تعميم الفتوى الاستثنائية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سعد بن عبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الدرة المصونة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          من أسرار اللغة في الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          دليل المعلم المجيد في علوم القرآن والتجويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          رمضانيات المرأة التقية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          وصية الأهل لعروسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كيف نستمر في اصلاح نفوسنا بعد الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          خواطر شاردة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ما سلم حتى ودع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الفتن والنجاة منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-11-2020, 08:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,214
الدولة : Egypt
افتراضي تعميم الفتوى الاستثنائية

تعميم الفتوى الاستثنائية


د. سعد بن مطر العتيبي





(التوظيف الإعلامي لفتوى الشيخ المنجد أنموذجًا)


كثر الحديث عن موضوع فتاوى اللجنة الدَّائمة وغيرهم من علمائنا حول جزئية مُحددة (صُوِّرت)، وكأنَّها (مصلحة الجمارك)، وجُعلت محلاًّ للإثارة والتربص ببعض أهل العلم، مع ما تتضمنه من التشكيك في المرجعية الشرعية للدَّولة، من خلال تعميم حُكمٍ في فتوى استثنائية، ووضعها في غير موضعها.

ولقد وجدتُ من المهم توضيحَ هذا الأمر، ووضع تلك الفتاوى في سياقها الفقهي، وذلك في النِّقاط التالية:
أولاً: ينبغي أن يتم تدارس القضايا ذات البُعد الاجتماعي، والحكم الشرعي الدستوري في ميادينها العلميَّة، وبيئاتها العملية، ما أمكن، بعيدًا عن الإثارة الإعلامية العامَّة، إلاَّ أن تطرح من أهل التخصص أو بمراجعتهم؛ وذلك لأنَّ نشر هذا النوع من القضايا والإشكالات في وسائل الإعلام العامَّة قد يوحي لعامَّة النَّاس بتعميم الحُكم، بينما محل هذه الفتاوى الاستثنائية ليس إلا إشكالات جزئية، لا يُبنى عليها حكم عام، وفي ظلِّ ثقة جمهور النَّاس في الجهاتِ العلمية الشرعية الرسمية، ولا سيما الفتاوى الصادرة من هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، ورئاساتِها العلمية على مرِّ تاريخها، وأعضائها من ذوي الشهرة العلمية، وسماحة المفتي، وغيرهم ممن عمَّت الثقة بفتاواهم أنحاء العالم، كالشيخين الجليلين ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله - فإنَّ الإثارة الإعلامية حول ما يصدر عن هذه الجهات من فتاوى استثنائية، وإظهارها كما لو كانت أحكامًا عامَّة - يؤدي بالضرورة إلى مفاسد عديدة، تبدأ من التصرُّفات الشخصية، وربَّما تنتهي بالانحرافات الفكرية الخطيرة، مع ما في ذلك من التقليل من شأن المؤسسات الرَّسمية الشرعية في الدولة، وارتكاب مُخالفات صريحة للنظام العام في بلادنا، الذي يُعَدُّ الاعتداء عليه مساسًا بالأمن والإيمان.

ثانيًا: قد جرى ولاة أمرنا وأهل الحلِّ والعقد من الأمراء والعلماء على التواصُل المستمرِّ، والتواصي بالحق، والتناصح المثمر، وفق أساليب ووسائل حكيمة، تجمعُ بين احترام الأحكام الشرعية، والبحث عن الحلول الفقهيَّة، والآليات المشروعة، وتنطلقُ من قواعد السياسة الشرعية في تأسيس الأحكام، والإفادة من التجارِب العالمية في الحلول، والتدرج في تطبيق الأحكام الشرعية عند الحاجة إلى ذلك؛ للقضاء على الإشكالات، وقد أثمر هذا التواصُل بين المسؤولين والعلماء والجهات العلمية الرسمية - إيجادَ حلولٍ كثيرة لكثير من المشكلات العصرية، وقدَّمت بلادُنا بذلك تجرِبة إسلامية عملية في الأصالة والمعاصرة، دون حاجةٍ إلى مغالطاتٍ شرعية، أو تشكيك في الدولة ومرجعيَّاتِها العلمية.

وبقيت المشكلات العالقة مشكلات تنتظر طريقَها إلى الحل عند ولاة الأمر، وأهل الحلِّ والعقد في جميع السُّلطات: التنظيمية، والقضائية، والتنفيذية في بلادنا، في ظل آلياتٍ واقعية، تدرك أهمية التأنِّي في إيجاد الحلول الجذرية للمشكلات، وتبقَى الجهود المخلصة جهودًا بشرية، تبتغي الحق، ولا تدعي العصمة، مع إدراكها لحجم المسؤولية.

ثالثًا: مصلحة الجمارك هي إحدى المصالح الحكومية، التي تقوم بوظائف مهمة وخطيرة في الحفاظ على أمن الدولة وحماية الأمَّة، ولذلك تنتشر فروعها بالقدر الذي تتطلبه المصلحة العامة للأمَّة، ولا سيما في المنافذ البرية والبحرية والجوية (وتسمى في كتب السياسة الشرعية التراثية "المسالح").

وقد جاء ذكر أهداف السياسة الجمركية في المملكة العربية السعودية في نقاط رئيسة كالتالي:
أ- هدف ديني وأمني:
الحيلولة دون دخول الممنوعات التي تسيء للعقيدة الإسلامية، أو تتنافى مع الآداب، أو تضر بالمجتمع واستقراره، "كالمخدرات، والأسلحة …).

ب‌-هدف اقتصادي:
1- استيفاء الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة طبقًا للفئات المقررة في التعرفة الجمركية.
2- تسهيل إجراءات التصدير.
3- توفير الحماية للصناعات الوطنية وتشجيعها، عن طريق فرض رسم عالٍ نسبيًّا على المستوردات التي لها مثيل من الصناعات الوطنية، إضافةً إلى إعفاء الأجهزة والأدوات وقطع الغيار والمواد الخام - التي تُسهِم في رفع كفاءة الصناعات الوطنية - من الرسوم الجمركية.

ج- هدف اجتماعي:
إعفاء السلع الاستهلاكية الضَّرورية من الرسوم الجمركية "مثل: الشاي، القهوة، الهيل، الأرز، اللحوم، السكر، الأدوية، الكتب، الصحف، المجلات..."، أو استيفاء رسوم جمركية منخفضة على السِّلع المستوردة العادية "[1].

وهي أهداف شرعية في غايتها، ومصالح مرعية في عامَّة وسائلها، تتطلبها الولاية الشرعية، وتقتضيها المستجدَّات العصرية، ومن هنا ينبغي أن يعلم أنَّ ما صدر من فتاوى رسمية استثنائية تتعلق ببعض الصُّور التطبيقية - تبقى استثنائيةً لا يَجوز أن يُفكَّ ارتباطها بالسؤال الذي جاءت جوابًا عليه؛ لأنَّ جواب السؤال يتضمن عادة قيودًا يَرِد بعضها في السؤال، وبعضها في جوابه، وعليه فلا يصح التعميم في قراءة الجواب، وهي قضية طالما سببت مشكلات لدى من لا يفرِّقون بين الفتاوى الشرعية والمقالات الصحفية، فضلاً عن نشرها تحت عناوين أبعد ما تكون عن حقيقتها وصحة فهمها.

وزيادة في توضيح هذه الفقرة أقول: إنَّ لدينا مشكلة مزدوجة في فهم بعض المصطلحات الشرعية والنِّظامية والقانونية بين بعض الشرعيين من جهة، وبعض القانونيِّين من جهة أخرى؛ فضلاً عن غير المختصين من الصَّحفيين ونحوهم.

وقد طرحتُ من قبلُ في أحد الملتقيات الرسمية ورقةً تضمنت بيانَ موضوعات ذات صلة، وقد نُشِرَ جزءٌ منها في جريدة الجزيرة، ومما جاء فيه التنبيهُ على أهمية: "البعد عن الدمج بين المصطلحات الشرعية والقانونية، بل النظامية، فالأجنبي مثلاً في القانون أو النظام ليس هو الأجنبي في المصطلح الشرعي، وكذا الجمارك في القانون والنظام ليست هي المكوس بالضرورة؛ إذ إنَّها تشمل ما اصطلح عليه في الفقه الشرعي بـ(العشور) أيضًا؛ ولذلك لا بد من الدِّقة في هذه الأمور"[2]، ومن المعلوم شرعًا مشروعية أخذ العشور من غير المسلمين، حتى مع عدم الحاجة إليها، إلاَّ في حال وجود معاهدة تتضمن إعفاءهم منها.

كما أنَّه يجوز أيضًا: وضع رسوم عالية - تندرج شرعًا ونظامًا تحت العقوبات المالية - على مورِّدي بعض الممنوعات الشرعية، التي تقتضي المصلحة التقليلَ منها، ثم منعها بالتدرُّج، لا منعها منعًا فوريًّا؛ كالدخان الذي يتعاطاه ما يُقدَّر بستة ملايين من المواطنين والمقيمين؛ إذ تتطلب المصلحة الشرعية مُراعاة الواقع العملي عند تطبيق بعض الأحكام، كمنع المألوفات الجماعيَّة؛ تطبيقًا لقاعدة (التدرج في التطبيق)، التي تعد إحدى قواعدِ السياسة الشرعية المهمَّة، التي يقرِّرها علماء الشريعة نظريًّا وعمليًّا.

رابعًا: توضيحًا لحدود الإشكال الجزئي، الذي أثير بسبب نشر الفتوى الاستثنائية، التي اشتهرت وكأنَّها تحكم أعمال الجمارك كلِّها؛ ينبغي أن يُعلم أنَّ تلك الجزئية ما هي إلا صورة من صور بعض التطبيقات العمليَّة في تحصيل الرسوم الجمركية، الذي هو أحد الأهداف الاقتصادية في السياسة الجمركية، ومن ثمَّ فلا يصح تصويرها وكأنَّها كلُّ وظائف الجمارك، فإضافة إلى ما سبق من مشروعية العشور على غير المسلمين، ينبغي أن يُعلم أنَّ في نظام الجمارك إعفاءات كثيرة ومتعددة، كما في المادة الثانية والعشرين، وكذلك ما صدر من إعفاءات بعد ذلك، وما تضمنته بعض الاتِّفاقات من إعفاءات.

ثم إنَّ هذه الجزئية التي تتحدث عنها الفتاوى الاستثنائية ليس خفيًّا على المسؤولين من أولي الأمر، إشكالُها عند عدد من فقهاء الإسلام، ومنهم علماءُ بلادنا؛ ولذلك فقد كان المسؤولون يَسْعَون في البحث عن حلٍّ شرعي لها، بل لقد وضعوا آلياتٍ في البحث عن الحلول الشرعية والتطبيقات النظامية لها، وذلك في إطار المؤسسة التنظيمية والمؤسسة القضائية.

وقد اتضح ذلك من خلال التأكيد الرسمي على أهمية مُراجعة كثير من الأنظمة بعد صدور النِّظام الأساسي للحكم، وصدور نظام مجلس الشورى، بصفته أحد جناحي السُّلطة التنظيمية في المملكة؛ تأكيدًا لمبدأ الشرعية الإسلامية العليا، الذي نصَّ عليه النظام الأساسي للحكم.

كما اتَّضحت عناية المسؤولين بإيجاد حلولٍ لهذا النوع من المشكلات ونظائره، من الناحية العملية أيضًا، ومثاله ما ورد في (آلية العمل لتنفيذ نظام القضاء) الجديد، فقد ورد النصُّ فيه على أن تتم دراسة إشكالات اللجان الجمركية وبقية اللجان المعقدة، التي تتضمن إشكالات شرعية، كانت من أسباب جعلها بمعزل عن القضاء في الجُملة، وتضمن النصُّ: أنْ تقدم الدراسة خلال عام من تاريخ مباشرة المجلس الأعلى للقضاء لمهامه؛ وهذا نصُّ الفقرة الواردة في هذا الشأن من آلية العمل لتنفيذ نظام القضاء: "يقوم المجلس الأعلى للقضاء بعد مباشرة مهماته بإجراء دراسة شاملة لوضع اللجان المستثناة (البنوك، والسوق المالية، والقضايا الجمركية) المشار إليها في البند (عاشرًا) من الترتيبات التنظيمية لأجهزة القضاء وفض المنازعات، ورفع ما يتم التوصُّل إليه خلال مدة لا تتجاوز سنة؛ لاستكمال الإجراءات النظامية".

وهذا النوع من الدِّراسة المطلوبة في الآلية يتوقع أن يكون مستوفيًا للجوانب الشرعية والنظامية الدستورية، وأن يُسْهِم في تصحيح ما قد يحتاج إلى تصحيح، مما قد يتعارض مع الأحكام الشرعية، والفتوى الرسمية في تطبيقاتِها، ونسأل الله - تعالى - أن يوفق القائمين عليه إلى ما فيه خير البلاد وصلاح العباد.

وقبل ذلك وبعده ثَمَّة رقابة قضائية على ما قد يوجد ويثبت من مُخالفة شرعية هنا أو هناك، فإنَّ قضاءنا - بحمد الله - قضاء شرعي في مرجعيته كما هو معلوم، ويبقى تحقيق ذلك من مسؤولية القاضي، الذي يَجب أن يعمل بما تقتضيه الأحكام الشرعية، وأنْ يراعي ما يصدر من فتاوى رسميَّة قد تتحول إلى أحكام منظّمة، كما في قتل مروِّجي المخدِّرات، وقد تكون غير منظمة، والقُضاة لا يُخالفونها في العادة، وهو ما يُسْهِم في ثبات الأحكام عند اتِّحاد المسائل والعلل، ويَجعلها سوابق يُعمل بها في نظائرها، كما هو الشأن في محاكم التمييز، وما ينتظر من المحكمة العليا.

ثم إنَّ الرشوة للموظف الحكومي مجرَّمة في فتاوى العلماء، التي أثيرت إعلاميًّا تحت عناوين صحفية خاطئة توحي بحِلِّها، فإنَّ العلماء نصُّوا صراحة في الفتاوى المذكورة على إثم الآخذ؛ أي: الموظف العام، وهذا يتَّفق مع تجريم الرشوة الوارد في نظام مكافحة الرشوة المعمول به.

خامسًا: إنَّ القراءة الخاطئة للأحكام الشرعيَّة، والفهم القاصر للفتاوى الفقهية والمصطلحات العلمية - يؤكِّدان أهمية وجود متخصصين في الوسائل الإعلامية - شأن الإعلام المهني - يراجعون مثل هذا النوع من القضايا التي قد يُساء فهمها، فتكون نتائجها عكسية على النَّاس والنظام العام، ولا سيما في ظل الفوضى الإعلامية التي تعيشها صحافتنا، وعدم احترام التخصص العلمي الصحفي الذي يفتقده كثير من كتَّاب الصحف، بل رؤساء تحريرها.

نسأل الله - تعالى - أن يصلح حال المسلمين، وأن يفقههم في الدين.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


[1] http://www.customs.gov.sa/CustomsNew...ail.aspx?aid=3

[2] http://www.al-jazirah.com.sa/208237/fe24d.htm.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.30 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]