للمبتعث الهجرة لله والهجرة المضادة لها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 777 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 129 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الجالية المسلمة - Muslim non-arabic

ملتقى الجالية المسلمة - Muslim non-arabic قسم يهتم بتوعية الجالية المسلمة وتثقيفهم علمياً ودعوياً مما يساعدهم في دعوة غير المسلمين الى الاسلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-08-2020, 02:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي للمبتعث الهجرة لله والهجرة المضادة لها

للمبتعث الهجرة لله والهجرة المضادة لها
الشيخ عبدالرحمن اليحيى التركي





حديثي معكم اليومَ عن الهجرة لله والهجرة المضادة لها، وسبب الحديث عن هذا الموضوع أن هناك أناسًا جعلوا الغايةَ في الحياة وسيلةً، وجعلوا الوسيلةَ في الحياة غايةً، فالغاية في الحياة عبادة الله، وجعلوا الوسيلة -وهي الدنيا مطيَّة الآخرة- غاية، ومن ثَمَّ قالوا: طلب العلم ليس مطلوبًا لحد ذاته؛ إنما العلم وسيلة إلى غاية، فالغرض من العلم العملُ به، فمَن حفِظ القرآن وأقام حروفه، وضيَّع حدوده، كان القرآن حُجة عليه لا له، ولو كان هناك إنسان أُمي لا يقرأ القرآن وأقام حدوده، لكان القرآن حُجة له لا عليه.

ولذلك من أعظم الأشياء التي لفَتت النظرَ في العالم الإسلامي، أن هناك أناسًا مسلمين يعيشون بلا رسالة، همُّه بطنه وفرْجه فقط، طالما أنَّا في أمنٍ وأمان، ويتجشَّأ من التُّخمة، فما لنا وللناس؟! فلا يعرف حقًّا ولا باطلاً، ولا يهتم بأمر الإسلام ولا المسلمين، وفي المقابل هناك مسلمون جُدد، همُّهم هداية الناس، يصلون الليل، ويحافظون على الصلاة في المساجد، ويدْعون إلى الله، ويحملون رسالة الله إلى عباد الله، فعرَفوا سرَّ وجودهم وغاية وجودهم، فعرَفوا ربَّهم، وأخلصوا له وأطاعوه، وأقبلوا عليه.

وحينما نتحدث عن الهجرة إلى بلاد الكفر والإقامة الدائمة فيها، لا أتحدَّث عن سفر طارئ أو بعثة قصيرة؛ إنما حديثنا عن الهجرة لمن راقَت له الحياة هنالك، ونسِي دينه ومستقبل أولاده.

بقِي: ما معنى الهجرة؟
الهجرة إلى الله هي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام، هي حركة، هي انتقال من مكان إلى مكان، لكنَّ الله قيَّدها، فقال: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [النساء: 100]، فأخرَج الهجرة المضادَّة لها.

أما الحكمة الشرعية من الهجرة، فهي أنَّا لَمَّا علِمنا أن غاية وجودنا في الحياة عبادةُ الله، وكان الإنسان بأرض لا يستطيع أن يعبد الله فيها، وحالوا بينه وبين عبادة الله، ولم يستطع إظهار دينه - وجَب عليه مغادرة ذلك المكان؛ يقول الله: ﴿ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ﴾ [النساء: 97].

فإذا هاجرت من أجل دينك؛ إما صونًا له، أو إنقاذًا لأهلك وأولادك من الفتنة، فهناك بلاد لا تَستطيع أن تربي أولادك على منهج الله فيها، فالهجرة -فرارًا بالدين- إما بسبب الإغراء، أو بسبب القمْع، واجبةٌ عند القدرة.

لكن بقِي: ما معنى إظهار الدين؟
ليس معناه أن يُترك الإنسان يُصلي؛ فاليهود والنصارى والكفَّار قد لا يَنهون مَن صلى ببلدانهم، ولا يُكرِهون الناس على معبوداتهم؛ إنما المقصود بإظهار الدين: البراءة من الكفر وأهله، وما هم عليه من الباطل؛ ولذلك قالوا: لتحقيق لا إله إلا الله خمسة أمور:
أولاً: معرفة أنه لا إله إلا الله.
ثانيًا: أن يعتقد معناها، فقد يعلم الشيء ولا يَعتقده.
ثالثًا: الإقرار باللسان؛ ((قل: آمَنت بالله، ثم استقِم)).
رابعًا: العمل بمقتضى العلم؛ ((ثم استقِم)).
خامسًا: البراءة من كل ما يُعبَد من دون الله، فلو رضِي الشرك أو لم يُنكره، ويرى أنه لا شيء فيه ولا حرَج، فقد أشرَك، مع أنه يقول: لا إله إلا الله؛ لأنه لم يحقِّق التوحيد بالبراءة من كلِّ ما يُعبَد من دون الله؛ ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة: 256].

ومن ثَمَّ فنحن نقرأ آيات: ﴿ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60]، وسمِعنا أيضًا: ﴿ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ [الزخرف: 26].

هذا إبراهيم صدَع بالحق مع أنه كان وحده، وما ضرَّ الناسَ إلا ضَعفُ يقينهم بالله، ومن قرأ قصص الصحابة وصدْعهم بالحق بمكة، وإعلان البراءة من الكفار وآلهتهم عرَف ذلك؛ ولذلك يأتي زمان لا يُفرَّق فيه بين من يعبد الله ومن يعبد الشيطان وأتْباعه.

كان بعض العلماء إذا قيلت أمامه كلمة تمسُّ التوحيد، تَجده ينتفض ويَصيح في وجه من قالها: أعوذ بالله منك، أبرأ إلى الله، ما هذا الذي تقول؟! من قوة إيمانه، وكلما قوِي توحيد العبد، قَوِيت براءته من كل ما يُعبَد من دون الله، وتجده لا يتحمَّل أي شيء فيه كفرٌ أو شِرك مع الله، فالقلب مثل الوعاء، إذا دخَلت فيه محبةُ الله وإخلاص العبادة له، لا يمكن أن يجتمع فيه شيء يضادُّ هذا الأصل، وكلما سمِع أو وجد شيئًا يمسُّ التوحيد، وجَدته تمعَّر وجهه لله، ومن ثَمَّ البراءة من الكفر وأهله شيء عظيم في الإسلام، يرفع الله بها قدْر العبد.

فكلما قوِي التوحيد، صدَع العبد بالحق، فعادى أعداء الله، ووالى أولياء الله.

فالهجرة لها مقصودان:
1- الفرار بالدين من الفتنة.
2- التحيُّز لأهل الإسلام.

فضْل الهجرة:
﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ [النساء: 100].

من أحسن ما ورد في تفسيرها: أن من يهاجر في سبيل الله، أن الله يوفِّقه ويُعطيه من الخير والبركة ما يَغيظ بها أعداءه؛ يقول أحد الأتراك: هاجرت أيام أتاتورك، لَمَّا أراد اقتلاع الإسلام من تركيا بالكليَّة إلى الشام، ففتح الله عليّ، حتى بلغ عدد البيوت التي أَملِكها ثلاثين بيتًا.

﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 100].

نزَلت في رجل كبير السن، كان يسكن مكة بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وقد وضع الله وجوب الهجرة عن المستضعفين من الرجال والنساء والصبيان، وأوجبها على كل قادرٍ، فهذا رجل معذور لكِبَر سنِّه، لكنه لم يتحمَّل وهو حبيب بن ضمرة الليثي، فقال لبنيه - وكان شيخًا كبيرًا -: احملوني؛ فإني لست من المستضعفين، وإني لا أهتدي إلى الطريق، فحمَله بنوه على سرير متوجِّهًا إلى المدينة، فلمَّا بلَغ "التنعيم"، أشرف على الموت، فصفَّق يمينه على شماله، وقال: اللهم هذه لك، وهذه لرسولك، أُبايعك على ما بايَعتْك يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومات حميدًا، فبلغ خبره أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: لو وافى المدينة، لكان أتمَّ أجرًا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أبهَم الله ثواب من خرج إليه مهاجرًا ثم يُدركه الموت، أنه وقع أجره على الله، وأبهَم الثواب لعِظَم أجره عند الله.

فالأجر على قدر المشقة؛ ففي الحديث: ((إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرضا، ومن سخِط فله السخط))؛ رواه الترمذي.

الهجرة ليست سهلة، فإذا هاجرت من أجْل دينك وغادَرت بلدك الذي كنت فيه، فكأنما اقْتُلعتَ من جذورك، الهجرة ليست سهلة، الهجرة اقتلاع من الجذور، تترك بيتك وبلدك وقومك، وعملك ودراستك، وتتخلَّى عن كل شيء من دنياك؛ لتحافظ على أعز شيء تَملِك في الحياة، دينك ودين أهلك وأبنائك، ربما يكون الحديث عن هجرته -صلى الله عليه وسلم- مُمتعًا، ولكن الحديث عن الهجرة شيءٌ، وأن تُباشر الهجرة وتعاني منها شيءٌ آخر.

تقرأ قصة إبراهيم حينما أمره الله بذبْح ابنه، وتقرأ هذه التضحية - شيءٌ، وتُباشر الأمر شيءٌ آخر، ولكنك إذا هاجرت فرارًا بدينك أو حفاظًا على دين أهلك، ربِحت الدين، والدينُ أغلى وأعزُّ ما يَملِك الإنسان في هذه الحياة.

ومَن هاجر في سبيل الله، فآثر طاعة الله على مصالحه، وآثر الجنة على الدنيا، فإن العاقبة له.

نعم هناك صعوبات في بداية أي عملٍ، ثم يفتح الله عليه مع الصبر؛ ففي الحديث عن ابن عباس قال: "دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد متوكِّئًا وهو يقول: ((أيُّكم يسرُّه أن يَقيَه الله من فَيْح جهنَّم؟))، ثم قال: ((ألا إن عمل الجنة حَزنٌ برَبوة ثلاثًا، ألا إن عمل النار - أو قال: الدنيا - سهل بشهوة ثلاثًا، والسعيد مَن وُقِي الفتن، ومَن ابتُلي فصبَر، فيا لها، ثم يا لها!))؛ رواه البيهقي في الشُّعب.

المسلم في دار الكفر له أربع حالات:
1- لا يستطيع إظهار دينه، ويُمكنه الهجرة: فهذا يأثَم.
2- لا يستطيع إظهار دينه، ولا يُمكنه الهجرة: فهذا مستضعَف، وعليه الاستعداد للهجرة.
3- أن يستطيع إظهار دينه، ولا يُمكنه الهجرة: يجب عليه الاستعداد للهجرة.
4- أن يستطيع إظهار دينه، ويُمكنه الهجرة: إن أراد، يَمكث بينهم للدعوة.

الهجرة في سبيل الشيطان أو الهجرة المضادة:
تُهاجر من بلد تُقام فيه شعائر الله إلى بلد فُرِّغت منه كلُّ القِيم الأخلاقية، أو لا يوجد فيها أيُّ اتجاه ديني، أو تكافح أيَّ اتجاه ديني.

الهجرة في سبيل الشيطان حينما تكون الهجرة تضييعًا للدين والعِرض؛ من أجل كسْب شهادة، أو منصبٍ، أو متاع من الدنيا، فيهاجر من أجل الدنيا، أو من أجل التفلُّت على حساب الدين والعِرض؛ يقول الشيخ سفر الحوالي: وإذا تاب المسلمون المقيمون في بلاد الغرب من المعاصي - وأعظمها نسيان الولاء والبراء، والذوبان في مجتمع الكفر والفِسق - رفَع الله عنهم البلاء العنصري، كما أن كل مَن سافر أو أقام لغير حاجة عارضة، أو ضرورة قاهرة، عاصٍ حتى يتوب بأن يعود ويُفارق دار الكفر، إلا من كان قصْده الدعوة، ومُراده الهجرة.

العلم وسيلة إلى غاية، فلا قيمة للعلم بلا عملٍ، حِفظ القرآن وسيلة إلى تدبُّره والعمل به، فإذا حفِظه وترَك العمل به، كان حُجة عليه.

أقسام من يُقيم في بلاد الغرب:
1- أن يُقيم عندهم رغبةً، فيَرضى ما هم عليه من الدين، ويَمدحه، أو يُرضيهم بعيب المسلمين، فهذا ممن اتَّخذ الكفار أولياءَ من دون المؤمنين.

2- أن يُقيم عندهم من أجل المال أو الولد، ولا يظهر دينه مع قُدرته على الهجرة، يدخل في ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ [النحل: 28].

3- أن يكون مُظهرًا لدينة، فيتبرَّأ منهم وما هم عليه، ويُصرِّح لهم بالبراءة، وأنهم ليسوا على حق، فلا تجب الهجرة، والمقصود بإظهار الدين ليس إقامة الصلاة فقط، بل لا بد من إعلان البراءة مما هم عليه من الباطل.

قضية التعايش السلمي:
فكرة التعايش السلمي، كل واحد ينصرف إلى مصالحه الدنيوية، ويَلهث وراء شهواته النفسية، وما لنا وللناس إن عبدوا حجرًا أو شجرًا أو بقرًا؟! ما لنا ولهم ما دُمنا نحن وإيَّاهم في أمْن وأمان، وكل واحد منا في نعمة ونتجشَّأ من التُّخمة؟! ما لنا ولهم؟

وقد سبَق وأن ذكرت في دواعي الهجرة أن من شروط تحقيق لا إله إلا الله، خمسة أمور، والخامس منها: البراءة من كل ما يُعبَد من دون الله، فلو رضِي الشرك أو لم يُنكره، ويرى أنه لا شيء فيه ولا حرَج،- فقد أشرَك، مع أنه يقول: لا إله إلا الله؛ لأنه لم يحقِّق التوحيد بالبراءة من كلِّ ما يُعبَد من دون الله؛ ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة: 256].

ومن ثَمَّ فنحن نقرأ آيات: ﴿ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60]، وسمِعنا أيضًا: ﴿ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ [الزخرف: 26].

هذا إبراهيم، صدَع بالحق مع أنه كان وَحده، وما ضرَّ الناسَ إلا ضَعفُ يقينهم بالله، ومن قرأ قصص الصحابة وصدْعهم بالحق بمكة، وإعلان البراءة من الكفار وآلهتهم، عرَف ذلك؛ ولذلك يأتي زمان لا يُفرَّق فيه بين من يعبد الله ومن يعبد الشيطان وأتْباعه.

كان بعض العلماء أقل إذا قيلت أمامه كلمة تمسُّ التوحيد، تَجده ينتفض ويَصيح في وجه من قالها: أعوذ بالله منك، أبرأ إلى الله، ما هذا الذي تقول؟! من قوة إيمانه، وكلما قوِي توحيد العبد، قَوِيت براءته من كل ما يُعبَد من دون الله، وتجده لا يتحمَّل أي شيء فيه كفرٌ أو شِرك مع الله، فالقلب مثل الوعاء، إذا دخَلت فيه محبة الله وإخلاص العبادة له، لا يمكن أن يجتمع فيه شيء يضادُّ هذا الأصل، وكلما سمِع أو وجد شيئًا يمسُّ التوحيد، وجَدته تمعَّر وجهه لله، ومن ثَمَّ البراءة من الكفر وأهله شيء عظيم في الإسلام، يرفع الله بها قدْر العبد.

فكلما قوِي التوحيد، صدَع العبد بالحق، فعادى أعداء الله، ووالى أولياء الله.

متى يكون التعايش السلمي؟ في حالتين: إذا آمَن الكفار، أو كفر الموحِّدون، والسؤال: مَن الذي تنازَل عن دينه واستحيا أن يُظهره؟!


فكرة التعايش السلمي فحواها أن نسير وراء الكفار، ونكون أذنابًا لهم، وننفِّذ لهم تعليماتهم بلا تردُّدٍ، حتى فكرة نزْع السلاح من بقعه معيَّنة، لماذا لا يُنزع من العالم كله؟!


ولذلك فالبُغض في الله أن تَكره الكفر وأهله، ورابطةُ الدين تكون قبل المواطنة، فهذا نوح - عليه السلام - لَمَّا سأل ربه عن ابنه، ردَّ الله عليه: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ [هود: 46].

وهذا إبراهيم قد تبرَّأ من أبيه؛ لَمَّا تبيَّن له أنه عدوٌّ لله.

ومن لم يُحاربنا من الكفار، نقابله بالحسنى ونعامله بالعدل، لكن لا نحبه بقلوبنا وهو يكفر بالرحمن.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.51 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]