مصطلحات علم الجرح والتعديل في العربية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         فانتقِ منهم أطيب ثمارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          اهتمام سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز بالحديث النبوي وأثره في العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السر وقانون الجذب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فوائد البنوك.. ومخالفة رب العالمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أبرز صفات المعلم السلوكية في الفكر التربوي الإسلامي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ابحث عن مكان مغلق لحل الخلافات -حتى لا يكون الأبناء ضحية المشكلات الزوجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 3130 )           »          وسائل وحدة الصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 794 )           »          منهج أهل السنة والجماعة في نبذ الخلاف والحرص على وحدة الصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-03-2019, 04:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,591
الدولة : Egypt
افتراضي مصطلحات علم الجرح والتعديل في العربية

مصطلحات علم الجرح والتعديل في العربية

مصادرها وأنماطها وقيمتها الحضارية



د. خالد فهمي

كلية الآداب- جامعة المنوفية- مصر

حرصت الفكرة الإسلامية من بدايتها على العناية بما يؤسس لها من نصوص، وأحاطت ذلك كله بعدد وافر من التدابير المانعة من تزوير هذه النصوص، وهو الأمر الذي بدا واضحًا من خلال الأمر النبوي الشريف بحفظ الوحي، وتأديته على وجهه الذي صدر عليه، يقول النبي الكريم " صلى الله عليه وسلم" : «نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها كما هي» (سلسلة الأحاديث الصحيحة- ص205- حديث 1121)، وهناك أحاديث كثيرة تأمر بحفظ السنة المشرفة، وتنهى عن الكذب والدس عليها، عمدتها جميعا حديث المصطفى " صلى الله عليه وسلم" : «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» (أخرجه السيوطي وصححه في الجامع الصغير 2/186). ومن أجل ذلك وغيره تفردت الحضارة الإسلامية بعلم الجرح والتعديل؛ ذلك العلم الذي يعنى ببيان أحوال رواة حديث رسول الله " صلى الله عليه وسلم" من جهة العدالة والضبط، أو من جهة عدمهما، وبهذا نستطيع أن نقرر أن علم الجرح والتعديل وجزءًا من جهازه الاصطلاحي نشأ في العصر النبوي الكريم بدافع ديني وتعبدي بامتياز.


وقد ثمن كثير من العلماء ظهور هذا العلم، وعدوه علامة على ترقي الحياة العقلية والعلمية للمسلمين، أذكر منهم فرانتز روزنتال في كتابه عن مناهج التأليف عند المسلمين.

ينظر إلى علم الجرح والتعديل من جهتين، إحداهما تراه فرعا من علم مصطلح الحديث، وأخراهما تراه علمًا مستقلًا، ولا تناقض بينهما إلا من جهة درجة العناية، والخدمة العلمية.
ويملك علم الجرح والتعديل مجموعة كبيرة من المصطلحات تحمل مفاهيمه؛ تسمى بمصطلحية الجرح والتعديل ويحتفظ التصنيف العربي الإسلامي بعدد وافر من أنواع المصادر التي تعد المركز الجامع لمصطلحية هذا العلم.
ومن المهم أن نقرر أن هذه المصادر ليست جميعًا على درجة واحدة من الأهمية بطبيعة الحال، لكنها جميعا لازمة عند فحص هذه المصطلحية أو جمعها، أو بيان مفهوماتها ومعانيها.
وفيما يلي محاولة لرصد مصادر مصطلحية علم الجرح والتعديل الموزعة على نوعيها الأساسي، والثانوي:
كتب شروح السنة الشريفة

ذلك أن عددًا من هذه المدونات الشريفة كانت قد أفردت عددًا من أبوابها لبيان الأمر بحفظ السنة، والنهي عن الوضع فيها، أو الكذب عليها.
وليس من شك في أن شروح هذه الأبواب قد تضمن بعض مصطلحات أحوال الرواة، وبيان الرأي في عدالتهم ودينهم وتقواهم وورعهم، وضبطهم وإتقانهم.
ولعل الشروح المطولة من مثل: فتح الباري، لابن حجر، وشرح النووي على صحيح مسلم هي العمدة في هذا الباب.

تفاسير القرآن الكريم

لقد جاء في الذكر الحكيم عدد من الآيات، تعالج فيما تعالجه قضية التفسيق، والتعديل وآثارها على حركة المجتمع، وما ينشأ عنه من علاقات، من مثل قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} (الحجرات: 6)، وفحص هذه الآية الكريمة ينتج إمكان الخروج بمصطلحين من مصطلحية علم الجرح والتعديل هما:
1- الفاسق، وقد انتقل هذا اللفظ بدلالته اللغوية والقرآنية إلى المجال الاصطلاحي.
2- الجهالة، وقد انتقل هذا اللفظ بعد تطوير في دلالته اللغوية والقرآنية عن طريق تخصيص دلالته أو تضييقها.
3- ومن هنا فإن مراجعة هذه التفاسير ولاسيما الموسعة تمثل كنزًا، وإن يكن ثانويًّا لجزء من مصطلحية هذا العلم الخطير.

كتب التاريخ العام

تعنى كتب التاريخ العام، ولاسيما تلك التي تعنى بالتأريخ للعلماء، وطبقاتهم والحكم عليهم، بعدد وافر من المعلومات التي تدخل في الصميم من اهتمام علم الجرح والتعديل، ومن ثم فهي بشكل أو بآخر من المصادر المهمة لمصطلحيته، بما هي معينة في كثير من مادتها أحوال الرواة، واتخاذ موقف منهم بناء على ما توافر من حيواتهم، وصفاتهم الشخصية، وصفاتهم العلمية.
كتب مصطلح الحديث

ذلك أن علم التحديث في انشغاله بفرعي الحديث أو جزأيه: السند والمتن، يعنى بطبيعة تكوينه بالمصطلحات الحالمة لمفاهيم أحوال الرواة تعديلًا وتجريحًا.
ولعل كتب أمثال ابن الصلاح، والبلقيني، والرامهرمزي، والسيوطي، والنووي، والخطيب البغدادي، والقاضي عياض من المصادر المهمة في هذا السياق بما تحويه من مصطلحات الجرح والتعديل في بعض أبوابها التي خلصت لمعالجة بعض أسباب رد الأحاديث بسبب من أحوال رجال السند، أو بعض أسباب قبول الأحاديث بسبب من أحوال رجال السند من جهة أخرى.

كتب الرجال

وذكر هذا النوع من مصادر مصطلحية علم الجرح والتعديل يبدو منطقيًّا؛ إذا عرفنا أن علماء الحديث يعدون كتب الرجال المصدر المهم المركزي لهذا العلم، وقد تنوعت كتب الرجال، واتخذت مناهج مختلفة يمكن إجمال أهمها فيما يلي:

يقول سيد عبدالماجد الفوري في «معجم المصطلحات الحديثية»، ص 281- 282- دار ابن كثير، دمشق 1428هـ=2007م): أهم مصادر الجرح والتعديل:

1- كتب الثقات، لأمثال ابن صالح العجلي المتوفى 261هـ، وابن حبان البستي المتوفى سنة 354هـ، وابن شاهين الواعظ المتوفى سنة 385هـ، وللذهبي المتوفى سنة 748هـ.
2- كتب الضعفاء، لأمثال البخاري سنة 256هـ، والنسائي سنة 322هـ، وابن موسى العقيلي سنة 748هـ، وغيرهم.
3- الكتب الجامعة بين الثقات والضعفاء، لأمثال البخاري، أبي يعلى القزويني سنة 446هـ، ولابن عبدالهادي سنة 909هـ وغيرهم.
4- كتب رواة كتاب حديث بعينه، من مثل: رجال البخاري للكلاباذي سنة 398هـ، ولأبي الوليد الباجي سنة 474هـ، ورجال مسلم لابن منجويه الأصفهاني سنة 428هـ، ورجال الموطأ للسيوطي 911هـ، وغيرهم.
5- كتب الرجال الخاصة ببلد بعينه، من مثل: تاريخ علماء أهل مصر لابن الطحان سنة 416هـ، وأخبار أصبهان لابن نعيم سنة 430هـ، وتاريخ جرجان للسهمي سنة 427هـ، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي سنة 463هـ وغيرهم.
6- كتب السؤالات، من أمثال: سؤالات ابن الجنيد سنة 260هـ لابن معين سنة 233هـ، وسؤالات ابن أبي شيبة، لابن المديني سنة 234هـ وغيرهما.
كتب تصنيف العلوم

عرفت حركة العلم عند المسلمين نوعًا من التصنيف يعنى بالتعريف بالعلوم، وأقسامها، المختلفة، وذكر أشهر الكتب في كل علم منذ زمن مبكر من عمر الإسلام.
وقد ورد في كثير من هذه الكتب باب يعرف بهذا العلم وبمصنفاته، وهو ما استلزم ذكر عدد من المصطلحات الخاصة ببعض قضاياه ومسائله.
يقول صديق حسن خان القنوجي في أبجد العلوم 2/179: «علم الجرح والتعديل: هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة (هي مصطلحاته) وعن مراتب تلك الألفاظ».

ومن المصنفات المعروفة في هذ الميدان:

1- أبجد العلوم، لصديق حسن خان القنوجي 1307هـ
2- مفتاح السعادة، لطاش كبرى زاده سنة 968هـ.
معاجم المصطلحيات،

عرف التراث المعجمي العربي مجموعة كبيرة من المعجمات الجامعة لمصطلحات العلوم جميعا التي عرفتها الحضارة العربية الإسلامية.

وقد ضمت هذه المعاجم- ولاسيما المعاجم المصنفة تصنيفًا موضوعيًّا يجعل لكل مصطلحية علم فصلًا بعينه- فصولًا تشرح مصطلحات علم الحديث، ومصطلحاتُ الجرح والتعديل فرع منه.
وقد اشتملت المعجمات التالية على عدد من مصطلحات علم الجرح والتعديل:
1- مقاليد العلوم في الحدود والرسوم، المنسوب للسيوطي 911هـ.
2- التعريفات، للسيد الشريف الجرجاني 816هـ.
3-التعريفات والاصطلاحات، لابن كمال باشا سنة 940هـ
4- التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي سنة 1031هـ.
5- الكليات، للكفوي 1094هـ.
6- كشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوي 1158هـ.

7- جامع العلوم في اصطلاحات الفنون= دستور العلماء، للأحمد نكري سنة 1173هـ. ومراجعة هذه المعجمات جميعًا وفق منهجية ترتيب كل منها يقود إلى الحصول على مجموعة كبيرة من مصطلحات هذا العلم، وفيما يلي أمثلة على ذلك الذي نقرره:

- مصطلح الثقة في التوقيف للمناوي ص 221، والتعريفات للجرجاني ص 75، والكليات 132، والتعريفات لابن كمال باشا 152، ودستور العلماء 1/376.
- م الضبط في التعريفات للجرجاني 142 وابن كمال باشا 260 والكليات 579 والتوقيف 221 ودستور العلماء 2/261 وكشاف اصطلاحات 2/1110.
- م الضعيف في التعريفات للجرجاني 143 وابن كمال باشا 263 والكليات 529 ودستور العلماء 2/269.
- م العدل في التعريفات للجرجاني 52 وابن كمال باشا 335 وكشاف اصطلاحات 2/187 والكليات 556 والتوقيف 280 ودستور العلماء 3/118.

وغير ذلك من المصطلحات كثير في مجموع هذه المعجمات مما يجعلها مصادر مهمة في هذا الباب.
معاجم مصطلحات علم الحديث

عرفت المعجمية الإسلامية المختصة في العصر الحديث عناية ظاهرة بتصنيف معجمات جامعة للمصطلحات الحديثية قام عليها أفراد ومجامع، وكان طبيعيًّا أن تضم هذه المعجمات فيما تضمه من مصطلحات عددًا من ألفاظ الجرح والتعديل على اعتبار أن هذا العلم جزء أصيل من علوم الحديث النبوي الشريف تبحث في أحوال رواته أو رجاله.
ومن المهم جدًّا استصحاب المعاجم الحديثية التالية ونحن بصدد الحديث عن مصادر مصطلحية الجرح والتعديل (وسوف نوردها مرتبة ترتيبا تاريخيا بحسب صدورها).
1- معجم المصطلحات الحديثية، للدكتور نورالدين عتر، ثم أضاف إليه وحوله إلى معجم ثنائي (عربي/ فرنسي) د.عبداللطيف الشيرازي الصباغ وداود عبدالله كريل وصدر سنة 1979م.
2- قاموس مصطلحات الحديث النبوي، لمحمد صديق المنشاوي، صدر بالقاهرة سنة 1996م (ودرسه دراسة نقدية د.خالد فهمي في كتابه: ثقافة الاستهانة، القاهرة سنة 2003م).
3- معجم المصطلحات الحديثية، د.محمود أحمد الطحان ود.عبدالرازق الشايجي، ود.نهاد عبدالحكيم عبيد، صدر بالكويت سنة 1998م.
4- معجم مصطلحات الحديث ولطائف الأسانيد، د.محمد ضياء الأعظمي، صدر بالرياض 1999م.
5- معجم مصطلحات الحديث، لسليمان مسلم الحرش، وحسين إسماعيل الجمل، صدر بالرياض سنة 2001 (الطبعة الأولى منه كانت سنة 1416هـ).
6- معجم مصطلح الحديث النبوي، لمجمع اللغة العربية، بالقاهرة صدر سنة 2002م
7- المعجم الوجيز في اصطلاحات أهل الحديث، صدر بالقاهرة سنة 2008م.
8- معجم مصطلحات الحديث وعلومه أشهر المصنفين فيه، د.محمد أبي الليث الخيرآبادي صدر بعمان 2007م.
10- الدر النفيس: معجم مصطلحات علوم الحديث، لناصر الحلواني، صدر بالقاهرة سنة 2011م.
والتوقف، أما مصطلح «المجهول» بما هو من ألفاظ الجرح والتعديل، كاشف عما تقدمه هذه المعجمات المذكورة لمصطلحية هذا العلم الجليل، وفيما يلي بيان لمواضع وروده في هذه المعاجم العشرة، بترتيب ذكرها هنا:
(1 ص258- 2 ص103- 3 ص146- 4 ص352- 5 ص54- 6 ص62- 7 ص217- 8 ص662- 9 ص132- 10 ص377).
وقد اعتنت هذه المعاجم جميعا بتعريفه، وبذكر أقسامه (مجهول العين- وجهول الحال) وما يدخل معها في علاقات ترادف.

معاجم مصطلحات الجرح والتعديل

وقد ظهر بأخرة عدد قليل من المعجمات المختصة بجمع ألفاظ الجرح والتعديل بشكل مستقل، بغية بيان مفاهيمها، ومراتبها، وقد توصلت إلى عدد منها هي:

1- الشروح والتعليل، لألفاظ الجرح والتعديل، ليوسف محمد صديق، صدر بالكويت 1990م.
2- معجم ألفاظ الجرح والتعديل، لسيد عبدالماجد الغوري، صدر بدمشق سنة 2007م.
3- معجم ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل النادرة والمشهورة، لسيد عبدالماجد الغوري، صدر بدمشق سنة 2007م.
4- معجم الجرح والتعديل، د.خيري قدري، صدر بالقاهرة 2007م.
وقد اتبعت هذه المعجمات طريقة سهلة في ترتيب الألفاظ؛ سعيا للتيسير على عموم المستعملين، تمثلت في اتباع منهج الترتيب الألفبائي النهائي غير التجريدي المعروف باسم الترتيب الألفبائي الجذعي، الذي يورد الكلمات بحسب أوائلها من غير رد إلى الجذور.
والوقوف أمام هذه المصادر المتنوعة دالٌّ على الأهمية المتميزة التي أولتها حركة العلم الإسلامي لهذا الفرع المعرفي، ودال كذلك على وعي العلماء المسلمين بأهمية فحص طرق حمل العلم، وبالعناية بأخطر ما يتعلق بالنقد الخارجي للنصوص المؤسسة للعلم، وهو الأمر الذي قاد إلى تفرد الثقافة الإسلامية بهذا العلم.
أنماط مصطلحات الجرح والتعديل
فكرة توزيع ألفاظ الجرح والتعديل على أنماط فكرة تتوخى تحقيق أكثر من هدف يأتي في مقدمتها:

1- معالجتها شكليًّا للإفادة منها في بنوك المصطلحات، أو المكانز اللغوية.
2- معالجتها آليًّا.
3- قياس قدرة اللسان العربي على التعاطي مع مفاهيم مثل هذا العلم، واستيعابه لها بالتعبير عنها صرفيًّا.

وفحص مصطلحات الجرح والتعديل يضع أيدينا على نمطين غالبين، هما:

1- نمط الصيغة المفردة.
2- نمط الصيغة المركبة، بتنوع التراكيب في العربية.
وفيما يتعلق بنمط الصيغة المفردة، فقد اتخذ هذا النمط أشكالًا متنوعة توزعت على أنواع كثيرة من مثل: الاسم، بنوعيه: اسم ذات، أواسم معنى، ومن مثل: المصدر، والمشتق، ومما جاء عليه من المصطلحات (الإمام/ تالف/ ثبت/ ثقة/ جبل/ جراب/ جيد/ حافظ/ حجة/ خيار/ دجال/ ذاهب/رضا/ ساقط/ شيخ/ صدوق/ صويلح/ ضابط/ ضعيف/ فطن/ كاذب/ كذاب/ كيس/ لين / مأمون/ مبتدع/ متروك/ متقن/متماسك/ مطرح/ مطروح/ مطعون / مقارب/ مقبول/ منكر/ هالك/ واه/ وسط/ وضاع).
والملاحظ هنا هو غلبة استعمال صيغة المشتق بأنواعها المختلفة (اسم فاعل/ أو الصفة المشبهة به/ أو اسم المفعول/ أو صيغة المبالغة) وهو أمر يبدو منطقيًّا؛ لأن طبيعة المشتق بحكم تعريفه لفظ يولد للتعامل مع المعاني الطارئة، لولاها لم يولد.
أما النمط الآخر، وهو نمط الألفاظ التي اتخذت شكلًا مركبًا، فقد تنوعت صوره، لتظهر مصطلحات الجرح والتعديل في الصور التالية:

1- المركب الإضافي.
2- المركب الوصفي.
3- المركب الإسنادي (الاسمي/ والفعلي).
وفيما يلي محاولة أولية لتوزيع ما جاء من مصطلحات الجرح والتعديل على هذا النمط، فمن أمثلة ما جاء على صورة المركب الإضافي (وصورته: مضاف + مضاف إليه اسم ظاهر): حمالة الحطب/ رجل سوء / سارق الحديث / متروك الحديث/ مجهول العين/ جيد الحديث/ صالح الحديث/ ضعيف الحديث وغير ذلك.
ومن الأمثلة التي جاءت على صورة المركب الإضافي (وصورته: مضاف + مضاف إليه ضمير): إباضي/ خشبي/ صفري/ عثماني/ قدري/ قعدي/ ناصبي/ واقفي وغير ذلك.
وثمة عدد آخر من المصطلحات جاء على نمط التركيب الوصفي، مكون من موصوف وصفته من مثل: ثبت حافظ/ ثبت حجة/ ثقة ثبت/ ثقة جبل/ صدوق ثقة/ صدوق مبتدع/ عدل حافظ/ عدل ضابط / متقن ثبت/ وضاع واه وغير ذلك.
وثمة عدد آخر أكثر تواترًا جاء على نمط التركيب الإسنادي بصوره الثلاثة؛ الاسمي والفعلي، وشبه الجملي، ومن أمثلتها جميعًا: البلاء فيه من فلان/ جبل في الكذب/ صدوق له أوهام/ غيره أقوى منه/ فلان أحب إلي فيه/ فلان أوثق منه/ فلان تعرف وتنكر/ له أوابد/ له غرائب، وغير ذلك.
وربما جاء التركيب الاسمي مفتتحًا بفعل ناسخ من مثل: ليس بالثقة/ ليس بالحافظ/ ليس بالحجة/ ليس بشيء/ ليس من أهل الحفظ... إلخ.
وربما جاء التركيب الاسمي مفتتحًا بلا النافية للجنس وهي ملحقة بالحروف الناسخة من مثل: لا أحد أثبت منه/ لا شيء... إلخ.
ومما جاء من هذه المصطلحات في صورة تركيب فعلي: اختلف فيه/ ارم به/ تركوه/ تغير/ سكتوا عنه/ طعنوا فيه/ طرحوه/ يتكلمون فيه/ يروى عنه... إلخ.
وتفسير كثرة أمثلة هذا النمط التركيبي الإسنادي راجع إلى التنوع الذي يتميز به التركيب الإسنادي الاسمي بتعدد أشكال خبرة وبدخول النواسخ عليه، والتركيب الفعلي بتعدد أشكاله بناء للمعلوم والمجهول، وإثباتًا ونفيًا، وهو التنوع المناسب لتنوع أحوال الرواة جرحًا وتعديلًا.
وهذان النمطان الرئيسيان وما تفرع عنهما من أنماط تحتهما دليل حاسم على مرونة اللغة العربية.
إن دراسة الجهاز الاصطلاحي لعلم الجرح والتعديل تنتج حقيقة مهمة جدًّا مفادها الإخلاص العظيم للعلم، وتقدير منزلته السامية عن طريق حياطته بعلم كامل يقف أمام حامليه ورواته للناس بفحص أحوالهم، وبيان صفة كل راو من جهة الجرح و الرد واطراح المرويات، أو من جهة التعديل والقبول، واعتماد المرويات.
وهذه أول قيمة من القيم الحضارية الكامنة في هذا الجهاز الاصطلاحي لهذا العلم، ذلك أن حماية العقل المسلم بحماية ما يروى له، أو ينقل إليه من مواد العلم المختلفة بعد حضاري مهم جدًّا يعكس الروح الحضارية التي أنيتها الإسلام في تربة الثقافة الإنسانية.
ومن جهة ثانية فقد أمد هذا الجهاز الاصطلاحي منهج العلم الإسلامي ثم الإنساني روحًا نقدية دعمت ما ورثته مناهج العلوم عن اليونان القدماء، وغذته، وعمقت جذور هذه الروح النقدية، وفتحت أمامها آفاقا جديدة لم تكن موجودة من قبل.
ومن جهة ثالثة فقد أوجد هذا الجهاز الاصطلاحي مثال على قدرة العقل العربي بفضل الإسلام العظيم على الابتكار والتجديد، وتأسيس المعرفة اللازمة لتعميق آثار العلم في الحياة.
ومن جهة رابعة فقد أعطى هذا النموذج شعورًا قويًّا بقدرة اللسان العربي على استيعاب المفاهيم المستحدثة، بما ظهر من مرونتها في التعبير الشكلي أو الصرفي عن مفاهيم الجرح والتعديل في صور وأنماط متنوعة بشكل ظاهر.
ومن جهة أخرى فإن ما تراكم من مصادر الجهاز الاصطلاحي لعلم الجرح والتعديل له أثر آخر مهم جدًّا لما قدمه هذا الفرع المعرفي من دليل على ترقية الإسلام للحضارة والحياة العقلية العربية والإسلامية بوجه خاص وللإنسانية بوجه عام.
ولم تقف حدود هذا الأثر الحضاري عند حدود التطبيقات في مجال علم الحديث النبوي الشريف فقط، وإنما تجاوزته إلى عدد آخر من العلوم في الثقافة العربية الإسلامية والإنسانية فأثرت في مناهجها المختلفة.
ومن أظهر الأمثلة على التأثر بمناهج الجرح والتعديل في مجال دراسة اللغة العربية ما يلي:
أولًا: تصميم عدد من المعجمات العربية على نتائج علم الجرح والتعديل، وتطبيقاتها على المرويات اللغوية على ما نرى في بناء معجم تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل بن حماد الجوهري، المعروف بمعجم الصحاح، وفي معجم تهذيب اللغة، لأبي منصور الأزهري، حيث ظهر من خلال بنائهما ومقدماتهما التأثير الواضح والمباشر لقيمة بيان أحوال علماء اللغة ورواتها وصولًا إلى تقدير مروياتهم في هذا الباب العلمي.
ثانيًا: تصميم قطاه من أدبيات فقه اللغة، على ما أحدثه علم الجرح والتعديل في الحضارة العربية، وهو ما نراه بشكل واضح جدًّا في بناء كتاب «المزهر في علوم اللغة» للسيوطي، وهو أوسع مصادر فقه اللغة العربية القديمة، حيث استلهم السيوطي منجز علم الحديث ولاسيما في فرع الجرح والتعديل في تقسيماته للكتاب، وتقسيماته لقضاياه ومسائله ومعالجاته التفصيلية.

ومن هنا فإننا نقرر بشكل إجمالي لا شبهة للمجاز فيه أن علم الجرح والتعديل، وجهازه الاصطلاحي يقدم مثالًا فريدًا على إيجابية العقل المسلم، وقدراته الفائقة في الميدان العلمي الحضاري.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.50 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]