|
|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عقوبة الاعتداء على المال بالسرقة والحرابة
عقوبة الاعتداء على المال بالسرقة والحرابة سجاد أحمد بن محمد أفضل إن الإسلام يحافظ على المال الذي هو أصل من الأصول الخمسة، وإن من حق الإنسان أن يكون له مالٌ يستعين به في معيشته ليقوم بحقوق دينه ودنياه على أكمل وجه. والمال هو الذي تتوقف عليه حاجات الإنسان في كل زمان ومكان. ولما كان هذا شأن المال وضع الإسلام نظامًا كاملًا يكفل حفظ أموال الناس وصيانتها من العبث والضياع، من ذلك أن حرم الإسلام أكل أموال الناس بالباطل، فحرم الربا والغصب والرشوة والسرقة وغير ذلك. والاعتداء على المال يأتي من جهتين: 1- السرقة. 2- الحرابة أو قطع الطريق. أولاً: السرقة. يعرفها الفقهاء بأنها "الأخذ على سبيل الاستخفاء"[1]. وقال الراغب: أخذ ما ليس له أخذه في خفاء وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص[2]. وشرع الله تعالى عقابًا رادعًا زاجرًا لكل من يتعدى على أموال الناس بالسرقة. ونص القرآن الكريم على قطع يد السارق بقوله تعالى ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[3]. فقرر الله تعالى قطع يد كل من يأخذ مال غيره على وجه الخفية والاستتار عقابًا على صنيعه السيء وحيث أخذ أموال الناس بيده ناسب أن يقطع ما استعان به في ذلك تنكيلا من الله تعالى على ارتكاب ذلك. وقد بينت السنة الشريفة مقدار نصاب السرقة التي توجب القطع. فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تقطع يد السارق في ربع دينار"[4]. وعن أبي هريرة رضي[5] رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده"[6]. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال "قطع النبي صلى الله عليه وسلم في مجن ثمنة ثلاثة دراهم"[7]. وغير ذلك من الأحاديث التي توضح ما شرعه الله تعالى من عقوبة للسارق وذلك حفظًا لأموال الناس ومتعًا من الإعتداء عليها وتأكيدًا لأمن الناس وراحتهم. ثانياً/ الحرابة أو قطع الطريق: يعرفها الفقهاء "بأنها الخروج على المارة لأخذ المال على سبيل المغالبة على وجه يمتنع المارة عن المرور وينقطع الطريق، سواء كان القطع من جماعة أو من واحد بعد أن يكون له قوة القطع، وسواء كان القطع بسلاح أو غيره. وسموا مرتكب هذه الجريمة بالمحارب[8]. والفرق بين السرقة والحرابة، أن في السرقة يؤخذ فيها المال دون علم المجني عليه دون رضا، أما في الحرابة يؤخذ فيها المال بعلم المجني عليه ولكن بغير رضاه على سبيل المغالبة[9]. وقد نص القرآن الكريم على تحريم هذه الجرمة وشدد في عقوبتها. فقد شرع عقوبة قوية زاجرة على قطاع الطريق والمحاربين لله تعالى الذين يغتصبون أموال الناس ظلمًا وكرهًا ويخرجون على المارة لسلب أموالهم على سبيل المغالبة والتخويف والفساد في الأرض. قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾[10]، فاعتبر الله تعالى قاطع الطريق محارب الله ولرسوله، لأنه يحارب شرع الله ويحارب المجتمع الذي جاء الإسلام لحمايته وتثبيت أمته وسلامته لذلك وضع الإسلام لكل من يفعل ذلك عقوبة تتناسب مع بشاعة جريمته. روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال "إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا. وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف. وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا نفوا من الأرض"[11]. ولقد أوقع الرسول صلى الله عليه وسلم أفظع العقوبات على من فعل ذلك. روى عن أبن مالك رضي الله عنه: "أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ألا ترجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها؟" فقالوا بلى فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا[12]. هذا ما شرعه الله تعالى من عقوبات للجرائم الكبيرة التي تهدد كيان المجتمع وتصيب بنيانه وتخيف أفراده وتسلب سلامته وأمنه. [1] بدائع الصنائع، للكاساني، 7 /65. [2] المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، ص: 236، 237. [3] سورة المائدة. آية 38. [4] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب قول الله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾، ص: 1170، رقم الحديث: 6789. [5] هو عبد الرحمن بن صخر وقيل عبد الشمس وعبد الله كان أكثر الصحابة حفظاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم رواية كناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هريرة أسلم عام خيبر روى عنه أكثر من 800 رجل بين صحابي وتابعي توفي سنة 57هـ انظر الإصابة 4 /202 - 211 وأسد الغابة 6 /318 - 321. [6] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب لعن السارق إذا لم يسم، ص: 1169، رقم الحديث: 6783. [7] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب قول الله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾، ص: 1171، رقم الحديث: 6797. [8] بدائع الصنائع، للكاساني، 7 /90، 91. [9] التشريع الجنائي الإسلامي، عبدالقادر عودة، 2 /514، ط: الرابعة عشرة، مؤسسة الرسالة، بيروت 1997م. [10 ] سورة المائدة. آية 33. [11] تفسير القرآن العظيم، لغبن كثير، ص: 612. [12] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب حكم المحاربين والمرتدين ص: 738، رقم الحديث: 10.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |