موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 23 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836877 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379389 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191233 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1098 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #221  
قديم 06-04-2008, 05:40 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

ومن آياته منامكم بالليل

قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (الروم:23)
قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47)
مضار السهر و العمل في الليل :
لقد ذكر الله أن من الأدلة الدالة على قدرته و عظمته هو منامكم بالليل والنهار ، فسوف نطوف بالقارئ الكريم حول حقائق النوم ، و العمليات التي تتم داخل جسم الإنسان أثناء النوم ، و النظريات التي فسرت النوم و إلى غير ذلك ، وذلك لنبين أن النوم من العمليات المعقدة التي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى و قدرته .
الله تعالى لما خلق الإنسان و هو أعلم به قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)، فهو صممه على أساس أن ينشط و يعمل في النهار و ينام ويستريح في الليل ، أما عندما يخالف الإنسان هذا النظام فإنه يعرض نفسه إلى مشاكل صحية فقد أجريت دراسات على العمال الذين يعملون ليلاً فوجد أن ساعتهم الداخلية تضطرب بشدة ..! كما أنها ستأخذ وقتاً ، حتى : " تتكيف " مع الوضع الجديد و تتعود عليه .
و قد تستقر بعض النشاطات الجسمية في وقت قصير ، مثل ضربات القلب ، و إفرازات الإدراينالين و النور أدراينالين .. إلا أن نشاطات كثيرة أخرى قد تتطلب أياماً و أحياناً أسابيع حتى تستقر ، و تتعود على " الدورة الجديدة " و " الوضع الجديد " !.
و خلال فترة " التكيف " و العودة هذه ، عادة ما يحدث أن الوظائف الفسيولوجية الجسمية لا تكون قادرة على التآزر و التعاضد مع بعضها !.. و هذا بلا شك ، يؤدي إلى تغيرات الإنجاز و تغيرات في الإتقان و الأداء !!.
كما سوف يقل الإنتاج ، و تقل القدرة على التركيز ، و يصاب الشخص بالأرق .
و ليس ذلك فحسب ! ... فمن الدراسات الطريفة التي قامت بها باحثة تدعى براون ، هو أنها درست الحياة العائلية و الأحوال الصحية لعمال ورديات الليل والنهار ، فتبين لها أنه تظهر عليهم أعراض النوم غير المنتظم ، فهؤلاء يتعرضون لقلة النوم و الإرهاق .. فنومهم أقل مجلبة للراحة .. كما أن اضطرابات الجهاز الهضمي المعدي المعوية منتشرة بينهم !.. و السبب في ذلك بالإضافة إلى قلة النوم ، هو أنهم عادة ما يتناولون وجبات أقل انتظاماً و تغذية !.. و يستهلكون مقداراً أكبر من المنبهات مثل الكافئين ( الشاي و القهوة ) و التبغ ، ( لاسيما في مناوبات الليل ) !.
كما أنهم يعانون من التفكك العائلي ! حيث أن ساعات العمل الشاذة تخلخل المقاييس العائلية بخلقها جواً مناسباً للخيانة الزوجية !.. كما و يسبب التغرب عن أفراد العائلة و الأصدقاء ، الذين يعملون في ساعات النهار العادية !.
قال تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلي يوم القيامة ، من إله غير الله يأيتيكم بليل تسكنون فيه ؟ أفلا تبصرون ) [سورة القصص : 72].
لقد تمت بعض التجارب على الحيوانات .. فعرضت لضياء مستمر ، و نهار دائم ، فاختلت " توتراتها اليومية " و تأثرت تأثراً بالغاً !.
و رغم أن " الساعة البيولوجية " حاولت التكيف مع هذا الضوء المتصل إلا أن :
كل الأبحاث الحديثة ، تشير إلى عطب في تنظيم الحرارة !. و هذا الأمر من الأهمية ، و له من الخطورة ، و له من الحيوية .. الشيء الكثير !
و تشير إلى أن الجهاز التناسلي لهذه الحيوانات ، أصيب بتغيرات غريبة !!
فلقد شوهد مثلاً عدم انتظام الدورات التناسلية ، وقصرها عند البط الذي عرّض للضياء الصناعي المستمر !.
كما وجد أيضاً ، عند الثديات عديدات الدورات النزوية أن التعرض الطويل ، أو المستمر للضوء ، يغير في الوظيفة المبيضية أو الخصيوية على السواء !.
قال تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (القصص:73) .

الغدة الصنوبرية و النوم :
الغدة الصنوبرية :
الغدة الصنوبرية ، غدة صغيرة لا يزيد وزنها عن ( 120) ملغ ! لا تزيد عن ( 5ـ9) ملم طولاً ، و ( 3ـ 6) ملم عرضاً و (3ـ 5) ملم سماكة
موجودة على الوجه الخلفي العلوي للبطين الثالث ، أحد الأجواف الموجودة في الدماغ ، أمام الحديبات التوأمية الأربعة ، عناصر موجودة في الدماغ هذه الغدة تقوم بوظيفة ناقل عصبي صماوي ، أي غدة صماء تلقي بمفرزاتها في الدم ، حيث أنها تتلقى معلومات دورية ، عصبية ودية ، تنشأ عن تأثير الضوء المحيطي على شبكية العينين ، و استجابة لهذه المعلومات .
و نتيجة لعمل خميرة ( 5-Hydrox-Indol-o-Methyl Transferase)
و التي توجد بكمية كبيرة ، فقط في هذه الغدة ، يتركب الميلانونين الذي لم يكتشف إلا في عام 1958م ، و يفرز في مجرى الدم أو السائل الدماغي الشوكي ، ليعمل على الدماغ ، مؤثراً على عدة أحداث فيزيولوجية .
مثل : بدء البلوغ و الإباضة والنوم ، و قد يؤثر تأثيرات فيزيولوجية مباشر على الغدد التناسلية ، مثبطاً نضجها ووظائفها .
فلقد وجد أنه عندما تزرع كميات ضئيلة منه في الناتئ المتوسط لتحت المهاد أو في تشكلات الدماغ المتوسط تتوقف الزيادة التي يحدثها " الإخصاء " عادة ، في الحاثة الخلالية النخامية .
و كذلك يكبح الميلاتونين المحقون في السائل الدماغي الشوكي ، إفراز الحاثة الخلالية النخامية ، كما أنه يزيد من إفراز البرولاكتين أي هرمون اللبن .
و من الممكن أن يكون له أيضاً تأثير مثبط على وظائف الغدة الدرقية ، و قشر الكظر .
كما يؤثر أيضاً على السلوك . و على تخطيط الدماغ الكهربائي ...
كما أن إعطاءه يغير من مستوى السيروتونين في الدماغ .... والسيروتونين مادة لها تأثير فيزيولوجي حيوي على الجسم .. لأنها تقبض العضلات الملساء في الأوعية الدموية ، والقصبات ، و الأمعاء ، كما تنبه أو تثير الدماغ !
و نتيجة لتبدل تأثير الضوء المحيطي ما بين ليل و نهار ، ظلمة و ضياء ... فإن إنشاء الميلاتونين و إفرازه يتبدل دورياً خلال الأربع و العشرين ساعة اليومية ..
فالضوء المحيطي هو الذي يضبط تركيبه و إفرازه .. و هذا التغير في إفرازه يزود الجسم " بساعة منظمة " دائرية ، تخضع مباشرة للضوء في المحيط ..
فالضوء يزيد الـFSH [ أي الحاثة الجريبية التي تحرض نمو الجريبات في المبيض عند الأنثى ، مما يؤدي إلى نضج الجريب و حدوث الإباضة ، و إفراز الأستروجين .. و تؤدي عند الذكور إلى تحريض الأنابيب المنوية في الخصيتين لتكوين الحييات المنوية أو الأنطاف ، أيت تشكل النطف ] في النخامة ..
بينما يزيد الظلام الـ LH [ أي الحاثة الخلالية ، و هي تساعد الحاثة الجريبية على الإباضة و إفراز الاستروجين .
كما تحث على تكوين الجسم الأصفر ، الذي يفرز البروجسترون و الاستروجين ، عند الإناث . و عند الذكور تسمى ICSH، و هي في حالتي اليقظة و النوم ، لا يقتصر على الدماغ و الأطراف ، بل هو يشمل أجهزة الجسم المتعددة و أقسامه المختلفة و لذلك فإن رجحان " الميزان السرير" من جهة الرجلين أثناء النوم ، إنما يتم بتوزيع الدم بين جوف البطن و الأطراف ، و ليس نتيجة لزيادة الدم الآتية من الدماغ .
أهم النظريات التي تحدثت عن أسباب النوم :
نظرية النوم الكيماوية :
يتم في أثناء اليقظة العديد من النشاطات الجسمية ، فهناك . . غدد تفرز و عضلات تتحرك و قلب يخفق ! فكر يعمل ، عين تبصر ، بول يفرز ! أمعاء تتقلص و طعام يهضم ! .. و هكذا ..
و عشرات الوظائف الحيوية الفيزيولوجية تعمل !
و مئات بل آلاف من العمليات الكيمائية تتم !.
و كأي عمليات كيميائية ، فلابد من نواتج عنها ، أو " فضلات " و " شوائب " يلزم طرحها و التخلص منها من أجل استمرارية هذه العمليات .
فالجسم أثناء نشاطه هذا ، النشاط العضلي و النشاط العصبي ، في حالة اليقظة ، ومن خلال العمليات الكيماوية الحيوية ! و علميات الاستقلاب ( الأيض ****bolisim ) و احتراق الطاقات المختلفة ، ومن خلال هذه السلسلة من النشاطات و الفعاليات ، فإنه يتشكل فيه العديد من " الفضلات " و "السموم " !
هذه " الفضلات أو " المواد السامة " أو " المستقبلات الناهية " و تسمى أيضاً " سموم منومة " أو " مواد متعبة " ، تزداد تدريجباً في الدم ، و في السائل الدماغي الشوكي ، لاسيما لدى من يجبر على البقاء في حالة يقظة مدة طويلة ، و تتركز عند الدماغ و الجهاز العصبي ، لاسيما حذاء " التشكلات الشبكية " ، بمقدار يكبح نشاطهما .. فيشعر الإنسان بالخمول و النعاس ! .. ثم تزداد حتى تؤدي إلى " إنسمام " الدماغ ! فيحدث النوم .
و أثناء النوم ، و هدوئه و سكونه ، و هموده و خموده !.. يتخلص الجسم من هذه النواتج الضارة عن طريق انحلالها ،وتأكسدها ، فيستعيد الجهاز العصبي نشاطه ، و عندها يستيقظ الإنسان
و لكن ما هي هذه : المستقبلات الناهية " أو " السموم المنومة " !؟
إن متشينكوف ، تلميذ باستور ، يوضح لنا بعضاً منها ، حسب معارفه و علومه ! فيقول : " ارتأى ، بعض من درس هذا الموضوع ، أن عمل الأعضاء يولد مواد سماها " بوتوجين " تجلب الشعور بالنوم . و قال أنها تتجمع باليقظة ، و تنحل بالنوم بواسطة التأكسد .
و أن " حامض اللبن " أهمها عملاً ، استناداً إلى أن هذا الحامض يساعد على النوم .
و قام عالمان فرنسيان هما هنري بيرون و ليجدر و ذلك في عالم 1913 فقاما بالحلول بين عدد من الكلاب والنوم لفترة من النوم لفترة طويلة نسبياً ، بحيث يبدوا أنها قد أشرفت على الإجهاد و الإعياء ، و عند ذلك يعمدون إلى مصول دمائها فيأخذونها و يحقنون بها في أوردة كلاب أخرى ، قد أيقظت لتوها ، بعد أن نامت نوماً جيداً ، فبدت في حالة قوية ، نشطة ، و في حالة يقظة تامة ، فيجدون أن تلك الكلاب تستسلم فوراً للنوم عقب هذا الحقن !
و أعادوا التجارب بأشكال أخرى ....
فبعد أن حرموا كلاباً من النوم لمدة عشرة أيام متتالية ، متتابعة ، أخذوا منها " السائل الدماغي الشوكي " ثم حقنوا هذا السائل المأخوذ ، في البطينات الدماغية ( التجاويف المخية ) لكلاب أخرى في حالة نشطة ، و في حالة يقظة تامة ، بعد أن نامت نوماً مريحاً فوجدوا أيضاً نفس النتيجة السابقة ، حيث استسلمت هذه الكلاب للنوم ، عقب ذلك الحقن فوراً .
ونتيجة لهذه التجارب ، قرر العالمان الفرنسان ، أن النوم ، إنما يحصل بفعل نشوء " توكسينات النوم " أو " التوكسينات المخدرة " ، أي " المواد المنومة " و التي تتجمع في الدم و في السائل الدماغي الشوكي ، و تؤدي إلى " إنسمام " الدماغ؟ .. و بالتالي إلى النوم .
و من جهة أخرى ، نرى أن العالم الفسيولوجي السويسري " إدوارد كلاباريد " يقول بنفس الرأي .
و قام باحث أمريكي ، يعمل أستاذاً لعلم وظائف الأعضاء ( الفسيولوجيا ) في جامعة هارفرد الأمريكي ، هو الدكتور " جون بنهايمر " ، و معه من العلماء المساعدين هم : " مانفرد كارفسكي " ، و " جيمس كروجر" يجرون أبحاثاً علمية واسعة النطاق من أدل عزل " مادة النـوم الطبيعيـة " أو تلك " السموم " التي تحـدث عنهـا " بيرون "..
و عوضاً عن " كلاب بيرون المرهقة " فإنهم اتخذوا " الماعز " وسيلة للتجريب .
و حرموها من النوم لمدة يومين ، و من السائل الدماغي الشوكي لها ، أخذوا كما فعل بيرون بكلابه ، مقادير صغيرة ، ثم حقنوا هذه المقادير في أدمغة بعض الأرانب و الفئران ، فنامت على الفور .
و عندما أعيدت التجربة ، باستخدام مقادير من " السائل الدماغي الشوكي " لماعز أنفق ليله في النوم ، لم تكن لتلك المقادير ، أي تأثير على الأرانب و الفئران . فاستخلصوا من تلك التجارب أن " السائل الدماغي الشوكي " يحتوي على مادة تؤدي إلى النوم ، أطلقوا عليها اسم " عامل النوم " و اختصار العامل س .
إلى هنا و " التجربة الأمريكية لا تختلف عن " التجربة الفرنسية .. سوى في الأسماء .
و لكن الأمريكيين ، تابعوا المسيرة .. يريدون أن يعرفوا ، ما هي هذه المادة بالضبط .
و ما هو تركيبها . و ما هي مقاديرها .

و قضوا أربع سنوات و هم يجمعون السائل الدماغي الشوكي من الماعز المرهق المحروم من النوم ... و في نهاية السنوات الأربع ، لم يتجمع لديهم سوى جالون و نيف ، بالمقياس الأمريكي ، من السائل الدماغي الشوكي .. و هي كمية لا تكفي للتحليل و البحث و التنقيب .
فانصرفوا عن " الماعز " إلى الأرانب .. و استمروا يجمعون تلك المادة ، من مخاخ " الأرانب " حتى وصوا إلى " 15 ألف أرنب .. و لكنهم فوجئوا بأن تلك الكمية ، قليلة أيضاً و لا تسمح بتحليلها كثيراً و لا قليلاً .
و عندها تحولوا إلى " الإنسان " و بالتحديد إلى " بوله " لجمع المادة المطلوبة .. و بلغت الكمية التي استطاعوا عزلها من كمية " ألف جالون أمريكي من البول 30 ميكروغرم فقط ( أي يلزم 126مليون ليتر من البول [أي حوالي126ألف طن ] لنحصل على غرام واحد فقط من هذه المادة ).
و على الرغم من ضآلة هذه الكمية .. إلا أنها كانت كافية لتحليلها ، و تحديد بنيتها الكيماوية .
و هنا تفوق : الأمريكان على الفرنسيين .. إلا أنه كان تفوق التقدم العلمي و المسيرة العلمية ، السائرة أبداً نحو الأمام .
و هكذا و مع مطلع عام 1982 و بعد أكثر من عقدين من الزمن ، من تجارب متكررة .. أكد فريق هارفرد ، و على رأسهم " جون ينهايمر كما ذكر أن " مادة النوم الطبيعية " قوامها أربعة أحماض و هي :
Muramic Acide ، Diaminopimeli Acide ،Alanine ، Glutamin Acide
و المادتين الأخيرتين ، معروفتان بوجودهما في البكتيريا ، أما وجودهما في جسم الإنسان ، فلم يكن معروفاً قبل ذلك :
و عندما جربوا حقن " مادة النوم الطبيعية " هذه في الأرانب ،وجدوا أنها تضاعف مدة النوم التي تحتاجها هذه الأرانب ضعفين إلا ربعاً ! أي ( 1.75) .. فلو كانت مدة النوم هي 40% من ساعات اليوم ، لأصبحت 70% من تلك الساعات ، نتيجة لتناول مادة النوم هذه .. و ذلك دون التعرض للآثار الجانبية التي تحدثها مواد النوم الكيماوية ! حيث أنها تختلف عن " الحبوب المنومة" ، و ذلك على حد قول بنهايمر ، فهي لا تجبر حيوانات التجارب ، الأرانب هنا ، على النوم " فتأثير المادة لا يحدث إلا إذا كانت الحيوانات ، تشعر بالأمان و تمر بظروف عادية ، عند ذلك فإن الحيوانات تنام بشكل طبيعي بعد حقنها بهذه المادة "!

النظرية الموضعية للنوم : (مركز النوم الدماغي ):
في القرن الماضي كان جراحو الأعصاب يجرون عملياتهم الجراحية الدماغية ، دون الاستعانة بالتخدير ، و أثناء وجود المريض في حالة يقظة !
و خلال هذه العمليات ، شاهدوا أن مريضهم " الصاحي " يستسلم فجأة " للنوم " في حالات معينة ، عندما تمس أدواتهم الجراحية ( تجمعاً ) معيناً من الخلايا العصبية الموجودة في بعض المناطق العميقة ، داخل الدماغ !
و دفعتهم هذه المشاهدات ، و الملاحظات إلى افتراض وجود " مراكز للنوم " !
فلابد أن تكون تلك " التجمعات من الخلايا العصبية " مسؤولة عن النوم ، و مسيطرة عليه ! و إلا لماذا ينام هذا المبضوع " الصاحي " بمجرد أن تمس تلك " التجمعات "
و إن افتراض وجود " مراكز للنوم " ليس بالأمر المستغرب .
فالنوم عملية فسيولوجية ، و ظاهرة ذات شأن في حياة الإنسان ، ولا تقل أهمية ، بأي حال من الأحوال ، عن العمليات الفسيولوجية و الظواهر الأخرى المهمة في حياة الإنسان ، مثل التنفس و ضربات القلب ، والشهية ، و الإحساس بالعطش .. الخ ... و كل هذه العمليات و الظواهر ، معروف لها مراكز عصبية موجودة في الدماغ ، تنظمها و تسيطر عليها !
فما وجه الغرابة إذن في وجود مراكز للنوم في الدماغ ، يوجهه و يشرف عليه ، و يكون مسؤولاً عن حدوثة ، و يتحكم فيه ، و هو لا يقل ( أي النوم ) أهمية عن تلك الظواهر و العمليات التي لها " مراكز دماغية " ؟
و لقد كانت ، هناك دلائل ، و ملاحظات أخرى تدعم هذه " الفرضيات " في بدء ظهورها أو بالأحرى هي التي دعت إلى " افتراضها " .
فلقد لاحظ عالم الفسيولوجيا النمساوي " أكونومو " أن المرضى الذين يموتون نتيجة بالتهاب الدماغ ، كانوا يبدون قبل وفاتهم اضطرابات في النوم ، مثل الوسن و النعاس و النوم المتواصل .
و لما تم تشريح جثثهم .. وجد أن التغير المرضي الالتهابي ، إنما يكمن في أجزاء الدماغ القريبة من قاعدته .
و لقد دعته هذه المشاهدات ، إلى أن يفترض وجود مركز للنوم في تلك الأجزاء هو الذي أدى نتيجة إصابته إلى اضطرابات النوم التي لوحظت قبل الوفاة !
كما أن العالم " موتنر " قد لاحظ نفس الملاحظات .
و صرح في عام 1890م أن حالة النوم ن التي لوحظت و شوهدت ،خلال جائحة ، مرض النوم ( التهاب الدماغ النومي ) إنما تعود إلى تخريب بعض المناطق الدماغية ، نتيجة الآفات الالتهابية ..و حددها هذه المناطق في " المادة الرمادية " حول " بطيبنات الدماغ " !
و بعد موتنر ، كشف " هولزر " في إحدى وافدات التهاب الدماغ ، بؤرة تصلب متسعة تناولت قسماً من اللطخة السوداء من جهة ، و المنطقة الرمادية المحيطة بقناة " سيلفيوس " و القسم البطيني من البطين المتوسط من جهة أخرى .
كما أن " بت " طرح في سنة 1923مشاهدة طريفة ، شاهدها في مصاب كان يدمن الكحول ، أصابه شلل عيني فجائي استولى على جميع العين اليمنى ، و كان شللاً ناقصاً في اليسرى ، و زاد عليه فرط ميل إلى النوم ، لا يغلب .
و حين فتح جثته بعد موته ، كشف الفحص بؤرة تلين متسعة ، تمركزت في السويقة الدماغية ، بين اللطخة السوداء ، و قناة " سيلفيوس " و كانت النواة الحمراء في الأيمن سليمة ، أما في الأيسر ، فقد تناولتها الآفة بأجمعها ، و امتدت منها إلى السرير البصري الأيسر حتى الخط المتوسط .
و ذكر لوكش مشاهدة تظاهرت بالميل إلى النوم ، كشف معها وجود بؤرة عقب إصابة المريض بالتهاب الشغاف خربت المادة السنجابية الكائية في القسم الخلفي من البطين المتوسط ، و تناولت معها أيضاً القسم الأوسط من جدار قناة " سيلفيوس " و قد امتدت استطالة صغيرة منها نحو النواة الأنسية من السرير البصري و الحديبة التوأمية اليمنى .
و أثبت " بوغايرت " من جهة أخرى توضع آفة مخربة في المنطقة المجاورة لقلنسوة السويقة المخية ، سببت في المصاب ازدياد الميل إلى النوم ، مع فالج في الشق الأيسر ، و لقوة و شلل في العصب الاشتياقي في الشق الأيمن ، و رافقها تناذر ارتجاجي عضلي .
أما عالم الفسيولوجيا السويسري ، فلقد كان من أنصار هذه النظرية " نظرية مركز النوم" أو بلأحرى من أشد القائلين بها ، حتى أنها كثيراً ما تقترب بإسمه ‍ و لقد أجرى تجارب خبرية عديدة ، لاثباتها ، و تداعيمها .
فكان يخدر حيواناته المخبرية و هي القطط ، ثم يفتح في جماجمها ثقباً يدخل فيه قطبين كهربائيين هما عبارة عن سلكين معدنين دقيقين ، و معزولين ، إلا في نهايتها ، بحيث يلامسان موضعاً من مواضع الدماغ ، يحدده و يعرف مكانه التشريحي ‍
و بعد انتهاء من هذه العملية الدقيقة ، كان يخيط الجروح ، ثم يترك الحيوان حتى يشفى و " تندمل جراحه " فإذا كان الحيوان في " عافية " بعد ذلك ، عمد عندها ، إلى إمرار التيار الكهربائي في السلكين المغروسين في الدماغ ، منبهاً المنطقة المقصودة . و ملاحظاً ، و مسجلاً ما يطرأ على الحيوان من تغيرات .. و تبدلات.
و من تبديل موضع " سلكيه" و تغير الأمكنة.. و تعدد التجارب .. و توصل إلى أنه إذا كان السلكان مغروزين في منطقة معينة من الدماغ تسمى " المخ الفاصل أو البيني أو العميق أو الدماغ المتوسط أو مضيق الدماغ أو سرير المخ . و تم التنبيه ، فإن القطة ، التي كانت في حالة يقظة ، تمر بجميع الخطوات و المراحل اللازمة للنوم . من البحث عن مكان مناسب ، و التقوس في الموضع المألوف المميز لها ‍ ، ثم تغلق عينيها ، و بعد دقائق قليلة ، تسغرق في النوم العميق .‍
و في تجارب " حديثة " تبين أن التخطيط الدماغي الكهربائي ، المرافق لمثل هذه التجربة لا يختلف في نمط موجاته ، و إيقاعاته ، عن النمط الخاص بحالة من النوم الطبيعي .
كما وجد أنه يمكن ، إيقاظ القطة " لحظياً " بواسطة منبهات مثل الصوت العالي أو رائحة اللحم ‍ على أنه إذا كان التنبيه مستمراً ، فإنها تميل ، لأن تعود إلى حالة النوم ‍
و لقد وجد هيس أن تخريب هذه المنطقة ، و إتلافها تجريبياً ، يؤدي أيضاً إلى حدوث النوم .
أما عندما كان السلكان في مناطق أخرى من الدماغ ، فإن "بعث " التيار الكهربائي فيهما ، لم يؤدي إلى النوم .
إذن لابد أن تكون هذه المنطقة هي المسؤولة عن النوم ، و هي مركزه ‍
هكذا رأى " هيس " و تجاربه لا غبار عليها . فلقد جرب بعض العلماء السوفيت مثل تجاربه ، و أفضوا إلى مثل نتائجه‍ا .
و أنا أعتقد أن النوم يحدث نتيجة تكامل بين النشاط الغددي الكيماوي ، و المراكز الموضعية المركزية .
النوم ضرورة حياتية :
و ليس " عادة موروثة " فالإنسان ، و الحيوان ، إذا لم ينم ظهرت عليه .. علامات الإعياء و تضاءلت كمية عمله ، و نوعه ، و دقته ، كما ينقص وزنه ..
لقد أجريت تجارب على الحيوان و الإنسان بحرمانه من النوم ، و معرفة تأثير ذلك عليه .. و هل النوم " ضرورة أم لا حادة له .. و هل يمكن الاستغناء عنه أم لا ...‍؟
لقد أخذت حيوانات ، كالكلاب مثلاً ، و أعطي فريق منها غذاءه الكامل و لكنه حرم من النوم .. و أما الفريق الثاني ، فقد حرم من الغذاء ، ولكنه ترك لينام كما يشاء ..
فبعد خمسة أيام ، وجد ان الكلاب التي حرمت النوم ، لم يبق منها أحد على قيد الحياة . و ذلك بخلاف التي حرمت من الغذاء ، و تركت لتنام ، فقد قاومت الجوع عشرين يوماً ..
و في تجارب أخرى ، استطاعت الكلاب المحرومة من النوم ، فقد قاومت الجوع عشرين يوماً ...
و في تجارب أخرى ، استطاعت الكلاب المحرومة من النوم ، أن تقاوم حتى اليوم الثامن عشر ، أو العشرين ثم نفقت و هلكت .. رغم أن بعضها يأخذه النوم على الرغم من كل حائل دونه ..
و لقد وجد العلماء ، تغيرات أساسية في خلايا قشر دماغها ، بد مدة حرمان من النوم ، تزيد على أسبوع ....
و عند الإنسان ، وجدوا بالتجارب ، أنه لا يتحمل فقدان النوم ، أمداً طويلاً .. و هو عن فقدانه أعجز منه عن فقدان الطعام و الجوع ..
فلقد أجريت تجارب على الإنسان ، منذ عام 1896لمعرفة ما يحدث للجسم ، سواء من الوجهة السلوكية ، أو الفسيولوجية ، أو البيوكيميائية ، عندما يحرم من النوم.
و لقد وجد أنه عندما يحرم الإنسان من النوم لفترة قصيرة ، فإنه يشعر بالتعب العام ، و الإرهاق ، و ثقل في جفون العين ، و جمودها ‍‍‍‍‍‍‍...‍‍
و عندما يكون الحرمان التجريبي من النوم ، بفقدانه لليلة واحدة ، وجد العلماء و علماء النفس ، أن الأعمال القصيرة الأجل لا تتأثر .... و أن النقص في الأداء لا يحدث إلا إذا تطلب العمل تركيز الفترة ، نصف ساعة أو أكثر ..
كما وجدوا أن من العوامل الحاسمة في الموضوع ، نمط العمل أو النشاط الذي يقوم بـه المرء ...
فالأعمال البسيطة نسبياً ، و الأعمال التكرارية ، تتأثر أكثر من غيرها ...
مراقبة أجهزة عرض ، و ذلك لملاحظة حدوث أي إشارات ضئيلة عارضة ، و ذلك على نحو متصل .. كما هو الحال في عمل المراقبة من على ظهر السفينة مثلاً ..
و كذلك اتخاذ القرارات التكرارية البسيطة ، كما هو الحال في تصنيف الحروف الأبجدية .
و أما الأعمال التي تتطلب حساباً أو تعليماً ، فهي أقل تأثيراً بنقصان النوم ..
فإذا وصلنا إلى الأعمال التي تتطلب اتخاذ قرارات معقدة ، أو حل مشكلات ، و التي يبذل فيها جهد عقلي كبير ، فإنها تظل دون أن تتأثر على الإطلاق ، حتى و لو استمرت لفترة ساعة أو أكثر .. و حتى لو مضى يومان أو ثلاثة دون نوم .....
و لعل الغريب في حالة عدم النوم ، هو ليس ، مقدار تعطيله للأداء ، و إنما درجة التغلب على تأثيره ، إذا كان العمل ، و بخاصة تعقيده ، على درجة كافية من إثارة الاهتمام و الاستثارة ..
فهل يعني هذا ، أن الشخص المحروم من النوم ، لا يختلف عن الشخص العادي ، في مثل هذا غير صحيح ..
ففي إحدى الدراسات طبقت مقاييس التوتر العضلي ن على مجموعة من الأشخاص ، الذين لا ينامون ، أثناء قيامهم ، بسلسلة من الأعمال الحسابية ، و لوحظ أن مستوى التوتر العضلي ، يظل عادياً ،عند أؤلئك ، عند الذين يتدهور أداؤهم .. و لكنه ارتفع ( أي التوتر العضلي ) عند أولئك الذين ظلوا يؤدون أداءً عادياً رغم فقدان النوم ..
و معنى ذلك أن الأداء العادي ن عند المجموعة الأخيرة من المجرب عليهم ، لم يتم الوصول إليه ، إلا على حساب جهد فسيولوجي زائد ..
و على ذلك ، فسواء من الوجهة السلوكية ، أو الفسيولوجية ، يبدوا أن الكفاءة تتناقص حينما يفقد النوم .

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #222  
قديم 06-04-2008, 05:44 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع ... ومن آياته منامكم بالليل


و عندما يكون الحرمان التجريبي من النوم ، لفترات أطول من 12 ساعة ، فإن هذا يسبب ، تبدلات فسيولوجية و نفسية ، و حركية ، و كيميائية حيوية ..
هذه التبدلات يكون فيها .. النقصان عن الحد الطبيعي ، أكثر من الزيادة بحسب رأي العالم تيللر ...
سعة العمل الشاق ، و المهارات النفسية الحركية أن تجري الاختبارات بدون حاجة للانتباه المدعوم ! ) و سكر الدم ، و المدخر القلوي ، و خضاب الدم ، و تعداد كريات الدم البيضاء و الحمراء ، ووزن الجسم ، و حرارة البدن ، والاستقلاب الأساسي ،و الاطرح البولي لمادة 17 ـ كيتوستيروثير !
و إلى جانب هذه التبدلات الكثيرة ، التي تأثرت " قيليلاً " من حالة الشدة الناجمة عن فقدان النوم ، فإنه تظهر عادة ، تبدلات هامة تتناول النشاط الكهربائي للدماغ ، مع اضطرابات نفسية عديدة .
فمخطط الدماغ الكهربائي ، تبدأ بتدلاته ما بين الساعة 36 ـ 50 ( من الحرمان من النوم ) ، و تمتاز هذه التبدلات بشكل رئيسي ، بظهور زيادة في الزمن الذي تشغله الموجات العالية التوتر ..
و كذلك فإن المسائل الحسابية الذهنية و التي تزيد من النشاط الكهربائي للدماغ ، تترافق عادة بزيادة قليلة في الموجات العالية التوتر عند الشخص الطبيعي المرتاح ، بينما لا تحدث هذه الزيادة أبداً ، و لا تظهر عند الشخص المحروم من النوم !
حتى إذا ما استمر الإنسان في حالة من اليقظة لمدة 72 ساعة ، و بقي محروماً من النوم ، فإن منشطاته و استجاباته ، تصبح ضعيفة ، فيزداد النسيان لديه .... و يقل التركيز ... و تبدوا الأشياء المرئية ، كما لو كانت مزدوجة .. و يعاني من رؤية الهلاوس ، بشكل متوسط حر ..
و من الشائع حدوث تهيج عصبي .. و شكل من الجنون ، مثل جنون العظمة أو الشك .
و بعضهم قد يعاني من أعراض هوس عقلي .. متمثل في السرحان ، و البعد عن الواقع المحيط به ....
كما تزداد إمكانية حدوث نويات من الصرع ، فتمثل خطراً متزايداً ..
فلقد تم في " مركز لأبحاث النوم " تابع لجامعة لوبرون للتكنولجيا في وسط انكلترا ، و على بعد 100 ميل شمالي لندن ... تم عمل تجربة لمعرفة أثر الحرمان من النوم على الإنسان ، لمدة ثلاثة أيام ، أي 72 ساعة كاملة ..
و ذلك بهدف معرفة ما إذا كان النوم ضرورياً لأداء الوظائف الطبيعية المختلفة كل يوم ، أم أنه عادة لا ضرورة لها ...
حيث كانت هذه التجربة ، تهدف إلى اختيار الذاكرة و المهارات اللغوية ، لهؤلاء " المتطوعين " الذي قبلوا الحرمان من النوم ، طوال فترة 72 ساعة " إكراماً لعيون " الطيب النفسي جيم هورني ! صاحب التجربة ، و في سبيل العلم .
بدأت التجربة في الساعة الثامنة صباحاً من يوم الجمعة ، و استمرت حتى الثامنة صباحاً من يوم الإثنين .
و كانت مواد التجربة ، تتألف من ... جولات يومية خمسة ، من الاختبارات : التأرجح على قضيب خشبي يشبه تمرينات الباليه ، و ذلك لاختبار التوازن ، و قياس الحرارة ، والتعرض لاختبار و يلكنسون لليقظة ....
و أما خارج أوقات الاختبارات ، فكان المتطوعون يمضون الوقت في غرفة مشتركة ، مزودة بجهاز لألعاب الفيديو ، و بلعبة السهام ، و بعض ألعاب المائدة ( شطرنج و غيره ) و غيرها من وسائل التسلية ..
و كان المتطوعون ، يستطيعون شرب القهوة و الشاي بكميات محددة ..... كما كانوا يشجعون بعضهم على الاستمرار في اليقظة ...
في فجر يوم السبت كان الجميع يترنح من التعب ..
إلا أنهم نشطوا نسبياً أثناء النهار ، وأمضوا يوم السبت ، بشكل معقول......
من حل أحد الألغاز ، و المشاركة في لعبة الفيديو و ....
و في صباح يوم الأحد ، اشترك المتطوعون في لعبة تمثيلية ، مليئة بالحيوية ، و تعتمد على الذكاء ، وهي معرفة مقاطع ، كلمة معينة ، من خلال مشاهدة تمثيلية يؤدنها ... .و كانوا لا يزالون بخير ..
و عندما تابعوا في خلال نهار الأحد .
شعر أحدهم عندما وقف أمام جهاز اليقظة ، بأن أقدامه تلتوي تحت جسمه ، عند الصفارة رقم 28 ، و هوي نائماً بسرعة على المقعد ..
و عندما كانوا ينقلون من جهاز اليقظة ليلعبوا بالفيديو ( مثل لعبة غزاة الفضاء أو الباك مان !) كان الجهازين ( جهاز اليقظة و جهاز الفيديو ، قد امتلطا في عقولهم .. فقد بدؤا يسمعون انفجارات القنابل في قيادة الصواريخ ( أصوات لعبة الفيديو) ، مختلطة بالصفير بالمتقطع لجهاز اليقظة .
و مع انتهاء يوم الأحد ، ظهرت بعض الاضطرابات العقلية الأخرى .
فشاهد أحدكم دخاناً ليس له وجود ينبعث من جهاز التلفزيون ...
و أحس الأخر بأنه يرتدي قبعة ...
و أما الثالث فقد صاح " لا أستطيع تثبيت عيني على أي شيء ، لم تعد لدي أي قوة باقية " !
و أما الثالث فقد صاح " لا أستطيع تثبيت عيني على أي شيء ، لم تعد لدي أي قوة .
و في صباح يوم الاثنين كان الدوار ، قد حل بالجميع ، و أصبح جهاز اختيار اليقظة غير متحمل ... حيث أحد المتطوعين ضغط على الزر 11 مرة ، عوضاً عن الرقم المطلوب و هو 225 مرة ، و كانت إحدى المرات خاطئة أيضاً ..
و عندما انتهت التجربة ، و تجارب أخرى مماثلة ، كان الأشخاص المتطوعين ، يذهبون في نوم عميق ، يستمر من 14 ـ 16 ساعة .... حيث أن الجسم عادة ما يعوض فقط ثلث عدد ساعات النوم الضائعة .. و كان قسماً كبيراً من هذه الساعات يقضى في مرحلة نوم حركة العين السريعة ( مرحلة الأحلام ) .
و بعد الاستيقاظ من هذه النوم ، فإنه كانت تظهر دلائل اضطراب في وظائف أجهزة الجسم المختلفة ، بحيث لم تعد هذه الوظائف إلى طبيعتها ، إلا بعد انقضاء عشرة أيام على انتهاء التجربة ..
كانت الفترات العصبية في هذه التجربة ، تمر على الرجال أكثر من النساء فقد كان بين المتطوعين فتاة ..
يقول هورني " إن الرجال يمرون بأوقات عصبية أكثر من النساء ، في حالات الحرمان من النوم ! .. ربما لأن النساء لديهن طاقة أكبر مخزونة في الطبقة الدهنية من الجسم " ...
و لكن .... لابد أن نتذكر أيضاً ، أن الفتاة المشاركة ، كانت صغيرة السن ، في العشرين من عمرها .. بينما كان الرجال ، لاسيما الذين غلبه النوم ، في الأربعين من عمره .. فلعل السبب يرجع أيضاً :
إلى أن صغار السن أقدر على أحتمال الحرمان من النوم من الكبار ..
فلقد أوضحت دراسات في جامعة فلوريدا أن الأشخاص عند سن الأربعين أو بعدها ، يقاسون من الحرمان من النوم ، أكثر مما يقاسي طلبة الجامعات ، أي الأشخاص صغار السن ، الشباب ...
و لقد وجد أيضاً من خلال هذه التجربة ، و تجارب أخرى مماثلة ، أن المحرومين من النوم ( سواء كانوا رجالاً أو نساءً ) يأكلون بشراهة!..
و لقد أجريت تجارب مماثلة ، في عيادة لافايت بمدينة دترويت ، كانت تهدف إلى معرفة و تحديد نشاط أجهزة تحويل الطاقة في الجسم ، و هي الآليات المسؤولة عن تزويد الطاقة اللازمة لاستمرار النشاط العضلي و العصبي ، في حالة الحرمان من النوم و لمدة 100 ساعة متواصلة أي حوالي أربع أيام و زيادة !
لقد وجد أن نشاط هذه الأجهزة ، يتزايد زيادة هائلة ..
حتى إذا ما زادت " الفترة الحرمانية " عن المائة ساعة ، ظهرت عندها " أساليب الطوارئ " التي لا تسخدم في الظروف العادية ...
و هذا يشكل دليلاً واضحاً ، على حدوث قدرة من استنفاد المصادر العادية لطاقة الجسم !
حيث بناء على ذلك ،يمكن اعتبار الشخص الذي يصمد دون نوم ، و كأنه يشبه " محرك السيارة " ، في بعض نواحيه ، عندما يفقد كفاءاته ، بسبب الاستعمال الزائد عن الحد .. فقد " يتناقض الاداء " إلا أنه يظل من الممكن و في حدود معينة ، الوصول إلى مستويات ملائمة على حساب " الاستهلاك الزائد الزائد للوقود".
و لقد وجد في تجربة ، أجريت بمعرفة " مركز أبحاث النوم " التاسع لجامعة أوهايو في أمريكا ، ثم تم خلالها حرمان بعض المتطوعين ، من النوم ، لمدة خمسة أيام متتالية ( 120ساعة ) .
لقد وجد ، أنه ظهرت على هؤلاء " المتطوعين " علامات إعياء شديد و إنخفاض حاد في القدرة على التركيز و التفكير ...
حتى إذا ما كان اليوم الخامس و الأخير من التجربة ، كان التطوعين ، في حالة عجز شبه كاملة ، عن الحركة ..
و انخفضت قدرتهم علىالتفكير ، وضع القرارات إلى أدنى مستوى لها .....
و صدرت عنهم " هلوسة " شبيهة بهذيان المحموم.
و لقد وجد في تجارب أخرى مماثلة ، تمت من خلالها محاولة حرمان المتطوعين ، من النوم ، لمدة تصل إلى 200 ساعة و أحياناً تزيد ( حوالي ثمانية أيام و زيادة )
لقد وجد من خلال هذه التجارب ، و بلا استثناء ، أنه ما أن تمر مدة 100 ساعة من الحرمان المتواصل من النوم ، أي بعد حوالي 4 أيام ، و هي النقطة التي تتحطم عندها أجهزة تحويل الطاقة ، كما ذكرت ، حتى يظهر تدريجياً سوءا لتكامل في الشخصية ، و في السلوك العقلي.. فيتصرف " المحروم من النوم" بما يشبه الثمل المتبرع .. فيتفوه بكلمات لا ضابط لها ن و تصدر عنه حركات أو أقوال ، لا يرتضيها في حالاته العادية ...
كما تظهر أعراض الجنون الهذائي ( الهذياني ) .. حيث يتهم " المفحوص المتطوع " .. يتهم " العالم المجرب " بأنه يحاول تحطيم محاولته البقاء مستيقظاً ، طوال الفترة المحدودة .
و لقد تمت أيضاً محاولة الاعتداء على المجرمين في حالتين ..
و في نفس الوقت تضطرب قوى الإدراك العقلي .. فيرى المفحوص المجرب .

و عـاد الشـبـاب
فيحسبك النوم ... يريح و ينعش ..
يرمي و يبني ......
يحفظ النضارة ، و يجدد الشباب ..
فالكثير من الشيوخ الذي ما زالوا يؤدون في شيخوختهم ، أعملاً جبارة و بنجاح الشباب و نشاطهم .. إنما يعزوا ذلك كله إلى محافظتهم على نوم صحيح .
" فشبابنا يتجدد بالمفهوم الحقيقي بعد كل نوم .. فنحن في الصباح أطول منا في المساء .. و أكثر مرونة إلى حد بعيد .. و كذلك أشد قوة و أغزر في عصارات الجسم ، و أقرب بذلك إلى الشباب .. و أما في المساء ، فأجسامنا أشد جفافاً .. و أحط قوى ، و أقرب بذلك إلى الشيخوخة .. ذلك ما قاله هوفيلاند الطبيب الألماني المختص....
و ذلك ما وجده كثير من العلماء .. و ما جربه بافلوف..
فلقد توصل بافلوف إلى استنباط طريقة لمعالجة الأمراض بالنوم .. وكان تفكيره يتجه أولاً ، إلى الأمراض الناشئة عن اضطرابات أو فقدان التوازن في الجهاز العصبي الإنباتي ( الودي و نظير الودي ) و ذل لما بين النوم و بين الجهاز من علاقة خاصة .. إلا أنه شاهد ، و إلى جانب النتائج الحسنة التي أحرزها في معالجة هذه الأمراض و شفائها ، أن النوم تأثيراً واضحاً في إعادة الشباب أيضاً .
فلقد كان بافلوف يهيء للمريض فراشاً وثيراً دافئاً ، و بعيداً عن النور والضوضاء .. ثم يعطيه أدوية منومة بفترات و جرعات معينة ، يظل بعدها المريض في سبات عميق مستمر ، لمدة ثلاثة أسابيع ، لا تقطعه ، إلا فترات قصيرة من الصحو و اليقظة ، كافية لتناول الغذاء و إفراغ الفضلات من بول و براز .. حيث يعود بعدها المريض إلى النوم بإعطائه جرعة الدواء المنوم .
و لقد لفت انتباه بافلوف ، ما أكده المرضى بعد شفائهم من المرض ، و عودتهم إلى الصحو : من أنهم يشعرون و كأنهم قد عادوا سنين إلى الوراء ..
و لما كان بافلوف رجل علم ، و تجربة ، فإنه لم يكتف بهذا التأكيد من مرضاه ، و خشي أن يكون " الايحاء الذاتي " قد لعب دوراً فيما يدّعون من شعور .. و لذلك صمم على إجراء تجارب على " حيوان " فالحيوان لا يتأثر بالايحاء ..
ولقد اختار لهذا الغرض كلباً مسناً ، بلغ من العمر 14 سنة ، و هو عادة أقصى ما يصل إليه الكلب من العمر ، و هذا يعادل عند الإنسان ، شيخاً في التسعين من عمره ..
و كانت أعراض الشيخوخة و الهرم بارزة عند هذا الكلب المسن .. إذ كان لا يرى إلا قليلاً ، فهو شبه أعمى . و يسمع أقل من ذلك .. و كانت فروته باهته اللون ، و يخالطها شعرات رمادية .. و كان هذا الكلب المسن وصل إلى أرذل العمر ، غير مكترث أو منتبه إلى ما يحدث بالقرب منه ، و إلى ما يدور حوله ، بطيء الحركة يمضي أكثر أوقاته مستكيناً مستسلماً ..
هذا الكلب المستكين ، الذي بلغ حافة القبر ..أخذه بافلوف و عالجه بالنوم المستمر ، لمدة ثلاثة أشهر ، كان يعطيه خلالها جرعات من الدواء المنوم ( فينوبربيتال ) و لاشيء غير ذلك .. و دون أن يوقظ ، إلا في فترات معينة لتناول الطعام ، و فضاء الحاجة .. حيث يعود إلى النوم مرة أخرى . و هكذا لمدة ثلاثة أشهر ..
و أنتهت المدة .. و انتهي العلاج .. وظهر على الكلب ، ما يدهش .
لقد ظهرت عنده ، أعراض " عودة الشباب " إليه ..
فها هو هذا الكلب المسكين المستكين " الذي كان " أصبح " الآن " يقفز ، و يهرول . و فروته الباهتة المختلطة ، بشعرات رمادية .... عاد إلهيا لونها و لمعانها في أيام الشباب ...
و ما أحلى أيام الشباب .. و " ما أحلى الرجوع إليه " ..
إلا أن " القطار " إذا تجاوز ، لا يعود ..
و بعد سبع سنوات ، استمر بافلوف خلالها يراقب الكلب ، أعلنت هذه التجارب و نتائجها ، وكان الكلب ما زال حياً ... رغم أنه تجاوز العشرين . وهو ما يعادل عند الإنسان سن 135عاماً.
فالكلب لم يتجاوز ضعفي ، ما يقدر لأمثاله من عمر فحسب ، بل إنه ظل بفضل معالجته بالنوم يحتفظ أيضاً " بقدرة " من " أعراض الشباب و صفاته " . . و لقد استعمل ، مثل هذه الطريقة الطبيب الألماني ( فايدنار ) .. حيث كان ينوم المريض نوماً متقطعاً ، لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر بفضل استعمال الأدوية المنومة ، و لا يوقظ إلا لتناول الطعام ،و إفراغ السبيلين . استعملها لمعالجة حالات مختلفة و سماها " النوم الشافي " .
فقد عرف عن النوم ، أنه يساعد على الشفاء . .. و يقلل أيضاً من مضاعفات المرض ...
و لهذا كثيراً ما ينصح به الطب ، و لاسيما في الأنفلونزا ، مثلاً و الاضطرابات العصبية ..
كما أن النوم ، استعمل و بنجاح ، علاجاً لمرضى ارتفاع ضغط الدم في مراحله الأولى مع العقاقير ..
و يستعمل أيضاً في علاج كثير من الأمراض الباطنية .
كما أنه يعمل على زيادة الوزن ، في فترة النقاهة من الأمراض ..
و ليس هذا فحسب فالنوم أيضاً علاج للقلق و الانزعاج.
و لذلك فلا تتعجب ، إن سمعت أنه أقيمت في أمريكا ، " عيادة خاصة للنوم " لمعالجة حالات الأرق و الانزعاج ..
فكلما استحوذ القلق على الإنسان ، هبت نوبة الكرى فوق جفونه .. فإذا بالنوم ، يزيل قلقه .. و يذهب خوفه ..
و إذا الذي استيقظ كان أكثر أمناً ، و أهدأ حالاً منه قبل نومه.
و إذا الذي استيقظ ، كان أكثر أمناً ، و أهدأ حالاً منه ، قبل نومه ..
و ندرك مرة أخرى ، حكمة النعاس الذي غشي جنود المسلمين في غزوة بدر .. ثم غزوة أحد ..
ففي بدر آتاهم النوم و أمناً .. و ربط على قلوبهم ، ليبعد عنهم القلق و الخوف .
فلقد كانوا قلة أمام أعدائهم الكافرين .. فأمن بالنعاس خوفهم.. و جدد قواهم .. فانتصروا على أعدائهم ..
" إذ يغشاكم النعاس أمنة منه ، و يننزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ، و يذهب عنكم رجز الشيطان و ليربط على قلوبكم و يثبت به الأقدام ." الأنفال : 11.
" إن قصة النعاس الذي غشي المسلمين قبل المعركة ، هي قصة حالة نفسية عجيبة ، لا تكون إلا بأمر الله و قدرته و تدبيره .. لقد فزع المسلمون و هم يرون أنفسهم قلة في مواجهة خطر لم يحسبوا حسابه و لم يتخذوا له عدته .. فإذا النعاس يغشاهم .. لم يصحون منه و السكينة تغمر نفوسهم و الطمأنينة تفيض على قلوبهم ... لقد كانت هذه الغشية و هذه الطمأنينة ، مدداً من أمداد الله للعصبة المسلمة يوم بدر " الظلال ..
و في أحد : " لقد أعقب هول الهزيمة و ذعرها ، و هرجها و مرجها ، سكون عجيب . سكون في نفوس المؤمنين الذين ثابوا إلى ربهم ، و ثابوا إلى نبيهم . لقد شملهم نعاس لطيف في نفوس المؤمنين الذين ثابوا إلى ربهم ، و ثابوا إلى نبيهم . لقد شملهم نعاس لطيف يستسلمون إليه مطمئنين ! و التعبير عن هذه الظاهرة العجيبة يشف و يرق و ينعم ، حتى ليصور بجرسه و ظله ذلك الجو المطمئن الوديع : " ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم " آل عمران : 154.
و هي ظاهرة عجيبة ، تشي برحمة التي تحف بعبادة المؤمنين ، فالنعاس حين يلم بالمجهدين ، المرهقين المفزعين ، و لو لحظة واحدة ، يفعل في كيانهم فعل السحر ، و يردهم خلقاً جديداً ، و يسكب في قلوبهم الطمأنينة ، كما يسكب في كيانهم الراحة ". الظلال .
فالنوم ، يمحو من النفوس ، صدمات الكوارث في الحياة ..
و يعيد إلى النفوس المتعبة القلقة .. التوازن ..
تبدلات الجسم الفسيولوجية أثناء النوم :
إذا نظرنا إلى القلب نجد أنه يتباطأ نبضه أثناء النوم ، و يغدوا أهدأ ، و صار أضعف و أبطأ ! و بين النبضة و النبضة ، يطول الوقوف و تصير الفترة أبعد و أطول .
و الضغط الدموي ( التوتر الشرياني ) انخفض علوه بمقدار 20 ـ 25 ملم زئبق .
و عادة يكون ذلك خلال النصف الأول من الليل.
و أما التنفس ، فيصبح أبطأ حركة ، و أطول , أعمق . فعمقه يزداد ، و يميل إلى الانتظام و لاسيما عند الأطفال و الشيوخ .. و السبب في ذلك :
نتيجة تثبط مركز التنفس في البصلة السيسائية ، بحيث تصبح قابليته لإثارة منخفضة .. حيث أن التحاليل الدموية و المخبرية .. تبين أن غاز الفحم في الدم ، يزداد ، كما يزداد داخل الأسنان الرؤية ، أيضاً ... و تحدث تبدلات في قدرة هدروجين الدم (أبي بأتش الدم ) فتنخفض ، و يصبح الدم أكثر حموضة .
و قد يكون ، يعلل لنا عالم آخر .. هدوء القلب الضغط و عمق التنفس .. بسبب تنشط الجهاز نظير الودي أثناء النوم ، و الذي يفوق في نشاطه الجهاز الودي ، و يسيطر عليه ، سيطرة نسبية .
و قد و جد أن 67% من مجموع الأوكسجين الضروري ، يمتصه الجسم أثناء النهار ، خلال 12 ساعة ، في مقابل 33% حلال ساعات الليل .. كما يخرج الجسم 58% من غاز ثاني أوكسيد الكربون في النهار و 42 % أثناء ساعات الليل .
إن درجة الانخفاض ، يعلل بحدوث تثبط خفيف يصيب مراكز تنظيم الحرارة ، و بحدوث الاتخاء العضلي المرافق للنوم ، حيث أن التوتر العضلي في الحالات الطبيعية الناشطة ، ينتج حرارة ، و هذا بدوره يساعد على زيادة حرارة الجسم .
و يتابع فيقول : و لذلك يحتاج النائم للغطاء أكثر من المستيقظ !
و يرد على " اندهاش و تساؤل " فيقول : و إذا كنا نلاحظ أن النائم ، حين يستيقظ يكون أدفأ ، حتى أن الفراش كله يصبح دافئاً ، فهذا يعود إلى :
قلة الحركة أثناء النوم .
و إلى الغطاء الذي يحفظ الحرارة من التبدل ، و التبدد.
و إلى تمدد ، و انبساط لدى اللمس و أدفأ ن بعد أن تشبع بالدم ، و تورد.. مع أن حرارة الجسد العامة منخفضة بعض الشيء ..
أما الثالث ، فلقد جرب و جرب .. ثم وجد:
أن الحركان الحووية في الأمعاء و المعدة ( أي حركات الهضم ) تخف ، و تتباطأ أثناء النوم ، إلا أنها بلا شك تستمر ! كما أن العصارة المعوية و الهضمية يتناقص تكوينها ، و يقل إفرازها ..... فالغدد الهضمية و الكبد ، و المعثكلة ( البنكرياس ) ، كلها يتبدل نشاطها ، فينقص بعض الشيء .
فالمعدة ، مثلاً ، تحتاج طعام دسم إلى نحو 7 ساعات ، و أما في حالة النوم ، فإنها لا تهضم هذا الهضم في أقل من 12 ساعة . و لذلك ، يتابع كلامه .. أنصح بعد النوم مباشرة بعد وجبة العشاء .. و أذكركم بالمثل القائل " تعش و اتمشى " فهو جيد .. و أما نحن فنتذكر ما قلناه سابقاً من الذهاب إلى المسجد و التمشي إليه و منه بعد العشاء .. حيث نعطي المعدة و الأمعاء فرصة .. فرصة لتفتيت الطعام و امتصاصه ، و تخزينه أو احتراقه ..
و يخبرنا الرابع: أن نشاط بعض الغدد و لاسيما غدد الوجه ، يقل .. فيتناقص إفرازها .. و لذلك يقل اللعاب و يجف الفم ، كما تجف الجفوة و تحمر .. و لهذا يتابع الكلام .. نرى الأولاد حين يسيتيقظون ، بظهور راحاتهم الصغيرة أو قبضاتهم الغضة ، يحكون عيونهم ، لتنشيط الغدد الدمعية ، من أجل خضل أجفانهم ... و ثمة استثناء وحيد ، و هو الغدد العرقية .. فهذه يزيد نشاطها و يزداد إفرازها . و هذا الشيء بلا شك يمكن الجسم من تخفيف الدفء المفرط ، الذي ينجم عن تشبع الجلد بالدم .. بالإضافة إلى العمل الهام و الذي يعوض عن تباطؤ الكلية في عملها و نشاطها . . فيساعد في التعويض عن انخفاض نسبة الطرح و التخلص من الفضلات و المبتذلات ، و التي تحدث في الكليتين أثناء النوم ..
و لذلك ، يتابع كلامه ، عندما ترون قطرات العرق تلمع على خدود الأطفال وهم نائمون ، و لاسيما في فصل الصيف ، و كأنها قطرات ندى ، على تويجات الأزاهير ! فلا تستعملوا المراوح الكهربائية .. فهذا الفعل ضار .. فالمراوح تنتج تيارات هوائية تبخر العرق ، فتنخفض حرارة الجسم و الجلد .. فتسبب الأمراض المختلفة ..
و الخامس الذي بحث في عمليات التأكسد و الاستقلاب ( الأيض ) يقول ، أنها تنقص و تضعف ..
فالإنسان يمر خلال نومه بحالة خفيفة جداً من "البيات الشتوي " إذ ينخفض معدل التمثيل الغذائي بمقدار يتراوح ما بين 10 ـ 15 % عن أقل معدل له في حالة اليقظة .. فالجسم النائم يستهلك 75 وحدة حرارية في الساعة ، مقابل المعدل البالغ 150 وحدة حرارية في الساعة أو أكثر في ساعات النهار ، فعمليات البناء تهبط بشكل عام ، إنما مع زيادة عمليات " استعادة البناء " عن عمليات " الهدم و التقويض " .
أما السادس ، فلقد تأكد من أنه : يضعف إرواء الدم للكيتين فيقل إفرازهما من البول من مرتين إلى أربع مرات ( أي بمقدار الربع أو النصف أحياناً ) .
كما تضعف القدرة على تكوين البول و إزالته ، و يصبح البول أكثر تركيزاً . و نتيجة لقلة طرح البول ، يصير الدم أكثر " مائية " .
و السابع عرف بتجاربه أن :
مقاومة الجلد للتيار الكهربائي تنخفض .
كما أن الجلد يصبح أكثر نشاطاً أثناء النوم
فها هو الأستاذ " وليم بالو " و يستطيع أن يحدث الإصلاح و الترميم . في أثناء النوم فقط .
ففي أثناء نشاط الجلد هذا ، يتابع الباحث السابع كلامه .. يتحول الغليكوجين ( سكر الكبد ) المودع في الجلد ، إلى سكر ، و يتدفق في مجرى الدم . و أثناء النوم ، فإن بعض السكر في المجرى الدموي ، يعود إلى حالته الأولى ، أي تيحول ثانية إلى غليكوجين , يسكن في خلايا الجلد ، ليستعمل في أعمال الإصلاح و الترميم ، و في تجديد الخلايا ، و صنع الخلايا الجديدة ..... و لذلك فإن " الجراح " تندمل و تشفى في ساعات النوم ، عندما تتوفر ، مواد البناء و الترميم ، اللازمة لهذه العملية ..
و الثامن الذي حلل .. الدم و السائل النخاعي الشوكي ! أخبر أن : مقدار الكالسيوم في الدم ينخفض .
و تكثر في الدم أملاح المغنيزيوم ، و هذا مما يؤدي إلى كبت النشاط العصبي و العضلي في الجسم ، فيتوقف هذا النشاط مؤقتاً عن العمل .
و تتناقص في الدم كمية الهرمونات ، و منها هرمونات الكظر ، باستثناء الأنسولين الذي يزداد .. و هذا يؤدي إلى تناقص الغلوكوز ( سكر العنب) في الدم .
و في السائل الشوكي ، تزداد أملاح البوتاسيوم !
و يضيف معلقاً على نقصان مقدار الكالسيوم في الدم في سياق النوم الفسيولوجي الطبيعي ، أو المحدث بالمنومات ، يضيف فيقول : إن ذلك هو الذي يجعل العلماء يعتقدون ،بأن هذه الشاردة ( شاردة الكالسيوم ) ، تتكثف في الدماغ لتظهر قدرتها المركبة المركزية .. بينما تقوم شاردة البوتاسيوم ، حينما تعطى ، بمقادير خاصة ، بتأثير دماغي معاكس ، لتأثير شاردة الكالسيوم ..
و يصف لنا تاسع ، ما وجده من استرخاء العضلات و انبساطها .. أو فعاليتها و انقباضها ، فيقول :
ها هي عضلات العنق ، تسترخي ، فيهوم الناعس و ينود ! . و يسير الاسترخاء إلى عضلات أخرى ، و يزيد .. كلما تمشي النوم في الجسم ، و زاد ! .. فبتمشي النوم في الجسم ، تفقد سيطرة الإرادة على العضلات ( المخططة) ، فتسترخي ، و تقل فيها درجة التوتر العضلي ، إلا أنها تحفظ بشيء من الفعالية !.
و من المعروف ، يتابع كلامه !. أن العضلات الهيكلية ( التي ترتكز على الهيكل العظمي ) ، تترتب في أزواج متعارضة ! تترتب في أزواج متعارضة ! فهناك عضلات للاستنباط ، و أخرى للانقباض .. و الذي يكون أدنى ما يكون أدنى ما يكون خلال الاسترخاء و النوم .. إلا أنه على كل حال يحتفظ بالقدر الكافي ، لحماية الكائن ، و تقلبه ، خلال النوم
المصدر : كتاب : " النوم أسراره " الدكتور أنور حمدي
  #223  
قديم 06-04-2008, 05:45 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

من أسرار عالم النوم الدكتور حسان شمسي باشا


رغم أننا نقضي ثلث عمرنا في النوم ، إلا أننا لا نعلم إلا القليل عن النوم . والفكرة السائدة بين العلماء هي أن للنوم وظيفة مرممة وشافية للدماغ .
وليس الدماغ هو المستفيد الوحيد من النوم ، بل إن في النوم سكنا وراحة للجسم كله .
قال تعالى : (( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيها والنهار مبصرا )) النمل 86 .
ولكن بعض الناس - وللأسف الشديد - يقلب ليله نهارا ، ونهاره ليلا وخاصة في رمضان.
والحقيقة أن في الدماغ ما يسمى بالساعة البيولوجية التي تجعلنا نستيقظ من النوم في ساعة محددة كل صباح ، وتشعرنا بالنعاس في الوقت ذاته من كل مساء إذا ما اعتدنا على ذلك.
ولا ينفرد الإنسان بوجود هذه الساعة بل هي موجودة عند الحيوانات أيضا . فمن المعروف أن الصراصير والبوم والخفاش والجرذان تنشط ليلا وتهجع في النهار ، بينما الحيوانات الأخرى يكون نشاطها الأعظم أثناء النهار .
وقد تم نقل نحلات من منطقة باريس إلى نيويورك فلوحظ أنها تنطلق للحقول لجمع الرحيق في نيويورك عندما يحين موعد جمع الرحيق في باريس . وليس موعد الجمع في نيويورك ، إذ أن ساعتها البيولوجية ما زالت مبرمجة على توقيت باريس .
ويعتقد الباحثون أن الغدة الصنوبرية التي تفرز الميلاتونين هي التي تمثل الساعة البيولوجية عنده . وعندما ينتقل أحدنا غربا إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية ، حيث يتأخر الوقت نحو 12 ساعة ، نلاحظ أنه ينشط عندما يحين منتصف الليل . فجسمنا مبرمج لأن نكون نشيطين في الساعة 12 ظهرا حسب توقيت بلادنا ، أي عندما ينتصف الليل في نصف الكرة الآخر ، والعكس صحيح . من أجل ذلك تضطرب حياة من يضطر بحكم عمله إلى الانتقال باستمرار شرقا وغربا ، كما هو الحال مع أطقم الطائرات ، وكذلك حياة من يضطرون للقيام بمناوبات ليلية ونهارية كالممرضات . وينطبق على ذلك من يحيلون ليلهم إلى نهار ونهارهم إلى ليل .
فإذا عملت أثناء الليل أو سافرت لمسافة بعيدة بالطائرة ، فربما تتكيف ساعة الجسم مع التوقيت الجديد للنوم ، ولكن قد يحتاج ذلك إلى بضعة أيام . وقد يشكو هؤلاء خلال ذلك من بعض الأعراض التي تشمل الأرق والإعياء والصداع وضعف التركيز .
وتشير الدراسات الأولية إلى أن استخدام حبوب الميلاتونين يمكن أن يفيد في التخفيف من أعراض السفر الطويل .
وقد أكد الأطباء أن أهنأ نوم هو ما كان في أوائل الليل ، وأن ساعة نوم قبل منتصف الليل تعدل ساعات من النوم المتأخر ، ويقول الدكتور شابيرو في كتاب Body Clock : إن الذهاب إلى النوم في وقت محدد كل مساء والاستيقاظ في وقت معين كل صباح لا يحسن نشاط المرء في النهار فحسب ، بل يهيئ الشخص لنوم جيد في الليلة التالية .
ويقول البروفسور أوزولد : " إذا كنت تريد أن تنام بسرعة حين تخلد إلى النوم فانهض باكرا في الصباح . وافعل ذلك بانتظام ، فبذلك تحصل على أفضل أنواع النوم . وتكون أكثر سعادة وأعظم نشاطا طوال النهار " .
أليس هذا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ! ألم يقل عليه الصلاة والسلام : (( إياك والسمر بعد هدأة الرجل ، فإنكم لا تدرون ما يأتي الله في خلقه )) . فلم يكن الصحابة يسهرون الليالي الطوال يتحادثون ويتسامرون ، بل كانوا ينامون بعد فترة قصيرة من العشاء .
وفي ليالي رمضان يطيب قيام الليل لا بالحديث والسمر ، بل بالصلاة والتقرب إلى الله تعالى . وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة داود عليه السلام فقال :
(( أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه . ويصوم يوما ، ويفطر يوما )) متفق عليه .
ولا شك أن في قيام الليل رياضة روحية وجسدية . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين من قبلكم ، وهو مطردة للداء عن الجسد ))
رواه أحمد والحاكم .
فلنجعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه قدوة لنا في رمضان نأخذ قسطا وافيا من النوم ، ثم نقوم لقيام الليل ، ونعمل في النهار بلا كسل ولا فتور .

المصـدر : موقع الدكتور حسان شمس باشا
  #224  
قديم 06-04-2008, 05:48 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

ظاهرة شد الانتباه وتقليل الشعور بالألم
قلم الدكتورة نها أبو كريشة
) قال الله تعالىفَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَك كَرِيمٌ( سورة يوسف
في التفسير : لما رأت النسوة يوسف بهتن من جماله وجرحن أصابعهن بالسكاكين لفرط ذهولهن. (ابن كثير،الصابوني)
كيف يعمل شد أو جذب الانتباه على تقليل الشعور بالالم؟
Distractionذهول (شرود الذهن)
يدعى أحيانا تغيير التركيزالادراكي، وهي استراتيجية تغير اتجاه التركيز والانتباه لمؤثر آخر (بحيث يستغرق ادراك الشخص في المؤثر الآخر ) مما ينتج عنه عزل وحماية الشخص من الشعور بالألم.هذه المؤثرات قد تكون داخلية مثل احلام اليقظة أو خارجية مثل مشاهدة التلفاز.
المؤثر الأكثر فاعلية هو ذلك المؤثر الرائع الاسثنائي المثير المتجدد الذي يثير معظم أو كل الحواس (السمع،الرؤية،التذوق ،اللمس، الشم) عند الشخص.
تم إجراء تجربة استخدام العلاج بشد الانتباه برؤية مناظر خلابة من الطبيعة وسماع شريط يحتوي على أصوات رائعة من الطبيعة في التخفيف من الآلام أثناء عملية منظار الشعب الهوائية وذلك بالاضافة للعلاج المعتاد. وقورنت هذه المجموعة من المرضى بمجموعة أخرى ضابطة لم تتلق العلاج الاضافي بجذب الانتباه (تغيير التركيز الادراكي).
وخلص هذا البحث الذي تم عمله في المستشفى التعليمي (جون هوبكينز) في بالتيمور و نشر في
مجلة (Chest. 2003; 123:941-948.)
أن العلاج بشد الانتباه مع العلاج التقليدي أدى الى تقليص الشعور بالالم بصورة ذات دلالة احصائية وأوصى البحث بأن يقوم الاطباء باستخدام الاجراءات الطبيعية بالاضافة الى المسكنات المعتادة.
كما نشر موقع BBC[1] على شبكة الانترنت هذا البحث تحت عنوان العودة الى الطبيعة لتخفيف الالم وقد ذيل هذا بقول الطبيب جيل هانكوك (نحن نقوم بتعليم مرضانا الاسترخاء باستخدام المشاهد المناظر الخلابة والموسيقى الرائعة و هذا جزء أساسي في عملنا حيث أنه ثبت أن المناظر الخلابة تؤدي الى ازالة التوتر النفسي و البدني اللذين يسببان الالم.
كيف يعمل شد الانتباه على التخفيف من الاحساس بالالم ؟
باستخدام الاشعات الوظيفية للمخ تلك التي تظهر الارتواء الدماغي والتمثيل الغذائي للخلايا العصبية ثبت أنه أثناء استخدام جذب الانتباه يحدث انخفاض في مستوى نشاط أماكن معينة في المخ(تلك الاماكن التي يتم فيها استقبال الاحساس بالالم مثل منطقة المهاد،القشرة الحسية والتلفيف الحزامي انظر الصورة


كما يحدث زيادة في نشاط الخلايا العصبية في المنطقة الرمادية حول مسال سيلفيوس و هذا النشاط يؤدي الى افراز مادة الاندورفين المسكنة للالم.


المصادر العلمية:
1.Gregory B. Diette, MD, MHS; Noah Lechtzin, MD, MHS; Edward Haponik, MD, FCCP; Aline Devrotes, RN and Haya R. Rubin, MD Distraction Therapy with Nature Sights and Sounds Reduces Pain during Flexible Bronchoscopy*
A Complementary Approach to Routine Analgesia, PhD (Chest. 2003;123:941-948.) © 2003.
2. Allport A: Visual attention. In Foundation of Cognitive Science. Edited by Posner MI. Hillside, NJ: Erlbaum; 1989:631–682.
3. Wickens CD: Processing resources in attention. In Varieties of Attention. Edited by Parasuraman R, Davies DR. Orlando: Academic; 1984:63–102.
4. Leventhal H: I know distraction works even though it doesn’t.
Health Psychol 1992, 11:208–209.
5. McCaul KD, Mallott JM: Distraction and coping with pain.
Psychol Bull 1984, 95:516–533.
How Does Distraction Work in the Management of Pain? • Johnson
95
6.Fernandez E, Turk DC: The utility of cognitive coping strategies for altering pain perception: a ****-analysis. Pain 1989, 38:123–135.
7.McCaul KD, Monson N, Maki RH: Does distraction reduce pain-produced distress among college students? Health Psychol 1992, 11:210–217.
8.Johnson MH, Breakwell G, Douglas W, Humphries S: The effects of sensory detection distractors on different measures of pain: How does distraction work? Br J Clin Psychol 1998,
37:141–154.
9.Arntz A, De Jong P: Anxiety attention and pain. J Psychosom Res
1993, 37:423–432.
10.Bushnell CM, Villemure C, Duncan GH: Psychophysical and neurophysiological studies of pain modulation by attention. In Psychological Methods of Pain *******: Basic Science and Clinical Perspectives. Edited by Price DD, Duncan CM. Seattle: IASP Press; 2004:99–116.
This chapter provides a good summary of the evidence for the modulation of physiologic and neurophysiologic activity by attention.
11.Morley S, Biggs J, Shapiro D: Attention management in
chronic pain: a treatment manual. http://www.leeds.ac.uk/
medicine/psychiatry/attman/introduction.htm. Accessed
September 5, 2004.
This web site contains the entire treatment manual for attention manage-
ment. The manual’s title indicates that it is suitable for chronic pain. However, the techniques provided also are appropriate for acute pain.
12. Morley S, Shapiro DA, Biggs J: Developing a treatment manual for attention management in chronic pain. Cogn Behav Ther
2004, 33:1–11.
13. Hayes RL, Dubner R, Hoffman DS: Neuronal activity in medullary dorsal horn of awake monkeys trained in a thermal discrimination task. II: behavioral responses to thermal and
mechanical stimuli. J Neurophysiol 1981, 46:428–443.
14.Bandura A, O’Leary A, Taylor CB, et al.: Perceived self-efficacy
and pain *******: opioid and nonopioid mechanisms. J Pers Soc Psychol 1987, 53:563–571.
15.Porro CA: Functional imaging and pain: behavior, percep-
tion, and modulation. Neuroscientist 2003, 9:354–369.
16.Rainville P: Brain mechanisms of pain affect and pain modu-lation. Curr Opin Neurobiol 2002, 12:195–204.
17.Tracey I, Ploghaus A, Gati JS, et al.: Imaging attentional modu-
lation of pain in the periaqueductal grey in humans. J Neuro-
sci 2002, 22:2748–2752.
18.Davis KD, Taylor SJ, Crawley AP, et al.: Functional MRI of pain and attention-related activations in the human cingulated cortex. J Neurophysiol 1997, 77:3370–3380.
19.Bantick SJ, Wise RG, Ploghaus A, et al.: Imaging how attention
modulates pain in humans using functional MRI. Brain 2002,
125:310–319.
20.Seminowicz DA, Mikulis DJ, Davis KD: Cognitive modulation of pain-related brain responses depends on behavioral strategy. Pain 2004, 112:48–58.
21.Tracey I, Ploghaus A, Gati JS, et al.: Imaging attentional modu-lation of pain in the periaqueductal grey in humans. J Neuro-
sci 2002, 22:2748–2752.


  #225  
قديم 06-04-2008, 05:52 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

كتاب معجزة خلق الإنسان

بقلم الكتاب التركي هارون يحيى
المدخل : يعد جسم الإنسان أعقد آلة وأعقد جهاز على سطح الأرض، فنحن ـ طوال حياتنا ـ نرى بهذا الجسم ونسمع ونتنفس ونمشي ونركض ونتذوق طعم اللذائذ . ويملك هذا الجسم ـ بعظامه وعضلاته وشرايينه وأوردته وبأعضائه الداخلية ـ نظاماً وتخطيطاً دقيقاً، وكلما نزلنا إلى التفصيلات الدقيقة لهذا النظام ولهذا التخطيط قابلتنا حقائق مدهشة . وعلى الرغم من الاختلاف الذي يبدو للوهلة الأولى بين الأقسام والأجزاء المختلفة للجسم فإنها تتكون جميعها من اللبنة نفسها، ألا وهي الخلية .
يتركب كل شيء في جسمنا من الخلايا التي يقارب حجم كل واحدة منها جزءاً من ألف جزء من المليمتر المكعب، فمن مجموعة معينة من هذه الخلايا تتكون عظامنا، ومن مجموعات أخرى تتكون أعصابنا وكبدنا والبنية الداخلية لمعدتنا وجلدنا وطبقات عدسات عيوننا . وتملك هذه الخلايا الخواص والصفات الضرورية من ناحية الشكل والحجم والعدد لأي عضو تقوم بتشكيله هذه الخلايا في أي قسم من أقسام الجسم .
فمتى وكيف ظهرت هذه الخلايا التي تكلفت بالقيام بكل هذه المهمات والوظائف المختلفة ؟ إن الإجابة على هذا السؤال ستسوقنا إلى ساحة مملوءة بالمعجزات في ذرة منها . إن خلايا جسمك البالغ عددها مئة تريليون خلية قد نشأت وتكاثرت من خلية واحدة فقط، وهذه الخلية الواحدة ( التي تملك نفس خصائص خلايا جسمك الأخرى ) هي الخلية الناتجة عن اتحاد خلية بويضة والدتك مع خلية نطفة والدك .
لقد ذكر الله تعالى في القرآن أن معجزات خلقه في السماوات والأرض وفي الأحياء نماذج من الأدلة على وجوده وعلى عظمته، ومن أهم هذه الأدلة هذا الدليل الذي ذكرناه، أي المعجزة الموجودة في خلق الإنسان نفسه.
كثيراً ما توجه آيات القرآن نظر الإنسان لكي يلتفت ويتمعن ويتأمل في خلقه ونفسه : كيف وجد وكيف خلق، ما هي المراحل التي مر بها بالتفصيل، ومن هذه الآيات قوله تعالى :نحن خلقناكم فلولا تصدقون ..
لقد تجمعت خلاصة ولب جسم الإنسان ( المتكون من ستين أو سبعين كيلوغراماً من اللحم والعظم ) في البداية في قطرة ماء واحدة . ولاشك أن تطور البنية المعقدة لجسم الإنسان ( الذي يملك عقلاً وسمعاً وبصراً .. ) من قطرة واحدة شيء محير وغير عادي .
ومما لا ريب فيه أن مثل هذا التطور والتحول والنمو لم يكن نتيجة مراحل عشوائية ولا حصيلة مصادفات عمياء، بل كان أثراً لعملية خلق واعية وفي غاية الروعة .
سيقوم هذا الكتاب بشرح تفصيلات معجزة خلق الإنسان، وهي معجزة مستمرة ومتكررة مع كل إنسان على وجه هذه الأرض . ومن الضروري بيان أن التفصيلات المقدمة في هذا الكتاب حول خلق الإنسان لا تشكل إلا جزءاً فقط من تفصيلات هذا الخلق المعجز .ولكن ما ورد في هذا الكتاب يكفي لكي يدرك الإنسان القدرة اللانهائية للخالق وعلمه اللانهائي المحيط بالكون، وهو يكفي لتذكير الناس أجمعين بأن الله تعالى هو أحسن الخالقين .
قال تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ {8} ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ {9} (السجدة).
.
النظام المعجز المخلوق لحياة جديدة :
لا يمكن للإنسان المحافظة على حياته على وجه هذه الأرض إلا بعمل دقيق لنظام التناسل . ولأنظمة التناسل الموجودة في جسم المرأة وفي جسم الرجل آليات مختلفة في العمل، غير أن هذه الآليات المختلفة يكمل بعضها بعضاً بتناسق وبدقة ؟ أي أنها تعمل ضمن إطار نظام متكامل، وفي النتيجة يأتي مخلوق جديد إلى الدنيا . أي أن تكوين الإنسان وإخراجه من إنسانين مختلفين ومن جسدين مختلفين ومن جوهرين مختلفين يعد من أعظم المعجزات المتحققة .. وهي معجزة خلق الإنسان .
ولكي تتحقق هذه المعجزة فإن التحضيرات اللازمة والضرورية تكون قد بدأت في جسم الإنسان قبل سنوات عديدة، لذا كان لا بد أولاً من تحول الخلايا التناسلية في جسم الرجل وفي جسم المرأة إلى طور فعال . وتستكمل هذه الفعاليات عند كل إنسان فيما يعرف ب" طور البلوغ " ولا شك أن النظام الهرموني هو أهم عنصر في تأمين الاتصال بين الخلايا، وهذا النظام يقع تحت إشراف وسيطرة الدماغ .
لقد جعل الله تعالى جميع أنشطة وفعاليات النمو والتطوير في جسم الإنسان تحت نظم يسيطر عليها الدماغ، فالدماغ يقيم جميع الرسائل الآتية من مختلف أعضاء الجسم ثم يرسل أنسب الأجوبة وبأقصر وقت إلى الأماكن المناسبة، وهو يستخدم النظام الهرموني كوسيلة في التخابر وفي الاتصال . لقد خلق الله تعالى نظاماً وشبكة بريدية في غاية الروعة وتقوم جزيئات الهرمونات بوظيفة ساعي البريد، فكما يقوم ساعي البريد بالتجول في جميع أنحاء المدينة ناقلاً الرسائل إلى الأماكن المطلوبة، كذلك تقوم الهرمونات بنقل الأوامر الصادرة من الدماغ إلى الخلايا ذات العلاقة . وهكذا تتم في الجسم جميع الفعاليات الضرورية لحياة الإنسان .
ولكن يجب ألا ننسى هنا أن الهرمونات لا تملك وعياً كما يملكه الإنسان، ولا تملك شعوراً ولا إدراكاً لكي تقوم بتعين الاتجاهات ومعرفة ما تحمله ولمن تحمله، فهي لم تتلق أي تدريب في هذا المجال ولم تملك هذه القابلية بعد سنوات من المران ومن التجارب .
فالهرمونات ( التي نطلق عليها اسم " سعادة البريد " عبارة عن جزيئات معقدة جداً لا يمكن شرحها إلا بمعادلات ورموز كيميائية معقدة .
إن قيام جزيء الهرمون بمعرفة ما تحمله من رسائل وإلى أي خلية تحملها، ومواصلة سيرها في الظلام الدامس للجسم (الذي يكبرها بمليارات المرات ) دون أن تضل طريقها، ثم قيامها بتنفيذ هذه الوظيفة على أحسن وجه ودون أي قصور، هذا كله عمل خارق ومعجزة مدهشة . ويكفي هذا المثال فقط لمعرفة مدى كمال وروعة الأنظمة التي أودعها الله تعالى في جسم الإنسان .
تبدأ فعاليات هذا النظام الهرموني في العادة لدى الإنسان وهولا يزال جنيناً في رحم أمه، وتستمر حتى لحظة وفاته . والغدد التناسلية هي من الأعضاء التي تشرع في إبداء الفعاليات نتيجة تأثير الهرمونات . غير أن إفرازات الهرمونات المتعلقة بالغدد التناسلية تبدأ عند مرحلة البلوغ، وذلك خلافاً للهرمونات الأخرى . وعند مرحلة البلوغ يبدأ " الهايبوثولاموس " ويدعى بالعربية " ما تحت السرير البصري " الموجود في الدماغ ( والذي يعد مدير النظام الهرموني ) بإرسال الأوامر إلى الغدد النخامية ( وهي من الغدد المرتبطة به ) لكي تصدر أوامرها المحفزة للأعضاء التناسلية .
من المفيد هنا الإشارة إلى معجزة أخرى، إن الهايبوثالامس((Hypothalamusيكون على علم بما يجري في جسم الإنسان فهو يعرف ـ مثلاً ـ العمر الذي وصل إليه الإنسان

يشاهد في هذه الصورة الهايبوثالاموس ( ما تحت السرير البصري ) الذي يعد رئيس النظام الهرموني، وموقعه في الدماغ بالنسبة إلى المراكز الأخرى
وهل تم استكمال جميع الشروط المادية المواتية لبدء النظام التناسلي أولا، وهو يتصرف في ضوء هذه المعلومات . وبتعبير آخر فإنه يقوم بحساب العمر، وعندما يدرك أن ذلك الشخص قد وصل إلى مرحلة البلوغ يقوم بإصدار الأوامر الضرورية لغدد الإفرازات الأخرى، أي يقوم بإرسال الرسائل (أي الهرمونات ) الضرورية إلى الأعضاء التناسلية في أنسب الأوقات، فتتحقق بذلك التحولات والتطورات الضرورية لحفظ نسل الإنسان .
ولا يقوم الهايبوثالامسبهذا لدى إنسان واحد، بل يقوم هذا العضو الموجود لدى مليارات الأفراد الموجودين حالياً ولدى الذين عاشوا من قبل بإنجاز هذه المهمة بكل دقة وكفاءة .
ولا شك أن كون قطعة من اللحم بحجم بضعة سنتمترات مكعبة على وعي بالزمن وقيامها بتعبيرات معينة حسب السنوات المنصرمة أمر غريب يستدعي الوقوف عنده والتفكير به .
فكيف يقوم الهايبوثالامسبمثل هذا الحساب ؟ أهناك من يقوم بتعليمه بما يجب عليه علمه، أم أنه قد أكتشف هذا الأمر بنفسه ؟ كيف عرف ـ يا ترى ـ بأنه من الضروري نمو وتطوير الغدد التناسلية لاستمرار نسل الإنسان ؟ وكيف حسب الزمن المناسب والملائم الذي يجب فيه البدء بإفراز الهرمونات ؟ وكيف يستطيع معرفة الهرمون المعين الذي يقوم بتحفيز النظام التناسلي في ذلك الوقت الملائم من بين الهرمونات العديدة التي يقوم الجسم بإفرازها ؟ وهل الخطط المستقبلية التي يقوم بوضعها والتدبيرات التي يتخذها في هذا الخصوص راجعة إلى رؤيته المستقبلية البعيدة المدى ؟
ولماذا ينتظر حتى يصل جسم الإنسان إلى الوضع المناسب من الناحية الفسيولوجية للتناسل ،وليس قبل هذا أو بعد هذا ؟ إن القدر التي تدير كتلة اللحم الصغيرة هذه التي لا تملك لا سمعاً ولا بصراً ولا عقلاً والتي تتصرف وكأنها كائن عاقل ... إن هذه القدرة قدرة عظيمة تجاوز كل خيالنا وتعلو عليه ،وهي قدرة لا مثيل لها ولا ندّ.
ليست المصادفات ولا أي قوة أو مصدر آخر هو الذي يحيط الهايبوثالامسعلماً بالزمن وبمروره، إن الله تعالى هو المدبر لكل هذا، وهو الذي يهب هذا العضو كل هذه القابليات والخواص، أي هو الذي يلهم هذه الكتلة الصغيرة من اللحم ما يجب عليها عمله، وهو يخبرنا في كتابه العزيز : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (الأحزاب:52)
لذا فمن المفيد أخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار عند قراءة المواضيع التي سنتناولها في الصفحات القادمة .

الهرمونات التي تستطيع تمييز الجنس :
يقوم الهايبوثالامس( ما تحت السرير البصري ) بالخطوة الأولى في افتتاح مرحلة البلوغ لدى الرجل ولدى المرأة بإرسال هرمون جونادوتروبين(ganadotropins) إلى الغدد النخامية عن طريق الدم، فتبدأ هذه الغدد بإفراز الهرمونات المحفزة للأعضاء التناسلية حسب الأوامر الصادرة من الهايبوتولاموس ،وهذه الهرمونات هي هرمونLHوهرمون FSHويتم إفراز هذين الهرمونين في الرجل وفي المرأة على السواء، غير أن تأثيرهما يكون مخلفاً فيهما[1]

على الرغم من إفراز الهرمونات نفسها في الرجال وفي النساء فإن كون تأثيرهما مختلفاً اختلافاً كبيراً فيما بينهما يدعو إلى الدهشة، فمثلاً الهرمون المسمى FSHهو الهرمون المسؤول عن ظهور وتكوين البويضة في النساء بينما يكون الهرمون نفسه هو المسؤول عن تكوين الحيوانات المنوية في الرجال ! أما هرمون LH فهو الهرمون المسؤول عن جعل بويضة المرأة في حالة حرة، كما يساعد على إفراز هرمون البروجستيرونprogesteroneالذي يهيئ رحم المرأة لاستقبال الجنين . ولكن الهرمون نفسه يقوم بمهمة مختلفة جداً عند الرجال، لأنه يقوم بتحفيز الخلايا لإفرازهرمون تستوسيرون(testosterone )، وهو الهرمون الذي يساعد على ظهور خواص الرجولة وتكوين الحيوانات المنوية أيضاً .
ولا شك أنه من المثير أن تكون لنفس الهرمونات تأثيرات مختلفة في الأجسام المختلفة .
عندما يتم إفراز هرمون في جسد رجل يعلم هذا الهرمون أن هذه الخلايا تعود لرجل ،ويقوم بعمل تغييرات حسب هذا العلم مثلاً يؤدي هذا الهرمون إلى زيادة العضلات في جسد الرجل وغلظ الصوت ونمو اللحية . والهرمون نفسه والذي يفرز نتيجة التفاعلات الكيماوية نفسها نراه يقوم بتأثيرات مختلفة في جسد المرأة، بل مضادة تقريباً لتأثيراته في جسم الرجل، فهو يعطي صوت الرجل للرجل وصوت المرأة للمرأة ويتسبب في نمو الجسد حسب تغير الجنس . فإذا كان بمقدور الهرمون التمييز بين جسد المرأة وجسد الرجل فمعنى هذا أنه على علم بكيمياء جسد الرجل وبكيمياء جسد المرأة ويعلم تشريح هذين الجسدين، وهذا يستوجب أن يكون صاحب عقل ومتدرباً أيضاً !.
إن معظم الناس لا يملكون أي معلومات حول الهرمونات المؤثرة في جسد الرجل وفي جسد المرأة، ولا حول العلاقات أو الفعاليات المختلفة الجارية فيهما ولا كيفية جريان هذه الفعاليات، وهم لا يعلمون شيئاً عن سلسلة القيادة وسلسلة الأوامر الصادرة ولا عن الرسائل العديدة الصادرة والواردة، ولا يعلمون أن نمو الجسم وتطوره مرتبط بهذه الرسائل العديدة الصادرة والواردة، ولا يعلمون أن نمو الجسم وتطوره مرتبط بهذه الأوامر الصادرة، ولا يدركون أن أي خلل ـ مهما كان ضئيلاً ـ في هذه المنظومات يؤدي إلى مشكلات حياتية كبيرة، وإضافة إلى هذا فهم لا يملكون أي سلطة أو قدرة في آلية هذه المنظومة وانسيابية عملها .
وهذا شيء طبيعي جداً لمن لم يتلق تعليماً خاصاً في هذا الموضوع، ولكن الشيء الغريب والشيء غير الطبيعي أن تكون لمجموعة من الجزيئات مثل هذا العلم وهذه المعلومات وهذه المعرفة الواسعة ؟
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو : من أين تملك الهرمونات (التي أدرجنا تركيبها الكيماوي هنا ) علم الكيمياء؟ ثم إنها لا تقتصر على معرفة كيمياء جسم الإنسان وحل رموزه ب لهي تتصرف وكأنها عالم كيمياء، فتصل إلى الأجزاء الضرورية في الجسم كما تقوم بتوجيه الخلايا الأخرى وتحفيزها لإنتاج الهرمونات اللازمة عند الضرورة . فكيف ملكت مجموعات الجزيئات هذه ( المحرومة من الشعور والإدراك ) مثل هذا العقل القادر على إنجاز كل هذه الأمور ؟ من الواضح أن مثل هذا العقل لا يعود طبعاً إلى هذه المجموعة من الجزيئات التي نطلق عليها اسم " الهرمونات " والحقيقة لا شك فيها أن مثل هذا النظام لم يظهر نتيجة المصادفات أو نتيجة تأثيرات وعوامل أخرى .

يوجد تفسير واحد فقط لهذا الوضع الخارق وغير الاعتيادي، وهو أن هذا التعيير والتضبيط والتنظيم البيوكيمياوي الخاص في جسد الرجل والمرأة يشير إلى وجود تخطيط وتصميم وتخطيط واعٍ ومقصود، وهذا التصميم وهذا التخطيط يعود إلى الله تعالى وإلى علمه اللانهائي ومهمة الإنسان ـ في هذا المجال ـ في التفكير بعمق وتأمل هذا الفن الرفيع والباهر والاستسلام لربه الذي يحكم كل شيء في هذا الوجود .

نمو الخلايا التناسلية :
توجد أعداد معينة من " الإنسان الألي" ( الروبوت ) في كل مصنع يقوم بإنتاج الأجهزة والآلات التكنولوجية وجميع الأنظمة الكومبيوترية ونظم تشغيل هذه الربوتات وجميع المعلومات الضرورية للإنتاج موجودة في مركز السيطرة لهذا المصنع طول فترة الإنتاج، ومركز السيطرة هذا يشبه بنك معلومات خزنت فيه جميع المعلومات الضرورية حول مراحل الإنتاج والسيطرة النوعية وحول كيفية تعويض الخسائر ). فإن قمنا بتشبيه جسم الإنسان بمثل هذا المصنع (وهو ـ في الحقيقة ـ أكثر المصانع الموجودة على سطح الأرض دقة وأكثرها تعقيداً) نستطيع أن نقول إن جميع المعلومات الضرورية لإدارة عمل هذا المصنع موجودة ومخبوءة في جزئية DNA والتي تعين جميع خواص ذلك الإنسان في المستقبل مودعة في هذه الجزيئات والإنسان لا يزال عبارة عن بويضة ملقحة حديثاً، أي أن هذه المعلومات والخواص المتعلقة بالإنسان (بدءاً من لون العين إلى طول القامة إلى جميع الأمراض التي يكون قابلاً للإصابة بها في المستقبل ) كل هذه المعلومات محفوظة بعناية في جزء صغير من بدن الإنسان لا يمكن رؤيته إلا بالمجهر الإلكتروني .
وجزيئات DNA موجودة في نواة كل خلية من خلايا جسمنا والبالغ عددها مئة ترليون خلية . ويبلغ متوسط قطر الخلية عشرة ميكرونات ( الميكرون يساوي وحداً من الألف من المليمتر ) . فإذا علمنا هذا دهشنا كيف أن معلومات غزيرة وكثيرة جداً قد سُجلت وخزنت في مثل هذا الحيز الصغير جداً . فإن شبهنا الـ DNA( الذي يضمن دوام الكائن الحي ضمن تخطيط وبرمجة معينة) بدائرة معارف ستكون الكروموسومات هي مجلدات وأجزاء دائرة المعارف هذه .
تتخذ الكروموسومات أماكنها في جزيئة DNA أزواجاً أزواجاً، وهذا أمر مهم، ففي مرحلة خلق كل إنسان يأتي نصف هذه الكروموسومات من الأب والنصف الآخر من الأم . والكروموسومات الآتية من الأم ( وعددها 23 كروموسوماً ) تشكل أزواجاً مع الكروسومات الآتية من الأب (وعددها 23 كروموسوماً أيضاً ) .
أي أن الكروموسومات الموجودة في نواة خلية كل إنسان ( والبالغ عددها 46 كروموسوماً ) تشكل 23 زوجاً من الكروموسومات . غير أن للكروسوم الثالث والعشرين وضعاً خاصاً، فغالباً ما يشار إلى الكروموسوم الثالث والعشرين إيما بإشارة Yأو بإشارة Xففي الرجال يكون أحد الكروموسومين في الزوج الثالث والعشرين من نوع Y والثاني من نوع X أما في النساء فكلا الكروموسومين في الزوج الثالث والعشرين من نوع XXوهنا يرد إلى الخاطر هذا السؤال : بما أن عدد الكروموسومات في كل خلية من خلايا كل إنسان هو 46 كروموسوماً فكيف يكون عدد كروموسومات الطفل الآتي إلى الدنيا من اتحاد خلايا الرجل مع خلايا المرأة 46 كروموسوماً أيضاً؟ فقد كان من المتوقع أن يكون عدد كروموسومات الطفل الوليد (الذي أخذ 46 كروموسوماً من والده و46كروموسوماً من والدته ) 92 كروموسوماً، أي يكون مخلوقاً شاذاً وغير اعتيادي . غير ان هذا لا يحدث ! إذن كيف يكون للطفل الوليد 46 كروموسوماً ؟

[1] Guyton&Hall, Tbbi Fizyoloji, Nobel Tp Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., pp.
  #226  
قديم 06-04-2008, 05:54 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

هشاشة العظام حقائق علمية في إشارات قرآنية

بقلم الدكتورة نها أبو كريشة
مقدمة
هشاشة العظام هي أحد أمراض العظام، وهوتعبير يطلق على نقص غير طبيعي واضح في كثافة العظام (أي كمية العظم العضوية وغيرالعضوية) وتغير نوعيته مع تقدم العمر. و يتألف العظم أساساً من بروتين ومعدن عظمي يحتوي على الكالسيوم.
إن العظام في الحالة الطبيعية تشبه قطعة الإسفنجالمليء بالمسامات الصغيرة، وفي حالة الإصابة بهشاشة العظام يقل عدد المسامات وتكبر أحجامها، وتصبح العظام أكثر هشاشة وتفقد صلابتها ، وبالتالي فإنها يمكن أن تتكسر بمنتهىالسهولة. والعظام الأكثر عرضة للكسر في المرضى المصابين بهشاشة العظام هي الوركوالفخذ ، الساعد - عادة فوق الرسغ مباشرة - والعمود الفقري. وهذه الكسور الني تصيب عظام فقرات العمودالفقري قد تجعل الأشخاص المصابين بهشاشة العظام ينقصون في الطول ، وقد تصبح ظهورهممنحنية بشدة ومحدبة.

إن عظامنا تتقوى في مقتبل حياتنا ، عندمانكون في مرحلة النمو. أما الكثافة العظمية فتصل إلى أعلى مستوياتهاعادة في أواخر سن المراهقة أو فيالعشرينات من العمر. بعد هذا الوقت ، تبدأ العظام بالترقق تدريجيا وتصبح أكثر هشاشةطوال الجزء المتبقي من عمرنا.
ويمكن للأطباء أن يحصلوا على مؤشر جيد لقوة العظامبقياس الكثافة العظمية. وعلى الرغممن أن بعض الفقد العظمي هو جزء من عملية الشيخوخة الطبيعية ، فلا ينبغي أن تصبحالعظام هشة جداً حتى إنها لا تتحمل اجهادات الحياة اليومية العادية.
فعندما يصابالإنسان بهشاشة العظام ، فإن قوة عظامه تنقص إلى الدرجة التي فيها يصبح أكثر عرضةلحدوث الكسور بشكل تلقائي لمجرد التعرض لإصابة بسيطة. ومخاطرةحدوث هشاشة العظام لدى أي إنسان تتأثر بكمية الكتلة العظمية المتكونة إلى حين وصولهذا الإنسان إلى ذروة كتلته العظمية ، وكمية الكتلة العظمية تنقص مع تقدمنا في السن، فإن مخاطرة حدوث هشاشة العظام تكون أعلى في الأشخاص المسنين.
وعلى الرغم من أن تخلخل العظام شائع كثيراً لدى النساء المتقدمات في العمر إلا أنه يصيب أيضاً الرجال وقد يحدث في أي عمر . ففي عمر الثمانين يمكن لأي أمرأة من ثلاث نساء وأي رجل من خمسة رجال أن يتعرض لكسر نتيجة تخلخل العظام .
بعض الحقائق العلمية
كيف تحدث هشاشة العظام مع تقدم العمر؟
1- الخلايا التي تكون العظام تصاب أيضا بالشيخوخة لذا يقل إنتاج الكولاجين و تكوين العظام عند المسنين.
2- يقل تكوين فيتامين "د" النشط في الجلد مما يقلل من امتصاص الكالسيوم وهذا أيضا يسرع من عملية فقدان العظام (نتيجة زيادة افراز الغدة الجار درقية مما ينتج عنه زيادة في نشاط الخلايا التي تكسر العظام).
3- نقص هرمون الاستروجين في الرجال و النساء على حد سواء.حيث أن الاستروجين يمنع فقدان الكتلة العظمية ، حيث يحد من نشاط الخلايا التي تكسر العظام. وقد تبين حديثا أن الأستروجين ينظم إفراز مادة الأوستيبروتجرين المثبطة للخلايا المكسرة للعظام.
5- نقص افراز عامل النمو.
صورة بأ شعة X تظهر هشاشة العظام في العمود الفقري في شخص مسن مع حدوث تقوس في الظهر
كيف يتم تشخيص هشاشة العظام؟
مرض هشاشة العظام عادة لا يسبب ألماً في مراحله المبكرة وبالتالي فإن أناساًعديدين لا يعرفون أنهم مصابون به حتى تنكسر إحدى عظامهم. التشخيص الدقيق لهذا المرض يتطلب اختبارا لقياسكثافة العظام لديك. والاختبار الأكثر صدقا والأكثر شيوعا لهذا الغرض يسمى مقياسكثافة العظام bone densitometry وهو عبارة عن نوع خاص من الأشعة السينية لقياسكثافة العظام . وهي عملية خالية من الألم تماما وتتطلب منك الاستلقاء على ظهرك علىسطح يشبه سرير الأشعة السينية لمدة خمس إلى عشر دقائق حتى يتسنى للآلة أن تقومبالتصوير المسحي لجسمك. وهو اختبار مأمون لأنه يستخدم كمية ضئيلة جدا من الأشعةالسينية تبلغ 1.2 Rem m بينما الحد المسموح للإنسان هو أن يتعرض سنويا الى 500 Rem m وهذاالاختبار لا يحتاج الى تحضير أو الى حقنة بالوريد.
ما هو حجم مشكلة هشاشة العظام؟
في عام 1990 قدرت نسبة كسور الورك بـ 1.7مليون على مستوى العالم وبحلول العام 2050 ستزداد إلى 6.3 مليون. وفي عام 1990 كانتنصف هذه الكسور في أمريكا الشمالية وشمال أوروبا.


وبحسب التقديرات في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها فإن هشاشةالعظام تصيب أكثر من 25 مليون شخصاً . وكنتيجة لمرضهم فإن 250000 من هؤلاء الأشخاصقد يصابون بكسر في الورك ، و 240000 يصابون بكسر في الرسغ ، و 500000 يصابون بكسرفي العمود الفقري خلال سنة واحدة. ومع إضافة الكسور الأخرى الأقل شيوعا فإن 1.3مليون كسرا في العظام يحدث بسبب هشاشة العظام في بلد واحد في سنةواحدة.
وكسور الورك الناتجة عن مرض هشاشة العظام ليست فقط مؤلمة ، وإنما قدتسبب الإعاقة الشديدة للأنشطة الأساسية جدا في الحياة الطبيعية. فإن حوالي 80 فيالمائة من الناس المصابين بكسر الورك يكونوا عاجزين عن السير بعد ستة شهور. والأخطرمن ذلك ما يصل إلى 20 في المائة من الناس يتوفون خلال سنة واحدة بعد تعرضهملكسر الورك. وبالإضافة إلى هذا ، فإن الكسور العديدة في الرسغ والورك الناتجة عنهشاشة العظام كل سنة تؤدي إلى آلام ومعاناة لا توصف، وتحد كثيرا من أنشطة الضحاياالمصابين.


إشارات قرآنية
يقول سبحانه وتعالى على لسان سيدنا زكريا عليه السلام، بعدما كبُر سنُّه ورقَّ عظمُه واشتاق لولد يأنس به وتقر به عينه: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً }مريم4.
في هذه الآية إشارة إلى ضعف ووهن العظام مع تقدم السن، فقد كان سيدنا زكريا عليه السلام شيخاً كبيراً ولم يعد لديه القدرة على إنجاب الأولاد. فدعا ربه بهذا الدعاء ليهبه غلاماً ليرثه وليكون مرضيَّاً.
إن عبارة (وَهَنَ العَظْمُ) تعبر عن وجود ضعف في العظام نتيجة تقدم السن. وكلمة (وهن) تشير إلى نقصان متانة وصلابة العظام . وهذا ما رأيناه في الحقائق العلمية المتعلقة بعلاقة كثافة العظم مع العمر وتقدمه. فمن الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة العلمية ليستخدمها في صياغة قصص القرآن؟
ولو كان القرآن من صنع هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم لم نجد فيه هذه الدقة في الاستخدامات العلمية للكلمات. وصدق الله القائل: {إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران62.
لذلك نجد إشارة للبنية الإسفنجية التي نراها في العظام الهشة في قوله تعالى على لسان المنكرين للبعث والحياة بعد الموت، فهم يقولون: {أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً }النازعات11. في هذه الآية إشارة إلى النخر أو التي يسميها العلماء بالمسامات أو الفراغات في العظام الهشة والمتقدمة في العمر. وكلمة (نَخِرَة) تتضمن إشارة غير مباشرة للكثافة المنخفضة في هذه العظام.
كذلك هنالك إشارة قرآنية إلى علاقة بين كبر السن وهشاشة أو وهن العظام وبين القدرة على الإنجاب. وقد رأينا في الحقائق العلمية أعلاه كيف تؤثر هشاشة العظام على نقص هرمون الاستروجين في الرجال و النساء على حد سواء. يقول تعالى في قصة زكريا عليه السلام: (كهيعص{1} ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا{2} إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً{3} قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً{4} وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً{5} يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً{6} يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً{7} قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً{8} قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) مريم 1-9.
بقلم الدكتورة نهى أبو كريشة
راجعه المهندس عبد الدائم الكحيل
المراجــع الأجنبية
Kassem M, Ankersen L, Eriksen EF: Demonstration of cellular aging and senescence in serially passaged long-term cultures of human trabecular osteoblasts. Osteoporos Int 1997; 7(6): 514-24[Medline].
www.emedicine.com.osteoporosis. Author: Ali Nawaz Khan, MBBS, FRCP, FRCR,November,2004.
Sehha.com.osteoporosis
Bilezikian JP. Osteoporosis in men. J Clin Endocrinol ****b 1999;84:3431-4.
1. Seeman E. Osteoporosis in men. Osteoporos Int 1999;(9 suppl 2): S97-S110.
2. Orwoll ES. Osteoporosis in men. Endocrinol ****b Clin North Am 1998;27:349-67
Amin S, Felson DT. Osteoporosis in men. Rheum Dis Clin North Am 2001;27:19-47
  #227  
قديم 06-04-2008, 05:56 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

من أسرار الصلاة أثر الصلاة على استقرار الدماغ


قال الله تعالى:(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
وقال أيضاً: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)الإسراء: 78-79.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)[سنن أبي داود].
الدراسة العلمية
لقد تبين بنتيجة العديد من الدراسات الأثر الكبير للصلاة والخشوع على آلية عمل الدماغ واستقراره، وقد تبين أن المؤمن الذي يؤدي الصلاة وهو في حالة خشوع تحدث في جسمه تغيرات عديدة أهمها ما يحدث في الدماغ من تنظيم لتدفق الدم في مناطق محددة.
تأثير الصلاة على نشاط المخ
تمت هذه الدراسة بواسطة د.نيوبرج (الأستاذ المساعد - قسم الاشعة- جامعة بنسيلفانيا- المركز الطبي) وذللك على مجموعة من المصلين المؤمنين بالله من ديانات مختلفة. و ذلكباستخدام أشعة"التصوير الطبقي المُحَوْسَب بإصدار الفوتون المفرد"الذي يظهر تدفق الدم فيمناطق المخ بألوان حسب النشاط فيها أعلاها الأحمر الذي يدل على أعلى نشاط بينما الأصفر والأخضر على أقل نشاط .
الصورة الأولى:
تظهر الصورة المخ قبل التأمل والصلاة (اليسار) و أثناء الصلاة (اليمين) حيث يظهر انه اثناء الاستغراق في الصلاة و التأمل فإن تدفق الدم في المخ زاد في منطقة الفص الجبهي.
الفص الجبهي Frontal Lobe , و هو مسؤول عن التحكم بالعواطف و الإنفعالات في الإنسان و شخصيته , و كذلك مهم لتعلم و ممارسة المهارات الحسية الحركية المُعقدة.

المصطلحات العلمية
Meditation : التأمل.
Frontal lobe : الفص الجبهي.
Parietal lobe : الفص الجداري.

الصورة الثانية:
تظهر انخفاض تدفق الدم في الفص الجداري في المنطقة التي تشعر الإنسان بحدوده الزمانية و المكانية. استخلص من هذه النتائج أنه أثناء التفكر والتدبر و التوجه الى الله يختفي حدود الوعي بالذات وينشأ لدى الإنسان شعور بالسلام والتحرر وأنه قريب من الله .
Powerful, spiritual force that seemed to lift you out of yourself) )
و أنه يستشعر أحساسا من السمو الروحي يعجز القول عن وصفه.
آيات قرآنية
كثيرة هي الآيات التي تحدثت عن أهمية الصلاة والخشوع وذكر الله تعالى. وقد ربط القرآن بين الصبر والصلاة للتأكيد على أهمية عدم الانفعال. يقول تعالى:
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)البقرة:45.
وهنالك آيات ربطت بين الطمأنينة والصلاة، يقول تعالى:
(فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء: 103.
وآيات أخرى تربط بين الصلاة والخشوع، مثل قوله تعالى:
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) المؤمنون: 1-2.
نتائج
يتضح من الآيات القرآنية والتجارب العلمية أهمية الصلاة في حياة المؤمن، وأهمية الخشوع فيها وأهمية الاطمئنان بذكر الله تعالى. ومن هنا تنبع الحكمة من تأكيد الإسلام على خطورة ترك الصلاة.
وإذا كانت التجارب تبين استقرار عمل الدماغ في حالة الصلاة حتى بالنسبة لغير المسلمين، وهؤلاء لا يقرءون القرآن في صلاتهم، فكيف بمن يصلي ويتوجه بصلاته إلى الله ويقرأ كتاب الله؟ لا شك بأن الاستقرار سيكون أعظم!
ونتذكر هذه الآية الكريمة والتي تؤكد على أهمية القنوت لله تعالى أي الخشوع والتوجه وتنقية القلب وتسليم الأمر لله تعالى، يقول الله تعالى:
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) البقرة: 238.
ونتذكر أيضاً دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام:
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
إعداد: الدكتورة نهى أبو كريشة
راجعه وأضاف عليه: م.عبد الدائم الكحيل
المراجع
القرآن الكريم
-Why God Won’t Go Away,
(w/ Eugene G. d’Aquili, MD),
2001

-Drs. d'Aquili and Newberg entitled, "Religious and Mystical States : A Neuropsychological Substrate" (Zygon 28: 177-200, 1993).
-Newsweek
May 7, 2001
Religion And The Brain
In the new field of "Neurotheology," scientists seek the biological basis of sprituality. Is God all in our heads?

Author: Sharon Begley
With Anne Underwood

Edition: U.S. Edition
Section: Science and Technology
  #228  
قديم 06-04-2008, 06:00 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

خوارق السايكولوجيا والقرآن العظيم

الدكتور جمال نصار حسين
لعل علم النفس هو أكثر فروع العلم المعاصر فشلاً في التعامل المعرفي الصائب مع هذا الواقع! فعلم النفس الذي بين ايدينا لا يُجاريه علمٌ آخر تخبطاً في مباحثه وعجْزاً عن فهم ما يحدث في ظواهره وكثرةَ ادعاء وقلة عمل! وهذا ليس تجنياً على علم النفس المعاصر بحالٍ من الاحوال. فعلم النفس قدَرُه ان يكون اكثر فروع العلم المعاصر اخطاءً مادامت الظاهرة الإنسانية هي مادة مباحثه نفساً لا جسماً ومادام تعامله مع الظواهر السايكولوجية يأبى ان يتخذ المنهج التجريبي-الاختباري أداته المعرفية الوحيدة استكشافاً لما يحدث في هذه الظواهر بعيداً عن شوائب التنظير والتفسير الوهمييَن لا محالة مادما عالقَين في وحل واقعٍ لا وجود له الا في أذهان صياغ النظريات السايكولوجية!
فعلم الطب لم يكن حظه من الإنسان هذه النفس المتوارية خلف الظواهر السايكولوجية حتى يكون الفشل الذريع نصيبه! وعلم النفس لم يكن حظه من الإنسان منظومته البايولوجية حتى يكون النجاح الساحق قدَره! كما ان علم النفس انشغل بالتعليل لما يحدث في الظواهر السايكولوجية عوض الانشغال بهذه الظواهر واقعاً ملموساً مادام قد استحال عليه التطاول تلمساً لما هي عليه حقيقةً! الا ان علماء النفس لم يكن لَيحدوهم هدفٌ آخر غير رغبة محمومة في الوقوف بوجه كل مَن يروم التشكيك في مصداقية ومشروعية العلم الذي أسسوا له!
فهم علماء كغيرهم على اي حال! وهم، ماداموا علماء، لا ينظرون الى الواقع بعين الباحث عن الحقيقة بل بعين الباحث عن كل ما من شأنه ان يؤمن لهم مكانةً في المجتمع الإنساني؛ هذا المجتمع القائم على اساسٍ من تأليه الإنسان لمَن لا يُحسن غير التنطع بالباطل مادام في هذا تشديدٌ على عظمة الكائن البشري! ان علم النفس الذي بين ايدينا اليوم علمٌ ليس كغيره من فروع العلم المعاصر مادامت الظاهرة الإنسانية قد شغلته بجانبها الاكثر استعصاءً على التعامل المعرفي الصائب معه. فالنفس الإنسانية، وان كانت عبارة عن فعالية دماغية المادة ليس الا، لا تملك ما يجعل منها قابلةً للخضوع لمعايير التجريب والاختبار خضوع باقي الفعاليات البايولوجية الإنسانية الأخرى.
وهذا الاستعصاء على الخضوع للشروط المختبرية قد تأتى لها بسببٍ من استخفائها لطافةً في المادة ودقة! فمادة النفس الإنسانية دماغية بكل تأكيد. الا ان هذا ليس بالضرورة بقادر على جعْلها في متناول ايدي البحث التجريبي-الاختباري. فمادامت المادة البايولوجية للنفس الإنسانية فائقة الدقة بالغة الصِغَر فان التعامل المختبري معها لن يكون كالتعامل مع المادة البايولوجية لأجزاء الإنسان الأخرى كالقلب أو الاسنان مثلاً. فمادة النفس الإنسانية هي هذا الدماغ. ولكن مهلاً، فهي ليست الدماغ بل مفردات منه تتشارك مع غيرها من باقي مفرداته في تكوينه.
ان النفس التي يدرسها علمُ النفس هي فعاليات بالغة اللطافة فائقة الدقة تتخذ لها داخل مادة الدماغ الإنساني مسرحاً كيما تحدث. وهذا ما يجعل من مهمة رصْدها في بيئتها الواقعية امراً بالغ الخطورة على حياة الإنسان مادام حياً. وهذا ايضاً ما يجعل من هذه المهمة بالغة الصعوبة. فمفردات المادة البايولوجية الإنسانية التي يتعامل علم الطب معها مفردات عملاقة اذا ما قورنَت بمفردات مادة النفس الإنسانية.
ان النفس التي يدرسها علم النفس عبارة عن فعاليات بايوالكترونية تحدث في مادة دماغ الإنسان، وهي لذلك عصية على التعامل المختبري معها مقارنةً بالفعاليات البايولوجية الأخرى والتي بمستطاع علم الطب التعامل معها بكل يُسر وسهولة مادامت مادتها ليست الكترونية فتستعصي على الملاحظة والملاحقة. ولكن اذا كان هذا هو قدَر علم النفس المفروض عليه بسببٍ من اختياره الانشغال بهذه النفس الخفية، فان هذا القدَر ابداً لن يكون له ان يُسوغ لعلماء النفس استعانتهم بنظريات سايكولوجية كهذه التي بين ايدينا والتي لا قيام لعلم النفس الا بها!
لقد اتجه علماء النفس "لتعويض النقص" في المنظومة المعلوماتية السايكولوجية بقيامهم بصياغة نظريات توهموا معها انها قادرة على استكمال هذا النقص بموجودات من عندِياتها استعاضوا بها عن المنظومات البايوالكترونية التي لم ينجحوا في الوقوع عليها داخل مادة الدماغ الإنساني لاستحالة ذلك مادام الدماغ لا حياة له الا بها ومادام حصولهم عليها يتطلب، في حال توفر التقنيات اللازمة لذلك، التضحية بهذا الدماغ! ان النظريات السايكولوجية لا تقل خرْصاً بيناً عن اية نظريات علمية أخرى يُستعان بها تعويضاً للنقص المُلاحَظ في الظاهرة قيد الدرس "بموجودات نظرية" مادام قد استعصى على صائغيها الوقوع على مفردات واقعية لهذه الظاهرة لابد من اضافتها لباقي المفردات التي في اليد "استكمالاً للصورة" وتوطئة لفهْم ما يحدث فيها! الا ان علم النفس تفوَّق على كل فروع العلم المعاصر بقيامه على اساسٍ نظري لا وجه للمقارنة بينه وبين اي اساسٍ نظري آخر لأي علمٍ آخر من علوم العلم المعاصر.

فعلم النفس علم نظريات لا علم وقائع الا قليلاً! وهذا الهَوَس المَرَضي بالنظريات هو الذي جعل من علم النفس الذي بين ايدينا أكثر فروع العلم المعاصر فشلاً! لقد كان يجدر بعلم النفس ان يُعرِض عن التنظير بدل هذا الانشغال المهووس به، وذلك بأن يقتصر تعامله مع الظواهر السايكولوجية على ما هي عليه واقعاً مادام قد استحال عليه الوقوع على ما هي عليه حقيقة وذلك لاستحالة تمكنه من التوغل عميقاً داخل المادة البايولوجية للدماغ الإنساني الحي مُلاحظةً وملاحَقةً لمفرداتها المسؤولة عن حدوث هذه الظواهر! فعلم النفس الصائب لابد من ان يكون علماً تجريبياً-اختبارياً فحسب.
وهذا ما يؤمن له ان تكون منظومته المعرفية بعيدة، البعد كله، عن هذا الخَبال الذي لا قيام للنظريات السايكولوجية الا به! فاذا ما استحال على علم النفس ان يقع على أسباب حدوث الظواهر السايكولوجية فلماذا لا يقنع بما بين يديه من ظواهر لا حاجة لافتراض ما يُتوهم معه بأنه قادرٌ على التعليل لما يحدث فيها مادام هذا التعليل لن يقوده الى شيء ذي بال بشهادة فشله الذريع في علاج معظم الحالات المرَضية التي استُقدِم لعلاجها؟!!
ان السبيل الوحيد لنجاة علم النفس من مشاكله المعرفية يكمن في التزامه الحرفي بالواقع السايكولوجي دون ابتعادٍ عنه وتجاوزٍ له تطاولاً لما ليس بالامكان الوقوع عليه مادام الحاجز بين عالِم النفس والظاهرة السايكولوجية حاجزاً قد شيدته الخصوصيةُ التي تفردت بها النفسُ الإنسانية بمادتها الدماغية التي لا تشابُه بينها وبين اية مادة بايولوجية أخرى على الاطلاق. فعلم النفس ابداً لن يتمكن من الاستعانة بنظرياته السايكولوجية في التعليل الصائب لما يحدث حقيقةً في الظواهر التي يدرسها تعليلاً يطال الأسباب الحقيقية وراء حدوث هذه الظواهر.
فلا عُقداً نفسية لها ان تُعلل بنجاح لهذا الخَبال المُميز للنوع الإنساني برمته الا قليلاً! ان استعانة علم النفس الذي بين ايدينا بالماضي الإنساني تعليلاً لحاضره الشقي بأنواع الاضطرابات النفسية لن تجديه نفعاً حقيقياً مادام هذا الماضي لا يتجاوز سنوات الطفولة! فطفولة الإنسان، لا النوع الإنساني، هي المسؤولة، كما يظن علم النفس الذي بين ايدينا اليوم، عن أمراضه وعِلله النفسية! ان العودة الى الماضي الإنساني لها ان تُعين المتدبر في خَبالات النوع الإنساني على الوقوع على حقائق كثيرة ولكن شريطة ان تكون هذه العودة عودةً الى الماضي السحيق للنوع الإنساني قاطبةً وليس الى ماضي فرد، أو افراد من هذا النوع، يُظن بهم انهم وحدهم مَن التاثت منهم العقول لهذا السبب أو ذاك مما له علاقة بماضٍ طفولي كان له ان يجعل من واحدهم ملتاث العقل مضطربه! فاذا كان الواقع الإنساني عاجزاً عن ان يشهد لهذا الإنسان، كائناً مَن كان الا ما رحم ربي، الا بأنه لا يحيا في غياب الخَبال الدماغي، بتجلياته التي يصعُب حصرها لضخامة تنويعاتها تشعباً وتلوناً، فان هذا دليل، لا حاجة معه لدليل آخر، على ان الماضي الذي يتوجب علينا العودة اليه استعانةً به على فهم ما نراه في الواقع الإنساني من فنون الجنون، هو ماضي النوع الإنساني وليس الماضي الخاص بفرد ما، أو افراد على وجه التعيين! فالنوع الإنساني مُلتاث برمته الا قليلاً ممن رحم ربي! وهذه اللوثة الجَماعية لا يمكن للماضي الفردي لكل إنسان ان يكون المسؤول عن حدوثها الجَماعي هذا!!
لذا فان على علم النفس ان يعود الى ماضي النوع الإنساني اذا ما هو اراد ان يكون صادقاً في بحْثه عن حقيقة ما يحدث لهذا الإنسان بتواجده مع الآخرين من أفراد نوعه أو لمفرده! الا ان عودةً الى الماضي كهذه تتطلب ان يكون لعلم النفس آلة زمن بوسعها ان تنقله الى زمانٍ بعيد جداً هو ذاك الذي شهد تشكل الماضي الإنساني. وهذه العودة الى ماضي النوع الإنساني ليس لأحد ان يكفلها لعلم النفس الا هذا القرآن.
ولكن لماذا كان القرآن العظيم الوسيلة الوحيدة للوقوع على الحقيقة الكامنة وراء هذا الواقع الإنساني المُلتاث خَبالاً واضطراباتٍ نفسية لا تني تزداد ساعة فساعة بتسارُع ابتعاد الإنسان عن خالقه؟ اننا اذا ما تدبرنا هذا القرآن بعين عقلٍ سليم فاننا واقعون لا محالة على حقيقةٍ مفادها ان الله قد ضمن كتابه العزيز كل ما من شأنه ان يكشف النقاب عن الحقيقة الإنسانية؛ هذه الحقيقة التي يُجليها واضحةً كل الوضوح الواقعُ الإنساني الذي نُعاني كلنا جميعاً من قاسي سطوته علينا. فالقرآن العظيم يُبين لمُتدبره حقيقة هذا الإنسان الذي يريدنا مؤلهوه ان نُشاركهم خَرْصهم بشأنه اذ يرونه كائناً مثالي الخِصال كامل الاوصاف! ان الواقع الإنساني لَيوافق القرآن العظيم لا هؤلاء الذين لا يرون في الإنسان الا ما يؤكد صواب نظرتهم الرومانسية الحالمة اليه! لقد قالها هذا القرآن واضحةً جليةً اذ اسقط هذا القناع الرومانسي واَظهر الإنسان على حقيقته وبوجهه الذي نعرفه جيداً كما نعرف أبناءنا! فالإنسان كما نعرفه هو كما وصفه هذا القرآن اذ قال فيه:
(وَاِذا مَس الإنسان اٌلضر دَعانا لِجَنْبِهِ أو قاعِداً أو قائِماً فَلَما كَشَفْنا عَنْهُ ضُرهُ مَر كَاَنْ لَمْ يَدْعُنا اِلى ضُر مَسهُ كَذلِكَ زُينَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (يونس:12)، (وَلَئِنْ اَذَقْنا الإنسان مِنا رَحْمَةً ثُم نَزَعْناها مِنْهُ اِنهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ. وَلَئِنْ اَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَراءَ مَستْهُ لَيَقُولَن ذَهَبَ اٌلسَيئاتُ عَني اِنهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) (هود: 9-10)، {وَآتاكُمْ مِنْ كُل ما سَاَلْتُمُوهُ وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها اِن الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(ابراهيم: 34)، (خَلَقَ الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ فَاِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (النحل: 4)، (وَيَدْعُ الإنسان بِالشر دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الإنسان عَجُولاً)(الإسراء: 11)، (وَاِذا مَسكُمُ اٌلضر فِي الْبَحْرِ ضَل مَنْ تَدْعُونَ اِلا اِياهُ فَلَما نَجاكُمْ اِلى الْبَر اَعْرَضْتُمْ وَكانَ الإنسان كَفُوراً) (الإسراء: 67)، (وَاِذا اَنْعَمْنا عَلى الإنسان اَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَاِذا مَسهُ اٌلشر كانَ يَؤُساً) (الإسراء: 83)، (قُلْ لَوْ اَنْتُمْ تَمْلِكُونً خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبي اِذاً لَاَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الاِنْفاقِ وَكانَ الإنسان قَتُوراً) (الإسراء: 100)، (وَلَقَدْ صَرفْنا فِي هذا الْقُرْآنِ لِلناسِ مِنْ كُل مَثَلٍ وَكانَ الإنسان اَكْثَرَ شَئٍ جَدَلاً) (الكهف: 54)، (وَهُوَ الذي اَحْياكُم ثُم يُمِيتُكُمْ ثُم يُحْييكُمْ اِن الإنسان لَكَفورٌ) (الحج: 66)، (اِنا عَرَضْنا الاَمانَةَ عَلى اٌلسمواتِ وَالأرْضِ وَالْجِبالِ فَاَبَيْنَ اَنْ يَحْمِلْنَها وَاَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَها الإنسان اِنهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب: 72)، (اَوَ لَمْ يَرَ الإنسان اَنا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فاِذا هُوَ خَصيمٌ مُبِينٌ) (يس: 77)، (فَاِذا مَس الإنسان ضُر دَعانا ثُم اِذا خَولْناهُ نِعْمَةً مِنا قالَ اِنما اُوتِيتُهُ عُلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِن اَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزُمَر: 49)، (لا يَسْأَمُ الإنسان مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَاِنْ مَسهُ اٌلشَر فَيَؤوسٌ قَنوطٌ. وَلَئِنْ اَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنا مِنْ بَعْدِ ضَراءَ مَستْهُ لَيَقولَن هذا لي وَما اَظُن اٌلساعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ اِلى ربي اِن لي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبئَنَ اٌلذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلوا وَلَنُذيقَنهُمْ مِنْ عَذابٍ غَليظٍ. وَاِذا اَنْعَمْنا على الإنسان اَعْرَضَ وَنأى بِجانِبِهِ وَاِذا مَسهُ اٌلشَر فَذو دُعاءٍ عَريضٍ) (فُصلَت: 49-51)، (وَاِنا اِذا اَذَقْنا الإنسان مِنا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَاِنْ تُصِبْهُم سَيئَةٌ بِما قَدمَتْ اَيديهِم فَإن الإنسان كَفورٌ) (الشورى: من 48)، (وَجَعَلوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً اِن الإنسان لَكَفورٌ مُبينٌ) (الزخْرُف: 15)، (وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنسان وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ) (ق: 16)، (اِن الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً. اِذا مَسهُ اٌلشر جَزُوعاً. وَاِذا مَسهُ الْخَيْرُ مَنوُعاً) (المَعارِج: 19-21)، (قُتِلَ الإنسان ما اَكْفَرَهُ. مِنْ اَي شَيْءٍ خَلَقَهُ. مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدرَهُ) (عَبَس: 17-19)، (يا أيها الإنسان ما غَركَ بِرَبكَ الْكَريمِ. اٌلذِي خَلَقَكَ فَسَواكَ فَعَدَلَكَ. فِي اَي صُورَةٍ ما شاءَ رَكبَكَ) (الإنفِطار: 6-8)، (فَاَما الإنسان اِذا ما ابْتَلاهُ ربه فَاَكْرَمَهُ وَنَعمَهُ فَيَقولُ ربي اَكْرَمَنِ. وَاَما اِذا ما ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقولُ ربي اَهانَنِ) (الفَجْر: 15-16)، (لَقَدْ خَلَقْنا الإنسان فِي كَبَدٍ. اَيَحْسَبُ اَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ اَحَدٌ) (البلد: 4-5)، (كَلا اِن الإنسان لَيَطْغى. اَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (العَلَق: 6-7)، (اِن الإنسان لِرَبهِ لَكَنودٌ. وَاِنهُ عَلى ذلِكَ لَشَهيدٌ) (العادِيات: 7).
لنتدبر جيداً، وجيداً جداً، ما ورد في هذه الآيات القرآنية الكريمة من حقائق لا يعجز الواقعُ الإنساني عن الشهادة لها بأنها الحق الذي ليس وراءه الا الباطل. فهل الإنسان كما نعرفه، وليس كما يريدنا مؤلهوه ان نتوهمه فلا نراه على حقيقته بل كما يتوهمون، هو بهذه الصفات التي فصلتها آياتُ القرآن العظيم وبما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا القرآن هو من عند الله حقاً؟ فلو لم يكن القرآن من عند الله هل كنا لنقع فيه على هذا الخطاب الفاضح لعيوب الإنسان؟! ولو كان هذا القرآن من عند غير الله اما كنا لنجده خالياً من كل ما من شأنه ان يتعارض والنظرة الرومانسية للإنسان؛ هذه النظرة التي لا نجد الا القرآن العظيم مُعرضاً عنها كل الإعراض؟!

ان هذا التطابق المذهل ما بين حقائق القرآن العظيم والواقع الإنساني كما نعرفه حق المعرفة لهو برهان لا يقطع الا بأن هذا القرآن لا يمكن ان يكون الا من عند الله الذي خلق الإنسان ويعلم عنه كل شيء. والآن، اذا كان القرآنُ العظيم صادقَ الوصف للإنسان كما يُجليه بوجهه الحقيقي واقعُه الذي نعرفه، واذا كان هذا الوصف بهذه الدقة المتناهية التي لم تغادر صغيرة ولا كبيرة الا وأحصتها في بيان تفصيلي لكامل اوصاف الإنسان، فهل لنا الا نخرج بنتيجة مؤداها ان هذا القرآن لابد وان يكون قد تضمن كل ما له ان يجعل من الظاهرة الإنسانية يُغادرها غموضُها والى الابد؟ ان القرآن العظيم يصف الواقع الإنساني كما لم يتجاسر احد من بني آدم على وصفه الا مَن كان منهم سائراً على الطريق الإلهي الى الله. فكيف لا نُصدقه فنكذب كل مَن لا قدرة له على شيء سوى الدعوة الى تأليه الإنسان على الرغم من هذا الواقع الإنساني البغيض الذي لا حياة للغالبية العظمى من بني آدم الا خوضاً حتى الاذنين في نتن ظُلُماته؟!
إن من يملك هكذا تشخيص دقيق للإنسانية بوجهها الحقيقي كما يُجليه الواقعُ الإنساني، وكما لا تُبينه الوثيقةُ الرومانسية التي صاغتها ايادي مؤلهي الإنسان، لابد وان يكون صادقاً، كل الصدق، في كل ما يقول عن هذا الإنسان كما نعرفه! لذا فان العودة الى الماضي الإنساني لن يتم لنا القيام بها ما لم نستعن بهذا القرآن الذي وحده يملك مفاتح الغيب والذي وحده يملك ان يقول لنا كل ما له ان يجعل من الظاهرة الإنسانية تتجلى، أماماً من انظارنا، بأبعادها الحقيقية وجذورها الممتدة في عُمق الزمان. ان عودةً الى ماضي إنسان ما برجوعنا الى طفولته، أو الى ماضٍ وراثي حتم عليه وجوب الانطلاق النشوئي منه خروجُه من بين صُلب وترائب أبوين وأجداد مُعينين، لن تكفل لنا الخروج من ظلمات الجهالة الى نور الحقيقة مادام البشر كلهم سواء في واقعهم الإنساني البغيض الا ما رحم ربي وقليل ما هم! فالعودة الصائبة الى الماضي هي بالعودة الى ماضي النوع الإنساني مادام أفراده كلهم جميعاً مُلتاثة أدمغتهم الا قليلاً! ان شيئاً ما لابد وان يكون قد تسبب في هذه الجماعية المميزة للمشكلة الإنسانية. وهذا الشيء لا يمكن، على الاطلاق، ان يكون وليد ماضٍ فردي يخص هذا الفرد أو ذاك من افراد الجماعة الإنسانية ولا يخص هذه الجماعة بكامل ملاكها الا قليلاً!
فاذا كان الواقع الإنساني بهذه البشاعة التي لم تغفل عن احد من افراد النوع الإنساني، الا قليلاً ممن رحم ربي، فكيف، بربك، يكون ماضي كل فرد من أفراد هذا النوع هو المسؤول عن وجهه الإنساني البشع ما لم يكن هذا الماضي ضارباً بجذوره عميقاً في الزمان امتداداً الى زمان ابتدائي مشترك تتوحد الإنسانية جمعاء بانبثاقها عنه؟! وهل لطفولة الإنسان ان تكون على هذه القدرة على تشويه وجهه؟! ان طفولة النوع الإنساني لا طفولة فردٍ من أفراده هي الماضي الذي يجب ان نعود اليه بحثاً عن السبب الجماعي في هذه النشأة المريضة لكامل أفراد الجماعة الإنسانية الا قليلاً. ولكن مَن يملك ان يعود بنا الى ذلك الماضي السحيق اِن لم يكن هذا القرآن الذي كشف النقاب عن الوجه الحقيقي لكل إنسان كما بوسع كل إنسان ان يراه لو انه نظر الى الواقع الإنساني على ما هو عليه لا كما يريده مؤلهو الإنسان ان يشاركهم نظرتهم الرومانسية الحالمة اليه؟!
لِنعُد مع القرآن العظيم الى الماضي البعيد للإنسانية جمعاء وذلك بتدبرنا لما فصلته آياتُه البينات عن الذي حدث فجعل من كل إنسان بهذا الوجه البشع ما لم يُسارع من فوره الى القيام بما هو كفيلٌ بجعْله يحصل على وجه جديد لا نراه حوالَينا كل يوم! (وَقُـلْنا يا آدمُ اسْكُنْ اَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجنةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئتُما وَلا تَقْرَبا هذهِ اٌلشجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ اٌلظالِمِينَ. فَاَزَلهُما اٌلشيْطانُ عَنها فَاَخرَجَهُما مِما كانا فِيهِ وَقُـلْنا اهْبِطُوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُو وَلَكُم فِي الأرْضِ مُستَقَرٌ وَمَتاعٌ اِلى حِينٍ) (البقرة: 35-36).
(وَيا آدم اسْكُنْ أنتَ وَزَوجُكَ الْجنة فَكُلا مِن حيثُ شئِتُما ولا تَقْرَبا هذهِ الشجرةَ فَتَكونا مِنَ الظالِمين. فَوَسْوَسَ لَهُما الشَيطانُ لِيُبديَ لَهُما ما وُرِيَ عَنهُما مِنْ سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبكُما عن هذهِ الشجرةِ اِلا اَنَ تكونا مَلَكَين أو تَكونا مِن الخالِدِين. وَقاسَمَهُما اِني لَكُما لَمِنَ اٌلناصِحِينَ. فَدَلاهُما بِغُرورٍ فَلَما ذاقا الشَجَرةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الْجنة وَناداهُما ربهما اَلَمْ اَنْهَكُما عَنْ تِلْكُما الشَجَرةِ وَأقُلْ لَكُما اِن الشيطانَ لَكُما عَدوٌ مُبِينٌ. قالا ربنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وَاِنْ لَم تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكوننَ مِنَ الخاسِرينَ. قالَ اهْبِطوا بَعَضُكُمْ لِبَعضٍ عَدوٌ وَلَكُمْ فِي الأرضِ مُسْتَقَرٌ وَمَتاعٌ اِلى حينٍ) (الأعراف: 19-24).
(وَاِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدمَ فَسَجَدُوا اِلا اِبْلِيسَ اَبى. فَقُلْنا يا آدمُ اِن هذا عَدُو لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنكُما مِنَ الْجنة فَتَشْقى. اِن لَكَ اَلا تَجُوعَ فيها وَلا تَعْرى. وَاِنكَ لا تَظْمَأُ فيها وَلا تَضْحى. فَوَسْوَسَ اِلَيْهِ اٌلشيْطانُ قالَ يا آدمُ هَلْ اَدُلكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لايَبْلى. فَاَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجنةِ وَعَصى آدمُ رَبهُ فَغَوى ثُم اجْتَباهُ ربه فَتابَ عَلَيهِ وَهدى. قالَ اهْبِطا مِنْها جَميعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو فاِما يَأتِيَنكُمْ مِني هُدىً فَمَنِ اتبَعَ هُدايَ فَلا يَضل وِلا يَشْقى. وَمَنْ اَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَاِن لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْم الْقِيامَةِ اَعْمى) (طه: 116-124).
اذاً هذا هو الذي حدث فجعل من الإنسانية جمعاء، الا قليلاً ممن فروا الى الله، مُلتاثة الدماغ كما لا يعجز الواقعُ الإنساني عن جعْل المتدبر فيه واجده لا محالة! ان القرآن العظيم بهذا الكشف المعرفي المعجز قد بين لنا السبب الحقيقي الذي جعل من كل إنسان إنساناً كما نعرفه! فاذا كان القرآن العظيم قد وافق الواقع الإنساني فيما يذهب اليه بخصوص بشاعة الظاهرة الإنسانية فانه قد جاءنا ايضاً بعلمٍ لا قدرة لهذا الواقع، ولا لأي واقع آخر مادام غير الهي، على ان يأتينا به! لقد عدنا الى الماضي الجماعي للنوع الإنساني بهذا القرآن وكان لنا ان نقع بواسطته على ما جعل من الإنسان، كل إنسان، إنساناً كما نعرفه، ولكن هل لهذا القرآن ان يُبين لنا السبيل للعودة الى المستقبل الذي كان سيكون هو المستقبل لو اننا لم نكن بهذا الماضي؟! نعم لقد بين القرآن العظيم كل ما ينبغي على الإنسان ان يقوم به اذا ما هو اراد حقاً ان ينجو من الآثار الكارثية التي جرَّها ماضيه عليه. فالقرآن العظيم جاءنا بطريقةٍ مثلى للعبادة فصلتها آياتُه البينات طريقاً وحيداً للنجاة من كل آثار ذلك الماضي الموغل في القدم. (قالَ اهْبِطا مِنْها جَميعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو فاِما يَأتِيَنكُمْ مِني هُدىً فَمَنِ اتبَعَ هُدايَ فَلا يَضل وِلا يَشْقى. وَمَنْ اَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَاِن لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْم الْقِيامَةِ اَعْمى) (طه: 133-124).
الا ان الإنسان لا يريد ان يبذل الجهد فيما ينفع حق النفع لا زائفه مادام هذا الجهد يصب في غير قناة تأليهه لذاته واتباعه لهوى نفسه المريضة جراء نشأته وانبثاقه عن ماضٍ لا يريد ان يغادره! ان الإنسان أسير ماضيه هذا لا محالة. وسيبقى الإنسان أسير ذلك الماضي مادام غير راغب في العودة اليه تصحيحاً لما حدث منه فيه يوم ان شارك أباه في أكله من تلك الشجرة! فكل إنسان كان سيحذو حذو أبيه آدم لو انه كان مكانه! فهل لنا ان نعجب حقاً لنشأتنا المشتركة وانبثاقنا الجماعي عن ذلك الماضي الآدمي؟! ان الحاضر الإنساني بهذا الواقع المقيت شهادة بأن ماضي الإنسانية لم يكن الا كما بيَّنه القرآن العظيم وكشف النقاب عنه. فلماذا لا نستعين بهذا القرآن على تأسيس علم نفسٍ جديد يأخذ بنظر الاعتبار هذه الحقائق التي تجلت امام العين عله ان يكون علمَ نفسٍ داعياً الى الله مادام يريد لنفسه ان يكون الحل العلاجي للمشكلة الإنسانية؟
ان الإنسان مريضٌ مادام واقعُه لا يشهد له الا بأنه ذو عقلٍ مُلتاث، فهل لعلم النفس الجديد هذا ان ينقذه من لوثته هذه وذلك بدعوته له للفرار الى الله؟ ان الإنسانية تعيش عيشاً ضنكاً بشهادة الآية القرآنية الكريمة (وَمَنْ اَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَاِن لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْم الْقِيامَةِ اَعْمى) وذلك لأنها قد أعرضت عن ذكر الله، لا لشيء آخر، فهل لعلم النفس الجديد ان يكون داعياً الى غير الله مادام الفرار الى الله هو وحده العلاج الناجع للإنسانية جمعاء؟!


الدكتور جمال نصار حسين
المملكة الاردنية الهاشمية
  #229  
قديم 06-04-2008, 06:05 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

معجزة خلق الإنسان ـ تكون النطاف

بقلم الكتاب التركي هارون يحيى
وتتم في خلايا الجسم نوعان من الانقسام أحدهماالانقسام المتساوي أي انقسام الخلية غير المباشر، وهو يتم في جميع خلايا الجسم، ولا يحصل أي تغيير في عدد الكروموسومات في الخلايا نتيجة هذا الانقسام ،كما لا يحصل أي تغيير أو تشويه في الخلايا الجديدة حيث تكون كلها متشابهة. ومن المفيد هنا الإشارة إلى نقطة معينة : فلو كانت الخلايا التناسلية تنقسم بهذا الشكل لما كان من الممكن أن يبقى نسل الإنسان إنساناً، لأن مجيء 46 كروموسوماً، مما يتسبب في تخريب بنية الطفل تماماً. غير أن التصميم المدهش الموجود في أجسامنا يحول دون ذلك، لأن للانقسام الذي يحدث في أثناء تكوين الخلايا التناسلية ( والذي يسمى : " الانقسام التناسلي " أو " الانقسام المنصف " ) كيفية مختلفة . ففي هذا الانقسام ينزل عدد الكروموسومات في الخلايا التناسلية من 46 كروموسوماً
يظهر في هذه الصورة الكيفية التي يتم من خلالها تكون النطاف
إلى 23 كروموسوماً . ولا تعد الخلايا التناسلية خلايا ناضجة إلا بعد إكمال هذه الانقسامات، فهناك آلية خاصة في جسم الرجل وفي جسم المرأة تكمل إنضاج هذه الخلايا التناسلية ثم تعدها لرحلة صعبة . فالخلايا التي ينتجها النظام التناسلي عند الرجل تكون مهيأة تماماً للخلايا التي ينتجها النظام التناسلي عند المرأة مع أن هذين النظامين يختلفان عن بعضهما البعض من وجوه عديدة ولا علم لأحدهما عن الآخر .
سنتناول تفصيلات هذا الموضوع في الصفحات القادمة، غير أن هنا نقطة هامة يجب الالتفات إليها، فمن اللحظة الأولى التي تبدأ فيها الخلايا التناسلية بالانقسام تتحرك ضمن سيطرة ورقابة معينة بعيداً عن أي تسيب أو عشوائية . فالخلايا تقوم بالانقسامات الضرورية وتكون قد حصلت على الأعداد المناسبة للكروموسومات، أي لا يوجد هنا أي تغير في سلسلة الأحداث والفعاليات ولا أي نقص ،فكل الأعضاء وكل الخلايا التي تكون هذه الأعضاء وكل الأجزاء التي تكون هذه الخلايا تعمل بانسجام وتوافق دقيقين، وبالاضافة إلى هذا فإن جزيئات الهرمونات والإنزيمات ( التي تعلب دوراً مهماً في تحقيق وتنفيذ الفعاليات المختلفة في الجسم ) والذرات ( التي تشكل وتكون هذه الجزيئات ) تعمل بوساطة منظومة دقيقة متى تبدأ بفعالياتها وأي تأثير يجب إجراؤه في أي عضو . ولا شك أن وجود مثل هذا التناغم والانسجام بين الخلايا والإنزيمات والهرمونات، وبالاختصار بين أجزاء الجسم وأقسامه، أمر يدعو إلى التأمل وإلى التفكير .
إن قيام جزيئات والذرات المكونة لها بوضع تصميم معين، والتصرف حسب هذا التصميم وقيام بعضها بإصدار الأوامر وأتباع بعضها الآخر لهذه الأوامر وفهمها لها وتطبيقها حرفياً .....
كل هذا أمر خارق لا يمكن ظهوره مصادفة، كما أن تحقق هذا الأمر في أجساد مليارات الناس الذين عاشوا حتى الآن والذين يعيشون حالياً وتحقق هذا الانسجام والتلاؤم دون نقص أو قصور يزيد من درجة خارقية هذا الأمر . ولا شك أنه من الواضح أن المصادفات العشوائية لا يمكن أن تقوم بمنح الخلايا الصغيرة ( التي لا ترى بالعين المجردة والتي تتألف منها أجسامنا ) ومنح الهرمونات والإنزيمات التي تنتج هذه الخلايا كل هذه الصفات والخواص، لأن هذا الأمر يحتاج إلى عقل وإدراك وشعور خارق وغير اعتيادي . وغني عن البيان فإن كل مرحلة من مراحل النظم الرائعة التي تعمل في جسم الإنسان وكل جزء من أجزاء هذه النظم يحتاج في حركته وفعاليته إلى قدرة عقل لا مثيل له يتجاوز حدود المدارك البشرية .
هذا العقل والعلم النهائي يعود إلى الله تعالى خالق الكون بأجمعه وبكل تفصيلاته الدقيقة والله تعالى يقرر لنا في كتابه العظيم أنه لا خالق سواه :
(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255).

الجيش الخاص المتوجه نحو الهدف
تصور جيشاً ضخماً مؤلفاً من ملايين الجنود، جيش يتقدم نحو هدف ولا يبالي بطول الطريق ولا بالعقبات الكبيرة أمامه ولا بالمخاطر المميتة التي تواجهه في تقدمه هذا، وليكن طول الطريق الذي يجب قطعه يزيد بمئات الآلآف من المرات على حجم أفراده، لا شك أن مثل هذا الجيش اللجب يحتاج ـ وهو في هذا الطريق الصعب أمامه ـ إلى مساعدين وإلى أدوات وإلى تجهيزات إضافية . هذا الجيش الذي يبلغ تعداده 300 مليون حيوان منوي في القذفة الواحدة وليس في جسم الرجل حيث يبلغ حجم السائل 3.5 مل وكل مل يحتوي من 50 إلى 100 حيوان منوي ،وأفراد هذا الجيش هم " النطف " أو (الحوينات ) أي الحيوانات المنوية ) .
يبلغ طول كل حوين واحداً بالمئة من المليمتر الواحد، وهو يضطر لقطع طريق طويل للوصول إلى هدفه، أي إلى البويضة .
تستطيع ألف نطفة من بين 300 مليون نطفة النجاح في الوصول إلى البويضة، ومن هذا الألف تنجح نطفة واحدة فقط في كسب مباراة السباق هذه فتقوم بإخصاب البويضة وقبل بدء النطف في الاشتراك في هذا السباق تعبر مراحل النضوج من خلال سفرة طويلة في الأعضاء التناسلية للرجل، مع وجود مساعدين عديدين لها وهي تعبر مراحل النضوج هذه .

مراحل تكوين النطف :
من أجل إخصاب البويضة يتم تهيئة ما بين مئتين وثلاثمئة مليون خلية تقريباً من الحُوينات وهذا العدد الكبير يلفت الانتباه، ولكن له سبباً مهماً، فكما سنبين لاحقاً بالتفصيل، فإن عدداً كبيراً من هذه الحُوينات الداخلة إلى جسم الأم يموت في الطريق، والعدد الذي ينجح يحول دون خطر فشل إخصاب البويضة .
يتم إنتاج أفراد هذا الجيش الكبير من الحُوينات في عضو تناسلي في الرجال وهو الخصية، غير أن هذه النطف المخلوقة في الخصيتين، والتي تمر بمراحل نمو عديدة يجب أن تكون مصانة من الحرارة الزائدة، أي يجب أن يكون موضع إنتاجها بارداً نوعاً ما . وحرارة جسم الإنسان الاعتيادية تبلغ 37 درجة مئوية . وهي حرارة تهلك هذه النطف وتقضي عليها، لذا لا تستطيع هذه النطف العيش داخل جسم الإنسان .
وميزة الخصيتين أنهما موجودتان خارج الجسم، وقد هيأ الله تعالى تصميماً خاصاً لجسم الرجل ليكون أفضل بيئة لإنتاج هذه النطف .
تتكون الخصية من شبكة من القنوات، وبفضل هذه القنوات التي تملك مساحة واسعة نسبياً يمكن إنتاج الحُوينات بسرعة وخزنها بسهولة . ويمكن معرفة الحكمة من ضرورة الإنتاج السريع وخزن الإنتاج عندما نعلم أن العدد المطلوب لإخصاب بويضة واحدة يتراوح بين مئتين وثلاثمئة مليون نطفة .
وإذا نظرنا إلى الخصيتين اللتين تعدان بمثابة مصانع نرى أن عدد هذه القنوات يبلغ ألف قناة تقريباً، ومجموع أطوالها يبلغ 500 متر تقريباً، تدعى هذه القنوات الصغيرة بالقنوات المنوية، ويبلغ الطول التقريبي لكل قناة خمسين سنتمتراً، وتوجد فيها الخلايا التي تقوم بصنع الحوينات.[1]
تقع الخلايا الصانعة للنطف في جدار القنوات أو الأنابيب المنوية، وتتعرض هذه الخلايا التي تبدأ بالتكاثر إلى نوعين من الانقسام : انقسام من النوع الفتيلي ( الاعتيادي ) وانقسام من النوع المنصف ( وقد ذكرناهما سابقاً ) . وكما ذكرنا في السابق فمن الضروري أن ينزل عدد الكروموسومات الموروثة من الأب (قبل عملية الإخصاب ) إلى 23 كروموسوماً، أي إلى النصف، لذا يجب وقوع انقسام من النوع المنصف في خلايا النطف .
تنشأ نيتجة هذه الانقسامات أربع خلايا ندعوها باسم " سبيرماتايد "( spermatid ) غير ان هذه الخلايا لا تملك قابلية الاخصاب . ولكي تكتسب هذه الخلايا ( وهي خلايا كروية الشكل تملك 23 كروموسوماً ) قابلية الإخصاب فإنها تحتاج إلى عمليات تغيير جديدة .
لقد أخذت هذه الحاجات المهمة بعين الأعتبار في النظام التناسلي للذكر، لذا وضعت مجموعة من الخلايا المساعدة لتطوير خلايا " سرتولي " ( sertoili cell) في المكان المناسب . وبعد أسبوع أو أسبوعين من الانقسام تقوم هذه الخلايا المساعدة ( واسمها " خلايا سارتولي " وهي تحيط بخلايا " سبارماتيد " بإعطاء شكل جيدد وقوام جديد لخلايا " سبارماتيد " وفي نهاية مراحل هذا الانقسام تزود النطفة بالتراكيب التي تجعلها نطفة بحق، ومنها الذيل والنواة واكروزوم ( Acrosom)المملوء بالإنزيمات في القسم الرأسي للنطفة[2] .
تتحقق جميع علميات إعطاء الشكل والقوام الجديد في الخلايا الموجودة في القنوات، وهذا التي تملك أذرعاً طويلة ( وهي امتدادات سايتوبلازمية ) كبيرة نوعاً ما .
وتقوم خلايا " سرتولي" باحتضان خلايا " سايتوبلازم " بقوة بواسطة أذرعها وتغمرها ضمن ساريتوبلازمها، وهكذا يتم تأمين غذائها طوال فترة نموها وتطورها كما تضعها تحت رقابتها الدائمة[3]
لا شك أن معجزة كبيرة تكمن في هذه العمليات التي قدمنا معلومات موجزة جداً عنها، فالنطف التي تديم نسل الإنسان وخلايا " سارتولي " تتركب جميعها من البروتينات ومن الأحماض الأمينية .و الآن لنفكر : أليس من الإعجاز قيام خلايا " ستارتولي " التي لا تملك لا عقلاً ولا شعوراً ولا دماغاً بوقف نفسها لتحقيق هذه الوظيفة ومثل هذا الهدف ؟ إن تحقيق هذا الحدث دليل واضح على أنها منقادة لذي عقل وإرادة ثم إن وجود هذه الخلايا في الموضع المناسب تماماً ( أي في القنوات المنوية التي تتطور فيها لنطف ) وتمتعها بالمواصفات والخواص المناسب تماماً ( أي في القنوات المنوية التي تتطور فيها النطف ) وتمتها بالمواصفات والخواص المطلوبة تماماً ( مثلاً كونها بحجم أكبر من خلايا (سبارماتيد) دليل واحد من ملايين الأدلة على كمال تصميم جسم الإنسان، فقد وزع الله تعالى خلايا جسم الإنسان (البالغ عددها مئة تريليون خلية تقريباً) كلاً في مكانها المناسب وأعطى كل واحد منها الصفات والخواص الضرورية لعلمها ولوظيفتها وألهمها كيفية القيام بمهامها وبأعمالها . وهو يخبرنا بهذا في القرآن الكريم فيقول :
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). (هود:56).

نظام مترابط الأجزاء
ذكرنا في الصفحات السابقة دور خلايا " سارتولي " في تحويل خلايا " سبارماتيد " إلى الحُوينات . فما التأثير المادي الذي يحفز هذه الخلايا للحركة ويكفل تغذية خلايا " سبارماتيد " والسيطرة على نموها كهدف وكوظيفة لها ؟
إن العامل المؤثر والذي يساعد على قيام هذه الخلايا بوظائفها هو هرمون يدعى " فوليكل ستيميوليتنج " ( وسمه المختصر FSH)وهو أختصار لعبارة ( Follicle Stimulating Hormone).
فهذا الهرمون الذي يتم إفرازه من الغدة النخامية يقوم بتنبيه خلايا سارتولي، وفي حالة عدم إنتاج هذا الهرمون أو عدم وصوله إلى المكان المخصص فلا يمك إنتاج وتوليد هذا الهرمون أوعدم وصوله إلى المكان المخصص فلا يمكن إنتاج وتوليد الحُوينات .وعندما تتلقى خلايا " سارتولي " هذا التنبيه والتحفيز تقوم بإفراز هرمون ضروري لتوليد الحُوينات هو هرمون الإستروجين .
وهناك نوع آخر من الخلايا تلعب دوراً مؤثراً في نمو الحُوينات وتطورها وهي خلايا " لايدج " الموجودة بين القنوات المنوية، ومهمة هذه الخلايا هي القيام بإفراز هرمون آخر يساعد على تطوير وتنمية النطف، وهو هرمون LH الذي يتم إفرازه من نسيج الغدة النخامية والذي ينبه خلايا " لايدج " فتقوم بتوليد هرمون التستسترون " وهو أهم هرمون في مجال تنمية الأعضاء التناسلية وتنمية مختلف الغدد في هذه الأعضاء وفي ظهور صفت الرجولة وفي توليد الحُوينات .
ولخلايا " سارتولي " مهمات أخرى مثل توليد وإنتاج البروتين، ويقوم هذا البروتين بنقل هرمون الإستروجين وهرمون التستسرون إلى السائل الموجود في القنوات المنوية
.
نشاهد هنا مراحل نمو الحيامن في القنوات المنوية وتوجد الخلايا الجرثومية الذكرية حول جدران القنوات المنوية وبانقسام هذه الخلايا تتحول إلى خلايا تسمى (سيرماتيد ) وفي نهاية المراحل يتكون رأس وذنب الحيمن ) وبعد أنتهاء هذه العمليات المعقدة يتم نمو الحيمن الذي يحمل جميع المعلومات المتعلقة بذلك الشخص .
ولخلايا " لايدج " وظيفة ثانية، فهي تمد خلايا النطف بحاجتها من الطاقة الضرورية من سكر الفركتوز (سنتناول في الفصول القادمة أهمية هذا الموضوع ) .
وكما رأينا فإن النظام الهرموني يقوم بعمله في النظام التتناسلي ضمن تنظيم دقيق كدقة كدقة عمله في المناطق الأخرى من الجسم، فكل هرمون يعرف مضمون الرسالة التي يحملها أي هرمون آخر ويقوم بما يجب عليه القيام به، فمثلاً نرى أن الغدد النخامية الموجودة في الدماغ تعرف أنه قد آن الأوان المناسب فتقوم بإرسال الأوامر إلى مختلف الخلايا الموجودة في الخصية، وتحيط الأنسجة والأعضاء علماً بما يجب عليها جميعاً عمله . وهناك منطقة في الدماغ اسمها " الهايبوتولاموس " تقوم بتحفيز الغدة النخامية للحركة والنشاط .
إن المرحلة الأولى من تكون الإنسان ونشأته مرتبطة بهذه المعلومات المنقولة بواسطة الهرمونات ثم العمل بموجبها ؟ وكيف تنتجح في فهم البنية الكيمياوية لبعضها البعض ؟ وكيف ومن أين تستطيع معرفة كيفية التأثير على هذه البنى ؟ لا شك أن قيام خلايا " سارتولي " وخلايا " لايدج " بالتعاون من أجل إنتاج الحُوينات وتكوينها، وقيامها بنشاطات معينة حسب أوامر الغدة النخامية البعيدة والمختلفة عنها، هذا كله أمر لا يمكن تفسيره بالمصادفات . ومن المستحيل اكتساب الهرمونات مثل هذه الخواص نتيجة المصادفات المتعاقبة ضمن شريط زمني لأن وقوع أي خلل في أي حلقة من حلقات هذا النظام سيؤدي إلى خلل النظام بأكمله . فمثلاً إذا لم تفهم خلايا " سارتولي " الأوامر التي أرسلتها الغدة النخامية بواسطة هرمون FSH ولم تقوم بإفراز مادة الإستروجين يصبح إنتاج الحُوينات مستحيلاً، وإذا لم تقم خلايا " لايدج " بإنجاز وظيفة توفير الفركتوز أو لم توفره بشكل كاف فإن الحُوينات ـ على الرغم من نضوجها من جميع النواحي ـ لن تجد الغذاء الضروري لها عند انتقالها إلى رحم الأم وسوف تموت أو تعجز عن إخصاب البويضة لفشلها في الوصول إليها .
هذا الأمر يرينا حقيقة واضحة، وهي أن الله تعالى الذي يؤسس العلاقات بين الأعضاء وبين الخلايا وهو الذي يلهم الغدة النخامية والهايبوتولاموس وخلايا لايدج وسارتولي وكل عنصر أو عضو يساهم في تكوين الحوينات، ويجعل هذه الغدد والخلايا والأعضاء يفهم أحدها لغة الآخر، فكل شيء يتحقق بأمره سبحانه وتعالى .
البنى والتراكيب الأخرى المساعدة للنطف في بلوغ هدفها :
تكتسب خلايا الحُوينات ( الناضجة نوعاً ما ) قابلية الحركة وقابلية الإخصاب في جزء من أجزاء النظام التناسلي يدعى " قناة ابيديدمس " (Epididymis )وترتبط قناة ابيديدمس بشكل رخو مع القسم الخارجي للخصية، وهي منحنية وطولها نحو ستة أمتار وقطره حوالي ملم واحد . ويخزن قسم من الحُوينات ( قبل شروعها في رحلتها ) في هذه القناة لفترة من الوقت . وترتبط هذه القناة بقناة تدعى " القناة الدافقة "حيث تخزن الحُوينات في هذه القناة مدة طويلة دون أن تفقد قدرتها على الإخصاب، وعندما يحين الوقت تقذف هذه الحُوينات إلى جسد المرأة وتبدأ برحلتها الطويلة للقاء البويضية وإخصابها . [4]
غير أن النطف تحتاج إلى مساعدين آخرين يعاونونها للبدء في عملية الإخصاب ولتوفير حاجاتها في رحلتها الشاقة . وكذلك لبقائها حية .
أحد المعاونين لها في رحلتها الطويلة هو غدة البروستات . والثاني هو الغدد الإفرازية في الأكياس المنوية الموجودة على طرفي البروستات . وتبدأ هذه الغدد بوظيفتها هذه حالما تنتهي عملية إنتاج النطف، وتقوم بإنتاج سائل خاص يرافق النطف في رحلتها .
يرافق هذا السائل الذي تفرزه البروستات النطف حالما تبدأ برحلتها، وهو يحتوي على أيونات السيترات والكالسيوم والفوسفات، وعلى إنزيم " فيبرونوليزين " ( وهو إنزيم للتخثر " إن الأعضاء التناسلية لدى المرأة تحتوي على خليط كثيف من الحوامض التي تمنع تكاثر البكتريات، ولخليط الحوامض هذا إضافة إلى كونه عائقاُ أمام حرية النطف تأثير مميت ومهلك للنطف، غير أن للسائل الذي تفرزه البروستات تأثيراً مهدئاً وبفضله تستطيع النطف السباحة بسهولة متوجهة نحو البويضة[5].
لنتوقف الآن قليلاً للتفكر والتأمل : إن غدة البروستات الموجودة في النظام التناسلي للرجل تتصرف وكأنها تعرف طبيعة البيئة الموجودة في جسد المرأة، أي أن غدة البروستات تعلم أن النطف سوف تصادف في خلال رحلتها بيئة حامضية وتعلم أن النطف لا تستطيع العيش في تلك البيئة . وفوق هذا فهي تعرف كيفية درء هذه المخاطر، لذا تقوم بإنتاج السائل الضروري لوقاية هذه النطف . لا شك أن معجزة كبيرة يتم تحقيقها هنا، فليس في الإمكان القول بأن غدة إفرازية في جسد الرجل على علم ببنية أخرى وبجسد آخر لا علاقة لها به، وأنها تتخذ بنفسها وبقرارها الخاص جميع الاحتياطيات والتدابير اللازمة . فكروا معي ! إن الإنسان المدرك العاقل وصاحب الشعور والوعي والذي يملك حواس البصر والسمع والذي يستطيع اتخاذ التدابير وحل المشاكل ومعالجة الصعوبات لا يستطيع تخمين الأخطار التي سيواجهها في بيئة يجهلها ولا يعلم ظروفها، فلا يستطيع القيام بالتخمين الصحيح لأخذ التدابير اللازمة لمواجهة هذه الأخطار، ولكن غدة البروستات ( وهي كتلة من اللحم مؤلفة من خلايا ) تستطيع إنجاز مثل هذا النجاح .
وكما هو واضح فإن من العبث الادعاء بأن غدة البروستات هي التي اتخذت قرارها في هذا الشأن وهي التي نفذت هذا القرار، فالله تعالى هو الذي ألهم هذه الغدة القيام بمثل هذه الوظيفة لأنه يعرف كل صغيرة وكبيرة عن جسد الرجل وعن جسد المرأة، لأنه هو الذي خلقهما .
وبالإضافة إلى ذلك فإن غدة البروستات ليست الغدة الوحيدة في جسد الرجل التي تفرز مواد حيوية لمساعدة النطف في رحلتها، لأن السائل الذي تفرزه الأكياس المنوية ( الموجودة بجوار غدة البروستات ) سائل مهم لا يمكن للنطف الاستغناء عنه في رحلتها الطويلة ويحتوي هذا السائل على كميات كبيرة من الفركتوز وغيرها من المواد الغذائية وعلى كمية كبيرة من " البوستاجلاندين" (prostaglandin ) و" الفيبرونوجين " .
يقوم الفركتوز والمواد الغذائية الأخرى بتغذية النطف منذ دخولها إلى جسد المرأة وحتى قيامها بإخصاب البويضة، وتقوم مادة " البروستاكلاندين " الموجودة في هذا السائل بمساعدة النطف من زوايا أخرى في الوصل إلى البويضة . فإحدى وظائف هذه المادة هي الدخول في تفاعل مع الغشاء المخاطي الموجود في قناة الرحم لتوفير جو صالح لحركة النطف، أما وظيفتها الثانية فهي تأمين تقلص الرحم وقناة فالوب في اتجاه معاكس لتسهيل حركة النطف .

وهنا تظهر أمامنا حالة إعجازية مهمة، فالسائل الذي تفرزه غدة البروستات لا يعرف فقط جسد الرجل الذي يتم إنتاجه فيه بل أيضاً بنية جسد المرأة بشكل دقيق وتفصيلي، فهو يعرف مسبقاً أن تقلص قنوات فالوب في رحم المرأة يساعد حركة النطف ويسهلها، لذلك فإنه، وبنظرة حكيمة ومستقبلية يضيف مادة " البروستاكلاندين " الكيماوية إلى جسد المرأة ولنتصور ـ للحظة ـ أننا طلبنا من أحد الكيميائيين تنفيذ هذه المهمة، فكيف كان سيتصرف ؟
كان سيقوم أولاً بفحص النطفة وتركيبها والبحث عن كيفية تحقيق الإخصاب وعن الظروف التي تحتاجها عملية الإخصاب هذه إلخ .
ثم كان سيقوم بفحص جسد المرأة وهرموناتها والبويضة وقناة فالوب التي تنقل البويضة إلى الرحم، ثم سيفحص الرحم وأنسجته ونظام الأعصاب الموجودة فيه لمعرفة كيفية تحقيق عملية التقلص فيه، ثم سيحاول الاستفادة من درسته ومن تجاربه التي استمرت عدة سنوات للعثور على المادة التي تملك مثل هذا التأثير، ثم سيقوم بإجراء التجارب والبحث في الكتب للوصول إلى النسب الصحيحة لاتحاد هذه المواد .
يحتاج الإنسان صاحب العقل والشعور إلى مثل هذه الدراسة الشاقة التي تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير للوصول إلى بعض النجاح في هذا الأمر، أما الذي يقوم حقيقة ـ بمثل هذا الإنتاج فليس عالم كيمياء صرف سنوات عديدة من عمره في هذا المجال ليصبح مختصاً فيه، بل هي أعضاء وأنسجة تتألف من جزيئات وذرات لا تملك شعوراً أو إدراكاً لذلك لا يمكننا القول بأنها تملك عقلاً ومعرفة تفوق عقل ومعرفة الكيميائين أو أنها تعمل كل هذا بإرادتها . لا شك أن هذا السائل المنتج في النظام التناسلي للرجل والمصمم لتوجيه النظام التناسلي لدى المرأة ( وكذلك الخلايا المكونة له)، كل هذا مخلوق ـ لا شك ـ من قبل الله تعالى.
من الواضح استحالة تكون وتشكل هذه الأنظمة المترابطة بعضها مع البعض الآخر نتيجة المصادفات . وكل إنسان له شيء من عقل ومن إنصاف سيدرك فوراً بأن هذه الحوادث الخارقة التي تحدث حالياً ( والتي حدثت سابقاً ) في أجساد المليارات من الناس أثر ونتيجة لعلم ولقدرة لا نهائيتين، فيكون لله تعالى وحده صاحب هذا العلم وهذه القدرة .
قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) الشورى:29

[1] Guyton&Hall, Tbbi Fizyoloji, Nobel Tp Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1003[2] Guyton&Hall, Human Physiology and Mechanisms of Disease, 6t ed., 1997, p. 649

[3] Guyton&Hall, Tbbi Fizyoloji, Nobel Tp Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1004

[4] Vander, Sherman, Luciano, nsan Fizyolojisi, Bilimsel ve Tekni Yaynlarاeviri Vakf, 1994, p.

[5] Guyton&Hall, Tbbi Fizyoloji, Nobel Tp Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1006

  #230  
قديم 06-04-2008, 06:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

معجزة خلق الإنسان ـ المني سائل معقد التركيب
بقلم الكاتب التركي هارون يحيى
عندما تبدأ الحيوانات المنوية رحلتها يلتحق بها أولاً السائل الذي تفرزه غدة البروستات ثم السائل المفرز من الأكياس المنوية، وهكذا يكتمل تكوين المني . وتستمر النطف بالرحلة في جسد الأم، ولهذه السوائل ( كما ذكرنا سابقاً) وظيفة تأمين الوسط والبيئة الملائمة لحركة الحيوانات المنوية، وذلك بتوفير الغذاء والطاقة اللذين تحتاجهما النطف في رحلتها هذه من جهة، ومن جهة أخرى بقيامها ـ نتيجة طبيعتها القاعدية ـ بعملية تعادل للحوامض الموجودة في مدخل رحم المرأة .
يطلق اسم " المني " على مجموعة هذه السوائل المقذوفة من جسد الرجل إلى جسد المرأة لغرض إخصاب البويضة، وهو يتكون من النطف ( الحُوينات ) ومن السوائل التالية بالنسب المحددة : 10% من القنوات المنوية، 60% من الأكياس المنوية ،30% من غدة البروستات، كما يحتوي السائل المنوي على سوائل أخرى تفرزها غدد أخرى ولكن بنسب قليلة . إن السائل المنوي سائل معقد يحتوي على مواد عديدة معقدة مثل : الفركتوز، والفوسفور نكلولين، والأركوفيرفوئين، وحامض الأسكوربيك، والفلادينات .
والبروستاغلانات، وحامض الستريك، والكولسترول، والفوسفولبيرات، والفيبرونوليزين، والقصدير ،والفوسفات، والهيالوردنيداز، وعلي الحيوانات المنوية ! وهنا تظهر أمامنا معجزة أخبرنا بها القرآن الكريم .(1)
لقد لفت القرآن الكريم الأظار في آيات عديدة إلى خلق الإنسان وحض على التأمل فيه وقد صادف العلماء الذين بحثوا ودرسوا هذه الآيات القرآنية حول خلق الإنسان العديد من المعجزات الكامنة فيه، فمثلاً اكتشف العلم بوسائله التكنولوجية أن المني عبارة عن مواد مختلطة عديدة ( أمشاج )، مع أن هذه المعلومة قد وضحت في القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمئة سنة :
(إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (سورة الإنسان:2).
وضمن هذا السائل المعقد التركيب تملك الحيوانات المنوية وحدها قابلية الإخصاب .
فبينما يظن الناس أن جميع أقسام مني الإنسان يملك هذه القابلية، تنحصر هذه القابلية في جزء صغير فقط من مني الإنسان وهو الحيوانات المنوية (الحُوينات ) . أي أن الإنسان يظهر للوجود ليس من السائل المنوي بأجمعه بل من الحيوانات المنوية فقط .

حين يلتقي الزوجان يتم قذف عدد يتراوح بين مئتين وثلاثمئة مليون حيوان منوي، غير أن ألفاً من هذه الحيوانات فقط ينجح في الوصول إلى البويضة، ومن ضمن هذه الحُوينات الألف تختار البويضة واحداً . أي أن الإنسان ليس إلا نتيجة جزء صغير مختار من المني . وهذا الأمر الذي يملك عنه معظم الناس ( حتى في أيامنا الحالية ) معلومات خاطئة قد أخبرنا الله تعالى عنه في القرآن قبل أكثر من ألف سنة : قال الله تعالى :
(أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى {36}أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى {37} ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى {38} فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {39} أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى {40}.
وهذا يبين لنا ـ بكل جلاء ـ أن القرآن هو كلام الخالق الذي يحيط علماً بكل دقائق وتفصيلات خلق الإنسان .

تتمة وتكملة التحضيرات الأخيرة :
إلى هنا تكون بنية الحيوان المنوي ( المدعم بسوائل المني ) قد تكاملت : الرأس، والعنق والذنب، ثم الجزء الأخير ولكل جزء من هذه الأجزاء وظيفته الخاصة به .
ولا يتجاوز حجم رأس الحوين ( الذي يعد نواة له ) خمسة ميكرونات ( يساوي الميكرون الواحد جزءاً من مليون جزء من الملليمتر الواحد ) . وجميع المعلومات المتعلقة بجسم الإنسان، والتي تستطيع تحويل خلية واحدة إلى إنسان كامل وسوي، محفوظة وموضوعة في مثل هذا الجزء والحيز الصغير، وتنقل هذه العلبة الصغيرة المتكونة من 23 كروموسوماً والمحتوية على جميع هذه المعلومات إلى البويضة . أي أن جميع المعلومات المتعلقة بأعضاء جسم الإنسان وكيفية عمل هذه الأعضاء وتعيين أماكنها وفي أي وقت تقوم أي خلية بالنمو والتغير والتمايز، وباختصار فإن جميع المعلومات المتعلقة بكيفية تكون الإنسان وإنشائه محفوظة ومصانة بشكل جيد في نواة الخلية المجهرية للحوين .
إلى جانب المعلومات الجينية الموجودة في رأس الحوين توجد تراكيب أخرى أيضاً، فمثلاً يوجد في الطبقة الخارجية قسم حافظ يدعى " الأكروزوم "، ويقوم الحوين باستعماله في القسم الأخير والأهم من رحلته.
ويحتوي هذا "الأكروزوم " على الإنزيمات التي تمتلك القدرة على تفتيت الأنسجة وثقبها، ويقوم الحوين باستخدام هذه الإنزيمات لثقب غلاف البويضة للدخول فيها لإخصابها .(2)
الجزء الثاني والمهم للحوين هو الذنب الذي يساعده على السباحة بسهولة في الوسط السائل . وحركة الذنب هي التي تعين اتجاه حركة الحوين وتساعده في الوصول إلى البويضة . حسناً ولكن من أين يحصل الحوين على الطاقة اللازمة للحركة الدائبة لذنبه ؟
لقد أخذ هذا الأمر أيضاً بعين الاعتبار وتم تأمين هذه الحاجة بشكل كامل ورائع، فالقسم الأوسط من جسم الحوين يعد مخزناً للوقود يمده بالطاقة طوال رحلته . فطوال هذه الرحلة وحتى وصوله إلى البويضة تقوم الميتوكوندريات الموجودة في هذا الجزء الوسطي بإمداده بالطاقة اللازمة، وتقوم الميتوكوندريات باستعمال علب الطاقة الموجودة أسفل عنق الحوين وتحرر الطاقة اللازمة التي تضمن حركة الحوين بسهولة .[3]
كما رأينا فهناك تصميم رائع من جميع الوجوه في بنية وتركيب الحوين . فلو لم يكن له ذنب لما استطاع الحركة، ولو لم تكون هناك الميتوكوندريات في القسم الأوسط منه لما استطاع توليد الطاقة ولما استطاع الحركة أيضاً، ولو كان قسم الرأس عنده كاملاً ولكن دون وجود قسم " الأكروزوم " فيه لما كانت هناك أي فائدة في وصول الحوين إلى البويضة لعدم وجود الإنزيم الذي يستطيع به ثقب غلاف البويضة لتحقيق الإخصاب .
لذا فإن الحوين لا يمكن أن يكون قد اكتسب خواصه هذه خطوة خطوة وبشكل تدريجي كما تدعي نظرية التطور، لأن من الضروري أن تكون جميع هذه الخواص متوفرة وموجودة بشكل كامل في الحوين منذ ظهور الإنسان الأول في هذه الدنيا، لأن نقص أي خاصية أو أي تركيب من تراكيبه معناه استحالة قيامه بعملية الإخصاب . ولو وجدت في الماضي حوينات غير كاملة الخواص ( كما يدعي أنصار نظرية التطور !) لا نقرض نسل الإنسان من هذه الدنيا قبل أن يتمكن من التكاثر . وهذا يثبت لنا أن الحُوينات قد وجدت في لحظة واحدة وبشكل كامل ،أي أنها قد خلقت، والتصميم الكامل والبديع الذي تملكه يعود إلى الله خالق كل شيء .
النظم المخلوقة بعضها للبعض الأخر :
عندما تفارق الحُوينات الموجودة في السائل المنوي جسد الرجل لا تكون في الحقيقة ـ مستعدة بعد لإخصاب البويضة، فبسبب بعض الإفرازات من الموضع الذي كان الحُوينات مخزونة فيه فإن حركتها تكون مقيدة ،ولهذا السبب فإنها لا تكون مستعدة ولا مهيأة تماماً لعملية الإخصاب عندما تصل إلى البويضة .
إذن فكيف تحصل الحُوينات التي خرجت من جسد الرجل على قابلية إخصاب البويضة .
لكي تتحقق عملية الإخصاب تهيئت نظم عديدة في جسد المرأة لهذا الغرض . هنا تعب السوائل المفرزة في العضو التناسلي للمرأة لمساعدة الحُوينات وزيادة قابلية الإخصاب عندها، ويمكن تلخيص التغيرات التي تطرأ على الحُوينات بعد وصولها إلى جسد المرأة كما يأتي :
(1).السوائل التي يفرزها رحم المرأة وقناة فالوب هي سوائل تملك خواص كيماوية تزيل أثر العوامل التي كانت تقلص من حركة الحُوينات عندما كانت هذه الحُوينات موجودة في جسد الرجل . لذا نلاحظ زيادة قابلية الحركة عند الحُوينات التي وصلت إلى القناة التناسلية للمرأة .
(2). نرى وجود الكوليسترول بنسبة كبيرة في الخصيتين ( اللتين كانت هذه الحُوينات موجودة فيهما ) نتيجة لورود مادة الكولسترول هذه من الأكياس المنوية فيها، وتأخذ مادة الكوليسترول مكانها في غشاء " الأكروزوم" الموجود في القسم الرأسي من الحوين وهذا الأمر يفيد في تقوية هذا الغشاء ويحول دول خروج الإنزيمات الموجودة فيه وانسكابها قبل أوانها، لأن هذه الإنزيمات تقوم بثقب جدار البويضة، لذلك كان على الحُوينات التخلص من هذه الخاصية.
وهكذا نرى أن نظاماً قد تمت تهيئته لهذا الأمر، مثل آلاف التفصيلات الأخرى والمهيأة في المراحل المختلفة لتكوين الإنسان ونموه .
بعد فترة من دخول الحُوينات جسد المرأة تمتزج مع السوائل التي يفرزها رحمها، وبعد هذا الاختلاط والامتزاج تخف نسبة الكوليسترول الموجودة في المني مما يؤدي إلى ضعف الغشاء الموجود في "الأكروزوم " وهكذا تستطيع الإنزيمات المغادرة إلى الخارج بسهولة عند وصول الحوين إلى البويضة، فتقوم هذه الإنزيمات بثقب غلاف البويضة لتحقيق عملية الإخصاب .
(3). عندما تصل الحُوينات إلى جسد المرأة تزداد قابلية نفوذ أيونات الكالسيون في غشاء الرأس عندها . إن دخول كميات كبيرة من الكالسيون إلى خلية الحوين يزيد من قابليتها للحركة، ويبدأ الذنب ( وهو بشكل سوط يساعد الحوين على الحركة ) بحركة قوية بدلاً من حركته التموجية الضعيفة التي كانت في السابق، مما يساعد على الوصول بسرعة إلى البويضة[4].
ولاشك في وجود إشارات ودلائل ذات معانٍٍ للإنسان الذي يتأمل بعمق حجم الانسجام بين الحوين وبين جسد المراة وكيف أنهما قد خلقا بحيث يكمل أحدهما الآخر، فكل من جسد المرأة والحوين يبديان شعوراً وإدراكاً كبيراً مع أن كل واحد منهما مستقل عن الآخر ،فكأن جسد المرأة يعرف أن الحوين الذي دخل في هذا الجسد يشكو من نواقص فيدرك هذه النواقص ويقوم بتكلملتها وإفراز ما يلزم لهذه التكملة . لقد تمت تهيئة جو خاص جداً لخلية الحوين الصغيرة والتي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وكأن جسد المرأة يعرف أن رحلة طويلة تنتظر هذا الحوين وأنه يحتاج إلى طاقة وإلى سرعة حركة لقطع مسافة هذه الرحلة، وكأنه يدرك أيضاً أي تركيب كيميائي يمكنه ثقب غلاف بويضته، وأن هناك بعض النواقص عند الحوين بسبب الكولسترول الذي يحمله، فيقوم بإفراز مادة لتخفيف نسبة الكوليسترول لتهيئة الجو لثقب غلاف البويضة بسهولة . وهو يعمل كل هذا بسبب القابلية التي تيمتع بها .
ومن المفيد أن نذكر أن الأمثلة التي أعطيناها حتى الآن تشمل جزءاً صغيراً من الحوادث التي تبدأ بدخول الحوين إلى جسد المرأة وحتى قيامه بإخصاب البويضة، لأن ما ذكرناه يتحقق بعد حدوث الآلآف من العمليات الكيميائية المعقدة التي تشترك فيها العديد من البروتينات والإنزيمات والسوائل . ولكن علينا أن نذكر بأن هدفنا من إيراد هذه التفصيلات ليس
إعطاء معلومات فقط، بل البرهنة على حقيقة أن نشوء الإنسان ومجيئه إلى الدنيا عملية معقدة جداً ولا يمكن أن تتم بالمصادفة العمياء ( كما يزعم أنصار نظرية التطور ) .
وأن هذه العمليات المعقدة مسيرة في إطار عمل رائع لنظم معقدة ومنسجمة بعضها مع البعض الآخر انسجاماً كبيراً . فكيف يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق قصة نشوء إنسان كامل بطريق المصادفات إذا كان نشوء إنزيم واحد محفز لحركة الحوين أو نشوء جزيئة واحدة مستحيلاً عن طريق المصادفات العمياء ؟
بحثنا ـ حتى الآن ـ كيف أن خلية الحوين المنتجة في جسد الرجل تكتسب بمساعدة المواد الكيميائية الموجودة في جسد المرأة قابلية إخصاب البويضة . والآن لنقف هنا لنفكر :
هل يمكن تكون مثل هذه الأنظمة ( كما تدعي نظرية التطور !) بشكل تدريجي ومرحلة إثر مرحلة ؟ لا شك أن هذا مستحيل، ولكن ـ مع هذا ـ لنطرح هذا السيناريو لفحصه وتدقيقه .
هل يمكن أن يجد الحوين ( الذي تشكل في جسد الرجل مصادفة ) عندما يصل إلى جسد المرأة السوائل التي تكتسب قابلية الإخصاب جاهزة أمامه مصادفة ؟ أم تقوم الخلايا التناسلية في المرأة باتخاذ قرار بإنتاج المواد الكيميائية اللازمة والضرورية لأن الحوين الواصل لا يملك قابلية الإخصاب ؟
لا شك أن كل بديل من هذين البديلين يضادّ العقل والمنطق، وهما أمران خياليان لا يمكن أن يتحققا . وهذا المثال الذي ذكرناه يشير إلى حقيقة واحدة، وهي أن كل نظام من هذه الأنظمة الدقيقة الموجودة دليل على العلم غير المحدود لله تعالى الخالق المصور، الذي يخلق معجزات عديدة في أعماق الإنسان وفي أجزاء صغيرة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة وهذه الأدلة الإيمانية التي يخلقها الله تعالى في جسم الإنسان خارجة عن إرادة الإنسان وعن علمه، والله ـ عز و جل ـ يذكّر الإنسان بأنه هو المتحكم في كل شيء ( بما في ذلك الإنسان نفسه ) .
قال تعالى :
(إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)(لنجم: من الآية32).

البويضة ودورها في تكوين إنسان جديد :
التغيرات التي تحدث في جسم الرجل عند مرحلة البلوغ يتم مثيل لها في جسم المرأة .
فإلى بجانب البويضة ( التي تعد خلية تناسلية أنثوية ) يتهيأ النظام التناسلي لدى المرأة بشكل مناسب ولائم لنظام التناسل عند الرجل .
عند وصول النساء مرحلة البلوغ يدرك الهايبوثلامس كما هو الحال عند الرجال ـ بأن الزمن قد حان فيصدر أوامره إلى الغدة النخامية لإنتاج الهرمونات التي تنضج خلايا البويضات، وتقوم الغدة النخامية بتنفيذ هذه الأوامر فوراً وتبدأ بإنتاج الهرمونات الضرورية .
وكما في الرجال أيضاً، فإن إنتاج الخلايا التناسلية في المرأة لا يكون مستمراً، فهذا الإنتاج يتم في فترات معينة، وتعيين هذه الفترات يقع ضمن وظائف الغدة النخامية . تقوم هذه الغدة في فترات معينة بإفراز هرمون لإنضاج الخلايا الأم للبويضات الموجودة في المبيض، ويعرف هذا الهرمون المكان الذي يذهب إليه جيداً، لذا نراه يتوجه نحو المبيض مباشرة ويعلمه بأنه قد حان الأوان لنضج البويضة . وتفهم خلايا المبيض فوراً هذا الأمر فتبدأ فعاليات نشطة في المبيض لإنضاج البويضة .[5]
والآن لنتفحص هذه المعلومات بشكل أعمق، كيف يستطيع الهابوتولاموس ( وهو غدة صغيرة ) حساب الزمن ؟ كيف يقوم بهذا الحساب للزمن دون أي خطأ عند مليارات النساء اللائي عشن سابقاً واللائي يعشن حالياً ؟ تقع غدة الهايبوتولاموس في المنطقة الوسطى من الدماغ ولا تملك أي آلية لحساب الزمن، ولا تملك كذلك أي آلية لحساب الزمن، ولا تملك كذلك أي علاقة مع الدنيا في الحقيقة وهي مجرد قطعة لحم مؤلفة من خلايا . وليس قيام قطعة اللحم هذه بحساب الزمن بالأمر الذي يمكن أن يمر عليه الإنسان وكأنه أمر اعتيادي لا غرابة فيه، غير أن هذا التفصيل الصغير ليس إلا معجزة واحدة من المعجزات العديدة الجارية في جسم الإنسان . وتقع مثل هذه الحوادث التي تدهش الإنسان في جسمه ف يكل آن وفي كل ميللمتر مربع في جسمه دون توقف، فمثلاً نرى تحقق معجزة مدهشة في الغدة النخامية التي تتلقى الأمر من الهايبوتولاموس وتستطيع فك شيفرات هذا الأمر وفهمه، ثم القيام باتخاذ قرار لأنتاج المادة المطلوبة، ثم إرسالها ـ دون أي خطأـ إلى مكان بعيد عنها لم تره من قبل . والغدة النخامية أيضاً عبارة عن مجموعة من الخلايا، فكيف تستطيع مجموعة الخلايا هذه " فهم " الأوامر الآتية إليها ؟ إن مجرد فهم وتنفيذ هذه الأوامر بواسطة هذه الخلايا أمر خارق بحد ذاته، فبأي قدرة تستطيع هذه المجموعة من الخلايا " فهم " واستيعاب " و" استخراج النتائج " واتخاذ قرار " وتطبيق هذا القرار " ؟ .
إن جسم الإنسان مكان مظلم ومعقد ومزدحم تجري فيه سوائل عديدة في الأوعية الدموية بسرعة كبيرة، وفيه مواصلات معقدة ومزدحمة جداً . إن قيام مجموعة من الخلايا في مثل هذا المحيط المزدحم والمعقد بمواجهة مواد أكبر منها كثيراً وإرسال مواد بواسطة بعض الوسائل إلى المكان الذي تريده دون أن تضل طريقها ودون أن تتضرر في الطريق كيف هذا أمر يستحيل على أنصار نظرية التطور القيام بإيضاحه، ذلك لأن الملجأ الوحيد لهؤلاء التطوريين والجواب الوحيد عندهم هو " المصادفات "، مع أنه لا يوجد أي مكان للمصادفات في الجسم المعقد للإنسان ولا في أجسام الكائنات الحية الأخرى !ولنكرر هنا مرة أخرى : إن العقل الذي يقابلنا هنا وفي جميع أمثال هذه الفعاليات ليس عقلاً عائداً لهذه الخلايا، فهذه الخلايا لا تملك أعيناً ترى بها بعضها البعض ولا ألسنة تتكلم وتتفاهم بها ولا آذاناً تسمع بها، بل هي مجرد مخلوقات تقوم بتنفيذ أوامر خالقها وتكون وسيلة لتحقيق هذه المعجزات بإلهام منه وحده سبحانه وتعالى .

[1] Prof. Dr. Ahmet Noyan, Ya.amda ve Hekimlikte Fizyoloji, Ankara, Mar 1998, 10th ed., p. 1113

[2] Guyton&Hall, Tbbi Fizyoloji, Nobel Tp Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p 1005

[3] Guyton&Hall, Human Physiology and Mechanisms of Disease, 6th ed., 1997, p. 12; Gerard J. Tortora,
Introduction to the Human Body The Essentials of Anatomy and Physiology, Biological Science
Textbooks, 1997, p. 527

[4] Guyton&Hall, Tbbi Fizyoloji, Nobel Tp Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1007

[5] Guyton&Hall, Human Physiology and Mechanisms of Disease, 6th ed., 1997, p. 659


موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 0 والزوار 16)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 282.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 276.65 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]