الإلحاد وعسر الهضم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 708 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 333 )           »          إشراق الصيام وانطلاق القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الجنة تتزين للصائمين في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 390 - عددالزوار : 74926 )           »          أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 533 )           »          الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-02-2020, 05:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,516
الدولة : Egypt
افتراضي الإلحاد وعسر الهضم

الإلحاد وعسر الهضم


هشام البوزيدي





عاد أبو الإلحاد إلى بيته متأخرا ليلة من ليالي الصيف قضاها في رفقة بعض الزملاء في مقهى (صرار الليل). كانت الساعة تشير إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. دخل شقته وهو يغالب النوم والجوع، ولا يدري بأيهما يضحي، فإنه قضى الليلة الفائتة أرقا يتقلب دون أن يكتحل بنوم، وقضى طرفا من هذه الليلة في مكان يغمره الدخان وتملؤه جلبة من لا يكفون عن الثرثرة واحتساء القهوة. وهاهو الآن يشعر بأمارات النوم فيؤثر أن يستلقي في فراشه لعله ينعم بساعات سكينة تحت سلطان الكرى. فليصبر على الجوع فذاك خير له من مدافعة النوم وهو خير غائب ينتظر.

أغمض عينيه فسمع شخير زوجه كأنه صوت محرك سيارة عتيقة. عجبا، إنها لم تكن تشخر أبدا قبل ذلك. حمل لحافه وقام إلى غرفة الضيوف واستلقى على الأريكة. ما أن أغمض أجفانه حتى بدأ يسمع عزف مصارينه كأنها أوتار كمان يؤدي سيمفونية حزينة، فيئس من النوم وأزمع أن يضع حدا لتلك القرقرة في بطنه. قام ودخل المطبخ، فتح الثلاجة فوجدها مقفرة، ثم جعل يذرع المكان في لهفة، يبحث عن شيء يسد جوعته فلم يجد إلا رغيفا محترقا وقدرا فيها بقية من عدس في إحدى زوايا المطبخ، رفع الغطاء فارتفعت رائحة غريبة إلى خياشيمه، لم يتذكر متى أعدت نوال ذلك الطبق، أقبل يومين أم ثلاثة، لكنه لم يكترث كثيرا، فجوعه الشديد سيجعل من هذه الفضلة الحقيرة وليمة فاخرة.

وضع القدر على النار وانتظر قليلا ثم رش عليها بعض البهارات، وأكثر من محبوبه الفلفل الأبيض، ثم شرع يغرف العدس ويقضم الرغيف المحترق ويمضغه بجهد بالغ، أحس معه أن عظام فكه تكاد تنخلع، وشرع يبلع الطعام ولا يكاد يسيغه، ويتبعه ماء حتى أبصر قعر القدر وامتلأت بطنه، فعاد ليستجدي النوم مرة أخرى بعدما أطفأ حرقة الجوع.

ما أن أغمض عينيه حتى أحس أن حربا بيولوجية قد نشبت في بطنه، وأن جيوشا بكامل عددها وعتادها بدأت تصطف في مصارينه مؤذنة بزحف مزلزل، ثم بدأ القصف المكثف. لقد أصبحت بطنه مختبرا كيماويا لإنتاج أنواع متطورة من الغازات. لا بد أنه أخطأ في التهام ذلك الطعام المتغير.

استولى عليه ألم فظيع كأنه ابتلع رحى من حجر الصوان، لقد خيل إليه بالفعل أن رحى تدور في أحشائه. قال في نفسه: "لقد أخطأت بتناول الطعام في هذه الساعة، لو أكلت التراب والحصى لكان أيسر للهضم من هذا العدس الذي استحال في أحشائي رصاصا، ثم كيف يأكل العاقل خبزا اسودّ من طول مقامه في الفرن، لو كنت طعمت فحما لما اختلف الحال." قام أبو الإلحاد متثاقلا، وبدأ يذرع الغرفة جيئة وإيابا، ثم بدأ يقفز لعله يحفز جهازه الهضمي ليكمل المهمة المستحيلة، لكن يبدو أن الخلطة التي أنزلها إلى معدته صارت مثل الإسمنت المسلح.

ذهب إلى الحمام وغمر رأسه في الغسالة، واستقاء حتى كادت عيناه تخرجان، لكن الوجبة المتغيرة كانت أثقل من أن تقطع ذلك الطريق الطويل إلى فيه، فانقلب إلى فراشه يتوجع ويتأوه ساعة. استلقى على بطنه فخف ما به شيئا يسيرا. خطر له أن الجهاز الهضمي البشري يحتاج إلى تطوير يكفل له القيام بتصحيح ذاتي لأخطاء التغذية، مثل الحماقة التي ارتكبها لتوه، كأنه لا يميز بين مطعوم ومسموم. ونبت في رأسه هذا السؤال: "لماذا يستطيع الكبد مثلا أن يخلص الجسم من كثير من السموم، ويعجز جهازي الهضمي عن التخلص من شر بعض الخبر المتفحم؟ أليس السبب الوجيه هو تفاوت الكفاءة التطورية للأعضاء البشرية؟ مرة أخرى أحصل على البرهان القاطع أن التطور يفسر كل شيء، حتى هذا المغص الذي يقطع مصاريني الآن، دليل على أن أمامنا أشواطا قادمة من الصعود في سلم التطور."

أغمض عينيه لينغمس أكثر في تأملاته الداروينية العميقة فرأى نفسه يمشي في عالم عجيب، لقد رأى نفسه في مراحل متقدمة من التطور الدارويني للجنس البشري. رأى قبيلة متخلفة داروينيا لم تنبت لها أسنان بعد، فكان أفرادها يحيون على السوائل فقط، خصوصا أن الغدد اللعابية لم تتطور لديهم أيضا، كانت حياتهم قاسية جدا. كانوا يكادون يموتون من الغيظ لأن جيرانهم أصحاب القواطع والأضراس المتطورة يتلذذون من دونهم بأطايب الطعام، ويلتهمون لحوم الوعول البرية ويتنعمون بالطيور المشوية والبيض والفواكه الرطبة والجافة، فبدأ أفراد القبيلة العاجزة عن المضغ يعانون من قرحة المعدة لأنهم كانوا يبلعون بعض قطع اللحم لفرط قرمهم إليه. وكانوا أحيانا يطبخون اللحوم طيلة اليوم حتى تذوب تماما فيحصلون على حساء ساخن بطعم لذيذ، لكنهم كانوا يتطلعون إلى ذلك اليوم العظيم الذي يحظون فيه بقضم قطع الشواء النضيج وأصناف الأسماك الطازجة.

تخيل أبو الإلحاد كيف بدأت هذه القبيلة تعاني من الهزال وأعراض سوء التغذية حتى خشي عليها زعيمها الانقراض. وبعد أن أخفقت كل جهوده في استنبات أسنان لأفرادها بطرق الطب التقليدية، بدأ بتشجيع التزواج بين أبناء عشيرته ذوي الابتسامة الباهتة واللثة المتورمة وبين بنات العشيرة المجاورة ذوات الثنايا الناصعة والأنياب الناتئة، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل لأن رجال قبيلته الذين نشئوا على الحساء كانوا أضعف جسوما من أولئك النسوة المتنعمات. بل إنهم كانوا يعانون من كثير من العقد النفسية بسبب نقصهم الدارويني الفظيع.

عندها شعر أبو الإلحاد بألم فظيع أعقبه انقباض شديد في عضلات بطنه ففتح عينيه، وفهم أنه نداء الطبيعة يستحثه أن أسرع، فقام مترنحا صوب الكنيف، لكن الطبيعة كانت ككل مرة أسرع منه، مر بكفه يتحسس سراويله، وخف الضغط أخيرا عن بطنه.

دخل الحمام وخلع ثيابه وهو يوبخ نفسه: "في المرة القادمة ازدرد محتويات القمامة وائتدم بالفحم فلا فرق بين ذلك وما فعلت الليلة." استحم بسرعة وهو يتساءل: "لماذا لم يطور أجدادنا معدة تهضم الطعام بفاعلية أكبر؟" إذا كانت الأبقار تهضم العشب والثعابين تهضم الجرذان بدون مشاكل تذكر، فلماذا نحتاج نحن إلى كل تلك الأواني والنيران والبهارات؟" تخيل كم سيقتصد سكان الأرض لو كانت لهم أجهزة هضم متطورة داروينيا.

قرر أن يردم هذه الفجوة العلمية في رأسه وأن يزيل عنه الأمية بخصوص تطور الجهاز الهضمي البشري ففتح حاسوبه وأبحر في رحلة استكشافية (جوجلية). أدخل هذه الكلمات في خانة البحث: "تطور الجهاز الهضمي" فلم يظفر بشيء يشفي غليله ويشبع فضوله، فعاد فكتب: "الداروينية و الجهاز الهضمي" فانصب عليه سيل من مواضيع المتدينين يتندرون على العلامة أبي الطفرات دارون، كانت مواضيع تنم عن استهتار بالعلم وأئمته وتغمط الإمام الأكبر حقه وتتنكر لفضله وجلالته: "الأسنان تقول لك أخطأت يا دارون." ، "الداروينية هي الزائدة وليست الدودية"، "إنها الأنزيمات أيها التطوري". أحس بالاحباط فاندفع إلى مواقع (الجرب والجذام) فكان كالمستجير من الرمضاء بالنار، لم يجد لدى الزملاء إلا ردودا طويلة لتفنيد مقالات الخصوم، لكنه لم يجد التسلسل العلمي المنشود لتطور الجهاز الهضمي البشري كما كان يرجو، تمنى لو يجد مقالة مقتضبة بعدما يئس أن يقع على بحث علمي يعرض للمسألة بالتفصيل الممل. تساءل: "أيعقل أن تكون في نظرية النظريات الإلحادية هذه الثغرة العظيمة؟ لا بد أنها مؤامرة دنيئة لتشويه الداروينية يقودها أهل الأديان وأنصار التصميم الذكي في العالم." أطفأ الحاسوب وهو يتساءل: "إذا تعذر تطوير الجهاز الهضمي عن طريق تحفيز آليات الداروينية، فما المانع من اللجوء إلى زراعة الأعضاء؟"

تذكر أنه قرأ عن الخصائص المميزة لمعدة الضبع، وأنه يأكل الجيف المنتنة ولا يتأذى، بسبب أنزيماته المتطورة. فخطرت له فكرة غريبة جعلته يقهقه كالمجنون في جوف الليل، تساءل: "ماذا لو استطاع الأطباء أن يزرعوا له معدة ضبع؟ إذن لصارت تجربة المغص والإسهال الذي عاناه الليلة أمرا مستحيلا من الناحية البيولوجية!" اعترف في قرارة نفسه أن أكبر ألغاز الداروينية أن يكون الإنسان الذي يفترض أن يكون على قمة هرم التطور بطيئا ضعيف السمع والبصر والهضم إذا قيس إلى غيره من الحيوانات التي تربطه بها وشائج القربى الداروينية. لكنه استطاع رغم قصوره الجزئي عن بلوغ مبلغ الضباع في الهضم مثلا، أن يطور آليات لتدارك بعض النقص في جهازه الهضمي، منها رد الفعل الذي خلصه من ورطته الليلة، فالإسهال وصفة طبيعية سهلة أعادت الأمور في بطنه إلى نصابها.


لكن كيف له أن يتخلص من الثغرات الفكرية ومن الشوائب غير العلمية في نظرته الإلحادية للحياة من حوله؟ إنه صار يشعر أن إلحاده أعسر هضما من الخبز المتفحم ومن العدس المتعفن. لقد مضت عليه عشرون عاما وهو يغلي في رأسه حتى أنتن، فيا ليت الطبيعة طورت له إسهالا فكريا يضطره إلى إفراغ الشحنة المسمومة لترشح عبر شقوق جمجمته لعله يستريح فيعود كما كان سعيدا متفائلا يضع رأسه على الوسادة فينام كأنه طفل.

عاد إلى المطبخ وأعد لنفسه شاي البردقوش المحلى بالسكر، إنها وصفة أمه السحرية لعلاج انتفاخ البطن، شرع يرتشف المشروب اللذيذ ويحدق في الفنجان كأنه يقرأ شيئا، شعر كأنه بدأ يعود طفلا بريئا لم يتدنس قط بشك ولا إلحاد.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.84 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]