زواج زوجي، وانفلات ابني - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كيفية التعامل مع الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 1158 )           »          التربية على الإيجابية ودورها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          زخرفة المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 70 - عددالزوار : 16827 )           »          لماذا نحن هنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          يغيب الصالحون وتبقى آثارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الهواتف الذكية تحترف سرقة الأوقات الممتعة في حياة الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن تحويل القبلة أنهى مكانـة المسـجد الأقصى عند المسلمين»!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-10-2020, 04:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي زواج زوجي، وانفلات ابني

زواج زوجي، وانفلات ابني


أ. شروق الجبوري

السؤال
أرجو أن تُجيبوني في أسرع وقتٍ مُمكن؛ حيث إنَّني وأسرتي في موقفٍ عصيب، والله العالم بحالنا، وأستميحكم عذرًا عن الإطالة؛ فهي بغرض الإيضاح والفضفضة في آنٍ واحد، وقد احترتُ إلى أيِّ قسم أُرسلها، فهي متشعِّبة محيِّرة، أعان الله مَن سيردُّ عليها!

كنتُ أعاني كمعظم الأُسَر من سوء الأوضاع الماديَّة، وانشغال زوجي الشديد بطلب الرِّزق؛ لنحيا حياةً متوسِّطة وكريمة نحن وأطفالنا، لكنَّني رغم معاناتي من تَحمُّل المسؤولية فإنَّني لَم أجعل ذلك سببًا ليعوق نجاح أُسرتي، ومحاولة تربية الأبناء تربية قويمة إسلاميًّا واجتماعيًّا، هذا النَّجاح أو (سير الأمور) أغرَى زوجي بفتحِ بيتٍ جديد، فعدَّد الزَّوجات، ولكنْ سرًّا؛ لكنِّي اكتشفتُ الأمر، وللأسف انقلبَتْ أحوالي رأسًا على عقب؛ لأنني كنتُ أعاني مادِّيًّا وعاطفيًّا بشدة، لكن عزائي كان أنَّه أيضًا يُعاني مشقَّة العمل والانشغال طوال اليوم؛ لنحيا حياة كريمة، وأطفالي يعانون مثلي؛ حيث إنَّنا نعيش في مكان عمل زَوجي، وليس لنا فيه أقارب، ومعارفنا قليلون جدًّا، حتَّى إنني من فَرْط الإنهاك والإجهاد، أحيانًا لا أجِدُ الأعصاب ولا الوقت؛ لتحمُّل (طيشاتهم) الدائمة؛ بحكم كونهم صغارًا، فأحيانًا أكون محتمِلة، وأحيانًا ثائرة وعصبيَّة جدًّا.
ابني الأكبر لَم أستطع مُتابعته خارج المَنْزل، وكان كثير المراوغة منذ الصِّغر؛ كنت أرسله للصلاة في المسجد، فيذهب يلعب ويلهو مع أطفال الشوارع، وكَبِر على المُراوغة والخداع، ومُشاجراتي الدَّائمة مع ابني؛ بسبب تَرْكِه الصَّلاة تمامًا، أستخدم أساليب التَّرغيب واللِّين كثيرًا، وأعنِّفه أحيانًا، ترَكَ المذاكرة تمامًا، ولا يريد أن ينوب عنِّي في قضاء بعض المشاوير التي يحتاجها المنزل؛ أنانيَّة مُفرِطة، كلُّ شيء يريده لنفسه، مظهره سيِّئ للغاية، لا أدري ماذا أقول: مخنَّث أم ماذا؟!
ما الحلُّ مع هذا الغلام؟ أتحسَّر على حاله وما آل إليه؛ لقد كان أوشك على حِفْظ القرآن الكريم مجوَّدًا في الثانية عشرة، وكان متفوِّقًا، ما الذي يحدث؟ لا أفهم!
زوجي كان كثيرَ الانشغال، فضلاً عن كونه سلبيًّا جدًّا، ولا يتدخَّل في مشاكل الأبناء بصورة فعالة، لكن أحيانًا يُجاملني بتعنيفهم على تقصيرهم دراسيًّا أو أخلاقيًّا، أمَّا مُباشرة أحوالهم بجدِّية وبصورة دائمة، فقليلةٌ للغاية، زَواجُه جعَلني عصبيَّة أكثر، وحسَّاسة؛ لأنَّ المُجتمع سيفتِّش في أحوالي الخاصة؛ ليكشف أي تقصير فِيَّ؛ لِيُثبت - ولو من باب الشماتة - أنَّني - رغم نجاحي في تثقيف الأبناء والارتقاء ببيتي وبِهم - قد فَشِلتُ في أنْ أملأ عين زوجي! كل هذا أُحاول وضْعَه في الحُسبان، فاجتهدتُ أكثر في رعاية بيتي بعد أن هدَأَتْ أحوالي قليلاً، وتبيَّنتُ موضع قدميَّ، وقلتُ: حرام، البيت ينهار.
شيء واحد لَم أستطع التَّركيزَ فيه، وهو مُباشَرة أحوال ابني الأكبر خارج المَنْزل، وتأخُّره الدَّائم خارجه، فكنت أُعنِّفه، وأحيانًا أضربه، ومؤخَّرًا - وللأسف – لجأتُ - رغمًا عنِّي - إلى الألفاظ النابية؛ حيث إنَّني أشعر بأنَّ أعصابي تحترِقُ بشدَّة؛ خاصَّة أنَّ هذا الولد كان يَجترئ كثيرًا على نُقودنا، ويأخذها في غفلتنا؛ لِيَستطيع مُهاداة البنات اللاَّتِي يُصادِقُهن، أو يقيم معهنَّ علاقاتٍ غراميَّة، أو يذهب لِيَمكث في مقاهي الإنترنت التي أراها بلاء شديدًا لأبناء المسلمين، ما بعده بلاء.
بعد صدمةِ اكتشاف زواج زوجي بفترة قصيرة، فوجئتُ بشيء جديدٍ من نوعه، وهو تحرُّش ابني هذا بأخَواته البنات ليلاً، ومرةً بي أثناء النوم، واستيقظتُ، وصفعتُه صفعة شديدة، حتى إنه ظلَّ يصرخ بهيستريا من الفجر وحتى الصباح، ووقْتَها تبيَّنتُ إلى أيِّ مدًى يزداد الوضع سوءًا في البيت! تركتُ عملي كمعلِّمة، رغم احتياجي الشديد لماله القليل؛ لأهتمَّ أكثرَ وأكثر بأسرتي.
زوجي في البداية لما حدَّثتُه بأمر التحرش كان يقول: لعلَّنا نتوهَّم، ومرة يقول: لعله هو يحلم أو يتصرف وهو نائم! ثُم لما طلبتُ منه إيجادَ حل لهذه المهزلة، عنَّفه وضربه ضربًا مبرحًا؛ حتى لا يعود لهذا الأمر!
أنا شِبْه مقطوعة من شجرة، ليس لي أحدٌ من أهلي إلاَّ قلَّة قليلة، منشغلون عنِّي، وزوجي كذلك؛ أهله منشغلون عنِّي وعنه، يَطمئنُّ بعضنا على بعض بالهاتف على فتراتٍ متباعدة، ونرى بعضنا كلَّ عام أو أكثر؛ ما الحل مع ابني؟ سرقاته تكررت، حتى إنه الآن يسرق مبالغ كبيرة جدًّا، وللعلم: لا يظهر عليه تمامًا أي علامات على كونِه يتعاطى مخدرات أو ما شابه!
أنا الآن في دمارٍ شَديد من شماتة الأعداء، لا أراكم اللهُ إيَّاها أبدًا، كل من كان يَحْسُد بيتي الرائع على نجاحي، ويرى تفوُّق أبنائي من مذاكرتي لهم، كلُّ من كان يحسدني لرقيِّي ورُقيِّ أسرتي ومَظهري الجيِّد، كلُّ من كان يرى خيرًا يصبُّ علينا، وأمورنا المادِّية تتحسَّن بالتدريج، كلُّ من رآني قد استطعتُ الوقوفَ على قدمي بعد أزمة زواج زوجي - آن له الآنَ أن يبتسم ابتسامةَ الشماتة، وإن كان في عداد المُواسين لي ظاهرًا، أحاديثهم عن الغير مع بعضهم البعض تؤكِّد لي مَوقفهم الحقيقيَّ نحوي، ماذا يمكنني فِعله الآن؟ شغلت بهمِّي أبنائي، فظهَر الفشَل الدراسيُّ فيهم، وظهرَت الملاحق الدراسيَّة آخِرَ العام.
زوجة زوجي التي تطاولتُ عليها؛ لتزوُّجِها زوجي سرًّا، وعنَّفتُها ببعض الكلمات، تودَّدَتْ لزوجي أكثر وأنجبَتْ منه، واستقرَّت أحوالهما معًا، وأخشى أن تكون من الشامتين أيضًا.
طوال الوقت أخشى أن يُسجَن ابني، وتضيع سُمعة بناتي، بيتنا كان بيتًا ملتزمًا آمنًا، زوجي أحيانًا أشعر أنني أكرهه بشدَّة، هو لم يقترف حرامًا بزواجه الثاني، بل إنني كنت أرى التعدد أملاً في الظفر بأختٍ لم تنجبها أمي، تُشاركني همومي ومسؤولياتي، وإن شاركَتْني قلب زوجي، لكن محاولة تقرُّبها لزوجي، وتفنُّنها في استلاب قلبه، جعلني أكرهها وأغتابُها.
وهو - زوجي - إنسانٌ ملتزم جدًّا، خاصمَني كثيرًا جدًّا، ومكثَ عند زوجته الثَّانية فتراتٍ طويلةً جدًّا في بداية معرفتي بزواجه، وثوراتي الشَّديدة على ذلك، أعتَذِر إليكم عن الإطالة، ولكن بالله عليكم أجيبوني سريعًا؛ فالإحساس بالخوف من العار وشماتة الأعداء يقتلاننِي!



الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الكريمة، السَّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبرَكاته.
نُرحِّب بك بدايةً في شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يسخِّرنا لتفريج كُربَتِك، وتقديم ما يَنفعك، لك ولجميع المستشيرين.

أختي الفاضلة، اعتدْتُ أن أبدأ في إجاباتي بِتَسليط الضوء على الرَّكائز الإيجابيَّة في شخص المستشير؛ لننطلق منها في بناء رؤيةٍ للحل، لكن مشكلتك أثارت انتباهي إلى ضرورة البدء بتقصِّي ما صدرَ عنَّا - أوْ لا زال - من ذنوب، قد تكون هي سببًا فيما نحن فيه؛ فقد لَمست من سياق رسالتك إيماءاتٍ تُشير إلى وجود خشيةٍ لدَيْك من أنَّ ما يُصيبك اليوم قد يكون بسبب تقوُّلك سوءًا على مَن تزوَّجَها زوجُكِ، ونحو ذلك، وإنِّي إذْ أُشيد بالتفاتتك هذه، أرجو منك - ومِن جميع القُرَّاء والمستشيرين - ضرورة مُراجعة النَّفْس، وما اقترفَتْه من ذُنوب، عند الوقوع في أيَّة مشكلةٍ أو مصيبة؛ للمُبادرة في نَبْذِها، والتَّكْفير عنها.
ولذلك يُقال: إنَّ الاستغفار مِفْتاحُ الفرَج، واعلمي يا أختي الفاضلة، أنَّ الشروع في ذلك يُعطي للنَّفْس قوَّة ودافعيَّة، وللفِكْر رؤية حَكِيمة؛ لإيجاد الحلول الصَّائبة والتعامل السَّوي مع المشكلات جميعًا، بالإضافة إلى أثَرِه المهمِّ في الجانب الدِّينِي.
وعودة إلى رسالتك، فإنِّي أُحيِّي فيك ما استشففْتُه من مضمونها من طموحٍ، وحرصٍ واضح لدَيْك على أُسرتك، منذ البداية وحتَّى الآن، رغم كل ما يُصادِفُك، وسَعْيك لتجعلي منها نموذجًا صالِحًا في كلِّ النَّواحي، وقدرتك على تحدِّي الصُّعوبات التي واجهَتْك، ولا تزال في تحقيق أهدافك، وكذلك حرصك على العيش وأولادك في رضا الله تعالى وطاعته، وهذه كلها سماتٌ إيجابيَّة، تُحسَب لك، فأرجو منك الحفاظ عليها، وتفعيلَها واستثمارَها في تقَفِّي خطوات الحلِّ لمشكلتك هذه، ولكلِّ ما قد يُصادفك في الحياة.
أختي الفاضلة، رغم أنَّ ما يبدو في رسالتك بأنَّ مِحور المشكلة هي سلوكيَّات ابنك الخاطئة، لكنِّي في الحقيقة أرى أنَّ مِحورها هو وَضْعُك النَّفسي الصعب بعد اكتشافك زواجَ زوجِك، وحزنك وألَمك الذي دفعَك لِرُدود أفعال، غيَّرَت تمامًا الجوَّ الأُسَري الذي كنتِ قد أسعدتِ أولادَكِ به فيما سبق، ولك يا عزيزتي أن تُراجعي أسلوب تعامُلِك وحواراتك مع أولادك، ومستوى عطائك لهم (كَمًّا ونوعًا)، وحتَّى معالم وجهك وتبسُّمك أمامهم، قبل وبعد صدمتك بذلك، ولا شكَّ أنَّ لكلِّ ذلك أثرَه السلبِيَّ جدًّا، ليس على نفوسهم وحسب، بل حتَّى على طريقة تفكيرهم وتقديراتهم للصحيح والخاطئ من الأمور.
ولو راجَعْنا التغيُّر الواضحَ على سلوكِ ابنك، لرَأيْناه مُوازيًا لبدء مشكلتك مع زوجك، وتحديدًا بعد معرفتك بزواجه، فقد كان متميِّزًا في دراسته - كما ذكرتِ في رسالتك - وأوشكَ على حفظ القرآن الكريم حين كان في الثانيةَ عشرة؛ أيْ: في الفترة التي اكتشفتِ فيها زواجَ زوجك، فواجهَ ابنُكِ بذلك إحباطًا نفسيًّا وصدمةً إزاءَ الحال الذي انقلب إليه جوُّ الأسرة، فمِن الدِّفء والاطمِئْنان والتفوُّق والشُّعور بالأمان، إلى جوِّ البغضاء والمشاحنات والقلق من الغد، ولا أستبعِدُ أنَّ لدى ابنِك اليوم شُعورًا بالبُغْض تجاهك وتجاه والده؛ فأنت في رأيه مَن سحب مِنه هذا الجو؛ لأنَّكِ أنت مَن تُقدِّمينَه، ويرى في والده شخصًا مراوغًا استطاع إخفاء أمرٍ كبير لسنوات، وأنه هو من تسبَّب فيما آلَتْ إليه الأمور، والأصعب من ذلك أنَّه قد يُفسِّر أنَّ السبب في هذه المصائب، هو (الدِّين) والحقُّ الشرعي لزواج الرَّجل من أخرى، وما إلى ذلك، ويرى في الجانب المغاير الرَّفاهية والمتعة والترويح؛ مما دفَعَه إلى الانقِلاب على الدِّين، وتَرْك الالتِزام، واللُّجوء إلى ضده.
ولأنه ثار - نفسيًّا - عليكِ وعلى والدِه، فإنه قد ثار على كلِّ ما علَّمتُموه من قِيَم ومبادئ، فترك بذلك ما يَقيس به الأمورَ في صالحها أو طالِحها، كما وجد في الجوِّ الآخَر ملاذًا يهرب إليه من هُموم وإحباطات المَنْزل، وهذا ما يفسِّر انجرارَه أوَّلاً إلى مقاهي الإنترنت، والتي يبدو أنَّها جرَّتْه إلى مواقع الفحش، ولصِغَرِ سنِّه وقلَّة خبراته؛ عمد إلى تطبيقِ ما وجدَه فيها مع ما يتوفَّر له في بيئته الصغيرة، فلم يجد غير أختِه.
وخلاصة القول: إنَّ سلوكيات ابنك - على اختلافها - تسبَّبتْ فيها - ولا تزال - العواملُ التي بيَّنتُها، ومن الطبيعيِّ أن كلَّ مسلكٍ يتَّخِذه ابنك يتطلَّب توفُّرَ المال؛ مما دفعَه إلى السرقة، في ظلِّ غياب الرادع النفسيِّ، وفي غياب الثِّقة والأمل في الغد؛ بل الخشية والقلق منه، ورُبَّما هذا ما يفسِّر بُرودَه وبلادةَ شعوره، وعدمَ خوفِه من السجن؛ لأنَّه يَشعر بأن ليس لدَيْه شيء يخسره أو يخاف عليه، أو أناس يصعب عليه فراقهم، إذا ما سُجن، لا قدَّر الله تعالى!
وإنِّي يا أختي الفاضلة، إذْ أقدِّم لك هذا التحليل المفصَّل، فلِكَي أضعَكِ أمام مسؤوليتك تجاه الأمر، وما عليكِ مِن تغييره وتعديله في نفسك أوَّلاً؛ ليعود بالتغيُّر على أسلوب تعاملك مع ابنك، وباقي أولادك جميعًا، وكذلك زوجك.
ولذلك؛ فإنِّي أنصحك أوَّلاً باستِبْعاد الأفكار السلبيَّة والخاطئة في نفسك، والمتمثِّلة في شُعورك بالفشل مع زوجك وفي ملء عينيه، وتلك المتعلِّقة بخشيتك من الشَّامتين والحُسَّاد، وغيرها مما يَستنفد طاقاتك، ويشوِّش عليك الرؤيا الصَّائبة للأمور؛ فلكلٍّ مِمَّن حولَك مصيبتُه وعيوبه، فدَعِيهم بكلِّ ما فيهم، ورَكِّزي على نفسك وبيتك فقط، دون أيِّ تأثُّر لِما يَصدر عنهم، فإن نجَحْت بالتخلُّص من ذلك كلِّه، فستختَصِرين مسافاتٍ كبيرةً باتِّجاه الحلِّ - بإذن الله تعالى.
ثم بعد امتلاكك القوَّة والعزم لِمُعالجة الأمر بحكمةٍ بتوكُّلِك على الله تعالى، ابْدَئي بِمُناقشة وضعِكم الحياتيِّ كله مع زوجك، ومن ضِمْنه وَضْع ابنكما، في حوارٍ صريح وهادئ، وحبَّذا لو يكون خارج المَنْزل في مكانٍ مُريح، وقوما بمراجعة محطَّات حياتكما الزوجيَّة، ثم ما عصف بها، وكيف كان ردُّك تجاه ذلك، وقَدِّمي له اعتذارك عنه - بعدما تقتنعين فعلاً بخطأ ما قمت به - وذكِّريه بخطئه أيضًا في إخفاء أمر زواجه، وكذبه في ذلك، ليس فيما يخصُّ مشاعرك وحسب، بل في أثر ذلك سلبًا على نفس وفِكْر أولاده الَّذين أعدُّوه قدوةً ونموذجًا صالحًا؛ فإنَّ أمر إنقاذ ابنكما مما هو فيه حاليًّا يقع على عاتقكما سويًّا، وهو مسؤوليتكما شرعًا - خاصَّة أنك وصفتِ زوجك بالشخص (الملتزِم) - وقانونًا؛ إذْ تقوم كثيرٌ من الدُّول بِمُحاسبة الآباء على أفعال أبنائهم القاصرين، الذين لم يتَجاوزوا الثامنة عشرةَ من العمر.
وعليكما بعد ذلك مُصاحبته - لا سيَّما والده - والتقرُّب إليه - بالتوقُّف أوَّلاً عن توبيخه، وعن ضربه بالتأكيد - ومرافقته، وإحاطته بالحبِّ والرعاية، والاستماع إليه، حتَّى فيما يزعجكما سماعُه، واعتماد الحوار والإقناع بأسباب رَفْض هذا الأمر أو ذاك، وبيان مصلحته فيه، وأن حبَّكم وخوفكم عليه هو سبب هذا المنع، مع ضرورة مُراعاتكم لسنِّه ورغباته، وإيقاع الحياة الذي يختلف كثيرًا عن ذلك الذي نشَأْتُما فيه.
واعلمي يا عزيزتي، بأنَّ المنع لا يأتي بنتيجةٍ أبدًا، بل الإقناع المنطقيُّ هو السبيل لها، فمثلاً: أراك تنتقدين الإنترنت في بداية رسالتك، واعتبَرْتِه بلاءً على أبناء المسلمين، بينما هو وسيلة للتواصل في أمور إيجابيَّة، ويفعل ذلك الملايينُ من المسلمين والمسلمات، ومِن ضِمنهم الشَّباب، الذين يتواصلون مع المواقع النَّافعة لهم، فكُثُر منهم قد حَفِظَ القرآن الكريم عن طريقه، فيما كان الإنترنت - ولا زال - سببًا في هداية الكثيرين - بفضل الله تعالى - فتفسير الأمور بغير سياقاتها الصَّحيحة، تُزَعزع الثِّقة في نفس المستمِع، بينما يجد الحوارُ المنطقي المدعمُ بالأمثلة الواقعيَّة أثرَه في النُّفوس، لا سيَّما إن نال المتكلِّمُ حبَّ واحترام المستمع.
ولذلك؛ فإنِّي أرجو منك يا عزيزتي التأمُّل في كلِّ ما وردَ في هذا الرد؛ لتصلي إلى قناعةِ تطبيقه، كما أرى من الصَّواب إطلاعَ زوجك على هذا الرَّد؛ لِيَنظر ما له فيه، وليبادر مسرعًا في إنقاذ ابنه وحياتكم كلها؛ كمسؤولٍ أمام الله تعالى عن كلِّ ذلك، ولا يفوتني أن أُذكِّركما بسلاح التضرُّع والدُّعاء إلى الله تعالى لإصلاح ابنكما، والذي أسأله - عزَّ وجلَّ - أن يُصلِح شأنَه وشأنك كلَّه، وباقي ذريَّتك، وينفع بكم.

وبانتظار أن نَسمع منك طيِّبَ الأخبار.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.68 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]