طريق الانتساب إلى أهل القرآن وثماره - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216131 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7834 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859673 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394004 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 87 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-03-2024, 06:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي طريق الانتساب إلى أهل القرآن وثماره

طريق الانتساب إلى أهل القرآن وثماره (1من2)



لا يوجد كتاب في الدنيا كلها أفضل من كتاب الله، فيه نبأ من قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، لا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق من كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، قال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين} (الأنعام: 155 - 156)، كتاب لا تناقض فيه ولا باطل، قال تعالى: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} (فصلت: 41 - 42).
وتخشع له القلوب والأبدان، قال تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} (الحشر: 21)، وتقشعر منه الجلود، قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} (الزمر: 23)، فهو شفاء لأمراض القلوب والأبدان، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا} (الإسراء: 82)، في تلاوة ثواب، فمن قرأ حرفا منه فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وبه يكون النصر المؤزر؛ إذ فتح المسلمون به مشارق الأرض ومغاربها، وبه دخلوا بلاد كسرى وقيصر، وبه فتحوا القلوب وأدخلوها في الإسلام، عزت الأمة وارتفعت رايتها حينما تمسكت وعملت به، وذلت وهانت حين تركته وأعرضت عنه، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} (طه: 124 - 127)، فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، جاء في الحديث الصحيح، عن أنس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله أهلين من الناس» قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته»(1).
فأنت منتسب إلى الله، أعلم وأكرم به من نسب ومن شرف؛ فالإنسان لا يشرف إلا بما يحفظه من القرآن أو يتلوه ويطبقه ويعمل به.
يا مسلم يا عبدالله، هل تحب أن تكون من أهل القرآن؟ أخالك لا تتردد في القبول، كيف لا؟ ومن يكون من أهل الله فهو في حفظ الله ورحمته ورعايته وكرمه، مغفور الذنب موفور العطاء، منتصر في دنياه، فائز في آخرته، وذلك هو الفوز المبين.
ولعل سائلا يسأل: كيف الوصول إلى أن أكون من أهل الله؟ وما الطريق للوصول؟
أقول: أخي السائل الطريق أسهل مما تتوقع؛ فالطريق تبدأ من عندك وتنتهي إليك، فما عليك إلا اتباع الآتي:
1 - حاول أن تملأ قلبك بحب الله والقرآن العظيم، وبرسوله المبلغ الأمين، اجلس مع نفسك وقتا ولو قصيرا، سل نفسك سؤالاً، وقل: يا نفسي هل تحبين الله؟ هل تحبين كلامه؟ هل تحبين رسوله؟ هل تطمعين في الجنة؟ هل تحذرين من النار؟ هل تشتاقين للقاء الله؟ ماذا أعددت للقاء الله؟ أكثر من مثل هذه الأسئلة وبادر بالسؤال بعد السؤال ولا تنتظر إجابة حتى تشعر بالإجابة من داخلك، وتحس بنفسك تتحرك نحو حب القرآن والاشتياق إليه، كرر ذلك مرات ومرات، عندئذ تبدأ الخطوة الأولى، خطوة المحبة والشوق؛ فمن اشتاق إلى شيء بحث عنه وفكر في الوصول إليه.
2 - اعقد معاهدة بينك وبين الله، أن تقرأ في كل يوم ولو شيئاً يسيراً ولو صفحة أو أقل أو زد عليه قليلاً، فخير الأعمال أدومها وإن قل.. لا تتردد.. اقرأ ولو بغير فهم في البداية، ستجد بعض الصعوبة، صعوبة ليست في التلاوة، ولكن في الالتزام، صبّر نفسك وتحمل في الشهر الأول إن فعلت فقد نجحت وأفلحت؛ لأنك بعد هذا التعود لن تستطيع الاستغناء عن تلاوة القرآن.
3 - تعاهد القرآن بشكل دائم ومستمر، قال[: «تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها»(2).
4 - أخي الكريم أراك عندما تشعر بمرض تهرع للطبيب طلبا للعلاج والدواء، أسرع بلا تردد أو توان للعلاج الرباني، قال تعالى: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين}(يونس:87)، وتذكر أن سورة الفاتحة رقية شافية فمن أسمائها الشافية، وقول رسول الله[ للصحابي: «من أنباك أنها رقية»(3)، وذلك عندما أخذ الصحابة رضي الله عنهم أجرة مقابل علاج أحدهم لسيد الحي الذي لدغته حية أو عقرب كما ورد في بعض الأحاديث، إذا فعلت ذلك فتذكر أن المعصية عموما مرض، وأن ترك تلاوة القرآن مرض خاص أشد من المرض العضال نفسه، بل هو أم الأمراض؛ فاهرع لعلاجه بالقرآن فمرض ترك تلاوة القرآن علاجه وترياقه هو تلاوة القرآن نفسه، ما الذي يحرك قلبك ووجدانك وجوارحك للطبيب البشري، الذي لا يملك شفاء إلا بإذن الله وتترك الشافي الحقيقي؟! قال تعالى: {وإذا مرضت فهو يشفين} (الشعراء:80).
5- أخي الفاضل أراك عندما تشعر بالفقر والحاجة لمال، تسرع للبحث عن عمل، وعن أسباب الرزق، أما علمت أن الرازق هو الله، أفلا تتوسل إليه تناجيه بكلامه؟ فكما أنك تبحث عن المال، فأسرع لتلاوة القرآن الكريم، فلا موفق ولا رازق إلا الله، واعلم أن الله تكفل بالرزق، قال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}(هود:6)، ولكن أن ترزق وأنت مطيع لله شاكر لأنعمه، خير لك من أخذ رزقك وأنت منغمس بمعاصيه بعيد عن طاعته وتلاوة كتابه.
6- حاول بعد ذلك أن تتلو القرآن بشيء من التدبر والفهم وابدأ فهم معانيه من التفاسير المبسطة كتفسير الجلالين أو التفسير الميسر، لا تحاول أن ترهق نفسك صعودا، فستجد المعاني تنساب لنفسك، قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر} (القمر:22)، دعني أعطيك قصة حدثت معي شخصيا فقد قرأت الآيات الكريمة من أواخر سورة المائدة، قال تعالى: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} (المائدة: 118)، ختمت الآيات بقوله: {إنك أنت العزيز الحكيم} بينما الآيات التي تحدثت عن المغفرة ختمت بغفور رحيم، أو عفو حليم.. أو ما شابه هذا فلماذا في هذا الموضوع ختمت بقوله العزيز الحكيم؟ بحثت في كتب التفاسير فوجدت إجابات جيدة والحمدلله، ولكن بقي في نفسي رغبة في مزيد من الإجابات، فما وجدته قول العلماء: إن الآيات تحدثت بأسلوب فيه تهديد: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} بمعنى لو قلت هذا واتخذك الناس وأمك إلهين من دوني لعذبتكم جميعا، كما قال تعالى في نفس السورة: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير} (المائدة:17)، فاقتضى السياق أن تكون العزة الموافقة للقوة {والله عزيز} وأن يذكر الحكمة الموافقة لوضع الشيء المناسب في المكان المناسب {حكيم}، كما عقب في الآيات التي تحدثت عن السرقة فقال تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} (المائدة:38)، فقال: {والله عزيز حكيم} ولم يقل: غفور رحيم، وهذا ما حدث مع الأصمعي حينما قرأ الآيات وأخطأ فقرأ: غفور رحيم، بدلا من قوله: عزيز حكيم، فقال له الأعرابي: والله لا يمكن أن يأمر بالقطع، قطع اليد، ويقول غفور رحيم، فلا تتناسب الرحمة مع العذاب،.. وبعد مضي فترة صليت بالمسلمين إماما في الفجر في مسجدنا القريب، وقرأت تلك الآيات من سورة المائدة.. وبعد أن انتهيت من الصلاة وجلست أسبح عقب الصلاة فجأة وقع في نفسي تفسير لذلك فقتح الله به عليّ فقلت لنفسي: عندما قال الله لعيسى عليه السلام: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد} (المائدة: 116-117)، فعيسى لم يقل أصلا هذا الكلام وإنما وقع موقع التحذير للناس على لسان عيسى عليه السلام، فلم يحدث ذنب يستوجب المغفرة والعفو والصفح وإنما هو على وزن امتناع الامتناع، أي لو قال عيسى، وحاشاه أن يقول هذا ويدعو الناس لاتخاذه وأمه إلهين من دون الله، لاستوجب التوبة من مثل هذا القول؛ لذلك قال: {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقه..} فحمدت الله على هذا الفتح وخررت ساجدا لله، وكلي يقين أن القرآن لا تنقضي عجائبه وقد يفتح الله عليك أخي الحبيب بما هو أفضل مما فتح عليّ والله ولي التوفيق.
7- إن تدبر القرآن لهو أعظم الوسائل الموصلة لهذا الهدف، وفيه تحقيق للغاية التي نزل لأجلها، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} (ص:29)، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (محمد:24).
8- وإن لم تستطع القراءة فعليك بالاستماع؛ فمن استمع فله مثل أجر القارئ، لك بكل حرف عشر حسنات، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله [: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»(4)، شريطة أن تحاول التعلم؛ فكم هم الذين لا يستطيعون التلاوة وبعد اجتهادهم فتح الله عليهم بالتلاوة والحفظ، وفضل الله واسع يؤتيه من يشاء، وهو ذو الفضل العظيم، وهو نوع من الجهاد، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} (العنكبوت:69).


اعداد: د.محمد أحمد عبد الكردي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-03-2024, 08:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: طريق الانتساب إلى أهل القرآن وثماره

طريق الانتساب إلى أهل القرآن وثماره (2من2)



تناولنا في الحلقة الأولى خارطة طريق لكي تكون من أهل القرآن وخاصته، بالتقرب إلى الله بالتلاوة لآيات القرآن الكريم وتدبر معانيه والوقوف على فهم الآيات والارتباط الدائم واليومي بالنظر إلى الآيات والقراءة بما يحفظ القلب ويزيد الخشوع، وفي هذه الحلقة نستكمل طرق التقرب إلى الله بحفظ كتابة وتدبر معانيه.
9- أخي الحبيب: أكثر من تلاوة القرآن الكريم وسماعه، وليكن لك صاحبا بالليل والنهار، فالقرآن يأتي شفيعا لأصحابه كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان- أو: كأنهما فرقان من طير صواف- تحاجّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة»(5) والبطلة، أي: السحرة.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: «أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ فقلنا: يا رسول الله كلنا نحب ذلك، قال: «أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو فيقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل»(6).
10- أخي المسلم طريق الوصول للانتساب لأهل القرآن يوجب عليك أن تتقدم خطوة أخرى وترتقي درجة، فحاول أن تكون ماهرا بالقرآن، ومتقنا لتلاوته، لتكون مع السفرة الكرام البررة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران»(7).
11- حاول أن تصعد للأعلى فتتجه لحفظ القرآن، فلا تجعل جوفك خاليا من القرآن؛ فالجوف الخالي من القرآن كالبيت الخرب، فبادر ليكون انتسابك إلى أهل الله أسرع، وترتقي إلى الدرجات العلى، فحفظ القرآن أو ما تيسر منه يجعل القلب يقظا لا يقع في المعاصي، لأنه يرى بنور الله، فلا عاصم إلا باتباع منهج الله بتلاوة وحفظ كلامه وتطبيقه، ويخشى أن يأتي زمان ترفع فيه المصاحف ولا يبقى من القرآن إلا ما في الصدور.
12- أخي المسلم لو وصلت إلى ما تريد وأصبحت من أهل الله وخاصته؛ فاعلم أن عليك واجبا، وهو تعليم أهلك القرآن، فعلّم زوجتك وأولادك وبناتك وسائر ذريتك القرآن، وبادر بتسجيلهم في حلقات القرآن، نشئهم على حب كتاب ربهم، علمهم فهمه وتطبيقه؛ فالخير كل الخير فيه، وتعاهدهم بتربيتهم تربية قرآنية، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (التحريم: 6).
13 - ومن الواجبات عليك تعليم جيرانك وما تيسر لك تعليمه من مجتمعك وأن تشارك في دعم الجهود المبذولة في خدمة تلاوة القرآن وتحفيظه، التي تبني أجيالا قرآنية فلك مثل أجورهم لا ينقص من أجورهم شيء؛ فالدال على الخير كفاعله.
14 - من عوامل ما يوصلك إلى الله ولتكون من أهل القرآن ومن أهل الله وخاصته، أن تتأدب وتتخلق بأخلاق القرآن، فقد كان خلق نبيك محمد صلى الله عليه وسلم القرآن، قال تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم: 4)، وروي عن عائشة - رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتأول القرآن»(8)، ومعنى التأول هنا: هو التطبيق العملي للقرآن والتخلق بأخلاقه؛ فإذا قرأ آية فيها استغفار استغفر، وإن كان أمراً امتثل به، وإن اشتملت على نهي انتهى عنه، وهو قدوة لنا صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} (الأحزاب: 21)، نأخذ مناسكنا عنه: «خذوا عني مناسكم».
أخي المؤمن، اعلم أنك لو تمثلت القرآن لأصبحت قرآناً يتحرك، فتكون ربانيا ملتزما بأمر الله ومطيعاً له، فأنت من أهل الله وخاصته، وهذا من طريق الوصول إلى هذا الهدف السامي، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: «اقرؤوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله».
فالله قد أنزل القرآن للتعبد بتلاوته والعمل به، فاهتد بهديه، وامتثل أوامره، واجتنب نواهيه، تسعد في دنياك وآخرتك، كان الصحابة - رضي الله عنهم - يتعلمون من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ثم لا يتجاوزونها حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا، وهذا النوع من التلاوة هو الذي عليه مدار السعادة والشقاوة، أهل القرآن أبعد الناس عن الشرك وفعل الكبائر وسائر الموبقات، وهم أولى الناس بفعل الطاعات والالتزام بالتوجيهات القرآنية.
فأهل القرآن هم الذين لا يقدمون على معصية ولا ذنب، ولا يقترفون منكراً ولا إثماً؛ لأن القرآن يردعهم، وكلماته تمنعهم، وحروفه تحجزهم، وآياته تزجرهم، ففيه الوعد والوعيد، والتخويف والتهديد، وإن وقعوا في الزلل أسرعوا بالاستغفار والتوبة، قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} (آل عمران: 135).
15 - إذا أردت أن تكون من أهل القرآن فلابد أن تكون من الدعاة للقرآن ومن المدافعين والمنافحين عنه؛ فلا ينبغي لك أن تسكت عمن يتهجم على القرآن أو يستهزئ له، أو لا يكترث به، جادلهم بالتي هي أحسن، وابتعد عن الجدال الذي لا خير فيه.
أخي المسلم.. قد تصارحني وتقول لي: حاولت أن أفعل ما قلت فأحببت القرآن وعشقته، وتلوته مرات وتركته أوقاتا، وسعيت لتعلم تلاوته، وحاولت تعليمه لأهلي، ومن استطعت التواصل معه وحرصت على تطبيقه والتفاعل معه والتخلق بأخلاقه ودعوت إليه، غير أني تمر بي أوقات وربما أيام وقد تصل للشهر ولا أقرأ شيئاَ، فهل بعد أن وصلت وفعلت ما فعلت خرجت من الانتساب لأهل القرآن.. لأهل الله؟ هل حرمت من ذاك الفضل العظيم؟ أقول لك: لا تحزن فالله لن يضيعك، فما عليك إلا أن تعود وتتلمس الأسباب التي أودت بك لمثل هذا الانقطاع وتعالج نفسك بنفسك، قال تعالى: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} (القيامة: 14)، والله يحب العبد التائب إليه الراجع لطلب رحمته، ففي الحديث: «والله لولا أنكم تخطئون ثم تتوبون لأتى الله بأقوام يخطئون ثم يتوبون»(9)، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون فلا تيأس من رحمة الله تعالى، قال تعالى: {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} (يوسف: 87).
قد تسألني: ماذا لي إن التزمت بكل ذلك، وحرصت على تلاوة القرآن، ماذا لي؟
أقول لك: أبشر بكل أنواع الخير، أبشر بالفرج فلك الآتي:
1 - لك رضوان الله ورحمته وغفران، قال تعالى: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} (فاطر: 29 - 30).
2 - لك النجاة من الفتن؛ فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون فتن كقطع الليل المظلم» قلت: وما المخرج منها يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم : «كتاب الله تبارك وتعالى»(10) نعم فالقرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه.
3 - لك الخير العميم: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»(11)، وقال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} (آل عمران: 110).
4 - تنال الدرجات العلا في الجنة: فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها»(12).
5 - لك الانضمام إلى أهل الرفعة والمكانة والشرف في الدنيا والآخرة، قال : «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين»؛ فالتفضيل بالإيمان والقرآن، لا بالنسب والبنيان، فأنت مقدم في أعظم الأمور وأشرفها، فأنت المقدم في الصلاة، يقول النبيصلى الله عليه وسلم : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»(13)، ومما يدل على هذا التقدم حتى بعد الموت ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في دفن شهداء أحد، فقد أخرج البخاري عن جابر - رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول: «أيهما أكثر أخذا للقرآن، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد»(14)، فبعد موتك أنت المقدم ومهما كنت موصوفاً بنقص عند الناس، فكتاب الله يذهب نقصك ويرفع قدرك.
6 - لك الرحمة والسكينة وتحفك الملائكة وتنال المغفرة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده»(15).
7 - لك دفاع القرآن عنك يوم القيامة أمام الله، قال صلى الله عليه وسلم : «يؤتي يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما رسول اللهصلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال، قال: «كأنهما غمامتان، أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما»(16).
8 - لك التثبيت في الدنيا، قال تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}(الفرقان: 32)، وقال تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} (إبراهيم: 24 - 26).
9 - لك أن تلبس حلة الكرامة فعن أبي هريرة - رضي الله عنه أن رسول الله[ قال: «يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول القرآن: يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق، ويزداد بكل آية»(17).
10- لك أن تشفع لوالديك ولغيرهما يوم القيامة كما جاء في الحديث الذي حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله[: «من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن»(18).
11 - لك أن تتعلم العلم النافع الغزير، قال تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم}(البقرة: 282)، علم تكتسبه بالأسباب بتوفيق من الله، وآخر هبة من الله يفتح به عليك بما يوافق الشرع ولا يخرج عن حدوده.
ولك أن تنال السلوك الطيب المستقيم؛ فإن حامل القرآن طيب يشع منه القول الطيب والسلوك الطيب والسمت الطيب، بل الرائحة الطيبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر»(19)، فأنت طيب ظاهراً وباطناً؛ لأنك تحمل القرآن العظيم في صدرك وتطبقه على جوارحك.
وفي الختام احرص -يرحمك الله- على التقرب من الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ لتكون من أهل الله ومن المنتسبين إليه، ولن تتقرب إلى الله بشيء أفضل من كلامه، واعلم أنه لا عز لنا ولا نصر ولا تمكين ولا رفعة ولا شرف ولا كرامة إلا بالقرآن العظيم، ولا حل لمشاكلنا إلا به، اللهم اجعله لنا إماما ونورا وهدى، وشفيعاً واجعلنا من أهله، آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


اعداد: د.محمد أحمد عبد الكردي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.39 كيلو بايت... تم توفير 2.18 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]