السهر من آفات الزمان (نعيب زماننا!) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 849962 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386164 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-06-2019, 09:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي السهر من آفات الزمان (نعيب زماننا!)

السهر من آفات الزمان (نعيب زماننا!)
د. غنية عبدالرحمن النحلاوي




(نَعيب زماننا!)




قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾ [يونس: 67].

وما أكثر ما كتب ونشر عن السهر: تربويًّا واجتماعيًّا، أدبيًّا أو علميًّا.

وذلك بين النصح والقدح، وبقايا من ترانيم الشعراء والأدباء.



مقدمة: هل السهر طبيًّا هو نقص ساعات النوم أم فوضى النوم؟! الواقع أنه الأمران معًا؛ لأن السهر معناه عدم النوم ليلًا؛ لذلك يقال: "فلان يسهر ليلًا، وينام نهارًا"،وبالتالي فإن القول: إن مدة النوم الصحي سبع أو ست ساعات على الأقل جملة ناقصة، أضف لها "ليلًا"، فلو نام فلان هذا في النهار ساعات تعادل ما فاته من نوم الليل، لما أجزأَتْه، ولَمَا عوضت الخلل الفيزيولوجي البيولوجي[1]الناجم عن السهر، لا سيما لمن هو ديدنهم لمدد طويلة.



وعلى الأقل، فمما يعرفه الناس أن النوم العميق الذي لا بد منه لراحة الأعصاب والعين والأذن لا يحصل إلا مع هدوء الليل وظلمته،وأن الله تعالى قد جعل للإنسان دورةً يومية مع تعاقب الليل والنهار تؤثر فيه كما في الكون والكائنات، وعلميًّا يسمونها الساعة البيولوجية (أي الحياتية).



ولقد أجريت دراسات على أشخاص يسهرون، بالأحرى يعيشون يقظين ليلًا وينامون نهارًا، وغالبًا لأن عملهم ليلي، وكثرت عند هؤلاء اضطرابات نبض القلب، والصداع المزمن، والسكري الشبابي، كما وجد أنهم يصابون بالأمراض المعدية (الأخماج[2])، وخاصة الفيروسية منها (كالزكام) أكثر من غيرهم بكثير، وبالمتابعة تبين أن تسع مناوبات ليلية فأكثر كل شهر تترافق مع حدوث سرطانات (لا سيما الثدي والبروستات) بنسبة أعلى من حدوثها عند الناس العاديين.



ومع سيطرة العالَم الإلكتروني متفاعلًا كنت أم متلقيًا سلبيًّا، فقَدَ الليل إلى حد كبير روحانيته، وكذلك شاعريته، وتأثرت بشدةٍ وظيفتُه لسلامة أبداننا، وصحة ونمو أطفالنا الذين يُعانون رغمًا عنهم من الخسائر - النفسجسمية - بسبب السهر، والتي هي كالعادة أشد وَبالًا على النبت الغض مقارنةً بالذي اشتد عوده؛ لذلك سأركز عليهم في البحث.



ويرجع الدور الضار للسهر لعوامل عديدة، من أهمها: تأثيره السلبي على هرمونين بنَّاءين، هما: هرمون النمو، و"الميلاتونين".



سهَر الأطفال:

ولا أتحدث عن حالات خاصة كالسهر لمرض أو كرب، بل هي ظاهرة عامة حتى عند الصغار جدًّا (تحت السنة) مع الأسف، وفي بعض مجتمعاتنا التي صار فيها الاستثناء هو النوم المبكر، والسهَر هو القاعدة، يدفع الطفل الثمن.



وصور تتكرر:

أمهات شابات، وليس ما يشغلهن بحق سوى أسرتهن الصغيرة (طفل أو طفلين)، وحياة اجتماعية نشطة، آلَمني أن الواحدة منهن قد تمنع طفلها بعد شهره التاسع من النوم مبكرًا، رغم شدة نعاسه؛ حتى لا يستيقظ مبكرًا ويستمر يقظًا ويوقظها؛ لأنها كانت اعتادت أنه لو استيقظ يعود وينام للظهيرة، بينما هو "قرر" بعد شهره التاسع أن يغير نظام نومه، وينقص ساعاته، ويبقى مستيقظًا نهارًا! وليس هو مَن قرَّر، لكنها فطرة الله سبحانه!



في مرحلة تالية (غالبًا بين السنة الثانية حتى الرابعة) عندما يحاول الأهل تعويد الطفل على النوم المبكر: يغدو الأمرُ في غاية الصعوبة بعد أن اعتاد على السهر صحبةَ أبويه! وأغلب الأهل يؤجِّلون المحاولة لسن المدرسة.



ومِن نتائج ذلك المؤسفة: أن يكون الاستيقاظ مبكرًا السببَ الأهم - وربما الوحيد - لكراهية المدرسة، وانتظار الأطفال نهاية الأسبوع والعطلة الصيفية بفارغ الصبر؛ ليعودوا لِما اعتادُوه، أو عُوِّدوا عليه: سهَر الليل، ونوم النهار.



ورغم محاولات الأهل المتواضِعة في تلك الإجازات لا يستطيع الطفل النوم والمجتمعُ حوله في أَوْجِ صَحْوِه!



حقائق علمية:

ساعات نوم الأطفال: العدد والتوزيع للأسوياء:

تحوي مراجع طب الطفل تحت هذا العنوان معلومات في غاية الأهمية، سأوجزها لكم مع تفسير ملاحظاتكم من خلالها:

أولًا: منذ الولادة وحتى عمر 3 أشهر: ترتبط ساعات النوم وتوزيعها للطفل ذكر أو أنثى بشدة بسلامته ونموه المستقبلي: في هذا العمر يجب أن ينام الطفل مدة تتراوح بين: 16 - 20 ساعة؛ في الشهر الأول يكاد المولود يقضي يومه نائمًا، ويُفيق خلال ذلك لفترات قصيرة ومتقطعة مجموعها أربع ساعات على الأكثر، وبعد الشهر الأول تنقص ساعات نومه (وسطيًّا ساعة في كل شهر من هذه الأشهر الثلاثة)، وهو إما أن ينقصها من نوم الليل، أو من نوم النهار، ولكن القاعدة العامة في هذه الأشهر الثلاثة أن مدة النوم ليلًا تعادل مدته نهارًا، وتتخللها اليقظات القصيرة المتقطعة، التي تتزايد مجتمعة من الساعات الأربع المذكورة حتى (8) ساعات تقريبًا في نهاية الشهر الثالث، وهو ما أوضحه للأم المتبرمة الشاكية: "كان ينام طول النهار لا أدري ما به؟! حتى في الليل قل نومه!"، لا سيما حديثة العهد بالأمومة، أو التي يفصل بين ولديها أمد.



من الطبيعي أن ابنك سينقص ساعات نومه شهرًا بعد شهر، وهنا يبرز سؤال آخر:

س: إذا كان التوزع بالتساوي بين الليل والنهار في هذه الأشهر الثلاثة، لماذا تتكرر شكوى الأمهات من أن ابنها لا يدَعها تنام؟!

السر هو فيما نسميه "دورات النوم"، ويبلغ طول كل دورة عند الرضيع (في هذا العمر): (1 - 4) ساعات نوم، تفصلها يقظات، يختلف طولها من طفل لآخر، وقد تطول لتبلغ ساعة أو ساعتين، كما أن هذه القاعدة عامة، ولها استثناءات، مثال: الطفل الذي ينام أربع ساعات متواصلة وسطيًّا، لديه خمس دورات نوم في اليوم، يفصل بينها يقظات، كل منها ساعة وسطيًّا (المجموع: 24 ساعة)، فنفس الطفل قد يغير طول فترة النوم أو فواصل اليقظة حسب الطوارئ؛ كشعوره بالمغص، أو البرد والحر.



ثانيًا: الرضيع: بعمر (3 - 12) شهرًا:

ينام الطفل منذ مطلع الشهر الرابع (15 ساعة) وسطيًّا، وهي تتناقص في منتصف المدة؛ أي: بعد الشهر السادس إلى (13 - 14) ساعة نوم، والمهم أن يعلم الأهل أن الوضع السويَّ هو أن تطول مدة النوم ليلًا، وتقصر نهارًا، وهذا يحدث تلقائيًّا، ومن الخطأ التدخل لعكسه ليتناسب مع ظروف ونشاطات الأسرة (التي تكون استمرارًا لما خبره عندما كان في الرحم)، بل يجب مساعدة الرضيع بتأمين الأجواء المناسبة ليكون توزع الساعات كالتالي:

يجب أن ينام الرضيع على الأقل (11) ساعة ليلًا، وثلاث (3) ساعات نهارًا، تنقسم على قيلولتين غير متساويتين بالضرورة (بعض الزيادة والنقص من طفل لآخر).



وفي الأطفال بعمر 9 - 12 شهرًا قد تطول القيلولة وتكون وحيدة، ولكن لا تزيد مدتها عن 2 - 4 ساعات.



وبحمد الله فإن معظم الأطفال (70 - 80%) ينتظم نومهم ليلًا بعمر تسعة أشهر، وأكد الباحثون أن البقية الذين لا ينتظم نومهم، فذلك لاستمرار ممارسات الأهل الفوضوية في الحياة اليومية، وتركز النشاطات ليلًا، بما فيها الطعام!



وتتصاعد شكوى الأمهات لأن الطفل لم يعد ينام إلا ساعتين طوال النهار، ونادرًا ثلاث ساعات!



لكن مع هذه المعلومات يجب ألا تستغرب الأم، لقد ولى عهد النوم ثم النوم ثم النوم نهارًا، والطفل السويُّ يبدأ هنا بممارسة حياة نهارية منذ الصباح، يحتاجها تطوره ونموه الجسمي والفكري والنفسي، وهذا سيأخذ من وقت الأم، أو يحرمها من النوم حتى الظهيرة، وكلمة ليل تعني "ليل"؛ لذلك مِن أسوأ ما تفعله الأم الشابة أن تجبِرَ طفلها على عدم النوم، حتى لو نعس قبل الثانية ليلًا فلا يُفيق قبل الواحدة ظهرًا، ثم تقول بفخر: نام أكثر من عشر ساعات!



والأسوأ أن تسمع جارتها أو أمها تؤكد عليها في التاسعة ليلًا: لا تدَعيه ينام الآن، إذا نام سيُفيق في الثالثة جائعًا! وعندما تجيب: أرضعه ويعود للنوم، يتكرر التحذير: سيُفيق لك في التاسعة صباحًا ويجلس؛ فإياك!



ممارسات نراها في تزايد! وأقول لكل أم: إياكِ أن تظلميه بحرمانه من النوم حتى تتَّفِق ساعاتُ نومه مع نومك المتقلب الخاطئ؛ فهو ليس أنت، وفيزيولوجية جسمه تقتضي أن ينام ليلًا، دون أن ننكر جهاد الأمهات وتعبهن في فترة الطفولة كاملة، لا سيما المرضعات في أول عامين.



ثالثًا: قبل سن المدرسة: وهي الفترة الممتدة بين عمر سنة إلى ست سنوات، وهي على قسمين: (من1 - 3، ثم من 3 - 6 سنوات):

مجموع ساعات نوم الطفل في هذه الفئة العمرية يجب ألا يقل عن11 - 12ساعة، وتنقص مدة القيلولة، ويعاند الطفل غالبًا فلا يرغب بالنوم نهارًا، وفي عمر خمس سنوات 20% من الأطفال يفيقون ليلًا،وهنا من جديد يبرز دور ممارسات الأهل الخاطئة في رفع هذه النسبة كالسابق.



أما اضطرابات النوم الشديدة التي يغلِبُ أن تظهر في الفترة الثانية؛ أي بين (3 - 6سنوات) - فأهم أسبابها: حالات "الكوابيس، ورُهاب النوم"، و"قطع النفس الانسدادي" التالي غالبًا لضخامة الناميات الأنفية.



رابعًا: الطفولة المتوسطة: الأطفال بعمر: 6 - 12 سنة، هؤلاء يجب أن يناموا عشر ساعات، معظمها أو كلها ليلًا؛ فهم قلما ينعسون نهارًا، وفي هذه المرحلة العمرية يبرز دور المدرسة في تنظيم حياة الطفل، بما فيه نظام النوم واليقظة، ويُصبح الفرق كبيرًا في مدة النوم ليلًا: بين أيام المدرسة وأيام الإجازة.



وبالتالي يتزايد شيوع الكوابيس، وظاهرة الأرق، وهي مرتبطة غالبًا بتأخير بَدْء النوم!



أخيرًا: سن المراهقة:الوضع المثالي أن ينام هؤلاء الفتية (9 تسع) ساعات، ولكن الشائع واقعيًّا أن أكثرهم ينام سبع ساعات في اليوم، وهو نوم غير منتظم، ويرتبط باليقظة باكرًا،وينصحون بقيلولة لا تزيد عن نصف ساعة بين الظهر والعصر.



ووجدت الدراسات أنه تشيع عند الفتية المراهقين نتائج ما يسمى طبيًّا: "الحرمان من النوم"، منها:

1 - متلازمة الأطراف غير المرتاحة.

2 - الحركات الدورية بالساقين.

3 - اضطراب فكري سلوكي تم تصنيفه لدى المراهقين؛ إذ يحدث تاليًا لـ: "الحرمان من النوم"، حالة سميت "تناقص الوعي النهاري (الإدراك)"، وتحدث في منتصف البلوغ!



ونشير إلى أن "الحرمان من النوم" ليس وصفًا عامًّا، بل هو مصطلح طبي خاص، وهو يتأثر بشدة بهرمون الميلاتونين الذي سنتحدث عنه.



سهر ما بعد الطفولة: الكهول والمسنين: من الحكم الصحية: (كلما زاد السهر ليلًا بعد الساعة 12، اقترب الإنسان من الشيخوخة سريعًا)، وتمنَع قوانين الطب في بعض الدول الاستمرار في العمل الليلي بصورة دائمة، وتفرض المناوبة على ذلك بشكل دوري.



وفي هذه الأعمار - كما هو الحال عند المراهقين - تَشيع نتائج ما سميناه: "الحرمان من النوم"، وقد دهش العلماء حين اكتشفوا "رد فعل الجسم العجيب" - كما وصفوه - على هذه الحالة، وأكثر ما أدهشهم ما سموه: "الغفوات المفاجئة"، و"النوم الأصغري" - أو المجهري إن شئتم - (Micro sleep).



وأرى - والله أعلم - أن هذا رحمة من الله تعالى الذي خلق أجسامنا وبرمجها للمحرومين من النوم، وهذا هو "تغشية النعاس أمنة"؛ يقول تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ [الأنفال: 11]، (والنُّعاس هنا معناه النوم)[3].



ولو أنهم اطلعوا على هذه الآيات التي تنزلت قبل كشفهم بمئات السنين وقصة نزولها،لما تعجَّبوا وحسب، بل لذهلوا وخرُّوا ساجدين! ذلك أنه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]!



ومن إحصائيات العالم الصناعي، وجد أن العمل الليلي يمثل مصدر خطر صحي، ويترافق بازدياد العقم والأرق والسرطان والأخماج كما أشرنا، ويترافق كذلك بنقص معدل الإنتاج، وزيادة الحوادث،وكل هذا يتضاعف باستمرار العمل لفترة طويلة ليلًا مع عدم إمكانية تكييف الساعة الحيوية للجسم، أما المسنُّون فأرَقُهم لا يتعلق بالعمل، وهنالك المزيد عن سهر "الكبار" مما يفوق مساحة بحثنا، ولكن نشير إلى أنه تتكاثف الجهود لمعالجة أرق المسنين بالتوصيات العامة، وأحيانًا بالعلاجات الدوائية غيرِ التقليدية:

مِن ذلك: أنه بدأ بعض الأطباء في الولايات المتحدة في السَّنَوات الأخيرة بوَصْف هورمون الميلاتونين؛ نظرًا لأنه أقوى من أقوى مضاد أكسدة! وقد اعتبره البعض هرمونًا مضادًّا للشيخوخة التي ينقص النوم خلالها، وتضعُف المناعة، وتزيد نسبة الأورام، وعلى عكس الحبوب المنومة فإن الميلاتونين لا يسبب الإحساس بالدوار في الصباح، كما أنه يقلل الاضطرابات التي تصيب المسن خلال النوم بسبب بعض الأدوية الضرورية التي يتناولها.



وكذلك يوصف: "هرمون النمو" للمسنين؛ وذلك لتنظيم النوم وزيادة الحيوية في النهار.



وهذا ينتقل بنا للعنوان التالي للمزيد عن هذين الهرمونين:

تداخل السهر مع الهرمونات ونتائجه السيئة في جميع الأعمار:

يتدخَّل النوم الصحي في إفراز وعمل العديد من هرمونات جسمنا، وسنتحدث من بينها عن هرمونين هامين، أشرنا لهما قبل قليل، يكرهان السهر:

أولًا - هرمون النمو: وهو هرمون يبدأ دوره منذ الولادة، ولا يتوقف مع النضج واكتمال النمو، بل إنهم اكتشفوا أنه يستمر في عمله الإيجابي حتى الشيخوخة، ولكن ينقص مقداره في الجسم مع تقدُّم العمر، وتختلف وظائفه.



ذروة إفرازه العظمى من الغدة النخامية تحدث في النوم العميق! وعمله الحقيقي يتم وطفلك نائم ليلًا، فيحفِّز تكاثر خلاياه وتجديدها، وقد تبين أن "الحرمان من النوم" يترافق مع عَوَز شديد فيه، وهو يوجد في الدورة الدموية بكمية كبيرة وكافية للنمو عند الذين يستيقظون باكرًا، سبحان الله، حيث يجُول في الدم، ويتوزَّع على الأنسجة والخلايا منشطًا النمو، وزائدًا الطول، ومقوِّيًا للهيكل العظمي، بينما يسبب نقصه (الخلقي أو المكتسب) قصر القامة والقزامة،ولكن حتى اليوم لا زال العديد من وظائفه مجهولًا، ولا زال مجالًا خصبًا للدراسات والكشوف العلمية.



ومِن أهم ما عرف عن "هرمون النمو": أنه يملك - عبر متوالية حيوية - تأثيرات محفزة للخلية البانية للعظم (بالإنجليزية: osteoblast)، ومنشطة للخلايا الغضروفية، وهو كذلك يعزز استحداث السكر وتخزينه في الكبد على شكل مولد السكر (غليكوجين)، ويحافظ على هذا المخزون للطوارئ، وبناءً عليه فهذه أهم وظائف هرمون النمو، أوجِزها ليعلم الأهل بعض الخسائر التالية لفوضى النوم ونقصه عند أطفالهم:

1 - تأتي على رأسها وظيفة النمو التي اشتُقَّ اسمُه منها: (اسمه هرمون النمو): حيث يزيد الطول عند الأطفال والمراهقين، إضافة إلى أنه يحرض نمو العضلات وجميع الأعضاء الداخلية في الجسم باستثناء الدماغ.



2 - وظيفة الاحتفاظ بالكالسيوم: مما يساهم في زيادة تمعدن العظام وتقويتها.



3 - كما ثبت أن هرمون النمو يزيد كتلة العضلات، ويلعب دورًا في المقدرة على التوازن.



3 - ومِن دقائق صنعته أنه بينما يحفِّز تكسير المواد الدهنية والشحوم فهو يزيد إنتاج البروتين الذي يمثِّل أهمَّ عناصر البناء في البدن.



4 - والمدهش أن هرمون النمو يحفز الجهاز المناعي المؤهل للدفاع عن الجسم ضد الكائنات المجهرية الممرضة (جراثيم فيروسات طفيليات فطور)، ولعل هذا يفسر إلى حد ما زيادة إمراضها عند الذين يديمون السهر، كما ذكرنا.



توفره الدوائي:

تطورت الأشكال المصنعة من هذا الهرمون الهام، وفي عام 2006، وافقت هيئة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة على نسخة من أحدثها لعلاج الذين يعانون من نقصه، ورغم أن الاستعمال الرئيس لهرمون النمو هو حالات فقده الخلقي أو المكتسب، لا سيما عند الأطفال - فإن فكرة إمكانية استخدام هرمون النمو لمكافحة الشيخوخة دخلت الثقافة الأميركية، كما أشرنا[4].



ثانيًا: هرمون الميلاتونين: ويسمى هرمون النوم، وتفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ المتوسط ليلًا، ويتوقف إنتاجه نهارًا مع ضوء الشمس؛ حتى يتمكن الإنسان من الاستيقاظ وممارسة أعماله ونشاطاته،وهو يقوم بدور المنبه والمنظم للساعة البيولوجية (الحيوية) الخاصة بجميع أعضاء الإنسان، ويفرز جسمنا الميلاتونين حين تواجه أعيننا الظلام ليلًا؛ حيث تتلقى خلايا الغدة الصنوبرية إشارات بذلك، وقد شبهوا الأمر بزر التشغيل والإطفاء في الأجهزة؛ فالليل بالنسبة له يماثل زر تشغيل "أون": يُفرز، والنهار: "أوف" إطفاء وتوقف، فينقطع الإفراز، وإن فترة وكمية إفرازه تتناسب طرديًّا مع طول ساعات الليل، وفي الإنسان تتم عملية إفراز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية بشكل مطلق خلال ساعات الليل، وهو سبب إحساسنا بالنعاس أثناء الليل، ووجَد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من الأرَق لديهم نسبة منخفضة من الميلاتونين بالدم، فهو الذي يساعدنا على النوم المريح الصحي (موضوع بحثنا)! وقد برهنت دراسات عديدة على أن هذا الهرمون يفيد في اضطرابات النوم، مثل: صعوبة النوم، أو البقاء في نوم عميق، خاصة لدى المسنين.



وتقوم فعالية الميلاتونين على النوم ليلًا، والصحو نهارًا! حتى لو أطفئت الأنوار وأسدلت الستائر ونمت نهارًا، فالوضع لن ينصلح؛ كون الهرمون يستهلك نهارًا (وربما يتخرب بالضوء)! واليوم يتحدثون عن أثر الإضاءة الناتجة عن أجهزة الهاتف المحمول وشاشات الكمبيوتر في نقص مستواه في الدم! من ذلك: دراسة علمية أجريت على ١٢ شخصًا خلال ٥ أيام، طلب منهم القراءة بكتاب رقمي (digital)، وبعدها القراءة ٥ أيام بكتاب عادي، وذلك قبل النوم، فلاحظوا أنه في الأيام التي تمت القراءة فيها بكتاب عادي ورقي:

نوعية النوم كانت أفضل - ودورات النوم أقل اضطرابًا - والاستيقاظ كان أفضل!

وقد عزا العلماء التأثير السيئ للكتاب الرقمي لتأثير الشاشات على إفراز الميلاتونين.



وفي دراسة أحدث نشرت أول آذار 2016 تبين أن القراءة لمدة (30 دقيقة) من حاسوب لوحي (آيباد) قبل النوم تقلل الشعور بالنعاس، وتسبِّب الأرَق.



أما وظائف هرمون الميلاتونين الأخرى، فلا زال الغموض يكتنف الكثير منها، ولكن عرف عنه:

أنه هام جدًّا لسلامة جهاز المناعة الذي يحمينا من الأوبئة (الأمراض المُعْدية).



وأنه يمنع تطور السرطانات؛ لذلك يتم حاليًّا إضافة الميلاتونين إلى أنظمة علاج السرطان؛ لكي يحسِّن من النتائج، وفي نفس الوقت يقلِّل مِن الآثار الجانبية.



وأنه هام لصحة الدماغ عند المسنين: فقد وجَد باحثون في معهد هولندا لأبحاث الدماغ، أمستردام، أن انخفاض الميلاتونين الذي يحدث مع الشيخوخة قد يلعب دورًا في ظهور مرض الزهايمر.



الوقاية والعلاج بهرمون الميلاتونين:

يتوافر هذا الهرمون في صورة غذائية؛ فقد تم العثور على كميات صغيرة منه في اللحوم والحبوب (القمح والشعير والأرز والذرة)، والفواكه والخضار، وهي أهم المصادر الغذائية، وقد صار يتوافر كغذاء تكميلي في متاجر الأطعمة الصحية والصيدليات على هيئة أقراص وكبسولات وشراب لمعالجة حالات الأرق، كالتي تحدث في فوضى ساعات العمل وعند السفر، وعند المسنين.



وفي بعض الدول تعتبر الأشكال الصيدلانية للميلاتونين كأدوية وقائية، ويمكن أن تستعمل للعلاج (علاج الأرق، أو تضاف لأدوية السرطان كما ذكرنا)؛ لذلك يتم التأكيد أن يطبق هذا فقط وحصرًا بإشراف طبي مباشر.



ولكن الأهم أن نتذكر أن جسمنا يصنعه ويوفره بكميات كافية فقط عندما ننام ليلًا وفي الظلام، بحمد الله وفضله!





[1] الفيزيولوجيا: علم وظائف الأعضاء، والبيولوجيا: علم الحياة، وترجمها أستاذنا "سعيد الحفار": الحياتيات.




[2] الخمج كما عرفته في أبحاث سابقة: هو نزول العامل الممرض في ساحة الجسم.




[3] وجاء التعبير عن النوم بلفظ "النعاس" و"نعاسًـا" في موضعين من كتاب الله العزيز: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ﴾ [الأنفال: 11]، والثاني: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا ﴾ [آل عمران: 154]، والنعاس بالمعنى الآخر - أي قرب النوم، ولا نوم - ليس أمنةً، كما يعرِف كل من جرَّب ذلك.




[4] هرمون النمو المصنَّع هو دواء وليس مكملًا غذائيًّا، وننبه لكون العديد من الشركات التي تبيع المكملات الغذائية لديها مواقع إلكترونية لبيع المنتجات التي ترتبط بهرمون النمو في نص الإعلان، ولديها أسماء طبية، ولكن بنظرة سريعة تجد أنها وصفت بـ: "مطلقات هرمون النمو"، وأنها منتجات مصنوعة من الأحماض الأمينية والمعادن والفيتامينات، أو منتجات عشبية، وتوصف على أنها تجعل الجسم يفرز المزيد من هرمون النمو، وهي ليست "هرمون النمو" في حد ذاته، وبموجب قانون الولايات المتحدة، فإن الشركات التي تبيعها في الولايات المتحدة لا يمكنها أن تدَّعي أن المكمل الغذائي يعالج أو يمنع أي مرض، علمًا أنه تختلف سياسة الدول تجاه تصنيف المكملات الغذائية، والأمر ينطبق على الميلاتونين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.62 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]