أهمية اللعب في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته في الوطن العربي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 329 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12642 - عددالزوار : 221285 )           »          كيف أشعر بالسعادة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          العسر القرائي «الدسلكسيا».. مفهومه ومظاهره وانتشاره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أثـار الفتـن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أوقاف المغاربة في القدس.. ألم لا يُنسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          دولة الصفويين.. تاريخ من العمالة والقتل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أفلام الكرتون تسلية محفوفة بالمخاطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          المـد والجـزر في حياة المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 2179 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-04-2024, 06:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,405
الدولة : Egypt
افتراضي أهمية اللعب في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته في الوطن العربي




أهمية اللعب في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته في الوطن العربي(1)



إن التفكير في الطفل والعمل على رعايته والعناية به، لهو مؤشر من المؤشرات الأساسية والرئيسة لكل تقدم ورقي وازدهار.
فالشعوب المتقدمة لم تبلغ ما بلغته إلا عن طريق رجالها ونسائها الذين كانوا يوما ما أطفالا صغارا معتنى بهم. والحقيقة أن الأطفال في الدول المتقدمة، عبارة عن ملوك غير متوجين؛ لما يحيطهم به مجتمعهم من اهتمام وعناية، باعتبارهم الورثة الشرعيين لهذا التقدم الهائل، والمسؤولين الوحيدين عن تطور هذه المكتسبات واستمرارها. ويكفي أن أعطي مثالا واحدا على ذلك، وهو ما قاله أحد خبراء التربية في الاتحاد السوفيتي سابقا، يقول: «لقد ألغت الثورة الاشتراكية كل الألقاب والامتيازات، ولم يعد لدينا أباطرة أو قياصرة، لكننا نؤكد دوما، أن في الاتحاد السوفيتي قيصرا واحدا يتمتع بكل الامتيازات، ذلك هو الطفل».
ولقد أكدت الدراسات والبحوث الكثيرة المتنوعة، على أن اللعب هو مدخل وظيفي لعالم الطفولة، ووسيط تربوي فعال لتشكيل شخصية الفرد في سنوات طفولته. والحقيقة أن أهمية اللعب في حياة الأطفال وتحقيقه لدوره التربوي في بناء شخصية الطفل، تتحدد أساسا بوعي الكبار عامة والآباء والمعلمين خصوصاً، ومدى إتاحتهم الفرصة أمام الطفل لتحقيق الذات في أنشطة اللعب ومواقفه المتنوعة.
أو لم يتفق علماء النفس على أن السنوات الأولى من حياة الشخص هي السنوات التي تتكون فيها الدعامات الأساسية لشخصيته؟ وهذه السنوات الأولى هي التي يحتاج فيها الطفل إلى اللعب لإبراز ميوله وبلورتها وصقلها وتنميتها.
إلى هنا يمكن أن نطرح السؤال التالي: ما وظائف اللعب في حياة الأطفال؟
هناك وظائف كثيرة، نقتصر على ذكر 3 أساسية منها:
1. الوظيفة البنائية أو التكوينية، أي إن اللعب نمو.
2. الوظيفة التربوية، أي إن اللعب تعلم.
3. الوظيفة الإكلينيكية، أي إن اللعب علاج.
1. فبالنسبة للوظيفة البنائية أو التكوينية، نجد أنه من الناحية الجسمية الفسيولوجية، يؤدي اللعب دورا ضروريا في تنمية عضلاته على نحو سليم، ويدرب كل أعضاء جسمه بشكل فعال. ويستخدم نشاط اللعب أيضا متنفساً للطاقة الزائدة التي إذا احتبست، تجعل الطفل متوترا، وعصبيا وغير مستقر.
وفيما يتعلق بالنواحي العقلية المعرفية في بنية الشخصية، تؤدي اللعب دورا كبيرا في نمط النشاط العقلي المعرفي، وفي نمو الوظائف العقلية العليا، كالإدراك والتفكير والذاكرة والكلام والتخيل والإبداع عند الطفل.
أما فيما يتعلق بالنواحي الاجتماعية والانفعالية في بنية الشخصية، فيؤدي اللعب دورا بناء في نضج الطفل اجتماعيا واتزانه انفعاليا، فبدون اللعب، ولاسيما اللعب مع الأطفال الآخرين -وليس مع الكبار- يصبح الطفل أنانيا، مسيطرا، ضعيف الأفق، وغير محبوب. ففي الأسرة، يساعد اللعب الخيالي أو الإيمائي على تخفيف العداوات بين الإخوة، ومن خلال اللعب مع الأطفال الآخرين يتعلم الطفل كيف يعقد علاقات اجتماعية وعاطفية مع الغرباء، ويوسع دائرة اتصالاته بالآخرين، وكيف يواجه ويحل المشكلات التي تجلبها مثل تلك العلاقات، ومن خلال الألعاب التعاونية يتعلم الطفل كيف يبرم علاقات اجتماعية مرغوبة، كالأخذ والعطاء المتبادلين، وأن يتعاون مع الآخرين، وكيف يتبادل معهم المسؤوليات والالتزامات، مما يهيئه للأدوار الاجتماعية في المستقبل عندما يكون راشدا.
2. ننتقل إلى الوظيفة الثانية، أي الوظيفة التربوية لكون اللعب تعلماً.
إن اللعب في حد ذاته لا ينطوي بدرجة كبيرة على قيمة تربوية، ولكنه يكتسب هذه القيمة إذا ما أمكن تنظيمه وتوجيهه تربويا، فلا يمكن أن نترك عملية نمو الأطفال للصدفة أو للخبرة العرضية، فالتربية العفوية أو الطبيعية التي ذهب إليها روسو، لا تضمن تحقيق الوظيفة البنائية للعب التي تكلمنا عنها، وإنما يتحقق النمو السليم للطفل بتأثير تربية واعية، تضع في الاعتبار خصائص نمو الطفل ومقومات تشكيل شخصيته في سياق نشاط تربوي منظم هادف.
3. أما بالنسبة للوظيفة الثالثة التي هي وظيفة إكلينيكية لكون اللعب علاجاً، فالطفل بحاجة إلى التخفيف من المخاوف والتوترات، التي تخلقها الضغوط المفروضة عليه من بيئته، ومن الأساليب غير الرشيدة في تربية الأبناء. ومن الطرق الفعالة للعلاج النفسي في هذا المجال، ومع الأطفال خاصة، ما يعرف بطريقة العلاج باللعب أو باللعب العلاجي، فاللعب يساعد الطفل على التعبير عن انفعالاته، حيث يستخدم اللعب الخيالي كمخرج للتغلب على القلق والتوتر، فكثير من الحاجات والرغبات التي لا يتحقق لها الإشباع في حياة الطفل اليومية، يمكن أن تلقى إشباعا في اللعب، وبالتالي التخلص من الإحباطات التي يخبرها الطفل في المواقف المختلفة، فمثلا نراه أحيانا ينهر دميته بعنف أو يعاقبها بلهجة درامية مؤثرة، وربما يحطمها بلا هوادة.
وتعد أساليب اللعب بالأدوار والتمثيليات الاجتماعية (السوسيودراما، مسرح الطفل..) ذات فعالية في ترشيد العلاقات، بين جماعات الأطفال والتلاميذ في أقسامهم عن مخاوفهم وإحباطاتهم، ويؤدي اشتراك الأطفال في المسرحيات النفسية إلى تحسين تكيفهم مع أنفسهم ومع الآخرين. ولا تعني القيمة الإكلينيكية للعب أنها مجرد طريقة للعلاج، ولكنها أيضا مدخل للتشخيص، وطريقة لدراسة شخصية الطفل، ومعرفة عالم الطفولة، قصد اكتشاف مصدر العلة في بعض اضطرابات الطفل الانفعالية، كالعدوان أو الكذب مثلا.
وانطلاقا من تحديد وظائف اللعب بإيجاز، يمكن أن نحدد بعجالة أنواع اللعب عند الأطفال.
إن أنشطة اللعب في الطفولة متنوعة في شكلها ومضمونها وطريقتها، ويتفق هذا الاختلاف مع مستويات وخصائص نمو الأطفال في الأعمار المختلفة، استجابة لمطالب النمو واحتياجات الطفولة في كل مرحلة من مراحل النمو، ويعكس هذا النوع أيضا الظروف البيئية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في الوسط المحيط بالطفل.
وبإيجاز يمكن تصنيف، أشكال أو نماذج اللعب عند الأطفال في الفئات التالية:
- الألعاب التلقائية: حرة، تلقائية، انفرادية.
- الألعاب التمثيلية: تقمص الأدوار، خيالية، إبداعية.
- الألعاب التركيبية: عقلية تؤدي إلى التمييز بين الواقع والخيال.
- الألعاب الفنية: إبداعية: رسم.
- الألعاب الترويحية والرياضية: خصوصا عند المراهق.
- الألعاب الثقافية: لذة القراءة والكتابة.
هذا دون أن ننسى أنواع اللعب الأخرى ذات الشهرة الواسعة، مثل:
- لعب التكرار (المسمى أيضا لعب الوظيفية): حيث يسبر الطفل وضع اللعب (بتشديد اللام وفتحها وكسر العين) أو اللعب (بتشديد اللام وضمه وفتح العين) ويتفحصها.
وقد يعالج الأجسام أيضا بيده، والميزة الأساسية هنا هي المظهر التكراري للحركة.
- لعب التقليد(المسمى لعب التوهم أو الوهم أو التخيل أو الدور): يقلد الطفل هنا أنشطة أو أوضاعا بإعطاء حركاته معنى، فالميزة الأساسية هنا أن الطفل يستعمل اللعب لتقليد أشخاص أو إعادة تكوين أحداث.
- لعب البناء: حيث يبني الطفل شيئا ذا دلالة، انطلاقا من مكعبات أو معجونات مثلا. والميزة الجوهرية هنا هي الرغبة في تركيب كل ذي دلالة من عناصر لا دلالة لها.
- لعب التجميع(المسمى أحيانا كثيرة لعب تمثل البيئة): حيث يجمع الطفل لعبا تمثيلية بسيطة(بيوتا، حيوانات، أشجارا..) وينظمها كما في عالم الواقع أو بصورة مختلفة، وتتمثل الميزات الأساسية هنا بالانتقاء والترتيب والتنظيم للعب جاهزة.
وهكذا نجد على العموم، أن اللعب سلوك ينطوي على تناقض ظاهري، فهو استكشاف لما هو مألوف، ومران على ما أصبح تحت سيطرتنا بالفعل، وعدوان ودي، واهتياج للاشيء، وسلوك اجتماعي، وادعاء لا يقصد به الخداع.. هذا هو اللعب عند الأطفال.
من هنا يمكن أن نستنتج خاصيتين أساسيتين يتميز بهما سلوك الطفل الصغير بالمقارنة مع سلوك الراشد:
بالنسبة للخاصية الأولى: أن سلوك الطفل في الغالب سلوك عفوي تلقائي ساذج، غير منظم، بعكس سلوك الراشد، وكل ما يفكر فيه الطفل هو اللعب واللهو، ومن الواضح أن لعب الراشد الذي هو نوع من الاستجمام والاسترخاء والبعد عن العمل، قصد الراحة، شيء يختلف عن دوافع اللهو واللعب، التي تتملك الطفل وتملأ عليه كل أوقاته، بحيث يصبح اللعب عنده غاية في حد ذاته، بخلاف اللعب عند الراشد الذي هو وسيلة فقط.



اعداد: المستشارة التربوية: شيماء ناصر




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-04-2024, 07:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية اللعب في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته في الوطن العربي

أهمية اللعب في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته في الوطن العربي(2)


أما بالنسبة للخاصية الثانية: فتتمثل في أن الطفل عبارة عن قوة تنمو أو كما يقول جان شاتو(فرنسا): إنه حركة تمضي إلى الأمام، أو بعبارة أحسن: إنه اندفاع نحو الرشد، إلى مجتمع الراشدين، نجده مثلا في سن ما قبل المدرسة، يحاول أن يشارك الكبار في مجالسهم، كما يحاول أن يقلد أخاه الأكبر أو أباه، كذلك فإن البنت الصغيرة تحاول من جهتها أن تقوم بأعمال المنزل والطبخ... إلا أن هذا الاندفاع يأخذ صورا أخرى غير منظمة.
إذ إننا نجد الطفل الصغير يقوم بأعمال كلها حركة لا مبالية، وإن هذا الاندفاع الأول هو وسيلة الطفل من أجل أن يعيش وراء حدود نفسه. ومن هنا، يبدأ أول اصطدام بين الطفل والكبار، فالطفل، بحكم خصائص نموه، يود أن يعيش بعيدا عن حدود نفسه، خصوصا أثناء اللعب، ولكن سرعان ما يجد الحواجز التي يخترعها الكبار للإحاطة بالطفولة المندفعة المتحركة، بدعوى تحسين حمايتها، وهنا تكمن المشكلة الكبرى؛ لأن هذا التدخل المبكر من طرف الكبار في هذه المرحلة من مراحل العمر، والتي تعرف بأنها حركة إلى الأمام، يحرم الطفل من خاصية الاندفاع والرغبة في البعد عن طريق ممارسة اللعب بأشكاله المختلفة، فيتحول هذا العمر من الأمل والأحلام، إلى التألم والإحباط والدخول في العالم الحقيقي بمسؤولياته وأحداثه قبل الأوان. إن الإنسانية الحق هي أن يمارس الإنسان طفولته بخصائصها الحالمة، وبدون هذه الخصائص، يعيش الإنسان حياة متمزقة، بائسة طوال عمره.
فإذا كنا مقتنعين بقيمة اللعب وبوظائفه السيكولوجية الإيجابية، فإنه لا مفر من أن نطرح سؤالا على أنفسنا، وهو: ما نصيب الطفل العربي من اللعب؟ وهل نحقق له إشباعا في هذا الجانب؟ وهل الظروف الأسرية والمؤسسات التربوية والاجتماعية المعروفة لدينا جميعا تسمح بهذا التحقيق؟
إن حاجة الطفل إلى اللعب، في بلداننا، أشد من حاجة أي طفل آخر إليه؛ لأنه محروم منه باستمرار، ففرص اللعب عند الطفل غالبا ما تكون مسروقة منه؛ لأن اللعب بالنسبة لأغلبية الآباء، الذين يجهلون وظيفة اللعب، هو وقت ضائع وشيء تافه وثانوي، بل محرم في بعض الأحيان، لذا ينبغي إبعادهم عنه ما أمكن، ونقلهم منذ الصغر إلى حياة الواقع بكل ما فيها من المرارة والقسوة، فكان نتيجة ذلك أن هدف الطفولة هو أن تتحول إلى رجولة أو أنوثة في أقرب وقت ممكن، وهذا ما نراه في غالب الأحيان وهو الطفل الرجل أو الطفل المرأة، أي الطفل الصغير الذي يحمل هموم ومشاكل الراشدين، ونظرا لحاجاته إلى اللعب لينمو نموا متزنا، فإن حرمانه منه يجعله يعود إليه في المستقبل، ليعوض ما فاته وما هو بحاجة إليه (الطفولة المتأخرة).

هناك نسبة قليلة جدا من الأطفال، الذين تتاح لهم فرصة المرور برياض الأطفال، أو دور الحضانة للاستمتاع باللعب المنظم والموجه، على افتراض أن هذه الأماكن التربوية تحتوي حقا على المربين الأكفاء، والحقيقة غير ذلك تماما، فلو تمعنت في أعمال بعض هذه المؤسسات لوجدت أنها تسيء إلى الأطفال بطرقها التربوية التقليدية المعوجة، فالمفروض في هذه الأماكن، أن يلعب الطفل فيها ويمرن حواسه وعضلاته، استعدادا لسن التمدرس، ولكن جهل المربين في هذه الدور من جهة، وشوق الآباء برؤية أطفالهم يقرؤون ويكتبون من جهة ثانية، يجعلان من هذه الدور مدارس على غرار المدارس المعروفة، بدل أن تكون أماكن خاصة باللعب المنظم، فهي بذلك تثقل كاهل الطفل بالكتابة وكثرة الحفظ، وهو لم ينضج بعد للقيام بهذا الأمر. أما الغالبية العظمى من الأطفال الذين لا تتاح لهم فرص ولوج دور الحضانة أو رياض الأطفال، فإنهم يقضون زمنا أو وقت ما قبل المدرسة داخل الأسرة، فما هي وضعية الأسرة في الوطن العربي؟
إن الأسرة في الوطن العربي لا تتيح إلا مجالا ضيقا لتحقيق استقلال الطفل الذاتي، فهو يتكل على أمه وذويه في كل شيء، حيث لا يتركونه يعتمد على نفسه، ولا يسمحون له باللعب. ولا شك أن الإفراط في الاتكال وفي الحماية المفرطة ( كما في العقاب) له أثر كبير في نمو شخصية الطفل وتكاملها، مثال ذلك: الأم التي لا تسمح لطفلها أن يلعب وحده في الحديقة أو في الشارع، فتبقيه دوما إلى جانبها، تعيق تحقيق إمكاناته تحقيقا تاما حرا، فالطفل العاقل ، في نظر الأم، هو الذي يجلس إلى جانبها هادئا ساكنا مطيعا، فهي تتصور أن الطفل الحسن التربية والخلق، هو الذي لا يحدث ضجة، ويفعل ما يطلب إليه فعله، ويحترم من هو أكبر منه سنا ويصغي إليه، ونتيجة ذلك يصبح الطفل في كثير من الأحيان، طفلا خجولا يهرب في وجه التهديد، ولا يقاتل عندما يعتدي عليه طفل آخر، وهو يبكي ويشتكي ويلتمس الرحمة عندما يقع في الصعوبات.
هذا إلى جانب كون الأسرة مثقلة بالضغوط التي تفرضها عليها الحياة المادية، ويترتب على ذلك أن الضغوط التي تواجه أفراد الأسرة تجعلهم لا يلتفتون إلى الصغار ولا يقدرون حاجاتهم.
وبعبارة أخرى، لا يعرفون ولا يملكون الوعي الذي يجعلهم يعرفون ويعترفون بأن الصغير من حقه أن يمارس حياته، في جو من الأمن والسعادة، ولكن كيف يتحقق هذا أمام الأمية والجهل من جهة، والمشاكل الاقتصادية العويصة، وعلى رأسها مشكلة السكن غير الصحي وغير اللائق من جهة أخرى؟ ذلك أنه حسب إحصائيات رسمية لسنة 82 في المغرب على سبيل المثال، نجد أن توزيع عدد الغرف، يبين أن هناك فقط 23 % من الأسر تستغل أربع غرف فأكثر، و53% من العائلات يسكنون غرفتين، و24% من العائلات لا يملكون سوى حجرة واحدة، والحجرة الواحدة لا تتسع حتى للمسائل الضرورية، فكيف يخصص منها مكان ليلعب الطفل؟!
إن طبيعة الطفل الحية الديناميكية وما يصاحبها من جري وقفز وصراخ ولعب وما إلى ذلك، تتعارض والحيز الذي يكون من نصيبه في هذا البيت الضيق. وللتخلص منه ومن أسئلته ومضايقاته، يقذف به إلى الشارع بمشاكله المختلفة. ونتيجة ذلك، ما نراه في الشارع خلال العطل المدرسية. ولا تسأل عما يحدث للطفل عندما سيخرج إلى الشارع، لضيق البيت أو لضيق خاطر الأسرة أو غيرها، ليتخذ الشارع مكانا للعب الذي يتقاسمه مع البقال والتاجر والباعة المتجولين، والسيارات والشاحنات والدراجات وغيرها، وكثيرا ما تنتهي هذه الألعاب بمشاكل وحوادث وإصابات. ونتيجة ذلك غير خافية، فمن جهة اكتساب ألفاظ لغوية بذيئة، تتخذ كسلاح في التعامل مع أفراد المجتمع الذي حرمه من اللعب في البيت وفي الشارع، وحرمه منه حتى في المدرسة؛ إذ البرامج التعليمية في بلادنا لا تعير للعب أي اهتمام يذكر، فكل الدروس تعطى للطفل وهو جالس، لا ينبغي أن يتحرك، بالرغم أن طبيعته تتنافى وهذا الوضع السكوني الجامد، ومن جهة أخرى تؤكد إحصائيات المستشفيات، خاصة أقسام المستعجلات، أن إصابات وحوادث الأطفال ترتفع كثيرا أيام العطل المدرسية.
وهذا كله، على العموم، يعود إلى غياب مجالات اللعب: في البيت، في المدرسة، في الحي، في الشارع... وذلك راجع إلى اكتظاظ السكان من جهة، ومن جهة أخرى، عدم التفكير في هذه المسألة من طرف الكبار والمسؤولين، عند تصميم المساكن وتخطيط المدن وبناء المؤسسات التربوية، ووضع البرامج المناسبة والملائمة لذلك.


اعداد: المستشارة التربوية: شيماء ناصر




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.92 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]