التعب العام والقوة الداخلية وحسن استخدامها

[ابوالوليد المسلم]

التعب العام والقوة الداخلية وحسن استخدامها
عبدالمجيد قناوي


يقول الدكتور أرنولد هوتشنكر - خرِّيج جامعة (فريديريك وليهيلم) في برلين -:

إنَّ كثيرين من المرْضى الذين يَقصدون عيادات الأطبَّاء لا يَجدون لأمراضهم نهايةً، رغم الأدوية التي تُعطى لهم، والعناية التي يلاقونَها...



إنَّهم يُعانون من عوارض مختلِفة؛ بعضهم يَشعر بالتعَب، والبعض الآخر لا يَستطيع نومًا، وآخرون يُحسُّون بألَمٍ في أقدامهم، وقِسمٌ منهم يتعرَّض لبعض الحالات العصبيَّة، ولكنَّهم جميعًا يحسُّون بالتعب العام (Fatigue générale).

• • •



وهناك "قانون عَمَلي" يؤكِّد عدَم ضياع أيَّة قوة في الإنسان...



وللأسف الشَّديد هؤلاء المرضى المتعبون لا يدرِكون أنَّ الرجل النَّشيط لا يُصدر مزيدًا من القوَّة الداخلية، وإنما يُحْسِنُ استِخدامَها في سبيلها القويم... أمَّا قوَّتهم الدَّاخلية، فيَبدو أنَّها تَذوب كما يَذوب ماءُ الجدول في الرِّمال.



والجميع يتحدَّث بحسَدٍ في بعض الحالات عن رجلٍ يعرفونه، يَنعم بقوَّة وشهيَّةٍ عظيمةٍ، يَنام حين يَشاء، ويستيقظ نشيطًا متى يشاء...



إنَّ المرء إذا كانت لدَيه غايةٌ يَعيش من أجلها، وعمَلٌ يحاول إتمامَه، ومشروعٌ في سبيله لإقراره - فإنَّ هذا كله يمدُّه بقوَّة دافعة ضد المرَض...



وهذا ما أكَّده الطبُّ، وأيَّده العلمُ.

• • •




وكتابُ الله (القرآن الكريم، الوحي): يعلِّمك التفاؤل، ويدُلُّك على سُبل الكِفاح ضدَّ الأمراض واليأس والفشَل.



هذا الكِتاب سلاحٌ ضد الاستِسلام والهزيمة.



تأمَّل وتدبَّر معي أخي الكريم هذه الآيات؛ لنَأخذ بها في حياتنا، ولا نَنصرف عن العِظات التي فيها:

بسم الله الرحمن الرَّحيم: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ﴾ [آل عمران: 138 - 140].



خطاب إلى ملَكاتٍ خفيَّة في النَّفس، لا نَعرفها نحن، ولكن يعرفها الخبيرُ الذي صمَّمها وأشرف على صِناعتها، خالقها وهو أعلَم بها، إنَّه إيضاح منه - (الله).



﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].



وكل هذه الأشياء عندما جاءَت في ثَنايا "غزوة أُحُد" كعِبرة، ﴿ وَلَا تَهِنُوا ﴾ [آل عمران: 139]؛ ولا تَضعفوا، ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ﴾ [آل عمران: 140] فلا تَبتئسوا، فليكن عندكم سلو، ولتجتازوا هذا الأمرَ، ولْتَرْضَ به نفوسُكم؛ لأن أُناسًا قد مسَّهم قرحٌ من قبلكم مثله.



فهذا القرآن بيانٌ وإرشاد لكلِّ إنسان إلى طريق الصَّواب، وتذكيرٌ تَخشع له قلوب المتقين، وهم الذين يَخشون اللهَ، وخُصُّوا بذلك؛ لأنَّهم هم المنتفِعون به دون غيرهم.



وفيما يلي شرحٌ أكثر لهذه الآيات:

1 - باللغة العربية:

للآية (138) من سورة آل عمران: فهذا القرآن بيانٌ وإرشاد إلى طريق الحقِّ، وتذكيرٌ تَخشع له قلوب المتقين، وهم الذين يَخشون اللهَ، وخُصُّوا بذلك؛ لأنَّهم هم المنتفِعون به دون غيرهم.



وللآية (139) من سورة آل عمران: ولا تَضعُفوا - أيها المؤمنون - عن قِتال عدوِّكم، ولا تَحزنوا لما أصابكم في "غزوة أُحد"، وأنتم الغالِبون والعاقبة لكم، إن كنتُم مصدِّقين بالله ورسوله، متَّبعين شرعَه.



أما الآية (140) من سورة آل عمران: إن أصابَتكم - أيها المؤمنون - جراحٌ أو قتْل في غزوة "أحُد" فحَزنتم لذلك، فقد أصاب المشركين جراحٌ وقتل مثل ذلك في غزوة "بدر".



2 - En français:

(138) Voilà un exposé pour les gens, un guide, et une exhortation pour les pieux.

(139) Ne vous laissez pas battre, ne vous affligez pas alors que vous êtes les supérieurs, si vous êtes de vrais croyants.

Si une blessure vous atteint, pareille blessure atteint(140)

aussi l'ennemi , , ,.



3 – In english:

(138) This [Qur'an] is a clear statement to [all] the people and a guidance and instruction for those conscious of Allah.

(139)So do not weaken and do not grieve, and you will be superior if you are [true] believers.

(140) If a wound should touch you - there has already touched the [opposing] people a wound similar to it. And these days [of varying conditions] We alternate among the people so that Allah may make evident those who believe and [may] take to Himself from among you martyrs - and Allah does not like the wrongdoers.