موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 37 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #361  
قديم 21-04-2008, 03:37 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

بعض الحكم العلمية من العـدة الشرعية للمرأة

بحث للطبيب العلامة الدكتور محمود ناظم النسيمي رحمه الله تعالى
العدة هي الزمان الذي تتربص فيه المرأة عقيب الطلاق أو الموت أو فسخ الزواج بعد الدخول أو الوطء بشبهة، تعد أيامه لتلتزم فيها بما ألزمها الله سبحانه وتعالى منتظرة أو أن الفرج الموعود لها .
والأصل في وجوبها قول الله تبارك وتعالى :
( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ) [سورة البقرة:228].
وقوله :
( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)[سورة الطلاق]
من تلك الآيات يتبين لنا أن العدة أربعة أنواع :
عدة بثلاثة قروء للتي تحيض إن كان سبب العدة غير وفاة الزوج، وبما أن للقرء لغة معنين : الحيض والطهر، فقد اختلفت المذاهب الفقهية في المراد بالقرء.
وعدة بثلاثة أشهر للصغيرة التي لم تبلغ والآيسة (التي انقطع طمثها لكبر سنها)وذلك في غير حادثة الوفاة .
وعدة بأربعة أشهر وعشرة أيام للمتوفى زوجها.
وعدة الكل في الحمل تمتد حتى الوضع . وهناك خلاف فقهي حول عدة الوفاة في الحامل هل تنتهي عدتها إذا وضعت ولو قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام أم تتربص أطول الأجلين . هذا وتبتديء عدة الطلاق عقيبة ، وعدة الوفاة عقيبها.
حكمة العدة اجتماعياً :

1. قال الفقهاء : إن حكمة العدة هي الحكم ببراءة الرحم من الحمل حفظاً للأنساب من الاختلاط والشك. فبالعدة يحصل التثبت، هل المرأة حامل فيشترط الوضع لانتهاء العدة ؟ أم غير حامل تنتهي عدتها بانتهاء الأجل الذي حدده القرآن الكريم ، ولا شك أن هذه الحكمة بالغة الأهمية وسأعود إليها بالإيضاح الطبي ، ولكن هناك حكم أخرى يجب ألا نغفل عنها ففي فهمها إزالة لبعض التساؤلات.
2. من تلك الحكم فتح المجال للعودة إلى بناء الأسرة المتهدمة بحادثة الطلاق: لأن الحفاظ على الحياة الزوجية وتماسك الأسرة مما اهتم به الإسلام، فجعل بعض الحلال إلى الله الطلاق ، وسن ألا يتسرع الزوج بإيقاعه في ساعات الغضب واضطراب العواطف ، فإذا كان عازماً ولا بد فاعلاً فيسن له أن يوقعه رجعياً في طهر لم يقرب زوجته فيه ، فلعله بعد هدوء غضبه وسكون نفسه أن تتزن محاكمته الفكرية فيستقيم حكمه فيحجم عن إيقاع الطلاق أو يندم على إيقاعه فيراجعها في العدة .
ومن أجل هذه الحكمة حظر الإسلام أن تخطب المعتدة وحرم العقد عليها واعتبره باطلاً ، أي إن الإسلام جعل العدة فرضاً شرعياً وحقاً للزوج وحقاً للأسرة يراجع فيها كل من الزوجين صفحات سلوكهما ووضعهما . فقد يجدان أن من الأفضل أن يعودا إلى الحياة الزوجية السابقة ، وأن يصحح كل منهما سلوكه وأن يتحاشى تكرار أخطائه . ولهذا كان الزواج حق مراجعتها في الطلاق الرجعي ضمن العدة دون حاجة لإجراء عقد جديد (إيجاب وقبول أمام شاهدين)أو يجري عليهما عقداً جديداً برضاها في الطلاق البائن بينونة صغرى.
3. ومن تلك الحكم أيضاً احترام الحياة الزوجية وتقديرها وعدم نسيان الفضل بين الزوجين . فالعدة جزء من الحزن والحداد عليها بعد أن انفصلت عراها بموت رب الأسرة، أو بالطلاق لاضطراب سلوك الزوجين أو أحدهما .
وقد ينضم إلى ذلك حزن وحداد على فقدان شريك الحياة ومعيل الأسرة ذي المودة والرحمة.
ولا بد للحزن والحداد من وضع نهاية له حتى لا تتصدع نفسية المرأة، فجعل الإسلام نهاية الحداد بنهاية العدة ، يحق لها بعدها أن تتزوج وتبني أسرة جديدة .
فحكمة العدة إذاً لا تنحصر في براءة الرحم فيقال : إذا تأكدنا من خلوه من الحمل فما الحكمة من تربصها حتى تمام العدة ؟ كما حددها الله عز وجل وعلا.. وقد يكشف لنا الفكر والعلم حكماً غير التي ذكرت .


العدة والطب[1] :
إن التأكد من براءة الرحم من الحمل، والانتظار حتى الوضع لدى وجوده، هو الحكمة من العدة . ولهذا التأكد علاقة بالطب أوضحها ببيان النقاط التالية :
أ‌. إن التأكد من خلو الرحم من الحمل يحصل بمرور ثلاثة قروء أوثلاثة أشهر:
أ‌. لأنه قد يحدث نزف في الشهر الأول من الحمل وتختلف أسبابه فقد يكون بسبب تعشيش البيضة فيحدث نزف في موقع التعشيش ، وقد يكون بسبب حدوث التلقيح قبل الطمث المبكر بأيام قليلة ، وفي كلتا الحالتين يسمى العوام هذا النزف (رويل الحبل).
وقد يكون النزف بسبب وجود رحم مضاعف فيحصل الحمل في إحدى الرحمين والطمث في الأخرى وهذا نادر .
وقد يكون بأسباب أخرى مرضية، يجب كشفها من قبل المختص ومكافحتها.
ب‌. وقد يحدث نزف في الشهر الثاني ثم يتكرر بسبب الإصابة بالرحى العدارية وهي استحالة كيسية تصيب الزغابات الكوريونية (المشيمة) في أشهر الحمل الأولى، فتشتد أعراض الوحام ولا تلبث أن تظهر الأعراض الرئيسية وهي ثلاثة:
1)الأنزفة التي تظهر منذ الشهر الثاني وقد تظهر في الشهر الأول .
2)كبر حجم الرحم فيبدو هذا غير متناسب مع سن الحمل.
3)انقذاف بعض الحويصلات مع الدم النازف وهذا قليل المشاهدة وهو عرض بياني . ولا يلبث الإسقاط أن يحدث بين الشهر الثالث والخامس .
ويجب أن تعتبر الرحى العدارية ورماً خبيثاً فتفرغ الرحم لدى كشفها وتشخيصها.
وقد يحدث نزف في الشهر الثاني أيضاً بسبب وجود مضاعفات .
إن مدة ثلاثة قروء ـ سواء فسر القرء بالحيض أو بالطهر ـ تزيد على شهرين قليلاً أو كثيراً ، وقد تبلغ ثلاثة شهور بحسب وقت حدوث الطلاق أو فسخ النكاح في الطهر أو في الحيض ، وبحسب تفريعات الفقهاء .ولقد تبين أن الحمل البالغ شهرين فأكثر يمكن جس رحمه من خلال جدار البطن.
ولاشك أن تفسير القرء بالطمث أقرب إلى الطب لأن من حكمة العدة التأكد من براءة الرحم ، وبراءتها إنما تكون بالحيض لا بالأطهار ، ولأن هذا التفسير يجعل مدة العدة في طلاق التي تحيض (أو فسخ نكاحها) أطول بصورة عامة منها لدى تفسير القرء بالطهر وأقرب إلى تمام الشهور الثلاثة التي هي عدة الصغيرة والآيسة، وخاصة إذا التزم المطلِّق السنة في طلاقه فطلَّها في طهر لم يمسها فيه.

ت‌. إن التأكد من الحمل يحصل أيضاً في الشهر الثالث من حدوثه ويصبح شبه يقيني بعد مضي أربعة أشهر وعشرة أيام .
فما كل انقطاع في الطث يدل حتماً على حصول حمل ، لأنه ينقطع أيضاً في ظروف عديدة : منها حالة الرضاع ، فكثير من الأمهات ينقطع طمثهن مدة الإرضاع ولا يحملن معه مطلقاً .
ومنها اضطرابات سن اليأس ، وتشوش النمو في الجهاز التناسلي كما في الرحم الطفلية، وانحباس دم الطمث لعدم انثقاب غشاء البكارة الخلقي (وقد يكون هذا الغشاء مرناً لا يتمزق بالجماع ) أو لوجود تضيق أو تشكل نسيج ندبي في المهبل وظيفته في المبيض ، أو آفة مزمنة عامة كالسل وفقر الدم . ويسهل نفي الحمل أو بآفة وظيفية في المبيضين ، أو بآفة مزمنة عامة كالسل وفقر الدم .ويسهل نفي الحمل في جميع هذه الحالات بالفحص التناسلي.
إن جس أسفل البطن في الشهرين الثاني والثالث من عمر الجنين غالباً ما يدل على وجود حمل أو عدمه ، إذ يبلغ حجم الرحم الحامل في نهاية الشهر الثاني حجم البرتقالة ويقع قعره على مسافة 3_5سم من الحافة العلوية للعانة ، ويبلغ حجمه في نهاية الشهر الثالث حجم رأس الجنين ويقع على مسافة 6_8 سم من حافة العانة العلوية، ويقع قعر الرحم في نهاية الشهر الرابع على مسافة 12_15سم ، ثم يصبح هذا القعر في محاذاة السرة في الشهر الرابع والنصف.
هذا وفي الشهر الثاني تتضح أعراض الوحام البادئة في الشهر الأول، ولا تدوم أكثر من شهرين أو ثلاثة عادة، وقد تدوم حتى الشهر الرابع أو منتصف الخامس .
يرد علينا سؤال في هذا القسم من البحث وهو : إذا أمكن تشخيص الحمل في الشهر الثالث فلماذا كانت عدة المتوفى عنها زوجها (إذا لم تكن حاملاً )أربعة أشهر وعشرة أيام أطول من عدة المطلقة . الجواب على ذلك من وجهين :
الوجه الأول: إن المتوفى عنها زوجها تكون في حزن وأسى لفقد شريك حياتها ومعيلها ورب أسرتها، أقرها الإسلام على ذلك وألزمها الحداد عليه بترك الزينة والاجتماع بأجنبي والخروج من البيت لغير ضرورة والمبيت خارج بيت الزوجية، فناسب ذلك أن تكون عدتها أطول من عدة المطلقة التي قد تكون على نزاع مع مطلقها وتباين في الأخلاق، ولذا قال بعض الفقهاء إذا ولدت الحبلى التي توفي زوجها توفي عنها قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام فإنها تنتظر حتى انتهاء العدة الأطول. روى مالك عن ابن عباس أن عدتها آخر الأجلين، يريد أنها تعتد بأبعد الأجلين إما الحمل وإما انقضاء عدة الموت، وروي مثل ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . قال صاحب بداية المجتهد بعد هذا النقل : والحجة لهم لأن ذلك هو الذي يقتضيه الجمع بين عموم آية الحوامل وآية الوفاة .
الوجه الثاني :هو زيادة التثبت من وجود حمل أو فيه . فتربص المعتدة أطول مع الحداد يبعد عنها أقاويل سيئي الظن واللاهين بقصص الناس وغيبتهم ومروجي الإشاعات الباطلة وأصحاب البهتان من السفهاء مرضى النفوس .
ومثل هذه الأمور تخف كثيراً وغالباً تجاه المطلقات، فشرف المطلقة وسمعتها كان مرتبطاً بشرف الزوج وسمعته ، وغالباً ما تدفع عاصفة الأبوة على اعتراف الأب بابنه، بينما ذوو الميت قد ينكرون بنوة جنينها لمورثهم لصالح حصتهم في الإرث.
فبإطالة عدة المتوفى عنها زوجها إلى أربعة أشهر وعشرة أيام يصبح التأكد من وجود الحمل أو عدمه جازماً .
إذ تلفت الحامل في الشهرين الرابع والخامس نظر المولود إلى ازدياد حجم بطنها وإلى تبدلات ثدييها بشكل واضح .
وبالفحص يشعر بالحبس على الخط المتوسط بجسم الرحم الكروي المنتظم ذي القوام المرن غير المؤلم وحدوده العليا كما مر . وبالفحص النسائي تتضح علامة جديدة هي النهز الجنيني المهبلي، ويعد وجودها عنصراً يقينياً من عناصر التشخيص.
هذا ويسمع نبضات قلب الجنين بدءاً من الشهر الرابع تقريباً، ولا يكون واضحاً إلا بعد الشهر الخامس .
3. التفاعلات الحيوية لكشف الحمل :
قد يقول سائل :
إن التفاعلات الحيوية المخبرية لكشف الحمل، المستحدثة في هذا القرن تثبت وجوده بعد مرور عشرين يوماً من تناميه فإذا أجريت هذه التفاعلات بعد 20يوماً من الفراق عن طلاق أو موت ونفت الحمل، فهل تبقى العدة في مدتها كما نص القرآن الكريم ؟
الجواب على هذا السؤال من وجوه ثلاثة :
الأول : إن الشارع الحكيم عندما وضع أحكامه جعلها بشكل يحقق مصالح الناس بصورة عامة في كل العصور، فهي ملائمة لإنسان المدينة وإنسان الريف وإنسان البداية، وموافقة لأبناء البلاد النامية وأبناء البلاد المتقدمة، وممكنة التطبيق في كل المستويات الحضارية ومع ما يجد من علوم ومعارف.
وإن الأحكام القطعية في ثبوتها ودلالتها والتي لا ترتبط بدلالتها بعرف ولا بخبرة ولم يعللها الشارع بعلة محددة، ليس لنا خيار فيما قضى الله ورسوله في تنفيذها حرفياً، عرفنا الحكمة أو جعلناها، بل تسلم للعليم بما قدره وقضاه وتفصيل ذلك في كتب أصول الفقه.
لقد بديء باكشتاف التفاعلات الحيوية المجراة ببول المرأة لتشخيص حملها اعتباراً من سنة 1927 أي بعد ثلاثة عشر قرناً من عهد الوحي والنبوة الخاتمة، فهل نجعل العدة في هذا القرن مختلفة عند النساء بحسب الظروف المختلفة التي ذكرتها والتي يسهل فيها اللجوء إلى تلك التفاعلات على فريق من أبناء المجتمعات الإسلامية دون فريق؟

الوجه الثاني : هناك ظروف تجعل اختبار الحمل الحيوي غير دقيق أي غير قطعي في دلالته، فمثلاً إذا مات محصول الحمل وبقي منجساً مع ملحقاته في جوف الرحم، فإن نتيجة التفاعلات تختلف بحسب حالة المشيمة إذ لا تموت المشيمة فور موت الجنين بل بعدة بمدة قصيرة أو طويلة ولهذا فإن التفاعلات تبقى إيجابية ما بقيت المشيمة ملتصقة بأحد جدر الرحم ونشيطة أما إذا ماتت المشيمة أيضاً فإن التفاعلات تكون سلبية أي تنفي وجود الحمل فهذه النتيجة السلبية النافية للحمل لدى إجرائها بعد الطلاق أو موت الزوج، لا تعني نفي الحمل الميت نفياً قطعياً، وإن تأخر إسقاطه أو وضعه قليلاً أو كثيراً ، فلا يجوز التسرع، نتيجة لتلك التفاعلات السلبية، في نفي الحمل وإنهاء العدة .
أما التفاعلات الإيجابية في الحمول المرضية كما في الرحى العدارية، فإنها لا تخل بالعدة، إذ تتربص المعتدة حتى وضع حملها أو إفراغ رحمها في الرحى العدارية ...
الوجه الثالث : هو ما ذكرته في حكمة العدة اجتماعياً من فتح المجال في حادثة الطلاق للعودة إلى بناء الأسرة المتهدمة، ومن تقدير للحياة الزوجية السابقة، لأن العدة جزء من الحزن والحداد عليها .



[1] المعلومات الطبية مقتبسة من كتاب " فن التوليد " للأستاذين الدكتور شوكت القنواتي والدكتور محمود برمدا، ومن محاضرات القنواتي في " الحمل والولادة وعواقب الوضع المرضية ".


  #362  
قديم 21-04-2008, 03:41 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الخمر أم الخبائث

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ والميسر ويصدكم عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {91})[سور المائدة].
الخمر لغة هي كل ما خامر العقل وغلبه . وفي الاصطلاح الفقهي هي اسم لكل مسكر .عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر وكل خمر حرام " رواه مسلم .

والرجس : القذر، حساً ومعنى، عقلاً وشرعاً . الخمر ما بعدها موصوف بهذا الوصف مما يقتضي التحريم(9) وتأكد ذلك الأمر باجتناب الرجس وبقوله : (لعلكم تفلحون ) أي راجين الفلاح بهذا الاجتناب . وتحريم الخمر والميسر من عدة نواح صدرت الجملة بـ" إنما" المفيد للحصر، وقرنتا بالأصنام والأزلام وهي شنيعة وقبيحة شرعاً وعقلاً وسميا رجساً من عمل الشيطان وذلك غاية القبح ، وأمر باجتناب أعيانهما وهذا أشد تنفيراً من مجرد النهي أولفظ التحريم ثم بين مضار الخمر والميسر فقال : (إنما يريد الشيطان ..) لذا وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " الخمر أم الخبائث" . فالخمر إذا أذهبت العقل هانت كرامة الإنسان على غيره وفقد القدرة على إدراك الخير والبعد عن الشر هذا فضلاً عن الأضرار الفادحة التي تلحقها بصحة البدن وتهدد حياته، كما يمتد ضررها إلى الأولاد والأجنة والقرآن الكريم لم يذكر تعليل الأحكام الشرعية إلا بإيجاز لكن هنا فصل في بيان الحكمة من تحريم الخمر والميسر ليشير إلى ضررهما وخطرهما ثم أكد سبحانه وتعالى التحريم وشدد في الوعيد فقال: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {92})[سورة المائدة].
وقد فهم الجمهور من تحريم الخمر واستخباث الشرع لها وإطلاق الرجس عليها والأمر باجتنابها، الحكم بنجاستها وخالفهم في ذلك ربيعة (شيخ مالك ) والليث بن سعد والمزني (صاحب الشافعي) وبعض المتأخرين من المحدثين فرأوا أنها طاهرة وأن المحرم هو شربها (9) .
ودل قوله تعالى (فاجتنبوه) على الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء، بوجه من الوجوه ، لا بشرب ولا بيع ولا تخليل ولا مداواة . عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذي حرم شربها حرم بيعها " رواه مسلم .

مشكلة الخمر تهز العالم :
الخمر من أعقد المشكلات التي يجأر الغرب ويبحث لها عن حل لكن دون جدوى فهذا السيناتور الأمريكي وليم فولبرايت (1) يقول عن مشكلة الخمر :" لقد وصلنا إلى القمر ولكن أقدامنا مازالت منغمسة في الوحل ، إنها مشكلة حقيقية عندما نعلم أن الولايات المتحدة فيها أكثر من 11 مليون مدمن خمر وأكثر من 44 مليون شارب خمر ".
وقد نشرت مجلة لانست (2) البريطانية مقالاً بعنوان " الشوق إلى الخمر " جاء فيه : " إذا كنت مشتاقاً إلى الخمر فإنك حتماً ستموت بسبب " . وينقل المؤلف أن أكثر من 200 ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانياً بسبب الخمر . وأن التقاير الصادرة عن الكليات الملكية البريطانية أجمعت على خطر الخمور وأنه لا يترك عضواً في الجسم إلا أصابه فضلاً عن الزيادة الكبيرة في حوادث السيارات وفقدان العمل وحوادث العنف الناجمة عن تعاطيه .

ويؤكد الكاتب أن معظم حوادث الوفيات والاختلاطات الناجمة عن الخمر تحدث عند الذين يظنون أنهم لا يشربون الكثير من الخمر . ويرى أن ما يدعيه بعض الأطباء من أن الخمر قد يكن مفيداً إذا ما أخذ بجرعات قليلة إنما هو محض كذب وهراء من إن دراستهم غير موثوقة ولا يعتد بها (3).
وقد ذكرت مجلة الإدمان البريطانية (3) أن الخسائر التي نجمت عن المشاكل التي يسببها الخمر بلغت 640 مليون جنيه استرليني في عام 1983وحده وأن 69 مليون أخرى قد أنفقت على المرضى الغوليين في المشافي . في حين تذكر المصادر الأمريكية (4) أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تعاطي الخمور بلغت أكثر من ملياري دولار سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينات . في تقرير حديث صدر عام 1978 لوزارة الصحة الأمريكية قدرت فيه الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الخمر في سائر المجالات الصحية والاجتماعية والصناعية بحوالي 43 مليار دولار في العام . في حين قدرت خسائر الإنتاج في المحيط الصناعي وحده 20 ألف مليون دولار.
وقد ذكرت المجلة الطبية العالمية ( Medicine International)في عدد فبراير 1989 أن استهلاك الخمر في العالم قد تزايد بشكل مريع ، إذ تضاعف استهلاكه في بريطانيا بين عامي 949 و979 .
وفي هولندا بلغ استهلاكه 3 أضعاف ما كان عليه في الخمسينات وفي ألمانيا الشرقية سابقاً بلغ استهلاكه 8 أضعاف في الفترة الزمنية نفسها .
وينقل البروفسور شاكيت (5) أن 93% من سكان الولايات المتحدة يشربون الخمر وأن 40 ـ 50% من الرجال يعانون من أمراض عابرة بسببه و5% من النساء 10% من الرجال يعانون من أمراض مزمنة معندة ومشكلة الخمرة أذاها يتعدى متعاطيها إلى أسرته ومجتمعه ، فالسكرير قد يقترف من الآثام والجرائم ما تقشعر له الأبدان (6) وإنما قيل لشارب الخمر " نديم " من الندامة الآن معاقر الكأس إذا سكر تلكم أو فعل ما يندم عليه والعلاقة وثيقة بين متعاطي الخمر والجريمة ففي احصائية من أمريكا تؤكد أن نصف جرائم الانتحار سببها الإدمان وكذا 34% من جرائم الاغتصاب و64% من حوادث السير ومصرع المشاة .

دور الإسلام في حماية البشرية من مشكلة الخمر:
لم تشهد البشرية عبر تاريخها الطويل علاجاً ناجعاً لمشكلة الإدمان على الخمر والوقاية من آثاره البشعة في حياة المجتمعات البشرية سوى الحل الإسلامي الذي ما يزال المتدينون من المسلمين ينعمون في آثاره ضمن مجتمعاتهم (7) .
لقد أقر المشرعون والأطباء في كافة بلدان العالم أن الخلاص من أذى الخمر وويلاته لا يكون إلا بتحريمها، وصدرت عدد من القوانين سواء في الولايات المتحدة (1919)وفي غيرها من البلاد الأوربية بمنع تصنيع الخمر وبيعها ، أوللحد من شربها وأنفقت الحكومة الأمريكية ما يزيد عن 60 مليون دولار على الدعاية وتوعية الناس كما طبعت آلاف الكتب لتنفيذ قانون المنع ، كل هذا لم يفلح وانتشرت الحانات السرية ، وظهرت الخمور الرديئة التي زادت من أضراره وكانت النتيجة فشل القانون وإلغاؤه بعد سنوات من صدوره .
لقد ولع العرب في جاهليتهم بالخمر وتغنوا بها وتفننوا في وصفها وتسميتها ، فجاء القرآن فسلك أسلوباً فريداً في اجتثاث داء معاقرتها من حياتهم بعد أن نزع من نفوسهم عقائد الجاهلية وقيمها وزرع فيها دين الفطرة وعقيدة التوحيد ودانت النفوس طواعية لكل ما ينتج عن هذه العقيدة وأصبحت مهيأة للتلقي والتنفيذ عند السماع . وبعد ذلك تدرج القرآن في معالجة مشكلة الخمر بشكل خاص بأسلوب دقيق غير منفر ، على مراحل متعددة :
فأول آية نزلت تتكلم عن الخمر هي قوله تعالى : (ومن ثمرات النخيل والأعناب
ففي هذه الآية الكريمة نجد كيف أن القرآن بأسلوبه الدقيق أشار،بوضع المقابلة بين السكر والرزق الحسن ، إلى أن السكر ليس من الرزق الحسن وإنما هو نقيض ذلك .
ثم تحرك في وجدان المسلمين حب لبيان أكثر وضوحاً فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ـ فأنزل تعالى : (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) .
فبين القرآن أن ضرر الخمر أكبر من نفعه الذي لا يتجاوز بعض المنافع الشخصية المادية وفي هذا دفع لكثير من المؤمنين على هجرها .
وبعد أن تهيأت النفوس بشكل أكبر ، عمد القرآن الكريم لكسر عبادة الإدمان فحرم الصلاة على المسلم وهو سكران (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى..
ثم جاء الأمر الحاسم من الحق سبحانه باجتناب الخمر حين قال يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوا لعلكم تفلحون )..
وكان جواب المؤمنين قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : انتهينا، انتهينا . هنا نجد أنفسنا أمام معجزة الإسلام الخالدة وهي التحريم التدريجي للخمر (1) وكيفية معالجته لقضية الإدمان وهو الأسلوب المتبع في أحدث المؤسسات الاختصاصية التي تعالج المدمنين .
عن أنس بن مالك قال : بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة وأبي عبيدة وأبي دجانة وحتى مالت من الرؤوس من خليط بسر وتمر فسمعت منادياً ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت . قال : فما دخل علينا داخل ، ولا خرج منا خارج حتى أهرقنا الشراب وكسرنا الغلال وتوضأ بعضنا واغتسل بعضنا، وأصبنا من طيب أم سليم ثم خرجنا إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ..
يقول بعض مفكري الغرب (4) : كيف استطاع عرب الصحراء في القرآن السابع الميلادي إنجاز مثل هذا التغيير في المجتمع ، لقد كانوا يجهلون كل شيء عن الأمراض التي يسببها الخمر في المجتمع ، لقد كانوا يجهلون كل شيء عن الأمراض التي يسببها الخمر في الجسم ومع ذلك استطاع الإسلام أن ينمي قوة الإرادة التي جعلت السكارى يبصقون ما في أفواههم من خمر ويريقون على الأرض ما في دنانهم من هذا السم ، مرة واحدة وإلى غير رجعة .

الأسلوب الإسلامي في القضاء على الخمر :
الإسلام دين الفطرة وقد استطاع بتشريعاته أن يقود الناس إلى السعادة في الدنيا والآخرة وقد سلك عدداً من الأساليب للقضاء على الخمر ومنع تفشيها في مجتمعاته منها :
1.الربط بين الأحكام التشريعية والغاية التي شرعت من أجلها ومن ثم ربط التنفيذ بإيمان الإنسان ومصيره الأخروي مما يمنعه عن اقتراف ما حرم الله من شرب خمر وغيره . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الخمر أم الخبائث فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوماً ، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية " * وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن " صحيح البخاري.
2.منع الجلوس على موائد يشرب فيها الخمر حيث اعتبر الشارع الكريم المجالس مشاركاً في الإثم روى الطبري أن عمر بن عبد العزيز أخذ قوماً علىالشراب فضربهم وفيهم صائم فقالوا : إن هذا صائم فتلا قوله تعالى : (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ..
3.تحريم صنع الخمر والاتجار بها قال صلى الله عليه وسلم :" لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها"[1]، حيث توعد الشارع كل من أعان على شرب الخمر.
4.منع الدعاية للخمر والترويج لها ، حيث حرم الشارع وصف الخمرة في الأشعار والتغني بها وهذا ما فعله سعد بن أبي وقاص مع أبي محجن الثقفي حين تغنى بها .
5.التحذير والتنبيه إلىأخطار الخمر على المجتمع حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الخمرة أم الفواحش وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته " [2]
6.محاسبة السكير على جرائمه التي يرتكبها أثناء سكره ، يقول علي كرم الله وجهه : تراه إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة . وقضى عمر بقول علي فجلد السكران ثمانين جلدة وأمر معاوية بقتل القاتل الذي قتل رجلاً وهو سكران .
7.أوجب الشارع معاقبة شارب الخمر بإقامة الحد عليه . عن أنس رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في الخمر بالبريد النعال أربعين " رواه الشيخان وعن علي رضي الله عنه قال : " جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي " رواه مسلم .
8.العقوبة الأخروية أشد : لقد توعد الشارع شارب الخمر بعذاب شديد في الآخرة . فقال : " كل مخمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر خبثت صلاته أربعين صباحاً فإن تاب، تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال . قيل وما طينة الخبال قال : صديد أهل النار " [3] وقال صلى الله عليه وسلم :" مدمن الخمر كعابد الوثن " [4]
هذه الأحاديث تشير إلى مدى اهتمام ديننا الحنيف بمشكلة الخمر واحتوائه لمختلف جوانبها حتى توصل في النهاية إلى النتيجة الباهرة بالقضاء المبرم عليه في المجتمع المسلم .

تحريم التداوي بالخمر :
عن وائل بن حجر رضي الله عنه أن طارق بن سويد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر ، فنهاه فقال : إنما أصنعها للدواء فقال : " إنه ليس بدواء ولكنه داء" رواه مسلم .
ففي محاضرة للدكتور هيجنتوم أمام الجمعية الطبية البريطانية : أنا لا أعلم مرضاً قط شفي بالخمر ، كما أكد عدد من الباحثين البريطانيين منهم د.جونسون و د.جون هيل و د.هنري مارتس أن الخمر لا يشفي مرضاً ولا ينفع الجسم أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال منذ أكثر من 14 قرناً : إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها " [5]
وقيد الفقهاء حرمة التداوي بالخمر أوالخمور الدوائية إذا كانت صرفة أما إذا استهلكت في الدواء بحيث لم يبق له طعم أو ريح .
وكان ذلك لإصلاح الدواء ولم يجد الطبيب أو مريضه دواءً مباحاً ، فجائز إذا وصفه طبيب حاذق مسلم.

ولكن ما هي الخمر ومم تتكون ؟

كل المحاليل السكرية والنشوية إذا وجدت في حرارة معتدلة ومعها الخميرة اللازمة لعملية التخمر يمكن أن تتحول إلى خمر لتشكل مادة الغول (الكحول أو السبيرتو) وانطلاق غاز الفحم على شكل فقاعات أثناء عملية التخمر .
والخمر ينبوع إذن باختلاف مصدره ، فالبيرة هي خمر الشعير والسيدر خمر التفاح لكن أشهر أنواع الخمر هو خمر العنب .
عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من العنب خمراً وإن من العسل خمراً ومن الزبيب خمراً ومن الحنطة خمراً وأنا أنهاكم عن كل مسكر " [6]
وعن أبي أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليشربن أناس أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ويضرب على رؤوسهم بالمعازف والقينات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم قردة وخنازير " [7]
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقلت : يا رسول الله إن شراباً يصنع بأرضنا يقال له المزر ، من الشعير وشراباً يقال له البتع، من العسل فقال صلى الله عليه وسلم :" كل مسكر حرام " رواه البخاري ومسلم .
فالمركب الأساسي في كل الخمر هوالغول(الكحول الإيتيلي) أو الإيتانول وهي مادة سامة تعزي إليها معظم الأضرار الناجمة عن شرب الخمر وتتفاوت نسبته بين أنواع الخمور المختلفة
وقد ورد اسم الغول في القرآن الكريم في معرض تعريفه لخمر الجنة (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) .
وقد فسرت تعريفه لخمر الجنة (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) .
وقد فسرت يومئذ بالسكر لجهل الناس بعلم الكيمياء .
غير أن اكتشاف المسلمين لعملية التقطير في القرن الهجري الثاني، وبعد تقطيرهم للخمر استخرجوا منها الغول وسموه بروح الخمر [8]
ومن المواد الأخرى في الخمر : الغول الميتيلي وهو أشد سمية من الغول الإيتيلي وزيت الفوزلول Fuseloleوهي مادة خاصة مقبلة توجد في أنواع من الشراب Liquerالفرنسي منها ساليسيل ألدهيد وزيت اللوز المر وهي سامة للخلايا العصبية (1) .
وفي شراب الأفسنتين مواد تزيد في حساسية الأعصاب الجلدية، تجعل المدمن يعتقد بوجود حشرات تزحف فوق جلده ، كما تؤدي لحدوث تشنجات تشبه الصرع [9] كما يحتوي الخمر على مواد قابضة دابغة ومواد عطرية وأصباغ ، ومواد محسنة كالجيلاتين والغرى وهي مواد محسسة قد تحدث الطفوح الجلدية الشروية والربو والشقيقة . هذا فضلاً عن المواد التي تدخل بقصد الغش أو التلوين كالزرنيخ والرصاص والكبريت والمواد القطرانية وغيرها.
هل الخمر غذاء ؟

لقد ثبت بما لا يقبل الجدل أن الغول لا يملك أية قيمة غذائية (1.8) .
فالغذاء يجب أن يحتوي على بروتينات لبناء الخلايا وترميمها وعلى سكريات ودسم لتزويد الجسم بالطاقة وعلى فيتامينات تعطي الجسم نشاطه والخمر لا يحتوي على أي من هذه المواد . أما السمنة التي نلاحظها عند المدمنين فهي ليست دليل عافية بل هي نتيجة اختلال في تبادل المواد الغذائية نتيجة الإفراط في الشراب .
وإذا كان الغرام الواحد من الغول يعطي 7 حريرات (3) فإن القدرة الحرورية الناجمة عن استقلاب الغول لا يستفيد منها الجسم ولا يستطيع تحويلها إلى طاقة وعمل .وقد أجري البروفسور ل.م . بوخارسكي (8) دراسة أكد فيها أن حرارة الجسم لا ترتفع عند تزويده بالحريرات الناجمة عن احتراق الغول في البدن وإن ما يحدث هو العكس تماماً : فالغول يوسع الأوعية الدموية السطحية ويزيد من الضياع الحروري الذي يفوق ما يكتسبه المرء من تناول الغول وحرقه . كما أن البروفسور بوشه (8) يؤكد أن الحرارة المركزية عند الثملين تهبط إلى 30 وحتى الـ 26 .
فعند البرد الشديد ، تنقبض الأوعية السطحية عند الشخص السليم لتخافظ على حرارته الداخلية ، أما الثمل فإن أوعيته تبقى خاضعة للتأثير الموسع للغول ويفقد حرارته الداخلية ويتجمد جزء من أطرافه وخاصة الأصابع وقد يموت الثمل إذا ما تعرض طويلاً للبرد.
وعلاوة على أن الخمر لا يحتوي أياً من المواد الغذائية أو الفيتامينات اللازمة للعضوية ، فإن تناوله المديد يؤدي إلى نقص عناصر أساسية لازمة للعضوية كالبوتاس والكلس والمغنزيوم والزنك والفوسفات مؤدياً إلى عوارض مرضية . فنقص البوتاس يؤدي إلى شلل في العضلات وانعدام المنعكسات، ونقص الكلس يؤدي إلى الضعف العام والتكزز ، ونقص المغنزيوم إلى اضطرابات عصبية وخلل نظم القلب، ونقص الزنك إلى خلل في وظيفة الخصية ونقص الشهية واضطرابات المناعة وهكذا .
وإن المدمن حينما ينغمس في شرابه ، ساهياً عن تناول طعامه فإن نقص سكر الدم أمر وشيك الوقوع خلال ساعات وإن الإسراف في الخمر في مجلس واحد كثيراً ما يؤدي إلى فقد الذاكرة وغياب الوعي (5).

ما هي آثار الخمر بالمقادير القليلة؟

يقول مؤلف كتاب الغولية (10) : " يعتقد العلماء أنه ليس هناك كمية معينة ، إذا ما تناول المرء دونها، كان آمناً من خطر الخمور، وأن التخريب الحاصل من شرب الخمر مرة واحدة يمكن أن يكون، عند بعض الناس تخريباً دائماً غير عكوس ومع توالي شرب المسكرات فإن هذا التخريب يتراكم ونتشر متناسباً عندها مع كمية الخمر التي شربها الإنسان " .
وهكذا فإن الدكتور حمدي الخياط (11) يؤكد أنه ليس بالإمكان مطلقاً تعيين المقدار من الغول الذي يورث الخطر لمتناوله كما لا يمكن تحديد المقدار الأقل منه الذي لا يؤدي إلى ضرر ما عند استعماله لأن هذا يختلف تماماً من شخص لآخر كما يتعلق بالعمر ، والجنس والعرق ، ونوعية الطعام وطرز الحياة ، وحالة الشخص من جوع أو شبع وغير ذلك.
إن تحريم القليل مما يسكر كثيرة، وهي لا شك من الإعجاز النبوي الذي يفوق الوصف ،حكماً وموجبات ، إضافة إلى الحكمة التعبدية ، منها الآثار الضارة للغول ولو أخذ بمقدار ضئيل ، ومنها اللذة أوالنشوة الحادثة بتجرع مقدار قليل من الخمر تستدعي إعادة تعاطيه طلباً لتلك اللذة ، وبالتكرار تزداد الآثار الضارة على الجسم ولا يستحصل على النشوة إلا بزيادة ذلك المقدار وهكذا يزيد الشارب ويزيد حتى يصل إلى الاعتياد فالإدمان .
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قليل ما أسكر كثيره[10] .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلىالله عليه وسلم قال :" ما أسكر كثيره فقليله حرام " [11].
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام "[12]
تأثيرات الخمر السمية :
ترى هل يدري شارب الخمر أنه يشرب سماً زعافاً ؟ وقبل الشرب يمكن لصانع الخمر أن يستنشق أبخرته مما يؤدي إلى إصابته بالتهاب القصبات والرئة وإلى إصابة بطانة الأنف مما يؤدي إلى ضعف حاسة الشم ، وهنا يتضح معنى قوله تعالى :" فاجتنبوا " فهي تعني النهي عن الاقتراب منه مطلقاً وهي أعم من النهي عن شربه (1) ويختلف تأثير الخمر السمي كلما تغير مستواه في الدم (10) فعند ما يبلغ مستواه من 20 ـ 99ملغ % يسبب تغير المزاج وإلى عدم توازن العضلات واضطراب الحس وفي مستوى من 100 ـ 199ملغ % تضطرب القوى العقلية والحركية ويفقد التوازن وفي مستوى 200ـ299 ملغ % يظهر الغثيان وازدواج الرؤية واضطراب شديد في التوازن .
وفي مستوى من 300 ـ 399ملغ % تهبط حرارة البدن ويضطرب الكلام ويفقد الذاكرة . وفي مستوى 400 ـ 700ملغ % يدخل الشارب في سبات عميق يصحبه قصور في التنفس وقد ينتهي بالموت .
ورغم أن كل أعضاء الجسم تتأثر من الخمر فإن الجملة العصبية هي أكثرها (3) تأثراً حيث يثبط المناطق الدماغية التي تقوم بالأعمال الأكثر تعقيداً ويفقد قشر الدماغ قدرته على تحليل الأمور، كما يؤثر على مراكز التنفس الدماغية حيث أن الإكثار من يمكن أن يثبط التنفس تماماً مؤدياً إلى الموت .
وهكذا يؤكد كتاب (10) Alcoholismأن الغول بعد أن يمتص من الأمعاء ليصل الدم يمكن أن يعبر الحاجز الدماغي ويدخل إلى الجنين عبر المشيمة، وأن يصل إلى كافة الأنسجة . لكنه يتوضع بشكل خاص في الأنسجة الشحمية.
وكلما كانت الأعضاء أكثر تعقيداً وتخصصاً في وظائفها كانت أكثر عرضة لتأثيرات الغول السمية .


يتبـــــــــــــــــــــــــع
  #363  
قديم 21-04-2008, 03:47 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع .... الخمر أم الخبائث


فلا عجب حين نرى أن الدماغ والكبد والغدد الصم من أوائل الأعضاء تأثراً بالخمر يحدث الغول فيها اضطرابات خطيرة.

تأثيرات الخمر على جهاز الهضم :

في الفم يؤدي مرور الخمر فيه إلى التهاب وتشقق اللسان كما يضطرب الذوق نتيجة ضمور الحليمات الذوقية، ويجف اللسان وقد يظهر سيلان لعابي مقرف(1) ومع الإدمان تتشكل طلاوة بيضاء على اللسان تعتبر مرحلة سابقة لتطور سرطان اللسان وتؤكد مجلة Medicinأن الإدمان كثيراً ما يترافق مع التهاب الغدد النكفية (3) .
والخمر يوسع الأوعية الدموية الوريدية للغشاء المخاطي للمري(1) مما يؤهب لتقرحه ولحدوث نزوف خطيرة تؤدي لأن يقيء المدمن دماً غزيراً كما تبين أن 90% من المصابين بسرطان المريء هم مدمنو خمر.
وفي المعدة (1ـ 3) يحقن الغشاء المخاطي فيها ويزيد إفراز حمض كلور الماء والببسين مما يؤهب لإصابتها بتقرحات ثم النزوف وعند المدمن تصاب المعدة بالتهاب ضموري مزمن يؤهب لإصابة صاحبها بسرطان المعدة الذي يندر جداً أن يصيب شخصاً لا يشرب الخمر .وتضطرب الحركة الحوية للأمعاء عند شاربي الخمر (3) المعتدلين وتحدث التهابات معوية مزمنة واسهالات متكررة عند المدمنين، وتتولد عندهم غازات كريهة ويحدث عسر في الامتصاص المعوي.
الكبد ضحية هامة للخمر :
للكبد وظائف هامة تقدمها للعصوية ، فهي المخزن التمويني لكافة المواد الغذائية وهي تعدل السموم وتنتج الصفراء والغول سم شديد للخلية الكبدية وتنشغل الكبد من أجل التخلص من الغول عن وظائفها الحيوية ويحصل فيها تطورات خطيرة نتيجة الإدمان . ففي فرنسا وحدها يموت سنوياً أكثر من 22 ألف شخص بسبب تشمع الكبد الغولي وفي ألمانيا يموت حوالي 16 ألف (13)
كما أن الغول يحترق ضمن الكبد ليطلق كل 1غ منه حريرات تؤدي بالمدمن إلى عزوفه عن الطعام دون أن تعطيه هي أي فائدة مما يعرضه لنقص الوارد الغذائي (1) :
1.تشحم الكبدحيث يتشبع الكبد بالشحوم أثناء حرق الغول وتتضخم الكبد وتصبح مؤلمة . ويؤكد البروفسور برانت (من جامعة كامبردج) أن تناول 180 غرام من الخمر يومياً كافية لإحداث تشحم الكبد . وهي آفة يمكن أن تتراجع إذا توقف الشارب عن تناول الخمر .
2.التهاب الكبد الغولي:آفة توقف عارضة تتلو سهرة أكثر فيها الشارب من تناول الخمر وتتجلى بآلام بطنية وقيء وحمى وإعياء وضخامة في الكبد.
3.تشمع الكبد Liver Cirrhosis:حيث يحدث تخرب واسع في خلايا الكبد وتتليف أنسجته ويصغر حجمه يقسو ويصبح عاجزاً عن القيام بوظائفه .
ويشكو المصاب من ألم في منطقة الكبد ونقص في الشهية وتراجع في الوزن مع غثيان وإقياء ثم يصاب بالحبن أو باليرقان . وقد يختلط بالتهاب الدماغ الغولي ويصاب بالسبات أو بنزف في المري ، وكلاهما يمكن أن يكون مميتاً وصدق الله تعالى : (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
التهاب المعثكلة :وهو قد يكون حاداً يتظاهر بألم شديد في البطن ينتشر إلى الظهر ويترافق بغثيان وأقياء، وقد يكون مزمناً ، ويؤكد د. كلارك(3) أن 75 % من المصابين بالتهاب المعثكلة المزمن هم من مدمني الخمر.
تأثيرات الخمر على القلب(3) :

يصاب مدمن الخمر بعدد من الأضطرابات الخطيرة والمميتة التي تصيب القلب منها:
1.اعتلال العضلة القلبية الغولي:حيث يسترخي القلب ويصاب الإنسان بضيق في التنفس وإعياء عام ويضطرب نظم القلب وتضخم الكبد مع انتفاخ في القدمين ، والمرض ينتهي بالموت إذا لم يرتدع الشارب عن الخمر.
2.قد يزداد الضغط الدموي نتيجة الإدمان
3.داء البري بري القلبي :حيث يسترخي القلب نتيجة نقص الوارد من التيامين عن المدمن .
4.داء الشرايين الإكليلية :الغول يؤدي إلى تصلب وتضيق في شرايين القلب تتظاهر بذبحة صدرية عند قيام المصاب بأي مجهود (ألم شديد في الصدر ).
5.اضطراب نظم القلب:حيث يشكو المصاب من الخفقان ، وهذا قد يحصل حتى عند تناول كمية قليلة من الخمر، وهي أعراض تزول عند الامتناع عن شرب الخمر ، لكن الإدمان قد يؤدي إلى اضطرابات مميتة في نظم القلب.

تأثيرات الخمر على الجهاز العصبي:
تعتبر الخلايا العصبية أكثر الخلايا عرضة لتأثيرات الغول السمية . وللغول تأثيرات فورية على الدماغ ، بعضها عابر ، وبعضها غير قابل للتراجع .
حيث يؤكد د. براتر وزملاؤه (10) أن تناول كأس واحد أو كأسين من الخمر قد تسبب تموتاً في بعض خلايا الدماغ . وهنا نفهم الإعجاز النبوي في قوله صلى الله عليه وسلم : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " .
أما ما يلاحظ من نشوة عابرة عند تناول المسكرات فما هي الإ نتيجة تثبيط لوظائف الدماغ العليا، مما يحرر بعض المناطق البدائية في جذع الدماغ ينجم عنها بعض التصرفات اللامسؤولة .
والسحايا قد تصاب عند المدمن عندها يشكو المصاب من المصاب من الصداع والتهيج العصبي وقد تنتهي بالغيبوبة الكاملة . كما أن الأعصاب كلها معرضة للإصابة بما يسمى " باعتلال الأعصاب الغولي العديد أو المفرد" ويحدث بسبب عدم قدرة الخلايا عند الغوليين على الاستفادة من الفيتامينات ب1 . فقد يصاب العصب البصري ، وتحدث اللقوة عند إصابة العصب الوجهي ، ويصاب بالشلل العضلات الباسطة عند إضافة العصب الكعبري ويسمى بشلل يوم السبت في البلاد التي أباحت الخمر، وتحدث آلام في الطرفين السفليين عند إصابة العصب الوركي.
أما الأذيات الدماغية (4)
فيمكن أن تتجلى بداء الصرع المتأخر الذي يتظاهر عند بعض المدمنين بنوبات من الإغماء والتشنج والتقلص العضلي الشديد.
ومن مظاهرها الشيخوخة المبكرة حيث يبدي تخطيط الدماغ الكهربي عند العديد من المدمنين الشباب تغيرات تشابه ما يشاهد عند الشيوخ .
وقد يحدث الموت المفاجيء بعد تعاطي كمية كبيرة من الغول نتيجة تثبيط في مراكز التنفس أو القلب حيث سجلت حوادث من الموت المفاجيء عند مراهقين مدمنين لم يتعدوا الرابعة عشر من عمرها.

وتترافق الغولية المزمنة بعدد من الاضطرابات النفسية العصبية أهمها (14):

1.الهذيان الارتعاشي حيث يبدو المريض قلقاً يعاني كثيراً من الأوهام والأهلاس المخيفة ليلاً وقد يفقد المدمن قدرته على معرفة الزمان والمكان ويصاب بأهلاس سمعية ترعبه وقد يحاول الانتحار فراراً من هذا العذاب فتتحول كأس اللذة إلى جرعة سم قاتلة .
2.الهذيان الغولي المزمن حيث يصاب بالشكوك وأوهام الغيرة متهماً زوجته . هذا وإن ضعف قدرته الجنسية ونفور زوجته منه يسبب إدمانه لها دور في تطور أوهام الغيرة عنده.
3.ذهان كورساكوف: حيث يفقد المدمن ذاكرته ويختلق الأحداث ـ والقصص الوهمية .
4.
تأثيرات الخمر على الوظيفة الجنسية :
تروي كتب الأدب قصة أعرابية أسكرها قوم في الجاهلية فلما أنكرت نفسها قالت: أيشرب هذا نساؤكم ، قالوا : نعم قالت : لئن صدقتم لا يدري أحدكم من أبوه . وقد أكد الأطباء (1) أن الخمر تزيد من شبق الأنثى فيضطرب سلوكها الجنسي حتى أنه لا يستغرب أن تمارس المرأة أول عمل جنسي لها تحت تأثير الخمر وقد أكد البروفسور فورل ان معظم حالات الحمل السفاحي حدثت أثناء الثمل . كما تضطرب الدورة الطمثية لدى المرأة المدمنة وتصل إلى سن اليأس قبل غيرها بعشرة سنوات وتتأذى الخلايا المنتشة مؤدية إلى ضرر في المبيضين .
أما عند الرجل، فعلى الرغم من أزدياد الرغبة الجنسية في المراحل الأولى من الشرب لكن القدرة على الجماع تتناقص عند المدمن حتى العنانة الكاملة .
والغول يؤذي الخلايا المنتشة ويتلفها مؤدياً إلى ضمور في الخصيتين ،وقيل هذا يمكن ظهور نطاف مشوهة يمكن أن تؤدي إلى أجنة مشوهة (1) .
تأثير الخمر على الجلد : يسم الخمر شاربه المدمن عليه بما يسمى بفيمة الأنف وهو شكل ضخامة مشوه من العد الوردي ، تشتد فيه حمرة الوجة ويتضخم الأنف وتعلوه البثور .

الخمر ينتهك الخط الدفاعي للبدن:تضعف مقاومة البدن للأمراض الانتانية لدى المدمن وتنقص المناعة لديه لاسيما للإصابة بذات الرئة وغيرها . وقد كان يفسر سابقاً بسوء التغذية لكل أبحاث كورنيل (1) الأمريكية أثبتت أن ضعف المقاومة لدى المدمنين ناتج عن تدخل مباشر في عملية المناعة . فقد ثبت أن الكريات البيض في الدم الحاوي على 0.15 غ غول /في 100 مل منه تصبح محدودة الحركة وغير قادرة على القيام بوظيفتها .
وإن سوء التغذية لدى مدمن الخمر يؤدي عنده إلى أشكال متطورة خبيثة من فقر الدم بنقص الفيتامينات ب 12 أو من نوع كبير الكريات بنقص حمض الفوليك كما قد تتطور عنده أشكال من البورفيريا الكبدية الجلدية (7).
آثار الخمر الخطيرة على النسل : يقول د. أحمد شوكت الشطي (15) : إن زواج الغوليين قضية خطيرة لأن الزوج المولع بالشرب زوج غير صالح ويرث نسله منه بنية مرضية خاصة تعرف بالتراث الغولي، ويقصد به ما يحمله نسل المخمورين من ضعف جسدي ونفساني وقد ثبت أن الأم الحامل تنقل الغول عبر مشيمتها إلى الجنين فتبليه وأنه ينساب بالرضاعة إلى الوليد .

لقد أجمع الباحثون (3ـ6) على أن قدرة الغول على إحداث تشوهات في الأجنة بات مؤكدة فحين يستقلب الغول في الكبد تنتج عنه مادة أسيت ألدهيد ACET ALDAHYDEوهي مادة مشوهة للصبغيات تؤدي إلى تشوه خلقي في الجنين ولها دور في إحداث السرطانات .
ويؤكد الباحث الأمريكي [13]M. Globusأن الغول يعتبر من أكثر المواد المسببة لتشوه الأجنة انتشاراً حيث يؤثر على 1ـ 2 % من الحوامل في أمريكا وإن تعاطي المرأة للخمر أثناء حملها يمكن أن يؤدي إلى ما يسمى بتناذر الجنين الغولي Alcohool _Fetal Syndrome.
ورغم أن الكمية من الخمر المؤدية لحصول هذا التناذر غير معروفة ، إلا أنه من المؤكد أنه كلما ازدادت كمية الخمر المتعاطاة ، كلما ازداد خطر الإصابة بهذا المرض ، وإلى حصول تشوهات خلقية أشد (16).
ومن الملاحظ أن هذه القاعدة غير مضطردة لذا فإن جميع الدوائر الطبية في العالم تمنع الحامل من تعاطي الخمر ، ومع ذلك فقد حصلت حوادث نادرة حصل فيها التشوه عند جنين ولد من أم مدمنة رغم أنها أوقفت تعاطيه أثناء حملها . ويتمثل تناذر الجنين الغولي بعدد من الأمراض والتشوهات منها صغر الدماغ والفك والعينين ، مع تخلف في النمو وتخلف عقلي وعيوب خلقية في القلب وعظام الوجه وتشكل الحنك المشقوق وتشوه المفاصل ..
وتعتبر الاضطرابات العقلية والعتة من أكثر الظواهر العقلية والعتة من أكثر الظواهر لدى الأطفال لأمهات مدمنات على شرب الخمر (16) .
وقد أجرى كامينسلكي (12) دراسة في باريس على 9000 امرأة حامل فتبين له أن تناول 1.5 أونصة من الخمر يمكن أن ينتج عنه ازدياد في الأجنة المليصة (التي تلد ميتة ) ونقص في وزن الجنين وحجمه . وأثناء الرضاعة ينساب الغول مع الحليب إلى الرضيع مؤدياً لظهور حالات من التسمم تتصف باختلاجات عند الرضع وحالات من السبات .
كما قد يرث الأبناء عن آبائهم إدمان الخمرة إذ يؤكد الباحث الأمريكي لوريل هرتون أن 50% من أبناء المدمنين على الخمرة مدمنون (؟)[14] .

النساء والخمور :
" النساء لا تتحمل الخمور " عبارة تتكرر في الحفلات . لذلك أنهن أسرع إصابة بالدوار وأطول بقاء في حالة السكر من الرجال المجارين لهن كأساً بكأس . وقدعزي هذا الاختلاف للتركيب البنيوي كلياً، فالنساء أكثر شحماً وأصغر حجماً وأقل ماءً من الرجل لذا فإن ذوبان الخمر يكون أكثر بطأً مما يطيل آثاره المسكرة .
هذا التفسير لم يقنع العلماء تماماً وتساءلوا طويلاً عن سبب عدم وجود تفسير كيماوي إلى أن اكتشف باحثون من إيطاليا وأمريكا ما مفاده أن النساء يملكن مقداراً أقل من الأنظيم الغول النازع للهدروجين، وهو أنظيم واق للمعدة ومعطل للغول فيها، وله دور في كبح أو منع حدوث الانسمام .
فعندما يتم تناول القليل من الخمر ينتقل إلى المعدة فالأمعاء فالدم ليقوم بتأثيره على الدماغ لتحدث التأثير المسكر . ويقوم الأنظيم النازع للهيدروجين بتخريب الغول في المعدة وانقاص المقدار النقي الداخل إلىالدم بمقدار 20% .
وقد وجد الباحثون أن مقدار هذا الأنظيم في معدة النساء أقل بشكل واضح عنه في معدة الرجال، وبالتالي فإنهن يمتصصن من الغول حوالي 30% أكثر مما يمتصه الرجال إلى الدم.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن النساء أقل حجماً من الرجال فإن تناول المراة لـ 50غ من الخمر يكون معادلاً بتأثيره لتناول الرجل لـ100غ منه.
وفي بحث جديد تبين أن الرجال المدمنين على الخمر يملكون نصف ما يملكه الرجال الأصحاء من هذا الأنظيم ، أما النساء الغوليات فلم يتم عندهن العثور على هذا الأنظيم الحيوي مطلقاً وهذا ناجم عن تأذي جدار المعدة بالغول .
وعلى هذا يؤكد الأستاذ تشارلز ليبر من كلية طب نيويورك أن النساء الغوليات يفقدن كل الحماية المعدية وشبه تناولها للخمر تماماً كصبه أو سكبه في الدم مباشرة ، وأن هذا النقص في الحماية يوضح سبب تعرض النساء الغوليات للتخرب الكبدي بشكل أكبر من تعرض الرجال الغوليين .
وتشدد هذه الاكتشاف الحديثة على ضرورة التحذير المبكر للنساء من تناول الخمور واعتبار ذلك مجازفة .

الســُّكر :
يقول شارل ريشيه (1) ( الحائز على جائزة نوبل في الطب )" أن الخمر تشل الحواس وتجعل المرء يترنح ويتقيأ، وسرعان ما تتغلب الخمر على أشد الرجال وتحوله إلى شخص هائج عنيف تتحكم فيه طبيعته البهيمية ، ولا يوجد مثل هذا السلوك المخزي بين أي من الكائنات ، فالسكير أبشع ما في الوجود ، فهو كائن منفر تجعل رؤيته المرء يخجل من انتمائه لنفس النوع من الأحياء"
والسكر نوعان : عارض ومزمن :
فالسكر العارض او الحاد وله درجات ، ويبدأ بهيجان ونشوة حيث يبدو كأنه أكثر شجاعة وأقل حياء ، لا يبالي بأقواله ولا بتصرفاته . ثم يصبح أكثر ثرثرة ويبدأ بالهذيان ثم بالترنح يمنه ويسرة وقد يصطدم بحائط أو يسقط في حفرة لاضطراب حركته وعدم اتزانها.
فالخمور يفقد إرداته كلياً تجاه الخمر وتجره الكأس الأولى إلى الثانية فالثالثة حتى يصاب بالانسمام الغولي الحاد.
وقد يعترض البعض بأن تناول القليل من الخمر لا تسبب السكر لكن هذا ليس صحيحاً دائماً فهناك ما يسمى بالسكر المرضي الذي ينجم عن أية كمية من الخمر ويصيب أصحاب الشخصية المتزعزعة ويتظاهر بحالة تمتد لبضع ساعات صنفها غارنير (13) في ثلاثة نماذج:
1.سكر مرضي مترافق بتهيج حركي : نشاهد حالة من الغضب والهياج العنيف ، يحطم ويزمجر ويدخل بعدها في سبات .
2.سكر مرضي مترافق بأهلاس مخيفة كتوهم الجريمة والخيانة تدفعه إلى الانتحار أو الإجرام.
3.سكر مرضي هذياني حيث يختلق الأساطير وهذيانات العظمة وتنتهي بالسبات.
من الكأس الأولى إلى الإدمان :
في البداية كمية قليلة من الخمر تصل بشاربها إلى النشوة ومع تكرار الشرب وتقدم الزمن فإن نفس الكمية لا تكفيه إذ يحتاج إلى زيادة كمية المشروب ليصل إلى النشوة المطلوبة لأن الاعتياد ينقص من استجابة الدماغ لتأثير الغول .
وهكذا حتى يصل الشارب إلى الإدمان أو الغول، والذي عرفه د. هاري ملت (4) بما يلي:
الإدمان الغولي وهو اضطراب مزمن يكون فيه الشخص غير قادر لأسباب عضوية و/أو نفسية على الامتناع عن الأستهلاك المتكرر للغول بكميات تكفي لإحداث التسمم في أنسجة وضرر يشمل صحته وعمله وحياته.
فالأسباب النفسية تعود إلى الاعتياد الاجتماعي، أما العضوية فهي أ، معاقر الخمر يشعر بأعراض مرضية مضنية نتيجة الامتناع عن الخمر جمعها الأطباء تحت اسم " تناذر السحب " والذي يتظاهر بالرجفان والغثيان والتعرق والأرق والهذيان الارتعاشي مع هياج نفسي وعضلي حركي وخلل عام في وظائف البدن الغريزية .
وخلاصة القول فإن الخمر تدفع صاحبها ليدخل حلقة مفرغة ، فالامتناع حينئذ يوقعه في تناذر السحب لأن جسمه لم يعد قادراً على القيام بأية وظيفة أو مهمة دون شرب الخمر، وشرب الخمر يزيد من خطرها عليه كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ألا ما أعظم شرع الله وأحكامه في حماية الإنسان المسلم من الويلات والدمار وحفظ صحته من الأمراض المهلكة والمظاهر القبيحة الدنيئة .
مراجع البحث:
1.د. أحمد حسن ضميرية: نظرات طبية في محرمات إسلامية ـ دمشق 1995
2.مجلة اللانست Lancet من مقالة [ Dying for drinking] العدد 2 لعام 1987لندن .
3.د. حسان شمسي باشا " قبسات من الطب النبوي " ط2 جدة 1993
4.د. نبيل الطويل : " الخمر والإدمان الكحولي " م. الرسالة بيروت 1987
5.د.هاريسون :
Harrison.s Print of lnter .Medicin 1991New – York
6. د. محمود طللوزي " في رحاب الطب النبوي " ط2 دمشق 1994
7. د. أحمد بربور وزملائه " الطب الوقائي في الإسلام " دمشق 1992
8. د. غياث الأحمد " الطب النبوي في ضوء العلم الحديث " دار المعاجم دمشق 1995
9. د. وهبة الزحيلي : " التفسير المنير " دار الفكر ـ دمشق ـ 1991
10.كتاب الغولية Alcoholism and Substance Abuse Forrest نيويورك 1985
11. د. أحمد حمدي الخياط " مباديء الطب الوقائي " دمشق 1380هـ
12. د. محمود ناظم النسيمي : الطب النبوي والعلم الحديث ط3 الرسالة 1991
13. د. دياب و د.قزقوز : " مع الطب في القرآن الكريم " م .علوم القرآن 1984
14. د. حنا الخوري : "الطب النفسي ".
15. د. أحمد شوكت الشطي :" نظرات في المسكرات " دمشق .
16. د. محمد علي البار " الجنين المشوه والأمراض الوراثية " دار القلم دمشق 1991
[1]رواه أبو داود عن عبد الله بن عمر وصححه الحاكم في مستدركه ورواه ابن ماجة عن أنس وقال المنذري رجاله ثقات وقال الأرناؤوط حديث حسن .

[2]صحيح الجامع الصغير وزيادته ، رواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن عمر والديلمي عن عمرو بن العاص وقال الهيثمي : حديث صحيح .

[3]صحيح الجامع الصغير (الألباني ) وقد رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس

[4]صحيح الجامع الصغير (الألباني ) رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عباس ورواه الحاكم عن عبد الله بن عمر

[5]رواه أبو داود والطبراني عن أم سلمة ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد).

[6]رواه أبو داود والترمذي والحاكم وفي سنده إبراهيم بن المهاجر البجلي وهو صدوق فيه لين ولكن للحديث شواهد بمعناه بتقوى بها (

[7]رواه ابن ماجة والطبراني والبيهقي وصححه ابن القيم وابن حبان والسيوطي وصنفه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

[8]من هنا يتبين لنا أن القرآن الكريم ذكر الغول بمعناه العلمي قبل توصل العلماء إلى كشفه . ونقله الفرنجة إلى لغتهم (الغول ـ الكوهول ـ Alcohol) ثم لما صحا العرب وأخذوا يترجمون علوم الغرب إلى العربية عادوا إلى (الكوهول ) فترجموها بالكحول ونسوا أنها مشتقة من اللفظة العربي الأصيل (الغول).

[9]عن محاضرة في الطب النفسي للدكتور حنا خوري

[10]رواه النسائي وصححه ابن حبان

[11]رواه الترمذي وحسنه وأبو داود وابن ماجه والإمام أحمد.

[12]رواه أبو داود والترمذي

[13]Globus M.8”Current Status "_Obs .Gynecol _1980

[14]المراهقون وتعاطي المسكرات ـ دوربل هورتون ـ U.S.A
  #364  
قديم 21-04-2008, 03:49 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الفطرة تعريفها واسم خصالها


بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
الفطرة في الأصل تعني ما يميل الإنسان إليه بطبعه وذوقه السليم (1).
والإسلام كله يكون بهذا دين الفطرة، وتعاليمه كلها هي سنن الفطرة (2) .
لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خص فيها مجموعة من السنن والتعاليم سماها " سنن الفطرة " لارتباطها ببدن الإنسان ووظائفه الحياتية.
فمن هذه السنن ما رواه أبو هريرة رضي الله قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " خمس من الفطرة ـ وفي رواية ـ الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم ونتف الإبط " رواه البخاري ومسلم .
وما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عشر من الفطرة ، قص الشارب واستنشاق الماء والسواك وإعفاء اللحية ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء وقص الأظافر وغسل البرامج قال الراوي ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة " وانتقاص الماء يعني الاستنجاء رواه مسلم وابن خزيمة في صحيحه . وقال القاضي عياض : لعل العاشرة الختان لأنه مذكور في حديث (الفطرة خمس ) .
وكما ورد في حديث الإسراء والمعراج " عندما خير جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ، تاركاً الخمر وشارباً اللبن ، فقال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة " رواه البخاري ومسلم .
قال ابن الأثير : " الإنسان يولد على نوع من الجبلة والطبع المهيء لقبول الدين، فلو ترك الأمر عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنما يعدل من يعدل لآفة من البشر والتقليد " .
وقد أخرج عبد الرزاق في مصنفة (3) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : ( وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ) .
قال : " أبتلاه بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد . في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس . وفي الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء" .
قال أبو شامة (4) : " الفطرة في الخلقة المبتدئة ، أي أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها . والاستحداد استعمال الموسى في حلق الشعر ، والبراجم مفاصل الأصابع أو العقد التي على ظهرها ، والمراد بها المواضع التي تتجمع فيها الأوساخ من البدن" .
وقد فسر كثير من العلماء " الفطرة " التي ورد ذكرها في الأحاديث النبوية بأنها " السنة " أي الطريقة التي جاء بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقد أمر الله سبحانه نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام بالاقتداء بهم في قوله تعالى : (فبهداهم اقتده ) .

يقول الإمام النووي (5) : " جزم الماوردي وأبو اسحاق بأن المراد بالفطرة في هذا الحديث : الدين . وقال البيضاوي : الفطرة المرادة هنا هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليه" .
وخصال الفطرة كلها ، التي حث عليها الإسلام بدعوة صريحة من نبي الرحمة وأياً كان تفسير العلماء لكلمة الفطرة ، فإنها تنضوي تحت عنوان " النظافة " والذوق السليم .

وسنتناولها في بحثنا هذا بالتفصيل، مع المنافع الصحية والاجتماعية التي يحصل عليها المسلم عند التزامه بها في حياته الدنيا . وسنفرد لكل من الختان والسواك بحثاً مستقلاً لأهميتهما .
ولقد نبه ابن حجر (5) إلى أنه يتحصل من مجموعة ما ورد من آثار صحيحة في خصال الفطرة أنها خمسة عشر خصلة وهي الختان والسواك والاستحداد (حلق العانة ) وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب وإعفاء اللحية والانتضاح وغسل البراجم والمضمضة والاستنشاق والاستنثار والاستنجاء وفرق الشعر وغسل الجمعة .
الاستحداد :
يقول الإمام النووي (6) : " الاستحداد هو حلق العانة وسمي استحداداً لاستعمال الحديد (الموسى أو الشفرة ) .
وهو سنة، والمراد به نظافة ذلك الموضع.
والأفضل فيه الحلق ، ويجوز بقص الشعر أو نتفه . والمراد بالعانة الشعر النابت حول الذكر أو الفرج وما يلحق به مثل الشعر حول الدبر . وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة , وطوله ، فإذا ما طال حلق .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب " رواه البخاري .
وعن أنس بن مالك رضي الله عليه وسلم قال : " وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم .
إن ناحية العانة وما يحيط بالقبل والدب، منطقة كثيرة التعرق والاحتكاك ببعضها البعض ، وإنه إن لم يحلق شعرها تراكمت عليه مفرزات العرق والدهن، وإذا ما تلوثت بمفرغات البدن من بول وبراز صعب تنظيفها حينئذ، وقد يمتد التلوث إلى ما يجاورها فتزداد وتتوسع مساحة النجاسة ، ومن ثم يؤدي تراكمها إلى تخمرها فتنتن وتصدر عنها روائح كريهة جداً ، وقد تمنع صحة الصلاة إن لم تنظف وتقلع عنها النجاسات .
وحلق شعر العانة أيضاً وقاية من الإصابة بعدد من الأمراض الطفيلية المؤذية كقمل العانة الذي يتعلق بجذور الأشعار ويصعب حينئذ القضاء عليها . كما يخفف الحلق من إمكانية الإصابة بالفطور المغبنية . لذا سن الإسلام حلق العانة والأشعار حول الدبر كلما طالت تأميناً لنظافتها المستمرة ولأنها من أكثر مناطق الجسم تعرضاً للتلوث والمرض (4و7) .

نتف الآباط :
قال النووي (6) : " وأما نتف الإبط فهو سنة بالاتفاق والأفضل فيه النتف لمن قوي عليه ويجوز بالحلق وغيره " .
ويرى العلامة ابن حجر (5) أن الهدي النبوي بنتف شعر الإبط وليس بحلقه لأن النتف يضعف التعرق تحت الآباط .
ويؤكد د. إبراهيم الكيلاني (4) أن النتف يضعف إفراز الغدد العرقية والدهنية .
وإن الاعتياد عليه ( أي بالنتف) منذ بدء نموه ودون أن يحلقه أبداً يضعف الشعر أيضاً ولا يشعر المرء بأي ألم عند نتفه . والمقصود بالنتف أن يكون باليد ويمكن إزالته أيضاً بالرهيمات المزيلة للشعر .
وفي الحقيقة فإن نمو الأشعار تحت الإبطين بعد البلوغ يرافقه نضوج غدد عراقية خاصة تفرز مواد ذات رائحة خاصة إذا تراكمت معها الأوساخ والغبار أزنخت وأصبح لها رائحة كريهة (4) ، وإن نتف هذه الأشعار يخفف إلى حد كبير من هذه الرائحة ، ويخفف من الإصابة بالعديد من الأمراض التي تصيب تلك المنطقة كالمذح والسعفات الفطرية والتهابات الغدد العرقية (عروسة الإبط ) والتهاب الأجربة الشعرية وغيرها ، كما يقي من الإصابة بالحشرات المتطفلة على الأشعار كقمل العانة (7و8).

قص الشارب وإعفاء اللحية :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" احفوا الشارب وأعفوا اللحى " رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جزوا الشوارب وأرخوا اللحي ، خالفوا المجوس " رواه البخاري ومسلم .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من الفطرة قص الشارب " رواه البخاري .
وعن أنس بن مالك رضي الله عليه وسلم قال : " وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قي قص الشارب ... ألآ نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم .
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لم يأخذ من شارب فليس منا " رواه النسائي وأحمد ، ورواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة وقال حديث حسن صحيح .
قال النووي (6) : " وأما قص الشارب فسنة أيضاً . وأما حدّ ما يقصه فالمختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله . وأما روايات احفوا الشوارب فمعناها ما طال على الشفتين ، وإعفاء اللحية توفيرها وكان من عادة الفرس قص اللحية فنهي الشارع عن ذلك .
إن قص الشارب سنة بالاتفاق ، إنما يرى الشافعية والمالكية التقصير أي قص الزائد عن الشفة العليا، بينما يرى الحنفية استئصال الشارب كله والحنابلة مخيرون بين هؤلاء وهؤلاء (9) .
ومن الناحية الطبية فإن الشوارب إذا ما طالت تلوثت بالطعام والشراب وأصبح منظرها مدعاة للسخرية وقد تكون سبباً في نقل الجراثيم (4_8) .
وعندما يقص المسلم شواربه يبدو بمظهر التواضع والارتياح خلافاً لما يخلفه إطالة الشارب وفتله من مظهر الكبر والجبروت (8).
وسنة الإسلام في قص الشارب تتفق مع ما دعا إليه الطب ، بقص ما زاد عن حدود الشفة العليا فقط وهو ما كان عليه جمع من الصحابة كعمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير ، وهو ما ذهب إليه الشافعية ومالك ، وإن عدم إزالة الشارب بقصه فقط تتفق مع الطب الوقائي ، فالشارب خلق للرجل وهو المهيأ للعمل وطوارئ البيئة ووجود الشارب يحمي الرجل من طوارئ البيئة وفي تصفية الهواء الداخل عبر الأنف إلى الرئتين، وهذا بالطبع أنفع وأسلم .
أما اللحية فقد دعا الإسلام إلى إعفائها وعدم حلقها : وقد ذهب المالكية والحنابلة إلى حرمة حلقها وقال الحنفية بكراهية التحريم وأفتى الشافعية بالكراهة (9) .
ومن الناحية الصحية فإن د. عبد الرزاق كيلاني (4) يرى أن عمل الرجل يؤدي إلى كثرة تعرضه لأشعة الشمس والرياح الباردة والحارة والذي يؤثر سلبياً على الألياف المرنة والكلاجين الموجودين في جلد الوجه ويؤدي تخربهما شيئاً فشيئاً إلى ظهور التجاعيد والشيخوخة المبكرة . وقد خلق الله [ المصور ] اللحية في وجه الرجل للتخفيف من تأثير هذه العوامل ، ولم يخلقها للمرأة لأنه سبحانه خلقها للعمل في البيت بعيداً عن تأثير الأشعة الشمسية وتقلبات الرياح .
من هنا نرى النتيجة الرائعة للهدي العظيم في أن وجه الملتحي أكثر نضارة وشباباً من وجه حليق اللحية ، كما أن وجه اللحية ، كما أن وجه المرأة المحجبة أكثر حيوية ونضارة من وجه السافرة مهما تقدمت بها السن .
هذا عدا عما يسببه حلق اللحية اليومي من تهيج للجلد وتخريب لأنسجته ، وعلاوة عما في حلق اللحية من تشبه الرجل بالمرأة وقد " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال " كما روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري .
  #365  
قديم 21-04-2008, 03:58 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

المضمضة والاستنشاق والاستنثار

قلم الدكتور محمد نزار الدقر
عن عبد الله الصنايجي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه " . رواه النسائي وأحمد والحاكم وابن ماجه ورمز السيوطي لصحته .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق واستنثر بيده اليسرى ثم قال : هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم .
فالمضمضمة هي إدخال الماء إلى الفم وإدارته ثم طرده وهي سنة في الوضوء والغسل عند الشافعية والمالكية ، ويرى الحنابلة وجوب المضمضة في الوضوء ، أما الحنفية فيرون وجوبها في الغسل فقط، وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أن يتمضمض بعد الطعام وخاصة إذا كان دسماً .

فقد روي عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فتمضمض وقال: إن له دسماً " رواه البخاري.
ويتم بالمضمضة نظافة الفم وإزالة بقايا الطعام منه ، وأما الغرغرة وهي المبالغة بالمضمضة (وهي مندوبة أيضاً ) فتنظف الحلق والبلعوم .
وإن تراكم البقايا الطعامية في الفم يجعلها عرضة للتخمر وتصبح بؤرة مناسبة لتكاثر الجراثيم مما قد يسبب التهابات في اللثة والقلاع ونخر الأسنان وغيرها من التهابات جوف الفم ، ومن ثم إلى انتقالها إلى السبيل الهضمي وما ينتج عنه من اضطرابات هضمية وتعفنات يصدر عنها رائحة الفم الكريهة (10) .
أما الاستنشاق فهو إدخال الماء إلى الأنف ، والاستنثار إخراجه منه بعد استنشاقه ، وهما سنة مؤكدة في الوضوء والغسل عند جمهور الفقهاء عدا الحنابلة الذين قالوا بوجوبه فيهما . وقد روي عن أبي هريرة رضي الله علنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر " رواه مسلم . كما أن
ذلك مندوب عند القيام من النوم .
ويعمل الاستنشاق والاستنثار كلاهما معاً على التخلص مما تراكم في الأنف من مواد مخاطية ، وما التصق بها من غبار وجراثيم مما يؤدي إلى تجديد طبقته المخاطية وتنشيطها لتقوم بوظيفتها الحيوية على أتم وجه . فإذا ما علمنا أن أكثر الأمراض انتشاراً بين الناس كالزكام والأنفلونزا والتهاب القصبات إنما تنتقل إلى الإنسان عن طريق الرذاذ الذي يخرج من المريض بواسطة الهواء الذي يمر عبر الأنف أدركنا أهمية الدعوة النبوية للألتزام بعمل الاستنشاق والاستنثار مع كل وضوء والذي يكرره المسلم مرات ومرات في اليوم لأداء صلواته (10و11).


غسل البراجم :
البراجم جمع " برجمة " وهي المفصل الظاهر من مفاصل الأصابع وقيل الباطن منها . ورجح النووي [في المجموع] أن البراجم جميعاً هي مفاصل الأصابع كلها وهي التي تجتمع فيها الأوساخ . وقال الغزالي (5) : " كانت العرب لا تغسل اليدين عقب الطعام فيجتمع في تلك الغضون وسخ فأمر بغسلها " .
وقد أدخل العلماء في هذا الباب كل العقد التي تكون مجمعاً للوسخ سواء كانت في ظهور الأصابع أوفي باطنها ، في اليدين أو في القدمين ، وألحقوا بها ما يجتمع من الوسخ في معاطن الأذن وغيرها (2) . ولذا فقد جاءت السنة المطهرة فأمرت بتعهد هذه الأماكن بالغسل والتنظيف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخليل الأصابع في الوضوء ، وتدليك البدن وخاصة في الثنيات وتعهدها بإيصال الماء إليها أثناء الغسل حتى تتم نظافة البدن والتي هي في الحقيقة جزء لا يتجزأ من طهارة المسلم وعبادته ، وصلى الله عليه وسلم على نبي الرحمة القائل : " الطهور شطر الإيمان " رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .


انتقاض الماء :
وفسره العلماء بأنه " الاستنجاء" وهو أيضا ًالانتضاح " : من نضح الفرج بالماء . وهو من خصال الفطرة وسنن الهدي العظيمة التي دعانا إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتعني إزالة النجس من غائط وبول ودم ومذي وسواها من القبل أوالدبر وهو واجب عند جمهور الفقهاء لقوله سبحانه وتعالى : (والرجز فاهجر ) .
والأصل في الاستنجاء أن يكون بالماء ، لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته تبعته ـ وأنا غلام ـ ومعنا إداوة من ماء ، يعني يستنجي به "رواه البخاري ومسلم .

ويجوز الاستنجاء بثلاثة مسحات ونحوه وكل شيء قالع ( كالمحارم الورقية اليوم ) ولابد منها بثلاثة مسحات على الأقل (إن حصل الانقاء ) وإلا زاد رابعاً فأكثر . وقد أجمع فقهاء الأمة على أن الأفضل الجمع بين الحجارة (المحارم الورقية ) وبين الماء في الاستنجاء .
ولا شك بأن الهدي النبوي بتعليم الأمة قواعد الاستنجاء إنما هو إعجاز طبي وسبق صحي في مجال الطب الواقائي سبق بها الإسلام كافة الأنظمة الصحية في العالم وتنسجم مع متطلبات الصحة البدنية في الوقاية من التلوث الجرثومي والحد من انتشار الأمراض السارية . فما يخرج من السبيلين من بول وغائط يعتبر من أخطر الأسباب لنقل العدوى بالأمراض الجرثومية والطفيلية فيما إذا أهملت نظافتها (10) .
لذا دعت السنة النبوية إلى الاهتمام بطهارتها وجعلت ذلك مدخلاً للعبادة الصحيحة عند المسلمين .

تقليم الأظافر :
التقليم لغة هو القطع ، وهو تفعيل من القلم ، وكلما قطعت منه شيئاً بعد شيء فقد قلمته .وشرعاً هو إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر ، وهو سنة مؤكدة .

وقد روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب " رواه البخاري .
أما توقيت قص الأظافر فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ألا نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قلم أظافره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها " رواه الطبراني في الأوسط والسيوطي في زيادة الجامع الصغير .
فالسنة النبوية تضع حدين (12) لتوقيت قص الأظافر ، حدٌّ أعلى لا يزيد عنه المسلم في ترك أظافره وهو أربعين يوماً حيث نهى أن تطول أكثر ، وحدٌّ أدنى ـ أسبوع ـ رغب فيه المسلمين بقص أظافرهم لتكون زينة يوم الجمعة ونظافته .
والمعتمد عند الإمام أحمد بن حنبل استحبابه كيفما احتاج إليه . وقال النووي (5) :"يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص والضابط ، الحاجة إليها ، كما في جميع خصال الفطرة ".
الموانع الشرعية لإطالة الأظافر:

إن عدم قص الأظافر وتركها تطول لتصبح (مخالب) بشرية ، سواء كان ذلك إهمالاً أو جهلاً، أو كان متعمداً على أنه تقليد (أو موضة ) هو خصلة ذميمة مخالفة لسنن الفطرة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية .
فالأظافر الطويلة قد تكون سبباً في منع وصول ماء الوضوء إلى مقدم الأصابع ، وفيها تشبه وتقليد لأهل الكفر والضلال ، وتطبيع للمسلمين بطابع الحضارة الغربية ، وفيها أيضاً نزوع إلى الطبيعة الحيوانية وتشبه بالوحوش ذوات المخالب ، كما أنه عمل لا يقبله الذوق الإسلامي الذي تحكمه شريعة الله ونظرتها التكريمية للإنسان ـ الذي هو خليفة الله في الأرض ـ هذا علاوة على أن ما ينجم من أضرار صحية من جراء إطالة الأظافر ، يجعلها تتعارض مع القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) والتي جاءت لتحافظ على سلامة البشر.
عن قيس بن أبي حازم قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها فسئل فقال : مالي لا أوهم ورفع أحدهم بين ظفره وأنملته " أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ورجاله ثقات .
ومعناه أنكم لا تقصون أظافركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيتعلق بها ما في الأرفاغ من الأوساخ ، وقال أبو عبيد : أنكر عليهم طول الأظافر وترك قصها .
وفي بحث طريف قدمه د. يحيى الخواجي و د. أحمد عبد الأخر في المؤتمر العالمي للطب الإسلامي (12) أكدا فيه أن تقليم الأظافر يتماشى مع نظرة الإسلام الشمولية للزينة والجمال . فالله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وجعل له في شكل جمالي أصابع يستعملها في أغراض شتى ، وجعل لها غلافاً قرنياً هو الظفر يحافظ على نهايتها .
وبهذا التكوين الخلقي يتحدد الغرض من الظفر ويتحدد حجمه بألا يزيد على رأس الإصبع ليكون على قدر الغرض الذي وجد من أجله .ومن جهة أخرى فإن التخلص من الأوساخ وعوامل تجمعها يعتبران من أهم أركان الزينة والجمال ، وإن كل فعل جمالي لا يحقق ذلك فهو مردود على فاعله .
وإن تقليم الأظافر بإزالة الأجزاء الزائدة منها يمنع تشكل الجيوب بين الأنامل والأظافر والتي تتجمع فيها الأوساخ، ويحقق بذلك نظرة الإسلام الرائعة للجمال والزينة.
الأضرار الصحية الناجمة عن إطالة الأظافر :
تحمي الأظافر نهايات الأصابع وتزيد صلابتها وكفاءتها وحسن أدائها عند الاحتكاك أوالملامسة ، وإن الجزء الزائد من الظفر والخارج عن طرف الأنملة لا قيمة له ووجوده ضار من نواح عدة لخصتها الزميلان خواجي وعبد الآخر في عاملين أساسين :
الأول : تكون الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد ونهاية الأنامل والتي تتجمع فيها الأوساخ والجراثيم وغيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات وخاصة من فضلات البراز والتي يصعب تنظيفها ، فتتعفن وتصدر روائح كريهة ويمكن أن تكون مصدراً للعدوى للأمراض التي تنتقل عن طريق الفم كالديدان المعدية والزحار والتهاب الأمعاء ، خاصة وأن النساء هن اللواتي يحضرن الطعام ويمكن أن يلوثنه بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية .
الثاني : إن الزوائد (المخالب ) الظفرية نفسها كثيراً ما تحدث أذيات بسبب أطرافها الحادة قد تلحق الشخص نفسه أو الآخرين وأهمها إحداث قرحات في العين والجروح في الجلد أثناء الحركة العنيفة للأطراف خاصة أثناء الشجار وغيره . كما أن هذه الزوائد قد تكون سبباً في إعاقة الحركة الطبيعية الحرة للأصابع ، وكلما زاد طولها كان تأثيرها على كفاءة أصابع اليد أشد ، حيث نلاحظ إعاقة الملامسة بأطراف الأنامل وإعاقة حركة انقباض الأصابع بسبب الأظافر الطويلة جداً والتي تلامس الكف قبل انتهاء عملية الانقباض ، وكذا تقييد الحركات الطبيعية للإمساك والقبض وسواها (12).
وهناك آفات تلحق الأظافر نفسها بسبب إطالتها ، منها تقصف الأظافر بسبب كثرة اصطدامها بالأجسام الصلبة أو احتراقها ، ذلك أن طولها الزائد يصعب معه التقدير والتحكم في البعد بينها وبين مصادر النار ، كما أن تواتر الصدمات التي تتعرض لها الأظافر الطويلة تنجم عنها إصابات ظفرية غير مباشرة كخلخلة الأظافر أو تضخمها لتصبح مشابهة للمخالب أو زيادة تسمكها أو حدوث أخاديد مستعرضة فيها أو ما يسمى بداء الأظافر البيضاء (12)

وتؤكد الأبحاث الطبية(4) أن الأظافر الطويلة لا يمكن أن نعقم ما تحتها ولابد أن تعلق بها الجراثيم مهما تكرر غسلها لذا توصي كتب الجراحة أن يعتني الجراحون والممرضات بقص أظافرهم دوماً لكي لا تنتقل الجراثيم إلى جروح العمليات التي يجرونها وتلوثها.
غسل الجمعة :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" غسل الجمعة واجب على كل محتلم " رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده " رواه البخاري ومسلم .
دعا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الاغتسال في كل مناسبة يجتمعون فيها كصلاة الجمعة والعيدين والوقوف بعرفة وغيرها من المناسبات . وبذلك يلتقي المسلمون وهم في أتم نظافة وطهر ولا يشم من أحدهم روائح العرق والثياب الكريهة وهذا ـ وأيم الله ـ قمة الحضارة الإنسانية (10) هذا عدا عن أن الحرص على نظافة الجلد أمر ضروري صحياً كي يؤدي هذا العضو وظائفه الهامة في طرح السموم من البدن عن طريق التعرق . ولإقرار التوازن الحروري للبدن ، والشعور بما يحيط به عن طريق حاسة اللمس .
مراجع البحث :
1.د. محمود طلوزي : " في رحاب الطب النبوي والعلم الحديث " ، دار الرواد ، حلب 1994.
2.د. محمد علي البار : الختان ، دار المنار ، جدة 1994
3.الإمام ابن جرير الطبري : تفسير الطبري.
4.د. عبد الرزاق الكيلاني : " الحقائق الطبية في الإسلام " دار القلم ، دمشق ، 1996.
5.ابن حجر العسقلاني : فتح الباري على صحيح الإمام البخاري .
6.الإمام النووي " شرح صحيح البخاري " .
7.د. عادل بربور وزملاؤه : " الطب الوقائي في الإسلام " دمشق 1992
8.د. غيث الأحمد " الطب النبوي في ضوء العلم الحديث
9.د. وهبة الزحيلي : الفقه الإسلامي وأدلته " .
10.د. محمد نزار الدقر " روائع الطب الإسلامي " ج2 العبادات في الإسلام وأثرها في صحة الفرد والمجتمع .
11.د. محمود ناظم النسيمي " الطب النبوي والعلم الحديث " دار الرسالة ، بيروت ، 1991
12.د. يحيى الخواجي ود. أحمد عبد الأخر : " المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ، الكويت ، نوفمبر 1986
13.ابن الأثير الجزري : جامع الأصول في أحاديث الرسول " تحقيق الأرناؤوط .
14.الإمام جلال الدين السيوطي " الجامع الصغير وزيادته " .
  #366  
قديم 21-04-2008, 04:01 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الآداب الإسلامية في الطعام والشراب وأثرها في صحة الفرد والمجتمع

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
أسس تدبير الطعام والشراب في الشريعة الإسلامية
لقد نجح النظام الإسلامي في ميدان التدريب الصحي الذي فرض على بني البشر ليسعدوا به (1) ، فقد كانت معظم الأمراض التي يصاب بها الناس ـ ومازالت ـ في عصرنا الحديث ترجع إلى الحرمان الشديد ونقص الغذاء، أو إلى الإفراط في تناول الطعام والشراب والإسراف فيهما ، وقد جاء الحل الإسلامي العظيم المعجز وفي ثلاثة كلمات من كتاب الله عز وجل حين قال : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[ سورة الأعراف] وأمر بالصيام شهراً في السنة للحفاظ على سلامة وكيان أجهزة البدن وأعضائه .
وجاءت الدراسات الطبية لتثبت أن مرضى القلب يستطيعون أن يعيشوا طويلاً بعيداً عن المضاعفات الخطيرة إذا هم اعتدلوا في طعامهم وشرابهم ومن ثم فقد أمر الإسلام الأغنياء بإخراج زكاة أموالهم (2) لإنقاذ ملايين الجائعين من خطر البؤس والفقر والمرض والموت .
وجاءت القاعدة الثانية صرخة مدوية يؤكد علماء اليوم أنها الحل الأمثل لحل مشاكل العصر الصحية والتي جعلها سبحانه وتعالى من أهداف بعثة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وهي قوله تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ
النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [ سورة الأعراف] فكان الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، وما ألحق بها اليوم من خبائث العصر من مخدرات وسجائر وسواها وهي من أهم أسباب الأمراض والعجز والموت والمهالك في عصرنا الحديث (3) .
وجاء الهدي النبوي بآداب يتدبر بها المسلم أمر طعامه وشرابه ، وهي علاوة على أنها أضفت على حياته الاجتماعية مسحة جمالية وسلوكية رائعة قد نظم بها الشارع تناول الوجبات وكيماتها وطريقة تناولها فيما يتفق مع ما وصل إليه الطب الحديث الوقائي وعلم الصحة لا بل سبقه إلى ذلك بقرون عدة فلا يأكل المسلم حتى يجوع ، وإذا أكل لا يصل إلى حد التخمة من الشبع ، إذ" بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه " ، وعلى قاعدة " ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه " كما نهى الشارع عن إدخال الطعام على الطعام أو أن يأكل بين الوجبات .. الخ . ..
واتفاقاً مع الأهمية الصحية لطريقة تناول الطعام والشراب ، وعلاقة ذلك بصحة البدن ، فقد حدد الطبيب الأول ورسول الحق صلى الله عليه وسلم الوضعية المثلى للجلوس على الطعام ، ونهى عن وضعيات قد ينجم عنها بعض الأذى ،كأن يأكل المرء أو يشرب واقفاً أو متكئاً .
وندب إلى أن يتحدث الإنسان على طعامه لإدخال السرور على المشاركين مما يزيد في إفراز العصارات الهاضمة ويساعد على الاستفادة المثلى من الطعام .
ودعا إلى تقديم العَشاء على العِشاء ، وإلى أن يشرب كوب الماء على دفعتين أو ثلاث ، وأن يمصه مصاً لا أن يعبه ويكرعه لما في ذلك من أثر سيء على المعدة والجهاز الهضمي عموماً .
وإذا كان الطب الحديث قد اكتشف الجراثيم الممرضة والطفيليات المهلكة للإنسان في أواخر القرن الماضي وبين أن تلوث الطعام والشراب بها هو من أهم أسباب إصابة الإنسان بعدد من الأمراض الخطيرة كالكوليرا والتيفوئيد والزحار (الزنطارية ) والسل المعوي والديدان والتهاب الكبد وغيرها ، ومن ثم فقد وضع علم الطب الوقائي عدداً من القواعد الصحية على الإنسان أن يلتزم بها ليضمن نظافة الطعام والشراب وسلامتها من التلوث الجرثومي ، فإن ديننا الحنيف قد وضع تلك التعاليم وأمر أتباعه بالالتزام بها منذ أكثر من أربعة عشر قرناً (4).
والحق يقال أن التعاليم النبوية في تدبير الطعام والشراب كانت قمة في حرص المشرع العظيم على سلامة أتباعه ووقايتهم من شر الوقوع في براثن المرض . فقد أمر عليه الصلاة والسلام أن يعطى إناء الطعام وتوكأ قرب الشراب فلا تترك مكشوفة للذباب والتراب ، كما نهى عن أن يشرب من في الإناء أو ينفخ في الشراب حرصاً على سلامته من التلوث ، وأمر بغسل اليدين قبل الطعام وبعده ، وأمر بالأكل باليمين ، ونهى عن الأكل باليسار التي خصصها للاستنجاء وغير ذلك من الأعمال الملوثة كل ذلك ليضمن سلامة الطعام وعدم تلوثه بالجراثيم كما سنرى .
كما حرص المشرع على عدم تلويث مياه الشرب ، فنهى أن يغمس المستيقظ من النوم يده في الإناء قبل أن يغسلها ، فإن " أحدكم لا يدري أين باتت يده "، كما منع التبرز أو التبول قرب موارد المياه وفي ظل الناس ومكان تجمعاتهم ، بل شدد في تحريم هذه الأفعال (3) حتى عدها من مسببات اللعن . فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم " أتقوا الملاعن الثلاث : البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل " كما " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد" . رواه البخاري ومسلم .

القاعدة القرآنية الأولى : حلّ الطيبات وتحريم الخبائث
إن النصوص القرآنية والنبوية قد بينت بشكل صريح تحريم بعض الأطعمة والأشربة لخبثها كالخمر والميتة والدم ولحم الخنزير وكل ما هو متلوث بنجاسة ، فإن أشربة أخرى كالتبغ والحشيش والمخدرات الأخرى وغيرها مما لم يكن معروفاً في العالم وقت التنزيل فلم تنزل نصوص خاصة بها ، ولكن المشرع سبحانه لم يترك الناس في حيرة من أمرهم ، فقد وضع ميزاناً دقيقاً يمكن علماء الأمة في كل زمان ومكان أن يزنوا كل مستحدثة فقال بكل وضوح كلمة وضعها كقانون علمي ثابت في كل الحكمة وفيه كل الخير للبشرية وهي قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[سورة:الأعراف:157 ] فلم يحرم الإسلام شيئاً من المطعومات أو المشروبات إلا لضرر ينجم عنها أو لخبث محقق فيها ، مصداق قوله تعالى يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ{4} الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ)[ سورة المائدة] .
وإنه لمن عظيم الإعجاز الإلهي أن تتوافق موازين الشرع وموازين الطب في تحريم هذه الخبائث .
فالبدن يحتاج في نشاطه الحياتي لأغذية تبني الجسم وترمم ما هدم منه كالبروتينات والدسم ، كما يحتاج لأغذية لتوليد الطاقة أي التي تولد الحرارة الغريزية وتؤمن عمل الأعضاء كالقلب والتنفس والهضم ، لذا أوجب الإسلام تناول الحد الأدنى من أو الضروري من الطعام والشراب ، حفاظاً على الحياة ودفعاً للهلاك . وما عدا قدر الضرورة يباح تناوله ما لم يكن مستقذراً ولا ضاراً ولا متنجساً ولا معتدياً على حقوق الغير وما لم يصل إلى حدّ الإسراف .
وإذا كان للأغذية مصدرين كبيرين : فهي حيوانات أو نباتية فمن الأمثل صحياً أن يناوب بين تلك الأنواع دون أن يقصر نفسه على أحدهم (5).
ومن المعجزة حقاً أن نجد سلوك النبي صلى الله عليه وسلم في طعامه متوافقاً تماماً مع مبدأ علم الصحة هذا . وهذا ما يؤكده ابن القيم الجوزية (6) عن طعام النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول : " فلم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم حبس النفس على نوع واحد من الغذاء لا يتعداه إلى سواه وكان صلى الله عليه وسلم يحسن الجمع بين الأغذية في تناولها وإصلاح تأثير بعضها على الآخر .
ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن جعفر " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء " صحيح البخاري كتاب الأطعمة

وإذا كانت الأغذية النباتية أقل سمية من الحيوانية ، لكن الاقتصار عليها يسبب فقر الدم بنقص اليهولين وفقدان الفيتامين ب 12 ، كما أن الاقتصار على البروتين النباتي يجعل البدن يقصر في تركيب الأنسجة والتي لابد لاكتمالها من توفر البروتينات الحيوانية .
وليس لمسلم أن يحرم على نفسه بعض الطيبات مما أحله الله بنية التقرب إليه . قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة وقال الله تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف ـ 32
والنبات المأكول حلال كله ما لم يعرض له عارض من سرقة أو نجاسة وما لم يثبت ضرره لسمية فيه ، أو لكونه مسكراً أو مفتراً (7) وذلك لعموم قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) .
أما المصدر الحيواني للغذاء فقد حرم النص القرآني تناول الميتة والدم ولحم الخنزير ، وجاء في السنة التي اعتمدها جمهور الفقهاء تحريم أكل الحيوانات المفترسة كالوحوش من أسد ونمر وذئب وفهد ( وكل ماله ناب مفترس من السباع ) وكذا الطيور الجارحة ، أي ذوات المخلب من الطير كالصقر والباز والنسر .
لما رواه عبد الله ابن عباس قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير " رواه مسلم .
كما حرمت لحوم الكلاب لما يرويه رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : "الكلب خبيث ثمنه " رواه مسلم .
كما يحرم عند الجمهور أكل لحوم الحمر الأهلية لما رواه الشيخان عن جابر رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية وأذن في الخيل " .
كما حرمت الضفادع للنهي عن قتلها كما يحرم أكل حشرات الأرض كالثعبان والعقرب والفأرة وسواها ولما تنقله من عوامل الأمراض الفتاكة لبني البشر كالطاعون والتيفوس وسواها (7) .
والأشياء الضارة التي يثبت ضررها ولانص في تحريمها والسموم في غير التداوي كلها حرام لعموم النص : (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " .
صدق الله ، فما حرم علينا إلا كل خبيث ضار ، وما أباح لنا إلا الطيب النافع إلا أنه من الواجب على المسلم أن يتحاشى تناول ما حرم الله من المطعومات أو المشروبات طاعة لله عز وجل، أدرك العلة من التحريم أم لم يدرك ، مسلماً بأن تلك المحرمات إنما حرمها الخالق المصور العليم بما يضر هذا الإنسان ـ الذي خلقه بيده ـ وبما ينفعه تصديقاً لقوله تعالى : (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) .

القاعدة القرآنية الثانية : وكلوا واشربوا ولا تسرفوا
إن الإنسان شره بغريزته ، يسرف في الأكل والشرب ، وخاصة أيام كهولته ويقدر ما يتناوله الإنسان عادة من طعام وشراب بثلاثة أضعاف ما يحتاجه إليه . ولا يشك العلم أبداً أن أكثر الراحلين ابتساراً من عالم الدنيا إلى عالم القبور هم منتحرون بأفواههم وبما أسرفوا بما دخل في أجوافهم من طعام وشراب . وإن في القاعدة الإلهية العظيمة ( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا ) سر التمتع بحياة يسيطر فيها نعيم الصحة والهناء (8) فالإسراف خطر طبياً وحرام شرعاً لعموم النص (7).

وإذا كان الطعام والشراب لذة ، فإنما جعلها الله سبحانه فيها لإرواء الميل الغريزي لتناولهما بغاية الحفاظ على الحياة واستمرارها ، كما أن التلذذ بالطعام ينبه أعمال الهضم الغريزية وإفراز العصارات الهاضمة حتى يتم التمثل بشكل جيد . ومن الخطأ الفادح أن يجعل الإنسان من اللذة غاية في طعامه وشرابه مما يجعله يسرف في استدعائها وينحرف في طريق إروائها وهذا ليس من صفات المؤمن في شيء .
وقد أكد القرآن الكريم أن الوقوف عند التلذذ بالطعام والشراب والتمتع بهما إنما هو من صفات الكافرين الجاحدين (9) وذلك مصداق قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ) الأحقاف 20.
وتؤكد السنة المطهرة هذا المعنى وتنهى عن الإسراف في الطعام وأن على المسلم أن يكتفي منه بما يقيم الأود ويحفظ الصحة والقوة من أجل السعي علىالرزق والتقوي به على عبادة الله رب العالمين . فقد روى البخاري أن رجلاً كان يأكل كثيراً فأسلم فكان يأكل قليلاً ، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء " ولقد ذكر ابن الأثير (10) تعليقاً علىهذا الحديث : هو تمثيل لرضى المؤمن بالقليل اليسير من الدنيا وحرص الكافر على الكثير منها ، ثم قال : والأوجه أن يكون هذا تحضيضاً للمؤمن على قلة الأكل وتحاشي ما يجره الشبع من قسوة القلب وطاعة الشهوة.
من هنا نفهم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اجعل رزق آل محمد كفافاً " رواه الشيخان .
كما حذر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من النهم والبطنة فقال " إياكم والبطنة في الطعام والشراب فإنها مفسدة للجسم مورثة للسقم ،مكسلة عن الصلاة وعليكم بالقصد فيهما فإنه أصلح للجسد وأبعد عن السرف وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه " ورد في الدرر المنثورة للسيوطي .
يقول الإمام الغزالي : " ومن مضار الشره اشتداد المعاصي وخاصة الشهوة الجنسية ، فإذا منعت التقوى صاحبها من الزنى فلا يملك عينه ، فإذا ملك عينه بغض الطرف فلا يملك فكره فتخطر له الأفكار الرديئة وحديث النفس بأسباب الشهوة وما يتشوش به مناجاته " .
عن المقداد بن معد يكرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" .
يقول ابن القيم (6) : " مراتب الغذاء ثلاثة أحدها مرتبة الحاجة والثانية مرتبة الكفاية الثالث مرتبة الفضيلة ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه فلا تسقط قوته ولا تضعف ، فإن تجاوزها فليأكل بثلث بطنه وهذا من أنفع ما للبدن وما للقلب فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب فإذا أورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض عليه الكرب والتعب " .

وفي معرض شرحه للحديث يقول د. الكيلاني (12) : " يشكل الجزء العلوي من المعدة جيب ممتلىء بالهواء يقع تحت الحجاب الحاجز وكلما كان ممتلئاً بالهواء كانت حركة الحجاب الحاجز فوقه سهلة وكان التنفس ميسوراً أما إذا امتلأ هذا الجيب بالطعام والشراب تعرقلت حركة الحجاب الحاجز وكان التنفس صعباً كما أن الصلب لا يستقيم تماماً إلا إذا كانت حركة المعدة مستريحة ولا يتم ذلك إذا اتخمت بالطعام ، فصلى الله على طبيب القلوب والأبدان .
أما د. محمود فؤاد معاذ (13) فيرى أن كلمة " يقمن صلبة " هي من أبلغ ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم معنىً وعلماً . فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على الإقلال من الطعام ، ولكن إلى حد يقمن صلبه وحتى لا تكون مخمصة فرب مخمصة شر من التخم . المرء حسبه أن يتناول ما يقيم الصلب ، أي ما يعطيه القوة الكافية للقيام بمجهوداته .
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية "صحيح مسلم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الإسراف في الطعام وأن يشبع الواحد هو قوت الاثنين يكفيهم ويقيم أودهم (12) ، وهو ينصح أن يكون ثلث المعدة فقط للطعام ولو حافظ المسلمون اليوم على هذه الوصية لحموا أنفسهم من كثير من الأمراض ولما تعبت معداتهم مع هضم الطعام الفائض فتقل الفضلات و ينشط البدن ويصفوا الدم ويتوقد الذهن .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت "ورد في سنن ابن ماجة .
فمن أخلاق المسلم كبح جماح نفسه ووقايتها من الإسراف المذموم فيعطيها حيناً من مشتهياتها المباحة ، ويمنعها حيناً ، لا تحريماً للطيبات ولكن ترويضاً لها للتمكن من قيادة زمامها .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : تجشأ أبو جحيفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " أقصر عنا من جشائك، إن أطول الناس جوعاً يوم القيامة أكثرهم شبعاً في الدنيا "مجمع الزوائد للهيثمي .
وعن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يكون من بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن "ورد في صحيح البخاري باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها..
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :" أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم فضعفت قلوبهم وجمحت شهواتهم" .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض " رواه البخاري .
إن المربي الناجح هو الذي يجسد أقواله أفعالاً تحتذى وهذه هي روعة التعاليم النبوية التي رافقها سلوك عملي وحلول واقعية من حياته صلى الله عليه وسلم : فهذا محمد صلى الله عليه وسلم ما شبع من طعام ثلاثة أيام متتالية ، وكان يجلس لطعامه جلسة المتحفز للقيام بعد أن يتناول ما يقيم صلبه ، وما أكل خبزاً مرققاً ولا وضع على سفرته السكرجة ( من مقبلات وسواها ) ليعلمنا بسلوكه الطريقة الأمثل لتنفيذ القاعدة الإلهية في الطعام والشراب ( وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا )
  #367  
قديم 21-04-2008, 04:04 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الهدي النبوي في كراهة الغضب

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ )[ الشورى الآية 42]
وقال تعالى : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران .
وقال تعالى وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) سورة فصلت .
وقال تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) الفرقان الآية 63
عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني فقال : لا تغضب فردد مراراً فقال : لا تغضب "رواه البخاري.
وعن أبي الدرداء رضي الله قال : " قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة قال : لا تغضب " رواه الطبراني بإسناد حسن .
وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتمان الغضب فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلىالله عليه وسلم قال : " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" رواه البخاري ومسلم .

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يصطرعون فقال : " ما هذا ؟"
قالوا فلان لا يصارع أحداً إلا صرعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أفلا أدلكم على من هو أشد منه ؟ رجل كلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه".
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معاوية إياك والغضب ، فإن الغضب الإيمان كما يفسد الصبر العسل" .
وقد رفع الإسلام من أجل ذلك من مرتبة الحلم ،وجعل من كظم الغيظ وسيلة إلى التقرب إلى الله عز وجل ورفع درجات صاحبه يوم القيامة . عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن النبي صلىالله عليه وسلم قال : " من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين فيزوجه منها ما شاء ".
وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشج قائلاً له : " إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة " رواه مسلم .
وقد روي عن عكرمة في قوله تعالى : " وسيداً وحصوراً " قال : السيد الذي لا يغلبه الغضب . كما روى الإمام الغزالي (1) عن الحسن رضي الله عنه قوله : " يا ابن آدم كلما غضبت وثبت وأوشك أن تثبت وثبة فتقع في النار " .
قال الخطابي (2) : معنى قوله [ لا تغضب ] اجتناب أسباب الغضب وألا تتعرض لما يجلبه ، وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه لأنه أمر طبيعي لا يزول من الجبلة . وقال غيره: ما كان من قبيل الطبع الحيواني فلا يمكن دفعه ، وما كان من قبيل ما يكتسبه بالرياضة فهو المراد. وقيل : لا يفعل ما يأمرك به الغضب .
قال ابن البطال (2) : يعني أن مجاهد النفس أشد من مجاهد العدو لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة . وقال ابن حيان : أراد لا تعمل عند الغضب شيئاً مما نهيت عنه . ويجمل الإمام الغزالي (1) .
رأيه في الغضب : " فأقل الناس غضباً أعقلهم ، فإن كان للدنيا كان دهاء ، ومكراً وإن كان للأخرة كان حلماً وعلماً .وقد قيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق . فقال ترك الغضب ".
الآثار الصحية السيئة للغضب على البدن:
إن الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض الغدة النخامية (3و4) على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الإدرينالين والنور أدرينالين من قبل الغدة الكظرية ، كما تقوم الأعصاب الودية على إفراز النور أدرينالين .
إن أرتفاع هرمون النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب ، وهذا ما يشعر به الإنسان حين الإنفعال والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة . فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة ، كما أن الارتفاع المفاجيء للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً يؤدي إلى إصابة الغضبان بالفالج ، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ ،وقد يؤثر علىأوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجيء ، وكلنا يسمع بتلك الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب (4)
هذا وإن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يحرر الغليكوجين من مخازنه في الكبد ويطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي ، إذ من المعلوم أن معظم حادثات الداء السكري تبدأ بعد أنفعال شديد أو غضب . أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الإستقلاب الأساسي ويعمل على صرف كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلىشعور المنفعل اوالغضب بارتفاع حرارته وسخونة جلده (4) .
كما ترتفع شحوم الدم مما يؤهب لحدوث التصلب الشرياني ومن ثم إلى حدوث الجلطة القلبية أو الدماغية كما يؤدي زيادة الهرمون إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد . وهذا سبب إصابة ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن .
ويزداد أثناء ثورات الغضب (4) إفراز الكورتيزون من قشرة الكظهر مما يؤدي إلى زيادة الدهون في الدم على حساب البروتين ، ويحل الكورتيزون النسيج اللمفاوي مؤدياً إلى نقص المناعة وإمكانية حدوث التهابات جرثومية متعددة ، وهذا ما يعلل ظهور التهاب اللوزات الحاد عقب الانفعال الشديد ، كما يزيد الكورتيزول من حموضة المعدة وكمية الببسين فيها مما يهيء للإصابة بقرحة المعدة أو حدوث هجمة حادة عند المصابين بها بعد حدوث غضب عارم .
وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة (5) وجود علاقة وثيقة بين الانفعالات النفسية ومنها الغضب وبين الإصابة بالسرطان . وتمكن العلم أن يبين مدى خطورة الإصابة السرطانية على إنسان القرن العشرين ،قرن القلق النفسي ، وأكدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من انفعالات نفسية مريرة بصورة مستمرة يموتون بالسرطان باحتمال نسبي أكبر .
فالانفعالات النفسية تولد اضطراباً هرمونياً خطيراً في الغدد الصماوية يؤدي إلى تأرجح في التوازن الهرموني بصورة دائمة ، هذا التأرجح يساعد على ظهور البؤرة السرطانية في أحد أجهزة البدن .
ويرى بعضهم (4) أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد والذي يسبب فيضاً هرمونياً يؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي داخل المنزل بسبب اضطرابات الدارة الكهربائية ، وما ينتج عن ذلك من تعطل في كافة أجزاء الدارة الكهربائية .
ولا شك أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قد عرف بنور الوحي خطورة هذه الانفعالات النفسية على مستقبل المجتمع الإنساني قبل أن يكتشف الطب آثارها ، ودعا بحكمة إلى ضبط انفعالاتهم ـ قدر المستطاع ـ [ لا تغضب ]محاولاً أن يأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب ـ رحمة بهم ـ وحفاظاً على صحة أبدانهم من المرض والتلف ، لكنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يعلم في نفس الوقت طبيعة النفس البشرية ، ويعلم أن الإنسان لحظة غضبه قد لا يقوى على كتم غضبه ، خاصة إن كان يغضب لله أو لعرض أوماله ، فإذا به يصف العلاج قبل أن يستفحل الغضب ، وقبل أن يقدم الغاضب على فعل لا تحمد عقباه .

الهدي النبوي في معالجة الغضب : سبق طبي معجز
لا شك أن سرعة الغضب من الأمراض المهلكة للبدة والمستنفذة لقواه (6) وقد جاءت التعاليم النبوية بطرق ناجعة لمكافحة الغضب والحد من تأثيره السيء على البدن وعلى المسلم أن يروض نفسه على الحلم (7) فبالحلم تستأصل جذور العداوات من النفس وتستل الخصومات من القلوب . وقد أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما نعلم من سيرته ـ أوفى نصيب من الحلم وسعة الصدر وضبط النفس عند الغضب .
عن أبي هريرة رضي الله عنها أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يقول : " أربع من كن فيه وجبت له الجنة وحفظ من الشيطان : من يملك نفسه حين يرغب وحين يرهب وحين يشتهي وحين يغضب " .
وقد نقل العلامة ابن حجر الطوخي قوله : " أقوى الأشياء في دفع الغضب استحضار التوحيد الحقيقي وهو أن لا فاعل إلا الله وكل فاعل غيره فهو آلة له ، فمن توجه إليه بمكروه من جهة غيره ، فاستحضر أن الله لو شاء لم يمكن ذلك الغير منه ، اندفع غضبه " . قال ابن حجر : " قلت وبهذا يظهر السر في أمره صلى الله عليه وسلم الذي غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان لأنه إذا توجه إلى الله في تلك الحالة بالاستعاذة من الشيطان أمكنه استحضار ما ذكر " .
عن سلمان بن سرد رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد احمر وجهه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " رواه البخاري ومسلم .
يقول د. إبراهيم الراوي (8) ينصح علماء الطب النفسي الأشخاص الذين يتعرضون إلى نوبات الغضب إلى تمارين خاصة تؤدي إلى نتائج مذهلة ، هذه التمارين تسبب استرخاء في الذهن يؤدي إلى انطفاء نار الغضب وإخماد الثورة العصبية ، منها أن يعدّ الشخص من 1ـ 2ـ 3 .. وحتى 30 قبل أن ينطق بأي حرف . هذه الحقيقة في مجال الطب النفسي اكتشفها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم حين أمر الغاضب أن يتعوذ بالله عدة مرات وهذا واضح من مفهوم الآية الكريمة : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العلم ) صدق الله العظيم .
ويبدوا من هذا القبيل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الغاضب إلى السكوت وعدم النطق بأي جواب . عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم فليسكت " .
وتغيير الوضعية ، هدي نبوي كريم له فائدة عظيمة في تهدئة ثورة الغضب عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .

ويعلق د. الراوي (8) قائلاً : يوصي الطب الحديث كل من يتعرض للغضب الشديد والانفعالات النفسية بالاسترخاء قبل إطلاق العنان للجوارح واللسان . وهذه الحقيقة الطبية كان لها بالغ الأثر في الوقاية من أخطر الأزمات عندما يوفق المرء في تمالك نفسه عند الغضب والتي اكتشفها نبي الرحمة في أعماق النفس البشرية حين أمر الغاضب الواقف أن يجلس .
وقد وفق د. حسان شمسي باشا (3) إلى كشف الإعجاز الطبي في هذه الوصفة النبوية إذ كتب يقول :" جاء في كتاب هاريسون الطبي أنه من الثابت علمياً أن هرمون النور أدرينالين يزداد بنسبة 2_ 3 أضعاف لدى الوقوف بهدوء لمدة خمس دقائق أما هرمون الأدرينالين فيرتفع ارتفاعاً بسيطاً في الوقوف لكن الضغوط النفسية تزيد من نسبته في الدم ولا شك أن ارتفاع العاملين معاً ، الغضب والوقوف يرفع نسبة هذين الهرمونين بشك كبير .
فمن علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الهرمونات تزداد بالوقوف وتنخفض بالاستلقاء حتى يصف هذا العلاج ؟ .. لا شك أنه وحي يوحى إليه، عليه الصلاة والسلام .
ومن هذا القبيل ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم ، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ، فمن وجد من ذلك شيئاً فليلصق خده بالأرض " رواه الترمذي وقال حديث حسن .

وهذا إشارة (1) إلى الأمر بالسجود وتمكين أعز الأعضاء من أذل المواضع لتستشعر به النفس الذل وتزيل به العزة والزهو الذي هو سبب الغضب .
والاغتسال بالماء البارد (8) أو غسل الوجه واليدين به ، أحدث توصية طبية لها أثرها البالغ في تهدئة الجهاز العصبي . فالغضب (9) يتولد من الحرارة العامة والتعرق والإحساس بالضيق ، ويأتي الماء البارد ليخفف من هذا الأعراض . والوضوء الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم يضفي ، فوق ذلك ، شعوراً بالعبودية لله عند قيام الغاضب بهذا الفعل التعبدي ، يزيد من إحساسه بالأمن والرضى . وهذا مصداق ما رواه عطية السعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم فليتوضأ فإنما الغضب من النار " وفي رواية " إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " رواه داود .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

مراجع البحث :
1.الإمام أبو حامد الغزالي : " إحياء علوم الدين " .
2.الإمام ابن حجر العسقلاني : " فتح الباري شرح صحيح البخاري " .
3.د. حسان شمسي باشا : " قبسات من الطب النبوي " ـ مكتبة السوداي1992
4. د. محمود البرشة : " الغضب وأثره السيء على البدن " صدى الإيمان ع 2 م 1 1996
5. د. إبراهيم الراوي : " موقف الإسلام من الإصابة السرطانية " حضارة الإسلام م 1ع 8 ـ 1966
6. د. عبد الرزاق الكيلاني : " الحقائق الطبية في الإسلام "
7. د. حامد الغوابي : " الحلم والغضب " ، لواء الإسلام م 10 ع 11 ـ 1957
8. د. إبراهيم الراوي : " الإنفعالات النفسية " حضارة الإسلام م 15 ـ ع 7 ـ 1974
9.الإمام المناوي : " فيض القدير شرح الجامع الصغير " .
  #368  
قديم 21-04-2008, 04:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

التدبير النبوي في الحسد وأثره على صحة البدن

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
قال تعالى : (قل أعوذ برب الفلق . من شر .. ) سورة الفلق .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " .
وعن مولى الزبير ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "دب فيكم داء الأمم من قبلكم : الحسد والبغضاء ، والبغضة هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين ، والذي نفس محمد بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه الترمذي.
وروى الإمام حجة الإسلام الغزالي (1) عن بعض السلف : "أن أول خطيئة للبشر كانت الحسد، حسد إبليس آدم عليه السلام على مرتبته فأبى أن يسجد له فحمله الحسد على معصية الله ، وإياك والحسد فإن ابن آدم قتل أخاه حين حسده " .

والحسد هو كراهة النعمة وتمني زوالها عن صاحبها (1و2) وهو حرام بكل حال . وأما الغبطة فهو أن ترى النعمة على أخيك فلا تكره وجودها ولا تحب زوالها عنه ، بل تتمنى من الله أن يرزقك مثلها وليس في ذلك ما يأثم عليه .
ويرى أبو بكر الرازي (3) " أن الحسد يتولد من اجتماع البخل والشره في النفس، وهو شر من البخل، فالبخيل لا يحب أن يمنح أحداً شيئاً مما يملكه، أما الحسود فإنه يتمنى ألا ينال أحد خيراً أصلاً، ولو كان الخير ليس مما يملكه هو والحسد داء من أدواء النفس عظيم الأذى لها .
ولعظم ضرر الحسد على الإنسان وعلى المجتمع ، فقد نفر القرآن الكريم منه وأمر بالاستعاذة من شر الحاسد كما أمر بالاستعاذة من نفث الشيطان فالحسد مفسد للطاعات ، باعث على الخطايا . وهو نار تضطرم (4) في صدر الحسود، فما تراه إلا كاسف الوجه، قلق الخواطر، غضبان على القدر قد عادى حكمة الله . قال تعالى : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) .
ويرى الإمام أبو بكر الرازي (3) أن الحسد يضر بالنفس لأنه يشغلها عن التصرف المفيد لها وللبد، وذلك يسبب طول الحزن والتفكر ، ثم إنه يضر بالجسد لما يعرض للمحسود من طول السهر وسوء الإغتذاء وينشأ عن ذلك رداءة من اللون وسوء السحنة وفساد المزاج .
وينبه د. نضال عيسى (2) جميع المربين والوالدين إلى أن مرد الحسد قد يكون لسوء التربية كقدوم طفل جديد تهتم به الأسرة وتنسى الأولاد فيبدأ الحسد بالظهور لديهم أو أن يقارن المربي بشكل سيء بين الأولاد فيصف أحدهم بالذكاء والآخر بالغباء بطريقة جارحة، أو عندما يربى طفل فقير في بيئة غنية مترفة . لذا وجب على المربين وعلى كل من الأبوين إشعار أطفالهم جميعاً بالرعاية والحب وبدون تفريق بالأعطيات بينهم وغير ذلك .

ويلخص د. حامد الغوابي (4) الآثار السيئة للحسد على البدن وصحته ويبين أن الحسد يؤدي عند الحاسد إلى ظهور انفعالات نفسية عصبية كما تضطرب عنده الغدد الصماء ، فيعتل جسمه ويذوب .
فالحاسد دوماً في ضيق وقلق ، وهذا يصحبه الأرق ، ومع استمرار الأرق يحس بالإعياء والتعب ويفقد شهيته للطعام ويتناقص وزنه ثم تظهر عنده أعراض عصبية مزعجة ، كالصداع والطنين في الأذنين تمنع عنه الراحة والهدوء ، وقد تظهر آلام خناقية في صدره ، وكلما احتدمت نزوات حسده زاد الألم وتكررت نوبة مما يعرضه للإصابة بالذبحة الصدرية .
والحسد يهيء للإصابة بقرحة المعدة التي ثبت أنها تنشأ من الانفعالات أكثر مما تنشأ عن خطأ في التغذية ، وقد يؤدي لارتفاع الضغط الدموي ، والذي يتناسب ارتفاعه مع زيادة الانفعالات ويعظم خطره . ونحن نعلم أن أطباء القلب يوصون المرضى بالهدوء والراحة وترك الهواجس ، ونبذ انشغال الفكر بالغير والبعد ما أمكن عن الانفعالات النفسية .
وقد يسبب الحسد مرض السوداء [ المانخوليا ] عند الحاسد وحبه للوحدة والعزلة غير ما يؤدي إليه من ارتباك العقل وعدم القدرة على التركيز ، وكم سبب الحسد عند صاحبه من عقد نفسية وتركت عنده أمراضاً لا يمحى أثرها.
وأخيراً فإنك لن ترى حاسداً حقوداً إلا وقد رسم في وجهه تجاعيد الشيخوخة ولفحة الشيب ـ المبكران ـ وإن كان في عنفوان شبابه .

والملاحظات التي أوردت حول السيء والملك أحياناً للحسد على صاحبه تؤكد الإعجاز الطبي الرائع في التوجيهات النبوية للمسلمين باجتناب هذه الآفة الخبيثة ومن أجل نظافة المجتمع المسلم ورص صفوفه أيضاً .
ولقد استنبط العلماء المسلمون طرقاً علاجية ناجعة لمن أراد التخلص من مرضه ، من ذلك ما فصله حجة الإسلام الإمام الغزالي في إحيائه قائلاً :"واعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل : والعلم النافع لمرضى الحسد هو أن تعرف أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين ، وأنه لا ضرر فيه على المحسود بل ينتفع به فيهما .
ومهما عرفت عن بصيرة فارقت الحسد لا محالة .. أما كونه ضرر عليك في الدين فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى وعدله الذي أقامه في ملكه وهذه جناية لى التوحيد وأما كونه ضرر عليك في الدنيا فهو أنك تتألم بحسدك أو تتعذب به ، ولا تزال في كمد وغم بكل نعمة تراها على غيرك .. وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه فلأن النعمة لا تزول بحسدك ، بل قدر الله تعالى من نعمة فلا بد أن يدوم إلى أجل قدره الله فلا حيلة في دفعه ، ولكل أجل كتاب .. وأما أن المحسود ينتفع به في الدين فهو أنه مظلوم من جهتك لا سيما إذا أخرجك الحسد إلى الغيبة والقدح فيه، فهذه هدايا تهديها إليه من حسناتك حيث تأتي مفلساً يوم القيامة .
وأما العمل النافع فيه فهو أن يحكم الحسد، فكل ما يتقاضاه الحسد من قول وفعل، فينبغي أن يكلف نفسه نقضيه، فإن بعثة الحسد على القدح في محسوده كلف لسانه المدح له ، وإن حمله على التكبر ألزم نفسه التواضع له، وهكذا حتى تتولد الموافقة التي تقطع مادة الحسد " .
والحقيقة أن قول الإمام الغزالي رحمه الله في أنه لا ضرر على المحسود من حاسده، ليس صحيحاً في كل الأحوال .
وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة من سورة الفلق عندما طلب المولى سبحانه وتعالى من المؤمنين أن يستعيذوا من شر الحاسد إذا حسد ، وننقل هنا ما يقوله الإمام القرطبي (5) ما نصه :" قال العلماء أن الحسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود فيتبع مساوئه ويطلب عثراته وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : " إذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فلا تبغ وإذا تطيرت فامض ".
وعلق د. محمد خالد سلطان (6) على الآية بقوله :" بين القرآن لعلماء النفس نقطة ضرورة وجود الإرادة في نية السوء كي تحدث الإساءة " .

ويشرح ذلك فيقول :" إن الحسد المادي فيه نوعان من الحركة : إرادية وغير إرادية ، ولا يعمل العضو إلا إذا كان فيه حركة ولا ينتج الجسد إلا إذا تجلت فيه الحركة سواء منها الإرادية منها وغير الإرادية . فالغيرة في الإنسان هي حركة روحية نفسية غير إرادية ، لكنها قد تؤدي إلى الحسد الذي هو حركة إرادية روحية ، لذلك نرى أن الحاسد لا يؤثر في محسوده إلا إذا أراد حسده ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : ( ومن شر حاسد إذا حسد ) فإذا لم يرد الحاسد أن يحسد فلن يصيب محسوده أي أذى " .
مراجع البحث :
1.حجة الإسلام الإمام الغزالي : " إحياء علوم الدين "
2.د. نضال عيسى : " الطب الوقائي بين العلم والدين " دمشق 1997
3.الإمام أبو بكر الرازي : " الطب الروحاني " .
4.د. حامد الغوابي : " الحسد بين الطب والإسلام " لواء الإسلام القاهرة ، ع 6 المجلد 11 لعام 1957
5.الإمام القرطبي في تفسيره : " الجامع لأحكام القرآن "
6.د. محمد خالد سلطان والشريعة " رسالة تخرج جامعية ، جامعة دمشق 1983
  #369  
قديم 21-04-2008, 04:15 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الهدي النبوي في العطاس والتثاؤب


بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده ـ وفي رواية ـ على فيه ، فإن الشيطان يدخل " رواه مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته ، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما ستطاع فإذا قال هاء ضحك من الشيطان " رواه البخاري.
وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ولا يقل هاه هاه فإنما ذلكم الشيطان يضحك من " أخرجه أبو داود .
يقول الخطابي (1) : " معنى حب العطاس وكراهة التثاؤب أن العطاس إنما يكون مع انفتاح المسام وخفة البدن وتيسير الحركات ، وسبب هذه الأمور تخفيف الغذاء والإقلال من الطعام ، والتثاؤب إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه ، وعند استرخائه للنوم وميله للكسل ، فصار العطاس محموداً لأنه يعين على الطاعات، والتثاؤب مذموماً لأنه يثبط عن الخيرات وقضاء الواجبات " .
ويعرف د. عبد الرزاق كيلاني (2) التثاؤب بأنه شهيق عميق يجري عن طريق الفم فيدخل الهواء إلى الرئتين دون تصفية ، خلافاً لما يحصل لو دخل مجراه الطبيعي وهو الأنف .
وهو دليل على حاجة الدماغ خاصة إلى الأوكسجين والغذاء ، وعلى تقصير الجهاز التنفسي في تقديم ذلك إلى الدماغ خاصة وإلى الجسم عامة وهذا ما يحدث عند النعاس وعند الإغماء . والتثاؤب قد يضر بالبدن لأن الهواء غير المصفى قد يحمل معه إلى البدن الجراثيم والهوام ، لذا نجد أن الهدي النبوي الحق يرد التثاؤب قدر المستطاع أو سد الفم براحة اليد اليمنى أو بظهر اليد اليسرى هو التدبير الصحي الأمثل ، وصلى الله على معلم الناس الخير.
والتثاؤب عند اللغويين من تثاءب وتثأب ، أي أصابه كسل وفترة كفترة النعاس . وينقل د. غياث الأحمد (3) تفسير علماء النفس للتثاؤب على أنه دليل على الصراع بين النفس وفعالياتها من جهة، وبين الجسد وحاجته إلى النوم من جهة أخرى . وهو من الناحية الطبية فعل منعكس من أفعال التنفس ، ويرى أن علية كراهة النبي صلى الله عليه وسلم له كونه دليل على الكسل والخمول .
ويرى د. أنور حمدي (4) أن الأمر النبوي الكريم برد التثاؤب قدر المستطاع إنما يحمل فوائد ثلاث : أولها أنه دليل بلا شك على ذوق جمالي رفيع ، إذ أن المتثائب حين يفغر فاه كاملاً ، مظهراً كل ما فيه من بقايا طعامية ولعاب وأسنان نخرة أو ضائعة مع ظهور رائحة الفم يثير الاشمئزاز في نفس الناظر . ثانياً فائدة وقائية إذ يفيد في منع الهوام والحشرات من الدخول إلى الفم أثناء فعله ، وثانيها فائدة وقائية إذ يفيد في منع الهوام والحشرات من الدخول إلى الفم أثناء فعله . وثالثاً وقائي أيضاً فهذه التعليمات الرائعة تقي من حدوث خلع في المفصل الفكي الصدغي ، ذلك أن الحركة المفاجئة الواسعة للفك السفلي أثناء التثاؤب قد يؤدي لحدوث مثل هذا الخلع .
أم العطاس فهوعكس التثاؤب (2) ويعرف بأنه زفير قوي يخرج معه الهواء بقوة من طريقي الأنف والفم معاً جارفاً معه كل ما يجده في طريقه من غبار وهباء وجراثيم وسواها ويطردها من الجسم مخلصاً له من أذاه . لذا ـ وكما يرى د. الكيلاني ـ كان طبيعياً أن يكون العطاس من الرحمن لما فيه من المنافع للبدن وحق على المسلم أن يحمد الله سبحانه وتعالى على العطاس كما أن عليه أن يتعوذ من الشيطان حين التثاؤب.
هذا وقد عرف الإنسان منذ القدم فائدة العطاس لجسمه وعرف أنه يجلب له الراحة والإنشراح فاستخدم طريقة لتنبيه بطانة الأنف لإحداث العطاس وذلك بإدخال سنابل الأعشاب أو ريش الطير إلى الأنف أو باستنشاق مواد مهيجة (كالنشوق) حيث يؤدي ذلك إلى إحداث تهيج شديد في بطانة الأنف وأعصابها الحسية يؤدي إلى حدوث العطاس وما ينجم عنه من شعور بالراحة .
وقد أكد د. إبراهيم الراوي (5) أن العطاس وسيلة دفاعية دماغية هامة لتخليص المسالك التنفسية من الشوائب ومن أي جسم غريب يدخل إلهيا عن طريق الأنف، فهو بذلك الحارس الأمين الذي يمنع ذلك الجسم الغريب من الإستمرار في الولوج داخل القصبة الهوائية . فإن مجرد ملامسة الجسم الغريب لبطانة الأنف ( من حشرة ضارة أو ذات مهيجة وغيرها ) فإن بطانة الأنف تتنبه بسرعة عجيبة آمرة الحجاب الحاجز بصنع شهيق عميق لا إرادي يتبعه زفير عنيف [والذي هو العطاس ] عن طريق الأنف لطرد الداخل الخطير ومنعه من متابعة سيره عبر المسالك التنفسية إلى الرئتين .
ويتابع د. الراوي قوله : " أما إذا دخل الجسم الغريب عن طريق الفم ووصل إلى القصبة الهوئية فإن ذلك ينبه الجهاز التنفسي محدثاً السعال لصد الخطر وطرد الجسم الغريب الداخل إلىالمجرى التنفسي ولا يحدث العطاس إلا حين دخول المواد المؤذية عن طريق الأنف".
والفرق العجيب بين العطاس والسعال أن السعال لا يؤثر على الدماغ ولا يحدث العطاس . ولا يزال العلماء حتى اليوم يقفون حائرين أمام هذا السر المبهم ، ولا يزالون عاجزين عن إيجاد أي تعليل علمي عن آلية توليد العطاس لذلك الشعور بالارتياح في الدماغ وخفة الرأس وانشراح النفس.
وقد اعتبره الأطباء القدامى " العطاس" شعاع الحياة ، وكان عندهم مقياساً لدرجة الصحة والعافية ، ولا حظوا أن الإنسان عندما يصاب بمرض خطير فإنه يفقد القدرة على العطاس ، وكانوا يعتبرون عطاس مريضهم بشارة لحسن العاقبة عنده وأملاً بابتعاد ناقوس الخطر عنه . ويذكرنا بأهمية العطاس للبدن ، التفاتة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بتشميت العاطس، هذه الالتفاتة توحي بأن هناك خطراً متوقعاً فجاء العطاس، فطرد ـ بقدرة الله جل جلاله ـ العدو المهاجم وانتصر عليه وأبقى صاحبه معافى . وهكذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نشمت العاطس، أي ندعو له بقولنا " يرحمك الله " .
فعلى المسلم إذا عطس أخاه المسلم أن يبارك له هذه الرحمة الإلهية والتي يكمن وراءها سر خفي من أسرار هذا الجسم البشري فسبحان من خلق الإنسان وأبدعه في أحسن تقويم . وفي تشميت العاطس حكمة إلهية ـ كما يقول الدكتور الراوي ـ أن يوحي رب العالمين إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوجه أتباعه إلى أهمية ما في العطاس من منفعة للبدن تستحق الحمد والشكر وهذه من معجزات النبوة ! إذ لماذا نحمد الله على العطاس ولا نفعل ذلك عند السعال ؟
لا شك أن هناك سراً خفياً ونعمة كبرى تستحق حمد الله الذي خلق فأبدع وصمم فأتقن التصوير وفوق هذا فقد جعل من حق المسلم على المسلم أن يبارك له رحمة الله إذا أصابه العطاس واستشعر حلاوته فقال : " الحمد لله " جهراً يسمعه من حوله ليقدموا له دعواتهم " يرحمكم الله " وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم :" حق المسلم على المسلم ست .. وعدّ منها وإذا عطس وحمد الله فشمته " .
والمقصود بالعطاس، العطاس الطبيعي، وأما العطاس المرضي الناجم عن الزكام مثلاً، فإن المصاب يعطس مرات مرات وعلى السامع أن يشمته في الأولى والثانية وبعد ذلك يدعو له بالعافية " عافاك الله ".

والتدبير النبوي الرائع في العطاس ، أن يضع العاطس يده على فمه ليمنع وصول الرذاذ إلى الجالسين، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض أو غض من صوته " .
وهذا الأدب النبوي له حكمته الصحية الجلية ، إذ يندفع مع العطاس رذاذه إلى مسافة بعيدة يمكن أن يصل معها إلى الجالسين مع العاطس، أو أن يصل إلى طعام أو إلى شراب قريب منه ، وهذا يمكن أن ينقل العدوى بمرض ما (كالزكام ) إن كان العاطس مصاباً به ، وليس من خلق المسلم في أن يتسبب بشيء من ذلك ، لذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأدب في أن نضع يدنا أو منديلاً على فمنا عند العطاس لمنع وصول رذاذه إلى الغير وفي ذلك ـ كما نرى ـ غاية الأدب ومنتهى الحكمة .

مراجع البحث :
1.الحافظ ابن حجر العسقلاني : " فتح الباري شرح صحيح البخاري"
2.د. عبد الرزاق الكيلاني : " الحقائق الطبية في الإسلام ".
3. د. غياث الأحمد : " الطب النبوي في ضوء العلم الحديث ".
4. د. أنور حمدي :" النوم : " أسراره وخفاياه " بيروت 1986
5.د. إبراهيم الراوي : مقالته " أثر العطاس على الدماغ " مجلة حضارة الإسلام المجلد 20 العدد 5/6 لعام 1979
  #370  
قديم 21-04-2008, 04:23 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال


قال تعالى في معرض وصفه لفتية الكهف الذين لبثوا و هم نيام في كهفهم ثلاثة مئةٍ سنين و ازدادوا تسعاً : ( و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال ) الكهف : 18.
إن من الإصابات الشائعة و الصعبة العلاج التي تعترض الأطباء الممارسين في المشافي هي مشكلة حدوث الخشكرشات أو ما تسمى بقرحة السرير Bed Sore عند المرضى الذين تضطرهم حالتهم للبقاء الطويل في السرير كما في كسور الحوض و العمود الفقري أو الشلول أو حالات السبات الطويل و الخشكريشات هذه عبارة عن قرحات و تموت في الجلد و الأنسجة التي تحته بسبب نقص التروية الدموية عن بعض مناطق الجلد ، نتيجة انضغاطها بين الجزاء الصلبة من البدن و مكان الاضطجاع و أكثر ما تحصل في المنطقة العجزية و الاليتين و عند لوحي الكتفين و كعبي القدمين ،و لا وقاية منن حدوث هذه الخشكريشات سوى تقليب المريض دون تقليب أكثر من (12) ساعة ، و قد تكون هذه هي الحكمة من تقليب الله عز و جل لأهل الكهف لوقايتهم من تلك الإصابة و إن كانت قصة أهل الكهف كلها تدخل في نطاق المعجزة !!.
المرجع :
مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق .
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 239.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 233.91 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]