العوائل ما هو مشروع في هذه المناسبات؛ والدخولَ في المحرمات الواضحةِ والمجاهرةَ بالمنكرات في حفلات أعراسهم، تباهيًا وتفاخرًا ليتحدث الناس بذلك. وهذا مخالف لما يجب من شكر الله على نعمه؛ وفيه الإثم العظيم لاجتماع الناس فيه، وربما يعود شؤمُ ذلك نُفْرةً بين الزوجين في مستقبلهم. نسأل الله أن يهدينا جميعا، وأن يبارك لنا في أفراحنا؛ وأن يجعلها وفق ما يرضيه، وأن ييسر الزواج لأبنائنا وبناتنا، وأن يبارك لعرساننا؛ وأن يوفقهم لبِناء بيوت سعيدةٍ مبنيةً على الإيمان والتقوى والمودة والرحمة والعشرة بالمعروف.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |