براءة أهل السنة من الغلو - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 335 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12642 - عددالزوار : 221376 )           »          كيف أشعر بالسعادة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          العسر القرائي «الدسلكسيا».. مفهومه ومظاهره وانتشاره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          أثـار الفتـن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أوقاف المغاربة في القدس.. ألم لا يُنسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          دولة الصفويين.. تاريخ من العمالة والقتل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أفلام الكرتون تسلية محفوفة بالمخاطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          المـد والجـزر في حياة المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 2191 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-06-2019, 04:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,405
الدولة : Egypt
افتراضي براءة أهل السنة من الغلو

براءة أهل السنة من الغلو

أ.د. ناصر بن عبد الله القفاري




«عندما يُذكر اسم داعش في الأوساط الإسلامية أو المجتمعية أو السياسية تتبادر إلى الذهن صور صادمة من العنف والوحشية والممارسات المفجعة، ويتبادر إلى الذهن أحياناً إلصاق هذه الصور بالمكون السني المتطرف ذي التوجهات المسماة بالجهادية فحسب. فهل هذا الحصر قاصر أم حقيقي؟ وهل ثمة دواعش صفويون إذا سلمنا بالصورة النمطية لمفهوم الوصف الداعشي؟ وهل من أمثلة حقيقية على ذلك في الواقع اليوم في الانتهاكات الصفوية ضد السنة أو حتى ضد العرب غير الصفويين؟».

هذا نصُّ سؤالٍ وُجِّه إليَّ من إحدى الصحف، فأجبت عليه، وتم نشر عبارات مجتزأة من الجواب، وقد أحببت أن أنشره كاملاً، لما فيه من كشف اللبس، وبيان الحق، وكان جوابي عليه بما يلي:

نسبة الغلو والتطرف إلى ما يسميه بعضهم بـ«المكوِّن السني» لا تصدر إلا ممن لا يعرف مفهوم السنة ومنهجها ومصدرها واعتقادها.

فالسنة ليست فرقة حادثة أو طائفة ناشئة كالفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي؛ لأن أهل السنة هم الأمة والامتداد الطبيعي للمسلمين من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فهم أهل الإسلام، ولكن لما أخبر صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة؛ صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة[1].

أما انتساب بعض المتطرفين والغلاة إلى السنة في الظاهر فلا يصدق عليهم أنهم من السنة في الباطن؛ لأن تحقق هذا الوصف ليس بالتمني ولا بالتشهي، ولكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل، وقد ينتسب إلى السنة ويتقنع بقناعها من هو في الحقيقة من أعدائها.

ولذا فالمعتبر في نسبة أي اعتقاد أو قول أو عمل إلى دين أو طائفة هو ما تقرره مصادرها ومبادئها، لا ما يكون في سلوك بعض المنتسبين لها من غلو أو شطط أو انحراف.

فاليهودية إنما انحرفت عن شريعة موسى بسبب انحراف بعض المنتسبين إليها، وكذلك المسيحية انحرفت عن شريعة عيسى بتأثير بعض المندسين فيها وليسوا منها.

ومثل ذلك الشيعة الأولون أتباع علي رضي الله عنه على الحقيقة، المتمسكون بهديه، السائرون على دربه ونهجه، ما تركوا لقب الشيعة إلا بعدما تسلل إليهم طوائف وأفراد ليسوا منهم، كالسبئية والمختارية والمغيرية والإسماعيلية والإثنى عشرية، وكل هؤلاء ادعَوا اتباع علي وآل بيته[2].

إن هذه الانحرافات التي تنسب إلى الدين ليست من الدين الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، بل هي من جهل الإنسان وظلمه، {إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]، وهي أيضاً من تلبيس شياطين الإنس والجن، وغيرها من الأسباب، وقد كتب الإمام ابن الجوزي كتابه تلبيس إبليس مبيناً تلبيس الشيطان على كثير من أهل الأديان والملل والطوائف والفرق.

أما دين الله الذي شرعه لعباده فهو وسط بين الأديان، كما أن أهل السنة وسط بين الفرق، قال تعالى:

{وَكَذَلِكَجَعَل ْنَاكُمْأُمَّةً وَسَطًالِّتَكُو نُوا شُهَدَاءَعَلَىا لنَّاسِوَيَكُون َالرَّسُولُ عَلَيْكُمْشَهِي دًا} [البقرة: 143].

والإسلام دين المحبة والسلام، والله جل وعلا خلقنا لنتعارف ونتآلف ونتعايش، لا لنتنازع ونتقاتل، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَاالنّ َاسُإنَّاخَلَقْ نَاكُممِّن ذَكَرٍوَأُنثَىو َجَعَلْنَاكُمْش ُعُوبًاوَقَبَائ ِلَلِتَعَارَفُو ا}[الحجرات: 13]، والمقتضي لإرسال الرسل من جهة الرب جل وعلا هو الرحمة، وقد جاء هذا المعنى العظيم في القرآن الكريم بصيغة الحصر، قال تعالى: {وَمَاأَرْسَلْنَ اكَإلَّارَحْمَة ًلِّلْعَالَمِين َ} [الأنبياء: 107]،فالرحمة بالبشرية هي الحكمة لإرسال الرسل، والرسل جميعاً إخوة، ودينهم واحد، يبشر السابق باللاحق، ويصدق اللاحق السابق، واتفقوا على أصول ثلاثة:

الأول: تعريف الناس بربهم، بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.

الثاني: تعريفهم بالطريق الموصل إليه، وهي شريعته المتضمنة لأمره ونهيه.

الثالث: تعريفهم ماذا ينتظرهم بعد الموت؟ وما مصيرهم بعد مفارقة الحياة؟[3].

ومن الأصول المقررة أنه لا إكراه في الدين حتى يتبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال، ومن ضل فعلى نفسه، وإذا انحرفت العقيدة عن الصراط المستقيم؛ لم تضر إلا صاحبها، لكن الخطر الذي يهدد الأمن والتعايش والسلام هو تلك العقائد التي تتضمن العدوان على مخالفيها واستحلال دمائهم وأموالهم.

ولذلك فإن أخطر أنواع الإرهاب وأشد درجات العدوان هو ما تستر برداء الدين، ونسب فعله المشين إلى الوحي الإلهي المنزل من رب العالمين، وهو انحراف عن دين الإسلام الذي بعث به الأنبياء والمرسلون جميعاً، كما نرى أصول الإرهاب والعدوان لدى اليهودية التلمودية التي من مبادئها ما جاء في توراتهم المحرفة من قولهم: «وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب نصيباً فلا تستبقِ منها نسمة ما»[4]، وما جاء في تلمودهم من قولهم: «اقتل الصالح من غير الإسرائيلي، ومحرم على اليهودي أن ينجي أحداً من باقي الأمم من هلاك، أو يخرجه من حفرة يقع فيها؛ لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين»[5]، وفي التلمود: «من العدل أن يقتل اليهودي بيده كل كافر[6]؛ لأن من يسفك دم الكفار يقرب قرباناً لله»[7].

ولذلك ذهب وليم كار في كتابه أحجار على رقعة الشطرنج إلى أن اليهود وراء كل جريمة، وذلك بعد دراسة استغرقت قرابة أربعين عاماً، وبعدما أشعلوا أوربا بأنواع من الحروب والصراعات الدينية الدموية والفتن الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت، وكانت كل طائفة تنسب عدوانها على الأخرى إلى الدين.

وقد وجد شيء من ذلك في بعض الفرق والطوائف المنتسبة إلى الإسلام في الظاهر كالخوارج والرافضة، وهو بلا شك انحراف عن مبادئ الإسلام تنكره أصوله ومصادره، إلا إن هذا العدوان والإرهاب المنتسب إلى الإسلام عند الرافضة أخطر منه عند الخوراج ومن سار على دربهم، وكلاهما شر؛ لكن انحراف الخوارج ناشئ عن الجهل بالدين، وسوء الفهم عن رب العالمين، وليس لديهم مقومات الحياة والاستمرار، فليس لغلوهم في مصادر الأمة شاهد، ولا معهم من العلماء الربانيين موافق، أما انحراف الرافضة السبئية الصفوية فناشئ عن الكيد لأمة الإسلام، والسعي لتمزيق وحدتها، وتحريف عقيدتها، وتهديد أمنها، فعدوان الخوارج نتاج جهل وغلو، وعدوان الرافضة نتاج كيد وحقد، ويقارن ابن تيمية بين انحراف الخوارج وبين انحراف الرافضة، وينتهي إلى أن انحراف الرافضة شر من انحراف الخوارج، فيقول: «ومذهب الرافضة شر من مذهب الخوارج المارقين؛ فإن الخوارج غايتهم تكفير عثمان وعلي وشيعتهما، والرافضة تكفر أبا بكر وعمر وعثمان وجمهور السابقين الأولين، وتجحد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مما جحد به الخوارج، وفيهم من الكذب والافتراء والغلو والإلحاد ما ليس في الخوارج، وفيهم من معاونة الكفار على المسلمين ما ليس في الخوارج، والرافضة تحب التتار ودولتهم؛ لأنه يحصل لهم بها من العز ما لا يحصل بدولة المسلمين، والرافضة هم معاونون للمشركين واليهود والنصارى على قتال المسلمين، وهم كانوا من أعظم الأسباب في دخول التتار قبل إسلامهم إلى أرض المشرق بخراسان والعراق والشام، وكانوا من أعظم الناس معاونة لهم على أخذهم لبلاد الإسلام وقتل المسلمين»[8].

ولذلك فإن التمدد الرافضي الصفوي هو الخطر الأكبر الذي يهدد وجود الأمة ودينها ومستقبلها.

ذلك أنه بعد الهزيمة النكراء التي لحقت الفرس المجوس في معركة القادسية أجمعوا أمرهم على الكيد لهذه الأمة، وإثارة النزاعات بينها، وغرس بذور التفرق والشقاق بين أبنائها، فتقنعوا بستار التشيع الكاذب، بعد أن رأوا أن الأحداث مناسبة لرفع أمثال هذه الشعارات الخادعة، وذلك بعد مقتل علي - ثم مقتل الحسين -، ولذلك قرر بعض الباحثين أن دم الحسين كان البذرة الأولى للتشيع كعقيدة[9].

وقد استغلوا هذه الأحداث في إذكاء نار الفتن، والكيد لهذه الأمة، والنيل من عقيدتها ووحدتها، فكان التشيع - كما قرر الباحثون - مأوى لكل من أراد الكيد للإسلام وأهله.

يقول ابن حزم: «إن الفرس كانت من سعة الملك، وعلو اليد على جميع الأمم، وجلالة الخطر في أنفسها بحيث إنهم كانوا يسمون أنفسهم الأحرار والأسياد، وكانوا يعدون سائر الناس عبيداً لهم، فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، كان العرب عند الفرس أقل الأمم خطراً، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، وفي كل ذلك يظهر الله الحق.. فرأوا أن كيده على الحيلة أنجع، فأظهر قوم منهم الإسلام، واستمالوا أهل التشيع، بإظهار محبة أهل البيت، واستبشاع ظلم علي - بزعمهم - ثم سلكوا بهم مسالك حتى أخرجوهم عن طريق الهدى»[10].

وقد أجمع هؤلاء الأعداء أمرهم، وخططوا لنفاذ كيدهم بطريقة ماكرة، وهي نسبة نصوص العدوان على مخالفيهم واستحلال دمائهم وأموالهم إلى بعض أئمة آل البيت، بل نسبتها إلى الإسلام، وتسمية ذلك تشيعاً ليروج على السذج والعوام.

وقد كانت هذه النصوص موضع التداول السري بينهم، لكن بعد قيام الدولة الصفوية كشفوا القناع، فظهرت هذه النصوص، ودونت في مصادر ازدادوا بها انفصالاً عن أمة الإسلام، وقد نص شيوخ الدولة الصفوية على أنها هي المصادر المعتمدة لدينهم، وتبعهم على ذلك الملالي المعاصرون من أتباع الصفويين، ولم يكن لعلماء الأمة وأهل الإسلام علم بهذه المصادر، فكانت أول إشارة لها من قبل عالم سني إيراني يسمى مخدوم الشيرازي من القرن العاشر، وذلك بحكم إقامته بين ظهرانيهم، حيث ذكر أن من هفوات الروافض إنكارهم كتب الأحاديث الصحاح التي تلقتها الأمة بالقبول، وإيمانهم بمقابل ذلك بأربعة كتب جمع فيها كثير من الأكاذيب مع بعض الأحاديث وأقوال الأئمة[11].

وقد تضمنت هذه المصادر مبادئ الإرهاب والعدوان على المخالفين، واستحلال دمائهم وأموالهم، حتى إنهم يرون قتل المخالفين سبباً للوصول إلى الجنان، وتحصيل رضا الرحمن!

وكانت هذه النصوص تعدهم أيضاً بملحمة كبرى مع المسلمين يجرون فيها من دماء الأمة - بل البشرية - أنهاراً، وكانوا يحددون موعد هذه الواقعة بخروج مهديهم من مخبئه، والذي غاب بحسب اعتقادهم منذ سنة 260هـ فله اليوم ما يزيد على ألف ومائة وسبعين سنة، ولا يعلم مكانه، ولا يرى شخصه، ويقولون: إنه يرى الناس ولا يرونه، وأنه حاضر في الأمصار غائب عن الأبصار، وإذا ذكروه قالوا: عجل الله فرجه وسهل مخرجه، وإذا كتبوا اسمه رمزوا له برمز «عج».

وكانت شهوة الانتقام من جميع مخالفيهم حلماً يداعب أفكارهم، وأملاً ينتظرون تحقيقه على يد هذا الغائب الموهوم الذي ينتظرون عودته.

لكن الخطورة الكبرى أنه تم في عصرنا تحويل الحلم إلى حقيقة، والوهم إلى واقع، وذلك بنقل جميع أعمال مهديهم المزعوم إلى الولي الفقيه على يد الخمينية وفق عقيدة ولاية الفقيه المزعومة.

وتصف نصوصهم وظائف المهدي وأعماله بالدموية المفرطة، والعدوان الذي لم يعهد له مثيل في التاريخ، فتبين طريقة تعامله مع المخالفين، والقانون الذي يحكم به الناس، وهو القتل لكل مخالف، فلا يقبل منهم جزية، ولا يستمع إلى عذر، ولا همّ له ولا عمل إلا القتل والانتقام، حتى يقولون: إنه بعث بـ«الجفر الأحمر»[12]، ويعنى به بحسب تفسيرهم له «ذبح المخالفين»، وأنه يخص العرب بمجازره.

ويقولون إن مهديهم والولي الفقيه يقوم بمهمته بحكم غيبته بحسب النحلة الخمينية يسير في العرب بما في الجفر الأحمر وهو قتلهم[13].

وكثير من نصوصهم تَعِد العرب بملحمة على يد غائبهم لا تُبقي على رجل أو امرأة ولا صغير ولا كبير، بل تأخذهم جميعاً فلا تغادر منهم أحداً، حتى قالت نصوصهم: «ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح»[14].

وجاء في مصادرهم المعتمدة: «كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة، ثم أخرج المثال: «الجديد على العرب شديد». قال الراوي قلت: جُعلت فداك ما هو؟ قال: الذبح. قال: قلت بأي شيء يسير فيهم، بما سار علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ قال: لا، إن عليّاً سار بما في الجفر الأبيض، وهو الكف، وهو يعلم أنه سيظهر على شيعته من بعده، وأن القائم يسير بما في الجفر الأحمر، وهو الذبح، وهو يعلم أنه لا يظهر على شيعته[15].

ويلاحظ أن هذا الاستئصال العام الشامل للجنس العربي لا يفرق بين شيعي وسني، مع أن في العرب من هو من الشيعة، ولكن أخبارهم تؤكد أنه لن يتشيع أحد من العرب حين قيام دولة مهديهم، ولهذا تحذر من الاغترار بهم، وإن تشيعوا فتقول: «اتق العرب، فإن لهم خبر سوء، أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد»[16]. ويقولون إنهم سيمحصون فلا يبقى منهم إلا النزر اليسير[17].

وحرب الخميني للشعب العراقي بلا تفريق بين شيعته وسنته كانت بداية تطبيق هذا المبدأ وهو القتل العام للجنس العربي، ومحاولة إفنائه، ثم أكملوا مسيرة قتل العرب في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وقد وضح الأمر لكل ذي عينين، والواقع خير دليل وشاهد.

وخص العرب بالقتل يدل على تغلغل الاتجاه الشعوبي الفارسي المجوسي لدى واضعي هذه الروايات، وهي تبين مدى العداوة للجنس العربي لدى مؤسسي هذه النحلة، والرغبة في التشفي منهم بقتلهم.

وقد وردت في مصادرهم نصوص أخرى كثيرة تخص المسلمين بالقتل، ولذا اعترف آيتهم الصدر[18] بأن ظاهر رواياتهم أن كثرة القتل خاصة بالمسلمين[19].

بل جاء في مصادرهم أنه يخص الحجاج والمعتمرين بالقتل أثناء أدائهم للمناسك، فقد ورد في أحلامهم الدموية قول إمامهم: «كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة»[20].

وقد سجل التاريخ وقوع العدوان من أسلاف هذه الطائفة كما هو مدون في أحداث سنة 317هـ أنهم قتلوا الحجاج في المسجد الحرام يوم التروية، وفي فجاج مكة، وكانوا يقتلون الناس في الطواف، واقتلعوا الحجر الأسود، وهدموا قبة بئر زمزم، وعروا الكعبة من كسوتها، وقلعوا بابها، وصعد رجل منهم ليقلع الميزاب، فتردى ووقع على رأسه ومات، وأخذوا أموال الناس، وطرحوا القتلى في بئر زمزم، وحملوا معهم الحجر الأسود، فبقي عندهم نحواً من عشرين سنة، يحكي ذلك الحافظ ابن كثير - رحمه الله - قائلاً: «فيها [أي سنة 317هـ] خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي، فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب هناك من كل جانب، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم، واستباح قتالهم، فقتل الناس في رحاب مكة وشعابها حتى في المسجد الحرام وفي جوف الكعبة، وجلس أميرهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي - لعنه الله - على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله في المسجد الحرام في الشهر الحرام، ثم في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول:

أنا بالله وبالله أنا

يخلق الخلق وأفنيهم أنا

فكان الناس يفرون فيتعلقون بأستار الكعبة، فلا يجدي ذلك عنهم شيئاً، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذٍ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف، فلما وجب، أنشد وهو كذلك:

ترى المحبين صرعى في ديارهم

كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا

ثم أمر القرمطي - لعنه الله - أن يدفن القتلى ببئر زمزم، ودفن كثيراً منهم في أماكنهم، وحتى في المسجد الحرام - ويا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة - ولم يغسَّلوا، ولم يكفنوا، ولم يصل عليهم لأنهم شهداء في نفس الأمر، بل من خيار الشهداء، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة، فأراد أن يقتلعه، فسقط على أم رأسه، فمات - لعنه الله - وصار إلى أمه الهاوية، فانكف اللعين عند ذلك عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، وجاءه رجل فضرب الحجر بمثقل في يده، وقال: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود - شرفه الله وكرمه وعظمه - وأخذوه معهم حين راحوا إلى بلادهم، فكان عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه»[21].

وكشفت مصادرهم المعتمدة لديهم عن طواياهم وخططهم تجاه الحرمين الشريفين[22]، فتذكر أن مهديهم يقوم بعملية هدم وتخريب للحرمين الشريفين، ففي «الغيبة» أن «القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أساسه، ويرد البيت إلى موضعه، وأقامه على أساسه [هكذا]»[23].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 119.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.43 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]