شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 90 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #891  
قديم 20-10-2022, 05:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (لا تنبذوا في الدباء ... وكل مسكر حرام)

قوله:[ أخبرنا أبو داود ].هو سليمان بن سيف الحراني ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد بن سليمان ].
هو محمد بن سليمان بن أبي داود وهو صدوق أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا ابن زبر] .
هو عبد الله بن العلاء بن زبر ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن القاسم بن محمد ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق وهي واحدة ممن حفظ الله تعالى بهم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث وعت الكثير وحفظت الكثير، ولاسيما ما يتعلق في الأمور البيتية التي تكون في البيوت والتي تكون بين الرجل وأهل بيته، فإن الله تعالى حفظ بها السنن الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن أبيها وأمها والصحابة أجمعين.
حديث عائشة: (كل شراب أسكر فهو حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وقتيبة عن سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل شراب أسكر فهو حرام )، قال قتيبة : عن النبي صلى الله عليه وآله سلم ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: ( كل شراب أسكر فهو حرام )، وهي قضية عامة كالطرق السابقة التي مرت في حديث عائشة وغيرها من أن كل ما أسكر فهو حرام، فإطلاق اسم التحريم على كل مسكر.
قوله:[ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ وقتيبة ].
وقتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان ].
هو ابن عيينة المكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة عن عائشة ].
عن أبي سلمة عن عائشة وقد مر ذكرهما.
بيان دقة المحدثين في نقل الأحاديث النبوية

وقال في آخر الحديث: وقال قتيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، المقصود بذلك أن إسحاق بن إبراهيم عباراته عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما قتيبة فروايته عنه أنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: ما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يبين لنا دقة المحدثين في إثبات الروايات والألفاظ التي تأتي عن الرواة، ومن المعلوم أنه لا فرق بين قال وعن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا، لكن المقصود إثبات الواقع، وهو أن هذين الشيخين للنسائي لم يتفقا على إضافة عائشة الحديث، أو على صيغة إضافة عائشة الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم، بل إسحاق بن إبراهيم الذي هو الشيخ الأول والذي ساق النسائي الحديث على لفظه أو اللفظة أو السياق على لفظه: عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وأما قتيبة فقد قال عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا؛ لأن هذا عبر برسول وهذا عبر بالنبي، وهذا عبر بـ(قال)، وهذا عبر بـ(عن)، والنتيجة واحدة والمؤدى واحد، ولكن هذا يبين الدقة ومحافظتهم على الألفاظ.
حكم إطلاق لفظ السيد على النبي صلى الله عليه وسلم


وهذا يبين لنا ما ذكرته سابقاً من أن بعض الناس في هذا الزمان لا يأتي بكلمة رسول عليه الصلاة والسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم أو أي واحد من الصحابة إلا ويقول: سيدنا، قال سيدنا رسول الله، قال سيدنا فلان الصحابي، أي واحد من الصحابة لا يعبر إلا ويقول: سيدنا، لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا وسيد البشر، ولكن الصحابة ما كانوا يطلقون ذلك عليه باستمرار، ولهذا نجد الأحاديث تنتهي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيقول الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كذا، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا، أمر بكذا، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، ليس فيها قال سيدنا، بل إنهم يبينون اختلاف الألفاظ كما هنا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا جاء التعبير بالنبي ذكروه، وإذا جاء التعبير بالرسول ذكروه، وإذا جاء التعبير بـ(عن) ذكروه، وإذا جاء التعبير بقال ذكروه، فلو كانت سيدنا موجودة ما كانوا يحذفونها وهم يحافظون على كلمة رسول وكلمة نبي، ويأتون بالشخص الذي قال نبي والذي قال رسول، فلو كان هذا شغلهم وهذا ديدنهم ما كانوا يتركونه، ولكن هذا يبين لنا أن هذا منهجهم وطريقتهم، ويبتعدون عن كل شيء يؤدي إلى الغلو، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث، لما قيل: ( يا سيدنا ويا خيرنا، قال عليه الصلاة والسلام: قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
شرح حديث عائشة: (كل شراب أسكر حرام) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك ح وأخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن البتع، فقال: كل شراب أسكر حرام ) اللفظ لـسويد ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن البتع، فقال: كل شراب أسكر فهو حرام )، والبتع: هو شراب يتخذ من العسل، والرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن أمر خاص معين وأتى بحكم عام يدل على المحرم، ما كان متصفاً بهذا الوصف فهو حرام، وما لم يكن متصفاً بهذا الوصف فهو حلال، فسئل عن البتع، والرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يبين الحكم الشرعي فيما يحرم وما سواه هو حلال، قال: ( كل شراب أسكر فهو حرام )، سواء كان من هذا النوع أو غيره، وما لم يسكر فحكمه الحل.
فإذاً: الرسول عليه الصلاة والسلام يسأل بسؤال خاص، ثم يأتي بالحكم العام؛ ليبين أن الحكم هو معتبر بهذا الوصف الذي هو الإسكار: أن التحريم معتبر بهذا الوصف الذي هو الإسكار، الوصف الذي هو العلة التي حرم المسكر من أجلها، التي حرم من أجلها ذلك المشروب؛ لأنه متصف بالإسكار، فكان حراماً، وهذا من كمال بيانه وفصاحته وبلاغته عليه الصلاة والسلام، حيث يسأل عن الشيء المعين فيأتي بما هو أوسع منه، سواء باللفظ أو بأن أضيف لفظ آخر، مثلما سئل عن الوضوء من ماء البحر، فقال: ( هو الطهور ماءه الحل ميتته )، يعني: فأتى بالمسئول عنه، وأتى بزيادة عليه.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كل شراب أسكر حرام) من طريق ثانية

قوله:[ أخبرنا قتيبة عن مالك ].قتيبة مر ذكره، مالك هو: ابن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ح وأخبرنا سويد بن نصر ].
ثم قال: ح وهي للتحول من إسناد إلى إسناد، سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك وقد مر ذكرهما.
[ عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة ].
وقد مر ذكر الجميع.
[قال: اللفظ لـسويد ].
واللفظ لـسويد ؛ لأنه ذكر الحديث من طريقين، الطريق الأول فيه قتيبة ، والثاني فيه: سويد ، ثم بعدما فرغ من إيراد الحديث قال: اللفظ لـسويد ، يعني: أنه مسوق للشيخ الثاني، يعني: أن السياق واللفظ إنما هو على الشيخ الثاني الذي هو سويد بن نصر .
شرح حديث عائشة: (كل شراب أسكر فهو حرام) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن البتع، فقال: كل شراب أسكر فهو حرام ) والبتع من العسل ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثلما تقدم، إلا أن فيه قوله: والبتع من العسل، وهذا ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو مدرج بدليل أنه سيأتي في الباب الذي بعد هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( لما سئل عن أشربة تكون في اليمن هي البتع والمزر، فقال: ما البتع؟ قالوا: شراب يتخذ من العسل، قال: كل مسكر حرام )، يعني: معناه الرسول صلى الله عليه وسلم استفسر عن البتع هذا الذي يسألون عنه ما هو؟ فقالوا: إنه شراب يتخذ من العسل، فهذا يبين بأن هذا اللفظ ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: والبتع من العسل ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام بعض الرواة ليفسر البتع الذي جاء ذكره في الحديث؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف البتع، حتى سأل عنه وأخبر بأنه شراب يتخذونه من العسل، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعطى حكماً عاماً، فقال: كل مسكر حرام، يعني: معناه إذا كان يسكر فهو حرام، وإذا كان لا يسكر فهو حلال.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كل شراب أسكر فهو حرام) من طريق ثالثة

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن معمر ].معمر هو: ابن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
حديث عائشة: (كل شراب أسكر فهو حرام) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن ميمون حدثنا بشر بن السري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن البتع فقال: كل شراب أسكر فهو حرام ) والبتع: هو نبيذ العسل ].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثلما تقدم.
قوله:[ أخبرنا علي بن ميمون ].
علي بن ميمون هو: الرقي ، وقد مر ذكره.
[حدثنا بشر بن السري ].
ثقة، أخرج له أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ].
وقد مر ذكر الأربعة.
حديث أبي موسى الأشعري: (كل مسكر حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف وعبد الله بن الهيثم عن أبي داود عن شعبة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر حرام ) ].أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل مسكر حرام )، وهو مثلما جاء عن ابن عمر وعائشة وأبي هريرة ، كل هذه الألفاظ بهذا اللفظ الذي جاء بالمعوم جاء عن هؤلاء الصحابة الأربعة كما جاء في هذه الأحاديث نعم، والكلام فيه كالذي قبله.
قوله: [ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف ].
أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف ، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ وعبد الله بن الهيثم ].
عبد الله بن الهيثم ، وهو لا بأس به أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن أبي داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي بردة ].
هو سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
عن أبيه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن أبي موسى الأشعري : عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث أبي موسى الأشعري: (اشرب ولا تشرب مسكراً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علي حدثنا عبد الرحمن عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا ومعاذ رضي الله عنه إلى اليمن فقال معاذ : إنك تبعثنا إلى أرض كثير شراب أهلها، فما أشرب؟ قال: اشرب ولا تشرب مسكراً ) ].أورد النسائي حديث أبي موسى : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه هو ومعاذ إلى اليمن قال له معاذ : إنك تبعثنا إلى أرض كثير شرابها فما أشرب؟ قال: اشرب ولا تشرب مسكراً )، يعني: اشرب ما شئت، بشرط أن لا تشرب مسكراً، يعني: معناه أن الأصل في الأشربة هو الحل، حتى يوجد ما يمنع ذلك بوجود ذلك الوصف الذي يطرأ عليه، وهو الإسكار، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: اشرب، يعني: اشرب ما شئت، لكن بشرط أنك ما تشرب مسكر.
تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى الأشعري: (اشرب ولا تشرب مسكراً)

قوله:[ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علي].هو: أحمد بن عبد الله بن علي بن أبي المضاء المصيصي القاضي .
[حدثنا عبد الرحمن عن إسرائيل ].
عبد الرحمن هو: ابن مهدي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن إسرائيل ، وهو: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق ].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة عن أبيه ].
وهو: أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه أبي موسى وقد مر ذكرهما.
حديث أبي موسى الأشعري: (كل مسكر حرام) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا أبو داود حدثنا حريش بن سليم حدثنا طلحة اليامي عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر حرام ) ].أورد النسائي حديث أبي موسى من طريق أخرى، يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر حرام )، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا يحيى بن موسى البلخي ].
يحيى بن موسى البلخي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[حدثنا أبي داود ].
هو الطيالسي مر ذكره.
[ حدثنا حريش بن سليم ].
مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا طلحة اليامي ].
هو طلحة بن مصرف ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة عن أبيه ].
وقد مر ذكرهما.
شرح أثر عطاء بن أبي رباح: (كل مسكر حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا الأسود بن شيبان السدوسي سمعت عطاء سأله رجل فقال: إنا نركب أسفاراً، فتبرز لنا الأشربة في الأسواق لا ندري أوعيتها؟ فقال: كل مسكر حرام، فذهب يعيد، فقال: كل مسكر حرام، فذهب يعيد، فقال: هو ما أقول لك ].أورد النسائي هذا الأثر عن عطاء بن أبي رباح أنه سأله رجل، قال: إنا كنا نكون في السفر، فتبرز لنا الأشربة في الأسواق لا ندري أوعيتها، يعني: هل هذه الأوعية التي تكون فيها تكون غليظة فلا يتضح الإسكار فيها، أو تكون ليست كذلك، أي: خفيفة كالجلود؟ فقال: كل مسكر حرام، يعني: كل ما أسكر، سواء كان في أي وعاء، سواء كان غليظ أو خفيف، المهم أن وصف الإسكار هو الذي يكون معه التحريم، وإذا لم يوجد وصف الإسكار فإنه ينتهي ذلك الحكم الذي هو التحريم، ثم ذهب يعيد، يعني: أعاد السؤال، فقال له ما قال، ثم كرر عليه، قال: هو ما أقول لك؛ يعني الكلام واحد.
تراجم رجال إسناد أثر عطاء بن أبي رباح: (كل مسكر حرام)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا الأسود بن شيبان السدوسي ].الأسود بن شيبان السدوسي ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ سمعت عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أثر ابن سيرين: (كل مسكر حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هارون بن إبراهيم عن ابن سيرين أنه قال: كل مسكر حرام ].أورد الأثر عن ابن سيرين قال: كل مسكر حرام.
قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هارون بن إبراهيم ].
هارون بن إبراهيم وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن ابن سيرين ].
هو محمد بن سيرين البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر عمر بن عبد العزيز: (كل مسكر حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن عبد الملك بن الطفيل الجزري قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز : لا تشربوا من الطلاء حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، وكل مسكر حرام ].أورد النسائي الأثر عن عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، أنه قال: لا تشربوا من الطلاء إلا ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، وكل مسكر حرام، والطلاء هو شراب يكون غليظاً يعني: كالطلاء الذي تطلى به الإبل قيل له طلاء لأنه يشبه الطلاء في ثخونته وشدته وعدم لينه، فقال: لا تشربوا إلا ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، يعني: إذا طبخ وتبخر وذهب ثلثاه وبقي ثلثه اشربوه، ثم قال: وكل مسكر حرام على أي حالة كان وعلى أي وجه كان، وسيأتي للنسائي ترجمة ما يجوز من الطلاء وما لا يجوز، يعني: ما يحل من الطلاء وما لا يحل في التراجم الآتية.
الطلاء هو عصير يكون شديداً ثخيناً، يشبه الطلاء الذي تطلى به الإبل من الجرب الذي هو القطران، وأثر عمر رضي الله عنه أنه يطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه مع كثرة الطبخ.
وسيأتي آثار عديدة عن عمر بن الخطاب وغيره في هذا، وهي متفقة مع هذا الأثر الذي جاء عن عمر بن عبد العزيز .
تراجم رجال إسناد أثر عمر بن عبد العزيز: (كل مسكر حرام)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن عبد الملك بن الطفيل الجزري ].سويد عن عبد الله مر ذكرهما، عن عبد الملك بن الطفيل الجزري مقبول أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن عمر بن عبد العزيز ].
عمر بن عبد العزيز الخليفة، وهو أمير المؤمنين، وأحد الخلفاء المشهورين، وهو أحد الخلفاء الاثنا عشر الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة )، وهم الخلفاء الراشدون الأربعة، وثمانية من بني أمية أحدهم عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أثر عمر بن عبد العزيز: (كل مسكر حرام) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الصعق بن حزن أنه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة : كل مسكر حرام ].أورد النسائي الأثر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عدي بن أرطأة : كل مسكر حرام، وهو مثلما تقدم.
قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الصعق بن حزن ].
سويد عن عبد الله وقد مر ذكرهما، عن الصعق بن حزن ، وهو صدوق يهم أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود في المراسيل والنسائي .
[ عن عمر بن عبد العزيز ].
وقد مر ذكره.
حديث أبي موسى الأشعري: (كل مسكر حرام) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو داود حدثنا حريش بن سليم حدثنا طلحة بن مصرف عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( كل مسكر حرام ) ].أورد النسائي الحديث عن أبي موسى رضي الله عنه: ( كل مسكر حرام )، وهو مثلما تقدم.
قوله:[ أخبرنا عمرو بن علي ].
عمرو بن علي هو الفلاس ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي داود حدثنا حريش بن سليم ].
أبو داود حدثنا حريش بن سليم حدثنا طلحة بن مصرف ، وهو طلحة اليامي الذي مر هناك، طلحة اليامي ، وهنا طلحة بن مصرف وهو شخص واحد.
[ عن أبي بردة عن أبي موسى ].
وقد مر ذكرهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #892  
قديم 20-10-2022, 05:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(498)


- (باب تفسير البتع والمزر) إلى (باب النهي عن نبيذ الجر)



لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل وما يحرم، ومن جملة ما بينه البتع والمزر والجعة وهي أنواع من الشراب، وحذرنا من كل شراب مسكر سواء قليله أو كثيره، ودلنا على الأوعية التي لا يجوز الانتباذ بها.
تفسير البتع والمزر


شرح حديث: (... لا تشرب مسكراً فإني حرمت كل مسكر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [تفسير البتع والمزر.أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الأجلح حدثني أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله! إن بها أشربة، فما أشرب وما أدع؟ قال: وما هي؟ قلت: البتع والمزر، قال: وما البتع والمزر؟ قلت: أما البتع: فنبيذ العسل، وأما المزر فنبيذ الذرة، فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تشرب مسكراً، فإني حرمت كل مسكر )].
يقول النسائي رحمه الله: تفسير البتع والمزر.
البتع والمزر هما: اسمان لأشربة معروفة في اليمن، وقد جاء تفسيرها في كلام أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ( حيث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشربة في اليمن، وكان قد بعثه إلى اليمن، فقال: إن بها أشربة فما أشرب وما أدع، قال: وما هذه الأشربة، فذكر منها البتع والمزر، فقال: ما البتع وما المزر؟ فقال: أما البتع فهو نبيذ العسل، وأما المزر فهو، نبيذ الذرة، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تشرب مسكراً، فإني حرمت كل مسكر ).
هذا الحديث فيه تفسير البتع والمزر ببيان أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، لتلك الأسماء التي كانت في اليمن لتلك الأشربة المعينة، ولما سأل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأشربة التي منها البتع والمزر قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما البتع وما المزر؟) ففسر ذلك وبينه له على ما هو متعارف عليه ومعروف في اليمن، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشرب مسكراً، فإني حرمت كل مسكر).
ففي سؤاله صلى الله عليه وسلم عن البتع والمزر، دليل للقاعدة المشهورة التي يقولون فيها: الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن البتع والمزر، وهو لا يعلم ما البتع وما المزر، فبين اصطلاحهم به، وأن المقصود به: نبيذ العسل ونبيذ الذرة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل: هو حلال أو حرام، بل أناط الحكم بالإسكار، فما كان مسكراً منه ومن غيره فهو حرام، وما كان غير مسكر منه ومن غيره فهو حلال، فأعطى حكماً عاماً، وحداً فاصلاً، بما يحل وما يحرم، وهو أن ما أسكر، فإنه يحرم سواء كان من هذين النوعين أو من غيرهما، وما لم يسكر فإنه لا يحرم، سواء كان من هذين النوعين أو من غيرهما. ولهذا جاء في بعض الأحاديث التي سبق أن مرت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله هو أو معاذ قال: ( اشرب ولا تشرب مسكراً )، اشرب الحلال واترك الحرام، اشرب ما لا يسكر، واترك ما يسكر.
فإذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً سأل عن هذه الأسماء أو هذه المسميات المقصود بها، ولما بين له أنها أنبذة تكون من العسل ومن الذرة ما قال: هي حلال أو حرام؛ لأن منها ما يكون حلالاً حيث لم يصل إلى حد الإسكار، ومنها ما يكون حراماً حيث يصل إلى حد الإسكار، فالنبي صلى الله عليه وسلم أتى بالقاعدة العامة التي هي بيان التحريم لكل مسكر منها أو من غيرها، يعني: وما لم يسكر فإنه يكون حلالاً منها أو من غيرها.
ثم أيضاً في هذا الحديث أو في هذا التفسير، كون النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن البتع والمزر هذا مما يدل على أن ما جاء في بعض الروايات السابقة من أن الرسول سئل عن البتع فقال: (لا تشرب مسكراً) أو قال: (كل مسكر حرام)، وقال بعد ذلك: والبتع هو نبيذ العسل، يبين هذا -الذي جاء في هذا الحديث من السؤال عن معنى البتع والمزر- أن ما جاء في الأحاديث المتقدمة أنه مدرج، يعني: ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ما المراد بالبتع والمزر؟ فأخبر بأنه كذا وكذا.
إذاً: ما جاء في بعض الأحاديث المتقدمة من بيان البتع والمزر، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو مدرج في الحديث من كلام غيره؛ لأن هذا السؤال من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنه ما كان يعرف البتع والمزر، وإنما هي أسماء لأشياء في اليمن ومصطلحات اصطلحوا عليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم سأل عن المراد بها، ولما بين له لم يأت بجواب بالنفي ولا بالإثبات، وإنما أتى بحكم عام يبين فيه الحد الفاصل بين ما يحل وما يحرم، وأن ما يحرم هو كل مسكر، وما لم يصل إلى حد الإسكار فإنه يكون حلالاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (... لا تشرب مسكراً فإني حرمت كل مسكر)

قوله: [أخبرنا سويد].هو: سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو: ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأجلح].
وهو: ابن حجية الكندي مصغر، هو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[عن أبي بكر بن أبي موسى].
أبو بكر بن أبي موسى الأشعري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه هو: أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث أبي موسى: (كل مسكر حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان عن ابن فضيل عن الشيباني عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله! إن بها أشربة يقال لها: البتع والمزر، قال: وما البتع والمزر؟ قلت: شراب يكون من العسل، والمزر يكون من الشعير، قال: كل مسكر حرام)].أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه تفسير المزر بأنه من الشعير، والذي مر أنه من الذرة، فلا تنافي بين هذا وذاك، فيحمل على أن المزر يطلق على ما كان نبيذاً من هذا أو نبيذاً من هذا، يعني: ما كان من الذرة يقال له مزر، وما كان نبيذاً من الشعير يقال له: مزر.
تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى: (كل مسكر حرام)

قوله: [أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان].هو: محمد بن آدم بن سليمان الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن فضيل].
هو: محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشيباني].
هو: أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان الشيباني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بردة].
أبو بردة بن أبي موسى، وهو أخو أبي بكر المتقدم في الإسناد الذي قبل هذا، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبو موسى وقد مر ذكره.
شرح حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا نصر بن علي أخبرني أبي حدثنا إبراهيم بن نافع عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر آية الخمر، فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت المزر؟ قال: وما المزر؟ قال: حبة تصنع باليمن، فقال: تسكر؟ قال: نعم، قال: كل مسكر حرام)]. أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على المنبر وذكر آية الخمر وتحريم الخمر، فسأل رجل عن المزر، فقال عليه الصلاة والسلام: (وما المزر؟ قال: حبة تصنع في اليمن)، أي: شراب من حبة، يعني: من حبوب، وقد مر في الإسنادين السابقين أو الحديثين السابقين، أنها نبيذ الذرة أو نبيذ الشعير، فقال: (تسكر؟ قال: نعم، قال: كل مسكر حرام)، وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه، بيان أن هذا الذي سئل عنه هنا مسكر، وقد يكون في بعض أحواله لا يسكر في كونه لا يصل إلى حد الإسكار، ولكن الحد الفاصل هو الإسكار، فما وصل إلى حد الإسكار حرم، وما لم يكن مسكراً فإنه يكون حلالاً، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة بن الحصيب الذي أشرت إليه والذي سبق أن مر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية، ألا فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً)، يعني: انتبذوا، ولكن بشرط أنكم لا تشربون الذي وصل إلى حد الإسكار، وما لم يصل إلى حد الإسكار فإنه حلال لكم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام)

قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي].هو: أحمد بن علي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن نصر بن علي].
هو: نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو: علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم بن نافع].
إبراهيم بن نافع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس].
هو: عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن ابن عمر].
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وأنس، وجابر، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين.
شرح حديث ابن عباس: (وما أسكر فهو حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن أبي الجويرية قال: (سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وسئل فقيل له: أفتنا في الباذق؟ فقال: سبق محمد الباذق، وما أسكر فهو حرام)].أورد النسائي حديث ابن عباس أنه سئل عن الباذق، والباذق قيل هو: الطلاء الذي هو طبخ العصير حتى يتعقد، وقيل: إنه نبيذ العسل، وقيل عدة تفسيرات، وقيل: أصله باذه، وأنه فارسي معرب، وقيل: إن المراد به الخمر، وأن الباذق اسم من أسماء الخمر عند الفرس، فلما سئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الباذق قال: ( سبق محمد الباذق )، يعني: أنه أتى بالكلام الذي يستوعب كل ما جد، ويشمل كل ما جد مما لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشريعة تأتي بقواعد عامة، وبعمومات يندرج تحتها أشياء لم تكن معروفة في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: سبق محمد الباذق، يعني: أنه جاء عنه الكلام الذي يفصل في هذه الأشياء التي جاءت بأسمائها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى حكماً في ذلك: ( أن كل مسكر حرام )، يعني: أن ما أسكر منه فهو حرام، وما لم يسكر فإنه يكون حلالاً، وما أسكر فإنه يكون حراماً.
وهذا فيه: إشارة أو دلالة على عموم الشريعة، واتساعها واستيعابها لما يجد ويحدث من النوازل، وما يحصل من الأمور التي لم تكن معروفة من قبل، فإنه يمكن أن يعرف حكمها بواسطة القواعد الشرعية التي جاءت بها الشريعة، وكذلك بواسطة النصوص العامة التي يندرج تحتها ما كان غير معروف في زمنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشريعة جاءت لتكون صالحة لكل زمان ومكان، ولتستوعب ما يجد من الأحكام؛ من الأمور التي يحتاج إلى معرفة أحكامها، فإن الأشياء الجديدة والأشياء النازلة يجتهد فيها وتلحق بما جاءت به الشريعة، إما في قواعدها بأن تكون داخلة تحت القواعد، أو بالعمومات كما في هذا الحديث، حيث جاء هذا الكلام العام: (كل مسكر حرام) وما لم يسكر فإنه يكون حلالاً، أو بالقياس يعني: قياس شيء جديد على شيء عرف حكمه في الشرع، وقد جاء فيه نص خاص، فيلحق المثيل بالمثيل والشبيه بالشبيه.
الحاصل: أن هذا الحديث يدل على استيعاب الشريعة وشمولها وعمومها، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، وأن كل ما يجد من النوازل ومن الحوادث يمكن أن تعرف عن طريق النصوص العامة، وعن طريق القواعد الشرعية العامة، وعن طريق إلحاق الشبيه بالشبيه، والنظير بالنظير، وما إلى ذلك من الطرق التي تسلك لمعرفة ما يجد من النوازل لمعرفة أحكامها.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (وما أسكر فهو حرام)

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو: ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عوانة].
هو: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الجويرية].
وهو: حطان بن خفاف وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن ابن عباس].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين في كثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تحريم كل شراب أسكر كثيره


شرح حديث عبد الله بن عمرو: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [تحريم كل شراب أسكر كثيره.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى يعني: ابن سعيد عن عبيد الله حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)].
أورد النسائي هذه الترجمة: تحريم كل شراب أسكر كثيره، يعني: ما أسكر كثيره فإن قليله وإن لم يسكر يكون حراماً؛ لأن الحكم أنيط بالكثير، وأن ما كان كثيره يسكر، فإنه كله يكون حراماً من أوله إلى آخره قليله وكثيره، الكثير لأن به الإسكار، والقليل لأن به وسيلة الإسكار، ولأن الإسكار بالكثير إنما كان مبنياً على شرب ما قبله، يعني: من الشيء الذي لا يكون مسكراً، فإنه يكون بمجموع ذلك القليل وما أضيف إليه صار بإضافته كثيراً حصل به الإسكار، فإذاً: يكون كله من أوله إلى آخره حراماً.
وقد أورد النسائي عدة أحاديث كلها تدل على تحريم ذلك، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، من أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، ويدل على ذلك النصوص الكثيرة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم قليل ما أسكر كثيره، يعني: وإن لم يسكر ذلك القليل، وجاء عن بعض فقهاء الكوفة أنهم قالوا: بأن ما كان من عصير العنب وما كان متخداً من العنب فإن كثيره وقليله يكون حراما، وإن لم يسكر القليل، وأما ما كان من غير عصير العنب، وما كان متخذاً من غير العنب فالمسكر منه حرام، والقليل الذي لا يسكر يكون حلالاً، لكن هذه الأحاديث التي أوردها النسائي هنا في بيان أن (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، يدل على أن الحكم شامل لكل ما أسكر كثيره فيكون قليله حراماً، سواء كان من العنب، أو من غير العنب، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، وهذا نص في أن كل مسكر بالكثير فإنه حرام أي: قليله، فإنه يكون حراماً لا يجوز شربه وإن لم يسكر، ما دام أن الكثير منه يسكر فإن القليل يحرم شربه؛ لأنه وسيلة إلى المسكر، ولأن القليل إذا شرب وأضيف إليه شيء حصل الإسكار بمجموع الجميع، بمجموع المشروب الأول الذي هو الشربة الأولى، والثانية، والثالثة، فإذا حصل الإسكار بالثالثة معناه: أنها مبنية على الأولى والثانية، يعني: مضمومة إليها، فصار القليل إذا أضيف إليه شيء صار كثيراً، فصار الإسكار بمجموع هذا وهذا، ومن المعلوم أن الكثير يدخل فيه القليل، والكثير مبني على القليل، والقليل جزء من جزئيات الكثير.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)

قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو: أبو قدامة السرخسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى يعني: ابن سعيد].
يحيى يعني: ابن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمرو بن شعيب].
هو: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعمرو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو: شعيب بن محمد، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جده].
هو: عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث سعد بن أبي وقاص: (أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره) وتراجم رجال إسناده

قل المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا حميد بن مخلد حدثنا سعيد بن الحكم أخبرنا محمد بن جعفر حدثني الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو واضح في النهي عن تحريم قليل ما أسكر كثيره، وهو مثل حديث عبد الله بن عمرو المتقدم.
قوله: [أخبرنا حميد بن مخلد].
حميد بن مخلد، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا سعيد بن الحكم].
سعيد بن الحكم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا محمد بن جعفر].
هو: محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الضحاك بن عثمان].
الضحاك بن عثمان، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن بكير بن عبد الله بن الأشج].
بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد].
هو: عامر بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو: سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث سعد بن أبي وقاص: (نهى عن قليل ما أسكر كثيره) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار حدثنا الوليد بن كثير عن الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قليل ما أسكر كثيره)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار].
هو: محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الوليد بن كثير].
الوليد بن كثير، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عامر بن سعد عن أبيه].
وقد مر ذكر الأربعة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #893  
قديم 20-10-2022, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث أبي هريرة في النهي عن نبيذ الدباء

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد عن زيد بن واقد أخبرني خالد بن عبد الله بن حسين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم، فتحينت فطره بنبيذ صنعته له في دباء فجئته به، فقال: أدنه، فأدنيته منه، فإذا هو ينش، فقال: اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائماً، قال: (فتحينت فطره)، يعني: الوقت الذي يأتي وقت الإفطار حتى يقدم له شيء عند إفطاره، فصنع له نبيذاً، قال: (بنبيذٍ صنعته له في دباء)، يعني: في وعاء، وهو الذي سبق أن مر ذكره؛ أنهم يستخرجون اللب من الدباء، ويبقى الغلاف فييبس ويصير وعاء، فكانوا ينتبذون به، (فرآه النبي صلى الله عليه وسلم ينش)، معناه: يغلي بالزبد، فقال: (ارم به هذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر)، يعني: أنه مسكر، أو أن هذه علامة الإسكار، يعني: كونه يغلي، ويشتد، ويقذف بالزبد، يدل على علامة الإسكار، أو الدلالة التي يستدل بها على أنه مسكر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يرمي به عرض الحائط حتى يتلفه، وقال: (إن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر)، يعني: أنه حرام، وكثيراً ما يأتي في النصوص الجمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأساس، ويتبعه الإيمان بكل شيء يجب الإيمان به، واليوم الآخر ينص عليه بخصوصه؛ لأنه يوم الجزاء والحساب، وأن من يتذكر اليوم الآخر يستعد لذلك اليوم لأن يفعل المأمورات، وينتهي عن المنهيات، وهذا يأتي كثيراً في الكتاب والسنة؛ الجمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأساس، وهو الأصل في كل إيمان، وغيره تابع له؛ لأن تلك الأمور التي يؤمن بها، جاءت عن الله، وفي كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالإيمان بالملائكة والرسل واليوم الآخر والقدر.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في النهي عن نبيذ الدباء

قوله: [أخبرنا هشام بن عمار].هشام بن عمار، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن.
[حدثنا صدقة بن خالد].
صدقة بن خالد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن زيد بن واقد].
زيد بن واقد، وهو ثقة، أخرج حديثه كذلك البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرني خالد بن عبد الله بن حسين].
خالد بن عبد الله بن حسين، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي هريرة].
هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
[قال أبو عبد الرحمن: وفي هذا دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة وتحليلهم ما تقدمها؛ الذي يشرب في الفرق قبلها، ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون الأولى والثانية بعدها].
هذا الكلام من النسائي رحمه الله، بعد أن ذكر الأحاديث التي فيها تحريم القليل لما أسكر كثيره، يعني: هذا من فقهه، ولكنه قليل جداً، يعني: كون النسائي يأتي بشيء من الفقه، ويأتي بأشياء، واستنباطات من الأحاديث، وبيان أحكام، هذا قليل في عمله كما سبق أن مر بنا، أن هذا من أندر ما يكون أنه يتكلم على الأحاديث في بيان فقهها، وهنا بين أن هذا الحديث، أو هذه الأحاديث، فيها دليل على تحريم القليل مما أسكر كثيره، وكلامه فيه إشارة إلى أن الشربة الأخيرة لا يكون الإسكار منها وحدها، حتى يكون سبقها شرب لذلك الذي هو قليل، الذي يوصف بأنه قليل لا يسكر إذا ضم إليه شيء، فإنه بمجموع ذلك يحصل الإسكار؛ لأن الشربة الأخيرة لو جاءت وحدها هي مثل الأولى، يعني: ما يكون فيها الإسكار، إذا كان القليل لا يسكر، لكنها مضمومة إلى ما تقدمها، فيكون الإسكار حصل بمجموع الجميع، وإذا الإسكار حصل من المجموع؛ من ذلك القليل الذي ضم إليه شيء آخر، فصار بالأول والآخر كثيراً، فهذا فيه إشارة إلى وجه التحريم، والوجه الآخر هو ما أشرت إليه أن القليل وسيلة للكثير، أن من يشرب القليل وسيلة إلى أنه يشرب الكثير.
والجملة التي قالها: وليس كما يقول المخادعون لأنفسهم بتحريم آخر الشربة وتحليلهم ما تقدمها.
يعني: هذا إشارة إلى ما جاء عن بعض فقهاء الكوفة، من إباحة الشيء القليل من الشيء الذي يسكر كثيره إذا كان من غير عصير العنب، قال: المخادعون لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة وتحليلهم ما تقدمها؛ لأنه أول شربة ما تسكر، فهم يحلونها، ولكن هذه الشربة إذا ضم إليها شربة، فإنه بمجموع الشربتين يكون الإسكار والتحريم، وليس الإسكار من الشربة الأخيرة وحدها، بل منها ومما تقدمها مما وصف بأنه قليل؛ لأن الشيء إلى الشيء يكون حكمه حكمه، الشيء إذا ضم إلى الشيء يكون الحكم بالجميع، وليس بتفريق هذا وأن هذا لا يسكر وهذا يسكر؛ لأن هذا الذي يسكر ما جاء إلا لسبقه لاستعمال القليل الذي لا يسكر.
ثم قال: بتحليلهم ما تقدمها، الذي يشرب في الفرق قبلها.
هنا كلمة (الذي يشرب في الفرق قبلها)، يعني: مثلما قال المحشي في السنن الكبرى: يسري في العروق قبلها، معناه: الذي كان أول يسري في العروق، وليس المقصود بالفرق؛ لأن الفرق هو شيء كبير، وإنما هنا يشرب في الفرق مصحفة عن يسري في العروق، وموجود في السنن الكبرى بدل يشرب في الفرق يسري في العروق، فيكون تصحيفاً، وهذا هو الذي يناسب المقام؛ لأن الفرق وعاء كبير.
يقول: ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون الأولى والثانية بعدها؛ لأن هذا توضح للكلام المتقدم، يعني: الشربة الأخيرة لا يكون منها وحدها دون أن يكون مضموماً إلى ما تقدمها من الشربة الأولى والثانية مثلاً؛ لأن الواحدة بمفردها ما يحصل منها إسكار، والأخيرة بمفردها ما يحصل منها إسكار، لكن الشربة الأخيرة قليلة، لكنها صارت كثيرة بما تقدمها من الشربة الأولى والثانية.
إذاً: التحريم للجميع.

النهي عن نبيذ الجعة وهو شراب يتخذ من الشعير


شرح حديث علي: (نهاني النبي عن حلقة الذهب والقسي والميثرة والجعة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن نبيذ الجعة وهو شراب يتخذ من الشعير.أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا يحيى بن آدم حدثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن صعصعة بن صوحان عن علي رضي الله عنه -قال الناسخ: كرم الله وجهه- قال: (نهاني النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حلقة الذهب، والقسي، والميثرة، والجعة)].
أورد النسائي النهي عن نبيذ الجعة، وهو شراب يتخذ من الشعير، وأورد حديث علي رضي الله عنه، أنه قال: (نهاني عن حلقة الذهب) يعني: الخاتم، التختم بالذهب، و(والقسي)، وهو نوع من الألبسة من الحرير، (والمياثر)، وهي شيء يتخذ من الحرير يوضع تحت الراكب على الدابة، (والجعة)، وهي المقصود من إيراد الحديث في الترجمة، وهي كما فسرت أنها شراب، أو نبيذ يتخذ من الشعير.
تراجم رجال إسناد حديث علي: (النبي عن حلقة الذهب والقسي والميثرة والجعة)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].محمد بن عبد الله بن المبارك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن آدم].
يحيى بن آدم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمار بن رزيق].
عمار بن رزيق، وهو لا بأس به، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن.
[عن أبي إسحاق].
أبو إسحاق السبيعي، هو: عمرو بن عبد الله الهمداني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن صعصعة بن صوحان].
صعصعة بن صوحان، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن علي].
هو: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين، الهادين المهديين أبو السبطين الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم جميعاً وعن الصحابة أجمعين، وما ذكر من بعد ذكر علي كرم الله وجهه، هكذا كما قال ابن كثير عند تفسير قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، قال: إنه يأتي عند نساخ الكتب أنهم عندما يأتي ذكر علي يقولون: عليه السلام ويقولون: كرم الله وجهه، وهذا من عمل النساخ وليس من عمل المؤلفين، يعني: ليس هذا من كلام النسائي المؤلف للكتاب عندما جاء ذكر علي قال: كرم الله وجهه، أو الذي روى عنه قال: كرم الله وجهه، وإنما هذا من عمل بعض النساخ، وإلا فإن المتخذ المعمول به عند ذكر الصحابة والمشهور: أن الصحابة يترضى عنهم، وقد يترحم عليهم، كما أن المعروف والمشهور في حق التابعين ومن بعدهم، أن يترحم عليهم وقد يترضى عنهم، لكن صار الغالب في الاصطلاح الترضي عن الصحابة، وكلمة رضي الله عنه فيها دعاء بالرضا، وأما كرم الله وجهه، ففيها إشارة إلى أنه نشأ على الإسلام ولم يسجد لصنم، إخبار عن شيء قد وقع.
هذا دعاء، هناك ما في دعاء له، وإنما إخبار أن الله كرم وجهه عن أن يسجد لصنم؛ لأنه نشأ على الإسلام وولد في الإسلام، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صبي، وهو أول من آمن به من الصبيان.
فإذاً: الإتيان برضي عنه التي هي دعاء له كغيره من الصحابة هي الأولى، وأما كرم الله وجهه فليست دعاء، وإنما هي إخبار عن أنه نشأ على الإسلام، وأنه لم يسجد لصنم، كرم الله وجهه من أن يسجد لصنم؛ لأنه نشأ في الإسلام وهو صغير، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صبي، فآمن به، وهو أول من آمن به من الصبيان، فهذا الكلام هو من عمل النساخ، وليس من عمل المؤلفين والمصنفين، كما ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله، عند تفسير آية الأحزاب.
شرح حديث علي: (نهاني رسول الله عن الدباء والحنتم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا عبد الواحد عن إسماعيل وهو ابن سميع حدثني مالك بن عمير قال صعصعة لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه -قال الناسخ: كرم الله وجهه-: (إنهنا يا أمير المؤمنين عما نهاك عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء والحنتم)].ثم أورد النسائي حديث علي والمقصود من ذلك الانتباذ فيها، وهذا النهي كان في أول الأمر، ولكنه بعد ذلك نسخ كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي أشرت إليه.
تراجم رجال إسناد حديث علي: (نهاني رسول الله عن الدباء والحنتم)

قوله: [أخبرنا قتيبة].قتيبة مر ذكره.
[حدثنا عبد الواحد].
هو: عبد الواحد بن زياد العبدي، مولاهم البصري، وهو ثقة، وفي حديثه عن الأعمش وحده مقال، وأما عبد الواحد بن واصل سدوسي مولاهم، أبو عبيدة الحداد البصري نزيل بغداد، ثقة، تكلم فيه الأزدي بغير حجة، من التاسعة.
[عن إسماعيل وهو ابن سميع].
إسماعيل وهو ابن سميع السدوسي، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن مالك بن عمير].
مالك بن عمير، وهو مخضرم، ما ذكر حكمه أو الحكم عليه، ولكنه في التقريب ذكر أيضاً أنه عده يعقوب في الصحابة، وقال أبو زرعة: أنه حاله مجهولة، وما ذكر فيه كلام في بيان حاله، سوى هذا الكلام، وهو مخضرم، يعني: أنه أدرك الجاهلية وأدرك الإسلام، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم.
[عن صعصعة عن علي بن أبي طالب].
وقد مر ذكرهما.
ومن المعلوم أن ما جاء في الحديث قد جاء في الصحيحين وهو النهي عن الدباء والحنتم، ولكن الحكم الذي فيه نسخ، وهو النهي عن الانتباذ في الدباء والحنتم جاء نسخه في حديث بريدة بن الحصيب الذي ثبت في صحيح مسلم: ( كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكراً ).
ذكر ما كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه


شرح حديث: (أن النبي كان ينبذ له في تور من حجارة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر ما كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ينبذ له في تور من حجارة)].
أورد النسائي الترجمة: ذكر ما كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وسلم فيه، يعني: الوعاء الذي ينتبذ له فيه، وأورد حديث جابر: (أنه كان ينتبذ له في تور من حجارة)، يعني: منحوت في الحجارة، والحجارة يكون فيها النحت، وهذا يدل على ما دل عليه حديث بريدة بن الحصيب الناسخ؛ لأن الحجارة أو ما كان من الجرار الخضر أو الدباء، والنقير، والمزفت، وما إلى ذلك من الأشياء التي تكون غليظة، ولا يظهر الإسكار عليها، هذا يدل على أن الانتباذ يكون في تلك الأشياء الغليظة؛ لأنه من حجارة، وهو شيء غليظ، وشيء سميك، وشيء قوي وصلب.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان ينتبذ له في تور من حجارة)

قوله: [أخبرنا قتيبة.حدثنا أبي عوانة.
عن أبي الزبير].
هو: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي.
ذكر الأوعية التي نهي عن الانتباذ فيها دون ما سواها، مما لا تشتد أشربتها كاشتداده فيها


شرح حديث ابن عمر في النهي عن نبيذ الجر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الأوعية التي نهي عن الانتباذ فيها دون ما سواها، مما لا تشتد أشربتها كاشتداده فيها.باب النهي عن نبيد الجر مفرداً.
أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي عن طاوس أنه قال رجل لـابن عمر رضي الله عنهما: (أنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبيذ الجر؟ قال: نعم)، قال طاوس: والله إني سمعته منه].
أورد النسائي ترجمة عامة، ثم بعدها ذكر تراجم خاصة تندرج تحتها، فأتى بذكر الأوعية التي نهي عن الانتباذ فيها لاشتداده.
قال: ذكر الأوعية التي نهي عن الانتباذ فيها دون ما سواها مما لا تشتد أشربتها.
يعني: أنه جاء تحريم الانتباذ في أوعية معينة، بحيث يكون في غلافها صلابة وقوة، يمكن أن يحصل الإسكار، ولا يظهر على غلافها من الخارج.
دون ما سواها مما لا يشتد كاشتدادها، بمعنى: أنه لو اشتد فيها يمكن أن يظهر على غلافها من الخارج كالجلود؛ لأنه إذا حصل في داخلها شيء اشتد ووصل إلى حد الإسكار يتبين على ظهر الجلد، فهذا الكلام أو هذه الأبواب كما علمنا نسخ بحديث بريدة بن الحصيب الذي كان النهي في أول الأمر ثم بعد ذلك أبيح، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
ثم أتى بترجمة خاصة، وهي النهي عن نبيذ الجر مفرداً، والجر المقصود به: الجرة أو الجرار التي تتخذ من الفخار، وهو الذي أحمي في النار، وتطلى ويأتي ببعض الأحاديث الجرار الخضر يعني: الحنتم أنه جرار خضر، قالوا: لأنها تطلى بشيء أخضر، فيكون ذلك مما يسارع الإسكار بسبب هذا الطلاء الذي طليت به وهو الأخضر، أورد النسائي حديث ابن عمر: قال رجل لـابن عمر: (أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر؟ قال: نعم).
قال رجل لـابن عمر: (أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر؟ قال: نعم)، وهذا يدل على تحريمه، ولكنه كان في أول الأمر ثم نسخ، قال طاوس: والله إني سمعته منه يعني: من ابن عمر، وهذا تأكيد الكلام، وتأكيد السماع للحديث، حيث أقسم على ذلك، وهو لو لم يقسم يكون كافياً، لكن إقسامه زيادة في التأكيد وزيادة في التثبت.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في النهي عن نبيذ الجر

قوله: [أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله عن سليمان التيمي].سويد بن نصر عن عبد الله، قد مر ذكرهما.
وسليمان التيمي، هو: سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.
حديث ابن عمر في النهي عن نبيذ الجر من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن زيد بن يزيد بن أبي الزرقاء حدثني أبي حدثنا شعبة عن سليمان التيمي وإبراهيم بن ميسرة قالا: سمعنا طاوساً يقول: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( أنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبيذ الجر؟ قال: نعم ) زاد إبراهيم في حديثه: ( والدباء )].أورد النسائي حديث ابن عمر وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا هارون بن زيد بن يزيد بن أبي الزرقاء].
هو: هارون بن زيد بن يزيد بن أبي الزرقاء، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا شعبة].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان التيمي].
سليمان التيمي مر ذكره.
[وإبراهيم بن ميسرة].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعنا طاوس عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.
حديث ابن عباس: (نهى رسول الله عن نبيذ الجر) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد حدثنا عبد الله عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أنه قال ابن عباس رضي الله عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبيذ الجر)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا سويد عن عبد الله عن عيينة بن عبد الرحمن].
هو: عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[عن أبيه].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
شرح حديث ابن عمر: (نهى رسول الله عن الحنتم ...) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن الحسين حدثنا أمية عن شعبة عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتم، قلت: وما الحنتم؟ قال: الجر)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، أن النبي نهى عن الحنتم، وسئل عن الحنتم ما هو؟ قال: الجر، وهي: جرار تصنع من الفخار أو تتخذ من الفخار.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (نهى رسول الله عن الحنتم ...) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا علي بن الحسين].هو: علي بن الحسين الدرهمي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا أمية].
هو: أمية بن خالد، أخو هدبة بن خالد، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن جبلة بن سحيم].
جبلة بن سحيم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
حديث عبد الله بن الزبير في النهي عن نبيذ الجر وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن أبي مسلمة سمعت عبد العزيز يعني: ابن أسيد الطاحي بصري (يقول: سئل ابن الزبير رضي الله عنهما عن نبيذ الجر؟ قال: نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)].أورد النسائي حديث عبد الله بن الزبير، وهو مثل حديث ابن عمر، وابن عباس المتقدمين.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].
هو: محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
وهو: ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن أبي مسلمة].
شعبة وقد مر ذكره
[عن أبي مسلمة].
وهو: سعيد بن يزيد الأزدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عبد العزيز يعني: ابن أسيد الطاحي].
وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن ابن الزبير].
هو: عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث ابن عمر في النهي عن نبيذ الجر من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن هشام بن أبي عبد الله عن أيوب عن سعيد بن جبير أنه قال: (سألنا ابن عمر رضي الله عنهما عن نبيذ الجر؟ فقال: حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيت ابن عباس فقلت: سمعت اليوم شيئاً عجبت منه، قال: ما هو؟ قلت: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن نبيذ الجر فقال: حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: صدق ابن عمر، قلت: ما الجر؟ قال: كل شيء من مدر)].أورد النسائي حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف].
وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وقد سبق أن مر في الدرس الماضي الرجل هذا، وجاء ذكر أحمد بن عبد الله بن علي بعده.
وقلنا: هل هو هذا أو المصيصي ؟ وبالرجوع إلى ترجمة المصيصي ذكر الحافظ ابن حجر: أنه لم ينقل أن المزي ذكر أنه من شيوخه من شيوخ النسائي وقال: لم نقف على روايته عنه، يعني: مما يبين أن المقصود بـأحمد بن عبد الله بن علي أنه هو المتقدم الذي هو المنجوفي، وعلى هذا فيكون هذا الذي لم يذكر نسبه كاملاً، وقيل: أحمد بن عبد الله بن علي يكون هو المنجوفي وليس المصيصي؛ لأن المصيصي يقول الحافظ ابن حجر: ذكره ابن عساكر في الشيوخ النبل، قال: ولم نقف على روايته عنه.
[حدثنا عبد الرحمن بن مهدي].
عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن أبي عبد الله].
هو: هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو: أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
سعيد بن جبير، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر وابن عباس].
وقد مر ذكرهما.
حديث ابن عمر في النهي عن نبيذ الجر من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن زرارة أخبرنا إسماعيل عن أيوب عن رجل عن سعيد بن جبير أنه قال: (كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما فسئل عن نبيذ الجر؟ فقال: حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشق علي لما سمعته، فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: إن ابن عمر سئل عن شيء، فجعلت أعظمه، قال: ما هو؟ قلت: سئل عن نبيذ الجر، فقال: صدق، حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قلت: وما الجر؟ قال: كل شيء صنع من مدر)]. أورد النسائي حديث ابن عمر، وابن عباس، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن زرارة].
عمرو بن زرارة، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[أخبرنا إسماعيل].
وهو: ابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو: أيوب بن أبي تميمة.
[عن رجل].
يقول ابن حجر: كأنه يعلى بن حكيم.
هو: يعلى بن حكيم الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب، إلا الترمذي.
كأنه احتمال، يعني: قال: كأنه، يدل على أنه غير جازم.

[عن سعيد عن ابن عمر وابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #894  
قديم 20-10-2022, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(499)

- (باب الجر الأخضر) إلى (باب النهي عن نبيذ الدباء والحنتم والمزفت)




رخص الشرع في الانتباذ في الجر الأخضر بشرط عدم الإسكار، ونهى عن الانتباذ في الدباء، والمزفت، والنقير، وكان هذا في أول الأمر ثم نسخ ذلك وأباح الشراب بأي شيء ما لم يسكر.

الجر الأخضر


شرح حديث: (نهى رسول الله عن نبيذ الجر الأخضر ..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجر الأخضر.أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن الشيباني سمعت ابن أبي أوفى يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبيذ الجر الأخضر، قلت: فالأبيض؟ قال: لا أدري)].
يقول النسائي رحمه الله: الجر الأخضر، لأن الترجمة السابقة التي هي ترجمة عامة ذكر أوعية الجراء يعني: ذكر النهي عن الانتباذ بها، لكونها يشتد فيها ما لا يشتد في غيرها من الأوعية، ثم بعد ذلك أتى بتراجم فرعية تندرج تحت تلك الترجمة العامة، ومر بعض التراجم وهذه منها، الجر الأخضر، والجر: المقصود به الجرار الخضر، والجرار هي: التي اتخذت من الطين الذي أحمي في النار الذي هو الفخار، وكانوا يطلونها بطلاء أخضر، فلهذا يقال لها، الجر الأخضر أو الجرار الخضر أي: التي تطلى باللون الأخضر، وهي معروفة، وموجودة في ذلك الوقت.
والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فيها في أول الأمر، ولكنه رخص في ذلك فيما بعد بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً، أي: أنه جاء النهي أولاً عن الانتباذ في نوع من الأوعية التي تكون غليظةً سميكةً، وقويةً ويمكن أن يحصل الإسكار في داخلها دون أن يظهر على الغلاف لسماكته، وصلابته وقوته، بخلاف الأسقية التي هي متخذة من الجلود، فإنه إذا حصل التغير في داخلها ظهر على الغلاف من الخارج أثره، فكانوا نهوا عن ذلك أولاً، أي: الانتباذ في أوعية منها الجرار الخضر، ثم بعد ذلك رخص لهم بأن ينتبذوا في كل وعاء، لكن بشرط أن لا يشربوا مسكراً، يعني: هذا الذي انتبذوه لم يصل إلى حد الإسكار، فإن وصل إلى حد الإسكار، حرم استعماله لأنه صار خمراً، ولأنه ألحق بالخمر الذي هو النبيذ المسكر.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر الأخضر)، فـعبد الله بن أبي أوفى أخبر بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجر الأخضر، أي: الذي طلي باللون الأخضر، وكان التقييد به؛ لأنه كان معلوماً معهوداً، فلما قال عبد الله بن أبي أوفى هذه المقالة التي يضيفها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي: النهي عن الجر الأخضر، قيل له: (فالجر الأبيض؟ قال: لا أدري) هنا قال: (لا أدري) وفي صحيح البخاري قال: (لا)، يعني: بدون (أدري)، معناه: لا، ما جاء نهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيكون قوله: (أدري) مخالف لما جاء في رواية البخاري التي هي قوله: (لا)، ومن المعلوم أن (لا) تختلف عن (لا أدري)، لأن (لا)، يعني: إخبار بأنه ما نهى، يعني: ما يعرف عنه نهياً، وأما قوله: (لا أدري) فإنه إخبار بعدم علمه.
وعلى كل حال الحكم الذي استقر هو: أن الانتباذ في الجرار مطلقاً على أي حالة كانت، ومن أي شيء صنعت، فإن ذلك سائغ، ولكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً؛ لأن الانتباذ في الأوعية التي جاء النهي عنها مثل الجرار الخضر وغيرها مما ورد إنما كان في أول الأمر، ثم بعد ذلك نسخ بإباحة الانتباذ في أي وعاء، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله عن نبيذ الجر والأخضر ...)

قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].هو: محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود.
[حدثنا أبو داود].
هو: سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[حدثنا شعبة].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الشيباني].
وهو: سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن أبي أوفى].
هو: عبد الله بن أبي أوفى صحابي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (نهى رسول الله عن نبيذ الجر الأخضر ...) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا أبو عبد الرحمن أخبرني محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا أبو إسحاق الشيباني سمعت ابن أبي أوفى رضي الله عنه يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض)].أورد النسائي حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله إلا أنه يختلف عنه في التنصيص على أن النهي يكون في الجر الأبيض كما أنه للجر الأخضر، وهو يخالف الرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة يقول: قال: (لا)؛ لأن النهي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا، وذاك ما جاء عنه النهي، وأما هنا فيه أن النهي جاء عن هذا وهذا، والشيخ الألباني ذكر أن هذه مدرجة، يعني: كلمة (الأبيض) هذه مدرجة، وإنما المحفوظ والشيء الثابت هو (الأخضر)، وهي الحنتم التي جاء ذكرها في بعض الروايات وهي (الجرار الخضر)، كانوا يستعملونها للانتباذ.
وعلى كل حال فالانتباذ كما ذكرت في الجرار الخضر وغير الخضر وفي كل وعاء انتهى حكمه؛ لأنه كان ممنوعاً في أول الأمر ثم بعد ذلك نسخ في جواز الانتباذ في أي وعاء، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
تراجم رجال إسناد: (نهى رسول الله عن نبيذ الجر الأخضر ...) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا أبو عبد الرحمن أخبرني محمد بن منصور].هو: محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
هو: ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو إسحاق سمعت ابن أبي أوفى].
وقد مر ذكرهما.
شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن نبيذ الحنتم والدباء والمزفت والنقير)

قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي رجاء أنه قال: (سألت الحسن عن نبيذ الجر: أحرام هو؟ قال: حرام، قد حدثنا من لم يكذب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الحنتم والدباء والمزفت والنقير)]. أورد النسائي الحديث عن الحسن البصري رحمة الله عليه (أنه سأله أبو رجاء عن نبيذ الجر؟ فقال: حرام، حدثنا من لا يكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن نبيذ الحنتم، والدباء، والمزفت، والنقير).
والحنتم هو: الجر؛ لأن الترجمة هي السؤال عن الجر، والجواب جاء فيه الحنتم، والحنتم هو الجر، وقيل: إنها جرار خضر كانوا يستعملونها للانتباذ.
وعلى هذا فيكون الحسن ذكر الحديث وأسنده إلى من لم يكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [أنه نهى عن الانتباذ في أوعية منها الحنتم]، (الحنتم) هي: جرار خضر كانوا ينتبذون بها، (والمزفت) ما طلي بالزفت، (والنقير) هي: ما حفر أو اتخذ من جذوع النخل، بحيث اتخذ وسطه وبقي الجوانب غلافاً ووعاء ينتبذ به.
قوله: (والدباء) هو القرع الذي استخرج لبه، وبقي غلافه، وقشرته حتى يبست، وصارت وعاءً ينتبذ به، وقد مر هذا مراراً وتكراراً، وهذا نسخ؛ لأن ذلك جاء في حديث وفد عبد القيس، الذين جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام بعدما هاجر إلى المدينة، وقالوا: (إنهم لا يصلون إليه إلا بشهر حرام، وطلبوا منه أن يأمرهم بأمر يعملون به، ويبلغونه من وراءهم، فأمرهم ونهاهم، وكان مما نهاهم عنه الانتباذ في هذه الأوعية)، وبعد ذلك نسخ في حديث بريدة بن الحصيب الذي أخرجه مسلم، وسيأتي عند النسائي.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى عن نبيذ الحنتم والدباء والمزفت والنقير)

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].محمد بن بشار، هو الملقب بـبندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد].
وهو: ابن جعفر البصري الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن أبي رجاء].
وهو: محمد بن سيف، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن الحسن].
هو: الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عمن لم يكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم].
يعني: ولم يسم هذا الذي روى عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء هذا عن ابن عباس وجاء عن غيره.
النهي عن نبيذ الدباء


شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن الدباء)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن نبيذ الدباء.أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء)].
أورد النسائي الترجمة: النهي عن نبيذ الدباء، والدباء كما قلنا: هو القرع، الذي اتخذ لبه، وبقي غلافه وقشرته، حتى يبس وصار وعاءً ينتبذ به وأورد فيه حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء) أي: نبيذ الدباء أو الانتباذ في الدباء، يعني: هذا المقصود بالنهي، وإلا فإن الدباء الذي هو القرع مما أحله الله، وكان عليه الصلاة والسلام يحبه، وقد جاء عن أنس كما ثبت في الصحيح: (أنه أكل معه طعاماً فيه دباء، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمد يده إلى القطع التي من الدباء في وسط الإناء، فلما رآه أنس يتناوله ويحرص عليه جعل يأخذه ويلقيه بجانبه) أي: في جانب النبي صلى الله عليه وسلم، فالتحريم هو للانتباذ.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى عن الدباء)

قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن إبراهيم بن ميسرة].مر ذكر الثلاثة الأول، وإبراهيم بن ميسرة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، وهم من أبناء الصحابة، صحابة أبناء صحابة، وهو أيضاً، أي: ابن عمر أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث: (أن رسول الله نهى عن الدباء) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا جعفر بن مسافر حدثنا يحيى بن حسان حدثنا وهيب حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا جعفر بن مسافر].
جعفر بن مسافر، صدوق يخطئ، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن حسان].
يحيى بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[حدثنا وهيب].
وهيب بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن طاوس].
هو: عبد الله بن طاوس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.
النهي عن نبيذ الدباء والمزفت


شرح حديث عائشة: (نهى رسول الله عن الدباء والمزفت)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن نبيذ الدباء والمزفت.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان عن منصور وحماد وسليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء، والمزفت)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: النهي عن نبيذ الدباء والمزفت. أي: الذي انتبذ في أوعية هي الدباء التي تتخذ من الدباء، والذي طلي بالزفت، وقد أورد النسائي هذه الترجمة التي ذكر فيها الدباء والمزفت، أو جمع فيها بين الدباء والمزفت، والترجمة السابقة الدباء فقط، وسر التفريق بينهما: أن الترجمة السابقة أحاديث أو بعض الطرق جاء فيها ذكر الدباء وحده، وهذه الطرق جاء فيها ذكر الدباء والمزفت مع بعض، فأورد الترجمة التي هي مطابقة لما ورد في الحديث التي فيها الجمع بين اثنين. والمقصود أن كل واحد منهما إذا انتبذ به فذلك لا يسوغ ولا يجوز، وهذا كله كان في أول الأمر كما ذكرت، وفي آخر الأمر نسخ بحديث بريدة بن الحصيب الذي أشرت إليه مراراً.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (نهى رسول الله عن الدباء والمزفت)

قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو: محمد بن المثنى أبو موسى العنزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو: يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو: منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحماد].
هو: حماد بن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وسليمان].
هو: الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي: أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #895  
قديم 20-10-2022, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

حديث علي: (أن النبي نهى عن الدباء والمزفت) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن سفيان عن سليمان عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي كرم الله وجهه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه نهى عن الدباء والمزفت)].أورد النسائي حديث علي رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله: الجمع بين النهي عن الدباء والمزفت.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن سفيان عن سليمان عن إبراهيم التيمي].
مر ذكر الأول.
وأما إبراهيم التيمي فهو أيضاً إبراهيم بن يزيد، وهو مثل ذاك إبراهيم بن يزيد النخعي وهذا إبراهيم بن يزيد التيمي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
فعندنا شخصان إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه، وإبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، فإبراهيم التيمي ثقة، عابد، يرسل ويدلس، وإبراهيم النخعي، هو ثقة، فقيه.
[عن الحارث بن سويد].
وهو: التيمي أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي].
هو: علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء، الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حديث عبد الرحمن بن يعمر: (أن النبي نهى عن الدباء والمزفت) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن أبان حدثنا شبابة بن سوار حدثنا شعبة عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه نهى عن الدباء والمزفت)].أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله؛ جمع بين النهي عن الدباء والمزفت.
قوله: [أخبرنا محمد بن أبان].
محمد بن أبان، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن.
[حدثنا شبابة بن سوار].
شبابة بن سوار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة عن بكير بن عطاء].
شعبة مر ذكره، بكير بن عطاء، هو ثقة أخرج له أصحاب السنن.
[وعبد الرحمن بن يعمر].
صحابي أخرج له أصحاب السنن.
حديث أنس: (أن رسول الله نهى عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيهما) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه أخبره: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيهما)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو: الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث أبي هريرة: (نهى رسول الله عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيهما) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا الزهري أخبرني أبو سلمة أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيهما)].أورد النسائي حديث أبي هريرة، وهو مثل حديث أنس بن مالك الذي قبله.
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور عن سفيان حدثنا الزهري أخبرني أبو سلمة].
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع أبا هريرة].
هو: أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
حديث ابن عمر: (أن رسول الله نهى عن المزفت والقرع) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المزفت والقرع)].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي نهى عن المزفت والقرع) والقرع: هو الدباء، ذكره باسمه الآخر.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
عبيد الله بن سعيد، هو: أبو قدامة السرخسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى عن عبيد الله].
يحيى هو: القطان، وعبيد الله هو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني نافع مولى ابن عمر].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكره.
الحكم بالتواتر على النهي عن النبيذ في الدباء والمزفت والحنتم والنقير

مداخلة: هل ممكن أن يقال: أن حديث النهي عن النبيذ في الدباء، والمزفت، والحنتم، والنقير متواتر؟الشيخ: أنا لا أدري عن قضية كثرة الطرق، لأنه جاء عن ابن عمر، وأبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وعبد الرحمن بن يعمر، في ذكر الجر، والعلماء يقولون أن التواتر هو: أن يرويه جمع تستحيل العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب، رووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء، وتحديده بشيء قليل، يعني: بعض العلماء كان يحدد بالخمسة، وبعضهم يحدد بأكثر من ذلك، لكن المشهور هو العدد الكثير الذي يستحيل العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب.
ذكر النهي عن نبيذ الدباء والحنتم والنقير


شرح حديث ابن عمر: (أن رسول الله نهى عن الدباء والحنتم والنقير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر النهي عن نبيذ الدباء والحنتم والنقير.أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم بن فروة يقال له: ابن كردي بصري، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الخالق الشيباني قال: سمعت سعيداً يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء، والحنتم، والنقير)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: النهي عن الانتباذ في الدباء، والحنتم، والنقير، وأنه ذكر هذه الثلاثة لأنه جاء أحاديث تجمع بين هذه الثلاثة، مثلما أن الترجمة السابقة أحاديث فيها الجمع بين الاثنين، وهما الدباء، والمزفت، هنا أحاديث فيها ذكر ثلاثة أو الانتباذ في ثلاثة، وهي: الحنتم ،والنقير، والدباء.
الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير).
يعني: هو عن الدباء، والحنتم، والنقير، والحنتم: هي الجرار الخضر التي كانوا ينتبذون بها، وقد سبقت الإشارة إليها.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (أن رسول الله نهى عن الدباء والحنتم والنقير)

قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم بن فروة يقال له ابن كردي].وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة].
مر ذكرهما.
[عن عبد الخالق الشيباني].
عبد الخالق بن سلمة الشيباني وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[سمعت سعيداً].
وهو: ابن المسيب، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
شرح حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله عن الشرب في الحنتم والدباء والنقير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن المثنى بن سعيد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب في الحنتم، والدباء، والنقير)].وهذا مثل الذي قبله، (نهى رسول الله عن الشرب) يعني: شرب ما ينتبذ في الدباء، والحنتم، والنقير؛ لأن مقصود (الشرب) يعني: شرب ما ينتبذ، وليس المقصود (بالشرب) الذي يشرب فيها يعني: إذا كانت أواني صغيرة وشرب بها الإنسان، لا مانع لو كان فيها ماء، وإنما الأحاديث هي جاءت في الانتباذ، فالشرب هو شرب ما ينتبذ، وليس الشرب أي شراب كالماء.
تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله عن الشرب في الحنتم والدباء والنقير)

قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو: سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله]
هو: ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المثنى بن سعيد].
المثنى بن سعيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي المتوكل].
أبو المتوكل الناجي وهو: علي بن داود، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري].
وهو: سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
النهي عن نبيذ الدباء والحنتم والمزفت


حديث ابن عمر: (نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والمزفت) وتراجم رجال وإسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن نبيذ الدباء والحنتم والمزفت.أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن شعبة عن محارب قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء والحنتم والمزفت)].
أورد النسائي ترجمةً أخرى تشتمل على ثلاثة أشياء، وهي: الدباء، والحنتم، والمزفت، ووجه ذلك: أنه جاء في بعض الأحاديث ذكر الجمع بين هذه الثلاثة، فأورد الأحاديث التي جاءت فيها كالترجمة التي قبلها.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن شعبة عن محارب].
محارب هو: ابن دثار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن عمر].
ابن عمر، وقد مر ذكره.
حديث أبي هريرة: (نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي حدثني يحيى حدثني أبو سلمة حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الجرار والدباء والظروف المزفتة)].أورد النسائي حديث أبي هريرة وهو مثل الذي قبله: الجرار هي الحنتم، ومقصودي أنها المقصودة بالحنتم.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي].
الأوزاعي، هو: أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يحيى].
هو: يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو سلمة].
وهو ابن عبد الرحمن بن عوف، وقد مر ذكره.
[حدثني أبو هريرة].
أبو هريرة، وقد مر ذكره.
شرح حديث عائشة: (سمعت رسول الله ينهى عن شراب صنع في دباء أو حنتم أو مزفت ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن عون بن صالح البارقي عن زينب بنت نصر وجميلة بنت عباد أنهما سمعتا عائشة رضي الله عنها قالت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن شراب صنع في دباء أو حنتم أو مزفت لا يكون زيتاً أو خلاً)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مشتمل على الثلاثة (أن النبي نهى عن شراب انتبذ في: دباء أو حنتم أو مزفت لا يكون زيتاً أو خلاً)، يعني: إذا كان زيتاً أو خلاً فإنه بخلاف ذلك، ولكن الأمر كما ذكرت هو أن كل ما جاء في هذه الأحاديث من النهي عن تلك الأوعية قد نسخ بما جاء في حديث بريدة بن الحصيب: (كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية ألا فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً).
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (سمعت رسول الله ينهى عن شراب صنع في دباء أو حنتم أو مزفت ...)

قوله: [أخبرنا سويد عن عبد الله عن عون بن صالح البارقي].عون بن صالح البارقي، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي.
[عن زينب بنت نصر].
زينب بنت نصر، وهي مجهولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[وجميلة بنت عباد].

جميلة بنت عباد، وهي أيضاً مجهولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[عن عائشة].
عائشة أم المؤمنين، وقد مر ذكرها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #896  
قديم 20-10-2022, 05:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(500)


- (باب النهي عن نبيذ الدباء والنقير والمقير والحنتم) إلى (باب الإذن في الجر خاصة)



نهى الشرع الحكيم عن الانتباذ في الأوعية المتخذة من الدباء والمزفت والنقير والحنتم في أول الأمر، ثم أذن في ذلك بشرط عدم الإسكار.

ذكر النهي عن نبيذ الدباء والنقير والمقير والحنتم


شرح حديث أبي هريرة: (أن رسول الله نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر النهي عن نبيذ الدباء والنقير والمقير والحنتم.أخبرنا قريش بن عبد الرحمن أخبرنا علي بن الحسن أنبأنا الحسين حدثني محمد بن زياد سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت ) ].
يقول النسائي رحمه الله: ذكر النهي عن نبيذ الدباء والنقير والمقير والحنتم.
هذه الترجمة ذكر فيها النسائي رحمه الله هذه الأمور الأربعة؛ لأنه ورد في بعض الأحاديث ذكر هذه الأربعة مجتمعة، وقد سبق أن مرت، والمقير هو المزفت الذي سبق أن مر في الروايات السابقة. وأورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت ).
ذكر الأربعة وقد مرت في الأحاديث السابقة المتفرقة، وهنا جاءت مجتمعة، والترجمة فيها المقير، والحديث فيه المزفت وهما بمعنى واحد؛ لأن المقير هو المزفت.
وقد سبق أن مر في الأحاديث الماضية أن الدباء هو القرع الذي يستخرج لبه ويبقى قشره، ويترك حتى ييبس، ثم يتخذ وعاء، والحنتم هي جرار خضر كانوا ينتبذون بها، وهي مصنوعة من الطين المحمى عليه بالنار الذي هو الفخار، ثم النقير هو جذوع النخل عندما ينقر وسطها ويبقى جوانبها، فينتبذون فيه إذ هو وعاء من الأوعية، والمزفت هو الذي طلي بالزفت أو القار الذي هو المقير.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (أن رسول الله نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت)


قوله: [أخبرنا قريش بن عبد الرحمن].قريش بن عبد الرحمن لا بأس به، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أخبرنا علي بن الحسن] .
هو: علي بن الحسن بن شقيق وهو ثقة، أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا الحسين] .
هو: الحسين بن واقد وهو ثقة، له أوهام أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني محمد بن زياد ].
محمد بن زياد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبا هريرة ].
هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
شرح حديث عائشة: (... فنهى النبي أن ينبذوا في الدباء والنقير والمقير والحنتم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن القاسم بن الفضل حدثنا ثمامة بن حزن القشيري قال: ( لقيت عائشة رضي الله عنها فسألتها عن النبيذ، فقالت: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألوه فيما ينبذون؟ فنهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينبذوا في الدباء والنقير والمقير والحنتم ) ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه ذكر هذه الأربعة، إلا أن فيه ذكر المقير بدل المزفت وهما بمعنى واحد، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن النبيذ أخبرت بأن وفد عبد القيس لما وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك في أول الهجرة يعني: بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، جاءوا وقالوا كما في الصحيحين: ( إنا لا نصل إليك إلا في شهر حرام فمرنا بأمر نأخذ به ونبلغه من وراءنا، فأمرهم بخمس ونهاهم عن خمس، وكان مما نهاهم عنه هذه الأمور التي هي الانتباذ في هذه الأربعة ).
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (... نهى النبي أن ينتبذوا في الدباء والنقير والمقير والحنتم)

قوله:[ أخبرنا سويد ].وهو: سويد بن نصر المروزي ثقة، أخرج حديثه الترمذي والنسائي .
[أخبرنا عبد الله ].
هو: ابن المبارك المروزي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا القاسم بن الفضل ].
القاسم بن الفضل وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا ثمامة بن حزن ].
ثمامة بن حزن وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم والترمذي والنسائي .
[لقيت عائشة ].
هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة ممن حفظ الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولاسيما في الأمور البيتية التي تحصل بين الرجل وأهل بيته، فإنها روت الكثير من السنن في ذلك وفي غيره رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث عائشة: (ونهي عن الدباء بذاته)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن علية حدثنا إسحاق بن سويد عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( نهي عن الدباء بذاته ) ].أورد النسائي هذا الحديث، وهو حديث؛ لأنه قال: نهي، يعني: إذا جاء الصحابي وقال: أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو أمر بكذا أو نهي عن كذا، فالآمر والناهي هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: أمرت بكذا أو نهيت عن كذا فالآمر والناهي هو الله عز وجل، وإذا قال الصحابي: نهينا أو نهي عن كذا فالذي حصل منه النهي وحصل منه الأمر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقولها: ( نهي عن الدباء بذاته )، قيل: معناه أنه الانتباذ بالدباء وإن لم يحصل الإسكار يعني: مجرد الانتباذ ممنوع منه، بصرف النظر عن الإسكار أو عدم الإسكار، فإن فعل ذلك لا يسوغ ولا يجوز، وقد عرفنا فيما مضى مراراً وتكراراً أن هذا كان في أول الأمر، وأنه بعد ذلك نسخ النهي عن الانتباذ بأوعية معنية، ورخص لهم بأن ينتبذوا في كل وعاء بشرط أن لا يشربوا مسكراً.
تراجم رجال إسناد حديث: (نُهي عن الدباء بذاته)

قوله:[ أخبرنا زياد بن أيوب ].زياد بن أيوب هو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[حدثنا ابن علية ].
هو: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسحاق بن سويد ].
إسحاق بن سويد، وهو صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن معاذة ].
وهي: معاذة بنت عبد الله العدوية ، وهي: ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وقد مر ذكرها.
شرح حديث عائشة: (أن رسول الله نهى عن نبيذ النقير والمقير والدباء والحنتم) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر سمعت إسحاق وهو ابن سويد حدثتني معاذة عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن نبيذ النقير والمقير والدباء والحنتم )، في حديث ابن علية قال إسحاق : وذكرت هنيدة عن عائشة مثل حديث معاذة وسمت الجرار، قلت: لـهنيدة : أنت سمعتيها سمت الجرار؟ قالت: نعم ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وفيه ذكر الأربعة التي هي النقير والمزفت والحنتم والدباء، وهذا مطابق للترجمة، بخلاف الذي قبله فإنه ليس مطابقاً للترجمة؛ لأنه ذكر الدباء وحده، ولم يذكر الأربعة التي معه، فهو يناسب الباب الذي سبق أن مر خاصاً بالدباء والذي ذكر فيه الدباء وحده، وأما الباب الذي فيه ذكر الأربعة مجتمعة فإن الحديث الثاني الذي هو سمعناه أخيراً هو المشتمل على ما يطابق الترجمة، قالت: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ النقير والمقير -الذي هو المزفت- والدباء والحنتم )، والحنتم هنا هي الجرار، ثم ذكر إسحاق في حديث ابن علية ، وهو الحديث المتقدم الذي قبل هذا الحديث الذي فيه إسحاق عن معاذة.
والأول الذي مضى فيه ابن علية عن إسحاق عن معاذة وآخره (نهي عن الدباء بذاته).
قوله: (في حديث ابن علية وذكرت هنيدة عن عائشة مثل حديث معاذة وسمت الجرار)، يعني: أنها ذكرت الجرار، والجرار هي الحنتم، يعني: يأتي أحياناً ذكر الجرار -والجرار الخضر والجر الأخضر- وأحياناً يأتي الحنتم.
قوله: (قلت لـهنيدة) -الذي يقول هو إسحاق-: أنت سمعتيها سمت الجرار؟ -يعني: بدل الحنتم- قالت: نعم.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (أن رسول الله نهى عن نبيذ النقير والمقير والدباء والحنتم) من طريق ثانية

قوله:[ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].محمد بن عبد الأعلى هو: الصنعاني ، ثقة أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا المعتمر ].
هو: ابن سليمان بن طرخان التيمي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت إسحاق -هو ابن سويد- حدثني معاذة عن عائشة ].
وقد مر ذكر الثلاثة، وهنيدة سيأتي ذكرها. نعم.
شرح أثر عائشة في نهيها عن الدباء والنقير والمزفت والحنتم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن طود بن عبد الملك القيسي بصري حدثني أبي عن هنيدة بنت شريك بن أبان قالت: لقيت عائشة رضي الله عنها بالخريبة فسألتها عن العكر، فنهتني عنه، وقالت: انبذي عشية واشربيه غدوة، وأوكي عليه، ونهتني عن الدباء والنقير والمزفت والحنتم ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم، فيه ذكر الأربعة التي هي الدباء والنقير والحنتم والمزفت أو المقير.
تقول هنيدة : (لقيت عائشة رضي الله عنها بالخريبة).
قيل: هو موضع في البصرة، (فسألتها عن العكر)، والعكر: هو الوسخ والدرن، يعني: من كل شيء آخره وعصارته ونهايته التي تبقى في الوعاء بعد استخراج ما فيه، وهي الحثالة، هذا هو العكر، يعني: من أي شيء كان، سواء كان من الزيت أو من الدبس أو من الخمر أو من النبيذ أو ما إلى ذلك، فنهتها عن ذلك وقالت لها: (انبذي عشية واشربيه غدوة، وأوكي عليه)، يعني: يكون في سقاء يوكى عليه في سقاء، والأسقية أمرها أخف من الأوعية الغليظة؛ لأنه إذا كان في سقاء وأوكي عليه فإن أي تأثر يكون من الداخل يتبين على سطح الغلاف من الخارج إذا حصل فيه اشتداد وتجاوز الحد إلى الإسكار فإنه يظهر على غلافه من الخارج.
(ونهتني عن الدباء والنقير والمزفت والحنتم)، وهي الأربعة التي جاءت في الترجمة.
تراجم رجال إسناد أثر عائشة في نهيها عن الدباء والنقير والمزفت والحنتم

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن طود بن عبد الملك القيسي ].طود بن عبد الملك القيسي هو مقبول أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثني أبي].
وهو: عبد الملك القيسي ، وهو مجهول أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن هنيدة بنت شريك بن أبان ].
هنيدة بنت شريك بن أبان وهي مقبولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[لقيت عائشة ].
عائشة رضي الله عنها وقد مر ذكرها.
هذا الإسناد فيه طود، والذي بعده أبوه عبد الملك وأبوه عن هنيدة .
يعني: فيه مقبولان ومجهول، فالإسناد ضعيف، لكن من حيث الأشياء التي جاءت فيه، وفي الأربعة، طبعاً هذه موجودة في الأحاديث الأخرى.
المزفتة


شرح حديث أنس: (نهى رسول الله عن الظروف المزفتة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ المزفتة.أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن إدريس سمعت المختار بن فلفل عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الظروف المزفتة ) ].
أورد النسائي (المزفتة)، يعني: الظروف المزفتة، والظروف هي الأوعية، الظرف هو الوعاء، أورد النسائي الترجمة بمفرد المزفتة، وأورد الحديث الذي ورد فيه ذكر المزفتة، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الظروف المزفتة)، يعني: الانتباذ بها.
والظرف هو الوعاء.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله عن الظروف المزفتة)


قوله:[ أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن إدريس ].زياد بن أيوب مر ذكره، وابن إدريس هو: عبد الله بن إدريس الأودي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت المختار بن فلفل ].
المختار بن فلفل هو صدوق له أوهام، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أنس ].
وأنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر الدلالة على النهي للموصوف من الأوعية التي تقدم ذكرها، كان حتماً لازماً لا على تأديب


شرح حديث ابن عمر وابن عباس: (أنهما شهداء على رسول الله أنه نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الدلالة على النهي للموصوف من الأوعية التي تقدم ذكرها كان حتماً لازماً لا على تأديب.أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يزيد بن هارون حدثنا منصور بن حيان أنه سمع سعيد بن جبير يحدث أنه سمع ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين: ( أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] ) ].
أورد النسائي حديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذه الأربعة التي تكرر ذكرها؛ وأتى بها من أجل أن من بينها المزفت، يعني: الترجمة للمزفتة، فأتى بالحديث المشتمل على أربعة من أجل الاستدلال به على ذكر المزفت وأنه من بين تلك الظروف التي نهي عن الانتباذ بها، ومن المعلوم أن ذلك نسخ فيما بعد، ثم تلا: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]؛ لأنه في كل أمر من الأمور من الأوامر، وكل نهي من النواهي ينفذ هذا الأمر وينتهى عن النهي، ومن المعلوم أن الأوامر منها ما يكون للوجوب، ومنها ما هو للندب والاستحباب. والنواهي منها ما يكون للكراهة، ومنها ما يكون للتحريم. وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، يعني: أن هذه من جنس الأشياء التي نهي عنها، ولكن كما هو معلوم قد جاء نسخ ذلك في حديث بريدة بن الحصيب الذي تقدمت الإشارة إليه مراراً.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر وابن عباس: (أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير ...)

قوله:[ أخبرنا أحمد بن سليمان ].وهو: أحمد بن سليمان الرهاوي ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد بن هارون ].
هو: يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا منصور بن حيان].
منصور بن حيان ، وهو ثقة أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي .
[أنه سمع سعيد بن جبير يحدث ].
سعيد بن جبير وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع ابن عمر وابن عباس ].
ابن عمر وابن عباس ، وابن عمر هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وابن عباس هو: عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهما من العبادلة الأربعة ومن السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الألباني أن هذه مدرجة، وأن المحفوظ ذكر الأربعة دون تلاوة الآية.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #897  
قديم 20-10-2022, 05:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث ابن عباس: (... فإني أشهد أن نبي الله نهى عن النقير والمقير والدباء والحنتم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي عن أسماء بنت يزيد عن ابن عم لها يقال له أنس أنه قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( ألم يقل الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]؟ قلت: بلى، قال: ألم يقل الله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]؟ قلت: بلى، قال: فإني أشهد أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النقير والمقير والدباء والحنتم ) ].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأنه قال: ألم يقل الله: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ألم يقل الله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]، ثم بعد ذلك بعدما قال الذي خاطبه: نعم أو بلى، قال: ( فإني أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت )، وقد مر ذكر هذه الأربعة مراراً وتكراراً، والإسناد فيه عدة أناس مقبولين.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (... فإني أشهد أن نبي الله نهى عن النقير والمقير والدباء والحنتم)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي ].سليمان هو: ابن طرخان التيمي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسماء بنت يزيد ].
أسماء بنت يزيد ، وهي مقبولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[ عن ابن عم لها يقال له أنس ].
عن ابن عم لها يقال له أنس ، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن ابن عباس ].
والحديث فيه هذان الاثنان المقبولان، لكن من حيث النهي عن الأمور الأربعة هذا جاء عن ابن عباس وعن غيره.
تفسير الأوعية


شرح حديث: (... نهى رسول الله عن الحنتم وهو الذي تسمونه الجرة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفسير الأوعية.أخبرنا عمرو بن يزيد حدثنا بهز بن أسد حدثنا شعبة أخبرني عمرو بن مرة سمعت زاذان ( قال: سألت عبد الله بن عمر وقلت: حدثني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأوعية وفسره؟ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحنتم وهو الذي تسمونه أنتم الجرة، ونهى عن الدباء وهو الذي تسمونه أنتم القرع، ونهى عن النقير وهي النخلة ينقرونها، ونهى عن المزفت وهو المقير ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي:تفسير الأوعية، يعني: هذه الأشياء الأربعة التي تكرر ذكرها في الأحاديث .
زاذان سأل عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: ( حدثني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأوعية وفسره؟ ).
قوله نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحنتم، وهو الذي تسمونه أنتم الجرة ).
وهذا ذكر الحنتم وفسره، بأنه الجرة.
( ونهى عن الدباء وهو الذي تسمونه أنتم القرع ).
لأن هذا اسم وهذا اسم، يعني: فهما اسمان لهذه الشجرة التي هي الدباء والقرع.
( ونهى عن النقير وهي النخلة ينقرونها ).
وهي النخلة ينقرونها، يعني: جذوعها وأعجازها.
( ونهى عن المزفت وهو المقير ).
تراجم رجال إسناد حديث: (... نهى رسول الله عن الحنتم وهو الذي تسمونه الجرة ...)

قوله: [ أخبرنا عمرو بن يزيد ].هو: الجرمي ، وهو صدوق أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بهز بن أسد ].
هو: بهز بن أسد العمي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عمرو بن مرة ].
عمرو بن مرة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت زاذان ].
هو: زاذان الكندي ، وهو صدوق يرسل أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[سألت عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وقد مر ذكره.
بيان الفرق بين الدباء والقرع

بالنسبة الدباء والقرع، الآن المعروف لدينا أن الدباء هذا الأخضر الطويل، يعني: ليس الباذنجان، لكنه طويل أخضر، وأما القرع فهذا الذي مثل البطيخ، يعني: دائري الشكل، لكنه يميل إلى اللون البرتقالي، والذي يبدو أنهما شيء واحد كلهم يطلق عليه هذا الاسم، ولهذا فسر الدباء بأنه القرع، يعني: معناه اسمان لمسمى واحد، لكن غالباً الآن الذي يتخذون منه.. كانوا إلى عهد قريب يتخذون من هذا الذي هو أخضر وتجد أسفلها سميك وأعلاها خفيف، وغالباً ما تكون قطعتين، قطعة أسفلها سميك، وهي: منداحة، وأعلاها يكون أخضر من أسفلها، وهناك شيء يكون أسفله وأعلاه واحد، يعني: من هذا النوع، وكله يقال له قرع، لكن الذي نعرف أنه كان إلى عهد قريب، وقد رأينا الأوعية من هذا النوع يتخذونها للحليب واللبن والأشياء التي كانوا يضعون فيها وعاء، كنا شاهدنا هذا الشيء من هذا النوع الذي هو أخضر ويكون أسفله واسع وأعلاه يكون ضيق.
الإذن فيما كان في الأسقية منها


شرح حديث: (نهى رسول الله عن الدباء وعن النقير وعن المزفت والمزادة المجبوبة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الإذن فيما كان في السقية منها.أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفد عبد القيس حين قدموا عليه؛ عن الدباء وعن النقير وعن المزفت والمزادة المجبوبة، وقال: انتبذ في سقائك أوكه، وأشربه حلواً، قال بعضهم: ائذن لي يا رسول الله! في مثل هذا، قال: إذاً تجعلها مثل هذه وأشار بيده يصف ذلك ) ].
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنهما: (أن وفد عبد القيس لما جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نهاهم ( عن الدباء وعن النقير وعن المزفت والمزادة المجبوبة ).
والمزادة المجبوبة؛ لأن في الحاشية المزادة المجبوبة، يعني: مجبوبة صفة للمزادة.
يعني: هذا فيه ذكر المزادة المجبوبة، وهي لم تذكر في الروايات السابقة، والمزادة المجبوبة هي القربة التي جب طرفها فصارت كأنها وعاء ولم تكن سقاء بحيث توكأ؛ لأنها قطع جزء منها أو جب جزء منها، فكانت كأنها زنبيل أو كأنها على شكل جهة منها مثبتة وجهة مكشوفة، وليست من قبيل ما يوكأ من الأسقية، فماذا قال؟ ( قال: انتبذ في سقائك أوكه واشربه حلواً ).
(انتبذ في سقائك أوكه واشربه حلواً)، يعني: السقاء له فم، وله وكاء مثل القربة، لكن هذه القربة جبت وقطع جزء منها فصارت كأنها وعاء مكشوف من أعلاه، وليست على شكل جلد الحيوان الذي يؤتى من جهة الرقبة رقبة الحيوان، فيوكأ ويصير وكاء يوكأ بخيط أو بحبل أو بشيء ويكون سقاء، والذي سبق أن عرفنا أنه إذا حصل اشتداد من الداخل ظهر على الغلاف من الخارج، بخلاف الشيء الذي لا يكون كذلك فإنه قد يظهر الإسكار ويتبين الإسكار، ولكنه لا يظهر على الغلاف؛ لأنه مكشوف من فوق، يعني: ما هو موكأ بحيث ينعكس على الجلد أو على سطح الجلد فيظهر أثره عليه من الخارج، نهى عن كذا؟ (وقال: انتبذ في سقائك أوكه واشربه حلواً).
وهذا هو المقصود من الترجمة؛ بأن أذن في شيء نهي عنه، الإذن فيما كان في الأسقية منها.
قال: ( واشربه حلواً، قال بعضهم: ائذن لي يا رسول الله في مثل هذا، قال: إذاً تجعلها مثل هذه ).
لا أدري ما المقصود بالإشارة، ماذا قال في التعليق ما أشار إليه؟
يقول: (ائذن لي يا رسول الله! في مثل هذا).. إلى آخره: الظاهر أن الإشارة إلى أمر متعلق بالمجلس، ولا يدرى ماذا، والأقرب أنه طلب الرخصة في بعض الأحكام الممنوعة، فبين له صلى الله عليه وسلم بالإشارة: إنك إذا رخصت لك في بعض هذه الأقسام فلعلك تشربه وقد صار، فتقع في المسكر الحرام.
على كلٍ قد جاء نسخ ذلك في قوله: ( اشربوا في كل وعاء ولكن لا تشربوا مسكراً ).
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله ... عن الدباء وعن النقير وعن المزفت والمزادة المجبوبة)

قوله: [ أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار ].سوار بن عبد الله بن سوار وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ].
هو: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو: هشام بن حسان ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
وهو: ابن سيرين ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
عن أبي هريرة وقد مر ذكره.
شرح حديث: (نهى رسول الله عن الجر المزفت والدباء والنقير ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن ابن جريج قراءة قال: وقال أبو الزبير : سمعت جابراً رضي الله عنه يقول: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر المزفت والدباء والنقير، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا لم يجد سقاء ينبذ له فيه نبذ له في تور من حجارة ) ].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه، وفيه ذكر النهي عن بعض هذه الأمور التي تقدم ذكرها، وفيه أيضاً أنه كان إذا لم يوجد سقاء يعني: للنبي صلى الله عليه وسلم ينتبذ فيه انتبذ له في تور من حجارة، وهذا هو المقصود من إيراد الترجمة الإذن، يعني: كونه يكون الانتباذ في تور من حجارة.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله عن الجر المزفت والدباء والنقير ...)

قوله: [ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن ابن جريج ].ابن جريج، هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[وقال أبو الزبير] هو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق يدلس وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله الأنصاري] رضي الله عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث: (... ونهى رسول الله عن الدباء والنقير والمزفت) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني أحمد بن خالد حدثنا إسحاق يعني: الأزرق حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينبذ له في سقاء، فإذا لم يكن له سقاء ننبذ له في تور برام، قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء والنقير والمزفت ) ].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وبرام هو الحجارة. نعم.
قوله:[ أخبرني أحمد بن خالد ].
هو: أحمد بن خالد الخلال ، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي والنسائي.
[حدثنا إسحاق يعني: الأزرق ].
هو: إسحاق بن يوسف الأزرق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ].
عبد الملك بن أبي سليمان صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي الزبير عن جابر ].
أبو الزبير عن جابر وقد مر ذكرهما.
حديث: (أن رسول الله نهى عن الدباء والنقير والجر والمزفت) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبد الملك حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء والنقير والجر والمزفت ) ].وهذا ما يطابق الترجمة؛ لأنه ما فيه ذكر الإذن، وإنما الذي يطابقه هو الذي مر بالنسبة للتور الذي كان ينبذ للرسول صلى الله عليه وسلم فيه.
قوله:[ أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار عن خالد بن الحارث ].
خالد بن الحارث هو: البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الملك حدثنا أبو الزبير عن جابر ].
عبد الملك هو: ابن أبي سليمان عن أبي الزبير عن جابر وقد مر ذكرهم.
الإذن في الجر خاصة


شرح حديث: (أن النبي رخص في الجر غير مزفت)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الإذن في الجر خاصة.أخبرنا إبراهيم بن سعيد حدثنا سفيان حدثنا سليمان الأحول عن مجاهد عن أبي عياض عن عبد الله رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الجر غير مزفت ) ].
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الانتباذ في الجر غير مزفت )، لأن قوله في الترجمة: الإذن في الجر خاصة، يعني: غير مزفت، يعني: لم يضاف إليه التزفيت وهو الطلاء، وهي جرار خضر كانت تطلى باللون الأخضر، وقد سبق أن مر بنا الجر الأخضر والجر الأبيض، والمقصود هنا أنه رخص في الجر غير المزفت، وهو يتخذ من الفخار الذي هو الحنتم، ولكنه غير مزفت، فرخص فيه غير مزفت، ومن المعلوم أنه رخص في كل وعاء، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي رخص في الجر غير مزفت)

قوله:[ أخبرنا إبراهيم بن سعيد ].إبراهيم بن سعيد وهو: الجوهري ، ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن.
[حدثنا سفيان ].
سفيان وهو: ابن عيينة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سليمان الأحول ].
سليمان الأحول ، وهو: سليمان بن أبي مسلم الأحول ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب.
[ عن مجاهد ].
وهو: مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عياض ].
أبو عياض ، وهو: عمرو بن الأسود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن عبد الله ].
هو: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #898  
قديم 20-10-2022, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(501)


- (باب الإذن في شيء من الأوعية التي ينتبذ فيها) إلى (باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر)



رخص الشرع في الانتباذ في بعض الأوعية مثل الدباء، والنقير، لكن بشرط أن لا يسكر، وبين منزلة الخمر في الإسلام، والعقوبات المترتبة على تعاطيها.

الإذن في شيء منها



شرح حديث بريدة بن الحصيب: (...واشربوا واتقوا كل مسكر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الإذن في شيء منها.أخبرنا العباس بن عبد العظيم عن الأحوص بن جواب عن عمار بن رزيق أنه حدثهم عن أبي إسحاق عن الزبير بن عدي عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي، فتزودوا وادخروا، ومن أراد زيارة القبور فإنها تذكر الآخرة، واشربوا واتقوا كل مسكر ) ].
يقول النسائي رحمه الله: (الإذن بشيء منها)، أي: من الأوعية التي مر ذكرها، وأنه قد حصل النهي عن الانتباذ فيها، فهذه الترجمة تدل على أنه أذن بذلك فيما بعد، وقد ذكرت فيما مضى أن النهي عن الانتباذ في الأوعية التي جاء النص عليها، وهي: مثل الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت، أن ذلك كان في أول الأمر، وكانت أوعيةً غليظةً لا يتبين على سطحها ما إذا حصل الإسكار فيها في داخلها، فكانوا نهو عن ذلك، وبعد ذلك حصل الإذن بأن ينتبذوا في كل وعاء، لكن بشرط أن لا يشربوا مسكراً.
والأحاديث التي أوردها النسائي هنا هي من الأحاديث التي فيها النسخ؛ لما سبق أن حصل المنع منه، وذلك في حديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ثلاثة أشياء كان نهى عنها، ثم أباحها، وأحلها، وهو حديث: [( كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ألا فكلوا وادخروا )]، وكذلك النهي عن زيارة القبور، نهي عن ذلك أولاً، ثم شرع للناس آخراً، وبين عليه الصلاة والسلام بأن زيارتها يذكر الموت ويذكر الآخرة، ثم النهي عن الانتباذ بأوعية وبعد ذلك رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الانتباذ في أي وعاء، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
وهذا الحديث مشتمل على ثلاثة أمور ذكر فيها الناسخ والمنسوخ، الجمع بين الناس والمنسوخ، المنسوخ وهو عدم جواز ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ثم أبيح لهم أن يدخروا ما شاءوا، وكذلك نهوا عن زيارة القبور، ثم بعد ذلك شرع لهم أن يزوروا القبور، ثم كانوا نهوا عن الانتباذ بأوعية فأذن لهم أن ينتبذوا في أي وعاء، ولكن لا يشربون مسكراً، ففي الحديث الذي جاء من طرق متعددة، الجمع بين الناسخ والمنسوخ في الأمور الثلاثة.
تراجم رجال إسناد حديث بريدة بن الحصيب: (... واشربوا واتقوا كل مسكر)

قوله:[ أخبرني العباس بن عبد العظيم ].هو: العباس بن عبد العظيم العنبري ، وهو ثقة، أخرج البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الأحوص بن جواب ].
الأحوص بن جواب ، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن عمار بن رزيق ].
عمار بن رزيق ، وهو لا بأس به، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
[ أنه حدثهم عن أبي إسحاق ].
هو: أبي إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني، ثقة، أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزبير بن عدي ].
هو: الزبير بن عدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن بريدة ].
وهو: عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو: بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث بريدة بن الحصيب: (... فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرني محمد بن آدم بن سليمان عن ابن فضيل عن أبي سنان عن محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً) ].أورد النسائي حديث بريدة بن الحصيب من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
تراجم رجال إسناد حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق ثانية


قوله:[ أخبرني محمد بن آدم بن سليمان ].هو: محمد بن آدم بن سليمان الجهني، صدوق أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ عن ابن فضيل ].
وهو: محمد بن فضيل بن غزوان صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سنان ].
وهو: ضرار بن مرة ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والترمذي، والنسائي .
[ عن محارب بن دثار ].
محارب بن دثار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه].
عبد الله بن بريدة عن أبيه وقد مر ذكرهما.
شرح حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى بن معدان الحراني حدثنا الحسن بن أعين حدثنا زهير حدثنا زبيد عن محارب عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إني كنت نهيتكم عن ثلاث: زيارة القبور فزوروها ولتزدكم زيارتها خيراً، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا منها ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أي وعاء شئتم، ولا تشربوا مسكراً ) ].أورد النسائي حديث بريدة بن الحصيب من طريق أخرى، وهو واضح في أنه نهاهم عن الانتباذ في أوعية، وبعد ذلك قال: (فانتبذوا في أي وعاء ولا تشربوا مسكراً)، المهم أن لا تشربوا مسكراً، وأما الانتباذ فانتبذوا بأي وعاء شئتم، سواء كان سميكاً أو خفيفاً قاسياً أو ليناً، المهم أن لا تشربوا مسكراً.
تراجم رجال إسناد حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق ثالثة


قوله:[ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى بن معدان الحراني ].محمد بن معدان بن عيسى بن معدان الحراني، وهو ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحسن بن أعين ].
هو: الحسن بن محمد بن أعين، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا زهير ].
وهو: زهير بن معاوية، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زبيد].
وهو زبيد بن الحارث اليامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محارب عن ابن بريدة عن أبيه].
وقد مر ذكر الثلاثة.
شرح حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كنت نهيتكم عن الأوعية فانتبذوا فيما بدا لكم، وإياكم وكل مسكر ) ].أورد النسائي حديث بريدة وفيه ذكر الاقتصار على واحدة من الثلاث، وهو أنه نهاهم عن الانتباذ في أوعية؛ قال: [( فانتبذوا في أي وعاء شئتم، وإياكم وكل مسكر )]، يعني: احذروا أن تشربوا مسكراً، ولكن الانتباذ (انتبذوا في أي وعاء شئتم).
تراجم رجال إسناد حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق رابعة

قوله:[ أخبرنا أبو بكر بن علي ].هو: أحمد بن علي المروزي ، وهو ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا إبراهيم بن الحجاج ].
هو: إبراهيم بن الحجاج بن زيد، وهو ثقة يهم قليلاً، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حماد بن سلمة ].
هو: حماد بن سلمة بن دينار ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا حماد بن أبي سليمان ].
حماد بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه].
عبد الله بن بريدة عن أبيه وقد مر ذكرهما.
شرح حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق خامسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أبو علي محمد بن يحيى بن أيوب مروزي حدثنا عبد الله بن عثمان حدثنا عيسى بن عبيد الكندي خراساني سمعت عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو يسير إذ حل بقوم، فسمع لهم لغطاً فقال: ما هذا الصوت؟ قالوا: يا نبي الله لهم شراب يشربونه، فبعث إلى القوم فدعاهم، فقال: في أي شيء تنتبذون؟ قالوا: ننتبذ في النقير والدباء وليس لنا ظروف، فقال: لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه، قال: فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث، ثم رجع عليهم، فإذا هم قد أصابهم وباء واصفروا، قال: مالي أراكم قد هلكتم؟ قالوا: يا نبي الله أرضنا وبيئة وحرمت علينا إلا ما أوكينا عليه، قال: اشربوا وكل مسكر حرام )].أورد النسائي حديث بريدة رضي الله عنه وفيه ذكر إباحة الانتباذ في أي وعاء، بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً، وذكر في الحديث قصة، وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير فمر بقوم لهم لغط، فقال: ما هذا؟ قالوا: إن لهم شراب يشربونه فدعا بهم وقال: ما هذا؟ قالوا: كنا ننتبذ في الدباء والنقير، فقال: لا تنتبذوا إلا فيما أوكيتم عليه )] يعني: في الأسقية التي يوكأ عليها.
وسبق أن ذكرت أن السر في ذلك أن الأسقية إذا أوكيت وحصل تغير ما في داخلها فإنه يتضح ذلك على سطحها أو يتبين على سطحها من الخارج التأثر والتغير الذي في داخلها إذا حصل الاشتداد والوصول إلى حد الإسكار، وقد نهوا عن أن ينتبذوا في الدباء والنقير والدباء التي هي: القرع الذي يستخرج لبه ويبقى قشره ييبس حتى يكون وعاءً، وكذلك أيضاً النقير وهو: جذوع النخل التي ينقر وسطها ويحفر، ثم ينتبذ في ذلك، فإن أغلفتها سميكة وغليظة، وقد يحصل الإسكار في داخلها وليتبين على ما هو في ظاهرها.
وبعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم مر بهم وإذا هم قد اصفروا وتغيرت ألوانهم، فقال: [(ما الذي أهلككم؟)] يعني: غير أحوالكم، وغير أجساكم؟ قالوا: (إن بلادنا وبيئة وإنك حرمت علينا الانتباذ في الدباء والنقير)، فإنك حرمت علينا إلا فيما أوكينا عليه، فقال: (اشربوا ولا تشربوا مسكراً)، يعني: اشربوا ما شئتم في أي وعاء تنتبذون فيه، لكن بشرط أن لا تشربوا مسكراً.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #899  
قديم 20-10-2022, 06:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث بريدة بن الحصيب في الإذن بالانتباذ في أي وعاء بشرط أن لا يكون مسكراً من طريق خامسة

قوله: [أخبرنا أبو علي محمد بن يحيى بن أيوب مروزي] .أبو علي محمد بن يحيى بن أيوب، مروزي وهو ثقة أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[حدثنا عبد الله بن عثمان ].
هو عبد الله بن عثمان المروزي، وهو الملقب عبدان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة ابن ماجه.
[حدثنا عيسى بن عبيد الكندي].
عيسى بن عبيد الكندي، وهو صدوق أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[سمعت عبد الله بن بريدة عن أبيه].
عبد الله بن بريدة عن أبيه وقد مر ذكرهما.
شرح حديث جابر في نهي النبي عن الظروف

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الحفري وأبو أحمد الزبيري عن سفيان عن منصور عن سالم عن جابر رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نهى عن الظروف شكت الأنصار، فقالت: يا رسول الله ليس لنا وعاء، فقال صلى الله عليه وسلم: فلا إذاً )].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه وفيه ما في حديث بريدة (أن الرسول لما نهى عن الظروف).
يعني: الانتباذ في الظروف، وهي الأوعية التي سبق أن مرت الإشارة إليها (شكت الأنصار وقالوا: ليس لنا وعاء)، يعني: ننتبذ بها، فقال: (فلا إذاً)، يعني: لا بأس أن تنتبذوا في تلك الأشياء التي كانوا نهوا عنها، لكن كما جاء ذلك مبيناً في بعض الأحاديث بشرط (أن لا يشرب المسكر).

تراجم رجال إسناد حديث جابر في نهي النبي عن الظروف

قوله:[ أخبرنا محمود بن غيلان ].هو: محمود بن غيلان المروزي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا أبو داود الحفري ].
وهو: عمر بن سعد ، وهو ثقة أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ وأبو أحمد الزبيري ].
وهو: محمد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان ].
هو: ابن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو: منصور بن المعتمر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو: سالم بن أبي الجعد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو: جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

منزلة الخمر


شرح حديث: (أتي رسول الله ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللبن ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ منزلة الخمر.أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة أسرى به بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريل عليه السلام: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ) ].
أورد النسائي منزلة الخمر، يعني: منزلتها في الإسلام، وهي الخطورة، والغاية في الخبث والتحذير منها لما يترتب على تعاطيها من الشرور والمفاسد التي هي كثيرة جداً، ويكفي أن يقال: إنها أم الخبائث؛ لأنها توصل إلى الخبائث وتوقع في الخبائث وتؤدي إلى الخبائث فهي أمها، وقد سبق أن مر في أول الكتاب كتاب الأشربة ذكر كلام ابن القيم رحمة الله عليه الذي أورده في حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح من مفاسد الخمر الكثيرة المتنوعة المتعددة، ثم قال بعد ذلك في آخرها: وأضرارها أضعاف ما ذكرنا، وفيها أنواع الشرور وأنواع الخبث، ومما في خبثها: أن صاحبها يتحول من كونه من أهل العقل إلى كونه من أهل الجنون، وكونه ذا عقل يميز به وينتقل إلى مجنون لا يميز بين النافع والضار، بل يقع في كل محرم، ويتعاطى كل محرم؛ لأنه تعاطى ما يسلبه عقله، ويجعله أشبه ما يكون بالبهائم والمجانين الذين لا عقول لهم؛ وذلك أنه أعطاه الله تعالى عقلاً فسعى إلى أن يكون مجنوناً وعمل على أن يكون من جملة المجانين، ويقول ابن الوردي في قصيدته اللامية:
كيف يسعى في جنون من عقل؟
هذا شيء عجيب! إنسان يعطيه الله عقلاً ثم يسعى جاهداً إلى أن يكون مجنوناً ويبحث عن الجنون، ويسعى إلى أن يحصل الجنون، كيف يسعى في جنون من عقل؟ هذا شيء غريب وعجيب! إنسان يعطيه الله العقل، ثم يسعى إلى أن يكون مجنوناً، بحيث يفقد عقله، ويترتب على فقدان عقله أن يقع في كل محرم، وقد يقع على أمه، وقد يقع على بنته، وقد يقع على أخته؛ لأنه قد زال عقله بفعله وكسبه وإرادته، فهي أم الخبائث، فمنزلتها أنها خطيرة وأن شأنها خطير، ولهذا جاء التحذير عنها من أوجهة كثيرة، وبعبارات مختلفة وعلى أوجه مختلفة.
وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أسري به أتي بقدحين قدح من لبن وقدح من خمر فاختار اللبن فقال له جبريل: الحمد لله اخترت الفطرة، ولو أخذت الخمر لغوت أمتك )؛ وذلك أن اللبن قال عنه إنه الفطرة؛ لأن الفطرة هي الشيء الذي فطر الناس عليه، والذي هو الأصل وغيره طارئ، ومن المعلوم أن اللبن هو أصل الغذاء الذي يتغذى به الإنسان عندما يوجد في هذه الحياة من حين ما يولد أول ما يتغذى به اللبن، فهو الشيء الذي هو الأصل والذي هو أول غذاء للإنسان، ومن صفاته البياض، وأما الخمر فإنها أم الخبائث، وفيها الغواية، وفيها الخبث، وفيها الوقوع في كل شر، فهدى الله رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن اختار اللبن فقال له جبريل: (الحمد لله إنك اخترت الفطرة) أي: الشيء الذي هو الأصل.
تراجم رجال إسناد حديث: (أتي رسول الله ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللبن ...)

قوله:[ أخبرنا سويد ].هو: سويد بن نصر المروزي ، ثقة أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[أخبرنا عبد الله].
هو: عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس ].
هو: يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه.
شرح حديث رجل من أصحاب النبي: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى عن خالد وهو ابن الحارث عن شعبة قال: سمعت أبا بكر بن حفص يقول: سمعت ابن محيريز يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ) ].أورد النسائي حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدول، المجهول فيهم في حكم المعلوم، ولهذا يكفي في الصحابة إذا قيل عن رجل: صحب النبي صلى الله عليه وسلم. فلا يحتاج إلى أن يبحث عن حاله مادام أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا العلماء اتفقوا على أن كل راو يحتاج إلى معرفة حاله إلا الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم؛ لأن الواحد منهم مادام أنه عرف أنه صحابي وأنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم فيكفيه ذلك شرفاً، ويكفيه ذلك توثيقاً وتعديلاً، ولا يحتاج إلى توثيق الموثقين وتعديل المعدلين بعد أن أثنى الله ورسوله على الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأراضهم، وقد جاء ذلك في آيات كثيرة وأحاديث عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكفي الواحد منهم شرفاً أن يكون صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وأما غيرهم فيحتاج إلى معرفة حاله من الثقة والعدالة والضعف وما إلى ذلك من الجرح والتعديل.
ولهذا عندما يؤلف العلماء في التراجم إذا كان الشخص صحابياً لا يضيفون على كلمة صحابي إلا إذا كان له وصف متميز في الصحابة كأن يكون بدرياً أو يكون ممن شهد الحديبية أو ما إلى ذلك من الأشياء التي ورد فيه تمييز بعض الصحابة على بعض، أما إذا كان ليس له شيء يتميز به في الصحابة فإنهم يكتفون بأن يقولوا صحابي أو له صحبة، وعند ذلك لا يحتاج إلى أن يقال: ثقة أو يبحث عن توثيقه أو ما إلى ذلك؛ لأن هذا يكفيه شرفاً وفضلاً.
فهذا الرجل الذي صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( يأتي من أمتي قوم يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها )، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر يكون، وهو أنهم يسمون الخمر بغير اسمها، وكان كذلك، فما أكثر ما تسمى به الخمر من الأسماء، ولكن الأسماء لا تغير الحقائق، فالعبرة بالحقائق وليست بالأسماء، فإذا كانت الحقيقة موجودةً سواء بقي الاسم أو سمي بغير ذلك، المهم مادام أن الخمر أو الوصف الذي هو الإسكار موجود، فسواء سميت خمراً أو سميت أي اسم من الأسماء كل ذلك لا يغير من الحقيقة شيئاً، فهي حرام، ولو غير اسمها، وتغيير الاسم لا يغير الحكم، بل العبرة بالحقائق، والأحكام إنما هي لحقائق الأشياء، وليست للأسماء التي قد تتغير، وأنه إذا غير الاسم تغير الحكم، بل الحكم للحقيقة التي حصل تغيير اسمها، المادة التي فيها الإسكار هي محرمة، بقيت على اسمها خمراً، أو سميت بأي اسم آخر، لا تغير التسمية من الحقيقة شيئاً، فالعبرة بالحقائق لا بالأسماء التي تضاف إليها أو تلصق بها أو تسمى بها.
تراجم رجال إسناد حديث رجل من أصحاب النبي: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].محمد بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد وهو ابن الحارث ].
خالد بن الحارث وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبا بكر بن حفص] .
وهو عبد الله بن حفص، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن محيريز ].
وهو: عبد الله بن محيريز وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #900  
قديم 20-10-2022, 06:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر


شرح حديث أبي هريرة: (... ولا يشرب الخمر شاربها حين يشربها وهو مؤمن ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر.أخبرنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر شاربها حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن )].
أورد النسائي الروايات المغلظة في شرب الخمر، يعني: ما ورد من الروايات فيها التغليظ في شرب الخمر وأنه خطير، وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن )، يعني: معناه أنه في حالة زناه ليس مؤمناً كاملاً، بل حصل عنده نقص في حال زناه وفي الوقت الذي زنا فيه وفي الحالة التي تلبس فيها بالمعصية، فإنه لو كان مؤمناً حقاً، ولو كان مؤمناً كاملاً الإيمان، لمنعه إيمانه من أن يقع في ذلك الأمر المحرم الذي هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة تحريمه، فيدل على أن الزاني مرتكب كبيرة من الكبائر، ولكنه لا يكون كافراً، ولكنه مؤمن ناقص الإيمان، إلا إذا كان مستحلاً فإنه يكفر، إذا استحل الزنا فإنه يكون كافراً، وأما إذا لم يستحله فإنه لا يكون كافراً، ولكنه ارتكب أمراً خطيراً وأمراً عظيماً، وصار ممن عنده إيمان وعنده معصية.
وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبائر أنهم لا يسلبون أصل الإيمان ولا يسلبون اسم الإيمان، ولا يعطون الاسم الكامل للإيمان، فلا يقال عنه إنه مؤمن كامل الإيمان كما تقول المرجئة، ولا يقولون: إنه فاقد الإيمان وعادم الإيمان كما تقول الخوارج، فهما ضدان في مرتكب الكبيرة، يعني صنف من الناس أو فرقة من الناس وهم المرجئة يقولون: مؤمن كامل الإيمان، مادام أنه عنده أصل الإيمان فهو مؤمن كامل الإيمان؛ لأنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة.
ويقابل هؤلاء الذين غلوا وأفرطوا وقالوا: إن مرتكب الكبيرة كافر خارج من الإيمان ومخلد في النار في الآخرة، فهما ضدان، يعني: أناس فرطوا وأهملوا وضيعوا وصار الواحد يفعل ما يشاء ويصير مؤمناً كامل الإيمان، ويقابلهم من غلا وتجاوز الحد، فجعل من ارتكب كبيرة خرج من الإيمان وكان كافراً، وخالداً مخلداً في النار، حكمه حكم الكفار الذين لا يؤمنون بالله عز وجل والذين يشركون بالله غيره فمرتكب الكبيرة عند الخوارج مثل هؤلاء، لا فرق بين هذا وهذا؛ لأنهم يكفرون مرتكبي الكبائر.
أما أهل السنة والجماعة فقد توسطوا، فما أعطوه الإيمان الكامل كما أعطته المرجئة، وما سلبوه أصل الإيمان كما سلبته الخوارج والمعتزلة، فالمعتزلة قالوا: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، والخوارج قالوا: خرج من الإيمان ودخل في الكفار، واتفقوا -أي الخوارج والمعتزلة- على أنه خالد مخلد في النار، وأنه لا يخرج منها أبد الآباد.
فإذاً: أهل السنة والجماعة توسطوا فلم يفْرطوا ولم يفرطوا، ما فرطوا كما فعلت المرجئة وقالوا: إنه كامل الإيمان، فلم يعطوه الإيمان الكامل، ولم يفرطوا كما أفرطت الخوارج والمعتزلة الذين أخرجوه من الإيمان، وحكموا عليه بالخلود في النار أبد الآباد، فقالوا: هو مؤمن ناقص الإيمان، فقولهم: (مؤمن) فارقوا بها الخوارج الذين قالوا: كافر؛ لأن الخوارج قالوا: كافر، وأهل السنة قالوا: مؤمن، لكن فارقوا الخوارج الذين قالوا: هو كافر، لكن لما كان الإيمان يكون مع الكمال ويكون مع النقص أتوا بعبارة تضاف إلى كلمة مؤمن حتى يباينوا المرجئة فقالوا: ناقص الإيمان، يعني: ليس كامل الإيمان كما تقول المرجئة، فقول أهل السنة مؤمن فارقوا فيها الخوارج الذين قالوا: كافر، وقولهم ناقص الإيمان فارقوا بها المرجئة الذين قالوا: إنه كامل الإيمان، فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، يحب على ما عنده من الإيمان، ويبغض على ما عنده من الفسوق والعصيان.
ويجتمع بالإنسان محبة وبغض، محبة باعتبار وبغض باعتبار، مثلما أن الإنسان إذا فعل أمراً سائغاً وقد ارتكب فيه أمراً محرماً يكون محسناً ومسيئاً، يعني: مثل الإنسان الذي يصلي في ثوب مغصوب أو يصلي في ثوب حرير، هو محسن في صلاته، ومسيء في لبسه الذي هو لبس الحرير أو لبس الشيء المغصوب، فعنده خير وشر، عنده إحسان وإساءة، فيثاب على إحسانه ويعاقب على إساءته.
إذاً: أهل السنة والجماعة توسطوا بين هؤلاء وهؤلاء، فلم يُفْرطوا ولم يُفَرطوا، فقالوا: هو مؤمن ناقص الإيمان، يحب على ما عنده من الإيمان ويبغض على ما عنده من الفسوق والعصيان، واجتماع المحبة والبغض ممكن ويحصل، ولا يقال: إما حب مطلق وإما بغض مطلق، بل هناك حب مطلق لأهل الإيمان الكامل، وبغض مطلق لأهل الكفر، ومن كان عنده تخليط وعنده خير وشر يحب على ما عنده من الإيمان، ويبغض على ما عنده من الفسوق والعصيان، ويمثلون لذلك ببيت من الشعر فيه ذكر الشيب وأنه يكون محبوباً باعتبار ومبغوضاً باعتبار.
يقول الشاعر:
الشيب كره وكره أن أفارقه تعجب لشيء على البغضاء محبوب
الشيب كره، إذا قيس بالشباب لم يكن مرغوباً فيه، بل الشباب مقدم عليه، ولكن إذا نظر إلى ما بعده وهو الموت صار مرغوباً فيه باعتبار ما وراءه، فهو محبوب باعتبار ما وراءه ومكروه باعتبار ما قبله:
الشيب كره وكره أن أفارقه، يعني: مع كونه مكروها فهو يكره أن يفارقه، يعني: يحب البقاء عليه؛ لأن ما وراءه يجعله محبوباً، وما قبله يجعله مكروهاً، فالشيء يكون محبوباً باعتبار ومبغوضاً باعتبار، وهكذا أصحاب المعاصي، لا يبغضون كما يبغض الكفار، ولا يحبون كما يحب من هو كامل الإيمان، ولكنهم يحبون على ما عندهم من الإيمان، ويبغضون على ما عندهم من الفسوق والعصيان، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة وهم وسط بين المفرطين والمفرطين.
(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليها أبصارهم وهو مؤمن).
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (... ولا يشرب الخمر شاربها حين يشربها وهو مؤمن ...)

قوله: [ أخبرنا عيسى بن حماد ].هو: المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود ، النسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا الليث ].
هو: الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عقيل ].
هو: عقيل بن خالد بن عقيل، هو عَقيل، بالضم، وجده عُقيل بالفتح، وهذا فيه الائتلاف والاختلاف، تتفق الألفاظ من حيث الرسم، ولكنها تفترق من حيث الشكل، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ].
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، هو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، والفقهاء السبعة، هم المتفق على عدهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسليمان بن يسار ، هؤلاء الستة اتفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، الذي يأتي ذكره كثيراً، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في أول إعلام الموقعين، وهو إعلام -بكسر الهمزة- وليس أعلام -بفتحها- لأنه ليس كتاب تراجم، وإنما هو كتاب إخبار، والإعلام بمعنى الإخبار، والمراد بالموقعين عن رب العالمين الذين يكتبون ويبينون الشرع، فقد ذكر في أول الكتاب أهل الفقه والذين اشتهروا بالفقه من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم في مختلف الأقطار، ولما جاء عند المدينة وذكر الفقهاء فيها من الصحابة ثم الفقهاء من التابعين، ذكر من جملة الفقهاء من التابعين الفقهاء السبعة الذين أشرت إليهم، ثم ذكر ابن القيم بيتين في الثاني منهما ذكر الفقهاء السبعة على أن السابع هو أبو بكر الذي معنا في هذا الإسناد، قال:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحرٍ روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل: هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
فقل: هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عروة بن الزبير، القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، سعيد بن المسيب، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، سليمان بن يسار، خارجة بن زيد بن ثابت .
[ عن أبي هريرة ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه وقد مر ذكره.
شرح حديث أبي هريرة: (... ولا يشرب الخمر شاربها حين يشربها وهو مؤمن ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن كلهم حدثوني عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المسلمون إليه أبصارهم وهو مؤمن ) ].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى وهو مثلما تقدم.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (... ولا يشرب الخمر شاربها حين يشربها وهو مؤمن ...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].وهو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا الوليد بن مسلم ].
الوليد بن مسلم ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ثقة يدلس.
[ عن الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة وأبو بكر بن عبد الرحمن ].
الزهري عن سعيد بن المسيب وقد مر ذكرهما.
وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وأبو بكر بن عبد الرحمن الذي مر ذكره، وعلى هذا فالإسناد هذا فيه ثلاثة من التابعين واحد منهم من الفقهاء السبعة بالاتفاق الذي هو سعيد ، واثنان، وهما: أبو سلمة، وأبو بكر بن عبد الرحمن، ممن اختلف في جعله السابع منهم.
[عن أبي هريرة] وقد مر ذكره.
شرح حديث ابن عمر: (من شرب الخمر فاجلدوه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن مغيرة عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن ابن عمر رضي الله عنهما ونفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر ونفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه)، يعني: ذكر ثلاث مرات الجلد ثم في الرابعة يقتل، وهذا يدل على غلظ الخمر وخطورتها وشدة البلاء الذي فيها، وخطورة عقوبتها.
والحكم اختلف فيه العلماء، فجمهورهم رأوا أنه لا يقتل شارب الخمر، وبعض أهل العلم قال: إنه يقتل لهذا الحديث، فالجمهور قالوا: إنه منسوخ، ولا أدري ما هو الناسخ لذلك، يعني: بأن يكون هناك نص خاص ينسخ ذلك، لا أعرف شيئاً في هذا، لكن الحديث واضح الدلالة على أنه يقتل، وبه قال بعض أهل العلم، والشيخ أحمد شاكر رحمة الله عليه ألف رسالةً خاصةً سماها: القول الفصل في قتل مدمن الخمر فرجح القتل.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (من شرب الخمر فاجلدوه ...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير].إسحاق بن إبراهيم مر ذكره، وجرير بن عبد الحميد الضبي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مغيرة ].
هو: مغيرة بن مقسم الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن أبي نعم ].
عبد الرحمن بن أبي نعم، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ونفر من أصحاب محمد].
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير ، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث أبي هريرة: (إذا سكر فاجلدوه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا شبابة حدثنا ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم قال في الرابعة: فاضربوا عنقه ) ].أورد النسائي حديث أبي هريرة ، وهو مثل حديث ابن عمر المتقدم.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (إذا سكر فاجلدوه ...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا شبابة] .إسحاق بن إبراهيم تقدم ذكره ،و شبابة بن سوار، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي ذئب ].
هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خاله الحارث بن عبد الرحمن ].
الحارث بن عبد الرحمن ، وهو صدوق أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي سلمة عن أبي هريرة ].
عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقد مر ذكرهما.
شرح أثر: (ما أبالي شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله عز وجل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل عن وائل أبي بكر عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه أنه كان يقول: ما أبالي شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله عز وجل ].أورد النسائي هذا الأثر عن أبي موسى رضي الله عنه يبين خطورة الخمر وأن أمرها خطير، وأن شأنها ليس بالأمر الهين، وأنه ذنب عظيم عنده، وأنه قال: (لا أبالي إن شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله)؛ لأن كل ذلك يعتبره عظيماً ويعتبره خطيراً، لكن لا يعني أنه يسوى بينهما في الحكم، ولكنه يدل على غلظ الخمر، وعلى أن فاعل ذلك يشبه عابد الوثن، ويشبه عابد الصنم، ولكن لا يعني أن شارب الخمر يكون كافراً إلا مع الاستحلال، أما إذا كان مستحلاً فيكفر، أما بدون استحلال فإنه لا يكون كافراً، ولكن هذا من باب التغليظ وبيان الخطورة في الذنب، وأنه خطير للغاية، وأن من كان من أهل التقوى والإيمان فإنه يعتبره في غاية الفظاعة، وفي غاية الخطورة؛ لاسيما وشرب الخمر يأتي بكل بلاء ويأتي بكل شر، ويجر على كل فساد.

تراجم رجال إسناد أثر: (ما أبالي شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله عز وجل)

قوله: [أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ].واصل بن عبد الأعلى، ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن فضيل عن وائل أبي بكر ].
ابن فضيل وهو: محمد بن فضيل مر ذكره. وائل بن داود أبي بكر، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي بردة بن أبي موسى].
أبو بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي موسى].
وهو: عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 396.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 390.52 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (1.49%)]