|
|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الخشية خطوة نحو العبودية
الخشية خطوة نحو العبودية حسام كمال النجار في حياة ماديَّة لا تكاد تستطيع أن تنفكَّ عن رتابتها أو تُجدِّد حيويَّتَها، تتوقُ نفسك إلى خطوة تنقُلك نقلةً حسيَّة غير عادية نحو العبودية؛ فكلنا يحتاج إلى هذه السعادة التي لن نجدها إلا حين نَستقِرُّ في خانة مكتوب عليها (عابدٌ لربه)، بما تَحمِله من معنى شامل. لعلي أخطو معك قارئ سطوري هذه، خطوة نحو سعادة العبوديَّة التي وصفها إبراهيم بن أدهم أشهر عُبَّاد زمانه قائلاً: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة، لجالدونا عليها بالسيوف"، تلك السعادة التي سمعت وصفًا بسيطًا لها من أحد الشباب حيث قال يومًا: "الحمد لله أن ربنا هو ربنا"، تلك السعادة التي لا تحبس رُوحَك في شقاء الأشقياء بالدنيا، بل تأخذ رُوحَك للسمو إلى جنَّة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية قائلاً: "إن في الدنيا جنةً من لم يدخلها لم يدخل جنَّة الآخرة"، لنخطو معًا عبر هذه السطور خطوة "الخشية من الله"، وهي خطوة راقية من خطواتك نحو العبودية لله تبارك وتعالى وعز وجل. الفرق بين الخوف والخشية: لِما يَحدُث مِن خَلْط كبير بين مفهوم الخوف والخشية عند الناس، أردت التفريق بينهما؛ فالخوف هو اضطراب النَّفْس واسترعاؤها من إصابة مكروه أو فوات مطلوب، وهذا عند العامي والأمي وعند الغافل وعند الجاهل، أما الخشية فهي الخوف، ولكن مع معرفة قَدْر المَخُوف منه، فقد تخاف ربك، وأنت لا تعرف قَدْره - عز وجل - ولكنك تعرف بعض قَدْره؛ لذا كان أكثر الناس خَشية لله - عز وجل - هم العلماء؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وقال - سبحانه - في وصْف المؤمنين: ﴿ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57]. علم فخشية فإحسان: فبعد أن تعرِفَ قَدْر ربك بعلم سيكون طريقُك بالخشية من الله ممهَّدًا نحو العبودية، فكيف لك أن تعصيَه - عز وجل - وتترك أمرَه وتفعل نهيه، وهو الله ربك الذي عَلِمت أنه العظيم المستوي على عرشه، الخالق الذي أنشأ الكونَ وأنشأك من عدم، ثم يُبقيك إلى أجل، ثم يُميتك بعد عَمَل، ثم يحييك تارة أخرى من عدم، الرزاق الذي يرزقك كلَّ ما تناله من رزق، الملك الذي يَملِك كلَّ الكون، ويَملِكك من بدايتك لنهايتك، المتفرِّد بتدبير أمرك وأمر هذا الكون كله، هذا الفَهْم حين يَسكُن قلبك بصدْق ستجد نفسك رفيقًا للخشية، تَصِل بها في العبودية إلى مرتبةٍ عالية من الإحسان، وهي أن تَعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك. أيها العبد، لا تخشَ إلا الله: فلا تَجتمِع الخشيةُ من الله وغيره في قلب عابد أبدًا، بل ولا حتى يَنطِق لسانه بكلمة مِثْل كلام: "أنا عبد المأمور"، أو: "المصلحة تقتضي طاعة الحاكم المتغلِّب في مُنكَر"، أو "الفقر والحاجة يَدفعانني للقَبُول بالرِّشوة، وأكل أموال الناس بالباطل"، أو "العمل واجتماعاته تُلزِمني بالوجود في أماكن احتساء الخمور والنساء العاريات"، أو.. أو.. فكلُّ هذه الأعذار لا تخرج من قلب يخشى الله الواحد الأحد بصدق؛ فالقلوب التي تخشى الله لا تختار إلا أن تبقى في جنَّتها جنة لذة العبودية لله وحده في الدنيا، لتُكمِل آخرتَها في جنَّة الخُلْد التي صنَعها الله بيده.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |