محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 34 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-09-2020, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد

محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد




معمر العاني


المقدمة:


خالص الحمد وجزيله لله، كما يليق بجمال وجهه وعظيم سلطانه، على ما أنعم ويسّر وأتمّ، وأفضل الصلاة والسلام على النبي الحبيب، كما يليق بمقامه الشريف وشخصه الكريم؛ لما فتح لنا من أبواب العلم والعرفان، وهدانا إلى منابع البحث والتدبر والبيان.


أما بعد:












فإن اللغة العربية أكثر اللغات بلاغة وفصاحة، وأجملها لفظاً، وأغزرها بالمعاني الأخاذة الدقيقة والصور الجميلة الرقيقة، وهي في الوقت نفسه مليئة بالمعاني القوية المحكمة، ولهذا اختارها الله -سبحانه وتعالى- لتكون لغة القرآن العظيم، ولسان النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي ذلك أمارة واضحة على ما لها من منزلة وما فيها من سمات لا توجد في سواها من اللغات.















لذلك قام علماء اللغة بالبحث والدراسة، والاستقصاء لكنوز هذه اللغة، والغوص في أعماقها، يدفعهم حسُّهم الديني وإيمانُهم بضرورة الحفاظ على هذا التراث العظيم.






وإن الألفاظ المؤتلفة المختلفة المعاني لَتمثل -مع ما صدر لها من شروح ودار حولها من مناقشات- جزءاً مهماً من تراثنا اللغوي والأدبي، غير أن موقف اللغويين حيال هذه الألفاظ كان ولا يزال خلافياً غير مستقر، كما أن الكتب التي تناولت هذه الألفاظ تختلف في منهجيتها ودراستها لهذه الظاهرة، مما جعل هذه الألفاظ جديرة بالبحث والدراسة والاستقصاء.



ومن بين الكتب التي عالجت هذه الألفاظ التي أطلق عليها الأضداد، كتاب ابن الأنباري الذي يعد من أفضل كتب الأضداد وأوسعها، مما جعلني أختار هذا الكتاب للبحث والدراسة، وعند قراءتي للكتاب رأيت أن أقسم البحث إلى ثلاثة فصول، وقبلها مهّدت للحديث بتعريف الأضداد وآراء اللغويين في هذه الظاهرة، ثم شرعت في الفصل الأول في بيان حياة ابن الأنباري وثقافته، وكتابه، وأهم كتب الأضداد المصنفة.



واشتمل الفصل الثاني على سبب نشوء الأضداد، والأنواع التي ذكرها من الأضداد، والمنهجية التي سار عليها في شروطه، وتتبعت المآخذ التي أخذت على هذا الكتاب.





أما فصل الختام –الفصل الثالث– فتضمن نظرة عميقة للقضايا اللغوية الصرفية والنحوية والبلاغية التي أتى عليها في كتابه لدعم آرائه وتدقيق أحكامه، ثم عرَّجت على أهم شواهد الكتاب ومصادره التي اعتمدها في تقرير معاني الأضداد أو إنكارها.



وفي نهاية المطاف أتيت بجملة من النتائج التي ظهرت لي خلال مسيرة البحث في هذا الكتاب.



التمهيد:


1- تعريف الأضداد:

الضد لغة: كل شيء ضادَّ شيئاً ليغلبه، والسواد ضد البياض، والموت ضد الحياة، والليل ضد النهار، إذا جاء هذا ذهب ذلك، قال ابن سيده: ضد الشيء وضديده وضديدته: خلافه، قال ابن السكيت: حكى لنا أبو عمرو الضد: مثل الشيء، والضد خلافه[1].


وأما اصطلاحاً: فلم يتفق دارسو العربية على تعريف واحد لمفهوم التضاد، ولعل أول من أشار إلى مفهوم الأضداد هو سيبويه (180هـ) حين قسم الألفاظ والمعاني فقال: "اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين، فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين نحو جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدتُ عليه من الموجِدة، ووجدت إذا أردتَ وجدانَ الضالة، وأشباه هذا كثير"[2].



وأخذ قطرب (206هـ) الوجهَ الثالث من تقسيم سيبويه الخاص بالمشترك اللفظي، فقال: "فيكون اللفظ الواحد على معنيين فصاعداً، ومن هذا اللفظ الذي يجيء على معنيين فصاعداً ما يكون متضاداً في الشيء وضده"[3]. وهو بذلك يطلق مصطلح الأضداد على ما اتفق لفظه واختلف معناه.



ثم حدّد ابن الأنباري (328هـ) مفهوم الضدية التي أطلقها قطرب فقال: "الحروف التي توقعها العربُ على المعاني المتضادَّة، فيكون الحرف منها مؤدياً عن معنيين مختلفين"[4].



وأتى أبو الطيب اللغوي (351هـ) في كتابه الأضداد، بتحديد معنى الضدية فقال: "والأضداد جمع ضد، وضد كل شيء ما نافاه، نحو البياض والسواد، والسخاء والبخل، والشجاعة والجبن، وليس كل ما خالف الشيء ضداً له، ألا ترى أن القوة والجهل مختلفان وليسا ضدين، وإنما ضد القوة الضعف، وضد الجهل العلم، فالاختلاف أعم من التضاد، إذ كان كل متضادين مختلفين وليسا متضادين"[5].



ويرى عدد من الباحثين المحدثين أن: التضاد فرع من فروع الاشتراك، ولكن قد تختلف دلالتا اللفظ المشترك اختلافاً يبلغ الغاية حتى تكون إحداهما نقيض الأخرى[6].



2- آراء العلماء في الأضداد:


اختلف العلماء في توجيه هذه الظاهرة؛ ففريق يراها حُلة تزهو بها العربية على أخواتها من اللغات، تمدها بمزيد من الامتياز والثراء، وفريق آخر يراها مطعناً على العربية يسلبها بهاء الفصاحة، ويخلع عليها أثواب الغموض.


والحقيقة أن هذه الآراء المتضاربة جاءت في سبيل الوصول إلى قرار حاسم يحدد طبيعة هذه الظاهرة، وليس من المناسب هنا ذكر هذه الآراء؛ لأن المقام لا يسمح بذلك، لا سيّما وأن الكثير من اللغويين والباحثين قد تعرض لهذه الآراء ودوّنها في مؤلفه[7].



ويمكننا أن نوجز آراء الفريقين تماشياً مع مقتضيات هذا البحث، وذلك بذكر الأعلام الذين أيدوا هذه الظاهرة أو أنكروها.



فكل من ألّف في الأضداد يمكن عدّه من المؤيدين لهذه الظاهرة، ومنهم قطرب، وأبو حاتم السجستاني (244هـ)، وابن السكيت (248هـ)، وابن الأنباري، وأبو الطيب اللغوي، وابن الدهان (569هـ)، والصاغاني (650هـ).



ويعدّ محمد بن القاسم الأنباري -الذي خصصنا هذا البحث لتناول كتابه الأضداد- من المؤيدين لهذه الظاهرة؛ فهو يرى أن وقوع الضدّ في كلام العرب أمر جائز؛ لأن سياق الكلام يحدد المراد منه، وفي ذلك يقول: "كلام العرب يصحح بعضُه بعضاً، ويرتبط أوله بآخره، ولا يُعرف معنى الخطاب منه إلا باستيفائه، واستكمال جميع حروفه، فجاز وقوعُ اللفظة على المعنيين المتضادين لأنها يتقدمها ويأتي بعدها ما يدل على خصوصية أحد المعنيين دون الآخر، ولا يراد بها في حال التكلم والإخبار إلا معنى واحد"[8].



وأقر ابن سيده (458هـ) في المخصص بوجود الأضداد، فأورد دليلين أحدهما: سماعي والآخر قياسي[9].



أما المحدثون المؤيدون للأضداد فهم كُثر، وقد أوردهم محمد حسين آل ياسين في دراسته للأضداد[10]. ومن المحدثين المتحمسين لهذه الظاهرة توفيق محمد شاهين، إذ عدَّ الأضداد من وسائل تنمية اللغة[11]، في حين ذهب الرافعي مذهباً وسطاً، وعدّ وجود عدد منها في زمن اختلطت فيه اللغات مع بعضها[12]. وهذا ما نجده عند منصور فهمي، وإبراهيم السامرائي الذي درس الشواهد التي جاءت بها الكتب المشتملة على الأضداد وأنكر منها مائة وخمسين لفظة[13].



أما من أنكر هذه الظاهرة، فمنهم ابن درستويه (347هـ) الذي ذكر أن الألفاظ التي تشير إلى معنيين متضادين لابدّ من أن ترد إلى أصلها الذي لا يمكن إلا أن يكون واحداً[14].



وأورد الجواليقي (539هـ) في شرح أدب الكاتب قولاً لثعلب (291هـ) يؤيد ما ذهب إليه ابن دستوريه[15].



ومن المحدثين الذين أنكروا الظاهرة: عبد الفتاح بدوي، إذ عدّها دليلاً على عدم الإبانة، منكراً على ابن الأنباري دفاعه عن الأضداد[16].



ويرى حسين نصار أننا حين "نتبع الأقوال التي أتى بها المنكرون لدعم رأيهم لا نجد فيما بين أيدينا من مراجع غير أقوال قليلة لا تدل على حقيقة موقفهم دلالة كافية"[17].



وبعد هذه الجولة الموجزة في آراء العلماء أرى الأمور الآتية:


1- إن من التعسف بمكان نفي ظاهرة الأضداد جملةً وتفصيلاً؛ فهذا أمر واقع لا مفر منه، ولا أرى فيه عيبًا على لغتنا العربية.

2- إن المتتبع لعدد من الألفاظ التي أوردها أربابُ اللغة وجعلوها من الأضداد يجد الغلو والتكلف في تفسير معانيها، والأولى إخراجُها من الضدية.

3- إن من ألّف في الأضداد كصاحبنا الأنباري، لم يؤلفوها إلا لقناعتهم بهذه الظاهرة، ومن أنكر هذه الظاهرة كثعلب لا يسير على إنكاره في مواضع أخرى، فقد أورد أمثلة على الأضداد في مجالسه[18].


المبحث الأول





حياة ابن الأنباري وثقافته

ذكر الزبيدي (379هـ) في طبقاته أن اسمه: أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين بن بيسان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري، ولد في بغداد يوم الأحد، لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين، ونشأ في كنف أبيه القاسم، وكان أحد أعلام الأدب في عصره، وأخذ عن أحمد بن يحيى المعروف بثعلب، وكان أنجبَ طلابه وألمعَهم، كما أخذ عن إسماعيل القاضي، وأبي العباس الكديمي، وأحمد بن الهيثم البزاز وطبقتهم، ولم يلبث أن أصبح إماماً في اللغة والنحو والأدب والتفسير، وعدّ من أعلام الطبقة السادسة من النحويين الكوفيين أصحاب ثعلب[19].


وتحدث عنه ثلةٌ كبيرة من أرباب اللغة والمؤرخين، لما كان يتمتع به من علم وثقافة ومؤلفات كثيرة.



ذكر ابن النديم أنه "في غاية الذكاء والفطنة، وجودة القريحة، وسرعة الحفظ، وكان مع ذلك ورعاً من الصالحين، لا يعرف حرمة ولا زلة، وكان يُضرب به المثل في حضور البديهة وسرعة الجواب"[20].



أتقن علوم القرآن والحديث واللغة والرواية، وكان عالماً بالنحو الكوفي[21]، وحفظ المئات من الشواهد المختلفة، وله مؤلفات عدة، وقد ذكرها محمد أبو الفضل إبراهيم، وهي[22]:


1- أدب الكاتب، ذكره ابن النديم وياقوت.

2- الأضداد، وهو ما أفردناه بالبحث.

3- الأمالي، ذكره ياقوت.

4- الألفات، ومنه نسخة بمكتبة لاله لي.

5- إيضاح الوقف والابتداء، مطبوع.

6- الرد على من خالف مصحف عثمان، ذكره ياقوت.

7- الزاهر في معاني كلمات الناس، مطبوع.

8- شرح القصائد السبع الطوال.

9- شرح المفضليات، طبع بمطبعة الآباء اليسوعيين.

10- ضمائر القرآن، ذكره صاحب كشف الظنون، ونقل عنه الزركشي في البرهان.

11- غريب الحديث، ذكره ابن النديم.

12- الكافي في النحو، ذكره ابن النديم وياقوت.

13- اللامات، ذكره ابن النديم وياقوت.

14- المجالس، ذكره القفطي وسماه ياقوت (المجالسات).

15- المذكر والمؤنث.

16- مسائل ابن شنبوذ، ذكره ابن النديم وياقوت والقفطي.

17- المشكل في معاني القرآن، ذكره ابن النديم وياقوت وابن خلكان.

18- المقصور والممدود، ذكره ابن النديم وياقوت والقفطي.

19- الهاءات في كتاب الله عز وجل، ومنه نسخة مخطوطة في باريس.

20- كتاب الهجاء، ذكره ابن النديم وياقوت.

21- الواضح في النحو، ذكره ابن النديم وياقوت.

أما وفاته فقيل: (327هـ) وقيل (328هـ)، وهو المشهور.


كتاب الأضداد


سبب التأليف:

ذكر ابن الأنباري أن الدافع لتأليفه الكتاب هو الرد على الطاعنين في لغة العرب، واصفاً إياهم بأهل الزيغ والشعوبيين، فقال: "هذا كتاب ذكر الحروف التي تُوقعها العربُ على المعاني المتضادة، فيكون الحرف منها مؤديًا عن معنيين، ويظنُّ أهل البدع والزيغ والإزراء بالعرب، أن ذلك كان منهم لنُقصان حكمتهم، وقلة بلاغتهم، وكثرة الالتباس في محاوراتهم"[23].


ويعقبّ محمد حسين آل ياسين على قول الأنباري: بأنه "يشير هذا إلى دوافع الكتاب ويرسم لنفسه الطريق، ثم يحاول بعد ذلك أن يجيب على ما أثار أهل البدع والازدراء بالعرب بأجوبة مختلفة تفنّد أشكالهم في الالتباس الذي يحصل من جرّاء انصراف اللفظة الواحدة إلى المعنيين المتضادين"[24].



ولم يقتصر داعي التأليف على رد ادعاء أهل البدع والزيغ، وإنما اشتمل على جميع ألفاظ الأضداد من مظانها والتوسع فيها وزيادة ألفاظ أخرى، قال الأنباري: "وقد جمع قومٌ من أهل اللغة الحروفَ المتضادّة، صنفوا في إحصائها كتباً نظرت فيها، فوجدت كل واحد منهم أتى من الحروف بجزء، وأسقط منها جزءاً، وأكثرهم أمسك على الاعتلال لها، فرأيت أن أجمعها في كتابنا هذا على حسب معرفتي، ومبلغ علمي، ليستغني كاتبُه والناظر فيه عن الكتب القديمة المؤلفة في مثل معناه إذا اشتمل على جميع ما فيها، ولم يعدم منه زيادة الفوائد، وحسن البيان، واستيفاء الاحتجاج، واستقصاء الشواهد"[25].



فنرى ابن الأنباري مندفعاً إلى الإحصاء غير الواعي، ليكون هذا مجالاً للمكاثرة بالمادة والمفاخرة بالعلم والتوسع بالرواية والنقل، وإن كان قد عرض أيضاً إلى هذه التفسيرات السابقة وغيرها في أثناء معالجته لبعض الألفاظ في الكتاب[26].



وأرى أننا يمكن أن نضيف أمرين، أحدهما: أننا لا يمكن أن نَغفُل عن الوازع الديني وأثره في المحافظة على لغة القرآن الكريم، فهو من الأسباب التي دفعت اللغويين والباحثين إلى جمع ألفاظ اللغة، والغوص في بحورها، واستخراج كنوزها، وهذا ما قام به ابن الأنباري في هذا الكتاب.



الآخر: لا نجانب الصوابَ إذا قررنا أن أثر ابن الأنباري في هذا الكتاب كان أعظم من غيره ممن ألَّف في الأضداد، فقد دافع ابنُ الأنباري عن اللغة العربية عندما طعن الأعداء فيها لوجود ظاهرة الأضداد، أما غيره من اللغويين فقد دافعوا عن هذه الظاهرة من خلال إثباتها، ولكونها لا تمس اللغة العربية بسوء، ولعمري إن البون شاسع بين دفاع صاحبنا ودفاع غيره، وإن كان ذلك كله يصب في مصلحة اللغة العربية.



أهمية كتاب الأضداد:


يُعد كتاب الأضداد لابن الأنباري من أجلّ ما ألف في موضوع الأضداد، وأكمل المحاولات الجادة لدراسة هذه الظاهرة، بما اشتمل عليه من مواد لغوية وشواهد مختلفة ونصوص لأرباب اللغة، ومناقشة لآرائهم، وتأييد بعضها وتفنيد الآخر، فنهل منه الدارسون والباحثون، لأنه يمثل مرحلة النضج في التأليف اللغوي لهذه الظاهرة.


وقد أثنى عليه جل المؤلفين، واللغويين والمؤرخين في كتبهم اللغوية[27]، كما أثنى عليه من حقق هذا الكتاب، فقال أبو الفضل: أعظم هذه الكتب خطراً، وأوسعها كلماً، وأحفظها بالشواهد"[28].



وذكر الدسوقي أن كتاب الأنباري جاء "بجميع ما ضمته كتب الأضداد من قبله، ويزيد عليها ما اهتدى إليه، ويناقشها مبدياً رأيه فيها، موضحاً المراد منها..."[29].



ويمكننا أن نجمل أهمية الكتاب في النقاط الآتية:


1- تتجلى أهمية الكتاب في دفاع ابن الأنباري عن اللغة العربية، وإثبات هذه الظاهرة اللغوية، ورده على أهل البدع والزيغ والازدراء.


2- أتى ابن الأنباري بجميع الألفاظ التي ذكرها من سبقه وزاد عليها ألفاظاً أخرى، وقد أحصى أيوب سالم في رسالته الألفاظ التي انفرد بها ابن الأنباري[30]، إذ انفرد عن قطرب بمائة وخمس وثمانين لفظة، وعن الأصمعي (216هـ) بمائتين وأربع وثمانين لفظة، وعن ابن السكيت بمائتين وسبع وسبعين، وعن أبي حاتم السجستاني بمائتين وإحدى وثلاثين، وعن أبي الطيب بمائتين وثلاث وعشرين، وعن ابن الدهان بمائة وإحدى وخمسين، وعن الصاغاني بمائة وثمانين لفظة.



وذكر حسين نصار أن ابن الأنباري قد ذكر جميع ما في أضداد ابن السكيت وأبي حاتم السجستاني ما عدا قريباً من ثلاثين أهملها لشكه فيها، وجميع ما في أضداد قطرب غير اثني عشر ضداً، وكان قطرب قد انفرد بعشر منها[31].



3- يعد الكتاب من أهم المدونات اللغوية وأكملها نضجاً، ويأتي ذلك بسبب العصر الذي كان فيه ابن الأنباري؛ إذ بلغت فيه المصنفات اللغوية الذروة من خلال موضوعاتها وطريقة عرض المادة، ووصف آل ياسين الكتاب بقوله: "إنه مرحلة جديدة من التأليف في الأضداد، إذ ألفه ابنُ الأنباري متأثراً بمحاولات سابقة: الفراء (207هـ) والأصمعي، وأبي عبيدة (209هـ)، وثعلب وغيرهم، محاولاً أن يجمع بينها ليكمل بعضها بعضا، مضيفاً إليها من بحثه الخاص، بمنهج أكثر شمولاً ونضجاً"[32].



4- تميز الكتاب عن غيره من كتب الأضداد بزيادة أنواع فيه؛ فلم يقتصر على الألفاظ، وإنما تعدى إلى ذكر ما يفسر من القرآن تفسيرين متضادين، وما يفسر من الحديث النبوي تفسيرين متضادين، وما يفسر من الشعر تفسيرين متضادين، وما يفسر من قول العرب تفسيرين يشبهان الأضداد[33].



5- كما يعد هذا الكتاب المنطلق الذي انطلق منه الدارسون في دراساتهم اللغوية الحديثة ولا سيّما في السياق والدلالة. يقول آل ياسين: "إن ابن الأنباري هو أول من فسر التضاد، فانفتح لكثير من الباحثين الغربيين والعرب هذا الباب، فراحوا يفسرون المشترك بالسياق أيضاً، وأيدوا هذه الفكرة بالنسبة للأضداد"[34].



والحقيقة أن تعرف الأبعاد أو المجالات الدلالية للكلمات والتراكيب اللغوية المكتسبة من الأضداد لابن الأنباري تمكن الباحث من استغلال الطاقات المتوافرة في الألفاظ التي جاءت فيه، للتعبير عن مكنونات النفس، ودقائق الفكر، ونوازع الوجدان، بما يتلاءم مع جميع الظروف النفسية والاجتماعية، ومع السياقات اللغوية المختلفة.


وللموضوع تتمة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-09-2020, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد




تحقيق الكتاب:

يقول كارل بروكلمان: "بقى من مصنفاته –محمد بن القاسم الأنباري– كتاب الأضداد: نشره هوتيسما في ليدن سنه 1883م، على أساس مخطوط ليدن، ونشر أيضاً في القاهرة سنة 1325هـ عن الطبعة السابقة"[35].

وكتاب ليدن كان طبعة علمية جيدة، ووضع له فهارس منوعة، وعني بإخراجه عنايةً مشكورة، ثم عن هذه الطبعة نشرت في مصر ولم تخل من الخطأ والتحريف[36].


ويبدو أن هذه الطبعة ظلّت في متناول الدارسين والباحثين والقراء، ينهلون منها ما يخص موضوع الأضداد إلى أن قام محمد أبو الفضل إبراهيم بتحقيق أضداد ابن الأنباري سنة 1987م ليأتي ذلك ضمن سلسلة التراث العربي التي أصدرتها دائرة المطبوعات والنشر في الكويت.


تحقيق أبي الفضل للكتاب:

قام صلاح الدين المنجد بتصدير الكتاب المحقق، وذكر أنه يدور حول الألفاظ التي تحتمل معنيين متضادين في اللغة العربية[37].

وقد اعتنى أبو الفضل بتحقيق هذا الكتاب عناية كبيرة، فهو من فرسان هذا الميدان، وسبق أن حقق كثيراً من كتب الأصول القديمة... وشارك علماء آخرين في تحقيق كتب أخرى، وهذه الكتب أقوى دليل على فضل المحقق وما بذله من جهود لإحياء آثار العرب[38].


وفي تحقيقه للكتاب نجده قد بدأ بمقدمة ذكر فيها تعريف الأضداد، معرجاً على جدل العلماء في إثباتها أو إنكارها، ذاكراً أهم العلماء من الطائفتين، ثم انتقل إلى التعريف بأهم الكتب التي اشتملت على الأضداد.


وذكر أبو الفضل أنه قام الدكتور أوغست هفنر بنشر كتب الأضداد للأصمعي والسجستاني وابن السكيت والصاغاني، وطبعت هذه المجموعة طبعة علمية جيدة في بيروت سنة 1913، كما نشر الأستاذ هانس كوفلر كتاب أبي علي محمد بن المستنير المعروف بقطرب في مجلة إسلاميكا (المجلد الخامس) سنة 1931. ثم نشر محمد آل ياسين كتاب ابن الدهان، ونقل السيوطي (911هـ) أن ممن ألف في ذلك أبو البركات الأنباري (577هـ)، وظهرت فصول منه في كتاب الجمهرة لابن دريد (321هـ) والغريب لأبي عبيدة، والمخصص لابن سيده، وفقه اللغة للثعالبي (429هـ)، وديوان الأدب للفارابي (350هـ)[39].


والمتتبع لطبعة أبي الفضل يجد أنها اشتملت على ثلاثمائة وسبع وخمسين مادة في الأضداد، وقد ضمّن تحقيقه الحواشي التي ذكر فيها شروحاً للألفاظ الغامضة، والإحالات للشواهد القرآنية والأحاديث النبوية، والشعر العربي والأعلام، ثم ختم كتابه بفهارس اشتملت على ألفاظ الأضداد مرتبة على حروف الهجاء، ثم الآيات القرآنية، فالأحاديث النبوية، وفهرس القوافي، والأرجاز، وأنصاف الأبيات، والأعلام، وفهرس القبائل والأمم، والأماكن.


تحقيق محمد إبراهيم الدسوقي:

جاء الدسوقي ليقوم بمحاولة أخرى لتحقيقه، وطبع الكتاب في مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع في مصر.

وبيّن الدسوقي السبب الذي دفعه لإعادة تحقيقه بقوله: "ورغبة في التيسير على أبنائنا الباحثين عن خصائص لغتنا، وإسهاماً في معاونتهم على الإحاطة بأسرار اللغة، وامتلاك ناصية الكلام كان لا بد من إعادة تحقيقه بمزيد من تخريج الأحاديث والقرآن والروايات الشعرية مع تسليط الأضواء على كثير من الألفاظ والأساليب، والإشارات ليتسنى لهم فهم النص، والإحاطة به، والاستدلال عليه على خير وجه"[40].


وعلى عادة المحققين السابقين، بدأ الدسوقي مقدمة تحقيقه بتعريف الأضداد، وأهم من ألّف فيها، وعرج على حياة الأنباري، ومن أخذ عنهم وأخذوا عنه من العلماء، ثم شرح منهجيته في تحقيق الكتاب.


وفي الحواشي نجد شروحاً لعدد من الألفاظ التي تلتبس على القارئ، أشار فيها إلى المصادر المعتمدة، وخرّج فيها الشواهد القرآنية والأحاديث النبوية والأبيات الشعرية، وكان عدد المواد التي شرحها في كتابه ثلاثمائة وستا وخمسين مادة.


أما فهارسه فلم تشتمل إلا على الألفاظ من غير ذكر الآيات والأحاديث والأبيات الشعرية.


وبعد هذه الجولة في التحقيقين أرى الأمور الآتية:

1- اختلف المحققان في تسمية عنوان الكتاب، فأبو الفضل سماه: كتاب الأضداد، والدسوقي سماه: الأضداد في اللغة، وأرى أن تسميته الصحيحة هي: الأضداد، من غير ذكر لفظة قبله، وهذا ما وجد في مصادر اللغة.
2- اختلفا في عدد المواد المحققة، فعند الأول كانت ثلاثمائة وسبعًا وخمسين لفظة، وعند الآخر كانت ثلاثمائة وستًّا وخمسين لفظة.
3- اشتمل الأول على فهارس أكثر من الآخر، وإن كان الدسوقي أكثر شرحاً في الحواشي من أبي الفضل.
3- كتب الأضداد.
شغلت ظاهرة الأضداد مساحة كبيرة في المراجع اللغوية، ونالت اهتمام اللغويين، الذين رسموا طرقاً عدة لمعالجة هذه الظاهرة في كتبهم.

ويرى إبراهيم أنيس أن اهتداء الرواة وعلماء اللغة إلى مواد الأضداد كان نتيجة ولعهم بالتماس فرائد العربية ونوادرها وغريبها[41]، في حين يرى آل ياسين أن جمع ألفاظ الأضداد وتلمسها في القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر والأمثال ولغة التخاطب من لدن العلماء كان دافعه استطراف هذه الألفاظ من جهة وخدمة القرآن من جهة أخرى[42].


وسنورد من ألف في الأضداد بحسب ما ورد في الكتب اللغوية[43]:

1- قطرب. 2- الأصمعي. 3- ابن السكيت. 4-السجستاني.
5- ابن الأنباري. 6- ابن الدهان. 7- الصاغاني.

وأورد علماء آخرون ظاهرة الأضداد في كتبهم اللغوية ومنهم[44]:

الفراء، أبو عبيدة (210هـ)، التوَّزي، أبو عبيد القاسم بن سلام (244هـ)، ثعلب، الآمدي (370هـ)، ابن فارس (395هـ)، عبد الله ابن القاضي (1304هـ).

المبحث الثاني

سبب نشوء الأضداد
إن لنشوء الأضداد أو حدوثه أسباباً وتسويغاتٍ وآراءً كثيرة يمكن الرجوع إليها في مظانها[45] وذلك تجنباً إلى تكرارها وتفادياً للإطالة والتعداد، واعتقاداً منا بأن الواقع العملي الفعلي في هذا الكتاب يكفي لبيان وقوعه، وتوضيح الكثير من أسبابه وملابساته وإدراك طبيعة نشوئه.

فأسباب نشوء الأضداد بحسب ما جاء في الكتاب نوردها في النقاط الآتية:

أ- تداخل اللهجات:
أشار ابن الأنباري إلى هذا الأمر فقال: "وقال آخرون: إذا وقع الحرف على معنيين متضادين، فمحال أن يكون العربي أوقعه عليهما بمساواة منه بينهما، ولكن أحد المعنيين لحي من العرب، والمعنى الآخر لحي غيره، ثم سمع بعضهم لغة بعض فأخذ هؤلاء عن هؤلاء، وهؤلاء عن هؤلاء، وقالوا: الجون: الأبيض في لغة حي من العرب، والجون: الأسود في لغة حيّ آخر ثم أخذ أحد الفريقين من الآخر"[46].

ومن الأمثلة التي أوردها ابن الأنباري قوله: "السُدفة حرف من الأضداد، فبنو تميم يذهبون إلى أنها الظلمة، وقيس يذهبون إلى أنها الضوء، وقال الأصمعي: يقال: أسدِف أي: تنحَّ عن الضوء، وقال غيره: أهل مكة يقولون للرجل الواقف على البيت: أسدف يا رجل، أي تنحّ عن الضوء حتى يبدو لنا، قال ابن مقبل:



وليلة قد جعلت الصبحَ موعدها بصُدرة العَنْسِ حتى تَعرفَ السُّدَفا


العنس: الناقة، ومعنى البيت: إني كلفت هذه الناقة السير إلى أن يبدو الضوء وتراه، وقال الآخر:
قد أسدَفَ الليلُ وصاحَ الحِنزابْ

أراد بأسدفَ: أضاء، والحنزاب: الديك، وقالت امرأة تذكر زوجها:

لا يرتدي مَرادِيَ الحريرِ ولا يُرى بسُدْفة الأميرِ

أي: لا يرى بقصر الأمير الأبيض الحسن، وزعم بعض الناس أن السُدفة في هذا البيت: الباب، وأن العرب تذهب بالسدفة إلى معنى الباب.
وقال ذو الرمة:
ولما رأى الرائي الثريا بسُدفةٍ ونشَّت نِطافُ المبقياتِ الوقائعِ[47]

ويروي (ونشت بقايا المبقيات)، السُّدفة في هذا البيت: الظلمة، وقال الآخر:
وأطعَنُ الليلَ إذا ما أسْدَفا[48]

وقال بعض شعراء هذيل:

وماءٍ وردتُ قُبيل الكرى وقد جنّه السَّدَفُ الأدهمُ

أراد بالسدف الظلمة، وقال إبراهيمُ بن هَرْمة:
إليك خاضتْ بنا الظلماء مُسدِفة والبيدُ تقطعُ فِنْداً بعد أفنادِ

المسدفة: الداخلة في الظلمة، والفند: الشمراخ من الجبل، وقال جدُّ جرير المعروف بالخَطَفى:
يرفعن لليل إذا ما أسدفا أعتاق جِنَّانٍ وهامًا رُجَّفا

وعَنَقًا بعد الكلالِ خطفا

ويروى خطيفا، وقال ابن السكيت: قال الفراء: يقال: أتيته بسُدفة، وشُدفة، وسَدفة، وشَدْفة، وهو السَّدَف والشَّدَف"[49].


ويبدو أن هناك عدداً من الألفاظ "تطورت صورةُ بعضاً منها حتى ماثلت البعض الآخر وهكذا رُويت لنا متحدة الصورة مختلفة المعنى"[50].


ب- العوامل النفسية والاجتماعية:

يندرج تحت هذا السبب: التفاؤل والتشاؤم، والتهكم والسخرية.... الخ.

ومثال ما جاء على سبيل التفاؤل قول ابن الأنباري:

"والسليم حرف من الأضداد، يقال: سليم للسالم، وسليم للملدوغ، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن في الحي سليماً، أي: ملدوغاً، وقال الشاعر:
يُلاقي من تذكرِ آل ليلى كما يلقى السليمُ من العدادِ

العِداد: العلة التي تأخذ الإنسان في وقت معروف نحو الحُمَّى الرِّبع، والغِب، وما أشبه ذلك؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما زالت أكلة خيبر تعادّني، فهذا أوان قطعت أبهري، والأبهر: عرق معلق بالقلب إذا انقطع مات الإنسان، قال الشاعر:
وللفؤاد وجيبٌ تحت أبهره لَدْمَ الغلام وراءَ الغيب بالحجرِ

وقال الأصمعي وأبو عبيد: إنما سُمي الملدوغ سليماً على جهة التفاؤل بالسلامة، كما سميت المهلكة مفازة على جهة التفاؤل لمن دخلها بالفوز. وأخبرنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال: قال بعض العرب: إنما سمي الملدوغ سليماً لأنه مُسلَمٌ لما به. قال أبو بكر: الأصل منه مُسلَم، فصرف عن مُفعل إلى فعيل كما قال الله عز وجل: "تلك آيات الكتاب الحكيم" أراد المحكم[51].

ومما جاء بسبب الاستهزاء والتهكم قول ابن الأنباري:

"ومما يشبه الأضداد أيضاً قولهم للعاقل: يا عاقل، وللجاهل إذا استهزءوا به: يا عاقل؛ يريدون: يا عاقل عند نفسك، قال عز وجل: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 48-49] معناه: عند نفسك، فأما عندنا فلست عزيزاً ولا كريماً، وكذلك قوله عز وجل فيما حكاه عن مخاطبة قوم شعيب شعيبًا بقولهم: {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] أرادوا: أنت الحليم الرشيد عند نفسك، قال الشاعر:
فقلت لسيدنا يا حل يمُ إنك لم تأسُ أسْوًا رفيقا

أراد: يا حليم عند نفسك، فإنما عندي فأنت سفيه!" [52].

جـ- التغير في الوحدات الصرفية:

إن المتتبع لكتاب ابن الأنباري يستشعر أثر الاشتقاق الصرفي، والتباس الصيغ المختلفة في خلق الأضداد. ومن الأمثلة التي أوردها ابن الأنباري على التحول في الصيغ الصرفية ومن ثم حدوث الضدية قوله: "والعائذ حرف من الأضداد، يكون الفاعل: ويكون المفعول، يقال: رجل عائذ بفلان، بمعنى "فاعل" ويقال ناقة عائذ أي: حديثة النتاج وهي مفعولة؛ لأن ولدها يعوذ بها، وجمعها عُوذ، وقال أبو ذؤيب:
وإن حديثاً منك لو تبذلينه جنى النحل في ألبان عوذ مطافل
مطافيل أبكار حديث نتاجها تُشاب بماء مثل ماء المفاصل

قال الأصمعي: المفاصل: منقطع الجبل من الرملة، وفيه رضراض وحصى صغار، فالماء يرق عليه ويصفو، وقال أبو عبيدة: المفاصل: مسايل الوادي، وقال أبو عمرو: المفاصل: مفاصل العظام، وقال الآخر:
لا أُمتِع العُوذَ بالفصال ولا أبتاع إلا قريبة الأجل"[53]

فالفاعل أتى للفاعل والمفعول، وتأتي ألفاظ على فعول تنصرف للفاعل والمفعول.

ومنه قول ابن الأنباري: "والرغوث مثله؛ يقال: رغوث للتي يرغثها ولدها، فيكون للمفعول، ويقال: رغوث للولد الذي يرغثها، فيكون للفاعل"[54].


ويأتي فعيل على فاعل ومفعول، قال ابن الأنباري: "والقنيص حرف من الأضداد؛ يقال القنيص: للقانص، ويقال: للمفعول أيضاً: قنيص، ويكون القنيص بمعنى الفعل والمصدر، قال الشاعر:

تَقنِصُك الخيلُ وتصطادُك الط يرُ ولا تُنكَعُ لهوَ القنيصْ

معنى تنكع: تُخلّى والقنيص، وتُمتَّع بلهوه"[55].

ويأتي مُتفعل على فاعل ومفعول، قال ابن الأنباري: "والمتظلم حرف من الأضداد، يقال للرجل الظالم: متظلم وللمظلوم متظلم، قال نايفة بني جعدة:

وما يشعرُ الرمحُ الأصم كعوبُه بثورة رهط الأبلخِ المتظلمِ

الأبلخ: المتكبر، والمتظلم: الظالم. وقال المخبل:
وإنا لنُعطي النَّصف من لو نَضِيمه أقرَّ ونأبى نخوةَ المتظلمِ

ويقال: قد تظلم الرجل إذا ظلم، وطلب النصرة، وقد تظلم إذا ظلم، قال الشاعر:
تظلَّمني مالي خديجٌ وعقَّنى على حين كانت كالحَنِيِّ ضُلُوعي

وقال الآخر:
تظلمني مالي كذا ولوَى يدي لوى يدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ

أراد: ظلمني"[56].

ويبدو أن (تمام حسان) لم يجانب الصواب عندما أقر بأن المبنى الصرفي صالح لأن يعبِّر عن أكثر من معنى واحد ما دام غيرَ متحقق بعلامةٍ ما في سياق ما، فإذا تحقق المعنى بعلامة أصبح نصاً في معنى واحد بحسب القرائن اللفظية والمعنوية والحالية على السواء[57].


د- المجاز:

لا يخفى على كل ذي بصيرة في اللغة أثر المجاز في ازدياد مفردات اللغة ومعانيها، وهو مظهر من مظاهر التطور الدلالي فيها، والعربية لغة التوسع المجازي، "وباب المجاز مفتوح على مصراعيه، كما يقول أحد الباحثين العرب[58]، "والمجاز القديم مصيره إلى الحقيقة"[59].

وأقر ابن الأنباري أن المجاز سبب في حدوث ضدية عدد من الألفاظ من خلال ما عرضه من مواد لغوية في كتابه، ويرى آل ياسين أن قول ابن الأنباري: "ومما يشبه الأضداد" قصد به المجاز وإن لم يصرح بذلك[60]، ونقل الباحث أيوب سالم رأي آل ياسين في رسالته الأضداد في اللغة العربية ونسبه إلى نفسه من غير أن يشير إلى صاحب الرأي.


ومن الأمثلة على أثر المجاز قول ابن الأنباري: "ومن الحروف أيضاً الظعينة: المرأة في الهودج، والظعينة: الهودج، وقد يقال للمرأة وهي في بيتها: ظعينة، والأصل ذاك، وقال ابن السكيت: يقال: بعير ظَعُون إذا كان يحمل الظعائن، قال زهير:

تبصَّرْ خليلي هل ترَى من ظعائنٍ تحمّلنَ بالعلياءِ من فوقِ جُرثُمِ[61]

وأنشدنا أبو العباس:
إنَّ الظعائنَ يوم حزمِ سُوَيقةٍ أبكينَ عندَ فراقهنَّ عُيونا

وقال أبو عكرمة الضبي: قال بعض أهل اللغة: لا يقال للمرأة ظعينة حتى تكون في هودج على جمل، فإن لم يجتمع لها هذا الأمران لم يقل لها ظعينة"[62].

ويرى عدد من اللغويين أن مثل هذه اللفظة قد تطورت دلالتها إلى مجال آخر لعلاقة مكانية أو سببية بين مدلولين فكانت من الأضداد[63].


ولم يقتصر المجاز على قول ابن الأنباري: "ومما يشبه الأضداد" كما ذكر آل ياسين، وإنما يتعدى إلى ألفاظ أخرى لم يصرح بها، ونجد دلالتها في كلامه[64].


هـ- القلب والإبدال:

قال ابن الأنباري: "و(صار) حرف من الأضداد. يقال: صرتُ الشيءَ إذا جمعته، وصرته إذا قطعته وفرقته، وفسر الناس قول الله عز وجل: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البقرة: 260] على ضربين؛ فقال ابن عباس: معناه: قطعهن، وقال غيره: معناه: ضمهن إليك، فالذين قالوا معناه قطعهن قالوا: "إلى" مقدمة في المعنى، والتأويل: فخذ أربعة من الطير إليك، فصرهن أي: قطعهنَّ، وقال الفراء: بنو سليم يقولون: فصرهن، وقال: أنشدني الكسائي عن بعض بني سليم:
وفرعٍ يَصيرُ الجيدَ وَحْفٍ كأنه على اللِّيتِ قِنوانُ الكُرومِ الدوالحِ

أراد يضم الجيد.

قال أبو بكر: واستضعف الفراء مذهب من قال: صرهن قطعن، وقال: لا نعرف صار بمعنى قطع إلا أن يكون الأصل فيه صرى فقدمت الراء إلى موضع العين وأخرت العين إلى موضع اللام، كما قالوا: عاث في الأرض وعثا، وقاع على الناقة وقعا"[65].


و- دلالة الفعل على السلب والإيجاب:

عرض ابن الأنباري ذلك في صيغة الفعل: (أخفى) فقال: "وأخفيت حرف من الأضداد، يقال: أخفيت الشيء إذا سترته، وأخفيته إذا أظهرته، قال الله عز وجل: {إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} [طه: 15] فمعناه: أكاد أسترها، وفي قراءة أبي: "أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها"... ويقال: معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد أظهرها، ويقال: خفيت الشيء إذا أظهرته ولا يقع هذا –أعني الذي لا ألف فيه- على الستر والتغطية، قال الفراء: حدثنا الكسائي عن محمد بن سهل عن وقاء عن سعيد بن جبير أنه قرأ "أكاد أخفيها" فمعنى أخفيها أظهرها، وقال عبيدة بن الطيب ...:
يَخْفِي التراب بأظلاف ثمانية في أربعٍ مسُّهن الأرضَ تحليلُ

أراد يظهر التراب.." [66].

ز- دلالة الألفاظ على المفرد والجمع:

قال ابن الأنباري: "و(ضِعْف) حرف من الأضداد عند بعض أهل اللغة، يكون ضعف الشيء مثله، ويكون مثليه، قال الله عز وجل: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30]. قال أبو العباس عن الأثرم عن أبي عبيدة: معناه: يجعل العذاب ثلاثة أعذبة. قال: وضعف: الشيء مثله، وضعفاه: مثلاه. وقال أبو عبد الله هشام بن معاوية: إذا قال الرجل: إن أعطيتني درهماً فلك ضعفاه معناه: فلك مثلاه، قال: والعرب لا تفرد واحدهما، إنما تتكلم بها بالتثنية، وقال غير هشام وأبي عبيدة: يقع الضعف على المثلين. وقال أبو بكر: وفي كلام الفراء دلالة على هذا"[67].

وبعد ذكر أسباب حدوث الأضداد كما وجدتها ظاهرة في كتاب ابن الأنباري لا بد من الإشارة إلى أمرين:

أحدهما: أن الكثير من آراء العلماء التي تشتمل على أسباب حدوث الأضداد إنما ساقوها بالاعتماد على أضداد ابن الأنباري.

الآخر: هناك تباين في آراء العلماء حول سبب حدوث الأضداد في لفظة الجون مثلاً، فبعضهم يرجعها إلى تداخل اللهجات، وابن فارس يردها إلى أصل الوضع اللغوي، في حين يردها علي عبد الواحد وافي إلى الاقتراض من اللغات الأخرى، ويرى إبراهيم أنيس: أن هذه المادة قد حدث فيها مخالفة صوتية أدت إلى الأضداد[68].


وهذا يقودنا إلى نتيجة مفادها: أن هناك عدداً من الألفاظ لم تصل فيها آراء العلماء إلى أحكام دقيقة، لذا ينبغي الوقف عليها من جديد من خلال البحث والتدقيق للخروج بنتائج حاسمة.
يتبع










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-09-2020, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد




2- أنواع الأضداد في الكتاب:


أورد ابن الأنباري عدداً من أنواع الأضداد لا نكاد نجدها مرتبة ترتيباً معيناً، وإنما كانت موزعة على الكتاب كله، وسأورد ما تتبعته في النقاط التالية:


1- الأضداد في الأسماء:


قال قطرب: "الحرفة من الأضداد، يقال: قد أحرف الرجل إحرافاً، إذا نما ماله وكثر، والاسم الحرفة من هذا المعنى. قال: والحرفة عند الناس: الفقر، وقلة الكسب، وليست من كلام العرب إنما تقولها العامة"[69].


2- الأضداد في الأفعال:


"وأسررت من الأضداد أيضاً، يكون أسررت بمعنى: كتمت وهو الغالب على الحرف، ويكون بمعنى أظهرت، قال الله عز وجل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] فمعنى أسروا هنا: كتموا، وقال تبارك وتعالى في غير هذا الموضوع: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} [يونس: 54]، فقال الفراء والمفسرون: معناه: وأظهروا الندامة عند معاينة العذاب، واحتجا بقول الفرزدق:



ولما رأى الحجاج جرّد سيفه أسرّ الحروري الذي كان أضمرا[70]




معناه: أظهر الحروري"[71].


3- الأضداد في الحروف:


"و(أو) حرف من الأضداد، تكون بمعنى الشك في قولهم: يقوم هذا أو هذا، أي: يقوم أحدهما، وتكون معطوفة في الشيء المعلوم الذي لا شك فيه كقول جرير:



نال الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربَّه موسى على قدر[72]




أراد: وكانت، وقال توبة بن الحُمير:



وقد زعمت ليلى بأني فاجر لنفسي تقاها أو عليها فجورها




أراد: وعليها،..... وتكون: أو بمعنى التخيير كقولك للرجل، جالس الفقهاء أو النحويين، فمعناه: إن جالست الفريقين فأنت مصيب أيضاً، وتكون أو بمعنى بل كقوله عز وجلّ: {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]، فمعناه: بل يزيدون...." [73].


4- الأضداد في المصادر:


"ومن الأضداد التفطر، التفطر: أن لا يخرج من لبن الناقة شيء، والتفطر: الحلب، والتفطر: الانشقاق، قال الله عز وجل: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} [مريم: 90]" [74].


5- الأضداد في المشتقات:


"والسارب أيضاً من الأضداد، يكون السارب: المتواري من قولهم: قد انسرب الرجل، إذا غاب وتوارى عنك، فكأنه دخل سرباً، والسارب: الظاهر، قال الله عز وجل: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10]، ففي المستخفي قولان: يقال هو المتواري في بيته، ويقال هو الظاهر، وفي تفسير السارب قولان أيضاً؛ يقال: هو المتواري، ويقال: هو الظاهر البارز، قال قيس بن الخطيم:



أنَّى سربتِ وكنتِ غيرَ سروبِ وتُقرِّبُ الأحلامُ غيرَ قريبِ




ويروي: أنى اهتديت، أراد: أي ظهرت وكنت غير ظاهرة، وقد يفسر على المعنى الآخر، ومن قال: السارب: الظاهر، قال: سرب الرجل يسرب سرباً: إذا ظهر"[75].


6- الأضداد في الضمائر:


لم يرد في أضداد ابن الأنباري إلا الضمير (نحن)، قال: "ومما يشبه حروف الأضداد (نحن)، يقع على الواحد، والاثنين، والجميع، والمؤنث؛ فيقول الواحد: نحن فعلنا، وكذلك يقول الاثنان والجميع والمؤنث، والأصل في هذا أن يقول الرئيس الذي له أتباع يغضبون بغضبه ويرضون برضاه، ويقتدون بأفعاله: أمرنا ونهينا وغضبنا ورضينا؛ لعلمه بأنه إذا فعل شيئاً فعله تُبّاعه، ولهذه العلة قال الله جل ذكره: أرسلنا، وخلقنا، ورزقنا، ثم كثر استعمال العرب لهذا الجمع حتى صار الواحد من عامة الناس يقول وحده: قمنا، وقعدنا، والأصل ذلك..." [76].


7- الأضداد في الظروف:


أورد ابن الأنباري ثلاثة من الظروف هي دون، فوق، وراء. قال ابن الأنباري: "وراء من الأضداد، ويقال للرجل: وراءك، أي خلفك، ووراءك أي: أمام؛ قال الله –عز وجل–: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ} [الجاثية: 10] فمعناه من أمامهم، وقال تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] فمعناه: وكان أمامهم، وقال الشاعر:



ليس على طول الحياة ندمْ ومن وراء المرء ما يُعلمْ




أي: من أمامه، وقال الآخر:



أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا




أي قدامي..."[77].


8- الأضداد في الأصوات:


"ومن الأضداد أيضاً قولهم: طرطبت بضأنك طرطبةً، وهي بالشفتين إذا دعوتها إليك، وطرطبت بها طرطبة: إذا زجرتها عنك"[78].


9- الأضداد في الأعلام:


"ومنها أيضاً يعقوب، يكون عربياً لأن العرب تسمي ذكر الحجل يعقوباً، ويجمعونه يعاقيب، قال سلامة بن جندل:



أودى الشباب حميداً ذو التعاجيب أودى وذلك شاو غير مطلوب
ولى حثيثاً وهذا الشيب يطلبه لو كان يدركه ركض اليعاقيب"[79]




10- الأضداد في الألوان:

"ومما يشبه حروف الأَضداد (الأحمر)، يقال: أحمر للأحمر، ويقال: رجل أحمر، إذا كان أبيض، قال أبو عمرو بن العلاء (154هـ): أكثر ما تقول العرب في الناس: أسود وأحمر، قال: وهو أكثر من قولهم: أسود وأبيض، وأنشد ابن السكيت لأوس بن حجر:



وأحمر جعدا عليه النسور وفي ضبنه ثعلب منكسر
وفي صدره مثل جيب القنا ة تشهق حيناً وحيناً تهر




قوله: في ضبنه معناه: وفي إبطه، والثعلب: ما دخل من طرف الرمح في جُبَّة السنان، وقوله: تشهق حيناً: شهيق الطعنة: أن تدخل الريح فيها فتصوت، وتهرُّ معناه: تُقبقب".


11- الأضداد في التراكيب:


"وقال قطرب: من الأضداد قولهم: قد ثللت عرشه، إذا هدمته وأفسدته، وأثللت عرشه، إذا أصلحته، قال أبو بكر: ليس عندي كما قال قطرب، إذ كان ثللت يخالف لفظ أثللت فلا يجوز أن يُعد في الأضداد حرف لا يقع إلا على معنى واحد، والمعروف عند أهل اللغة ثللتُ عرشه: أهلكته، يقال: قد ثُل عرش فلان، وثلَّ عرشه، وأثلَّ الله عرشه، إذا أهلكته، والثلل: هو الهلاك، قال زهير:



تداركتما الأحلاف إذ ثُلَّ عرشها وذبيان إذ زلت بأقدامها النَّعل"




3- منهجية ابن الأنباري في الأضداد:

يعدُّ كتاب ابن الأنباري مرحلة متقدمة من مراحل التأليف اللغوي في هذا الباب، إذ تأثر بمحاولات من سبقه كالأصمعي وابن السكيت وزاد عليها أضداداً عدة، بحسب معرفته ومبلغ علمه، كما زاد عليها من الحجج والشواهد الكثير، مما جعله موسوعة ضخمة في هذا المجال.


وعندما تتبعت مواد الكتاب وجدت فيها الكثير من الملحوظات على منهجيته اشتملت على طريقة ترتيبه للمواد وشروحه واستطراداته، ولا يمكن أن نحصر هذه الملحوظات في مبحث صغير كهذا، إلا أنني سأورد ذلك بإيجاز أرجو أن يكون غير مخل، وذلك في النقاط الآتية:



أ- منهجيته في ترتيب الألفاظ:


لم يلتزم ابن الأنباري بترتيب معين في كتابه كما جرت العادة في ترتيب المعاجم العربية، فسار على منهج سابقيه من مؤلفي الأضداد، فقد بدأ على غير ضابط معين في ترتيب مواده، فالمادة الأولى هي: كلمة ظن، قال ابن الأنباري: "فأول ذلك الظن، يقع على معانٍ أربعة: معنيان متضادان: أحدهما: الشك، والآخر: اليقين الذي لا شك فيه..."[80].


وقد طال الحديث عنها في صفحات عدة، في حين نجد أن الحروف التي تسبق الظاء قد جعلها في نهاية كتابه. ولم يلتزم ابن الأنباري بترتيب الأسماء متتالية، أو الحروف متتالية، أو الأفعال، وإنما كان يقدم ويؤخر كيفما شاء، إلا أننا نجد بين الحين والآخر ترتيباً في الأفعال أو الحروف التي يوردها، فقد بدأ في المادة الثانية بأفعال الشك واليقين أو الناصبة لمفعولين، "قال بعض أهل اللغة: رجوت حرف من الأضداد يكون بمعنى الشك والطمع، ويكون بمعنى اليقين"[81].



ونراه يورد أضداد الألوان مرتبة في وسط كتابه، قال: "ومنها أيضاً: الأخضر، يقال: أخضر للأخضر، وأخضر للأسود..." [82].



ويورد ابن الأنباري أضداد الأعلام مرتبة في نهاية كتابه، قال: "ومنها أيضاً إسحاق، يكون أعجمياً مجهول الاشتقاق... ويكون عربياً من أسحقه الله إسحاقاً.." [83].



ومن منهجيته في الترتيب ما يأتي:


- يأتي بالألفاظ المتقاربة المعنى كما في شرى وباع[84].

- يأتي بأن المصدرية والفعل المضارع في ثلاثة مواضع متتالية[85].

- يأتي بالتراكيب اللفظية متتالية[86].

- يأتي بوصف للمؤنث ويتبعه بوصف للمذكر[87].


ب- منهجيته في الشروح:


إن المتتبع لمنهجية الكتاب يجد أن ابن الأنباري كان أكثر موضوعية في كتابه ممن سبقه، فقد ناقش كثيراً من الأضداد التي ذكرها راداً بعضها، وشاكاً في البعض الآخر، وناصاً على عدم ضدية القسم الثالث، ومضى في كتابه شارحاً للألفاظ بصورة واضحة وجلية، ووصف دقيق وبحث شامل لهذا الموضوع.


قال آل ياسين: "لم يكتف ابن الأنباري بجمع المادة اللغوية فحسب، بل راح يمتحنها، محللاً إياها، مناقشاً لها، ولذا وصل إلى نتائج دقيقة أعطت كتابه أهمية كبيرة"[88].



وسأوجز منهجيته في النقاط الآتية:


- يتبنى في شرحه التأويل والتقدير من أجل الوصول إلى نتائج دقيقة في ضدية عدد من الألفاظ، قال: "وكذلك أحلف أن تذهب؛ قال الفراء: من أجاز مع هذه الأفاعيل الوجهين جميعًا، لم يُجِز مع الظن والعلم وما أشبههما إلا وجهاً واحداً؛ فمن قال: ظننت أن تذهب معنا لم يحمله على معنى الجهد، لأنه لا دليل عليه هاهنا وصلح تقدير الجهد مع الأفاعيل الأول؛ لأنها جواب. وفيها معنى تحريج، والتحريج يدل على معنى الجحد المنوي، فمتى قال القائل: نشدتك الله أن تقوم، وأقسمت عليك أن تقوم، فتأويلها: أحرِّج عليك أن لا تفعل، فلهذه العلة من تأويل الجواب والتحريج ما فهم معنى الجحد وهو غير ظاهر ولا منطوق به"[89].


- استعماله مبدأ التعليل لعدد من الألفاظ التي أوردها، فأعان الدارسين والباحثين في الأضداد التي التبست عليهم، ونجد ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- في أنه علل مجيء أسماء المدن على ما تعارفه الناس، فمكة سُميت مكة لجذب الناس إليها، والبصرة سُميت بصرة للحجارة البيض الرخوة بها، والكوفة لازدحام الناس بها من قولهم قد تكوّف الرمل تكوفاً، إذا ركب بعضه بعضاً...الخ[90].



- ناقش آراء العلماء، فأيد بعضها وأنكر بعضها الآخر، مما ينم على علمه الواسع وثقافته وسعة اطلاعه ويتجلى ذلك فيما يلي:


- إنكاره آراء عدد من اللغويين كقطرب وابن قتيبة، قال: "وقال قطرب: من الأضداد قولهم: خَذِمَت النعلُ، إذا انقطعت عُروتُها وشسعها، وأخذمتُها: إذا أصلحت عُروتها وشسعها، وهذا ليس عندي من الأضداد لأن خذمت لا يقع إلا على معنى واحد..."[91].

وقال: "قال قطرب: من الأضداد حمأت الركبة حمئاً، إذا أخرجت منها الحمأة، وأحمأتها إحماءً، إذا جعلت فيها الحمأة، قال أبو بكر: وليس هذا عندي من الأضداد لأن لفظ: حمأت يخالف لفظ أحمأت، فكل واحدة من اللفظتين لا تقع إلى على معنى واحد، وما كان على هذا السبيل لا يدخل في الأضداد"[92].


- إنكاره لضدية ما نقله السابقون من ألفاظ: ومن ذلك قوله: "وأما معنى العلم فقوله عز وجل (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً)، معناه: فمن كان يعلم لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً، وقولهم عندي غير صحيح؛ لأن الرجاء لا يخرج أبداً من معنى الشك"[93].



- جوّز ضدية عدد من الألفاظ بتصريحه بذلك، قال ابن الأنباري: "يقال عاقل، إذا كان حسن التمييز، صحيح العقل والتدبير، ويقال: وَعِل عاقل وهو مما لا يعقل، يراد به قد عقل نفسه في الجبل، فما يبرح منه، ولا يطلب به بدلاً، قال الشاعر:




لقد خفتُ حتى ما تزيد مخافتي على وَعِل في ذي المطارة عاقل[94]




أي حابس نفسه في هذا الموضوع، ويجوز أن يكونا متضادين، وأن يقال أصل العقل في اللغة الحبس"[95].


ومن منهجيته: توثيق الآراء التي أتى بها، ومن ذلك:


- تعرضه للأوصاف التي ذكرتها العرب، أو ما اشتهر عند العرب من صفات وأسماء، من ذلك قوله: "قال أبو عبيد: يقال في ليالي الشهر: ثلاث غُرَر، وثلاث نُفَل، وثلاث تُسَع، وثلاث عُشَر، وثلاث بيض، وثلاث دُرَع، وثلاث ظُلَم، وثلاث حنادس، وثلاث دآديّ، وثلاث محاق"[96].


- تعرضه للغات القبائل واللهجات، ومن ذلك قوله: "والسامد من الأضداد، فالسامد في كلام أهل اليمن: اللاهي، والسامد في كلام طيء الحزين.." [97].



- وثقّ آراءه بالأخبار والقصة، ومن ذلك قوله: "والوراء، ولد الوالد، قال: حيّان بن أبجر: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل من هُذيل فقال له: ما فعل فلان؟ لرجل منهم، فقال: مات وترك كذا وكذا من الولد وثلاثة من الوراء، يريد من ولد الولد.." [98].



- تعرضه لأقوال العامة من الناس غير كلام العرب: قال ابن الأنباري: "وقال قطرب: الحِرفة من الأضداد، يقال: قد أحرف الرجل إحرافاً إذا نما ماله وكثر، والاسم الحرفة من هذا المعنى، قال: والحرفة عند الناس: الفقر، وقلة الكسب، وليست من كلام العرب إنما تقولها العامة"[99].



- أخذه بأدلة السماع والقياس لتوثيق الآراء، وإثبات ما يصبو إليه من ضدية عدد من الألفاظ، ومن السماع قوله: "وسمعت أبا العباس يقول: يقال للساكن: رهو، وللواسع رهو، وللطائر الذي يقال له الكُركيُّ: رهو؛ قال الله عز وجل: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} [الدخان: 24] فمعناه: ساكناً"[100].


أما القياس فقوله: "ويقال: رجل مُنهِل، إذا كانت إبله عطاشًا كما يقال: رجل مُعطِش ورجل مُنهِل على القياس إذا كانت رواءً"[101].


- أسند ما أورده من أضداد إلى أصحابها، وبذا انتهج في كتابه نهجاً علمياً دقيقاً، ومن ذلك قوله: "وقال ابن قتيبة: توسد القرآن حرف من الأضداد يقال: توسد فلان القرآن: إذا نام عليه، وجعله كالوسادة له، فلم يكثر تلاوته، ولم يقم بحقه، ويقال: توسد القرآن: إذا أكثر تلاوته وقام به في الليل فصار كالوسادة، وبدلاً منها، وكالشعار، والدثار"[102].



ونشير إلى أن آل ياسين في كتابه (الأضداد في اللغة) قد أورد عدداً من النقاط التي تشتمل على منهجية ابن الأنباري من شروحه ونقده وإنكاره وتأييده للأضداد[103]، وأرى أن (حسين نصار) لم يجانب الصواب في قوله: "وعلى الرغم من نقده –ابن الأنباري– لآراء العلماء فإنه لم يغلط أحداً ... وكانت انتقاداته معتدا بها على أقوال غيره من اللغويين"[104].



4- المآخذ على الكتاب:


لا شك أن كل كتاب يؤخذ منه ويُرد، إلا كتاب الله عز وجل القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكتاب ابن الأنباري لا يخلو من سقطات وقع فيها صاحبه كغيره من مؤلفي المصنفات اللغوية، على أن هذه المآخذ لا تنقص من قيمة الكتاب عند الباحثين والدارسين وفي المكتبة العربية، وسأوجز أهم ما وقعت عليه من هذه المآخذ:


1- الاستطراد بغير سبب في شروحه لعدد من الألفاظ، مما يجعله يبتعد عن موضوع الأضداد، ولا سيما في الشواهد الشعرية، إذ يشرح ما غمض من الألفاظ ويأتي بشواهد لا تمس الموضوع الذي هو بصدده، ومثال ذلك قوله: "وتأثم حرف من الأضداد، يقال: قد تأثم الرجل إذا أتى ما فيه المأثم، وتأثم: إذا تجنب المأثم، كما يقال: قد تحوّب الرجل: إذا تجنب الحُوب، ولا يستعمل تحوب في المعنى الآخر، والحوب الإثم العظيم، قال الله عز وجل: {إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]"[105]، فنراه يترك اللفظة الأصلية ويستطرد في لفظه أخرى مبتعداً عن معنى الضدية.



ومن ذلك قوله: "وذعور من الأضداد، يقال: فلان ذعور، أي ذاعر، وذعور، أي: مذعور؛ أنشدنا أبو العباس:





تنول بمعروف الحديث وإن تُرد سوى ذاك تَذعر منك وهي ذعور




أي: مذعورة ويروى: تنول بمغروض الحديث أي: بطريه، واللحم الغريض عند العرب، الطري، قال الشاعر:




إذا لم يجتزر لبنيه لحماً غريضاً من هوادي الوحش جاعوا




ويروى تنول بمشهود الحديث، والمشهود: الذي كأن فيه شُهداً من حلاوته وطيبه..."[106]، فابتعد عن ضدية اللفظة المقصودة.


2- اختلاف منهجية الشواهد التي أتى بها، فالمعروف أن لكل لفظة من الأضداد شواهد عليها، ولا نجد ذلك في عدد منها، مما يورث الشك عند القارئ في مصداقيتها. قال ابن الأنباري: "وقال قطرب أيضاً من حروف الأضداد النحاحة، يقال في السخاء ويقال في البخل.."[107].



وقد يأتي بشاهد من غير أن يبين على أي من المعاني قصده، قال: "ومن الأضداد أيضاً قولهم: مُشِب للمسن ومشب للشاب، قال أبو خراش الهذلي:




بموركتين من صدوى مشب من الثيران عقدهما جميل"[108]




ورأى (أيوب سالم) في رسالته في الأضداد أن الألفاظ التي لا شواهد عليها يمكن أن نخرجها من الأضداد[109]. والحقيقة أننا لا يمكن أن نخرجها من الأضداد إلا بعد التمحيص والبحث حتى نخرج بأحكام دقيقة في ذلك.


3- لا يخلو الكتاب من التكلف في إقرار ضدية عدد من الألفاظ، والمتتبع لذلك لا يجد الأضداد فيها، قال آل ياسين: "والكتاب حفل بطائفة كبيرة من الألفاظ التي ألصقت بالأضداد، ولا تتوفر فيها فكرة الأضداد بوجه من الوجوه.."[110].



ومن ذلك قوله: "ومن الحروف أيضاً الحَفَض، يقال لمتاع البيت، حَفَض وجمع الحفض أحفاض. قال الشاعر:





فَكَبَّه بالرمح في دمائه كالحفض المصروع في كفائه




وقال الآخر:




ولا تكُ في الصبا حَفَظاً ذلولاً فإن الشيب والغزل الثُّبُورُ




وقال الآخر:

يا ابن قُروم لسن بالأحفاضِ


ويروي بيت عمرو بن كلثوم على وجهين:





ونحن إذا عماد الحي خرّت على الأحفاض نمنع ما يلينا




ويروى: على الأحفاض، فمن رواه عن الأحفاض قال: الأحفاض: الإبل، ومن رواه على الأحفاض قال: الأحفاض: الأمتعة"[111].


وأتساءل: ما وجه الأضداد في كل ما تقدم، فالأولى عدم التكلف والتصنع في ذكر ألفاظ لا تمس الضدية بشيء.



ولا يفوتنا أن نشير إلى التكلف في إقرار ضدية عدد من الأعلام التي ذكرها، وقد عقب آل ياسين على هذه المسألة وأزال الغموض التي اكتنفها[112].



المبحث الثالث


القضايا اللغوية والنحوية والبلاغية في الكتاب

حفل كتاب ابن الأنباري بالكثير من قضايا اللغة، فلم يكتفِ بذكر معاني الأضداد، وإنما زاد في ذكر قضايا النحو والصرف والصوت والدلالة وعلم البلاغة، مما يدل على علمه الواسع وثقافته الغزيرة، فأخذ منه النحويون والبلاغيون، ومن اهتم باللغة وعلومها، وصدق ابنُ النديم في قوله: "كان –ابن الأنباري– في غاية الذكاء والفطنة، وجودة القريحة، وسرعة الحفظ، يضرب به المثل في حضور البديهة وسرعة الجواب"[113].


وذكر الأزهري أن ابن الأنباري: "كان أعلمَ من شاهدتُ بكتاب الله ومعانيه وإعرابه ومعرفته اختلاف أهل العلم في مشكله"[114].



وأرى أن من الضروري التعرض لتلك القضايا التي أوردها ابن الأنباري في كتابه، وسأتناول ما استطعت من هذه القضايا:


أ- القضايا الصرفية:

وقد تعرض في أضداده للكثير من القضايا الصرفية التي لها صلة بحدوث الأضداد وبيان المعاني، وفهم التفسير، ومن ذلك ما يأتي:


الصيغ الصرفية:


قال: "وأما معنى التهمة، فهو أن تقول ظننت فلاناً فتستغني عن الخبر؛ لأنك تريد اتهمته، ولو كان بمعنى الشك المحض لم يقتصر به على منصوب واحد. ويقال: فلان عندي ظنين، أي متهم، وأصله مظنون فصرف عن مفعول إلى فعيل كما قالوا: مطبوخ وطبيخ"[115].


جمع التكسير:


قال: "والقُرءُ حرف من الأضداد يقال: القُرءُ للطهر، وهو مذهب أهل الحجاز، والقُرءُ: للحيض، وهو مذهب أهل العراق، ويقال في جمعه: أقراء وقرُوء.."[116] وهذا مما يطرد جمعه على القلة والكثرة[117].


وقد يتعرض للجمع والتثنية في شرحه لأحد الألفاظ، قال ابن الأنباري: "ويقال في تثنية الندّ: نِدّان، وفي جمعه أنداد، ومن العرب من لا يثنّيه ولا يجمعه ولا يؤنثّه فيقول: الرجلان ندّي، والرجال ندّي، والمرأة ندّي، والنساء نِدّي. كما قالوا: القوم مثلي، أو أمثالي، قال الله –عز وجلّ– {ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]"[118].



الإدغام والإبدال:


يرى عدد من الدارسين أنهما من الموضوعات التي توجد فيها صعوبة في استيعابها؛ بسبب قواعدها المتشابكة وصورها المتخيلة، إذ يقتربان من دراسة اللهجات أحياناً ومن الأصوات في أحيان أخرى[119]. ولكننا نجد أن ابن الأنباري يعالج عدداً من الألفاظ ببيان ما طرأ عليها من أمور الإدغام أو الإقلاب، قال: وكان أبو البلاد النحوي ينشد هذا البيت:



عسعس حتى لو يشاء ادنَّى كان له من ضَوئه مقبس




ومعناه: لو يشاء إذْ دنا، فتركت همزة إذ، وأبدلوا من الذال دالاً، وأدغموها في الدال التي بعدها.."[120].


التمييز بين الاسم والمصدر:


فرق ابن الأنباري في مواضع عدة بين الاسم والمصدر لما لذلك من أهمية في تحديد المعنى بدقة. قال: "ويقال في دعاء للعرب: به الوَرَى وحُمَّى خَيْبَرَى، وشرُّ ما يُرَى، فإنه خَيْسَرَى[121]. وقال أبو العباس: الوَرْي المصدر بتسكين الراء، والوَرَى بفتح الراء: الاسم"[122].
يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-09-2020, 04:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد

صيغ الأفعال:
ووقع على الصيغة الصحيحة للأفعال التي فيها لبس عند الدارس أو الباحث. قال: "ويقال أرديت الرجل إذا أعنته من قول الله –عز وجلّ– "فأرسله معي ردءاً يصدقني" معناه: عوناً، ويقال منه: أردأت الرجل، وأرديتُهُ، فمن قال: أرداته: ليّن الهمزة، ومن قال: أرديتُه انتقل عن الهمزة وشبه أرديت بأرضيت.."[123].


ب- الظواهر اللغوية:


الفروق اللغوية: كما في قوله: والذّفر: من الأضداد، يقال: شَمِمت للطبيب ذَفَرا، وللنتن ذفرا، والذفر: حدة الريح في الطيب والنتن جميعاً، والدّفر بتسكين الفاء مع الدال لا يقال إلا في النتن. من ذلك قولهم: الدنيا أم دفر، وللأمة يا دَفار، ومنه قول عمر بن الخطاب –رحمه الله– وادفراه.."[124].

الترادف: كقوله: "أن يقع اللفظان المختلفان على المعنى الواحد كقولك: البر والحنطة، والعير والحمار، والذئب والسيد، وجلس وقعد، وذهب ومضى.."[125].


جـ- القضايا النحوية:


لا يختلف اثنان على سليقة ابن الأنباري النحوية ونحيزته الإعرابية، واطّلاعه الواسع على آراء النحويين ومذاهبهم، وذلك لكثرة المسائل التي جاءت في كتابه، ومن ذلك:


الأفعال التي تنصب مفعولين: في قوله: "قال الله –عز وجلّ– {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة: 78] فمعناه: وإن هم إلا يكذبون، ولو كان على معنى الشك لاستوفى منصوبيه أو ما يقوم مقامهما.."[126].


التأكيد: ومنه قوله: "وينشد في هذا المعنى أيضاً:




أتانا فلم نعدل سواه بغيره نبيٌّ أتى من عند ذي العرش صادق




معناه: أتانا فلم نعدله بغيره، على هذا أكثر الناس، ويقال فيه: قولان آخران.


وسواه: صلة للكلام معناها التوكيد، كما قال الله –عز وجلّ– {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أراد: ليس كهو شيء، فأكد بـ(مثل)، قال الشاعر:




وقتلى كمثل جذوع النخي ل يغشاهم سَبَل منهمر"[127]




الأفعال الناقصة: ومنه قوله: "وقال أبو عبيدة: كان من الأضداد، يقال: كان للماضي، وكان للمستقبل، فأما كونها للماضي فلا يحتاج لها إلى شاهد وأما كونها للمستقبل فقول الشاعر:



فأدركت من قد كان قبلي ولم أدعْ لمن كان بعدي في القصائد مصنعا




أراد: لمن يكون بعدي. قال: وتكون كان زائدة كقوله تعالى: "وكان الله غفوراً رحيماً". ومعناه: والله غفور رحيم"[128].


الحذف: ومن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. قال: "وقال آخرون: محال أن يكون الله –عز وجلّ– عرض الأمانة على السموات في ذاتها؛ لأنها مما لا يكلف عملا ولا يعقل ثواباً، وإنما المعنى: إنا عرضنا الأمانة على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال فأبوا أن يحملوها، فحذف الأهل وقام الذي بعده مقامه وجعل (أبين) للسماوات والأرض والجبال لقيامها مقام الأهل، كما قالوا: يا خيل الله اركبي، وأبشري بالجنة. أرادوا: يا فرسان خيل الله اركبوا فأقيم الخيل مقام الفرسان"[129].



النائب عن المصدر: قال: "وقال الفراء: مرحباً وأهلاً وسهلاً: حروف وضعت في موضع المصدر، يذهب الفراء إلى أن التأويل رحّب الله بك ترحيباً وأهلّك تأهيلاً وسهّل أمورك تسهيلاً فأقيمت الأسماء مقام المصادر"[130].



المصدر النائب عن فعل الأمر: قال ابن الأنباري: "وظَفَار اسم مدينة في اليمن، وإليه ينسب الجزع الظفاري، وظفار: كسرت لأنها أجريت مجرى ما سُمي بالأمر كقولك قطام وحَذام؛ لأنهما على مثال: قوالِ وَنَظار، ومن ذلك حلاقِ من أسماء المنيّة.."[131].



الاستثناء: قال في قول تعالى: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: 43].



"فمعناه: لا معصوم اليوم من أمر الله إلا المرحوم، ويجوز أن يكون عاصم بمعنى فاعل، وتكون مَن في موضع نصب أو رفع على الاستثناء المنقطع.."[132].



الضمائر: قال: "ومما يشبه حروف الأضداد (نحن)؛ يقع على الواحد، والاثنين، والجميع، والمؤنث، فيقول الواحد: نحن فعلنا، وكذلك يقول الاثنان والجميع والمؤنث.."[133].



الحروف والأدوات: قال: "و(من) حرف من الأضداد: تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا تحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى كل شاهده قول الله –عز وجلّ–: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [محمد: 15] معناه كل الثمرات.."[134].



التصغير: قال: "والجذيل تصغير الجذل، وهو الجذع: وأصل الشجرة.



والعَذيق: تصغير العِذق وهو الكياسة والشمراخ العظيم.."[135].



د- القضايا البلاغية:


ظهر لابن الأنباري الحس البلاغي من خلال الآراء التي جاء بها في كتابه، فتعرض للفنون البلاغية المختلفة كالجناس والاستعارة والتشبيه وغيرها، ومنها:

الاستعارة: في شرحه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استثفري وتحيضي في علم الله ستا أو سبعاً ثم اغتسلي وصلي"[136]. قال: "واستثفري له معنيان: يجوز أن يكون شبَّه اللجام للمرأة بالثفر للدابة إذ كان ثفر الدابة يقع تحت الذنب، ويجوز أن يكون استثفري كناية عن الفرج لأن الثفر للسباع بمنزلة الحياء للناقة ثم يستعار من السباع فيجعل للناس وغيرهم. قال الأخطل:



جزى الله فيها الأعورين ملامة وفروةَ ثَفرَ الثورةِ المتضاجم[137]




فجعل للبقرة ثفراً على جهة الاستعارة"[138].


المجاز والتشبيه: قال ابن الأنباري: "وقال امرؤ القيس:




وأفلَتَهنّ عِلباءٌ جريضا ولو أدركنه صَفِرَ الوطابُ




وفُسر قوله (صَفِر الوطاب) تفسيرين: أحدهما: قُتِلَ وأخرج روحه من جسده، فصار جسده بعد خروج الروح منه كالوطب الخالي من اللبن، والوطب للّبن بمنزلة الزّقِّ للعسل والنِّحْي للسمن، وتأويل صَفِرَ: خلا. جاء في الحديث: إن أصفرَ البيوت لبيت لا يُقرأ فيه كتاب الله.


والتفسير الآخر: لو أدركت الخيل عِلباء قتل وأخذت إبله فَصَفِرت وِطابه من اللبن. فالجواب الأول هو على المجاز والتشبيه".



شواهد الكتاب ومصادره:


تنوعت شواهد كتاب ابن الأنباري كثيراًَ، واشتملت على القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر العربي وأقوال العلماء القدماء وأمثالهم. وفي ذلك يقول آل ياسين: "وشواهد ابن الأنباري في الكتاب كثيرة جداً ومتنوعة تنوعاً عجيباً أكسبت كتابه هذه الضخامة والسعة بحيث لو أننا جردنا الكتاب من الشواهد واقتصرنا على مواد الأضداد وبيان معانيها المتضادة لم يبقَ في أيدينا إلا جزء صغير لا يتعدى ثلث الكتاب... وبلغ عدد الآيات التي استشهد بها في الكتاب (269) آية، والأحاديث (53) حديثاً، والأشعار (796) بيتاً، وأنصاف الأبيات (11) شطراً، والأرجاز (99) رجزاً، ومثل هذه الأعداد استشهد بالأمثال والأخبار والمأثور وهكذا.." [139].


وأرى أننا لا يمكن في هذا المقام أن نستقصي هذه الشواهد التي بلغت المئات، ولكنني سأورد كيفية تناوله لهذه الشواهد.



القرآن الكريم:


أتى ابن الأنباري على جميع القرآن الكريم فاستقى من سوره، وفسّر عدداً منها، وذكر آراء المفسرين في ذلك، ويمكن أن نوضح ذلك بما يأتي:

أ- تفسير الآيات القرآنية:

قال ابن الأنباري: "ومما يفسر من كتاب الله –عز وجلّ– تفسيرين متضادين قوله –جلّ اسمه– {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر: 28]. فيقول بعض المفسرين: الرجل المؤمن هو من آل فرعون؛ أي: من أمته وحيه ومن يدانيه في النسب. ويقول آخرون: الرجل المؤمن ليس من آل فرعون، إنما يكتم إيمانه من آل فرعون، وتقدير الآية عندهم: وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون"[140].


ب- مناقشته لآراء المفسرين والإتيان بآراء جديدة:


ومن ذلك رأيه في آيات سورة يوسف التي أثارت جدلاً بين المفسرين، والآية: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24]. قال ابن الأنباري: "ولا وجه لأن نؤخر ما قدم الله، وتقدم ما أخر الله" فيقال: معنى (هم بها) التأخير مع قوله –عز وجلّ– {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24] إذ كان الواجب علينا واللازم لنا أن نحمل القرآن على لفظه، وأن لا نزيله عن نظمه، إذا لم تدْعنا إلى ذلك ضرورة، وما دعتنا إليه في هذه الآية ضرورة، فإذا حملنا الآية على ظاهرها ونظمها كان (همّ بها) معطوفاً على (همّت به)، و(لولا) حرف مبتدأ جوابه محذوف بعده، يراد به لولا أن رأى برهان ربه لزنى بها بعد الهمّ، فلما رأى البرهان زال الهم، ووقع الانصراف عن العزم"[141].


جـ- تعرضه في شروحه إلى القراءات القرآنية:


قال في قوله تعالى: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمران: 13]، ومن قرأ "تَروْنهم مِثليهم" جعل الفعل لليهود أي: يا معاشر اليهود، ترون المشركين مثلي المسلمين، وقال أبو عمرو بن العلاء: من قرأ (ترونهم) بالتاء لزمه أن يقول: مثليكم – فرُدّ هذا القول على أبي عمرو – وقيل: المخاطبون: اليهود، و(الهاء) و(الميم) المتصلتان بمثل للمسلمين"[142].


الحديث الشريف:


استشهد ابن الأنباري بالحديث النبوي في توثيق آرائه، ومن أهم ما وجدته في استشهاده بالحديث أمرين:

أحدهما: شرحه لعدد من الأحاديث النبوية، وعدم الاكتفاء بذكرها، ومن ذلك قوله، "وفي الحديث: "أفضل الحجّ العجُّ والثجُّ"؛ فالعجُّ: التلبية، والثجُّ: صب الدماء"[143].


الآخر: يذكر في بعض الأحيان أكثر من رواية للحديث، نحو قوله: عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– لما هاجر إلى المدينة ودخلها جاءت ناقته إلى موضع المنبر فاستناخت وتلحلحت، وفي غير هذا الحديث: وأزرمت. فمعنى تلحلحت ها هنا: أقامت وثبتت"[144].



الشعر العربي:


يعدّ الشعر أكثر ما استشهد به ابن الأنباري في أضداده، قال آل ياسين: "استشهد بشعراء من مختلف العصور، ففيهم الجاهليون كامرئ القيس، والأعشى، وزهير بن أبي سلمى، وفيهم الإسلاميون المخضرمون وفي صدر الإسلام كحسان بن ثابت، وكعب بن زهير، ومنهم الأمويون كالأخطل والكميت، ولم يستشهد للعباسيين مطلقاً؛ كأنه لا يحتج بلغتهم في الشعر"[145].


ولستُ هنا بصدد ذكر الشعراء الذين استشهد بهم ابن الأنباري، ولكنني رصدت عدداً من النقاط التي اتبعها ابن الأنباري في شواهده الشعرية، وهي:


أ- تبيينه الشعر بالشعر:

وذلك في مواطن عدّة، فيأتي بالبيت من الشعر ثم يتبعه بما يشبهه، قال: "قال الشاعر يصف قِدراً:




تقسم ما فيها فإن هي قُسمَت فذاك وإن أكرت فعن أهلها تكرى




أراد: فإن نقصت فعن أهلها تنقص، أي: ضرر النقصان على أهلها يرجع.


وشبيه بهذا قول الآخر:





أقسّم جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراحَ الماء والماءُ باردُ




أي: "أقسم قوتي فيأكل منه جماعة من الناس...." [146].

فجاء بالبيت الشعري المشابه لما سبقه من باب التوضيح والبيان.


ب- إتيانه بالمعاني المتضادة ثم إيراده الشواهد عليها:


وقد يذكر أحد المعنيين ويأتي بالشاهد ثم يتبعه بالمعنى الآخر وشاهده، وذلك كثير في الكتاب، من ذلك قوله: "وأرديت حرف من الأضداد، يقال: أرديت الرجل إذا أهلكته...


قال علي بن أبي طالب -رضوان الله عليه-:





ولا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى حليماً حين آخاه"




وينتقل إلى المعنى الآخر: "ويقال: أرديت الرجل إذا أعنَته من قول الله –عز وجلّ– {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34]" [147].


جـ- إيراده أكثر من رواية للبيت الواحد:


قال:




"ظَنٌّ بهم كعسى وهم بتنوفةٍ يتنازعون جوائز الأمثالِ




أراد ظن بهم كيقين، ويروى (سوائر الأمثال) ويروى (جوائب الأمثال)" [148].


د- اهتمام ابن الأنباري بمناسبة القول والقائل:


فيطالعنا بذكر المناسبة وقائلها من الشعراء في مواضع عدة من الكتاب، من ذلك قوله: "قالت امرأة من العرب ترثي عمرو بن عبد ود، وتذكر قتل علي بن أبي طالب –رضوان الله عليه– إياه:




لو كان قاتل عمرو غير قاتله بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكن قاتله من لا يعاب به وكان يُدعى قديماً بيضة البلد"[149]




هـ. لم أجد ابن الأنباري يكتفي بذكر الشاهد الشعري؛ وإنما يعلل مجيء عدد من الألفاظ على صيغة معينة، وينقل آراء العلماء في الشواهد، قال:

"قال عمران بن حطان:




بَراك تراباً ثم صَيَّرْك نطفةً فسوّاك حتى صرت مُلتَئم الأسرِ




الأسر: الخلق –من قول الله عز وجلّ– {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28]، وأراد عمران ثم صَيَّرَك فأسكن الراء، وأكثر ما يقع هذا التخفيف في الياء والواو"[150].


وينقل نقد العلماء لأقوال الشعراء، قال: "ويقال: قد دوّم الطائر في السماء: إذا تحرّك ودار، وقال الأصمعيّ: لا يقال: دوّم إلا في السماء، وقال: أخطأ ذو الرمّة في قوله:





حتى إذا دوّمت في الأرض راجَعَة كِبْرٌ ولو شاء نجَّى نفسَه الهربُ"[151]




أقوال الصحابة والسلف الصالح:

وهذا يزاد إلى توثيقه للنصوص والحكم على المعاني بدقة، قال: "من ذلك الحديث المروي عن عمر –رحمه الله– أنه قال لما مات خالد بن الوليد: ما على نساء بني المغيرة أن يُرقن دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة"، فالنقع: الصياح، واللقلقة: الولولة"[152].


الأمثال والحكم:


لم يغفل ابن الأنباري عنها، قال: "ويقال في مَثَل يُضرب للرجل الحازم: لا يُدَبُّ له الضَراءُ، ولا يُمشى له الخمر. فالضراء: ما ستر الإنسان من الأشجار خاصة، والخمرُ: ما ستره من الأشجار وغيره".


مصادر الكتاب:


تنوعت مصادر كتاب ابن الأنباري فشملت قدرًا كبيرًا من المصادر اللغوية، وعندما تتبعتُ الكتاب لم أجده يهتم بعناوين أو أسماء المصادر التي استقى منها، إلا أننا يمكن أن نصل إليها من خلال الأعلام الذين ذكرهم، ومن المصادر كتب الأضداد السابقة وهي:-

- أضداد قطرب: وورد في خمسة وخمسين موضعاً[153].

- أضداد الأصمعي: وقد ورد ذكره في أربعة وعشرين موضعاً[154].

- أضداد السجستاني: وورد في ثلاثة مواضع[155].

- أضداد ابن السكيت: وورد في تسعة وعشرين موضعاً[156].

فاتخذ قطرب موقع الصدارة في مصادر ابن الأنباري، وهذا يدل على تأثره بكتاب قطرب.


وقد أشار ابن الأنباري إلى مصنفات أخرى له في كتاب الأضداد؛ من ذلك كتاب الرد على أهل الإلحاد، قال: قوله –عز وجل- {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} [الكهف: 26] معناه: الله أعلم بلبثهم مذ يوم أميتوا إلى هذا الوقت، ومقدار لبثهم مذ يوم ضرب على آذانهم في الكهف إلى وقت انتباهم ثلاثمائة سنة وتسع سنين، وقد استقصينا تفسير هذه المسألة في كتاب الرد على أهل الإلحاد في القرآن"[157].



ومن ذلك أيضًا كتاب غريب الحديث، قال: أخبرني أبو علي المقرئ، قال حدثنا الحسن بن الصباح، قال: حدثنا الخفّاف قال: قال إسماعيل: كان الحسن إذا سُئل عن تفسير آمين: قال: اللهم استجب، وفيها لغتان آمين، وآمين، وقد استقصنا الكلام فيها في كتاب غريب الحديث"[158].



ولا يفوتنا أن نورد ما وصل إليه آل ياسين من أن آراءه كانت على الأغلب كوفية، فقد روى عن أستاذه ثعلب عن سلمة بن عاصم عن الفراء عن الكسائي، وعن ابن الأعرابي بوساطة ثعلب أيضاً، وعن ابن السكيت، وهؤلاء هم شيوخ مدرسة الكوفة في اللغة، كما روى عن البصريين ومنهم قطرب وأبو عبيدة والأصمعي وأبو حاتم وابن قتيبة[159].

يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30-09-2020, 04:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد

الخاتمة والنتائج:
الأضداد من الظواهر اللغوية التي قدحت بها أذهان كثير من العلماء والدارسين قديماً وحديثاً، وكانت مثار جدل وخلاف بينهم حتى بعُدت الشُقّة بين الآراء، فمنهم مؤيد للظاهرة والآخر معارض ومنكر، وكل يلتمس الحجج دعماً أو تفنيداً لرأي خصمه.


وترجع أهمية هذه الظاهرة إلى كونها تعد خروجاً عن الوضع الاصطلاحي للغة وارتباطها المباشر بالدلالة وتطورها.



وقد تناولت في هذا البحث المتواضع أحد هذه الكتب، وهو كتاب الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري بالتحليل والاستقصاء وبيان ما له وما عليه. فأرجو الله تعالى أن أكون قد وفقت في الوقوف على أهم ما جاء فيه.



ويمكن أن أبين ما وصلت إليه من خلال النقاط الآتية:


1- إنَّ من التعسف بمكانٍ نفيَ ظاهرة الأضداد جملة وتفصيلاً، فهذا أمر واقع لا مفر منه، ولكن المتبع لما أورده علماءُ اللغة من أضداد يجد في عدد منها الغلو والتكلف في تفسير معانيها، والأولى إخراجها من موضوع الأضداد.


2- كشف البحث ثقافة عن ابن الأنباري الغزيرة، وتأثير البيئة والعصر الذي عاش فيه في هذه الثقافة والعلم الواسع، ويتجلى ذلك من خلال الموروث الثقافي الذي تركه للمكتبة العربية وقرائها ودارسيها.



3- دافع ابن الأنباري عن اللغة العربية من خلال دفاعه عن ظاهرة الأضداد في كتابه، ورد أهل الزيغ والبدع كما وصفهم.



4- يعد كتاب الأضداد لابن الأنباري من أهم المدونات اللغوية وأكملها نضجاً، بعد أن اكتمل التأليف في هذه الظاهرة وبلغ الذروة في هذا الكتاب.



5- انشغل الدارسون والباحثون في تحقيق هذا الكتاب، فنجد طبعات عدة له، منها للمحقق محمد أبو الفضل إبراهيم ثم محمد إبراهيم الدسوقي، وكل أدلى بدلوه في التحقيق حتى إنهم اختلفوا في تسمية العنوان كما بينه البحث.



6- تبين أن كتاب ابن الأنباري كان خامس كتاب من كتب الأضداد السبعة التي اشتملت على هذه الظاهرة وأصحابها هم (الأصمعي، ابن السكيت، السجستاني، ابن الأنباري، ابن الدهان، الصاغاني).



7- كشف البحث عن أسباب نشوء الظاهرة من خلال هذا الكتاب؛ وتجلت في: تداخل اللهجات، والعوامل النفسية والاجتماعية، والتغيير في الوحدات الصرفية، والمجاز، والقلب والإبدال، ودلالة الفعل على السلب والإيجاب، ودلالة الألفاظ على المفرد والجمع، وذكر أمثلة على كل نوع ورد في الكتاب.



8- أورد ابن الأنباري أنواعاً عدة من الأضداد. وقد بينها البحث وأفرد لكل منها أمثلة من كتاب الأنباري، وهذه الأنواع هي: الأضداد في الأفعال، الأضداد في الحروف، الأضداد في الأسماء، الأضداد في المصادر، الأضداد في المشتقات، الأضداد في الضمائر، الأضداد في الظروف، الأضداد في الأصوات ، الأضداد في الألوان.



9- وقف البحث على منهجية ابن الأنباري في كتابه، وتبين أنه لم يلتزم ترتيباً معيناً في الألفاظ التي أوردها كما التزمت ذلك المعجمات اللغوية، ومن شروحه لم يكتف بذكر آراء العلماء في تفسير الألفاظ وبيان معانيها وإنما كان ناقداً وشارحاً وشاكاً في عدد منها، ونبه البحث على هذه المواطن وبينها بالأمثلة في الكتاب. ووثق ابن الأنباري آراءه بالأخبار والقصة وتعرض لأقوال العامة من الناس في غير الكلام العرب، وأخذ بأدلة السماع والقياس، وأسند الأقوال إلى أصحابها.



10- رصد البحث عدداً من المآخذ على الكتاب وأهمها: الاستطراد من غير سبب في شروحه للألفاظ، مما أخرج العديد منها عن الأضداد. ومن المآخذ أنه اضطرب في عدد من المسائل كالأصول الثلاثية وغير الثلاثية للأفعال مما يخرجها عن الأضداد فجاء ذكرها في الأضداد متكلفاً، والأولى أن لا نعدها منها. ولم يخل الكتاب من الاضطراب في الشواهد، فلا تجد شاهداً على ضدية عدد من الألفاظ مما جعل القارئ في حيرة من أمره بخصوص مصداقية هذه الألفاظ.



11- اشتمل الكتاب على عدد من الموضوعات الصرفية التي أثرت ما في الكتاب من مواد لغوية، وأهم هذه الموضوعات: جمع التكسير، الإدغام والإبدال والتمييز بين الاسم والمصدر، وصيغ الأفعال، وقد كشف البحث هذه الموضوعات في الكتاب، وبين طريقة شرحه للقضايا الصرفية.



12- كشف البحث عن وجود عدد من الظاهر اللغوية التي أتى بها ابن الأنباري، ومنها الفروق اللغوية والترادف وبين مواضعها وسبب مجيئها.



13- حدد البحث القضايا النحوية عند ابن الأنباري، فجاءت موزعة في كتابه، وتم الكشف عن هذه المواضيع وأهميتها في موضوع الأضداد، والقضايا هي: الأفعال التي تنصب مفعولين، التأكيد، الأفعال الناقصة، الحذف، النائب عن المصدر، المصدر النائب من فعل الأمر، الاستثناء، الضمائر، الحروف والأدوات، التصغير. كما أتى ابن الأنباري بمصطلحات نحوية كأمن اللبس، وتعرض لإعراب ألفاظ عدة كشفها البحث.



14- استعمل ابن الأنباري في دعم آرائه القضايا البلاغية، وأهمها: الاستعارة، والمجاز، والتشبيه، فكان بحق موسوعة لغوية باعتراف الداني والقاصي.



15- تنوعت شواهد الكتاب، فاشتملت على القرآن الكريم، والحديث النبوي، والشعر العربي، وأقوال السلف الصالح وحكمهم. ومما لفت انتباهي في شواهده أنه بدأ شارحاً ومناقشاً ومفسراً في الآيات القرآنية، وفي الحديث تجده شارحاً وراوياً لعدد من الأحاديث، أما في الشعر فتميز بأنه أتى بشواهد على أغلب الألفاظ، إلا في عدد من المواضع التي خلت منها، واهتم بمناسبة الشاهد الشعري، وتحليل عدد من ألفاظه، ونقل آراء العلماء الناقدين للشعراء.



16- واعتمد ابن الأنباري في مصادره على كتب أضداد السابقين، وفي آرائه على المذهب الكوفي، إلا أنه لم يهمل الآراء الأخرى.



المصادر والمراجع:


- القرآن الكريم.

- أدب الكاتب.

- الاشتراك والتضاد في القرآن الكريم – دراسة إحصائية، الدكتور أحمد مختار عمر، الطبعة الأولى، 2003، عالم الكتب، القاهرة.

- الأضداد، قطرب، أوغست هفنر- بيروت.

- الأضداد في كلام العرب، أبو الطيب اللغوي (350هـ)، تحقيق الدكتورة عزة حسن، مجمع اللغة العربية، دمشق 1963.

- الأضداد في اللغة، محمد بن القاسم الأنباري (328هـ)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

- الأضداد في اللغة، محمد بن القاسم الأنباري، (328هـ)، تحقيق محمد إبراهيم الدسوقي.

- الأضداد في اللغة، الدكتور محمد حسين آل ياسين، مطبعة المعارف- بغداد.

- إنباه الرواة على أنباه النحاة، القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، 4 أجزاء، الطبعة الأولى، ت 1950 – دار الكتب المصرية.

- تاريخ أدب العرب، مصطفى صادق الرافعي، دار الإيمان- القاهرة.

- تاريخ الأدب العربي، بروكلمان، بيروت، 1978.

- تصحيح الفصيح، ابن دستوريه، بيروت، 1971.

- التضاد في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق، محمد نور الدين المنجد، الطبعة الأولى، 1991، دار الفكر المعاصر بيروت، دار الفكر دمشق.

- التطور اللغوي التاريخي، الدكتور إبراهيم السامرائي (2003م)، دار الأندلس، بيروت.

- التهذيب في اللغة، الأزهري، تحقيق عبد السلام محمد هارون وآخرين، مراجعة محمد علي النجار، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر 1964.

- جموع التصحيح والتكسير في اللغة، عبد المنعم سيد عبد العال، مكتبة الخانجي، القاهرة 1977.

- دراسات في فقه اللغة، رمضان عبد التواب.

- دلالة الألفاظ، إبراهيم أنيس، معهد الدراسات العربية العالمية، القاهرة 1966.

- ديوان الأخطل، تحقيق فخر الدين قباوة – دار الأصمعي، حلب، 1970.

- ديوان جرير، الصاوي، 1345هـ.

- ديوان ذي الرمة، الطبعة الثالثة، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر 1964م.

- ديوان زهير بن أبي سلمى، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت 1986.

- ديوان العجاج – تحقيق عزة حسن، مطبعة دار الشروق بيروت، 1971م.

- ديوان الفرزدق، تحقيق إحسان عباس، الكويت، 1962.

- ديوان النابغة، تحقيق شكري فيصل، بيروت 1968.

- شرح أدب الكاتب، الجواليقي، بولاق، القاهرة.

- الصاحبي في اللغة، ابن فارس (395هـ)، تحقيق مصطفى الشويمي، مطبعة مؤيد، القاهرة.

- طبقات النحويين واللغويين، أبو بكر الزبيدي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأولى، مصر 1975.

- عوامل التطور اللغوي، إبراهيم السامرائي- بيروت.

- الغريب المصنف، أبو عبيد القاسم بن سلام، القاهرة.

- فصول في فقه اللغة، رمضان عبد التواب.

- فقه اللغة، علي عبد الواحد وافي، دار نهضة مصر.

- فقه اللغة وسر العربية للثعالبي، القاهرة.

- الفهرست، محمد بن إسحاق النديم، تحقيق ناهد عباس عثمان، الطبعة الأولى، دار قطري بن الفجاءة، الدوحة، 1985.

- دراسات في علم اللغة، الدكتور كمال محمد بشر، دار المعارف، 1971.

- في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، القاهرة، 1982.

- الكامل، أبو العباس المبرد، تحقيق أحمد الدالي، الطبعة الثانية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993.

- الكتاب، سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، الطبعة الثانية، مصر.

- اللغة العربية معناها ومبناها، تمام حسان.

- لسان العرب- ابن منظور، الطبعة الأولى، بولاق، مصر.

- مجالس ثعلب، أبو العباس ثعلب (291هـ)، تحقيق عبد السلام هارون، دار المعارف، مصر.

- المخصص، ابن سيده، الطبعة الأولى، بولاق، مصر.

- مدخل تعريف الأضداد، الدكتور حسين نصار، مكتبة الثقافة العربية، الطبعة الأولى، 2003.

- المزهر، السيوطي (911هـ)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرين، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة.

- المشترك اللغوي، توفيق محمد شاهين، القاهرة، 1982.

- معجم الأدباء، ياقوت الحموي، دار الكتب العلمية، بيروت.

- المهذب في علم التصريف تاليف د هاشم طه شلاش - د عبد الجليل حسن العاني ، ساعدت جامعة بغداد في طبعه ، 1986

- النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير الجزري، تحقيق الدكتور محمود الطناحي، مؤسسة إسماعيليان، إيران.


الرسائل الجامعية:


- ظاهرة الأضداد في اللغة العربية، أيوب سالم عالية، رسالة ماجستير، إشراف الدكتور عبده الراجحي، جامعة الإسكندرية، 1979.


الدوريات:


- الأضداد في اللغة، حسين محمد، مجلة اللسان العربي، مجلد 8، الجزء 1، 1971.

- الأضداد وموقف ابن دستوريه منها، مجلة المورد العراقية، المجلد 2، العدد 3، 1973.



الإنترنت:


- المشترك اللفظي أهميته، وأنواعه، عبدالحميد حمد، 2001، مكتبة الجوال على شبكة الإنترنت www.al3ez.net.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

[1] اللسان (ضدد).

[2] الكتاب 1/8،7 وينظر: الصاحبي في فقه اللغة 96، المزهر 1/388.

[3] أضداد قطرب 244.

[4] الأضداد 7.

[5] أضداد أبي الطيب 1/1.

[6] دراسات في علم اللغة 218.

[7] ينظر: الأضداد في اللغة 227، فقه اللغة لرمضان عبد التواب 135.

[8] الأضداد 7.

[9] ينظر: المخصص 3/259.

[10] ينظر: الأضداد في اللغة 237.

[11] ينظر: المشترك اللغوي 199.

[12] ينظر: تاريخ أدب العرب 1/197.

[13] ينظر: التطور اللغوي التأريخي 92، الاشتراك والتضاد في القرآن الكريم 95.

[14] ينظر: تصحيح الفصيح 1/204، وينظر: الأضداد وموقف ابن دستورية منها- مجلة المورد العراقية- مجلد 2- ص42.

[15] ينظر: شرح أدب الكاتب 182.

[16] ينظر: ظاهرة الأضداد في اللغة العربية – رسالة ماجستير 51.

[17] مدخل تعريف الأضداد 13.

[18] ينظر: مجالس ثعلب 1/170 ، 2/490.

[19] ينظر: طبقات اللغويين والنحويين 167- 172.

[20] الفهرست 75.

[21] ينظر: التهذيب 70، معجم الإدباء 18/307.

[22] الأضداد للأنباري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (و).

[23] الأضداد 7.

[24] الأضداد في اللغة 433.

[25] الأضداد 12.

[26] الأضداد في اللغة 436.

[27] ينظر: طبقات النحويين واللغويين 127، الفهرست 93، تأريخ الأدب العربي لبروكلمان 2/186.

[28] الأضداد، تحقيق محمد إبراهيم أبو الفضل (ج).

[29] الأضداد، تحقيق محمد إبراهيم الدسوقي 4.

[30] ينظر: ظاهرة الأضداد في اللغة العربية رسالة ماجستير 151.

[31] ينظر: مدخل تعريف الأضداد 107.

[32] الأضداد في اللغة 433.

[33] ينظر: في أضداد الأنباري المواد: 265، 285، 343، 381.

[34] الأضداد في اللغة 433.

[35] تأريخ الأدب العربي 2/168.

[36] الأضداد، مقدمة المحقق أبي الفضل (ز).

[37] المصدر نفسه – تصدير الكتاب.

[38] المصدر نفسه.

[39] الأضداد، تحقيق أبي الفضل (و) وينظر: فقه اللغة لابن فارس 66، المزهر 1/397.

[40] الأضداد، تحقيق الدسوقي 4.

[41] ينظر: التطور اللغوي التأريخي 101.

[42] الأضداد في اللغة 7.

[43] ينظر: الفهرس ابن النديم 2/184، إنباه الرواة 1/ 278، الأضداد في اللغة – حسين محمد- اللسان العربي 93.

[44] ينظر: الكامل 1/255، إنباه الرواة 1/279.

[45] ينظر: الصاحبي في فقه اللغة 117، المزهر 1/389، الأضداد في اللغة 52، فقه اللغة لوافي 196.

[46] الأضداد 12.

[47] ديوان ذي الرمة 84.

[48] ينظر: ديوان العجاج 72.

[49] الأضداد برقم 64.

[50] الأضداد 179- 180.

[51] الأضداد 74.

[52] المصدر نفسه 159.

[53] الأضداد 86.

[54] المصدر نفسه 212.

[55] المصدر نفسه 161.

[56] الأضداد 121- 122.

[57] ينظر: اللغة العربية معناها ومبناها.

[58] ينظر: المشترك اللفظي في العربية، عبد الحميد، مكتبة الجوال على الإنترنت ،20.

[59] دلالة الألفاظ 131، ينظر: التضاد في القرآن الكريم 24.

[60] ينظر: الأضداد في اللغة 246.

[61] ديوان زهير 141.

[62] الأضداد 107.

[63] ينظر: الغريب المصنف 546، أدب الكاتب 162.

[64] ينظر: الأضداد 61، 111، 133، 159، 206.

[65] الأضداد 26.

[66] المصدر نفسه 66.

[67] المصدر نفسه 90.

[68] ينظر: شرح أدب الكاتب 99، الأضداد في اللغة 158، في اللهجات العربية 213.

[69] الأضداد 216.

[70] ديوان الفرزدق 94.

[71] الأضداد 32.

[72] ديوان جرير 1/416.

[73] الأضداد 170.

[74] المصدر نفسه 219.

[75] المصدر نفسه 54.

[76] المصدر نفسه 117.

[77] الأضداد 49.

[78] المصدر نفسه 237.

[79] المصدر نفسه 206.

[80] الأضداد 121.

[81] المصدر نفسه 14، وينظر الصفحات: 18،17،16،15.

[82] المصدر نفسه 206، وينظر الصفحات 208،207.

[83] المصدر نفسه 241، وينظر الصفحات: 243،242.

[84] ينظر المصدر نفسه: 142.

[85] ينظر المصدر نفسه: 120

[86] ينظر المصدر نفسه: 170.

[87] ينظر المصدر نفسه: 136

[88] الأضداد في اللغة 226.

[89] الأضداد 188.

[90] ينظر الأضداد 10

[91] المصدر نفسه 218

[92] المصدر نفسه 231

[93] المصدر نفسه 14

[94] ديوان النابغة 114

[95] الأضداد 220

[96] الأضداد 163.

[97] المصدر نفسه 31.

[98] الأضداد 49.

[99] المصدر نفسه 216.

[100] المصدر نفسه 101.

[101] المصدر نفسه 80

[102] المصدر نفسه 119.

[103] ينظر: الأضداد في اللغة 262- 263.

[104] مدخل تعريف الأضداد 111.

[105] الأضداد 110

[106] المصدر نفسه 41.

[107] المصدر نفسه 230

[108] المصدر نفسه 233

[109] ينظر: الأضداد في اللغة العربية 105

[110] الأضداد في اللغة 443.

[111] الأضداد 107

[112] ينظر: الأضداد في اللغة 228، التطور اللغوي التأريخي 100 - 101

[113] الفهرست 2 / 128

[114] التهذيب 1 / 46

[115] الأضداد 14

[116] الأضداد 21

[117] ينظر: جموع التصحيح والتكسير في اللغة العربية 95.

[118] الأضداد 19.

[119] ينظر: المهذب في علم التصريف 312

[120] الأضداد 24.

[121] في اللسان خسر، وقيل أراد خيسر فزاد للإتباع، وقيل: لا يقال: خيسري إلا في هذا السجع.

[122] الأضداد 50

[123] المصدر نفسه 131

[124] المصدر نفسه 66

[125] المصدر نفسه 10

[126] المصدر نفسه 13

[127] الأضداد 29

[128] المصدر نفسه 43

[129] المصدر نفسه 229

[130] المصدر نفسه 159

[131] الأضداد 65

[132] المصدر نفسه 89

[133] المصدر نفسه 117

[134] المصدر نفسه 156

[135] المصدر نفسه 178

[136] النهاية لابن الأثير 3 / 75

[137] ديوان الأخطل 144

[138] الأضداد 23

[139] الأضداد في اللغة 439

[140] الأضداد 223 - 224

[141] الأضداد 239 - 240

[142] المصدر نفسه 91

[143] المصدر نفسه 23

[144] المصدر نفسه 147

[145] ينظر: الأضداد في اللغة 440.

[146] الأضداد 58

[147] المصدر نفسه 131

[148] المصدر نفسه.

[149] الأضداد 60

[150] المصدر نفسه 56

[151] المصدر نفسه 59

[152] المصدر نفسه 37

[153] ينظر: المصدر نفسه 103، 165، 208.

[154] ينظر: المصدر نفسه 114، 197، 207


[155] ينظر: المصدر نفسه 17، 58، 59

[156] ينظر: المصدر نفسه 53، 151، 323

[157] المصدر نفسه 217

[158] المصدر نفسه 224

[159] ينظر: الأضداد في اللغة 347







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 192.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 189.05 كيلو بايت... تم توفير 3.73 كيلو بايت...بمعدل (1.93%)]