"أوهن البيوت" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 45 - عددالزوار : 3757 )           »          الكبائر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 2998 )           »          التحذير من قطيعة الرحم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مفاتيح الرزق الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حقيقة الزهد في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تأملات في آيات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 246 )           »          أمانة العامل .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          روح القميص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ظاهرة تسلط النساء على الرجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-08-2021, 11:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,300
الدولة : Egypt
افتراضي "أوهن البيوت"

"أوهن البيوت"

د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم


إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:
﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم... ﴾ [النساء: 1].

أيها المؤمنون!
القرآن هداية ربانية، بدّد نورُها حلكةَ غياهبِ الجهل، وأجْلَى صفاؤها الحقائقَ المغيَّبةَ والمشوَّشة؛ في آيات مصرَّفة وأساليب منوّعة، كان ضرْبُ المَثَل أبرزَها؛ إذ حوى القرآن في ثنايا آياته المحكمة بضعةً وأربعين مثلًا، تعلقت بقضايا كلية كبرى؛ إيضاحًا للمعنى الخفي، وتقريبًا للشيء المعقول من الشيء المحسوس، وعرضًا للغائب في صورة الحاضر؛ ليكون المعنى الذي ضُرِب له المثل، أوقع في القلوب، وأثبت في النفوس. والغالب على أمثال القرآن الكريم تناولُها لأعظم خطر في الوجود خالف الحكمةَ من إيجاد الخلق؛ ذلكم هو الشرك؛ الظلم الأكبر والذنب الذي لا يُغفر! ومن أجلى الأمثلة القرآنية في بيان حقيقة هذا الخطر، وعدم غنائه عن أهله شيئًا قولُ الله –تعالى-: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 41].

أيها المسلمون!
في مَثل بيت العنكبوت تتجلى غاية المشرك من شركه، ومعاناتُه النصبَ في مخاضة ذلك الظلم العظيم، وحقيقةُ بنائه الشركي، ومآلُ مصيره البائس. إن المخلوق كائن جُبل على الضعف، ولا بد له من ركن يأوي إليه؛ منه يستمد قوته، ويطلب حاجته، ويحتمي بحماه، ولذا فهو يقصده بعبوديته؛ محبةً وخوفًا ورجاءً؛ فلا بد للمخلوق من معبود؛ فإن أخلص لله عبوديته، وإلا فإنه يتَّخِذ أولياءَ يرجو منهم جلب النفع أو دفع الضر، ولا بد! والمشرك حين حاد عن صراط الله المستقيم احتوته الشياطين فأضلته حتى طفق يبحث عمن يتخذه وليًا من الذل؛ فمنهم من اتخذ الأصنام، ومنهم من عبد الملائكة والكواكب وقبور الصالحين، ومنهم من تأيّد بذوي الجاه أو المال أو الصناعة والتقنية واتخذهم أربابًا من دون الله، ومنهم من ازداد انحطاطه حتى صار معبوده حيوانًا بهيمًا.


عباد الله!
إن اتخاذَ معبود الشركِ يُمَثَّل بمتخِذ البيت مَقَرًّا يُتقى به مضارُّ تسلط الأشرار وزمهريرِ البرد وسموم الصيف وبلل المطر ولفح الهواء، ويُتخذ مأنسًا يؤلف، ومسكنًا يُؤرز إليه؛ فما حال ذاك البناء الشركي؟! شبّه القرآنُ ذلك البناءَ وإن ضخم بأضعف البيوت وأوهنها؛ بيتِ العنكبوت الذي تواطأ العرب على ضرب المثل به في الوهن والضعف؛ فكان من مثلهم السائر: " أوهنُ من بيت العنكبوت ". يمضي العنكبوت زمنًا في نسج بيته، ويجعل له هالةَ غرورٍ هندسيةٍ توهم الناظرَ بمتانة البناء واتساعه، وحقيقته أنه لا يحمي، ولا يستر، بل سريعًا ما يتداعى بلمسة أو نفثة نفَس! وهكذا وهاءُ بناءِ الشرك وإن تقادم به الزمن؛ تجعل له الهالاتُ والتقديسُ وفخامةُ الألقاب، وتُعلَّق عليه الآمال من النصر والعز والحماية والرزق والعافية، ويسعى إليه بالتقرب والتذلل، ويوالى ويُعادى عليه، بينما حقيقة أمره الوهن والضعف كما هو حال بيت العنكبوت، بل إن بيت العنكبوت على وهنه أشد من آلهة الشرك؛ إذ بيت العنكبوت له حقيقة موجودة، بينما لا حقيقة لألوهية الشرك؛ ﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 139]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [العنكبوت: 42]؛ فزادوا على ضعف العابد ضعف المعبود؛ وكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، وغدا من مرِّ ثمار بناء ذلك الضعف المتراكم سرعةُ انهياره واضمحلاله متى ما دمغ بقذيفة الحق الربانية، كما قال –تعالى-: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]، مع ما يملأه ذلك الباطل من ارتياب وتردد في قلوب أصحابه، كما قال –تعالى-: ﴿ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ﴾ [التوبة: 110]، وما يسببه من رعب يتملّك تلك القلوبَ البائسة، كما قال -جل وعلا-: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾ [آل عمران: 151].

أيها المؤمنون!
إن أصل الشرك تعلّق بغير الله، وقد يكبر ذلك التعلق وقد يصغر، وقد يقل وقد يكثر. قال ابن القيم: " وهذا ( أي: التعلق بغير الله ) أعظم مفسداته ( أي: مفسدات القلب ) على الإطلاق؛ فليس عليه أضر من ذلك، ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله -عز وجل- بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه؛ فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمّله ممن تعلق به وصل، قال الله –تعالى-: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴾ [مريم: 81، 82]، وقال –تعالى-: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ﴾ [يس: 74، 75]؛ فأعظم الناس خذلانًا من تعلق بغير الله؛ فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات. ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، وأوهن البيوت. وبالجملة فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها التعلق بغير الله، ولصاحبه الذم والخذلان، كما قال –تعالى-: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22]؛ مذمومًا لا حامد لك، مخذولًا لا ناصر لك ".

الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

أيها المؤمنون!
إن عَقْلَ مَثَل بيت العنكبوت، واستحضارَه، والعيشَ به في الحياة يقطِّع أصل كل شرك، ويحسم مواده؛ حين قطع كلَّ تعلق بغير الله كائنًا من كان. وشتان بين حال من تعلّق بغير الله؛ فكان مَثَلُه مثلَ بيت العنكبوت الواهي، وبين حال من علّق أمره بالله؛ فكان متمكِّن الاستمساك بالعروة من الحبل الوثيق المحكم، المأمون انفصامها وانقطاعها، كما قال –تعالى-: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256]، قال أهل العلم: مُثِّلت حال المؤمن بحال من أراد أن يتدلى من شاهق، فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه؛ فكان له حال الحماية والسلامة ما دام مستمسكًا بذلك الحبل المتين. و مَثَلُ بيت العنكبوت لا يغيب عن قلب المؤمن وهو يباشر طلب حاجاته المنوعة عند البشر؛ إذ هم لا يعدون أن يكونوا أسبابًا تسلك، والتعلق بالله وحده لا شريك له؛ إن شاء نفع بهذه الأسباب، وإن شاء منع. قال محمد بن واسع لأحد الوجهاء وقد جاءه في حاجة: إنِّي أتيتك في حاجة رفعتها إلى الله قبلك، فإن أذن الله فيها قضيتَها وحمدناك، وإن لم يأذن الله فيها لم تقضها وعذرناك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.62 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]