مختصر الكلام على بلوغ المرام - الصفحة 8 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28440 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60061 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 842 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 29-02-2020, 03:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام

مختصر الكلام على بلوغ المرام(59)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





(حَدِّ الشَّارِبِ وَبَيَانِ المُسْكِرِ)




1190- عَنْ أَنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ برجلٍ قدْ شَرب الخمْرَ فجلدهُ بجَريدتين نحوَ أربعين، قال: وفعَلَهُ أَبو بكرٍ، فلما كان عُمَرُ استشار النّاس، فقال عبدُالرَّحمن ابنُ عوْفٍ: أَخفُّ الحدود ثمانون، فأَمر به عُمرُ. متفقٌ عليه.




1191- ولمسلم عن عليٍّ في قصة الوليد بن عُقبةَ "جلدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وأبو بكر أربعين، وجَلَدَ عُمَرُ ثمانين، وكلٌّ سُنّةٌ، وهذا أحبُّ إليَّ" وفي الحديث "أنَّ رجُلاً شَهِدَ عليهِ أَنهُ رآهُ يتَقَيّأُ الخمْرَ فقالَ عُثْمان: إنّهُ لم يتَقَيّأْهَا حتى شرِبَهَا".



سميت الخمر خمراً، لأنها تخمر العقل: أي تستره، وقال عمر - رضي الله عنه -: الخمر ما خامر العقل، وقيل: سميت خمراً لأنها تترك حتى تدرك، والحديث دليل على ثبوت الحد على شارب الخمر، قال النووي: أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنعال وأطراف الثياب، ثم قال: والأصح جوازه بالسوط، قال الحافظ: وتوسط بعض المتأخرين فعين السوط للمتمردين، وأطراف الثياب والنعال للضعفاء ومن عداهم، بحسب ما يليق بهم، وفي الحديث: (أن حد السكران ثمانون جلدة) لاتفاق الصحابة على ذلك في عهد عمر، وفيه: (أن من تقيأ الخمر وجب عليه الحد)، ولمسلم: (أنه شهد على الوليد رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد عليه آخر أنه رآه يتقيؤها).



1192- وعن مُعاويةَ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّهُ قالَ في شاربِ الخمْرِ: "إذا شرِب فاجلِدوهُ، ثمَّ إذا شرِب الثّانية فاجْلِدُوهُ، ثم إذا شربَ الثّالثةَ فاجلدوه، ثمَّ إذا شرب الرابعةَ فاضرِبوا عُنُقَهُ". أخرجه الأربعة، وذكر الترمذي ما يدُلُّ على أَنّهُ مَنْسُوخٌ. وَأَخْرج ذلك أبو داود صريحاً عن الزُّهريِّ.



استدل به على قتل الشارب في الرابعة إذا لم ينته، وقال الجمهور: هو منسوخ. قال الشافعي: هذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم.




1193- وعنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ضَرَبَ أَحدُكُمْ فليتقِ الوجْهَ" متّفقٌ عليه.



الحديث دليل على أنه لا يحل ضرب الوجه في حد ولا غيره، آدمياً أو بهيمة.



1194- وَعَنِ ابنِ عبّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقامُ الحدودُ في المساجد" رواهُ الترمذيُّ والحاكم.



الحديث دليل على أنه لا يجوز إقامة الحد في المسجد.



1195- وعَنْ أَنس - رضي الله عنه - قالَ: "لَقَدْ أَنْزلَ الله تحريمَ الخمْرِ وما بالمدينةِ شَرَابٌ يُشربُ إلا مِنْ تمرٍ" أَخْرَجهُ مُسلمٌ.



الحديث دليل على تحريم نبذ التمر إذا اشتد وأنه من الخمر.



1196- وعَنْ عُمَر - رضي الله عنه - قالَ: "نزل تحريمُ الخمر، وهي من خمسةٍ: من العِنَبِ والتمرِ والعسلِ والحنطةِ والشعيرِ. والخمْرُ ما خامر العَقْل" متفقٌ عليه.



الحديث دليل على أن الخمر ليس خاصاً بالمتخذ من العنب فقط بل يتناول المتخذ من غيرها مما يخامر العقل.



1197- وعن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ مُسْكِرٍ خمرٌ، وكلُّ مسكرٍ حرامٌ" أخرجهُ مُسلمٌ.



الحديث دليل على أن كل مسكر يسمى خمراً، وعلى تحريم كل مسكر عصيراً كان أو غيره، نيئاً أو مطبوخاً.



1198- وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا أَسْكَرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ" أَخْرجهُ أَحْمَدٌ والأربعةُ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على تحريم القليل والكثير مما أسكر جنسه، وأخرج أبو داود من حديث عائشة: (كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام)، وأخرج أبو دود أيضاً: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر)، قال في سبل السلام: وحكى العراقي وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة وأن من استحلها كفر، قال: وعد منها بعض العلماء مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية، وقبائح خصالها موجودة في الأفيون، وفيه زيادة مضار انتهى. قلت: وقد اختلف العلماء في التنباك ونحوه؛ فكرهه بعضهم، وحرّمه بعضهم، وهو الصواب لأنه من الخبائث ومفاسده كثيرة.



1199- وعَنْ ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: "كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْبَذُ لَـهُ الزَّبيبُ في السِّقاءِ فيشربُهُ يومهُ والغَدَ وبعْدَ الغَدِ، فإذا كانَ مساءُ الثالثةِ شربهُ وسقاه، فإنْ فَضَلَ شيءٌ أَهرَاقهُ" أَخرجَهُ مُسْلمٌ.



فيه دليل على جواز الانتباذ وجواز شرب العصير والنبيذ قبل غليانه، ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام.



1200- وَعَنْ أُمِّ سَلَمةَ - رضي الله عنها - عنِ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لم يجعلْ شفاءَكُمْ فيما حرَّم عليكُمُ" أَخْرَجَهُ البيْهقيُّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على أنه يحرم التداوي بالخمر.



1201- وعَنْ وائلٍ الحَضْرَمِيِّ أَنْ طارق بن سُوَيْدٍ - رضي الله عنهما - سأَلَ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر يصنَعُها للدواءِ فقال: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلكِنَّهَا دَاءٌ" أَخرجهُ مسلمٌ وأبُو دَاوُدَ وغَيْرُهُمَا.



الحديث دليل على تحريم صنعة الخمر لدواء أو غيره، وفيه الإخبار بأنها داء، وفي حديث مرفوع: (إن الله تعالى لما حرم الخمر سلبها المنافع).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #72  
قديم 29-02-2020, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(60)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




(السَّبْقِ وَالرَّمْيِ)


السبق: بسكون الباء: المسابقة، وبالتحريك: ما يجعل عليها.

1263- عنْ ابنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: "سابقَ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالخيل التي قدْ أُضُمِرت مِنَ الحَفْيَاءِ وكانَ أَمَدُها ثَنِيّةِ الوداعِ وسابق بَيْنَ الخيلِ التي لمْ تُضَمَّر من الثّنية إلى مسجد بني زُريقٍ، وكان ابنُ عُمَرَ فيمَنْ سابقَ" مُتّفقٌ علَيْهِ، وزادَ البُخاريُّ قال سُفيانُ: "من الحفيْاءِ إلى ثَنِيّةِ الوداعِ خمسة أَميال أَوْ ستّةٌ، ومنْ الثّنيّة إلى مَسْجِدِ بني زُريقٍ ميلٌ".

الحديث دليل على مشروعية السباق، وأنه ليس من العبث بل من الرياضة المحمودة، وهي دائرة بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث على ذلك، قال القرطبي: لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب، وعلى الأقدام، وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة لما في ذلك من التدرب على الحرب.

1264- وَعَنْهُ - رضي الله عنه - "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بَيْنَ الخيْلِ وفضَّلَ القُرّح في الغاية" رواهُ أَحْمَدُ وأَبو داود، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

القارح: ما كملت سنه، وفي الحديث: أنه يجعل أمد القرح أبعد من التي دونها لقوة القرح وجلادتها.

1265- وَعَنْ أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا سَبقَ إلا في خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حافرٍ" رواهُ أحمد والثّلاثَةُ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

السبق: ما يجعل للسابق على السَّبق، والحديث دليل على جواز السباق على جعل، فإن كان الجعل من غير المتسابقين فهو حلال بلا خلاف، وإن كان من أحدهما فهو جائز عند الجمهور، وظاهر الحديث أنه لا يجوز بعوض إلا في الخيل والإبل والسهام.

1266- وعنهُ - رضي الله عنه - عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "منْ أَدخلَ فرسًا بين فرسين وهو لا يأمنُ أنْ يُسْبق فلا بأس بهِ وإنْ أَمِنَ فَهُوَ قمارٌ" رواهُ أَحْمَدُ وأَبُو داودَ، وإسْنَادُهُ ضعيفٌ.

هذا الحديث لم يصححه الأئمة، قال أبو حاتم: أحسن أحواله أن يكون موقوفًا على سعيد ابن المسيب، واشترطوا في المحلل وهو الثالث أن لا يخرج من عنده شيئًا ليخرج القصد عن صورة القمار واستدل به على أن الفرس الثالث في الرهان يشترط فيه أن لا يكون متحقق السبق، وإلا كان قمارًا، وإلى هذا الشرط ذهب البعض. قال في الاختيارات: وتجوز المسابقة بلا محلل، ولو أخرج المتسابقان، وتصح شروط السبق للأستاذ، وشراء قوس، وكراء حانوت، وإطعام الجماعة لأنه مما يعين على الرمي انتهى.


1267- وعَنْ عُقْبَةَ بنِ عامر - رضي الله عنه - قالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ على المنبر يقرأُ: ï´؟ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ï´¾: "ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ، أَلا إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ، أَلا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْي" رواهُ مسلمٌ.

الحديث دليل على مشروعية التدريب في الرمي ونحوه مما يرهب الكفار، وبالله التوفيق.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #73  
قديم 29-02-2020, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(61)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




(كتاب الأطعمة)




الأصل في الأطعمة الحل. قال الله تعالى: ï´؟ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ï´¾ [البقرة: 29]، وقال: ï´؟ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ï´¾ [الأعراف: 157].



1268- عَنْ أَبي هُرَيْرةَ - رضي الله عنه - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ ذي ناب مِنَ السبِّاع فَأَكْلُهُ حَرَامٌ" رواهُ مسلمٌ، وأخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: "نَهى" وَزَادَ: "وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيرِ".



الحديث دليل على تحريم السباع المفترسة كالأسد والذئب والنمر ونحوها، وقال أبو حنيفة: كل ما أكل اللحم فهو سبع حتى الفيل والضبع والسنور، وقال الشافعي: يحرم من السباع ما يعدو على الناس دون الضبع والثعلب لأنهما لا يعدوان، وفيه دليل على تحريم ما يصيد بمخلبه من الطيور، وهو قول الجمهور، وقال مالك: يكره كل ذي مخلب من الطير ولا يحرم.



1269- وعن جابر - رضي الله عنه - قال: "نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهلِيَّةِ، وأَذِنَ في لُحُومِ الخَيْلِ". متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: "ورخَّص".



الحديث دليل على تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية، وفيه دليل على حل أكل لحوم الخيل.



1270- وعَنْ ابنِ أَبي أَوْفى - رضي الله عنهما - قال: "غَزَوْنَا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غزواتٍ نأكُلُ الجرادَ" مُتفقٌ عَلَيْهِ.



الحديث دليل على حل الجراد، قال النووي: وهو إجماع، وقال ابن العربي: إن جراد الأندلس لا يؤكل لأنه ضرر محض، قال الحافظ: إذا ثبت ما قاله فتحريمها لأجل الضرر كما تحرم السموم ونحوها.



1271- وَعَنْ أَنس - رضي الله عنه - في قِصَّةِ الأرنَبِ قال: "فَذبحها فبعث بِوَرِكِهَا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقبِلَهُ" مُتّفقٌ عليهِ.



الحديث دليل على حل أكل الأرنب.



1272- وعنِ ابن عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: "نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَتْلِ أربعٍ مِنَ الدَّوابِّ: النّمْلَةِ والنّحْلةِ والهُدْهُدِ والصُّرَدِ" رواهُ أَحْمَدُ وأَبُو داودَ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على تحريم قتل ما ذكر، ويؤخذ منه تحريم أكلها، وهو قول الجمهور.



1273- وعن ابن أبي عَمّار - رضي الله عنه - قالَ: "قُلْتُ لجابرٍ: الضَّبْعُ صيدٌ هُوَ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: قَالَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نَعَمْ" رواهُ أَحْمَدُ والأربعَةُ وصحّحهُ البخاري وابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على حل أكل الضبع، فهو مخصص من حديث تحريم كل ذي ناب من السباع.



1274- وعنْ ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنّه سُئِل عنِ القُنْفُذِ فقال: ï´؟ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ ï´¾، فقال شَيْخٌ عِنْدَهُ: سمِعْتُ أبا هُريرةَ يقُولُ: ذُكِرَ عِنْدَ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: "إِنَّها خبيثةٌ من الخبائثِ" فقال ابن عمر: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال هذا فهو كما قال. أخْرجهُ أحمد وأَبوداودَ وإسنادُهُ ضعيفٌ.



اختلف العلماء في القنفذ، فقال أبو حنيفة وأحمد: يحرم أكله، وقال مالك والشافعي: يباح أكله، قال في المقنع: وفي الثعلب والوبر وسنور البر واليربوع روايتان.



1275- وعن ابنِ عُمر - رضي الله عنهما - قالَ: "نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجَلَّالَةِ وأَلبانِهَا" أخرجهُ الأربعةُ إلاّ النسائيَّ وحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.



الجلَّالة: هي التي تأكل العذرة والنجاسات، وفي حديث عبدالله بن عمرو بن العاص نحوه، وقال: "حتى تعلف أربعين ليلة"، ولأبي داود: "أن يركب عليها، وأن يشرب ألبانها"، والحديث دليل على تحريم الجلالة سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم أو الدجاج، وكان ابن عمر يحبس الدجاجة ثلاثة أيام، ولم ير مالك بأكلها بأساً من غير حبس، وحمل الجمهور النهي على التنزيه، قال في الإفصاح: واختلفوا في أكل لحم الجلالة وشرب لبنها وأكل بيضها، فقال أبوحنيفة ومالك والشافعي: يباح ذلك وإن لم تحبس مع استحبابهم حبسها وكراهتهم لأكلها دون حبسها، وقال أحمد: يحرم إلا أن يحبس الطير ثلاثة أيام رواية واحدة عنه، واختلفت الرواية عنه في الإبل والبقر والغنم، فروي عنه ثلاثة أيام كالطير، وهو الأظهر، والثانية أربعون يوماً انتهى. قال في الاختيارات: وما يأكل الجيف فيه روايتا الجلالة، وعامة أجوبة أحمد ليس فيها تحريم.



1276- وعَنْ أَبي قَتَادةَ - رضي الله عنه - في قِصَّةِ الحمارِ الوَحْشيِّ: "فَأَكلَ منهُ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -" مُتَّفَقٌ عَلَيه.



الحديث دليل على حِل الحمار الوحشي، وهو إجماع.



1277- وعَنْ أَسْماءَ بنت أَبي بكْر - رضي الله عنهما - قالتْ: "نحرنا على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فرساً فأَكَلْنَاهُ" مُتّفقٌ عليه.



وفي رواية الدارقطني "ذبحنا" والحديث دليل على حل أكل لحم الخيل. قال ابن التين: الأصل في الإبل النحر وفي غيرها الذبح، وجاء في القرآن في البقرة: ï´؟ فَذَبَحُوهَا ï´¾ [البقرة: 71]، وفي السنة: نحرها، وقد اختلف العلماء في نحر ما يذبح وذبح ما ينحر، فأجازه الجمهور.



1278- وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: "أُكِلَ الضَّبُّ على مائدةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -" متفقٌ عليه.




الحديث دليل على حل أكل الضب، وعليه الجمهور.



1279- وعَنْ عبدِ الرَّحمن بن عثمان القُرشيِّ - رضي الله عنه -: "أَنَّ طبيباً سأَل رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الضِّفدعِ يجْعَلُها في دواءٍ فنهى عنْ قتلِها" أَخرجهُ أحمد وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وأخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ.



الحديث دليل على تحريم قتل الضفادع، ويؤخذ منه تحريم أكلها، والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #74  
قديم 29-02-2020, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(62)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





(أبواب: باب الصَّيْدِ وَالذَّبَائحِ والأَضَاحِي)




باب الصَّيْدِ وَالذَّبَائحِ

الأصل في إباحة الصيد الكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى: ï´؟ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ï´¾ [المائدة: 2]، وقال: ï´؟ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ï´¾ [المائدة: 4].

1280- عَنْ أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «من اتْخذَ كَلبًا إلا كَلْبَ ماشيةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زرعٍ انْتُقصَ مِنْ أَجْرهِ كلَّ يوْمٍ قيراطٌ» مُتّفقٌ عَلَيهِ.

الحديث دليل على المنع من اتخاذ الكلاب واقتنائها إلا ما استثنى من الثلاثة، وعلى أن من اتخذ المأذون منها فلا نقص عليه.

1281- وَعَنْ عَديٍّ بن حاتمٍ - رضي الله عنه - قالَ: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أَرْسَلْتَ كَلْبَك فاذكُرِ اسمَ الله، فإنْ أمْسَكَ عليكَ فأَدْرَكْتَهُ حَيًّا فاذْبحْهُ، وإنْ أَدْرَكْتَهُ قد قَتَلَ ولم يأكلْ مِنْهُ فَكُلْهُ، وإنْ وجدْتَ مَعَ كَلْبك كَلْبًا غَيْرَهُ وَقَد قَتَلَ فلا تأكُلْ، فإنك لا تدري أَيُّهُما قَتَلَهُ، وإنْ رَمَيْتَ بسهمَك فاذْكرِ اسم الله تعالى، فإن غاب عنك يوْمًا فَلمْ تجدْ فيه إلا أثَرَ سَهْمِك فكُلْ إن شئتَ وإن وَجَدتَهُ غريقًا في الماءِ فلا تأكلْ» متفقٌ عليه واللفظ لمسلم.

في الحديث مسائل:
الأولى: أنه لا يحل صيد الكلب المعلم إلا إذا أرسله صاحبه، فإن استرسل بنفسه لم يحل ما يصيده عند الجمهور.

الثانية: وجوب التسمية عند الإرسال إذا ذكر.

الثالثة: وجوب تذكيته إذا وجده حيًّا، فإن أدركه وفيه بقية حياة، وقد قطع حلقومه أو مريئه، أو جرح أمعاءه، أو أخرج حشوه فيحل بلا ذكاة، قال النووي بالإجماع.

الرابعة: (قوله: وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله) فيه دليل على أنه لا يحل ما أكل منه الكلب إلا بذكاته لأنه إنما أمسك على نفسه، وبه قال أكثر العلماء.

الخامسة: أنه إذا وجد مع كلبه كلبًا آخر وقد مات الصيد لم يحل، قال الحافظ: ومحله إذا استرسل بنفسه، أو أرسله من ليس من أهل الذكاة، فإن تحقق أنه أرسله من هو من أهل الذكاة حل.

السادسة: إذا وجد الصيد بعد وقوع الرمية فيه ميتًا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة ولم يجد فيه إلا أثر سهمه جاز أكله ما لم ينتن.

السابعة: إذا وجده غريقًا في الماء لم يجز أكله لأنه لم يتحقق أنه مات من سهمه. قال في الاختيارات: والتحقيق أن المرجع في تعليم الفهد إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: إنه من جنس تعليم الصقر بالأكل ألحق به، وإن قالوا: إنه يعلم بترك الأكل كالكلب ألحق به.

1282- وعن عَديٍّ - رضي الله عنه - قالَ: سأَلتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عنْ صَيْدِ المِعْرَاضِ فقال: «إذا أصبتَ بحَدِّهِ فَكُلْ، وإذا أصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَقُتَلَ فإنّهُ وَقِيذٌ فلا تأكُلْ» رواهُ البُخاريُّ.

المعراض: عصا في طرفها حديدة، فما أصاب بحده فهو ذكي، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ، وفيه دليل على أنه لا يحل صيد المثقل إذا لم يجرح.

1283- وعَنْ أبي ثَعْلبةَ - رضي الله عنه - عن النّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رَمَيْتَ بسهمِكَ فغَابَ عنْك فأَدركْتَهُ فكُلْهُ ما لم يُنْتِنْ» أخرجهُ مُسلمٌ.

الحديث دليل على جواز أكل ما غاب عن الصيد إذا وجده ميتًا ما لم ينتن، قال النووي: النهي عن أكل اللحم إذا أنتن للتنزيه إلا إن خيف منه الضرر فيحرم انتهى.

1284- وعَنْ عائشةَ - رضي الله عنها - أنَّ قوْمًا قالوا للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ قوْمًا يأتونَنَا باللحمِ لا ندري أَذُكِرَ اسمُ اللهِ عَلَيْه أمْ لا؟ فَقَالَ: «سَمُّوا اللهَ عليهِ أنتمْ وكُلُوهْ» رواهُ البُخاريُّ.

الحديث دليل على أنه لا يلزم أن تعلم التسمية فيما يجلبه الأعراب ونحوهم من عوامّ المسلمين. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة المرأة والصبي.

1285- وعن عبدالله بن مُغَفَّلٍ المُزَني - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنِ الخَذْفِ وقال: «إنّها لا تصيدُ صيدًا ولا تنْكأُ عدوًّا ولكنها تَكْسِرُ السِّنَّ وتفْقأُ العَيْنَ» متفقٌ عليه، واللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

الخذف: رمي الإنسان بحصاة أو نواة أو نحوهما بجعلها بين أصبعيه السبابتين أو السبابة والإبهام، وفي الحديث النهي عن الخذف لأنه لا فائدة فيه ويخاف منه المفسدة، قال النووي: وفيه أن ما كان فيه مصلحة أو حاجة في قتال العدو وتحصيل الصيد فهو جائز، ومن ذلك رمي الطيور الكبار بالبندق إذا كان لا يقتلها غالبًا بل تدرك حية وتذكى فهو جائز انتهى، قال الحافظ: والبندقة معروفة تتخذ من طين وتيبس فيرمى بها انتهى، قلت: فأما البنادق الموجودة الآن فهي مثل سهم القوس، لأن الرصاصة تخزق الصيد وتهريق الدم.

1286- وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تتّخذُوا شيئًا فيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» رَوَاهُ مُسْلمٌ.

الحديث دليل على تحريم جعل الحيوان هدفًا يرمى إليه.

1287- وعَنْ كَعْبِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - «أَنَّ امرّأَةً ذبحتْ شاةً بحَجَرٍ فسُئلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فَأَمَرَ بأَكلِها» رواه البُخاريُّ.

الحديث دليل على صحة تذكية المرأة، وعلى صحة التذكية بالحجر الحادّ إذا فرى الأوداج، وفيه دليل على تصديق الأجير فيما أؤتمن عليه حتى يتبين منه دليل الخيانة، لأن في الحديث أنها كانت أمة راعية لغنم سيدها فخشيت على الشاة أن تموت فكسرت الحجر وذبحت به، ويؤخذ منه جواز تصرف المودع لمصلحة بغير إذن المالك.

1288- وعَنْ رافعٍ بنِ خَدِيج - رضي الله عنه - عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا أَنهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ اللهِ عليهِ فكُلْ لَيْس السِّنَّ والظُّفُرَ أَمّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وأَمّا الظُّفُرَ فَمُدى الحبشة» مُتّفقٌ عليه.

الحديث دليل على أن يجزئ الذبح بكل محدد من الحديد والخشب والقصب وغيرها من الأشياء المحددة إلا العظم والظفر، وقال ابن المنذر: أجمع على أنه إذا قطع الحلقوم والمريء والودجين وأسال الدم حصلت الذكاة.

1289- وعنْ جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «نهى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُقْتلَ شيءٌ منَ الدَّوَابِّ صبْرًا» رَوَاهُ مُسلمٌ.

الصبر: الحبس، والحديث دليل على تحريم قتل الحيوان صبرًا، وهو إمساكه حيًا، ثم يرمى حتى يموت. قال الشوكاني: ويحرم تعذيب الذبيحة والمثلة بها، وإذا تعذر الذبح بوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك كالذبح، وقال البخاري: باب ما ندّ من البهائم فهو بمنزلة الوحش، وأجازه ابن مسعود، وقال ابن عباس: ما أعجز من البهائم مما في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردى في بئر من حيث قدرت عليه فذكه، ورأى ذلك عليّ وابن عمر وعائشة، ثم ذكر حديث رافع بن خديج في قصة البعير الذي ند فرماه رجل بسهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبهم منها شيء فافعلوا به هكذا)، وفي لفظ: (إن لهذه البهائم).

1290- وعَنْ شدَّادِ بن أَوسٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الله كتب الإحسانَ على كل شيءٍ، فإذا قَتَلْتُمْ فأَحسنُوا القِتْلةَ، وإذا ذبحتُمْ فأحسِنُوا الذِّبْحَةَ، ولْيُحِدَّ أَحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرحْ ذبيحتَهُ» رواهُ مُسْلمٌ.

(قوله: كتب الإحسان): أي أوجبه، قال الله تعالى: ï´؟ وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ï´¾ [البقرة: 195]، ومعنى إحسان القتلة أن يجتهد في ذلك ولا يقصد التعذيب، وإحسان الذبح في البهائم أن يرفق بالبهيمة، وأن يوجهها إلى القبلة، ويسمي ويُكبر ويقطع الحلقوم والودجين، ولا يسلخها حتى تبرد.

1291- وَعَنْ أبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «ذكاةُ الجَنِين ذكاةُ أُمِّهِ» رواهُ أَحْمدُ.

الحديث دليل على الجنين إذا خرج من بطن أمه ميتًا بعد ذكاتها فهو حلال.

1292- وعن ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «المسلمُ يكفِيهِ اسمُهُ، فإن نَسِيَ أَنْ يُسَمِّي حين يَذْبحُ فَلْيُسمِّ ثمَّ ليأكلْ» أَخرجهُ الدارقطني وفي إسناده مُحَمّدُ بنُ يزيد بن سِنان وهُو صدوقٌ ضعيف الحفظ، وأَخرجهُ عبدُ الرَّزاق بإسنادٍ صحيح إلى ابن عَبّاسٍ موقوفًا عليه، ولَهُ شاهدٌ عِنْدَ أَبي داودَ في مراسيله بلفظ «ذبيحةُ المُسلمِ حَلالٌ ذَكرَ اسمَ الله عَلَيْها أَو لمْ يذكر» ورجالهُ موثقون.

اختلف العلماء في حكم التسمية على الذبيحة، فقال بعضهم: لا تباح الذبيحة إذا ترك التسمية عمدًا أو سهوًا، وقال بعضهم: تباح ولو تركها عمدًا، وقال بعضهم: تحرم إذا تركها عمدًا، وتباح إذا تركها سهوًا، وهذا القول هو الراجح، وقد قال الله تعالى: ï´؟ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ï´¾ [البقرة: 286]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). وقال تعالى: ï´؟ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ï´¾ [الأحزاب: 5]، وبالله التوفيق.

باب الأَضَاحِي

الأصل في مشروعية الأضحية الكتاب والسنة والإجماع. قال الله عز وجل: ï´؟ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ï´¾ [الكوثر: 2].

1293- عنْ أَنس بنِ مالكٍ - رضي الله عنه - «أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يُضحيِّ بكبشين أَملَحَيْنِ أَقرنَيْنِ، ويُسمِّي ويكبِّرُ ويضعُ رجْلَهُ على صِفَاحِهِمَا» وفي لَفْظ «ذبحهُما بيده» متفقٌ عليهِ، وفي لفظ «سَمِينين» ولأبي عوانةَ في صحيحه «ثمينين» بالمثلثةِ بدل السِّين، وفي لَفْظ لمسْلمٍ ويقول: «بسم الله والله أكبرُ».

1294- وَلـه منْ حديث عائشة - رضي الله عنها -: «أَمَرَ بكبشٍ أَقْرَنَ يَطأُ في سوادٍ ويبرُكُ في سوادٍ وَيَنْظُرُ في سوادٍ فأُتي بهِ لِيُضَحِّيَ بهِ، فقالَ لها: «يا عائشة هلمي المُديَةَ اشحذي المُدْيَةَ ثم قال: اشحذي المُدْيَةَ بِحَجر» ثمَّ أَخذها فأَضجعهُ، ثمَّ ذبحهُ ثُمَّ قَالَ: «بسمِ الله، اللهُمَّ تقبَّلْ مِنْ محمّدٍ وآل محمّدٍ ومِنْ أُمّةِ محمدٍ ثمَّ ضَحَّى بِهِ».

الأملح: هو الذي فيه سواد وبياض والبياض أكثر، وفيه استحباب التضحية بالأقرن، وأنه أفضل من الأجم مع الاتفاق على جوازه، واختلفوا في مكسور القرن، واستدل بالحديث على مشروعية استحسان الأضحية صفة ولونًا، قال الماوردي: إن اجتمع حسن المنظر مع طيب المخبر في اللحم فهو أفضل، وإن انفردا فطيب المخبر أولى من حسن المنظر انتهى. وفيه دليل على استحباب مباشرة المضحي الذبح بيده، وقد اتفقوا على جواز التوكيل، وفيه استحباب التكبير مع التسمية. قال في الاختيارات: وتجزي الهتماء التي سقط بعض أسنانها في أصح الوجهين، والأجر على قدر القيمة.

1295- وَعَنْ أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ ولَمْ يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاّنا» رواهُ أحمدُ وابنُ ماجه وصحّحه الحاكمُ ورجّحَ الأئمةُ وقْفَهُ.

استدل به على وجوب الضحية على الموسر، وذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة.

1296- وعن جُنْدُبِ بن سُفْيَانَ - رضي الله عنه - قال: شَهِدْتُ الأضحى مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فلما قَضى صلاتَهُ بالناس نظر إلى غنمٍ قد ذبحت، فقال: «من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاةً مكانَهَا، ومن لم يكن ذبح فليذبحْ على اسمِ الله» متفق عليه.

فيه دليل على أن وقت الضحية من بعد صلاة العيد، وأنها لا تجزئ قبلها.

1297- وعنِ البَرَاءِ بن عازبٍ - رضي الله عنه - قالَ: قام فينا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أَرْبعٌ لا تجوزُ في الضَّحايا: العوراءُ الْبَيِّنُ عَوَرُها، والمريضَةُ البيِّنُ مرضُها، والعرجاءُ البيِّنُ ضلْعُها، والكسيرةُ التي لا تُنْقِي» رَوَاهُ الخمسة وصحَّحَهُ الترمذيُّ وابن حِبَّانَ.

قوله: (والكسيرة التي لا تنقى) هكذا بالسين، وفي رواية الترمذي: (والعجفاء) وهي أظهر، والحديث دليل على أن هذه العيوب الأربعة مانعة من صحة الضحية، وقاس الجمهور عليها ما كان مساويًا لها أو أشد كالعمياء ومقطوعة الساق ونحوه.

1298- وعنْ جابر - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تذبحُوا إلا مُسِنّةً إلا أن تَعَسَّرَ عليكم فَتَذْبحوا جَذَعةً منَ الضَّأنِ» رواهُ مُسلمٌ.

المسنة: الثنية فما فوقها، والحديث دليل على أنه لا يجزئ الجذع من الضأن إلا عند تعسر المسنة، وحمله الجمهور على الاستحباب لحديث أم بلال عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ضحوا بالجذع من الضأن) أخرجه أحمد وابن جرير والبيهقي، قيل: ويحتمل أن ذلك عند تعسر المسنة.

1299- وعن علي - رضي الله عنه - قالَ: «أمرَنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَستَشْرفَ العينَ والأذُنَ، ولا نُضحِّيَ بعوراءَ ولا مُقابَلةٍ ولا مدابَرَةٍ ولا خَرْقاءَ ولا ثَرماءَ» أخْرجَهُ أحمد والأربعَةُ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وابْنُ حِبَّانَ والحاكم.

فيه دليل على كراهة التضحية بناقصة الأذن، زاد الترمذي قال: «المقابلة: ما قطع طرف أذنها، والمدابرة: ما قطع من جانب الأذن، والشرقاء: المشقوقة، والخرقاء: المثقوبة» انتهى، وعن يزيد ذي مصر قال: «أتيت عتبة بن عبد السلمي فقلت: يا أبا الوليد إني خرجت ألتمس الضحايا، فلم أجد شيئًا يعجبني غير شرماء فكرهتها فما تقول؟ فقال: أفلا جئتني بها؟ قلت: سبحان الله تجوز عنك ولا تجوز عني؟ قال: نعم، إنك تشك ولا أشك، إنما نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المصغرة والمستأصلة والبخقاء والمشيَّعة والكسراء، فالمصغرة التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة: التي استؤصل قرنها من أصله، والبخقاء: التي تبخق عينها، والمشيعة: التي لا تتبع الغنم عجفًا وضعفًا، والكسراء: الكسيرة» رواه أبو داود. قال في الإفصاح: واتفقوا على أنه لا يجزئ فيها ذبح معيب ينقص عيبه لحمه كالعمياء والعوراء والعرجاء البين عرجها، والمريضة التي لا يرجى برؤها، والعجفاء التي لا تنقى. ثم اختلفوا في العضباء وجواز الأضحية بها، فقال أبو حنيفة: المقطوعة كل الذنب والأذن لا تجزئ، فإن كان الذاهب منهما الأقل والباقي الأكثر جاز، وإن كان الذاهب الأكثر لم يجز، وقال الشافعي: يجوز على الإطلاق، ومذهب مالك كمذهب أبي حنيفة، إلا أنه استثنى في المكسورة القرن، فقال: إن كانت تدمي فلا تجزئ. وقال أحمد: أما العضباء التي ذهب أكثر قرنها فلا يجوز رواية واحدة. وعن أحمد روايتان: فيما زاد على الثلث، إحداها: إن كان دون النصف جاز، اختاره الخرقي. والثانية: إن كان ثلث القرن فصاعدًا لم يجز، وإن كان أقل جاز انتهى.


1300- وعَنْ عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - قالَ: «أَمرني رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَقومَ على بُدْنِهِ، وأَن أُقْسِّمَ لحومَهَا وجُلُودَها وجلاَلهَا على المساكينِ، ولا أُعْطِي في جزَارَتِها منْها شيئًا» متفقٌ عليْهِ.

حكم الأضحية حكم الهدي فيما ذكر، واتفق العلماء على أن لا يباع لحمها، واختلفوا في جلدها وشعرها، فقال الجمهور: لا يجوز.

1301- وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قالَ: «نَحَرْنَا معَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عامَ الحديبيةِ البَدَنَةَ عن سبعةٍ والبقرَةَ عنْ سبْعةٍ» رواهُ مُسلمٌ.

الحديث دليل على جواز الاشتراك في البعير والبقرة، وأنهما يجزيان عن سبعة في الهدي والأضحية، والله أعلم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #75  
قديم 01-03-2020, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام




( الْعَقِيقَةِ والأيمان والنذور )



مختصر الكلام على بلوغ المرام(63)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك



الْعَقِيقَةِ


العقيقة:

الذبيحة التي تذبح للمولود.



1302- وعنْ ابن عباس - رضي الله عنهما -: «أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَق عَنِ الحَسنِ والحُسَيْنِ كَبْشاً كَبْشاً» رواهُ أَبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وابْنُ الجَارُودِ وعَبْدُ الحَقِّ، لكِنْ رَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ إِرْسَالَهُ، وأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ.



فيه دليل على استحباب العقيقة عن المولود، وفي حديث عائشة: «وسماهما وأمر أن يماط عن رأسيهما الأذى» أخرجه البيهقي، وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونها على رأس المولود، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعلوا مكان الدم خلوقاً»، وفيه دليل على جواز الشاة الواحدة عن الذكر.



1303- وعنْ عائشة - رضي الله عنها -: «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أَمرهمْ أَن يُعَقَّ عن الغلامِ شاتان مكافِئَتَانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ» رواهُ الترمذيُّ وصحّحهُ، وأَخْرَجَ أَحْمَدُ والأَرْبَعَةُ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الكَعْبِيَّةِ نَحْوَهُ.



(قوله: مكافئتان) قال الخطابي: المراد التكافؤ في السن، فلا تكون إحداهما مسنة والأخرى غير مسنة، بل يكونان مما يجزئ في الأضحية انتهى. وفيه دليل على أنه يستحب أن يذبح عن الذكر شاتان، وعن الأنثى واحدة.



1304- وعن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كُلُّ غلامٍ مُرْتهنٌ بعقيقتِهِ تُذبحُ عَنْهُ يومَ سابعِهِ ويُحْلَقُ ويُسمَّى» رواهُ الخمسة وصحَّحَهُ الترمذيُّ.



استدل به على أن العقيقة لازمة، وفيه استحباب الذبح يوم سابع المولود، وفي حديث بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة ولإحدى وعشرين) أخرجه البيهقي، وفيه دليل على مشروعية حلق المولود يوم السابع وتسميته، ويستحب التصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، ولا تكره بأسماء الأنبياء، ويستحب تحنيكه بتمر، وأخرج ابن السني عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من ولد له مولود فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام الصلاة في أذنه اليسرى لم تضره أمّ الصبيان).



الأيمان والنذور


الأصل في مشروعية الأيمان وثبوت حكمها الكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ ﴾ [المائدة: 89] الآية. والنذور: جمع نذر، وهو إيجاب ما ليس بواجب.



1305- عن ابن عُمرَ - رضي الله عنهما - عنْ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنّهُ أَدركَ عُمَرَ بنَ الخطاب في رَكْبٍ وعُمرُ يحلفُ بأَبيهِ فناداهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَلا إن الله ينهاكمْ أَنْ تحلِفُوا بآبائكمْ فمنْ كان حالفاً فلْيحلفْ باللهأَوْ ليصمُتْ» متّفقٌ عليه.



1306- وفي رواية لأبي داودَ والنَّسَائِيِّ عنْ أَبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: «لا تحلِفُوا بآبائِكمْ ولا بأُمهاتِكُمْ ولا بالأنْدادِ، ولا تحلفوا بالله إلا وأَنتمْ صادقونَ».



الحديث دليل تحريم الحلف بغير الله، قال ابن عبدالبر: لا يجوز الحلف بغير الله تعالى بالإجماع، وقال الماوردي: لا يجوز لأحد أن يُحلِّفَ أحداً بغير الله تعالى، لا بطلاق ولا عتاق ولا نذر، وإذا حلَّف الحاكم أحداً بذلك وجب عزله، وعن بريدة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من حلف فقال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً) رواه أبو داود.



1307- وعنْ أَبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «يمينُكَ على ما يُصَدِّقُكَ به صاحِبُك»، وفي رواية «اليمينُ على نيّةِ المسْتحلِفِ» أَخرجهما مسلمٌ.



الحديث دليل على أن اليمين على نية المستحلف إذا كان صاحب حق، والتأويل في اليمين أن ينوي خلاف الظاهر، فإن كان ظالماً لم ينفعه، وينفع المظلوم.



1308- وعَنْ عبد الرحمنِ بن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «وإذا حَلَفتَ على يمين فرَأَيْتَ غيرَها خيْراً منها فكَفِّر عَنْ يمينِكَ وائتِ الذي هُو خيرٌ» مُتّفقٌ عليه. وفي لَفْظٍ للبخاري «فائت الذي هُوَ خَيْرٌ وكَفّر عنْ يمينِكَ» وفي رواية لأبي داود «فكفِّر عنْ يمينِكَ ثمَّ ائتِ الذي هو خيرٌ» وإسنادهما صحيحٌ.



الحديث دليل على أن من حلف على شيء ورأى غيره خيراً من التمادي على اليمين أن يستحب له التكفير وإتيان الخير، وفيه دليل على جواز تقديم الكفارة على الحنث وتأخيرها عنه.



1309- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حَلَفَ على يمينٍ فقال: إن شاء اللهُ فلا حِنْثَ عَلَيْه» رَواهُ أحمدُ والأرْبَعَةُ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



قال ابن العربي: أجمع المسلمون بأن قوله: إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلاً.



1310- وعَنْهُ - رضي الله عنه - قال: «كانتْ يمينُ النّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: لا ومقلِّبِ القُلُوبِ» رواهُ البُخاريُّ.



في الحديث دليل على جواز الحلف بأفعال الله إذا وصف بها ولم يذكر اسمه.



1311- وعنْ عبد الله بن عَمْروٍ - رضي الله عنهما - قال: «جاءَ أعرابيٌّ إلى النّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما الكبائرُ؟» فذكر الحديث وفيه: «اليمينُ الغَمُوسُ» وفيه قلتُ: وما اليمينُ الغَموس؟ قالَ: «التي يُقْتَطِعُ بها مالُ امرىءٍ مُسلِمٍ هُوَ فيهاكاذبٌ» أَخرجهُ البخاريُّ.



سميت اليمين الفاجرة غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار. (قوله: فذكر الحديث) ولفظه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس).



1312- وعَنْ عائشة - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ ﴾ قالتْ: هو قوْلُ الرَّجلِ لا واللهِ وبَلى والله. أَخرْجَهُ البخاريُّ ورواهُ أَبو داودَ مرْفوعاً.



فيه دليل على أن ما يجري على اللسان من غير قصد يكون لغواً لا كفارة فيه.



1313- وعَنْ أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن لله تسعةً وتسعين اسْماً من أَحْصاها دخل الجنّة» مُتّفقٌ عَليه، وساق الترمذي وابنُ حِبّان الأسماء، والتحقيق أنَّ سرْدَها إدراجٌ منْ بعض الرُّواة.



الحلف إنما يكون باسم من أسماء الله تعالى، أو صفة من صفاته، ويحرم بغير ذلك. قال في الاختيارات: قال أصحابنا: فإن حلف باسم من أسماء الله التي قد تسمى بها غيره، وإطلاقه ينصرف إلى الله سبحانه، فهو يمين إن نوى به الله أو أطلق.



1314- وعنْ أُسامةَ بن زيدٍ - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ صُنعَ إليْهِ معروفٌ فقالَ لفاعِلِهِ: جزاكَ اللهُ خيْراً فَقَدْ أَبلغَ في الثناءِ» أَخرجهُ الترمذي، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على استحباب الدعاء للمحسن والثناء عليه، ولم يظهر لي وجه إدخال هذا الحديث في كتاب الأيمان والنذور.



1315- وعن ابنِ عُمر - رضي الله عنهما - عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أَنّه نهى عنِ النّذر وقال: «إنّهُ لا يأتي بخير وإنّما يُسْتخْرَجُ بهِ مِنَ البخيلِ» مُتّفقٌ عليهِ.



الحديث دليل على كراهة النذر. قال ابن العربي: النذر شبيه بالدعاء فإنه لا يردّ القدر، لكنه من القدر، وقد ندب إلى الدعاء ونهي عن النذر، لأن الدعاء عبادة عاجلة، ويظهر به التوجه إلى الله، والخضوع والتضرع، والنذر فيه تأخير للعبادة إلى حين الحصول، وترك العمل إلى حين الضرورة انتهى. قال في سبيل السلام: وأما النذور المعروفة في هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام في تحريمها، لأن الناذر يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر، ويجلب الخير، ويدفع الشر، ويعافي الأليم، ويشفي السقيم، وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان بعينه، فيحرم كما يحرم النذر على الوثن، ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك، ويجب النهي عنه، وإبانة أنه من أعظم المحرمات، وأنه الذي كان يفعله عباد الأصنام، لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وصارت تعقد اللواءات لقباض النذور على الأموات، ويجعل للقادمين إلى محل الميت الضيافات، وينحر في بابه النحائر من الأنعام، وهذا هو بعينه الذي كان عليه عُبَّادُ الأصنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقد أشبعنا الكلام في هذا في رسالة [تطهير الاعتقاد عن درن الإلحاد] انتهى.



1316- وعنْ عُقْبةَ بن عامر - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «كَفّارةُ النَّذْرِ كفارةُ يمينٍ» رواه مسلمٌ، وزاد الترمذي فيهِ «إذا لمْ يُسَمِّهِ» وصححهُ.



1317- ولأبي داودَ منْ حديث ابنِ عبّاس - رضي الله عنهما - مَرْفوعاً: «من نَذَرَ نذْراً لمْ يُسَمِّهِ فَكفّارتُه كفارةُ يمين، ومَنْ نَذَرَ نذْراً في معْصيةٍ فكفّارتُهُ كفّارَةُ يمينٍ، ومَنْ نَذَرَ نذْراً لا يُطِيقُهُ فَكفَّارَتُهُ كفّارةُ يمينٍ» وإسْنادُهُ صحيحٌ إلا أَنَّ الحفّاظَ رَجّحُوا وقْفَهُ.



1318- وللبخاريِّ مِنْ حديث عائشة - رضي الله عنها - «ومَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصيَ اللّهَ فلا يَعْصِهِ». ولمُسلم من حديث عِمْرَانَ - رضي الله عنه - «لا وفاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصيةٍ».



الحديث دليل على أن من نذر نذراً ولم يعينه، فليس عليه إلا كفارة يمين، وكذلك من نذر نذراً لا يطيقه، أو كان معصية فعليه كفارة يمين.



1319- وعنْ عُقْبةَ بن عامر - رضي الله عنه - قال: نذَرَتْ أُخْتي أَنْ تمْشيَ إلى بيت الله حافيةً فأمرتني أن استفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته فقالَ النّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «لِتَمْشِ ولْتركَبْ» مُتفقٌ عليهِ.



1320- ولأَحْمَدَ والأَرْبَعَةِ فقال: «إِنَّ الله لا يَصْنَعُ بشقاءِ أُختِكَ شيئاً، مُرْها فلْتختمِرْ ولْتركب ولْتصمْ ثلاثةَ أَيّام».



الحديث دليل على أن من نذر الحج ماشياً لا يلزمه الوفاء، وعليه كفارة يمين.



1321- وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: استْفتى سعْدُ بنُ عُبادةَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- في نَذْرٍ كانَ على أُمِّه توفِّيتْ قبلَ أَنْ تقْضيَهُ فقال: «اقضهِ عنها» مُتّفقٌ عَليه.



الحديث دليل على أنه يلحق الميت ما فعل له بعده من عتق أو صدقة أو نحوهما.



1322- وعن ثابت بن الضَّحَّاكِ - رضي الله عنه - قالَ: نَذَرَ رجلٌ على عَهْدِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَنْحَرَ إبلاً ببُوانةَ فأَتَى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلهُ فقال: «هلْ كانَ فيها وثنٌ يُعْبدُ؟» قالَ: لا، قالَ: « فهلْ كان فيها عيدٌ من أعيادِهِمْ؟» فقال: لا، فقال: «أوفِ بنذرِكَ فإنّهُ لا وفاءَ لِنَذرٍ في معصيةِ الله ولا في قطيعةِ رَحِمٍ ولا فيما لا يملِكُ ابنُ آدمَ» رَواهُ أَبو داودَ والطبرانيُّ واللفظ له وَهُوَ صحيح الإسنادِ، ولَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ كَرْدَمٍ عِنْدَ أَحْمَدَ.



الحديث دليل على أن من نذر أن يتصدق، أو يأتي بقربة في محل معين أنه يتعين عليه الوفاء بنذره ما لم يكن في ذلك المحل شيء من أعمال الجاهلية، أو كان ذريعة إلى محرّم.



1323- وعنْ جابر - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً قال يومَ الْفتحِ: يا رسول الله إني نذرتُ إنْ فَتَحَ الله عَليك مكّةَ أَنْ أُصلِّيَ في بيتِ المقْدس؟ فقالَ: «صلِّ هاهُنا» فسأَلهُ فقال: «صلِّ هاهُنا» فسألهُ فقال: «فشأنكَ إذاً» رواهُ أحمدُ وأَبو داود، وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.



الحديث دليل على من نذر الصلاة في المسجد الأقصى فصلى في المسجد الحرام أجزأه. قال في الاختيارات: ومن نذر الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة تعين ما امتاز على غيره بمنزلة شرعية كقدم وكثرة جمع، اختاره أبو العباس في موضع، وحكى في موضع آخر وجهين في مذهبنا، ولا يجوز سفر الرجل للذهاب إلى المشاهد والقبور والمساجد غير المساجد الثلاثة، وهو قول مالك وبعض أصحابه، وقاله ابن عقيل من أصحابنا انتهى.



1324- وعَنْ أَبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - عنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تُشدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجِدَ: مَسْجِدِ الحرامِ، ومَسْجِدِ الأقصى، ومسجدي هذا» مُتّفقٌ عَلَيهِ، واللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.




هذا الحديث تقدم في آخر الاعتكاف، ولعل المصنف أورده هنا للإشارة إلى أن النذر لا يتعين فيه المكان إلا أحد المساجد الثلاثة، وأما غيرها فذهب أكثر العلماء إلى عدم لزوم الوفاء لو نذر الصلاة فيها إلا ندباً.



1325- وعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قالَ: قُلْتُ: يا رسولَ الله إني نذرتُ في الجاهليةِ أَنْ أَعتكفَ لَيْلةً في المسجدِ الحرامِ؟ قال: «فأَوْفِ بنذرك» متفقٌ عليه، وزادَ البُخاريُّ في روايةٍ «فاعتكفَ لَيْلةً».



الحديث دليل على أنه يجب على الكافر الوفاء بما نذر به إذا أسلم، والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #76  
قديم 01-03-2020, 03:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(64)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


(كتاب القضاء)


الأصل في مشروعية القضاء الكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى: ï´؟ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ï´¾ [ص: 26]، الآية. وقال تعالى: ï´؟ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ï´¾ [المائدة: 49] الآية.

1326- عَنْ بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «القضاةُ ثلاثةٌ: اثنانِ في النّارِ وواحد في الجنّةِ: رجلٌ عَرَفَ الحقَّ فقضى بهِ فهوَ في الجنّةِ، ورجلٌ عرف الحقَّ فلم يقضِ بهِ وجارَ في الحُكْمِ فهُوَ في النّار، ورجلٌ لمْ يعْرف الحقَّفقضى للناس على جَهْلِ فَهُوَ في النّار» رواهُ الأربعة، وصَحَّحَهُ الحَاكُمُ.

فيه التحذير من الحكم بالجهل أو بخلاف الحق مع معرفته. قال العلماء: لا يجوز لغير المجتهد أن يتقلد القضاء، ولا يجوز للإمام توليته. قال في الاختيارات: والواجب اتخاذ ولاية القضاء ديناً وقربة فإنها من أفضل القربات، وإنما فسد حال الأكثر لطلب الرياسة والمال بها، ومن فعل ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه، وما يستفيده المتولي بالولاية لا حدّ له شرعاً، بل يتلقى من اللفظ والأحوال والعرف، وأجمع العلماء على تحريم الحكم والفتيا بالهوى، وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح، والولاية لها ركنان: القوة والأمانة، فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم، والأمانة ترجع إلى خشية الله، ويشترط في القاضي أن يكون ورعاً فيه صفات ثلاثة: فمن جهة الإثبات هو شاهد، ومن جهة الأمر والنهي هو مفت، ومن جهة الإلزام بذلك هو ذو سلطان، وأقلُّ ما يشترط فيه صفات الشاهد لأنه لا بد أن يحكم بالعدل، ولا يجوز استفتاء إلا من يفتي بعلم وعدل، وشروط القضاء تعتبر حسب الإمكان، ويجب تولية الأمثل فالأمثل؛ وعلى هذا يدل كلام أحمد وغيره فيولى لعدم أنفع الفاسقين وأقلهما شراً، وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد، وإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع قدم فيما يظهر حكمه ويخاف الهوى فيه الأورع، وفيما يندر حكمه ويخاف فيه الاشتباه الأعلم، وأكثر من يميز في العلم من المتوسطين إذا نظر وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن ونظر تام ترجح عنده أحدهما، لكن قد لا يثق بنظره بل يحتمل أن عنده ما لا يعرف جوابه، فالواجب على مثل هذا موافقته للقول الذي ترجح عنده بلا دعوى منه للاجتهاد، ولا يجوز التقليد مع معرفة الحكم اتفاقاً، وأدلة الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع، وتكلم الصحابة فيها –وإلى اليوم- بقصد حسن انتهى.

1327- وعن أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «من وُلِّيَ القضاءَ فقد ذُبحَ بغير سكينٍ» رواهُ أحْمَدُ والأَرْبَعَةُ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وابْنُ حِبَّانَ.

فيه التحذير من ولاية القضاء والدخول فيه وعظم خطره. قال الشوكاني: إنما يصح قضاء من كان مجتهداً متورّعاً عن أموال الناس، عادلاً في القضية، حاكماً بالسوية، ويحرم عليه الحرص على القضاء وطلبه، ولا يحل للإمام تولية من كان كذلك، ومن كان متأهلاً للقضاء فهو على خطر عظيم وله مع الإصابة أجران، ومع الخطأ أجر إن لم يأل جهداً في البحث.

1328- وعَنْهُ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّكمْ ستحرِصُون على الإمارةِ وستكونُ ندامةً يوْمَ القيامة، فَنِعْمَتِ المرضعةُ وبئْسَتِ الفاطمةُ» رواهُ البخاريُّ.

الحديث دليل على استحباب تجنب الولايات، وفي حديث عوف بن مالك عند الطبراني: «أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل». وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إليه، ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكاً يسدده) أخرجه أبو دود والترمذي.

1329- وعن عَمْرِو بْنِ العاصِ - رضي الله عنه - أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إذا حَكَمَ الحَاكِمُ فاجْتَهَدَ ثمَّ أصَابَ فلَهُ أَجْرَانِ، وإِذَا حَكَمَ فاجتهدَ ثمَّ أخطأَ فلهُ أجرٌ» متَّفق عليه.

الحديث دليل على أن الحق واحد، فمن اجتهد وأصابه فهو مأجور باجتهاده وإصابة الحق، ومن اجتهد فأخطأه فهو معذور ومأجور لاجتهاده، والمجتهد هو المتمكن من أخذ الأحكام من الكتاب والسنة على حسب قدرته، فإن لم يجد اجتهد رأيه واستعان عليه بأقوال العلماء واختار الراجح منها عنده، والأقرب إلى العدل والإصلاح، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ ابن جبل حين بعثه قاضياً إلى اليمن: (بم تحكم؟ قال: بكتاب الله تعالى، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإن لم تجد؟ قال اجتهد رأيي، قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله) رواه أحمد.

1330- وعنْ أبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا يحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثنَيْنِ وهُو غَضْبانُ» مُتّفق عليه.

الحديث دليل على كراهة قضاء القاضي وهو غضبان، لأن الغضب يشوش الفكر، ويشغل القلب عن استيفاء ما يجب من النظر، ومثله الجوع والعطش والمرض والهمّ والنعاس ونحوها.

1331- وعنْ عليَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تقاضَى إليكَ رجلان فلا تقض للأوَّلِ حتى تسمعَ كلامَ الآخر فَسَوْفَ تدْري كَيْفَ تقْضي» قالَ عليٌّ: فما زلْتُ قاضياً بعْدُ. رواهُ أَحْمَدُ وأَبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وقَوَّاهُ ابْنُ المَدِينِيِّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

الحديث دليل على أنه يجب على الحاكم أن يسمع دعوى المدعي أولاً، ثم يسمع جواب المدعى عليه، ولا يجوز له الحكم قبل جواب الآخر. ومن أحسن ما ورد عن السلف في آداب القاضي كتاب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي كتبه إلى أبي موسى ولفظه:
أما بعد:
فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فعليك بالعقل والفهم وكثرة الذكر، فافهم إذا أدلى إليك الرجل الحجة، فاقض إذا فهمت، وامض إذا قضيت، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاد له، آس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرّم حلالاً؛ ومن ادعى حقاً غائباً أو بينة، فاضرب له أمداً ينتهي إليه، فإن جاء بينة أعطيته حقه، وإلا استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر، وأجلى للعمى. ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما ليس في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أقربها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد، أو مجرّباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاء أو نسب أو قرابة، فإن الله تعالى تولى منكم السرائر، وادرأ بالبينات والأيمان، وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس عند الخصومة، والتنكر عند الخصومات، فإن القضاء عند مواطن الحق يوجب الله تعالى به الأجر، ويحسن به الذكر؛ فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس، ومن تخلق للناس بما ليس في قلبه شانه الله تعالى، فإن الله لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصاً؛ فما ظنك بثواب من الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته. والسلام» رواه أحمد والدارقطني والبيهقي.

1332- وعنْ أُمِّ سَلَمةَ - رضي الله عنها - قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنكمْ تختصِمُون إليَّ فَلَعَلَّ بعضَكُمْ أنْ يكونَ أَلْحَنَ بحُجّتِهِ منْ بعض فأقضِي له على نحوٍ ما أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قطعتُ لهُ منْ حقِّ أَخيه شيئاً فإنما أَقطعُ لهُ قطعةً من النّار» مُتّفقٌ عليه.

الحديث دليل على أن حكم الحاكم لا يحل به للمحكوم له ما أخذه بقوة حجته إذا كان باطلاً في نفس الأمر، وقد قال الله تعالى: ï´؟ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ [البقرة: 188].

1333- وعنْ جابر - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «كَيْف تقدَّس أُمّةٌ لا يُؤْخَذُ منْ شديدِهِمْ لضعيفِهِم» رواهُ ابنُ حبّانَ، ولَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ البَزَّارِ، وآخَرُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ.

الحديث دليل على وجوب نصر الضعيف حتى يؤخذ حقه من القوي.

1334- وعَنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «يُدْعى بالقاضي العادِلِ يومَ القيامةِ فيلقى مِنْ شدةِ الحساب ما يتمنى أنّهُ لمْ يقضِ بين اثنين في عُمُرِهِ» رواهُ ابنُ حِبّان، وأَخرجهُ البيهقي ولَفظهُ «في تَمْرةٍ».

الحديث دليل على شدة حساب القضاة العادلين، فكيف حال الجائرين، ولهذا تجنب أكابر العلماء ولاية القضاء، وفي ترجمة عبدالله بن وهب في الغربال أنه كتب إليه الخليفة فاختفى في بيته، فاطلع عليه بعضهم يوماً فقال: يا ابن وهب ألا تخرج فتحكم بين الناس بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء والقضاة مع السلاطين؟ وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً: «ما استخلف الله من خليفة إلا كان له بطانتان، بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله تعالى» رواه البخاري وغيره، فينبغي لمن ابتلي بشيء من هذه الولايات أن يتحرّى العدل، ويحذر من خلطاء السوء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن المقسطين على منابر من نور، الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا). وقال الله تعالى: ï´؟ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ï´¾ [ص: 26]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل) الحديث.

1335- وعنْ أَبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لن يُفْلِحَ قوْمٌ وَلَّوْا أمرَهم امرأَةً» رواهُ البخاريُّ.

فيه دليل على عدم جواز تولية المرأة شيئاً من الأحكام العامة بين المسلمين.

1336- وعنْ أَبي مريم الأَزْدِيِّ - رضي الله عنه - عنِ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «منْ ولاَّهُ الله شيئاً من أُمُورِ المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهمْ احتجب الله دونَ حاجتِهِ» أخرجه أبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ.

الحديث دليل على أنه يجب على من ولي أمراً من أمور عباد الله أن لا يحتجب عنهم، وأن يسهل الحجاب ليصل إليه ذو الحاجة من فقير وغيره، ويجوز له اتخاذ الأعوان مع الحاجة.

1337- وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرَّاشِيَ والمرتَشِيَ في الحُكْمِ» رواهُ أحْمَدَ والأَرْبَعَةُ، وحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانِ، ولَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرُو عِنْدَ الأَرْبَعَةِ إلاَّ النَّسَائِيَّ.

الراشي: الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي: الآخذ، وزاد أحمد: «والرائش» وهو الذي يمشي بينهما، والحديث دليل على تحريم الرشوة، وهو إجماع سواء كانت للقاضي أو للعامل أو غيرهما. وقد قال الله تعالى: ï´؟ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ï´¾ [المائدة: 42]، وحاصل ما يأخذه القضاة أربعة أقسام: رشوة وهدية وأجرة ورزق؛ فالرشوة حرام، وكذا الهدية التي أهديت إليه لأجل كونه قاضياً، وأما الأجرة فإن كان للحاكم رزق من بيت المال فهو حرام وإلا جازت له على قدر عمله مع الكراهة، وأما الرزق من بيت المال فلا بأس به.

1338- وعنْ عبد الله بن الزُبَيْرِ - رضي الله عنهما - قال: «قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الخصمينِ يَقْعُدَانِ بين يَدَيِ الحاكمِ» رواه أبو داوُدَ، وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.

الحديث دليل على مشروعية قعود الخصمين بين يدي القاضي. وأخرج أبو نعيم في الحلية بسنده قال: وجد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - درعاً له عند يهودي التقطها فعرفها، فقال درعي سقطت عن جمل لي أورق، فقال اليهودي: درعي وفي يدي، ثم قال اليهودي: بيني وبين قاضي المسلمين، فأتو شريحاً، فلما رأى علياً قد أقبل تحرف عن موضعه وجلس عليُّ فيه، ثم قال عليّ: لو كان خصمي من المسلمين لساويته في المجلس وساق الحديث. قال شريح: ما تشاء يا أمير المؤمنين؟ قال درعي سقطت عن جمل لي أورق فالتقطها هذا اليهودي، قال شريح: ما تقول يا يهودي؟ قال: درعي وفي يدي، قال شريح: صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك ولكن لا بدّ لك من شاهدين، فدعا قنبراً والحسن بن علي فشهدا إنها لدرعه، فقال شريح: أما شهادة مولاك فقد أجزناها، وأما شهادة ابنك فلا نجيزها، فقال عليّ: ثكلتك أمك، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) قال: اللهم نعم، قال: أفلا تجيز سيد شباب أهل الجنة؟ ثم قال لليهودي: خذ الدرع، فقال اليهودي: أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين فقضى لي ورضي، صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك سقطت عن جمل لك التقطتها، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فوهبها له علي - رضي الله عنه - وأجازه بتسعمائة، وقُتل معه يوم صفين انتهى.



(تتمة): قال الشوكاني: ويحكم الحاكم بالإقرار، أو بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، أو رجل ويمين المدعي، وبيمين المنكر وبيمين الرد وبعلمه انتهى. وقال البخاري: باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)، وذلك إذا كان أمراً مشهوراً انتهى، والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #77  
قديم 01-03-2020, 03:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(65)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




(كتاب الشَّهَادَاتِ)




والشهادات: جمع شهادة، وجمعت لإرادة الأنواع.



1339- عن زيدِ بن خالد الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أُخبرُكم بخيرِ الشهداءِ؟ هو الذي يأتي بالشهادة قبْل أنْ يُسأَلَها" رواه مسلمٌ.



الحديث دليل على أنه إذا كان عند الشاهد شهادة بحق أنه يبينها كما قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا ï´¾ [النساء: 135]، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمران بن حصين: (ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون) فهو محمول على شهادة الزور.



1340- وعَن عمرانَ بن حُصَيْنٍ - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ خيرَكُم قَرْني، ثمَّ الذين يلونَهُمْ، ثم الذين يلونَهُمْ، ثمَّ يكونُ قومٌ يَشْهَدُون ولا يُسْتَشْهَدُون، ويَخُونون ولا يُؤْتَمَنُونَ ويَنْذِرُونَ ولا يُوفُون، ويظْهَرُ فيهِمُ السِّمَنُ" متفقٌ عليه.



قرنه - صلى الله عليه وسلم - هم الصحابة - رضي الله عنهم -، والذين يلونهم التابعون، والقرن الثالث هم تابعو التابعين، (قوله: ويظهر فيهم السمن) أي يكثر فيهم الشحم لتوسعهم في المآكل والمشارب والملابس، فالدنيا أكبر همهم، وبطونهم أكثر شغلهم.



1341- وعَنْ عبد الله بن عَمْرِو - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجوزُ شهادةُ خائنٍ ولا خائنةٍ ولا ذي غِمْرٍ على أَخيه، ولا تجوزُ شهادةُ القَانِعِ لأهلِ البيتِ" رواهُ أَحْمَدُ وأَبو داودُ.



الغمر: الحقد والشحناء، والقانع: الخادم لأهل البيت المنقطع إليهم، والحديث دليل على اعتبار العدالة في الشاهد وعدم التهمة.



1342- وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أنّهُ سمع رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تجوزُ شهادةُ بَدَوِيٍّ على صاحبِ قَريةٍ" رَوَاهُ أبُو داودَ وابْنُ مَاجَهَْ.



فيه دليل على عدم صحة شهادة البدوي على صاحب القرية لأنه متهم حيث أشهد بدوياً ولم يشهد قروياً، وحمله الأكثر على من لا تعرف عدالته. قال في الاختيارات: قال أبو العباس: ويتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم يكونوا ملتزمين الحدود عند الضرورة مثل الحبس، وحوادث البدو، وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل.



1343- وعن عُمَر بنِ الخطاب - رضي الله عنه - أنّهُ خطبَ فقال: "إنَّ أُناساً كانوا يُؤخذون بالوحْيِ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّ الوَحْي قد انْقطعَ، وإنما نأخُذُكمْ الآن بما ظهرَ لَنَا مِنْ أَعمالِكُمْ" رواهُ البُخاريُّ.



فيه دليل على قبول شهادة من لم يظهر منه ريبة، وأنه يكفي في التعديل ما يظهر من الحال من غير كشف عن حقيقة السريرة.



1344- وَعَنْ أَبي بَكْرةَ - رضي الله عنه - "عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنّه عَدَّ شهادةَ الزُّورِ في أكبرِ الكبائر" مُتّفقٌ عَليْهِ في حَدِيثٍ طَوِيلٍ.



لفظ الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً؟ قالوا: بلى، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) وإنما كرر النبي شهادة الزور وقول الزور، لأن الحوامل عليه كثيرة من العداوة والحسد فاحتيج إلى الاهتمام بشأنه.



1345- وعن ابنِ عَبّاس - رضي الله عنهما - أنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلٍ: "ترى الشّمسَ؟" قال: نعم، قال: "على مِثْلِهَا فاشهد أوْ دَعْ" أخرجهُ ابنُ عَدِيٍّ بإسناد ضعيفٍ وصحَّحَهُ الحاكم فأخطأ.



فيه دليل على أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه يقيناً، ولا تجوز الشهادة بالظن إلا في مثل الأنساب، والرضاع المستفيض، والموت القديم، ونحوها.



1346- وعَنه - رضي الله عنهما - "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمينٍ وشاهدٍ" أخرَجَهُ مُسلمٌ وأبو داود والنسائيُّ وقال: إسناده جيد.



1347- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - مِثْلُهُ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على ثبوت القضاء بشاهد وبيمين المدعي، وهو قول الجمهور، وقد أجمع العلماء أن الحدود والقصاص لا يثبتان بذلك.



تتمة:

قال في الاختيارات: قال أصحابنا: ولا ينقض الحاكم حكم نفسه ولا غيره إلا أن يخالف نصاً أو إجماعاً. قال أبو العباس: يفرق في هذا بين أن يستوفي المحكوم به إن كان حداً أو حقاً في نفس أو مال أو لا يستوفي، فإن استوفى فلا كلام، وإن لم يستوف فالذي ينبغي نقض حكم نفسه، والإشارة على غيره بالنقص، وليس للإنسان أن يعتقد أحد القولين في مسائل النزاع في ماله، والقول الآخر فيما عليه باتفاق المسلمين كمن يعتقد أنه إذا كان جاراً استحق شفعة الجوار، وإذا كان مشترياً لم تجب عليه شفعة الجوار إلى أن قال: وإخبار الحاكم أنه ثبت عندي بمنزلة إخباره أنه حكم به؛ أما إن قال: شهد عندي فلان أو أقر عندي فهو بمنزلة الشاهد سواء، وخبره في غير محل ولايته كخبره في غير زمن ولايته، ونظير إخبار القاضي بعد عزله إخبار أمير الغزو بعد عزله بما فعله. وقال أيضاً: ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص، وهو قول مالك وأبي ثور في الحدود، وقول مالك والشافعي وأبي ثور، ورواية عن أحمد في القصاص انتهى، والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #78  
قديم 01-03-2020, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام

مختصر الكلام على بلوغ المرام(66)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





(باب الدَّعاوي وَالْبَيِّنَاتِ)




الدعاوي: جمع دعوى، والبينات: جمع بينة وهي الحجة الواضحة.

1348- عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو يُعطى النّاسُ بدَعْواهمْ لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأَموالَهُمْ، ولكنِ اليمينُ على المَدَّعَى عليه» مُتّفقٌ عَليَهِ.



1349- وللبيهقي بإسناد ضعيف «البيِّنةُ على المُدَّعِي واليمينُ على مَنْ أَنكَرَ».



الحديث دليل على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه بل يحتاج إلى البينة، أو تصديق المدعى عليه فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك.



1350- وعَنْ أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - «أنَّ النّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَرَضَ على قوْمٍ اليمينَ فأَسرعوا فأَمر أنْ يُسهَمَ بَيْنهم في اليمين أيُّهُمْ يحلِفُ» رواهُ البخاريُّ.



في رواية أبي داود: (أن رجلين اختصما في متاع ليس لواحد منهما بينة)، قال الخطابي: ومعنى الاستهام هنا الاقتراع، يريد أنهما يقترعان فأيهما خرجت له القرعة حلف وأخذ ما ادعاه، وروي ما يشبه هذا عن علي - رضي الله عنه -، قال حنش بن المعتمر: أُتي عليّ ببغل وجد في السوق يباع، فقال رجل: هذا بغلي لم أبع ولم أهب، ونزع علي ما قاله بخمسة يشهدون، قال: وجاء آخر يدعيه يزعم أنه بغله، وجاء بشاهدين، فقال علي - رضي الله عنه -: إن فيه قضاء وصلحاً، وسوف أبين لكم ذلك كله، أما صلحه أن يباع البغل فيقسم ثمنه على سبعة أسهم لهذا خمسة ولهذا اثنان، وإن لم يصطلحوا إلا القضاء فإنه يحلف أحد الخصمين أنه بغله ما باعه ولا وهبه، فإن تشاححتما أيكم يحلف أقرعنا بينكما على الحلف، فأيكما قرع حلف، قال: فقضى بهذا وأنا شاهد انتهى.



1351- وعنْ أبي أُمامةَ الحارثيِّ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قالَ: «من اقتطعَ حَقَّ امْرِىءٍ مُسلمٍ بيمينهِ فَقدْ أَوْجبَ اللهُ لَهُ النارَ وحرَّمَ عليهِ الجنّةَ» فقالَ لـهُ رجلٌ: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: «وإِنْ قَضِيباً من أَرَاكٍ» رواه مُسلمٌ.



الحديث دليل على شدة الوعيد لمن حلف ليأخذ حقاً لغيره، أو يسقط حقاً عن نفسه وإن قل.



1352- وعن الأشَعثِ بن قيسٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حَلَف على يمينٍ يَقْتطعُ بها مالَ امرىءٍ مُسلمٍ هُو فيها فاجرٌ لقيَ الله وهُو عليهِ غَضْبان» متفقٌ عليه.



المراد بكونه فاجراً في يمينه: أن يكون متعمداً عالماً أنه غير محقّ.



1353- وَعَنْ أَبي مُوسى الأشْعَريِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ رجلين اختصما إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في دابّةٍ ولَيْس لواحدٍ مِنْهُما بَيِّنَةٌ فقضى بها بيْنَهُما نصفين» رواهُ أَحْمَدُ وأَبو داود والنَّسَائِيُّ، وهذَا لَفْظُهُ، وَقالَ: إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.



الحديث دليل على أنهما إذا تداعيا عيناً ليست بيد أحد، أنها تقسم بينهما إذا لم يكن مع أحدهما قرينة ترجح دعواه، وروى أبو داود عقب هذا الحديث: أن رجلين ادعيا بعيراً على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبعث كل منهما شاهدين، فقسمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما نصفين. قال في الاختيارات: ومن بيده عقار فادعى رجل بثبوته عند الحاكم أنه كان لجده إلى موته ثم إلى ورثته، ولم يثبت أنه مخلف عن مورثه لا ينزع منه بذلك، لأن أصلين تعارضا، وأسباب انتقاله أكثر من الإرث، ولم تجر العادة بسكوتهم المدة الطويلة، ولو فتح هذا الباب لانتزع كثير من عقار الناس بهذا الطريق انتهى.



1354- وَعَنْ جابرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حلفَ على منْبري هذا بيمينٍ آثمةٍ تبوَّأَ مَقْعَدَهُ من النارِ» رواهُ أَحْمَدُ وأبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.



الحديث دليل على مشروعية التغليظ في اليمين بالمكان والزمان إذا رآه الحاكم.



1355- وعن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثةٌ لا يُكلمُهُمُ اللهُ يومَ القيامةِ ولا ينظُرُ إليهمْ ولا يَزكِّيهِمْ ولهمْ عذابٌ أَليمٌ: رجُلٌ على فَضْلِ مَاءٍ بالفَلاَةِ يمْنَعُهُ من ابنِ السّبيلِ، وَرَجُلٌ بايَعَ رَجُلاً بسِلْعَةٍ بعْد العَصْرِ فحَلف بالله لأَخَذَها بكذا وكذا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ على غيرِ ذلكَ، ورجُلٌ بايعَ إماماً لا يُبايــِعُهُ إلا للدنيا فإن أَعْطاهُ منها وَفَى، وإن لمْ يُعْطِهِ مِنْها لمْ يَفِ» مُتّفقٌ عليهِ.



الحديث دليل على عظم ذنب هؤلاء الثلاثة، وفيه دليل على مشروعية التغليظ في اليمين، وهو قول الجمهور.



1356- وعَنْ جابر - رضي الله عنه -: «أَن رُجُلَين اختصما في نَاقةٍ فقالَ كُلٌّ منهما: نُتِجتْ هذه الناقةُ عندي وأَقاما بَيِّنَةً، فَقَضى بها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لمنْ هِيَ في يدِهِ».



1357- وعنِ ابن عُمَر - رضي الله عنهما - «أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ردَّ اليمين على طالبِ الحقِّ» رواهما الدارقطني وفي إسنادهما ضَعْفٌ.



الحديث الأول أخرجه البيهقي ولم يضعفه، وفيه دليل على أن اليد مرجحة للشهادة الموافقة لها، وهو مخصص لعموم: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» والخاص مقدم على العام، وشاهد الحال مع صاحب اليد، وهو قول مالك والشافعي وغيرهما. قال في الاختيارات: وإذا تداعيا بهيمة أو فصيلاً فشهد القائف أن دابة هذا تنتجها ينبغي أن يقضي بهذه الشهادة، وتقدم على اليد الحسية. (قوله: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد اليمين على طالب الحق) فيه دليل على ثبوت رد اليمين على المدعي إذا لم يحلف المدعى عليه.



1358- وعنْ عائشَةَ - رضي الله عنها - قالتْ: دخل عليَّ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ يوْم مسروراً تَبْرُقُ أَساريرُ وجْهِهِ فقال: «أَلمْ تَرَيْ محرزا المُدْلِجِيِّ: نظرَ آنفاً إلى زَيْدِ بنِ حارثَةَ وأُسامةَ بنِ زَيْدٍ فقال: هذِهِ الأقْدامُ بَعْضُها من بَعْضٍ» مُتّفقٌ عليه.



الحديث دليل على اعتبار القيافة في ثبوت النسب، وهو قول الجمهور، والقائف: هو الذي يتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأبيه وأخيه، وكان الكفار يقدحون في نسب أسامة، لكونه أسود، وأبوه أبيض. فاستبشر -صلى الله عليه وسلم- بقول القائف: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. قال في الاختيارات: ويتوجه أن يحكم بالقيافة في الأحوال كلها كما حكمنا بذلك في الجذع المقلوع إذا كان له موضع في الدار، وكما حكمنا في الاشتراك في اليد الحسية بما يظهر من اليد العرفية فأعطينا كل واحد من الزوجين ما يناسبه في العادة، وكل واحد من الصانعين ما يناسبه، وكما حكمنا بالوصف في اللقطة إذا تداعاها اثنان، وهذا نوع قيافة أو شبيه به، وكذلك لو تنازعا غراساً أو ثمراً في أيديهما، فشهد أهل الخبرة أنه من هذا البستان، ويرجع إلى أهل الخبرة حيث يستوي المتداعيان كما رجع إلى أهل الخبرة بالنسب، وكذا لو تنازع اثنان لباساً، أو نعلاً من لباس أحدهما دون الآخر، أو تنازعا دابة تذهب من بعيد إلى اصطبل أحدهما دون الآخر أو تنازعا زوج خف، أو مصراعاً مع الآخر شكله، أو كان عليه علامة لأحدهما كالزربول التي للجند، وسواء كان المدعي في أيدهما أو في يد ثالث، وأما إن كانت اليد لأحدهما دون الآخر، فالقيافة المعارضة لهذا كالقيافة المعارضة للفراش، فإذا قلنا: بتقديم القيافة في صورة الرجحان، فقد نقول ههنا كذلك، ومثل أن يدعي أنه ذهب من ماله شيء ويثبت ذلك؛ فيقص القائف أثر الوطء من مكان إلى مكان آخر، فشهادة القائف أن المال دخل إلى هذا الموضع توجب أحد الأمرين: إما الحكم به، وإما أن يكون لوثاً يحكم به مع اليمين للمدعي، وهو الأقرب، فإن هذه الأمارة ترجح جانب المدعي، واليمين مشروعة في أقوى الجانبين، انتهى والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #79  
قديم 01-03-2020, 03:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام


مختصر الكلام على بلوغ المرام(67)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


(كتاب العتق)


العتق في الشرع: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق، والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى: ï´؟ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ï´¾ [البلد: 11-15].

1359- عَنْ أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّمَا امْرىءٍ مُسْلمٍ أَعتقَ امرأً مُسْلماً استنقَذَ اللهُ بكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ مِنَ النّار» مُتّفَقٌ عَلَيهِ.

1360- وللتّرمذيِّ وصحّحهُ عَنْ أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -: «وأَيُّمَا امرىءٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرأتينِ مُسْلمتين كانتا فِكَاكَهُ من النار».

1361- ولأبي داودَ من حديث كَعْبِ بنِ مُرَّةَ: «وأَيُّمَا امْرأَةٍ أَعْتَقَتْ امْرأَةً مُسلمةً كانتْ فِكَاكَها من النار».

الحديث دليل على فضل العتق، وأن عتق الذكر أفضل.

1362- وعَنْ أَبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قالَ: سأَلتُ النّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ العَمَلِ أَفضلُ؟ قال: «إيمانٌ بالله وجهادٌ في سبيله» قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقابِ أَفضلُ؟ قالَ: «أَغْلاها ثمناً وأَنفسُها عِنْدَ أَهلِهَا» مُتّفقٌ عَلَيْهِ.

الحديث دليل على أن ما كثرت قيمته واغتبط به سيده فعتقه أفضل من غيره. وقد قال الله تعالى: ï´؟ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ï´¾ [آل عمران: 92].

1363- وعن ابن عُمَر - رضي الله عنهما - قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ أَعْتقَ شِرْكاً لَـهُ في عَبْدٍ فكانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثمنَ العبْدِ قوِّم قيمةَ عدْلٍ فَأعطى شركاؤَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عليهِ العبدُ، وإلا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ ما عَتَقَ» متفقٌ عَلَيهِ.

1364- ولَهُما عَنْ أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - «وإلا قُوِّمَ عليه واستُسْعِيَ غيرَ مشقُوقٍ عليه» وقيلَ: إنَّ السِّعايَةَ مُدْرَجَةٌ في الخبَر.

الحديث دليل على أن من أعتق شركاً له في عبد، وكان موسراً، لزمه تسليم حصة شريكه بعد التقويم، وعتق عليه جميعه. قال في الاختيارات: وإذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو موسر، عتق نصيبه، ويعتق نصيب شريكه بدفع القيمة، وهو قول طائفة من العلماء، وإن كان معسراً عتق كله، واستسعى في باقي قيمته، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها بعض أصحابه.

1365- وعَنْ أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَجْزِي وَلَدٌ وَالدَهُ إلا أنْ يجدَهُ مملوكاً فَيَشْتَرِيَهُ فيَعْتِقَهُ» رواهُ مسلمٌ.

الحديث دليل على عظم حق الوالدين.

1366- وعَنْ سَمُرَة بنِ جُنْدُب - رضي الله عنه - أنَّ النّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ مَلَك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُو حُرٌّ» رواهُ أَحْمَدَ والأَرْبَعَةُ، ورَجّحَ جَمْعٌ من الحفاظ أنّه موقوفٌ.

الحديث دليل على أن من ملك من بينه وبينه رحم محرمة للنكاح فإنه يعتق عليه.

1367- وعَنْ عمران بن حصين - رضي الله عنهما -: «أنَّ رجُلاً أعتقَ سِتّةَ مملُوكينَ لـهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لمْ يكُنْ لَهُ مالٌ غيرُهُمْ فدعا بهمْ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فجَزَّأَهُم أثلاثاً ثمَّ أقْرع بينهمْ فأَعْتقَ اثْنينِ وأرَقَّ أَرْبعةً وقالَ لـهُ قولاً شديداً» رواهُ مُسلمٌ.

الحديث دليل على أن حكم التبرع في المرض حكم الوصية ينفذ من الثلث. (قوله: وقال له قولاً شديداً) يشير إلى ما أخرجه النسائي وأبو داود أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين.

1368- وعَنْ سَفِينةَ - رضي الله عنه - قال: «كنتُ مملوكاً لأمِّ سَلَمةَ فقالت: أَعْتِقُكَ وأشترطُ عليك أنْ تخدُمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عِشْتَ» رواهُ أَحْمَدُ وأبو داودَ والنَّسَائِيُّ والحَاكِمُ.

الحديث دليل على صحة اشتراط الخدمة على العبد المعتق، وأنه يصح تعليق العتق بشرط، فيقع بوقوع الشرط، ولا يتم عتقه إلا به.

1369- وَعَنْ عائِشةَ - رضي الله عنها - أنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّما الولاءُ لمن أَعْتَقَ» مُتفقٌ عليهِ.

الحديث دليل على إثبات الولاء للمعتق. قال الحافظ: ويؤخذ منه أنه لا ولاء للإنسان على أحد بغير العتق.


1370- وعن ابنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قالَ: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «الولاءُ لحُمَةِ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لا يُباعُ ولا يُوهَبُ» رواهُ الشّافعيُّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ والحَاكِمُ، وأصْلُهُ في الصَّحِيحَيْنِ بِغَيْرِ هذَا اللَّفْظِ.

الذي في الصحيحين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وعن هبته، والحديث دليل على عدم صحة بيع الولاء وهبته، كالنسب، وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهى الشرع عن ذلك، والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #80  
قديم 01-03-2020, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام

مختصر الكلام على بلوغ المرام(68)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




(باب المُدَبَّرِ، وَالمُكَاتَبِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ)


المدبر: الرقيق الذي علق عتقه بموت مالكه، والأصل في التدبير السنة والإجماع، والمكاتب: من وقعت عليه الكتابة، وحقيقتها تعليق عتق المملوك على أدائه مالاً أو نحوه من مالك أو نحوه، وأم الولد هي من ولدت من المالك ما فيه صورة ولو خفية.

1371- عَنْ جابر - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً من الأنصار أعتقَ غُلاماً لـه عنْ دُبُرٍ لمْ يكُنْ لـهُ مالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ ذلك النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من يشترِيــهِ مني؟" فاشتراهُ نُعَيْمُ بنُ عبدالله بثمانمائَةِ دِرْهَمٍ. مُتّفقٌ عليه، وفي لفظ للبخاري "فاحتاج" وفي روايةِ النّسائي: وكانَ عليه دينٌ فَبَاعهُ بثمانمائة درهم فأَعطاهُ وقال: "اقضِ دَيْنَك".

الحديث دليل على مشروعية التدبير، وذهب الجمهور إلى أنه ينفذ من الثلث، وفيه دليل على جواز بيع المدبر لحاجة سيده، أو قضاء دينه.

1372- وعنْ عَمْرِو بن شُعيبٍ عن أَبيه عنْ جَدِّهِ - رضي الله عنهم - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "المكاتَبُ عَبْدٌ ما بَقِيَ عَلَيهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ" أَخرجهُ أَبو داودَ بإسنادٍ حسَنٍ، وأَصْلُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ والثَّلاَثَةِ، وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.

الحديث دليل على أن المكاتب إذا لم يوف ما كوتب عليه فهو عبد له أحكام المماليك، وهو قول الجمهور.

1373- وعَنْ أُمِّ سلمة - رضي الله عنها - قالتْ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانَ لإحْداكُنَّ مُكاتَبٌ وكان عَنْدَهُ ما يؤدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ" رواهُ أَحْمَدُ والأَرْبَعَةُ وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

الحديث دليل على أن المكاتب إذا صار معه جميع مال الكتابة، فقد صار له ما للأحرار فتحتجب منه سيدته، وفيه أنه يجوز لمملوك المرأة النظر إليها، وهو قول أكثر العلماء.

1374- وعن ابنِ عَبّاس - رضي الله عنهما - أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُودَى المُكاتَبُ بِقَدْرِ ما عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الحُرِّ، وبقدر ما رَقَّ مِنْهُ دِيةَ العبدِ" رواهُ أَحْمَدُ وأَبو داودَ والنَّسَائِيُّ.

الحديث دليل على أن للمكاتب حكم الحرّ في قدر ما سلمه من كتابته فتبعض ديته، وكذلك الحد وغيره من الأحكام التي تنصف.

1375- وعَنْ عمرِو بن الحارثِ أَخِي جُوَيْريَةَ أُمِّ المؤمنينَ - رضي الله عنهما - قالَ: "ما تركَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ موتهِ دِرْهماً ولا ديناراً ولا عَبْداً ولا أَمَةً ولا شيئاً إلا بَغْلَتَهُ البيضاءَ وسلاحَهُ وأَرضاً جَعَلَهَا صَدَقَةً" رَوَاهُ البُخاريُّ.

الحديث دليل على حرية أم الولد بعد وفاة سيدها، لأنه - صلى الله عليه وسلم - مات وخلفه مارية القبطية أم إبراهيم، وتوفيت في أيام عمر، وفيه ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من تنزهه عن الدنيا وأدناسها، وخلو قلبه وقالبه من الاشتغال بها، فإنه مشتغل بطاعة ربه وتبليغ رسالته.

1376- وعنْ ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّما أَمَةٍ ولدتْ منْ سَيِّدها فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْد مَوْته" أَخرجهُ ابنُ ماجَهُ والحَاكِمُ بإسنادٍ ضعيفٍ، ورجّح جماعةٌ وَقْفَهُ عَلى عُمَر - رضي الله عنه.

الحديث دليل على حرية أم الولد بعد وفاة سيدها، وهو قول أكثر الأمة.


1377- وعَنْ سَهْل بنِ حُنيفٍ - رضي الله عنه - أَنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ أَعانَ مجاهداً في سبيل الله، أَوْ غارماً في عُسْرَتِهِ، أوْ مُكاتَباً في رقبتهِ، أظَلّهُ اللّهُ يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّهُ" رواهُ أحمدُ وصحَّحَهُ الحاكم.

الحديث دليل على فضل الإعانة فيما ذكر وعظم أجرها، وقد قال الله تعالى: ï´؟ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ï´¾ [النور: 33]، قال علي - رضي الله عنه -: أمر الله السيد أن يدع الربع للمكاتب من ثمنه، رواه ابن جرير. قال العلماء: وليس ذلك بواجب، والله أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 224.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 218.02 كيلو بايت... تم توفير 6.11 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]