ترجمة حسين بن أحمد: زيني زاده (ت: 1168هـ) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         المقنطرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          رسالة المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الموت الرحيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أحكام الصلاة على الميت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المسائل الفقهية المتعلقة بالمسبحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          دم الاستحاضة سببه ركضة الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم التسميع والتحميد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فضل الصلاة في الصف الأول والصفوف المقدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          جوانب خفية في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الوجيز في فقه الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-02-2020, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,951
الدولة : Egypt
افتراضي ترجمة حسين بن أحمد: زيني زاده (ت: 1168هـ)

ترجمة حسين بن أحمد: زيني زاده (ت: 1168هـ)


أ. رضا جمال



ترجمة حسين بن أحمد

الشهير بـ: زيني زاده (ت: 1168هـ)

صاحب الفوائد الشافية على إعراب الكافية


بدايةً تجدُر الإشارة إلى أنَّ المصادر التي ترجمت له لم تُثرِنا بمعلومات وافية عنه، ولا عن حياته ونشأته، ولا شيوخه ولا تلاميذه، ولم أظفرْ بترجمةٍ مفصَّلة له على قدْر طاقتي في البحث، فجمعتُ كلَّ ما وقفتُ عليه محاولًا أن أصوغَ منه ترجمة وافية قدْر الإمكان؛ هذا ومِن الجديد في البحث ما ذكَره المؤلِّف نفسُه في الكتاب محل الدِّراسة "الفوائد الشافية، على إعراب الكافية"، وفي غيره من مؤلفاته خصوصًا كتاب "كشف الإعراب"، من أشياء تُفيد في ترجمته؛ مثل أسماء مؤلَّفات له لم يذكرها مَن ترجم له، وبعض شيوخه وأساتذته، وزملائه الذين أشار إليهم في الكتاب، وهذا من الأشياء الجديدة والمهمَّة في آنٍ واحد، مع أنها قليلة أيضًا، حتى يصدُق على زيني زاده بعضُ ما قاله الدكتور سعيد الأفغاني في مقدِّمة تحقيقه لكتاب "الحُجَّة في القراءات" لابن زنجلة (ص: 25) حيث قال: "وليس يعني القارئ حساب الوقت الذي أنفدته في البحث منذ ظفرت بنسخة الكتاب سنة 1956، ولا أوقات الأفاضل الذين كتبتُ إليهم؛ ويَعنيه أن يُوقِنَ أنَّ كتُب الطبقات في تراثنا - على وَفْرتها وتراكُمها وتنوعها، والافتنان في التأليف فيها افتنانًا لم تبلغه أمَّة حتى اليوم سعةً وعمقًا - أغفلتْ أضعافَ مَن ذكرت من علمائنا الأكفياء الجديرين بالتنويه في حضارتنا العلمية الواسعة المتباعدة الأطراف. ومهما يكن؛ فكتاب المؤلِّف هو أصدقُ مترجميه".

وستنتظم ترجمته في ستَّة مطالب كالتالي:
المطلب الأوَّل: اسمه، ونَسبه، ولقبه:
اسمه ونسَبُه: حُسين بن أحمد، الرُّومي، البِرسوي - نِسبة إلى مدينة برسة، وهي من أعمال تركيا - الحَنَفي، النَّحْوي الصَّرْفي.
لقبه: وقدِ اشتهر بلقب: "زِيني زاده"، وقد بحثتُ جاهدًا عن معنى هذا اللَّقب، ولكني لم أظفرْ به، ولعل (زاده) كان لقبًا يُلقَّب به الأمراء وأصحاب الجاه، أو المناصب العليا في الدولة العثمانيَّة؛ لكثرة ما ورد هذا اللقب على كثير من أمراء الدولة وأصحاب المناصب، وهذا قد يرجِّح أن زيني زاده كان صاحب منصِب، أو قريبًا من الوزارة والإمارة، ويدلُّ على ذلك أيضًا تلقيب زيني زاده بلقب (الأفندي) كما ورد ذلك في كتاب عثمانلي مؤلفلري (10/ 321)، وأيضًا قد يدلُّ على ذلك إهداؤه كتبه لسلاطين عصره، وأيضًا طلب الوزير يكن علي باشا منه مباشرةً أن يكتُب هذا الإعرابَ على كافية ابن الحاجب.

وقد نصَّ الزركلي[1] - في ترجمة ابن النَّقِيب (1107ه)، عبد القادر بن يوسف النقيب الحلبي، الذي يُقال له نقيب زاده - على أن تعريب كلمة (زاده) (ابن)، حيث قال معلِّقًا في الهامس: "وفي هدية العارفين (1/ 602) وفاته سنة 1085، وعرَّفه بنقيب زاده، كما في فهارس دار الكتب المصرية، وإنما هذا لقب سَميُّه الآتية ترجمتُه بعد هذه، وقد عرَّفناه بابن النقيب - تعريب نقيب زاده". ويوافق هذا أيضًا ما جاء في "قاموس المعاني" على الشبكة العنكبوتيَّة: "هذه الكلمة ليست اسمًا، بل هي لاحقةٌ تُضاف على آخِر الأسماء، فتؤدِّي معنى "الابن"، وهي فارسية، جاءت عن طريق العثمانيِّين، مثل باقي زاده، أمير زاده، أي: ابن الباقي، ابن الأمير".
وعليه؛ فيكون معنى لقب "زيني زاده": "ابن زيني"، أو "ابن الزيني".

المطلب الثاني: مولده، ونشأته:
أولًا: مولده:
وُلِد حسين بن أحمد في مدينة "بروسة" بتركيا، وبها كانت نشأته وحياته العلميَّة، ولم يذكر لنا أحدٌ من مترجميه تاريخ ولادته، وقد اجتهدتُ كثيرًا وفتشتُ وحاولتُ أن أصِل إلى أقرب تاريخ لولادته، فوقفتُ بحمد الله تعالى على تعليق نفيس للمؤلِّف نفْسِه على كتابٍ كتَبَه وحرَّره بخطِّه، وهو "كشف الإعراب"[2]، الذي هو إعراب كتاب "العوامل الجديد" للبركوي، جاء هذا التعليق في آخر لوحة من كتابه هذا ونصُّه: "يقول جامع هذه السُّطور، بعون الملك الغفور: قد كنتُ حين سوَّدتُها ابنَ اثني [كذا] وعشرين سَنة، وحين التبييض ابنَ ثلاثين سَنَة، فالحمد لله أولًا وآخرًا..." وفي هذا التعليق تحديدٌ لتاريخ ولادة المؤلِّف؛ فقدِ انتهى زيني زاده مِن تأليفه سَنة 1137 من الهجرة[3]، فعلى هذا يكون تاريخُ ولادته تحديدًا: إمَّا سنة 1115 ه - إنْ كان تاريخ النَّسخ الموجود في آخِر المخطوط هو تاريخ النُّسخة المسوَّدة، وإمَّا سنة 1107 ه - إن كان تاريخ النَّسخ هو تاريخ النُّسخة المبيَّضة، وهذا هو الأرجح لديَّ.
فعليه؛ يكون تاريخ ولادته تحديدًا: في أواخر ذي القعدة سَنة 1107 ه.
وأحسبُ أنِّي - بحمد الله تعالى - لم أُسبَق إلى تحديد تاريخ ولادة المصنِّف زيني زاده.

وقدْ أفادني هذا التعليق أمورًا كثيرة أيضًا عن المؤلِّف نفسه وعن كتاب "الفوائد الشافية" أيضًا، مما يؤكد على أهمية الرجوع إلى مؤلَّفات المؤلِّف وربطها بعضها ببعض، واستجلاء المعلومات عنه من كلامه هو، وهذا أوثق ممَّا في كتب التراجم؛ إذ هذا كلام المؤلِّف عن نفسه، كما أنَّ المؤلفات كثيرًا ما تكون مشتملة على أخبار ومعلومات لم يذكرها المترجمون، وقد تكون مهمة جدًّا، كما هو الشأن في ذلك التعليق لزيني زاده.

من الفوائد التي أفدتُها من هذا التعليق النفيس لزيني زاده:
أنَّ المؤلف كان يقرأ كتبه بنفسه على طلَّابه، ويُعلِّق عليها بخطِّ يده، وقد يكون ذلك بعدَ مُدَّة من تأليف الكتاب الذي يعلِّق عليه.

ومنها: أن للمؤلِّف تلامذة وطلابًا، وإنْ لم تذكر لنا المصادر التي تَرجمت له اسم أيٍّ منهم.
وممَّا أفادني به هذا التعليق النفيس أيضًا: أنْ حلَّ لي إشكالًا، كثيرًا ما وقفتُ أمامه في كتاب "الفوائد الشافية" في نسخة مكتبة السيدة زينب، وهي النسخة التي نُقلت من النسخة التي وضعها المؤلِّف في كتبخانة صالح بن أحمد بن عمر، ولم أستطع الاهتداء إلى شيء إلَّا بعد الوقوف عليه؛ وهذا الإشكال هو وجود تعليقات نفيسة وإحالات وشروح لبعض الكلمات على هوامش تلك النسخة، فظننت في أول الأمر أن هذه النسخة مقروءة على أحد العلماء، وأنَّ هذه تعليقاته، أو تعليقات وتقييدات بعض الطلبة وراءه، وكنت مترددًا في إثبات شيء منها في هامش النص المحقَّق. وقد أفادني هذا التعليق الذي على كتاب كشف الإعراب أن هذه التعليقات التي على "الفوائد الشافية" هي من تعليقات زيني زاده نفسه، وأن هذه النسخة قرئت عليه؛ يدل على ذلك ويؤكِّده أمران:الأول: أن طريقة التعليق على كتاب كشف الإعراب هي الطريقة نفسها التي علَّق بها على كتاب "الفوائد الشافية".

وبناءً على ذلك فقد أثبتُّ هذه التعليقات كما سبَق في منهج الدراسة - إلَّا مواضع نادرة جدًّا تُعد على الأصابع رأيت أنها واضحة ولا حاجة لذكرها - إذ لا ينبغي إهمالها إطلاقًا؛ لأنَّها من تعليقات المؤلف نفسه، كما أنه قامت في كثير من الأحيان مقام التعليقات التي ينبغي أن يعلق بها المحقق على كلام المصنِّف، من توضيح لمبهم، أو حل لإشكال، أو شرح لغريب... إلخ، وقد كفاني المؤلف هذه المؤونة، وحلَّ بهذه التعليقات النفيسة كثيرًا من الإشكالات.

ثانيًا: نشأته:
لم تُطلعنا المصادر التي ترجمتْ له - كما مرَّ - على نشأته، وكيفية طلبه للعلم، وغير ذلك، إلَّا أنَّه يمكن التعرُّف على ذلك من خلال ما ذُكر عن الملامح العلميَّة لعصر المؤلِّف؛ من اهتمام السلاطين بالعلم، والمكتبات العلمية، ونشر الكتب، وحرص العلماء والمؤلفين على إهداء كتبهم للسلاطين والوزراء؛ لما يرونه من اهتمام. كما هو الحال مع زيني زاده نفْسه. كما يظهر في كتاب الفوائد الشافية أثر وفرة المصادر العلميَّة لدى المؤلِّف، إذ قد نقل عن ما يزيد عن مائة كتاب، كما سيأتي تفصيل ذلك في مبحث مصادر المؤلِّف.

وثمَّة إشارات مهمَّة للمؤلِّف في مؤلَّفاته تُشير إلى أنَّه ترعرع في العِلم منذ صِغره، وأتْقن عِلم النحو خصوصًا في ريعان شبابه، حتى عرف به، وكان مرجعًا لطالبي علم النحو يأتونه يسألونه عمَّا أشكل عليهم. من ذلك ما ذكره المؤلِّف نفسه في تعليقه على "كشف الإعراب" (لوحة 25/ أ) إذ يقول: «وقد سُئلت بكهنيابة[4] سنة إحدى وعشرين عن عامل المخفوض على الجوار؛ ما هو؟ فإنَّ العامل في مجاوره لا يصح أن يكون في عامل إليه، من حيث إنه ليس له في المعنى؛ وإنَّما هو لغيره، وعامل غيره لا يَقتضي خفضه؛ إذ هو غير مخفوض بالفرض، لا يرى أنَّ لفظ مزمل في بنية المقيس صفة لكبير، وكبير مرفوع، فعامله إنما اقتضى فيه الرفع، وكذا في صفة مرفوعة، فلا يصحُّ إسنادُ العمل فيها إلى عامل الموصوف؛ لتخلُّف أثره، وهو الرفع، ولا إلى عامل بجاد؛ لأنَّه إنما يعمل فيه، وفيما يتعلق به، ومزمَّل غير متعلِّق به في المعنى قطعًا؛ فالأمر مشكل[5]؟

فقلت: السُّؤال مبني على أن حركة الخفض إعرابية، وهو ممنوع، وإنما هي حركة اجتلبت للمناسبة بين اللفظين المتجاورين، فليست إعرابية ولا بنائية؛ فلا تحتاج إلى عامل؛ لأنَّ الإتيان بها إنما هو لمجرد أمر استحساني، والعامل إنما يتسلَّط على تلك الحركة المقدرة لاقتضائه إيَّاها من جهة المعنى، ولا تسلط له على الحركة اللفظية؛ لأنه غير مقتضٍ لها، وإنما يقتضيها طلب المشاكلة اللفظية، وهذا كما نقول في الحمدِ لله بكسر الدال إتْباعًا لكسرة اللام، وهو مرفوع تقديرًا مخفوض لفظًا، وإنما العامل هو الحركة المقدَّرة، لا الملفوظ بها. والحاصل: أنَّ حركة الخفض على الجوار من جملة صور الإتباع، وفي قولهم: "على الجوار" ما يُشير إليه. رماني» انتهى كلامه.

ففي هذا التعليق النفيس ما يدلُّ على تمكُّن زيني زاده وإحاطته بدقائق عِلم النحو، وكثرة اطلاعه على كتب النَّحو، وأنه كذلك صارَ مرجعًا يُرجع إليه ويسأل وهو ما زال في سِنٍّ صغيرة، وعمره إذ ذاك تحديدًا اثْنَا عشر عامًا على ما ترجَّح من أنَّ تاريخ ولادته كان سنة 1107 ه، وهذا السؤال سُئله سَنَة 1121 ه.

كما يشير المصنِّف أيضًا إلى إقباله الكبير على العِلم، وأنَّه استمرَّ منذ عُنفوان شبابه، إلى شيخوخته وقُرب نهاية حياته، مهتمًّا بحِفظ كتُب النحو، وتدريسها وقراءتها على الطلَّاب، وتقييد الشروح والإعراب على متونها، من ذلك ما ذكَره المؤلِّف في أوَّل "الفوائد الشافية، على إعراب الكافية" من حاله مع متْن كافية ابن الحاجب؛ إذ يقول: "وكنتُ مشتغلًا في عُنفوان شبابي بحِفظِه، وفيما وراءه إلى شيخوختي بتعليمِه، حتى سنَح لخيالي، وخطَر لرُوعي، أن أكتُب كلماتٍ متعلِّقةً بإعرابه، وافية به، غير محتاجة إلى غيره، إلا أنَّه يَعوقني عنه العوائق، ويَمنعني عنه النوائب، إلى أنْ سأَلني مَن..."
.
ويغلب على الظنِّ أنَّ كتاب "الفوائد الشافية" هو آخِرُ تآليف زيني زاده رحمه الله؛ لأنَّه أنهاه في شهر رمضان عام 1168ه، وهو العام الذي تُوفي فيه على ما ذكَره أكثرُ المترجمين له.

المطلب الثالث: شيوخه، وأقرانه، وتلاميذه:
أيضًا لم يذكر أحدٌ ممَّن ترجم له أحدًا من شيوخه أو تلامذته، ولكن زيني زاده نفسه قد ذكَر في "إعراب الكافية" بعض شيوخه، وشيوخ شيوخ، وكذلك أشار إلى بعض زملائه ومعاصريه، وإن لم يصرِّح باسم أحد منهم:
فمن شيوخه الذين ذكرهم:
1- الشَّيخ محمَّد أفندي الصوبجي: وقد ذكره في موضعين، مصرحًا بأنه شيخه، يقول: "كما أفاده شيخُنا الشيخ محمد أفندي عليه رحمة الملك الهادي، نقلًا عن شيخه العالم محمد أفندي الكوز لحصاري". ويقول: "كما نقل شيخي عن شيخه العالم محمد أفندي".
وشيخه هذا هو الأستاذ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصوبيجهْ ويْ الآيديني، الرُّومِي الحَنَفِي المُتَوفَّى سنة 1161ه، صاحب "فتح الأسرار في شرح الإظهار للبركوي"، وزيني زاده يحتفي بأستاذه هذا، وأحيانًا يذكره من غير تصريحٍ باسمِه؛ وقد نقَل عنه، وأشار إليه في موضعين من "إعراب الكافية"؛ يقول: "وحين عرضتُه على الأستاذ استحسنه".
يقول: "كذا استفيد مِن الأستاذ رحمه الله".
وقد صرَّح كذلك باسمه في هامش (ز): «136/ب يعني الشيخ محمَّد أفندي الصوبجي سلَّمه الله تعالى».
كما أنَّه نقَل عنه، وأشار إليه في أكثر مِن موضع في كتابه "تعليق الفواضل على إعراب العوامل"[6].

2- الأستاذ درويش محمد أفندي: ذكره زيني زاده في موضع واحد، قائلًا: "هكذا سمعتُ من الأستاذ درويش محمد أفندي عندَ قراءة كتاب الهوادي، ثم رأيتُ في الأطول وحاشية المختصَر للحفيد ما يوافق قول الأستاذ سلَّمه الملك العلَّام، والله ولي التوفيق والإنعام". ولم أستطع الوقوف أيضًا على ترجمته.

3- شيخ مشايخه مولانا المفتي بقوش اطه جي: ذكره زيني زاده في موطن واحد، حيث قال: "ورده شيخُ مشايخنا مولانا المفتي بقوش اطه جي في حاشية الامتحان".

4- شيخ شيخه العالم محمد أفندي الكوز لحصاري، وقد سبق ذكره آنفًا في قوله: "كما أفاده شيخُنا الشيخ محمد أفندي عليه رحمة الملك الهادي، نقلًا عن شيخه العالم محمد أفندي الكوز لحصاري".
وأقرب مَن وقفتُ عليه ممن ينطبق عليه ما ذكره زيني زاده من أنَّه شيخ مشايخه: هو: الكوز لحصاري، أحمد بن خير الدِّين الرُّومي الحَنَفي الشهير بإسحاق خوجه سي، نزيل بروسة، وتوفي سنة 1120 عشرين ومائة وألف، وهو عالم مشارك في بعض العلوم. من مؤلفاته: أقصى الأرب في ترجمة مقدمة الأدب للزمخشري، وأنفع الوسائل في ترجمة الشمائل، وحاشِيَة على طوالع الأنوار، وغير ذلك[7].

أقرانه ومعاصروه:
أشار زيني زاده إلى بعض أقرانه وزملائه ومعاصريه، من غير تصريح بأسمائهم؛ يقول: "والعجب أنَّ صديقًا لي ممَّن اشتهر بالعربية استعار منِّي معربَ العوامل لهذا...".

يقول: "ومن العجائب، الذي لا يُرى مثله في الغرائب: أنَّ بعض المعاصرين استعار منِّي معرب العوامل الجديد لهذا الفقير فأعطيته إياه...".

ويقول: "والعجب أنَّ صديقًا لي ممَّن اشتهر بالعربية استعار منِّي معربَ العوامل لهذا....".
ويقول: "حتى توقَّف شيخنا [*] حين سأَل بعضُ الطلبة عند إقراء الإظهار، فقال: هل حذف الفِعل في مثل لو أنَّ زيدًا... إلى آخره جائز أو واجب فضلًا عن غيره [**]، وأنكَر عليَّ بعضُ الأقران حين نقلتُ هذه المسألة، فقال: كيف يكون الحرف مفسِّرًا للفعل؟ وقلت بالآخِرةِ: نقلت المسألة عن أئمَّة النُّحاة، وأنت تقول من عندك".

وقوله في هامش (ز) 78أ: "قوله: والرَّابطة إلخ، ذكرناه مع وضوحه؛ لئلَّا يشتبه للمبتدئين والمعلمين الغافلين، ولقد سألتُ الأستاذَ عن الرابطة حين قِراءة شَرْح الكافية للجامي في هذا الموضِع، فتحيَّر ولم يقدِرْ على الجواب"!

فيوضِّح زيني زاده أنَّه كان يقرأ شرح الكافية للمولى الجامي على أستاذه، وكان يناقشه، ويسأله، ولعله كان أيضًا بحضور بعض زملائه.

تلاميذه:
كان زيني زاده مشتغلًا بالتدريس للطُّلَّاب، وكان ذلك التدريس سببًا لتأليف بعض كتبه كما هو الحال مع كافية ابن الحاجب وإعرابه لها[8]، بل كان يُقابل كتُبَه مع الطلَّاب، ويُعلِّق عليها بحواشٍ مفيدة[9]، وعلى الرغم من ذلك لم تذكُرْ لنا كتُب التراجم اسمَ أحدٍ ممَّن أخذ عن زيني زاده أو تتلمذ له، كما لم يُسمِّ زيني زاده أيضًا أحدًا من طلَّابه، وإن كان يُشير إشارة عامَّة مجملة، إلى تدريسه للطلاب؛ مثل قوله: "وكنت مشتغلًا في عُنفوان شبابي بحِفْظِه، وفيما وراءه إلى شيخوختي بتعليمِه".

المطلب الرابع: صفاته ومكانته العلميَّة، وثناء العلماء عليه:
اشتَهَر زيني زاده بعِلمه وتخصُّصه في النَّحو والصَّرْف، ممَّا جعَل مترجميه ينسبونه إلى النَّحو والصَّرف؛ إشارةً إلى تمكنه في ذَينك العِلمين، ومن أبرز صفاته:
سَعة اطلاعه:
ظهَر من خِلال إحالات زيني زاده، وذِكره لأقوال العُلماء، وذكر مصنفاتهم: سَعةُ اطلاعه على الأقوال المختلفة، والكتُب الكثيرة، يدلُّ على ذلك قوله: "وهو الذي مشَى عليه ابنُ مالك في "الكافية الكبرى" وفي جميع كتُبِه". فقوله: "وفي جميع كتبه" يشير إلى اطِّلاعه على كتب ابن مالك جميعها.

حِرْصه على الطلاب:
كما تميَّز بحِرصه على الطُّلَّاب وإيصال النفع لهم، وحنوه عليهم؛ يتَّضح ذلك في عباراته - التي كثيرًا ما يختم بها الحديثَ عن إعرابه، وهو مما تميز به في طريقة عرضه للمادَّة العلميَّة وأسلوبه في الإعراب. ومن ذلك قوله: "وقدْ مرَّ فيه الوَجهان الآخران، فلا تغفلوا عنهما أيُّها الإخوان، وقِيسوا عليه سائرَ الأمثال؛ فإنَّا نَستقصر على الوجهِ الأوَّل كثيرًا؛ لئلَّا يطولَ الكلام، فيلزم للطَّلبة كثرةُ المَلال".

استقلال شخصيَّته، وثِقته بنَفْسه، مع تواضعه وأمانته:
من أبرز ما تميَّز به زيني زاده استقلال شخصيَّته، مع تواضعه وأمانته، وعدَم تشبُّعه بما لم يُعطَ، أو إظهار أنه اطَّلع على شيء وهو لم يَطَّلع عليه؛ هذا على كثرة الاعتراضات التي اعترض بها زيني زاده على النحاة المتقدِّمين، والمتأخرين، والمعاصرين له، وشِدَّته في ذلك أحيانًا، التي تُحسب في أول وهلة من الكِبر، إلَّا أنَّه مع ذلك يُظهر التواضُع في موطنه؛ يدلُّ على ذلك:
قوله: "وينبغي أن يجري الاختلاف في حكاية الرَّفع في حالة الرفع كما ذكرناه عن قريب في حِكاية الجر في حالة الجر، إلَّا أني لم أطَّلع فيه على الاختلاف؛ فلينظر إلى المفصَّلات".

وقوله: "كذا قررتُه في معربي على الإظهار، مِن غير اطِّلاع على كلام أحد من الأخيار، ثم هو رأيته عند تسويد هذا المُعرب في شرْح الهندي، والحمد لله الملك المعين الناصِر الهادي".

ومن عباراته في تواضعه وهضمه لنفسه:
قوله: "... استعارَ منِّي معرب العوامل الجديد لهذا الفقير".
وقوله عن نفسه: "... استعار منِّي معربَ العوامل لهذا الحقير..."، وكذلك ما ذكره في الحاشية حيث قال: "هذا ما سنح لبال الفقير قبل الاطِّلاع على كلام أحد، ثم رأيتُ في الشهاب نقلًا عن أبي حيَّان، فوقع التوارد، فالحمد لله ربِّ العالمين".
وقال: "في هامش (ز): «وهذه المسألة كانت سببًا لكتابة النكت لهذا الحقير".
ويعني بقوله: "الحقير" و"الفقير" نفْسَه؛ تواضعًا، وهضمًا لحقوق نفسه، وإظهارًا لفقره إلى الملك القدير.
وإنْ كان تواضعه هذا لم يمنعه من إظهار الثقة بنفسه أحيانًا، بل الثناء على نفسه، وأنَّه فاضل من أهل التَّدقيق! حيث يقول: "...فاحفظه؛ فإنَّ أكثر الناس عنه غافِلون، بلِ الطلبةُ مُضَلُّونَ، مع أنَّهم إذا سمِعوا هذا التحقيقَ، عن الفاضلِ ذي التَّدقيق، ينسبون القائلَ إلى الغَلَط، ولا يَعرفون أنَّهم وقَعوا في الشَّطط"! وهو هنا في هذا النص يعني نفسه، بدليل ما بعده، فقد ذكر قصة أحد المعاصرين له مع كتابه معرب العوامل الجديد، قال: "...فأعطيتُه إيَّاه، فلمَّا رأى في إعراب آمنتُ وأمثالِه توّ ضمير مرفوع، غيَّرَه بحكِّ الواو، فجَعَله: تُ فاعل، فصَدق في حقِّه قولُ الشاعر[10]:
وكَم مِنْ عائبٍ قَولًا صَحيحًا *** وَآفَتُه مِن الفَهم السَّقيمِ".
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-02-2020, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,951
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ترجمة حسين بن أحمد: زيني زاده (ت: 1168هـ)

ومن أقوال العلماء عنه، وثنائهم عليه:
قال عنه الزِّركلي: "عالم بالنحو، من أهل بروسة (بتركيا)، نحوي، صرفي، مِن علماء أواخر القرن الثاني عشر للهجرة"[11].

وقال يوسف بن إليان بن موسى سركيس: "(زيني زاده) حسين بن أحمد: من علماء أواخر القرن الثاني عشر للهجرة"[12].

وقال إدوارد كرنيليوس فانديك: "ولحسين بن أحمد الشهير بزيني زاده من علماء أواخر القرن الثاني عشر للهجرة رسالة ذكَر فيها ما بقِي من أبواب التصريف، وهي ستة أبواب زادها على الخمسة والثلاثين التي ذكرها صاحب البناء"[13]، وقد أثْنَى أيضًا على هذا الإعرابِ مع المتْن الأصلي (الكافية) خصِّيصَى بقولِه: "وهُما من أحسنِ المصنَّفات في اصطلاحات عِلْم النَّحو"[14].

وممَّن أثنى عليه من المعاصرين الدكتور مهند محمد جاسم حيث قال: "فقد حظيت تآليف المتقدِّمين من النحاة، والمشاهير من المتأخِّرين كالسيوطي مثلًا باعتناءِ الباحثين؛ إذ لم يدَعُوا بابًا إلا وكتبوا فيه، وكان الإغفال نصيب الكثير من المتأخِّرين من النحاة ممَّن لا تخلو كتبهم - مع التسليم بكثرة اجترارهم عن القُدامى - عن توجيه رأي، أو اعتراض أو نقْل نص من كتاب مفقود... فوقعتْ بين يدي نسخة من مخطوط نحوي عنوانها (تعليق الفواضل على إعراب العوامل) لزيني زاده البروسوي (ت: 1168ه) فوجدته شخصًا جديرًا بتسليط الضوء عليه...؛ فهو نحوي متأخر له أسلوبه، وتعقيباته، وآراؤه واعتراضاته... إلخ، مما يجعله حريًّا بالدراسة"[15].

المطلب الخامس: مصنَّفاته، وآثاره العلميَّة فيمَن بعده:
أولا: مصنَّفاته:
لقد ترَك زيني زاده مصنَّفات وآثارًا عديدة، وكلها في النَّحو والصرف، وخصوصًا الإعراب، وهي كالتالي:
1- تصريف الأمثلة[16]: وهي رسالة في الصَّرف ذكَر فيها ما بقي من أبواب التصريف، وهي ستة أبواب زادها على الخمسة والثلاثين التي ذكَرها صاحب "بناء الأفعال"[17]، طُبعت في القسطنطينية 1281ه مع شرح الأمثلة للشيخ داود بن محمد القاضي الحنفي.

وقد ورَدت أسماء عديدة لمؤلَّفات في الصرف لزيني زاده، ولعلها كلها رسالة واحدة هي الرسالة السابقة "تصريف الأمثلة"، لكنَّها اشتهرت بأسماء مختلفة، وهذه هي:
"رسالة في التصريف".
و"رسالة في تصريف الأفعال".
و"شرح الأمثلة المختلفة".
و"شَرْح التصريف".
و"مثال الأمثلة المختلفة".
و"مقدِّمة في التَّصريف".

2- تعْلِيق الفواضل على إعراب العوامل (وهو مختصَر إعراب العوامل، وفيه زيادة فوائد عليه) [18]: وقد طُبِع قديمًا مع تحفة الإخوان - وهو شرح للشيخ مصطفى بن إبراهيم - في الآستانة 1220ه و1231ه[19]. وقام بتحقيقه: محمد بن يونس هاني، في رسالته للماجستير، كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية - بالمدينة المنورة، 1433 ه.

3- "حل أسرار الأخيار فِي مُعرب الإظهار"، أو "حل أسرار الأخيار، على إعراب الإظهار"، ويُعرَف عادة ب"معرب الإظهار"[20]: طبع بدار الطباعة العلية د.ت، وطُبِع بدار الطباعة العامرة سنة 1251ه، وفي القسطنطينية سنة 1228ه، وفي بولاق 1269ه.

4- رسالة في اللغة بعنوان: "مسائل من مسألة زيني زاده- قوله: قعدت جلوسًا"[21]: موجود منها نسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بالرياض. رقم الحفظ: 02134-10.

5- فوائد الشَّافية - في الصَّرْف: ذكَره بروكلمان في "تاريخ الأدب العربي" ضمن شروح الشافية لابن الحاجب التي هي مُكمِّلة الكافية. واسمه "فوائد الشافية"، لحسين بن أحمد زيني زاده ألفه حوالي (سنة 1150 ه / 1737 م)، ونشر في كونبور سنة 1291ه.

وهذه دُرَّة نفيسة لو عثر عليها، مع أني لم أر مَن ذكره، ولم أرَ إشارة له في فهارس المخطوطات التي اطلعتُ عليها! وأيضًا لم أقف على هذه النشرة التي ذكرها بروكلمان، وعسى الله تعالى أن يُطْلِع عليه أحدَ الباحثين، فيقوم على دراسته وتحقيقه، فيظهر به علم غزير، وتحقيقات نفيسة في عِلم الصرف. على أنَّ بروكلمان ذكَره من ضِمن الشروح، مثلما فعَل مع كتابه "إعراب الكافية"؛ إذ ذكره ضِمنَ شروح الكافية. وقد يكون هذا المؤلف لزيني زاده على صِفة إعراب للشَّافية كما هي طريقةُ زِيني زاده في إعراب الكافية وغيرها؛ فلا يكون في عِلم الصَّرْف، إلَّا إذا ضمَّنه شرحًا وتوجيهًا صرفيًّا، والله أعلم.

6- الفوائد الشَّافية، على إعراب الكافية: وهو الكتاب الذي أتناوله بالدِّراسة والتَّحقيق.
وسيأتي الكلام عن مخطوطاته، والتعريف بمطبوعاته ونشراته السابقة بالتفصيل.

7- كشْف الإعراب: وهو إعراب العوامل للبركلي.
انتهى من تأليفه في أواخر ذي القعدة سنة 1137ه. منه نسخة مخطوطة في جامعة الملك سعود، محفوظة برقم 267 بهذا العنوان: "كشف الإعراب". وهي نسخة نفيسة بخط المؤلِّف، تقع في 88 لوحة، وعليها تعليقات نفيسة أيضًا للمؤلِّف نفسه، ومنها تم التوصُّل إلى تحديد تاريخ ولادته.

ولعل هذا الكتاب هو الذي اختصره وزاد عليه في كتابه "تعليق الفواضل على إعراب العوامل"، ولم أقف على اسم "كشف الإعراب" في المصادر التي ترجمت لزيني زاده، ولكن ورد في (خزانة التراث - فهرس مخطوطات)، ثلاثة عناوين، ولعلَّها كلها لكتاب "كشف الإعراب"، وهي كالتالي:
"شرح العوامل المائة" و"معرب العوامل"، و"معرب العوامل الجديدة".

8- كتاب "النُّكت":
وهو من المؤلَّفات التي ذكَرها زيني زاده نفسه في الفوائد الشافية، ولم يَذكُرْها مَن ترجم له، ولم أجدْها في فهارس المخطوطات التي أمكنني الاطلاع عليها؛ قال زيني زاده في هامش (ز): "144/أ وهذه المسألة كانت سببًا لكتابة النُّكت لهذا الحقير".
ولم أهتدِ إليه ولا إلى أيِّ معلومات عنه غيرَ هذه الإشارة من زيني زاده.

♦ هذا، ولم تذكر كتب التراجم أية مؤلَّفات له في غير النَّحو والصَّرْف، ولم يُشِر كذلك زيني زاده إلى أي مؤلَّف له آخَر في غيرهما، مع أنه يظهر تمكُّنه في البلاغة، وخصوصًا عِلم المعاني؛ فلعله ألَّف فيه ولم يشتهر.

ثانيًا: آثاره العلميَّة فيمن بعده:
اشتهر زِيني زاده بتعليمه للنَّحو، وقراءته لمؤلَّفاته على طلابه، ومشاركته للمعاصرين له، وإعارته كُتبه لهم، ولكن لم تذكر لنا كتب التراجم أسماء أحد من تلاميذه، ولا ممَّن نقل عنه عِلمَه، غير أن انتشار مؤلَّفاته، وكثرة نسخها المخطوطة والمطبوعة، خصوصًا كتاب الفوائد الشافية الذي أربت مخطوطاته على عشرين نسخة موزعةً في مكتبات العالم بحسب ما وقفت عليه، وبلغت نشراته المطبوعة أربع عشرة نشرة - كل هذا يدلُّ على الأثر العلمي الكبير لزيني زاده ومؤلفاته فيمَن جاء بعده.

وممَّن نقَل عن زِيني زاده مِن العلماء: الشَّروانيُّ الشافعيُّ في حاشيته على "تحفة المحتاج في شَرْح المنهاج"؛ حيث قال: "(قولُه: لأنَّه احتمال... إلخ) يردُّه ما يأتي عن معرب الكافية". ثم قال: "(قوله مع أنَّه لا قائل باسميتها [أي: لا قائل باسمية إلَّا]) فيه نظر؛ عبارة معرب الكافية لزيني زاده: (وإلَّا بمعنى غير، مبني على السكون لا محلَّ له؛ لكونه حرفًا عند الجمهور ك(لا) إذا كان بمعنى غير؛ لأنَّ مناط الاسمية والفعليَّة والحرفية المعنى الموضوع له؛ لا المعنى المجازي كما في حاشية أنوار التنزيل للمولى عصام الدِّين، خلافًا لبعضهم؛ فإنه يقول: إنَّه اسم أُجري إعرابه فيما بعدَه كما قيل في (لا) في نحو قولك: زيد لا قائم ولا قاعد، إنَّه اسم بمعنى غير، وجعَل إعرابه فيما بعده بطريق العارية على ما صرَّح به السخاوي، واختاره في الامتحان، وأمَّا ما ذكره التفتازاني في حاشية الكشاف عند الكلام على قوله تعالى: ï´؟ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ ï´¾ [22] من أنَّه لا قائل باسميَّة إلَّا إذا كان بمعنى غير، فقد صرَّحوا بخلافه كما في حاشية أنوار التنزيل للمولى الشهاب، وفي شرح مغني اللبيب للدماميني: لو ذهب ذاهب إلى القول باسميَّة إلَّا إذا كان بمعنى غير لم يبعد. انتهى؛ فعلى القول بحرفيَّة إلَّا فمجموع ï´؟ إِلَّا اللهُ ï´¾ [23] صفة آلهة كما في التَّسهيل، وعلى القول باسميَّة إلَّا هذه، فإلَّا اسم بمعنى غير مبنيٌّ على السكون مرفوع محلًّا صفة آلهة). اه"[24].

وهذا النص نقله الشرواني باختصارٍ يسير من "الفوائد الشافية"، في باب الاستثناء عند الكلام على إعراب قوله تعالى: ï´؟ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ï´¾ [25].

والشرواني هو الشيخ عبد الحميد الداغستاني، نزل مكة ودرس بها في المدرسة السليمانية، توفي رحمه الله سنة 1301 ه. وحاشيته المعروفة بحاشية الشَّرواني كانت معروفةً بحاشية الداغستاني، وهي حاشية على كتاب "تحفة المحتاج لابن حجر"[26]. فظهر بهذا أن كتاب زيني زاده (معرب الكافية) - "الفوائد الشافية" - كان مشهورًا في هذه الأيَّام، ومعتمدًا لدى العلماء والفقهاء، حتى نقَل منه هذا الفقيهُ الشافعيُّ، واعتمد قولَه، بل ردَّ به قولَ صاحب التُّحفة.

المطلب السَّادس: وفاته:
تُوفي زيني زاده رحمه الله تعالى سَنة (1168 ه)، وعُمره ستون سنة على ما ترجَّح في تاريخ ولادته. وكانت وفاته بـ"آيدين"، وهي مِن أعمال تركيا أيضًا. ولم يذكر لنا أحدٌ من مترجميه متى انتقل إليها، وما أسباب انتقاله؟ وقد يكون من أسباب انتقاله ما تعوَّد عليه العلماءُ مِن الارتحال في طلب العِلم وتعليمه، أو لبعض الظروف السياسيَّة آنذاك، أو غير ذلك من الأسباب.

وفي "عثمانلي مؤلفلري"[27]: أن تاريخ وفاته سنة 1167ه، وهو غير صحيح؛ إذ هو مخالف لما ذكر في كل الكتب التي ترجمت له، ويردُّه أيضًا تاريخ انتهائه من كتاب "الفوائد الشافية"؛ إذ كان ذلك في رمضان سنة 1168ه - كما هو في كل نسخ الكتاب.


[1] "الأعلام" للزركلي (4/ 48).

[2] منه نسخة بخط المؤلف، محفوظة في جامعة الملك سعود بالرياض رقم 415 ك. ز، وتقع في 88 لوحة، وينظر: معجم المؤلفين (3/ 311)، وفهرس الأزهرية (5/ 128).

[3] جاء في آخر مخطوط "كشف الإعراب" ما نصه: "قد تيسَّر الإتمام، بعون الملك العلام، في أواخر ذي القعدة من حجة سبع وثلاثين ومائة وألف هجرية نبويَّة، صلَّى الله عليه وعلى سائر المرسَلين، وعلى آلهم وأصحابهم أجمعين. تم تم. قد وقع الفراغ من هذه النسخة على يدِ مؤلِّفها حسين بن أحمد، عليهما رحمة الله الأحد، صلَّى الله على تعالى على نبيِّنا الأحمد، وعلى آله الأمجد. تم. قابلتُ مع الطلبة بقدْر الإمكان من كتاب الأستاذ بعون الله الملك الوهاب".

[4] لعلها اسم بلد صغيرة أو قرية، ولم أهتد إليها.

[5] كأنَّ السائل أو زيني زاده نفسه يوضِّح السُّؤال ببيت كمِثال على سؤاله؛ ولعله يعني قولَ امرئ القيس [من الطويل]:
كَأَنَّ ثَبيرًا في عَرانِينِ وَبْلِهِ *** كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
[6] ينظر: كتاب "تعليق الفواضل على إعراب العوامل" دراسة وتحقيق محمد بن يونس هاني (ص: 30). وهي رسالته للماجستير من كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 1433 ه - 2012م.

وقد ذكَر أنَّ اسم الأستاذ الذي يذكره زيني زاده هو: "محمد بن محمد بن أحمد الصبوجه ويْ الرومي الحنفي، المتوفى سنة 1172 ه"، وكنتُ قد استفدتُ ذكر اسم أستاذ زيني زاده منه أولًا، ولكن أَشكل عليَّ أنَّ تاريخ وفاته سنة 1172 ه، أي: بعد وفاة زيني زاده بأربع سنين، وقد ترحَّم عليه زيني زاده قائلًا: "كذا استفيد مِن الأستاذ رحمه الله"، وبالرجوع إلى المصادر الأصلية تبيَّن أنَّ هناك ثلاثة من العلماء ذُكِر أن لهم مؤلَّفًا بعنوان: "فتح الأسرار في شرح الإظهار"، وهم:
1- "الشيخ محمد بن أحمد الشيخي المتوفى سنة 1141 إحدى وأربعين ومائة وألف" كما في إيضاح المكنون (4/ 158).
2- مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصوبيجه وي الآيديني الرُّومِي الحَنَفِيّ الْمُتَوفَّى سنة 1161ه" كما في هدية العارفين (2/ 327).
3- محمد بن محمد بن أحمد الصبوجه وي، الرومي، المتوفى سنة 1172 ه كما في معجم المؤلفين (11/ 226).
وقد ترجَّح لديّ أنَّ أستاذه هو المتوفَّى سَنة 1161 ه؛ لأنَّ تاريخ وفاته يتَّسق مع وفاة زيني زاده، ومع تاريخ الانتهاء من كتاب "تعليق الفواضل" الذي انتهى من تأليفه في أواخر شهر ذي الحجة سنة 1144ه. كما أنَّ نِسبته إلى "آيدين" ترجِّح ذلك أيضًا؛ لأنَّ زيني زاده - كما تقدم - قد تُوفي بآيدين. وممَّا يرجح ذلك أيضًا أن في بعض المواضع من الفوائد الشافية ذكره زيني زاده مترحمًا عليه؛ مما يدلُّ أنه تُوفي في حياة زيني زاده.

[7] ينظر: "هدية العارفين" (1/ 168)، و"كشف الظنون" (2/ 1798)، و"إيضاح المكنون" (4/ 54، 71)، و"معجم المؤلفين" (1/ 218).
إلَّا أنَّ اسمه قد ورَد في هذه المصادر جميعًا (أحمد) وليس (محمد) كما ذكر زيني زاده، فالله أعلم.

[*] في هامش (ز): "في شرح الكافية، وفيه تفصيل مَن أراده فليراجع إليه"، ولم يصرح هنا باسم شيخه، ولعله أستاذه الصوبجي.

[**] في هامش (ز): "أي: خذ هذا".

[8] كما سبق قوله عن كافية ابن الحاجب: "وكنت مشتغلًا في عُنفوان شبابي بحِفظِه، وفيما وراءه إلى شيخوختي بتعليمِه". ويقول عن إعرابه للكافية وسبب تأليفه: "ولما كثر التماس إظهار ما في البال، بالغد والآصال، للطلبة الكرام، والأحبة العِظام، أجبت مسؤولهم، بكتْب مأمولهم، على وَفق مرامهم ومقترحهم، راجيًا تيسير الإتمام، من الملك ذي الإنعام" انظر القسم المحقق (ص: 155).

[9] جاء في آخر مخطوط "كشف الإعراب" ما نصه: "قابلتُ مع الطلبة بقدر الإمكان من كتاب الأستاذ بعون الله الملك الوهاب".

[10] هو المتنبي، ويقال: أخذه من قول الشريف عبد الرحمن الأنصاري:
ما إن يَعيبُ كلامي في فصاحته *** إلا مَعِيبٌ سقيمُ الفهم مأدوف
ينظر: "الإبانة عن سرقات المتنبي لفظًا ومعنًى"، أبو سعد محمد بن أحمد بن محمد العميدي، تقديم وتحقيق وشرح: إبراهيم الدسوقي البساطي، دار المعارف، القاهرة - مصر، عام 1961م، (ص: 169 - 170).

[11] الأعلام للزركلي (2/ 232).

[12] "معجم المطبوعات العربية والمعربة" (2/ 992).

[13] اكتفاء القنوع بما هو مطبوع (ص: 311)

[14] اكتفاء القنوع بما هو مطبوع (ص: 108).

[15] (بحث بعنوان: منهج زيني زاده البرسوي في كتابه تعليق الفواضل على إعراب العوامل) للدكتور مهند جاسم محمد – نشر في مجلة العلوم الإنسانية – العدد الثامن (1432ه).

[16] ينظر: "معجم المؤلفين" (3/ 311)، و"اكتفاء القنوع بما هو مطبوع" (ص: 311)، و"معجم المطبوعات العربية والمعربة" (2/ 1978).

[17] جاء في "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع" (ص: 310): "بناء الأفعال، وهو مختصر مشهور لمصنِّف مجهول. وطُبع على حِدته في بولاق سنة 1244ه".

[18] ينظر: "معجم المؤلفين" (3/ 311)، و"الأعلام" للزركلي - مع الهامش (2/ 232)، "معجم المطبوعات العربية والمعربة" (2/ 992).

[19] ينظر: "معجم المطبوعات العربية والمعربة" (2/ 992).

[20] ينظر: "هدية العارفين" (1/ 326)، و"معجم المؤلفين" (3/ 311)، و"الأعلام" للزركلي (2/ 232)، "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع" (ص: 308).

[21] ينظر: خزانة التراث - فهرس مخطوطات، إصدار مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية - بالرياض.

[22] سورة البقرة: 68.

[23] سورة الأنبياء: 22.

[24] ينظر: "تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي" (7/ 389 - 390).

[25] سورة الأنبياء: 22. و ينظر: (ص: 559) من قسم التحقيق.

[26] وقد ذكر هذه الحاشيةَ مُسنِدُ عصره الشيخ أبو الفيض علم الدين محمد ياسين الفاداني المكيُّ رحمه الله في كتاب "الروض الفائح" (ص: 757)، قال - وهو يذكر مشايخ الشيخ عبدالقادر الشلبي - مجيزه -: "ومنهم المسن البركة الألمعي الشيخ محمد بن سليمان حسب الله، وهو عن الشيخ عبد الحميد الداغستاني صاحِب الحاشية الكبيرة المحرَّرة على تُحفة ابن حجر. وقد أخذ الشرواني عن الشيخ مصطفى الوديني والشيخ الباجوري؛ قال العلامة شعيب الباكني في كتابه "طبقات الخواجكان النقشبندية وسادات المشايخ الخالدية المحمودية" (ص: 323): "أخذ العلوم أولًا في بلده، ثم رحل إلى بلاد الإسلام، وقدِم قسطنطينية ومصر، وأخذ فيهما عن علماء أجلاء، وفضلاء أدلاء؛ مثل الشيخ مصطفى الوديني أستاذ الكل، والشيخ إبراهيم الباجوري صاحب التصانيف المفيدة، وبلغ من العلوم ذروتها، ثم قدم مكة المكرمة واستوطن بها". والكتاب من منشورات دار النعمان للعلوم بدمشق وبتحقيق الشيخ عبد الجليل العطا البكري.
وفي ملاحق تراجم الفقهاء - الموسوعة الفقهيَّة - (11/ 51): "الشيخ عبد الحميد الشرواني: لم نجد له ترجمة، وله على حاشية "تحفة المحتاج لابن حجر" في فروع الشافعية. وفي النسخة المطبوعة منها أنَّه: نزيل مكة المكرمة، وبآخرها أنَّه أتم كتابة المذكور هناك سنة 1289، وينقل عنه صاحب "ترشيح المستفيدين" كثيرًا، ويعلم من تتبع كلامه في التحفة أنَّه من تلاميذ الشيخ إبراهيم البيجوري".

[27] (10/ 321).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 105.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 103.18 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]