لن أكذب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11941 - عددالزوار : 191049 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2649 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 656 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 929 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1089 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 851 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 835 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 918 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92797 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-11-2020, 06:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,614
الدولة : Egypt
افتراضي لن أكذب

لن أكذب



ملك الحافظ







كثيرًا ما يوضع الإنسان في ظروف تُرغمه على الكذب ليُرضي غيره، ولكنه لن يرضى أبدًا عن نفسه، إن شيئًا ما يتأكله من الداخل، فيفقد احترامه لنفسه، وماذا يبقى للإنسان إذا فقَدَ ذاته؟

لقد تعرَّضت - ذات يوم - لموقف من هذا القبيل لكني خرجتُ منه مُنتصِرة، وكان شعاري: "لن أكذب"!

ما كادت موهبتي ترفع رأسها، وتخرج من بين لِفافات الضباب التي تكتنِف منطقة اللاوعي في نفسي، حتى صُوِّب لها أول سهم جعلها تترنح وتسقُط، ولا تعرف أتقِفُ على قدميها من جديد أم لا؟

كنت آنذاك في المرحلة الابتدائية، وعلى وجه التحديد في الصف الرابع الابتدائي، وكان ذلك في الخمسينيات من هذا القرن، وهذا أول عهدي بكتابة موضوع إنشائي كما سمَّوه يومئذٍ، كتبت بضعة موضوعات، أولها: وداع والدي المُسافر، ثم تدرجَتِ الموضوعات، لكني لا أذكر منها شيئًا الآن، شيء واحد أذكره، هو أنني كنت المجلِّية دائمًا، وكنت أنال العلامة الكبرى على صفِّي، إلى أن طلبَتِ المعلمة منا ذات يوم أن نتحدَّث عن بيوتنا، فتصف كل طالبة بيتها، مبيِّنة قيمته في حياة الأسرة، وجمْع شَملِها، وإحساسها بالأمن وهي في كنَفِه، ثم عرضَت علينا صورة شفهية لهذا البيت المثالي كما تخيلتْه هي: إنه يتألف من ثلاث غرف ومطبخ وحمام وسواها، يُضاف إلى ذلك باحة سماوية تتوسَّطها بحرة ماء، وهو منزل صحي لا يعرف الطبيبَ ولا الطبيب يَعرفه، الشمس تمسح على جبينه في الصباح، وتلوِّح له مودِّعة في المساء، والهواء يُهدي إليه قُبلةَ الصباح، ويربِّت على كتفه في المساء، أما الورد والياسَمين، فكان يَستلقي في الأحواض الترابية، وقد تُغريه الشمس فيمدُّ رأسه خارج الأحواض متسلِّقًا الجدران فيعطِّر جو البيت وينقِّي هواءه، ويُسعد نزلاءه!

لا أدري أي شيطان نفَخ في روع معلمتي حتى أملَتْ علينا هذا الموضوع الخطير، فأنا لم أكن لأعيش في بيت كهذا، ولم تكن أسرتي تَملك مفتاحه، وعلى وجه الدقة لم أكن أَملِك أُسرة، فأنا أسكن في المدرسة ذاتها التي أتعلم فيها؛ فأسرتي تشتَّت بعد طلاق أبويَّ، وكنتُ أنا مِن نصيب جدتي لأمي، وهذه اكتوَتْ بنار الحرب العالمية الأولى التي كانت تُسمِّيها: (السفر برلك) فزوجها جُنِّد في جيش الأتراك، وكان عليها أن تربِّي (نصف دستة) من الأطفال بطرق لا يعلم صعوبتها إلا الله وحده، وكبر الأولاد وتزوَّجوا، وكنتُ أنا حصيلة زواج ابنتها الصغرى التي ما لبثت أن طُلِّقت وتزوجت من جديد، ورسا المزاد عليَّ أن أعيش عند جدتي التي وجدت عملاً لها مُستخدَمةً في إحدى المدارس، ونظرًا لفاقتها وإخلاصها في عملِها كُوفئت بغرفة عفنة تتوارى في جانب من جوانب الباحة السماوية التي تضمُّ الصفوف، ولما لم تكن الغرفة صالِحةً للاستعمال قطُّ حتى ولا لتكون مطبخًا أو مستودعًا؛ فقد قُدِّمت لها لتكون سكنًا، وهكذا تدرجت في مراحل الطفولة وأنا أحبو بين جدران هذه الغرفة، ومِن ثَمَّ أَنمو وأكبر وأدخل المدرسة في سنٍّ مُبكرة بصفتي مُستمعة، ومن ثم تدرجت في الصفوف إلى الصف الرابع؛ حيث جاءت معلمتي من وراء الغيب لتنكأ جراحي، وتهتِكَ الستر عني أمام زميلاتي جميعهنَّ.

طبعًا معلمتي ورفيقاتي يعرفْن كل شيء عني، ويعرفْن غرفتي معرفةً تامَّةً، ولكن هناك فرقًا كبيرًا بين المعرفة العابرة وبين أن أنشُر قصتي أمامهن وأُجسِّدها على طريق الكلمات، وأُحوِّلها من حدث عابر يومي إلى حقيقة حية تتحرَّك على الورق وكأنها مخلوق من لحْم ودم يدبُّ أمامهنَّ.

إن كتابتي لهذا الموضوع تعني أنني سأُلقي الضوء على أركان خفية في غرفتي لا عِلم لرفيقاتي بها، وأكشف الستار عن أشياء غابت عن أنظارهنَّ، فهل أنا عاقة إلى هذا الحد حتى أتنكَّر لهذه الغرفة التي أصبحت جزءًا من وجودي؟

كان عليَّ أن أكتُب رضيتُ أم لم أرضَ، فأنا - ولا فخرَ - ضيفة الشرَف في كل درس تعبير (إنشاء)؛ فالمعلمة تستمع للعديد من الطالبات، لكنها ترجع إليَّ في النهاية ليكون موضوعي هو مسك الختام، فأقرؤه بين إطراء المعلمة، وإعجاب بعض الزميلات، وغِيرة البعض الآخر.

انكمشت على نفسي، حينما شرعَتِ المعلمة تشرح لنا صفات البيت المثالي، وشيء هائل يُقهقِه في أعماقي، كيف سأكتب عن شيء لم أرَه في حياتي، وكيف أُحسِن وصف شيء ما جربته قطُّ؟! وإذا لجأت إلى الخيال فسأكون كاذبة ومُضحِكةً للجميع؛ فالجميع يعرفون غرفة العفن التي تُواري جسدَين مهدودين من الهرم والفاقة وفقدان مقومات الأسرة، فكيف سأقف أمام منافساتي وأتحدَّث عن بيتٍ وهْميٍّ، وأُسهب وأنمِّق وأحبِّر، وكله كذب في كذب؟ لا، لن أكتب ولو غضبَت مني معلمتي، وحتى لو وضعت لي علامة الصفر، لن أتحمل سخرية زميلاتي لي، والنظرة الماكرة التي تطلُّ من عيونهنَّ، والتعليقات الساخرة التي تُفلت من ألسنتهنَّ.

إن كل واحدة منهنَّ بوسعها أن تكذب كما يروق لها، وتنعت بيتها بأجمل الصفات، ولن تكون مُحرَجة؛ لأنه ما من أحد سبق ورأى بيتها، فهي تُطلق العنان لقريحتها بلا وجلٍ ولا حرج، أما أنا، فالأمر مختلف، فمِن أين آتي بالنسيم العليل وهواءُ غرفتي عطن عفِن ثقيل يكتُم الأنفاس؟ ومن أين لي بشمس تضحَك له وتغازله، والشمس حين تراه تُشيح عنه، ويعتريها الوهن، وتصاب بالدوار والغثيان؟ ونبات الورد والياسمين كيف أمدُّ عرائشه على جدران غرفتي ولا يُعشعِش في زواياها سوى العناكب؟

أنا لست متألمة؛ إن غرفتي جزء من وجودي؛ فهي حاضنة طفولتي ومفجِّرة شبابي، ولست ممَّن يُنكر الجميل، ولكنَّ الذي يؤلمني كيف سأزوِّر وأكذِب وأدَّعي ما ليس لي؟

طوَيتُ أوراقي وخرجت مع زميلاتي إلى الباحة، وسحابة سوداء ترين على صدري، وأسناني تصرُّ وتضغط على شفتيَّ بعِناد وتمرُّد.

مضى الأسبوع بسرعة، وجاء يوم الاثنين، يوم (الإنشاء) التعبير، يوم الفرحة الكبيرة قبل أن ترميني معلمتي بهذه الداهية الكبيرة، أما يوم الاثنين الحالي، فهو متحدٍّ عنيدٌ لي، بل هو خصم جبار يهزُّني من الأعماق، ويرى كيف سأُحافظ على توازُني، وكيف سأُدافع عن مبادئي التي وضعتها خلف جدران هذه الغرفة القميئة، وهل سأحيد عنها وأتنازل لأظفر برضا مُعلمتي؟

بضع طالبات قرأنَ موضوعاتهنَّ قبلي، كما جرَت العادة، وحان دوري، وقفتُ - على عادتي - وحاولت أن أتماسك وقرأتُ:
معلمتي، لن أدخل في تفصيلات كثيرة، إن بيتي مؤلف مِن غرفة وحيدة لا تتجاوز مترَين في ثلاثة، جدرانه من الطين، وسقفه من الخشب، وكثيرًا ما سمعت خفْق أقدام تنبعِث منه، وحين أسأل جدَّتي عن مصدرها تقول لي: إنه نِمسٌ يركُض بين الأخشاب، ولا أدري مدى صحة قولها، فكنتُ أسمع وأهزُّ رأسي بلا فهم، أما أرضه، فمُغطاة بطبقة كثيفة من الخشب تمنع عنا رطوبة الأرض الشديدة أيام الشتاء، والأثاث مؤلَّف من سرير أنام عليه أنا وجدتي وقطَّتي، وخزانة ببابين تلمُّ ثيابنا، وطراحة من القطن وبضعة مساند من القشِّ، وبساط في منتصف العمر يُغطِّي أرضية الغرفة، هذا كل شيء.. أرجو المعذرة؛ لقد نسيت المنقل الذي نستدفئ بناره في الشتاء.

إن علاقتي ببيتي علاقة حب ورضا، فلم يَسبق لي أن حلمتُ ببيت أفضل، إن أحلامي طِفلة مثلي، ربما عندما أكبر أتمرَّد، وحين أرى بيوتًا أفضل أُشعلها ثورة، لكني الآن لا أستشعِر أي مشاعر من هذا القبيل.

أرجو المعذرة - يا معلمتي - فأنا لم أتقيد بعناصر الموضوع، وأعلم أني لن أنال علامةً جيدة، ولكني لا أريد أن أَكذب، فمَن يبدأ حياته بكذبة ولو صغيرةً، لا بدَّ أن يُنهيها بكذب أكبر وأبشع!

قبل أن يرنَّ الجرس مُعلنًا انتهاء الحصة الدراسية، كانت العلامة الكبرى تتربع إلى جوار اسمي، وصوت معلمتي ينبعث هادئًا: أحسنتِ يا بُنيتي، وأنا أتنبأ لك بمُستقبَل مُشرِق... تدافعَتْ زميلاتي نحو الباحة، وغبتُ في غمارهن مُنتشيةً بهذا النصر الكبير!






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.79 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]