تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد) - الصفحة 8 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4411 - عددالزوار : 849035 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3941 - عددالزوار : 385562 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 171 - عددالزوار : 59782 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 162 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 28264 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 797 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السلفيون ومراعاة المصالح والمفاسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 687 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 100 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 12-04-2019, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (71)



الجامع الصحيح للإمام البخاري(1-20)




التعريف بالإمام البخاري :

هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي مولاهم ، شيخ الإسلام وإمام الحفاظ ، أمير المؤمنين في الحديث ، كان مولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة ، ومات سنة ست وخمسين ومائتين للهجرة.

وإذا كانت هناك صفات ينبغي أن تتوافر في أئمة الحديث ونقده ، وأهمها :

1 - حفظهم للحديث ، صحيحه وسقيمه ، وتمييز هذا من ذاك .

2- أنهم من العلماء والفقهاء بالسنن والآثار .

3 - أن لهم معرفة واسعة برواة الآثار ، معرفة تمكنهم من الحكم عليهم ومعرفة العدول منهم من المجروحين .

4 - توافر التقوى فيهم والورع والزهد وطهارة الخلق وصفاء النفس .

5 - أنهم من الذين يجهرون بالحق ، لا يخافون في الله لومة لائم عند السلطان أو المنحرفين عن الدين من ذوي البدع .

6 - أنهم أصحاب عقل سديد ، ومنطق حسن ، وبراعة في الفهم (1).

إذا كان الأمر كذلك فقد توافر بحمد الله تعالى للإمام البخاري كل هذا ، كما تترجم عنه السطور التالية من حياته :

أولا : حفظ الإمام البخاري القرآن الكريم كله ، وشيئا من الحديث النبوي الشريف ولما يتجاوز العاشرة من عمره ، وبعدها خرج إلى شيخ الحديث يكتب عنهم ويسمع منهم ، ولم يبلغ الحادية عشرة من عمره حتى كانت له معرفة بالحديث تمكنه من مراجعة الشيوخ الكبار وبيان أخطائهم . يقول الإمام البخاري مؤرخا لهذه الفترة من حياته ــ فيما يرويه عنه ــ وراقه محمد بن أبي حاتم الوراق قال : " سمعت البخاري يقول : ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب . قلت : وكم أتى عليك إذ ذاك ؟ فقال : عشر سنين أو أقل ، ثم خرجت من الكتاب فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره ، فقال يوما فيما كان يقرأ للناس : " سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم " فقلت : إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم ، فانتهرني ، فقلت له ارجع إلى الأصل إن كان عندك ، فدخل فنر فيه ، ثم رجع فقال : كيف هو يا غلام فقلت : " هو الزبير وهو ابن عدي عن إبراهيم " فأخذ القلم ، وأصلح كتابه ، وقال لي : صدقت . قال : فقال له إنسان : ابن كم حين رددت عليه فقال : ابن إحدى عشرة سنة "(2)

ثانيا : وازدادت معرفة الإمام البخاري بالحديث رواية ودراية ، يساعده على ذلك ملكته الحافظة ، ورحلاته العديدة إلى مدن العالم الإسلامي ، كي يسمع من شيوخها ويكتب عنهم بعد أن سمع من الشيوخ في موطنه وحفظ ما عندهم من الحديث .

وبدأ رحلاته بمكة المكرمة ليلتقي هناك بكثير من العلماء في موسم الحج ، ثم رحل بعد ذلك إلى بغداد ، والبصرة ، والكوفة ، والمدينة ، والشام ، وحمص ، وعسقلان ، ومصر ، وبعض هذه البلاد رحل إليه أكثر من مرة ، حتى يستقصي ما عند شيوخه من الحديث كتابة وسماعا .

يقول : " دخلت إلى الشام ، ومصر ، والجزيرة مرتين ، وإلى البصرة أربع مرات ، وأقمت بالحجاز ستة أعوام ، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين "(3)

وكانت له همة عالية وإخلاص وافر في تحصيل العلم وتدوينه ، يؤثره على نومه وراحته ، فقد روي أنه كان يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه ويكتب الفائدة تمر بخاطره ، ثم يطفئ سراجه . وقد يفعل ذلك قريبا من عشرين مرة في الليلة الواحدة .(4)

ثالثا : وكانت نتيجة هذا كله الإلمام الواسع بالأحاديث صحيحها وسقيمها ، وبجميع الرواة العدول منهم والمجروحين ، فحفظ في سن مبكرة كتب إمامين كبيرين من أئمة الحديث ، وهما عبد الله بن المبارك و وكيع بن الجراح (5) ، وكان ذلك في السادسة عشرة من عمره ، وفي الثامنة عشرة كان قد بلغ درجة من العلم في فقه الصحابة تمكنه من التصنيف فيه . يقول : " لما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك و وكيع ، وعرفت كلام هؤلاء ، يعني أصحاب الرأي ، فلما طعنت في ثماني عشرة سنة صنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين(6).

ويقول مبينا مدى معرفته بأحاديث الصحابة والتابعين : " لا أجئ بحديث عن الصحابة والتابعين غلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة والتابعين ــ يعني من الموقوفات ــ إلا وله أصل أحفظ عن كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم "(7)

رابعا : ولم يكن البخاري جماعا للعلم الكثير دون تريث ، وإنما كان ينتقي رجاله ، ويستوثق من أحاديثهم .

يقول : " لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء ، كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه ، وكنيته ، ونسبته ، وحمل الحديث إن كان الرجل فهما ، فإن لم يكن سألته أن يخرج إلىَّ أصله ، ونسخته ، أما الآخرون فلا يبالون بما يكتبون " (8)






(1) - راجع صفات أئمة الجرح والتعديل في تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم .

(2) - هدي الساري ص 478 ، 479 .

(3) - هدي الساري ص 479 .

(4) - هدي الساري ص 483 ، طبقات الشافعية ( 2 / 220 )

(5) - تذكرة الحفا ( 2/ 555 ) .

(6) - هدي الساري ص 479 .

(7) - هدي الساري ص488 .

(8)- تاريخ بغداد ( 2 / 25 ) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #72  
قديم 14-04-2019, 11:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (72)


الجامع الصحيح للإمام البخاري(2-20)




خامسا: كما أودع ثمرة هذا كله في كتبه المختلفة التي ألفها في علوم الحديث والفقه(1) ، ومن أهم هذه المؤلفات : الجامع الصحيح ، والمسند الكبير،والأدب المفرد،والتاريخ الصغير والكبير،والتفسي ر الكبير.

والجامع الصحيح ، والتاريخ الكبير : يدلان دلالة كبيرة على علمه الواسع بالرواية والدراية في علوم الحديث ، والأول يدل على علمه بالفقه .

أما (الجامع الصحيح ):فإنه وإن لم يحص فيه جميع الأحاديث الصحيحة ، كما سنعرف بعد قليل ، وإنما انتقى فيه بعضها ــ فقد أودع فيه مادة تدل على سعة علمه وحفظه ــ وطبيعي أنه لا يمكنه الاختيار والانتقاء ، كما فعل في هذا الكتاب إلا إذا كانت عنده مادة حديثيه كبيرة تمكنه من الاختيار والموازنة والمقارنة ، كما أثبت في هذا الكتاب اتجاها فقهيا قد يختلف كثيرا عن الاتجاهات التي سبقته أو عاصرته ، كما سنعرف إن شاء الله تعالى.

وأما كتابه ( التاريخ الكبير ):ففيه أكثر من اثنتي عشرة ألف ترجمة للرواة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى عصره.

سادسا : وشهادات أئمة الحديث له ــ وما أكثرها ــ تحمل في طياتها مقدار علم الرجل وسبقه في ميادين علوم الحديث ، سماه الإمام مسلم : " سيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله " ، ويقول الإمام الترمذي : " لم أر أحدا بالعراق ، ولا بخراسان في فهم العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل " ، وقال ابن خزيمه : " ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري"(2).

وقصته مع أهل بغداد تدل على سعة علمه ، كما تدل على ذكائه وقوة حافظته :

لما قدم بغداد اجتمع عليه علماؤها وأرادوا امتحانه ، فعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ــ يعني جعلوا متن هذا لإسناد ذاك ، وإسناد ذاك لمتن هذا ــ ثم أعطوا كل واحد منهم عشرة أحاديث منها ، فألقى عليه الأول العشرة التي عنده ، فكان كلما ذكر حديثا قال له البخاري : لا أعرفه وهكذا حتى انتهى العشرة من سرد ما عندهم ، فصار الجهلاء من الحاضرين يحكمون على البخاري في أنفسهم بالعجز والتقصير ، وأما العلماء منهم فيقولون : فهم الرجل ، ثم التفت البخاري إلى الأول ، فقال له : أما حديثك الأول فصحته كذا ، وأما حديثك الثاني فصحته كذا ، حتى انتهى من أحاديثه العشرة ، ثم التفت إلى الثاني والثالث وهكذا إلى العاشر ، يذكر الحديث المقلوب ، ثم يذكر صحته ، فلم يجد علماء بغداد بدا من الاعتراف له بالحفظ والتبريز والإحاطة.

والعجيب ــ كما قال ابن حجر ــ هو سرده للأحاديث على الترتيب الذي سمعه من الممتحنين مرة واحدة ، إن هذا ولا شك ــ كما قدمنا ــ يدل على حافظة قوية ، وبديهة حاضرة ، وحفظ متمكن (3).





(1) ــ انظر إحصاء بتآليف البخاري عند ابن حجر في هدي الساري ص492 ــ 494 .

(2) ــ هدي الساري ص486 .

(3) ــ هدي الساري ص 487 .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #73  
قديم 14-04-2019, 11:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (73)



الجامع الصحيح للإمام البخاري(3-20)





سابعا : ويزين علم الرجل هذا ورع وتقوى وزهد :فتنأى به كلها عن الغرور الذي يفسد بعض العلماء ، وعن الانشغال بالدنيا وتسخير العلم لمغرياتها والتكالب عليها ، فيتخلق بأخلاق لا تليق بما يحمله من العلم النبوي الشريف ، ومن مظاهر هذا في حياة الرجل :

1 ــ أنه كان لا يشتري لنفسه شيئا ولا يبيعه ، وإنما يوكل في هذا غيره ، لخوفه من أن ينزلق فيما يغضب الله تعالى ، ولو من غير قصد منه ، وللنأي بسمعه ولسانه عن السوق ، وما يحدث فيه من لغو وباطل ، يقول : " ما توليت شراء شيء قط ولا بيعه ، كنت آمر إنسانا فيشتري لي ، قيل له : ولم ؟ قال : لما فيه من الزيادة والنقصان والتخليط "(1)

2 ــ وكان له مال كثير ينفق منه سرا وجهرا على طلاب العلم وما يلزمه في طلب العلم من شراء الورق والرحلة ، يقول : كنت أستغل في كل شهر خمسمائة درهم فأنفقها في الطلب ، وما عند الله خير وأبقى (2).

3 ــ خرج يوما إلى أحد شيوخه فتأخرت نفقته ، فجعل يتناول من خضروات الأرض ، ولا يسأل أحدا شيئا ، حتى وصل إليه المال (3).

4 ــ كان يخشى الله أن يقدم إليه وقد أساء إلى أحد من عباده ، فأحسن معاملة الخلق وسار فيهم سيرة حسنة ، يقول : " لا يكون لي خصم يوم القيامة ، فقيل له : إن بعض الناس ينقمون عليك التاريخ ، يقولون فيه اغتياب الناس ، فقال : إنما روينا ذلك رواية ، ولم نقله من عند أنفسنا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بئس أخو العشيرة ) ، وقال : ما اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة حرام (4).

5 ــ وأحسن صلته بالله تعالى فكان يدعوه فيستجيب له دعاءه ، يقول : " دعوت ربي مرتين فاستجاب لي ، فلن أحب أن أدعو بعد ، فلعله ينقص من حسناتي "(5) .

6 ــ وكان يرى أن ينبغي أن يزكيها بالصلاة والركوع لله رب العالمين ، فعسى الموت أن يفاجئها نفس المرء عبء عليه فلا تجد ما تقدمه يوم الحساب ، فكان يقول :

اغتنم في الفراغ فضل ركوع فعسى أن يكون موتك بغتة

كم صحيح رأيت من غير سقم ذهبت نفسه الصحيحة فلتة

ونعى إليه أحد أحبابه ، فأنشد :

إن عشت تفجع بالأحبة كلهم وبقاء نفسك لا أبا لك أفجع (6)

7 ــ ولحرصه على نظافة لسانه من أن تدنسه كلمة قد لا تكون حقا أنه كان في نقده للرجال لا يطلق على الكذابين ألفاظا صريحة تدل على كذبهم ، وإنما يطلق عليهم ــ في غالب الأحيان ــ ما يبين حالهم بشيء من الأدب ، وبالعبارات المهذبة ، فكثيرا ما يقول في الرجل الذي يعرف كذبه : " فيه نظر " ــ " تركوه " ــ " سكتوا عنه " وأصرح ما قاله في رجل " منكر الحديث " .

قال ابن حجر : " وللبخاري في كلامه على الرجال توق زائد ، وتحر بليغ ، يظهر لمن تأمل كلامه في الجرح والتعديل "(7).

ثامنا : وكان يعتز بعلمه ، ويرى أنه يجب على كل مستفيد أن يسعى إليه ، ويرد إليه كل طالب ورده ، حتى لو كان هذا سلطانا أو أميرا ، فهو لا يخشى في الله ودينه لومة لائم .

بعث إليه أمير بخارى يطلب منه أن يحمل إليه كتابي الصحيح والتاريخ ليسمعهما منه ، فقال الإمام البخاري للرسول : قل له : إني لا أذل العلم ، ولا أحمله إلى أبواب السلاطين ، فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي ، أو في داري ، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان فامنعني من المجلس ، ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم(8).







(1) ــ هدي الساري ص 480 .

(2) ــ هدي الساري ص480 .

(3) ــ هدي الساري ص440 .

(4) ــ هدي الساري ص 481 .

(5) ــ هدي الساري ص 481 .

(6) ــ هدي الساري ص 482 .

(7) ــ هدي الساري ص81 .

(8) ــ هدي الساري ص 494 .، وكتب السنة ، دراسة توثيقية ص 58 ــ 62 .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #74  
قديم 14-04-2019, 11:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (74)

الجامع الصحيح للإمام البخاري(4-20)
والخلاصة :
أنه كان لممارسة الإمام البخاري للحديث وعلومه ، تحصيلا وتدريسا وتصنيفا وحفظا وضبطا ــ على النحو الذي ذكرنا جانبا منه ــ أثره الكبير فيه ، فتوفر له بذلك أمور منها :
1 ــ مادة علمية غزيرة بمتون الأحاديث وأسانيدها .
2 ــ إلمام واسع بتاريخ الرجال ومروياتهم ، وخبرة بثقاتهم وضعفائهم مما هيأ له أسباب الانتخاب والاختيار من مروياتهم .
فضلا عن التقائه بشيوخ عصره في مختلف الأمصار الإسلامية وإفادته منهم بالتحصيل والمراجعة والاختبار ، وتهيأ له بهذا كله بعد توفيق الله تعالى أن يقدم للأمة تراثا أصيلا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه ( الجامع الصحيح ) الذي اتفقت كلمة العلماء على أنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم وتلقته الأمة بالقبول .

التعريف بالجامع الصحيح:
تمهيد : تبين لنا أن البخاري حين أقدم على تأليف كتابه ( الجامع الصحيح ) كان قد توفرت له وسائل النضج العلمي .
أ ــ من حيث مادة التأليف وجمعه لها من صدور الرجال في وطنه وفي أقطار العالم الإسلامي التي طوف بها شرقا وغربا .
ب ــ ومن حيث مادة الإفادة من مناهج التأليف ممن سبقه في هذا الفن بحيث لم يجئ تكرارا وإنما ابتكارا ورائدا أوفي فيه على الغاية .
ج ــ ومن حيث الانتخاب والاختيار فكانت عنايته بالكيف أكثر منها بالكم سواء فيما يتعلق بمتون الأحاديث أو بأسانيدها .
وحسبنا أن نعلم أن مجموع ما اختاره في صحيحه من المتون لا يبلغ( 3%)مما يحفظ هو من الصحيح ، وأن مجموع من روى لهم من رجال الصحيح الثقات لا يتجاوز( 5 % ) ممن أجمع العلماء على تصحيح حديثهم.
وتعتبر مؤلفاته قبل ( الجامع ) تمهيدا ووسيلة أهلته ( للجامع ) ولذلك لم يبدأ فيه إلا بعد رحلة واسعة في رحاب العلم وأقطاره والتأليف فيه تدل على ثبات قدم ومعرفة بالحديث ورجاله .

الاسم العلمي للكتاب وبيانه :
هو ( الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ) هكذا ذكره ابن حجر في كتابه هدي الساري (1).
وأسماه ابن الصلاح ( الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ) .
وليس بين التسميتين كبير اختلاف إلا أن الاسم على كلتا الروايتين فيه طول غير مألوف في أسماء الكتب ، ولذلك كان البخاري نفسه يجتزئ ببعض ألفاظ الاسم تحاشيا للطول ، فأحيانا يسميه ( الجامع الصحيح ) (2)، وأحيانا يسميه (الجامع ) كما جاء في قوله : " ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحاح مخافة الطول ) (3) ، وربما اقتصر في التسمية على كلمة (الصحيح ) .
على أن هذا الاسم وإن كان غير مألوف كعنوان لطوله ، إلا أنه جعله بهذا الطول عنوانا دقيقا شاملا لكل مزايا الكتاب وخصائصه ، وموضحا لمنهجه في تأليفه كما يتضح في السطور الآتية :
فهو ( جامع ) : لأنه جمع جميع أقسام الحديث الثمانية ، والتي اصطلح العلماء على أنها إذا وجدت في كتاب سمي جامعا ، وهي ( العقائد ، الأحكام ، الرقاق ، الفتن ، الشمائل والمناقب ، الآداب ، المغازي والسير ، التفسير ) وقد جمعها البعض في كلمة ( عارف شامت ).
وهو ( صحيح ) : في كل ما أورده من أحاديثه الأصول : وهي التي أخرجها في متون الأبواب موصولة السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأفردها بطابع يميزها وينبه إليها وهو التصريح بقوله : ( حدثنا ) وما يقوم مقامها ، والعنعنة بشرطها الذي التزمه وتشدد فيه ، فكل حديث ورد في كتابه على هذا النحو فهو صحيح عنده .
وإذا كان الكتاب قد اشتمل على أحاديث أخرى ليست من شرط صاحبه ، فإن ذلك لا يضيره ما دام قد أعطى كل نوع ما يميزه عن الآخر ، وعلى هذا يفسر قوله : ( ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح ) بأن المراد : أنه لم يدخله على هذا النحو وبهذا الطابع الخاص المشروط من وصله على الطريقة المعينة ، ومعنى ذلك : أنه لم يورده على غرار ما التزمه في أحاديثه الأصول .
وهو ( مسند ) : أي أحاديثه متصلة السند ، فما من حديث في الصحيح إلا وهو متصل ، عدا المعلقات ، فليست مذكورة فيه للاحتجاج بها ، وإنما للاستشهاد أو للاعتبار ، أو هي مروية في الصحيح مسندة وموصولة في غير الكتاب الذي أتت فيه معلقة ، فالعبرة بالمسندة لا بالمعلقة .
وهو ( مختصر ) : لأن البخاري لم يستوعب فيه كل الأحاديث التي صحت عنده على شرطه ، بل اقتصر فيه على مقدار يسير مما كان يحفظه من الصحاح التي بلغ حفظه منها مائة ألف حديث ، وذلك خشية التطويل ، فلم يبلغ ما أورده فيه إلا قرابة عشر المعاشر بالنظر إلى ما يحفظه ، ومما يدل على عدم استيعابه للصحيح ، قوله الذي سبق : ( ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحاح مخافة الطول ).
وقوله ( من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي : من أقواله وأفعاله وتقريراته ، وكل أموره مما يهم الخلق في دينهم ودنياهم ، ومن للتبعيض ، أي أنها ليست كل أموره صلى الله عليه وسلم ، وإنما هي بعض منها .
وقوله ( وسننه ) : أي : طريقته المسلوكة وشمائله المنظورة ، حتى يتحقق بهما الاقتداء والهداية .
وقوله ( وأيامه ) : أي : تواريخه ، وغزواته ، ومبعثه ، ودعوته للقبائل وللملوك في عصره إلى الإيمان والإسلام ، وكل أحواله مما لم يره الرائي أو لم يحضره القارئ .
وبذلك يتبين لنا شمول كتاب البخاري لكل ما يحتاجه المسلم في أمر دينه ودنياه،بل حياته ومماته،بل يوجد فيه ما يكون بعد الممات من بعث وغيره لذا استحق أن يسمى جامعا .
(1) ــ هدي الساري ( 1 / 5 ) .
(2) ــ انظر : هدي الساري ص 91 .
(3) ــ مقدمة ابن الصلاح ص 91 .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #75  
قديم 18-04-2019, 05:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (75)



الجامع الصحيح للإمام البخاري(5-20)



الباعث على تأليفه :

يعتبر صحيح البخاري مرحلة مهمة من مراحل تطور علم الحديث ، إذ كانت المؤلفات في هذا العلم قبله لا تفرد الحديث الصحيح بالتأليف ، وإنما تضم إلى جانب هذا ــ الحديث الحسن والضعيف ، وكان علماء الحديث يفعلون ذلك ثقة منهم بأنه في إمكان أي محدث أو فقيه أن يميز هذا من ذاك ، إذا لم ينص المؤلف على كل منها ، لأنهم وضعوا ــ إلى جانب المؤلفات التي تضم رواية الحديث ــ مؤلفات أخرى في علله ، وتاريخ الرجال وأحوالهم من حيث العدالة والجرح .

ولكن يبدوا أن هذا الأمر أصبح عسيرا في النصف الأول من القرن الثالث الهجري ، فقد استطال السند ، وكثر الرواة ، وكثرت طرق الحديث ، وبالتالي كثرت الأحاديث ، مما أصبح من العسير على غير الأئمة التمييز بين الحديث الصحيح والحسن ، وبين غيرهما وأصبحت الحاجة ماسة إلى كتاب مختصر يضم الحديث الصحيح فقط ، ويبعد ما لم يصح ، لعلة فيه ، أو لضعف في بعض رواته .

وقد أعلن هذه الحاجة المحدث الكبير إسحاق بن راهويه في مجلس من مجالسه العلمية ، وكان هذا المجلس يضم الإمام البخاري ، إذ كان تلميذا من تلاميذه ، فقال : لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم !

وكان أقدر الحاضرين على عمل ذلك الإمام البخاري ، لأنه ــ كما قدمنا ــ توافرت فيه صفات الأئمة القادرين على تمييز الصحيح من غيره ، والموازنة بين المرويات ، وانتقاء ما تتوافر فيه عناصر الثقة والصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول الإمام البخاري مبينا الصلة بين كلام أستاذه وتأليفه كتابه ( الصحيح ) : " فوقع في قلبي ، فأخذت في جمع الجامع الصحيح (1).

والحقيقة أنه كانت هناك رغبه نفسية بالإضافة إلى ذلك في تحقيق هذا الأمل وتمثلت فيما رآه في نومه من أنه يذب بمروحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفسرت هذه الرؤيا بأنه يدفع الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويبين الإمام البخاري أن هذه الرؤيا كانت دافعا إلى تأليف الجامع الصحيح ، إذ رأى أن تحقيق هذه الرؤيا يكون على هذا النحو ، يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه ، وبيدي مروحة أذب بها عنه ، فسألت بعض المعبرين ، فقال لي : أنت تذب عنه الكذب ، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح (2).

ولهذا فقد تناول الإمام البخاري المصنفات في عصره ، وقبل عصره ، واستخرج منها ما صحت نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني : " رأى البخاري هذه التصانيف ورواها ، وانتشق ريَّاها ، واستجلى محياها ، وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين ، والكثير منها يشمله التضعيف فلا يقال لغثه سمين،فحرك همته لجمع الحديث الصحيح،الذي لا يرتاب فيه أمين"(3)


(1) ــ هدي الساري ( ص5 ).

(2) ــ هدي الساري ( ص5 ) .
(3) ــ هدي الساري ( ص5 ) .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #76  
قديم 18-04-2019, 05:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (76)



الجامع الصحيح للإمام البخاري(6-20)



مدة تأليفه وطريقة تصنيفه:

ما علم بالتحديد بداية تأليفه ولا فراغه منه ، غير أنه معلوم أنه حين ألفه عرضه على شيوخه : الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة ( 241هـ ) ، والإمام علي بن المديني المتوفى سنة ( 234هـ )، والإمام يحيى بن معين المتوفى سنة ( 233هـ ) .

وأولهم وفاة يحيى بن معين ، فإن سنة وفاته ( 233هـ ) ، فعلم من ذلك أنه فرغ من تأليفه قبيل ( 233هـ 9 سوى ما ألحقه بعد ذلك ، وقد صنفه في ست عشرة سنة .

قال الإمام الذهبي : قال البخاري : " خرّجته من نحو ست مائة ألف حديث ، وصنفته في ست عشرة سنة ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى "(1).

فإن سُلّم فراغه من تأليفه قبيل ثلاث وثلاثين ومائتين ، وزمان تأليفه ست عشرة سنة ، فأقصى ما يقال فيه : " إنه بدأ تأليفه سنة سبع عشرة ومائتين ، إذ كان عمره ثلاثا وعشرين سنة "

وقال البخاري أيضا : ما كتبت في الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين .

وقال : صنفت كتابي الجامع في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثا حتى استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته .

وقد روى ابن عدي عن جماعة من المشايخ أن البخاري دون تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين

قال ابن حجر : الجمع في أنه كان يصنفه في البلاد أنه ابتدأ تصنيفه وترتيبه وأبوابه في المسجد الحرام ثم كان يخرج الأحاديث بعد ذلك في بلده وغيرها ويدل عليه قوله : إنه أقام فيه ست عشرة سنة فإنه لم يجاور بمكة هذه المدة كلها .

وقال: سمعته يقول: لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء ، كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث، إن كان الرجل فهما. فإن لم يكن سألته أن يخرج إلي أصله ونسخته، فأما الآخرون لا يبالون ما يكتبون، وكيف يكتبون.

وحين انتهى من تأليف كتابه عرضه على مشايخه فاستحسنوه ، قال أبو جعفر العقيلي : " لما صنّف البخاري كتاب الصحيح عرضه على ابن المديني وأحمد بن حنبل ويحي بن معين، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث ". قال العقيلي : "والقول فيها قول البخاري وهي صحيحه " (2)




عدد أحاديثه:

قال ابن الصلاح في عدها ، هي : ( 7275) بالمكرر ، وبإسقاط المكرر ( 4000) .

وتعقب ذلك الحافظ ابن حجر فقال :

- الأحاديث المرفوعة بالمكرر ( 7397) - سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وتسعون حديثا سوى المعلقات والمتابعات .

- الأحاديث المرفوعة بلا تكرار ( 2602) ألفا حديث وستمائة وحديثان .

قال: وبين هذا العدد الذي حررته والعدد الذي ذكره بن الصلاح وغيره تفاوت كثير، وما عرفت من أين أتى الوهم في ذلك ، ثم تأولته على أنه يحتمل أن يكون العاد الأول الذي قلدوه في ذلك كان إذا رأى الحديث مطولا في موضع ومختصرا في موضع آخر يظن أن المختصر غير المطول ، إما لبعد العهد به ، أو لقلة المعرفة بالصناعة ، ففي الكتاب من هذا النمط شئ كثير ، وحينئذ يتبين السبب في تفاوت ما بين العددين والله الموفق

- ( المعلقات المرفوعة ) : ( 159) حديثا

وإذا ضم إليه المتون المعلقة المرفوعة وهي مائة وتسعة وخمسون حديثا صار المجموع الخالص ( 2761) ألفي حديث وسبعمائة وإحدى وستين حديثا

( جميع المعلقات ) وجملة ما فيه من التعاليق ( 1341) ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعون حديثا وأكثرها مكرر .

وليس فيه من المتون التي لم تخرج من الكتاب ولو من طرق أخرى إلا مائة وستون حديثا وجملة ما فيه من المتابعات والتنبيه على اختلاف الروايات ثلاثمائة وأربعة وأربعون حديثاً .

فجملة ما فيه بالمكرر ( 9082) تسعة آلاف واثنان وثمانون حديثا خارجا عن الموقوفات على الصحابة والمقطوعات على التابعين (3)





(1) ــ مقدمة القسطلاني ص 15 .

(2) ــ هدي الساري ص 513 ، 514 .


(3) ــ هدي الساري ص 489 ــ 493 .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #77  
قديم 18-04-2019, 05:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (77)




الجامع الصحيح للإمام البخاري(7-20)



عدد كتبه و أبوابه ومشايخه :



لأبي محمد عبدالله بن أحمد بن حمويه ( ت381 هـ) جزء مفرد فيه عدد أبواب صحيح البخاري وما في كل باب من حديث .

وقد أودع الحافظ النووي هذا الجزء في أول شرحه لصحيح مسلم ( 1/7) .

أما كتبه : فـعددها ( 100) مائة وشيء

وأما أبوابه :فـعددها ( 3450) ثلاثة آلاف وأربعمائة وخمسون بابا مع اختلاف قليل

وأما مشايخه الذين خرج عنهم في الصحيح : فعددهم ( 289) مائتان وتسعة وثمانون

عدد من تفرد بالرواية عنهم دون مسلم ( 134) مائة وأربعة وثلاثون

وتفرد أيضا بمشايخ لم تقع الرواية عنهم لبقية أصحاب الكتب الخمسة إلا بالواسطة - ووقع له اثنان وعشرون حديثا ثلاثية الإسناد

مجمل منهجه في ترتيب كتابه :

- بدأ البخاري بقوله ( كيف بدء الوحي ) ولم يقل كتاب بدء الوحي .

قال ابن حجر : ويظهر لي أنه إنما عراه من باب لأن كل باب يأتي بعده ينقسم منه فهو أم الأبواب فلا يكون قسيما لها ، وقدمه لأنه منبع الخيرات وبه قامت الشرائع وجاءت الرسالات ومنه عرف الإيمان والعلوم .

- ثم ذكر ( كتاب الإيمان ) و ( كتاب العلم ) لأن الإيمان أشرف العلوم فعقبه بكتاب العلم

- ثم ذكر ( كتاب الطهارة ) و ( كتاب الصلاة ) لأنه بعد العلم يكون العمل وأفضل الأعمال البدنية الصلاة ولا يتوصل إليها إلا بالطهارة .

- ثم ( كتاب الزكاة ) ثم ( المناسك ) ثم ( الصوم ) على ترتيب ما جاء في حديث بني الإسلام على خمس واختلفت النسخ في الصوم والحج أيهما قبل الآخر .

قال ابن حجر : ظهر لي أن يقال في تعقيبه الزكاة بالحج أن الأعمال لما كانت بدنية محضة ومالية محضة وبدنية مالية معا رتبها كذلك فذكر الصلاة ثم الزكاة ثم الحج ولما كان الصيام هو الركن الخامس المذكور في حديث ابن عمر بني الإسلام على خمس عقب بذكره وإنما أخره لأنه من التروك .

- وعقد ( باباً لزيارة المسجد النبوي ، وحرم المدينة ) لأن الغالب أن من يحج يجتاز بالمدينة الشريفة فذكر ما يتعلق بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بحرم المدينة.

- ثم ( كتاب البيوع ) لأنه التراجم المتقدمة كلها معاملة العبد مع الخالق ، وبعدها معاملة العبد مع الخلق فقال كتاب البيوع و ذكر بعده ما يتعلق به من كتب و أبواب وختمها بكتاب الوصايا و الوقف

- ثم ( كتاب الجهاد ) لما انتهى ما يتعلق بالمعاملات مع الخالق ثم ما يتعلق بالمعاملات مع الخلق أردفها بمعاملة جامعة بين معاملة الخالق وفيها نوع اكتساب فترجم كتاب الجهاد

- ثم ( كتاب بدء الخلق ) قال ابن حجر : ويظهر إلى أنه إنما ذكر بدء الخلق عقب كتاب الجهد لما أن الجهاد يتشمل به على إزهاق النفس فأراد أن يذكر أن هذه المخلوقات محدثات وأن مآلها إلى الفناء وأنه لا خلود لأحد انتهى .

- ثم ( كتاب الأنبياء ) ثم ( كتاب المناقب ) ثم ( كتاب فضائل الصحابة )

- ثم ( كتاب المغازي ) على ترتيب ما صح عنده وبدأ بإسلام ابن سلام تفاؤلا بالسلامة في المغازي ثم بعد إيراد المغازي والسرايا ذكر الوفود ثم حجة الوداع ثم مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وما قبض صلى الله عليه وسلم إلا وشريعته كاملة بيضاء نقية وكتابه قد كمل نزوله فأعقب ذلك

- ( كتاب التفسير ) ثم ( كتاب فضائل القرآن ) .

- ثم ( كتاب النكاح ) ف( الطلاق ) و ( النفقات ) .

ولما انقضت النفقات وهي من المأكولات غالباً ذكر

- ( كتاب الأطعمة ) و ( العقيقة ) و ( الذبائح والصيد ) و ( الأضاحي) ثم ( الأشربة) ولما كانت المأكولات والمشروبات قد يحصل منها في البدن ما يحتاج إلى طبيب ذكر :

- ( كتاب المرضى ) و ( كتاب الطب ) ولما انقضى الكلام على المأكولات والمشروبات وما يزيل الداء المتولد منها ، ذكر

- ( كتاب اللباس ) وكان كثير منها يتعلق بآداب النفس فأردفها

-( بكتاب الأدب ) ثم ( الاستئذان ) ولما كان السلام والاستئذان سببا لفتح الأبواب السفلية أردفها

- ( بالدعوات ) التي هي فتح الأبواب العلوية ، ثم ( الرقاق ) . ثم

- ( كتاب القدر ) و ( كتاب الأيمان و النذور ) و ( كفارات الأيمان ) ولما تمت أحوال الناس في الحياة الدنيا ذكر أحوالهم بعد الموت فقال

- ( كتاب الفرائض ) ثم أعقبه ( بكتاب الحدود ) وما يتعلق بذلك ويلحق به ويناسبه من كتب و أبواب .

ولما كان أصل العصمة أولا وآخرا هو توحيد الله ختم كتابه به فقال :

- ( كتاب التوحيد ) وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وخفتها ، فجعله آخر تراجم كتابه، فقال : باب قول الله تعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ) وأن أعمال بني آدم توزن ، فبدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات) وختم بأن أعمال بني آدم توزن ، وأشار بذلك إلى أنه إنما يتقبل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى وهو حديث ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) .

وذكر بعض الشرح من المناسبة فيه أن الإنسان يبدأ عمله مستشعراً الإخلاص في العمل ، ويختمه بالتسبيح والحمد لله على التوفيق

قال ابن حجر : والذي يظهر انه قصد ختم كتابه بما دل على وزن الأعمال لأنه آخر آثار التكليف(1) .







(1) ــ هدي الساري ص 494 ــ 497.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #78  
قديم 22-04-2019, 05:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (78)



الجامع الصحيح للإمام البخاري(8-20)



منهج البخاري في تراجم كتابه:

لقد قصد الإمام البخاري في صحيحه إلى أمرين أساسيين :

الأول : صحة الأحاديث المخرجة .

الثاني : استنباط الفوائد الفقهية والنكت الحكمية .

وقد استخرج بفهمه الثاقب من المتون معاني كثيرة فرقها في أبوابه بحسب المناسبة واعتنى فيها بآيات الأحكام وسلك في الإشارات إلى تفسيرها السبل الوسيعة .

أولاً : طريقته في صياغة الترجمة :

1- أن تكون الترجمة دالة بالمطابقة لما يورده ، وقد تكون بلفظ المترجم له أو ببعضه أو بمعناه .

2- وكثيرا ما يترجم بلفظ الاستفهام وبأمر ظاهر وبأمر يختص ببعض الوقائع

3-وكثيراً ما يترجم بلفظ يومئ إلى معنى حديث لم يصح على شرطه ،

4-أو يأتي بلفظ الحديث الذي لم يصح على شرطه صريحا في الترجمة ويورد في الباب ما يؤدي معناه بأمر ظاهر تارة وتارة بأمر خفي ، فكأنه يقول : لم يصح في الباب شيء على شرطي ، ومنها قوله : ( باب اثنان فما فوقهما جماعة ) وهذا حديث يروي عن أبي موسى الأشعري ، وليس على شرط البخاري ، وأورد فيه ( فأذن وأقيما وليؤمكما أحدكما)

5-وربما اكتفى أحيانا بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه وأورد معها أثراً أو آية ، فكأنه يقول : لم يصح في الباب شيء على شرطي .

وللغفلة عن هذه المقاصد الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر أنه ترك الكتاب بلا تبييض .

ولابن المنير كتاب ذكر فيه أربعمائة ترجمة وتكلم عليها ، ولخصها القاضي بدر الدين ابن جماعة وزاد عليها أشياء، ولبعض العلماء كتاب سماه ( فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة ).

ولأبي عبد الله بن رشيد كتاب في مجلد اسمه ( ترجمان التراجم ) وصل فيه إلى كتاب الصيام ، و ذكر ابن حجر أنه لو تم لكان في غاية الإفادة وإنه لكثير الفائدة مع نقصه (1) .


ثانياً : منهجه في سياق الأحاديث في التراجم :

1-يقع في كثير من أبوابه الأحاديث الكثيرة .

2-وفي بعضها ليس فيه إلا حديث واحد ، أو بعض الآثار .

3-وفي بعضها ليس فيه إلا آية من كتاب الله .

4-وبعضها لا شيء فيه البتة ، ومن هنا وقع من بعض من نسخ الكتاب ضم باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب فأشكل فهمه على الناظر فيه .

قال ابن حجر : وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث وهي مواضع قليلة جداً .







(1) ــ انظر :هدي الساري ( 1 / 22 ــ 25 ).ط / دار طيبة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #79  
قديم 22-04-2019, 05:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (78)




الجامع الصحيح للإمام البخاري(9-20)


منهجه في تكرار الحديث وأسبابه :
عرف عن البخاري تكرار الحديث في صحيحه ، لكن قلما يورد حديثاً في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد .
و ذكر ابن حجر عن بعض الشراح أنه وقع في أثناء الحج في بعض النسخ بعد باب ( قصر الخطبة بعرفة ) باب (تعجيل الوقوف) .
قال أبو عبد الله : يزاد في هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكني لا أريد أن أدخل فيه معاداً انتهى
قال ابن حجر : وهو يقتضي أنه لا يتعمد أن يخرج في كتابه حديثا معادا بجميع إسناده ومتنه وإن كان قد وقع له من ذلك شيء فعن غير قصد وهو قليل جدا


أسباب تكرار الحديث :
1- رفع الغرابة ، يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حد الغرابة .
2- إزالة الشبهة عن الرواة ، كأن يخرج أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقليه .
3- بيان اختلاف الرواة ، أن الرواة ربما اختلفت عباراتهم فحدث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى وحدث به آخر فعبر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل يسير بابا مفردا .
4- دفع الإعلال الحديث ، أحياناً يروي أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال ورجح عنده الوصل فاعتمده وأورد الإرسال منبها على أنه لا تأثير له عنده في الوصل
5- ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك .
6- ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلا في الإسناد ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهين حيث يصح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر ثم لقي الآخر فحدثه به فكان يرويه على الوجهين
7- بيان التصريح بالسماع ، ربما أورد حديثا عنعنه راويه فيورده من طريق أخرى مصرحا فيها بالسماع على ما عرف من طريقته في اشتراط ثبوت اللقاء في المعنعن (1) .

منهجه في تقطيع الحديث :
كان من طريقة الإمام البخاري أن يقطع الحديث الواحد في مواضع من " صحيحه" ولا يسوقه بتمامه ، ولهذا أسباب عديدة من أهمها :
1- اشتماله على أكثر من حكم ، قد يكون المتن قصيرا أو مرتبطا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمين فصاعدا فإنه يعيده بحسب ذلك مراعيا مع ذلك عدم إخلائه من فائدة حديثية وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ، ويستفاد من ذلك تكثير الطرق .
2- ضيق مخرج الحديث ، فإن كان الحديث له طريق واحد وقد اشتمل على حكمين فصاعداً أورده مرة موصولاً و أخرى معلقاً .
3- أن يكون المتن مشتملاً على جمل متعددة ، لا تعلق لأحدها بالأخرى فإنه يخرج كل جملة في باب مستقل فراراً من التطويل ، وربما نشط فساقه بتمامه .
والتي ذكرها في موضعين سنداً ومتنا معاداً ثلاثة وعشرون حديثاً .
وأما اقتصاره على بعض المتن من غير أن يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفا على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي حكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه .
وأما اقتصاره على بعض المتن ثم لا يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفاً على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه كما وقع له في حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : ( إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون ) .
هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف أوله ( جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال : أني أعتقت عبداً لي سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا فقال عبد الله : إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون فأنت ولي نعمته فلك ميراثه فإن تأثمت وتحرجت في شئ فنحن نقبله منك ونجعله في بيت المال ).
فاقتصر البخاري على ما يعطي حكم الرفع من هذا الحديث الموقوف وهو قوله : ( إن أهل الإسلام لايسبون ) لأنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الحكم واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس وإذا تقرر ذلك اتضح أنه لا يعيد إلا لفائدة (2) .



(1) ــ انظر : هدي الساري ( 1 / 26 ، 27 ) .
(2) ــ انظر : هدي الساري ( 1 / 27 ــ 28 ).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #80  
قديم 22-04-2019, 05:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (80)



الجامع الصحيح للإمام البخاري(10-20)

المعلقات في صحيح البخاري:

المعلق من المرفوعات على قسمين :
1-( الموصول في الصحيح) ما يوجد في موضع آخر من كتابه هذا موصولاً ، يورده معلقاً مع أنه قد ورد موصولاً في صحيحه حيث يضيق مخرج الحديث إذ من قاعدته أنه لا يكرر إلا لفائدة فمتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكام فاحتاج إلى تكريره فإنه يتصرف في الإسناد بالاختصار خشية التطويل
2-( غير الموصول ) ما لا يوجد فيه إلا معلقاً فإنه على صورتين :
أ-( بصيغة الجزم ) كـ( قال ) و( ذكر )
حكمه : يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه، لكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث فمنه ما يلتحق بشرطه ومنه ما لا يلتحق.
أما ما يلتحق فالسبب في كونه لم يوصل إسناده ، إما لكونه أخرج ما يقوم مقامه فاستغنى عن إيراد هذا مستوفي السياق ولم يهمله ، بل أورده بصيغة التعليق طلبا للاختصار ، وإما لكونه لم يحصل عنده مسموعا ، أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه ، أو سمعه من شيخه مذاكرة فما رأى أن يسوقه مساق الأصل ، وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه ، فمن ذلك أنه قال في كتاب الوكالة : قال عثمان بن الهيثم ، حدثنا عوف حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ قال : ( وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة رمضان ... الحديث بطوله ) . وأورده في مواضع أخرى منها في فضائل القرآن، ، وفي ذكر إبليس ، ولم يقل في موضع منها حدثنا عثمان ، فالظاهر أنه لم يسمعه منه .
وقد استعمل المصنف هذه الصيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدة أحاديث ، فيوردها عنهم بصيغة قال فلان ، ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبينهم .....
وأما ما لا يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحا على شرط غيره ، وقد يكون حسنا صالحا للحجة ، وقد يكون ضعيفا لا من جهة قدح في رجاله ، بل من جهة انقطاع يسير في إسناده ... والسبب في إيراده أنه أراد أن لا يسوقه مساق الأصل
فمثال ما هو صحيح على شرط غيره قوله في الطهارة وقالت عائشة : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) وهو حديث صحيح على شرط مسلم وقد أخرجه في صحيحه .
ومثال ما هو حسن صالح للحجة قوله فيه : وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : ( الله أحق أن يستحيا منه من الناس ) وهو حديث حسن مشهور عن بهز أخرجه أصحاب السنن
ب-( بصيغة التمريض ) كـ ( قيل ) و ( روي )
حكمه : لا يستفاد منها صحة ولا ضعف إلى من علق عنه .
فمنه ما هو صحيح وفيه ما ليس بصحيح .
وذكر ابن حجر أن ما هو صحيح لم يجد فيه ما هو على شرطه إلا مواضع يسيره جداً ، قال : ووجدناه لا يستعمل ذلك إلا حيث يورد ذلك الحديث المعلق بالمعنى .
وأما ما لم يورده في موضع آخر مما أورده بهذه الصيغة :
أ- فمنه ما هو صحيح إلا أنه ليس على شرطه
ب-ومنه ما هو حسن ومنه ما هو ضعيف فرد إلا أن العمل على موافقته
ج-ومنه ما هو ضعيف فرد لا جابر له .
فمثال الأول أنه قال في الصلاة : ويذكر عن عبد الله بن السائب قال : ( قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في صلاة الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع ) وهو حديث صحيح على شرط مسلم أخرجه في صحيحه إلا أن البخاري لم يخرج لبعض رواته
وقال في الصيام : ويذكر عن أبي خالد عن الأعمش عن الحكم ومسلم البطين وسلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس قال قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين . الحديث ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح إلا أن فيه اختلافا كثيرا في إسناده وقد تفرد أبو خالد سليمان بن حيان الأحمر بهذا السياق وخالف فيه الحفاظ من أصحاب الأعمش
ومثال الثاني وهو الحسن : قوله في البيوع ويذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل ) .
وهذا الحديث قد رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن المغيرة وهو صدوق عن منقذ مولى عثمان وقد وثق عن عثمان به ، وله طرق .
ومثال الثالث : وهو الضعيف الذي لا عاضد له إلا أنه على وفق العمل قوله في الوصايا : ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدين قبل الوصية .
وقد رواه الترمذي موصولا من حديث أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي، والحارث ضعيف ، وقد استغربه الترمذي ثم حكى إجماع أهل العلم على القول به.
ومثال الرابع : وهو الضعيف الذي لا عاضد له وهو في الكتاب :
أ*- قليل جداً .
ب ــ وحيث يقع ذلك فيه يتعقبه المصنف بالتضعيف بخلاف ما قبله
فمن أمثلته قوله في كتاب الصلاة : ويذكر عن أبي هريرة رفعه : " لا يتطوع الإمام في مكانه " ولم يصح .
وهو حديث أخرجه أبو داود من طريق ليث بن أبي سليم عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة . وليث بن أبي سليم ضعيف وشيخ شيخه لا يعرف وقد اختلف عليه فيه .
ثم ذكر الحافظ ابن حجر عن النووي اتفاق محققي المحدثين وغيرهم على اعتبار التفريق بين ( صيغ الجزم و صيغة التمريض ) وأنه لا ينبغي الجزم بشيء ضعيف لأنها صيغة تقتضي صحته عن المضاف إليه فلا ينبغي أن تطلق إلا فيما صح .
قال : وقد أهمل ذلك كثير من المصنفين من الفقهاء وغيرهم واشتد إنكار البيهقي على من خالف ذلك وهو تساهل قبيح جداً من فاعله إذ يقول :
في الصحيح ( يذكر، ويروي) وفي الضعيف ( قال) (وروى ) وهذا قلب للمعاني وحيد عن الصواب .
قال : وقد اعتنى البخاري رحمه الله باعتبار هاتين الصيغتين وإعطائهما حكمهما في صحيحه ، فيقول في الترجمة الواحدة بعض كلامه بتمريض وبعضه بجزم مراعياً ما ذكرنا وهذا مشعر بتحريه وورعه .
وعلى هذا فيحمل قوله : ( ما أدخلت في الجامع إلا ما صح ) أي مما سقت إسناده والله تعالى أعلم (1)اهـ .


(1) ــ انظر : هدي الساري ( 1 / 29 ــ 34 ) .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 176.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 170.48 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]