مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216055 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7826 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 52 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859566 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393924 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 02-04-2023, 04:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان



مواعظ رمضان...
(فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)
كتبه/ سعيد محمود
(11)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (فاطر:5)، وقال الله -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14).
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: جَلَسَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ: (إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي، مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا) (متفق عليه)، وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهُمَّ، لا عَيْشَ إِلا عَيْشُ الآخِرَةِ) (متفق عليه).

أخي... إن مِن نظر إلى الدنيا بعين البصيرة، أيقن أن نعيمها ابتلاء، وحياتها عناء، وعيشها نكد، وصفوها كدر، وأهلها منها على وجل؛ إما بسبب نعمة زائلة، أو بلية نازلة، أو منية قاضية!
مسكين مَن اطمأن ورضي بدار حلالها حساب، وحرامها عقاب؛ إن أخذه مِن حلال حوسب عليه، وإن أخذه مِن حرام عُذب به!
مَن استغنى في الدنيا فُتن، ومَن افتقر فيها حزن، ومَن أحبها أذلته، ومَن التفت إليها ونظرها أعمته!
أخي... لقد كشف العليم الرحيم لعباده عن حقيقة الدنيا، وبيَّن لهم قصر مدتها، وانقضاء لذتها، بما يضرب مِن الأمثال الحسية، قال الله -تعالى-: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد:20).

واعلم أخي... رحمني الله وإياك، أن الناس فيها قسمان:
- القسم الأول: فطناء قد وفقهم الله فعلموا أنها ظل زائل، ونعيم حائل وأضغاث أحلام، عرفوا أنها فانية، وأنها مَعُبَر إلى الباقية؛ فرضوا منها بالقليل، فاستراحت قلوبهم مِن همها وأحزانها، واستراحت أبدانهم مِن نصبها وعنائها، فلم تشغلهم عن دينهم، جعلوا الآخرة نصب أعينهم، ففكروا كيف يخرجون مِن الدنيا وإيمانهم سالم، وما يصحبونه معهم إلى قبورهم: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:88-89)، وقال: -تعالى-: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) (عبس:34-36).
أدركوا كل هذا؛ فتأهبوا للسفر الطويل، وأعدوا للحساب جوابًا، وقدَّموا الزاد للمعاد، وخير الزاد التقوى؛ فطوبى لهم، خافوا فآمنوا، وأحسنوا ففازوا وأفلحوا.

- والقسم الثاني من الناس: جهال عمى البصائر، لم ينظروا أمرها، ولم يكشفوا سوء حالها ومآلها، برزت لهم بزينتها ففتنتهم، فإليها أخلدوا، وبها رضوا، ولها اطمأنوا حتى ألهتهم عن الله -تعالى- وطاعته (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر:19).
قال الله -تعالى- عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ . أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (يونس:7-8).
أقاموا الدنيا فهدمتهم، واعتزوا بها مِن دون الله فأذلتهم!
أكثروا فيها مِن الآمال، وأحبوا طول الآجال، ونسوا الموت وما بعده مِن الشدائد والأهوال!
قال الله -تعالى- فيهم: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الزمر:15).
أخي... لقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن خسارة أهل الدنيا؛ لانشغالهم بجمعها، وأخبر عن فلاح أهل الآخرة؛ لانشغالهم بالعمل لأجلها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

ولذا أمر المسلم أن يكون فيها كالغريب، أو عابر السبيل، وأن يعد نفسه مِن أهل القبور، وإذا أصبح فلا ينتظر المساء، وإذا أمسى فلا ينتظر الصباح.
قال المسيح -عليه السلام-: "يا بني إسرائيل، اجعلوا بيوتكم كمنازل الأضياف، فما لكم في العالم مِن منزل، إن أنتم إلا عابري سبيل".
وقال: "يا معشر الحواريين: أيكم يستطيع أن يبني فوق موج البحر دارًا؟ قالوا: يا روح الله... مَن يقدر على ذلك؟! قال: إياكم والدنيا، فلا تتخذوها قرارًا".
واعلم أخي -رحمني الله وإياك-: أن رأس كل خطيئة في العالم أصلها حب الدنيا؛ فبسبب حب الخلود في الدنيا، كانت خطيئة الأبوين قديمًا.
- وبسبب حب الرياسة التي محبتها شر مِن محبة الدنيا، كان ذنب إبليس.
- وبسبب حب الدنيا وجاهها، كان كفر فرعون وهامان وجنودهما.
فاللهم اجعلنا ممن جعلوا الآخرة هي همهم، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-04-2023, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...
(رمضان شهر الصدقة)
كتبه/ سعيد محمود
(12)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" (متفق عليه).
وقد ذكر العلماء في حكمة زيادة جوده -صلى الله عليه وسلم- في رمضان فوائد وأسبابًا كثيرة، منها:
1- شرف الزمان ومضاعفة الأجر فيه.

2- إعانة الصائمين والقائمين على طاعتهم، فينال مِن أعانهم مثل أجرهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
3- أن الجزاء مِن جنس العمل؛ فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه، وإنما يرحم الله مِن عباده الرحماء.
4- أن الصائم لا بد أن يقع منه خلل ونقص، والصدقة تجبر ما فيه مِن الخلل والنقص؛ ولذا شرعت صدقة الفطر.
5- أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله، فإذا بذله لغيره عند الإفطار كان ممن أطعم الطعام على حبه، لينال بذلك ثواب الإيثار.
فيا أخي... هذا شهر الجود والكرم والمواساة، والجود مِن معالي الأخلاق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ الله -تَعالى- كريمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ ويُحِبُّ معَالِي الأَخْلاقَ ويَكْرَهُ سَفْسافَها) (رواه ابن عساكر، وصححه الألباني).
وكان السلف -رضي الله عنه- يواسون مِن إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون:
- كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، وكان يتصدق بالسكر ويقول: "سم

عتُ الله يقول: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (آل عمران:92)، والله يعلم أني أحب السكر!"
لقد تعلموا ذلك مِن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- الذي كان أجود الناس، وأكثر الناس حضًّا لأتباعه على الجود والنفقة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أفْضَلُ الأَعْمالِ أنْ تُدْخِلَ على أخِيكَ المُؤمِنِ سُرُورًا أوْ تَقْضِيَ عنهُ دَيْنًا أوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا) (رواه البيهقي، وحسنه الألباني).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أنْفَعُهُمْ وأحَبُّ الأعْمَالِ إِلَى الله -عَزَّ وجَلَّ- سُرُورٌ تُدْخِلُهُ على مُسْلِمٍ أوْ تَكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً أوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا ولأَنْ أمْشِيَ مَعَ أخِي المُسْلِمِ فِي حاجَةٍ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ فِي هَذَا المَسْجِدِ شَهْرًا) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ خَفِيًّا تطفئ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي العُمُر، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ) (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ) (متفق عليه).
فيا أخي... انظر إلى عظيم كرم الله؛ إن هذه البغي سقت كلبًا مِن العطش فغفر لها! فما ظنك بكرمه إذا أطعمتَ وسقيتَ مسلمًا صائمًا؟!
أخي... للصدقة وجوه كثيرة تُغتنم منها الحسنات، وتُرفع بها الدرجات، منها:

- منها إطعام الطعام: قال الله -تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان:8).
إن عبادة إطعام الطعام عبادة ولادة، ينشأ عنها فضائل كثيرة، منها: "الحب في الله ومجالسة الصالحين - وتوثيق التعارف - وإعانتهم بهذا الطعام على طاعة الله"، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ) (رواه مسلم).
- ومنها بذل المال: وهو الصورة المباشرة الواضحة التي تدفع فيها المال إلى يد الفقير، كانت عائشة -رضي الله عنها- تعطر الصدقة قبل إخراجها، فقيل لها في ذلك، فقالت: "إنها تقع في يد الله قبْل أن تقع في يد الفقير!".

- ومنها بذل المال في الدعوة إلى الله: وذلك بإقامة المساجد، وإقامة الجُمَع والأعياد، وشراء المراجع لطلبة العلم، والإنفاق على الفقراء منهم، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
- ومنها الصدقة الجارية: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (رواه مسلم).
فاجتهد في شهر الجود أن تكون مِن أجود الناس، كما كان سيد الناس -صلى الله عليه وسلم-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 03-04-2023, 11:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...

(رمضان شهر تنوير المساجد بالطاعات)
كتبه/ سعيد محمود
(13)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
كما أن رمضان موسم لكَ -أخي المسلم- للطاعات، فكذلك المساجد، فإن رمضان موسم لها تنتظره مِن العام إلى العام، كما تنتظر أنتَ رمضان.
ألا ترى كيف تعمَّر المساجد في رمضان بالقائمين، والساجدين، والمعتكفين، والمتهجدين؟!
نعم... إنه شهر تنوير المساجد بالطاعات؛ فحق لها أن تزهر وتفرح.
- فهذا وقت التراويح، قد اجتمع المصلون فيها لتلاوة كتاب ربهم في صلاتهم.

- وهذا وقت التهجد، قد فزع إليها المجتهدون ليعمروها بالصلاة والناس نيام.
- وهذا وقت السحر، قد بكَّر فيه أهل الفجر بالحضور؛ ليعمروها بالدعاء والصلاة، والتضرع في وقت النزول الإلهي.
- وهذا وقت انتظار شروق الشمس، قد عمَّره الحُجاج والمعتمرون كل يوم، بالانتظار فيها والدعاء والذكر حتى طلوع الشمس، ثم ختموا ذلك بالصلاة.
- وهذا وقت النهار، يرتادها المصلون، والتالون لكتاب الله في كل ساعة، معمرين نهار رمضان.
- وهذه أيام العشر ولياليها، قد عكف فيها المنقطعون لعبادة ربهم ما بيْن صلاة وتلاوة، وذكر ودعاء: قال الله -تعالى-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ

وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (النور:36-38).
أخي... تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع هي المساجد.
المساجد التي هي هذه البقاع الأرضية الطاهرة التي تتنزل فيها السكنية.
هذه الأماكن المقدسة التي تشهد تربتها كل يوم خمس مرات هذه الجباه الساجدة الضارعة لبارئها.
هذه الأماكن التي هي مهابط رحمة الله ورضوانه على ظهر هذه الأرض التي امتلأت بالقسوة والظلم والخطايا.

هذه الأماكن التي يهرع ويفزع إليها المؤمنون مِن مادية الزمان الطاغية ليجدوا السكينة والطمأنينة بين رحابها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا) (رواه مسلم)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ مُؤْمِنٍ) (رواه أبو نعيم في الحلية، وحسنه الألباني).
- ولذا رغـَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين في بناء المساجد، فقال: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ) (متفق عليه).
- وكان -صلى الله عليه وسلم- يرغـِّب أصحابه في كثرة الارتياد على المسجد، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) (متفق عليه).
- وانظر إلى تعلقه -صلى الله عليه وسلم- بالمسجد: فعن جابر بن سَمُرَة -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ

-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا" (رواه مسلم).
- ولقد بشَّر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- أمته ببشارة عظيمة يوم القيامة لمن ارتبط بالمسجد وتعلق به، فقال: (سَبْعَة يظلهم الله -تَعَالَى- فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرجل قلبه مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا؛ حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) (متفق عليه). فذكر منهم: (وَرجل قلبه مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ).
أخي... لقد ظهر ذلك في أحوال أصحابه وسلف الأمة -رضي الله عنهم- فتعلقت قلوبهم بالمساجد؛ لما علموه مِن شرفها وفضلها.

- ها هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما حدث بينه وبين فاطمة -رضي الله عنها- خلاف في شأن الزوجية خرج مِن بيته، وأوى إلى المسجد فمكث فيه.
- وها هو أبو أمامة -رضي الله عنه- لما أصابته الهموم والغموم لجأ إلى المسجد فمكث فيه حتى علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءً نافعًا يقوله إذا أصابه الهم.
- وكان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إذا سألوا عنه، وجدوه في المسجد، وغيرهم الكثير والكثير... تعلقت قلوبهم بالمساجد التي هي أفضل بقاع الأرض وأطهرها.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن تعلقت قلوبهم بالمساجد؛ فعمِّروها بالعبادة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-04-2023, 12:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...
(مجالس الذكر)

كتبه/ سعيد محمود
(14)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (الكهف:28).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا), قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: (حِلَقُ الذِّكْرِ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
أخي... اعلم -رحمني الله وإياك-: أن في الدنيا جنة مَن لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة، هي جنة الإيمان التي كان الواحد مِن السلف يقول لأخيه في شأنها: "اجلس بنا نؤمن ساعة!".
إنها مجالس الذكر...
- إنها المجالس التي يباهي الله بها الملائكة...

فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ، قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَاكَ؟ قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: (مَا أَجْلَسَكُمْ؟) قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: (آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَاكَ؟) قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ، قَالَ: (أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي، أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ) (رواه مسلم).
إنها المجالس التي يخرج أهلها بأعظم شهادة:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَلائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلاً يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ،

يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لا،
أَيْ رَبِّ قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ) (متفق عليه).
أخي... إنها المجالس التي تزداد بها فضلاً وأجرًا وشرفـًا.

قال لقمان الحكيم -عليه السلام- لابنه وهو يعظه: "يا بني، لا تجالس إلا الأخيار؛ فإنك إن كنتَ عالمًا زادوك علمًا، وإن كنت جاهلاً علَّموك، وإن نزلتْ عليهم مِن الله رحمة نزلت عليكَ معهم، ولا تجالس الأشرار؛ فإنك إن كنتَ عالمًا لم ينفعك العلم، وإن كنتَ جاهلاً زادوك جهلاً، وإن نزلت عليهم مِن الله لعنة نزلت عليكَ معهم".
قال الإمام الشافعي -رحمه الله-:
أحب الصالحين ولستُ منهم لـعـلـي أن أنال بهـم شفاعـة
وأكره مَن تجارته المعـاصي ولو كنا سواء في البضاعـة
أخي... احرص على حضور مجالس العلم أينما وُجدتْ؛ ففيها الرحمة والسكينة.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) (رواه مسلم).
يا أخي... إن حلق الذكر والعلم هي تركة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أراد أن يرثه.
مرَّ أبو هريرة -رضي الله عنه- بالسوق، فوجد الناس وقد كثر لغطهم وانشغالهم بالبيع والشراء، فقال: أنتم هنا وميراث النبي -صلى الله عليه وسلم- يوزع في المسجد؟! فأسرع الناس إلى المسجد، ورجعوا: فقالوا: ما وجدنا في المسجد إلا حلق العلم ومجالس الذكر! فقال: "هذا هو ميراث النبي -صلى الله عليه وسلم-".
فاللهم نسألك علمًا نافعًا، وأن تكتبنا عندك مِن الذاكرين الله كثيرًا.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-04-2023, 12:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...
(وقفة مراقبة)
كتبه/ سعيد محمود
(15)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) (المجادلة:7).
وقال الله -تعالى-: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) (يونس:61).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإحسان: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) (رواه مسلم).

أخي... إن النصوص المتقدمة تنطق بأن الله يعلم أعمالنا صغيرها وكبيرها، وهو مطلع علينا في كل أحوالنا؛ فهو علينا رقيب، وشهيد، وحسيب؛ ولذلك أمرنا -سبحانه وتعالى- بمراقبته وتقواه فقال: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) (النساء:131).
والمراقبة: هي أن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله -تبارك وتعالى-، ويلزمها إياها في كل لحظة مِن لحظات الحياة، حتى يتم لها اليقين بأن الله مطلع عليها، عالم بأسرارها، رقيب على أعمالها، قائم عليها وعلى كل نفس بما كسبت.
ولله در مَن قال!

إذا ما خـلـوتَ الـدهـر يـومًا فـلا تقل خلوتُ، ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحـسـبن الله يغـفـل ســاعـة ولا أن مــــا تخفيــه عنه يغيـب
وهذا هو الطريق الذي درج عليه السابقون الأولون مِن سلف هذه الأمة الصالح؛ إذ أخذوا أنفسهم بمراقبة الله -تعالى- حتى تمَّ لهم اليقين، وبلغوا درجة المقربين!
وها هي ذي آثارهم تشهد لهم:
- فها هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في بستان مِن بساتين الأنصار، وأنس بن مالك -رضي الله عنه- يراقبه ويرقبه وهو لا يراه، وإذا بعمر -رضي الله عنه- يقف وقفة محاسبة ووقفة مراقبة مع نفسه، ويقول: "عمر أمير المؤمنين! بخ بخ، والله لتتقين الله يا عمر أو ليعذبنك الله!".
- عمر -رضي الله عنه- الذي يأتيه أعرابي وقد قرض الجوع بطنه وبه مِن الفقر ما به، ويقف على رأسه ويقول:
يا عمرَ الخيرِ جَزيتَ الجنة اكـُسـُـوا بـُـنــَيـاتي وأُمَهُـن
وكُن لنا في ذا الزمانِ جُنة أُقــســمُ بـالـلـه لـتـَـفـعــلـن
فقال عمر -رضي الله عنه-: وإن لم أفعل يكون ماذا؟
قال إذن أبا حفص لأمضين.

قال عمر -رضي الله عنه-: وإن مضيتَ يكون ماذا؟
قال: والله عنهن لتسألن، يوم تكون الأعطيات منة، وموقفُ المسئولِ بينهن، إما إلى نارٍ وإما جنةٍ؛ فلم يملك عمر -رضي الله عنه- إلا أن ذرفت دموعه على لحيته، ودخل ولم يجد شيئًا في بيته، فما كان إلا أن خلع رداءه، وقال: خذ هذا ليوم تكون الأعطيات منة، وموقف المسئول بينهن، إما إلى نار وإما جنة!
هكذا تكون مراقبة الله -تعالى-، وهكذا تكون تقوى الله -تعالى-...
- وها هو عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: وهو يلي أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في يوم مِن الأيام يكسب أو يفيء الله على المسلمين فيئًا، وهذا الفيء تفاح فأراد أن يقسمه على الرعية، وبينما هو يقسم التفاح إذ امتدت يد صبي مِن صبيانه -طفل صغير أخذ تفاحة ووضعها في فمه- فما كان مِن عمر إلا أن أمسك بفيه وأوجع فكيه واستخرج التفاحة مِن فمه وردها بيْن التفاح والطفل يبكي ويخرج ويذهب إلى أمه ويحكي لها الحادثة فترسل غلامًا مِن البيت ليشتري لهم التفاح، ويقسِّم الفيء على المسلمين وينسى نفسه فلم يأخذ تفاحة واحدة،

ويذهب إلى البيت فيشم رائحة التفاح في بيته فيقول: مِن أين لكم هذا؟! ووالله ما جئتكم بتفاحة واحدة، فأخبرته الخبر، فقالت: جاء ابنك يبكي فأرسلت الغلام وجاء بهذا التفاح، قال يا فاطمة والله لقد انتزعتُ التفاحة مِن فمه وكأنما انتزعتها مِن قلبي، لكني والله كرهتُ أن أضيع نفسي بتفاحة من فيء المسلمين يأكلها!
ـ وقيل للجنيد -رحمه الله-: "بمَ يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الناظر إليك أسبق مِن نظرك إلى المنظور له".
ـ وقال ابن المبارك -رحمه الله- لرجل: "راقِب الله يا فلان، فسأله الرجل عن المراقبة. فقال له: كن أبدًا كأنك ترى الله -تعالى-".
فاللهم املأ قلوبنا منك خشية تردنا بها عن معاصيك، وتأخذنا بها إلى طاعتك.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-04-2023, 11:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...
(الدعوة إلى الله)

كتبه/ سعيد محمود
(16)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)، وقال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (آل عمران:110)، وقال -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا) (رواه البخاري).

أخي... إن النصوص المتقدمة كلها تدل على وجوب الدعوة إلى الله في مجتمعات المسلمين، والتي بسببها يكون لهم الخيرية والفلاح والنجاح والرفعة، وأن في غيابها غياب لهذه الفضائل والتعرض للهلكة والضياع.
أخي... -اعلم رحمني الله وإياك- أن الله قد أوجب الدعوة إليه لثلاثة مقاصد عظيمة:
المقصد الأول: عذر الداعي، يعني: أن تعذر أمام الله يوم القيامة.
المقصد الثاني: عودة الناس إلى ربهم.
المقصد الثالث: النجاة مِن عذاب الله الواقع للعصاة في الدنيا.

ولعل مِن أعظم ما يبين هذه المقاصد العظيمة قصة أصحاب السبت التي ذكرها الله -تعالى- في كتابه، فقال -عز وجل-: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ . وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأعراف:163ـ 167).
واعلم -أخي رحمني الله وإياك-: أن الدعوة إلى الله هي أشرف وظيفة يعملها الإنسان، فهي وظيفة أشرف الناس وهم الأنبياء والرسل، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) (النحل:36).
واعلم... أن الأمة شريكة لرسولها -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة والإرشاد: قال الله -تعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ليبلغ أمته: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).

ولا عليك -أخي- مما يقوله المبطلون ويلقونه مِن شبهات على طريق دعوتك... فإن قالوا لكَ: إنها وظيفة رجال الدين المعينين!
فقل لهم: إن كلامكم مردود مِن وجهين:
الأول: أن ذلك دين النصارى المحرَّف، فإن أحبارهم ورهبانهم قد جعلوا أنفسهم وسائط بيْن الناس وبين ربهم؛ أحالهم بينهم وبين الله، يبتغون عرض الحياة الدنيا.
الثاني: أن ذلك ينافي الاتباع الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي).
وقل لهم ناصحًا: لماذا لا تكونون أنتم رجال هذا الدين فتحملونه للخلق؟!
وإن قالوا لكَ: أليس الله يقول: (عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة:105)، يريدون مِن ذلك تأويلها على الامتناع عن الدعوة إلى الله؛ بحجة ضلال الناس؟!
فقل لهم: هذا فهم خاطئ، ردَّه صديق الأمة يوم قاله أناس مثلكم، فقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنكم تقرؤونَ هذهِ الآيَة وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا: (يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا مُنْكَرًا فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
وإن قالوا لكَ: لا فائدة، الباطل كثير وينتشر!
فقل لهم: أنتم مأمورون بالدعوة إلى الله، سواء آمن الناس أم لم يؤمنوا؛ قال الله -تعالى-: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ . لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية:21-22)، وقالت الرسل لأقوامهم: (وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (يس:17).

وإن قالوا لك: الدعوة إلى الله مشقة، والله يقول: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) (البقرة:286).
فقل لهم: الجواب على ذلك مِن وجوه:
الأول: هذا هو طريق الجنة، قال الله -تعالى-: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:142).
الثاني: ألا تعلمون أن دعاة التنصير يطوفون العالم بالشهور، ومعلوم الفرق في الأجر، قال الله -تعالى-: (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ) (النساء:104).
الثالث: أين أنتَ مِن أصحاب نبيك -صلى الله عليه وسلم- ودعوتهم إلى الله، والأمثلة كثيرة، ومِن أشهرهم: مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، أول داعي مِن قِبَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى خارج مكة.
وقل لهم ناصحًا: إن أكثر مَن يقولون ذلك، يبذلون المشاق والصعاب لتحصيل ملذات دنيوية؛ فأي الأمرين أشرف؟ وأي الأمرين أحق بالاهتمام والتحمُّل؟!
ويا أخي -الداعي إلى الله-.. أسوق إليك في ختام حديثي بشرى عظيمة مِن كلام سيد الدعاة وأشرفهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى معلم النَّاس الْخَيْر) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
فاللهم اجعلنا هداة مهتدين، ودعاة عاملين، وردَّ الناس إلى دينك مردًّا جميلاً.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 07-04-2023, 11:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ)
كتبه/ سعيد محمود
(17)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الصف:10-11).
أخي... رمضان شهر الجهاد، ذروة سنام الإسلام، شهر التجارة الرابحة، ولقد امتن الله -تعالى- على الأمة في هذا الشهر بأحلى انتصاراتها وعظيم فتوحاتها، وعلى مدار التاريخ الإسلامي كان هذا الشهر رمزًا للعطاء والبذل والجهاد في سبيل الله، تلبية لأمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بالقيام بنصرة دينه لما قال لهم: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة:41).

وها هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- يجيبون نبيهم -صلى الله عليه وسلم- لما استنفرهم لنصرة دين الله -تعالى- في أول معارك الإسلام الكبرى، وأم الانتصارات: "معركة بدر الكبرى".
فلما كان رمضان مِن السنة الثانية مِن الهجرة، بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبر العير المقبلة مِن الشام لقريش، صحبة أبي سفيان، وهي العير التي خرجوا في طلبها لما خرجت من مكة، وفيها أموال عظيمة لقريش، فندب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس للخروج إليها، وأمر مَن كان ظهره حاضرًا بالنهوض، ولم يحتفل لها احتفالاً بليغًا؛ لأنه خرج مسرعًا في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً.
فبلغ أبا سفيان مخرجُ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومقصده إياه؛ ففر بالقافلة جهة البحر، وأرسل لقريش بالنفير إلى عيرهم، ليمنعوه من محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فخرجت قريش بحدها وحديدها فلم يتخلف مِن أشرافهم سوى أبي لهب؛ فجاءت قريش في جيش يفوق قوة المسلمين في العدة والعتاد والعدد والمؤنة أضعافًا مضاعفة؛ فتحرج النبي -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه وعلى الأنصار خاصة لشدة الموقف، فاستشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، وأخبرهم عن مسير قريش وحراجة الموقف.

فقام أبو بكر -رضي الله عنه- فقال وأحسن، ثم قام عمر -رضي الله عنه- فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو -رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله امضِ لما أمرك الله به، فنحن معك، والله لا نقول لكَ كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (المائدة:24)، ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرتَ بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك مِن دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيرًا ودعا له به، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أشيروا عليَّ أيها الناس. فوقف سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وقال: والله لكأنك تعنينا يا رسول الله! قال -صلى الله عليه وسلم-: أجل.
فقال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامضِ يا رسول الله لما أردتَ ونحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا أحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبرٌ في الحرب، صدق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله.

فسُرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لقول سعد، ونشَّطه، فقال: سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم.
فسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بدر، وجمع الله الفريقين على غير ميعاد، كما قال -تعالى-: (وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً) (الأنفال:42).
وقد وصف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، كيف بات المسلمون ليلة السابع عشر مِن رمضان ببدر، وأمامهم مسعكر المشركين، فقال -رضي الله عنه-: لقد رأيتنا يوم بدر، وما منا إلا نائم، إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح!
وأنزل الله في تلك الليلة مطرًا واحدًا، فكان على المشركين وبالاً شديدًا منعهم مِن التقدم، وكان على المسلمين طلاً طهَّرهم به وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطأ به الأرض، وصلب به الرمل، وثبت به الأقدام.
واستنصر المسلمون ربهم واستغاثوه: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) (الأنفال:9)، فأوحى الله إلى ملائكته: (أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (الأنفال:12).
ثم حمى الوطيس، واستدارت رحى المعركة واشتد القتال، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء والابتهال ومناشدة ربه -تعالى-، حتى جاء النصر وأنزل الله جنده، وأيد رسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين -على قلتهم وشدة حاجتهم-، قال الله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الأنفال:26).

أخي... لقد مضت غزوة "بدر" تحمل قصة نصر حاسم وفرقان بيْن الحق والباطل؛ قصة انتصار الحق على أعدائه المدججين بالسلاح، المزودين بكل زادٍ مادي، لقد كانت غزوة بدر قصة انتصار القلوب حين تتصل بربها، فينصرها الله مع قلتها وحاجتها.
أخي... لقد مضت غزوة "بدر" مثلاً في التاريخ تقرر دستور النصر والهزيمة؛ إلا أنها كتاب مفتوح تقرأه الأجيال في كل زمان وفي كل مكان؛ فهي آية مِن آيات الله ما دامت السموات والأرض تنطق بنصر الله للقلة المؤمنة على الكثرة الكافرة: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (آل عمران:123).
فاللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 09-04-2023, 12:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان...
(الاعتكاف)

كتبه/ سعيد محمود
(18)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ " (رواه مسلم).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك تحريًا لليلة القدر، حيث رغـَّب أصحابه في قيامها والاعتكاف لها، فقال: (وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه).
والاعتكاف هو: حبس النفس في بيت الله تفرغًا للعبادة؛ فالاعتكاف هو زيارة الله في بيته، والانقطاع إليه فيه، وحق على المزور أن يكرم زائره؛ لذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف كلَّ رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه، اعتكف عشرين يومًا، وأكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحريًا لليلة القدر.


فالمعتكف حَبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه؛ قد عكف قلبه وقالبه على ربه، وما يقربه منه، فما بقي له همٌّ سوى الله وما يرضيه؛ ولذا كان الإمام أحمد -رحمه الله- لا يستحب للمعتكف مخالطة الناس حتى ولو لتعليم علم وقراءة قرآن.
أخي... إذا كنتَ تشتكي قسوة في قلبك، أو ضعفًا في إيمانك، فهيا إلى كهف الاعتكاف ينشر لك ربك مِن رحمته، ويهيئ لكَ مِن أمرك رشدًا، فمنه تخرج خلقًا آخر.
مقاصد الاعتكاف
للاعتكاف مقاصد، مِن أعظمها:
1ـ تحري ليلة القدر: وهو المقصد الرئيس، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لما علِم أنها في العشر الأواخر، ترك اعتكاف العشرين الأخرى.
2ـ إصلاح القلب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ) (متفق عليه)، وأكثر ما يفسد القلب كثرة الشواغل؛ لذا فإن المعتكف ينقطع لشغل واحد وهو التعبد لله.

3- حفظ الصيام مما يفسده: فلا مجال في الاعتكاف لإطلاق بصر، أو مشاحنة خصم، أو شجار زوج، أو جرح لسان، أو صاحب سوء، أو سماع منكر.
4- تعلم الزهد: فالمعتكف ينام على الأرض ويأكل على الأرض، ويأكل ما قُدِّم له.
5- اختيار الإخلاص في العبادة: قال ذو النون المصري: "لم أرَ شيئًا أبعث لطلاب الإخلاص مثل الوَحدة، ومَن أحب الخلوة؛ فقد تعلق بعمود الإخلاص".
6- حب المكث في المسجد: إن الذي يتعود المكث في المسجد إنما يبذر في قلبه بذرة: (وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ) (متفق عليه).
7- مدرسة الصبر: فالاعتكاف ترويض للنفس لتعلم الصبر... الصبر عما ألفه مِن أنواع الطعام والشراب، والصبر عما تعود مِن فراش لين، والصبر على مزاحمة الآخرين، والصبر عن شهوة الزوجة، وأكثر ملذات الدنيا.
أخي... هذه فرصتك؛ فأنت في خلوة مع ربك عشرة أيام كاملة.

أخي... إنك تستطيع أن تغتنم هذه الأيام في حفظ ما تيسر مِن كتاب الله -تعالى-، أو في الإكثار مِن الذكر الذي لم تكن تستطيعه في غيره.
أخي... هل تعلم أن هناك مَن حفظ القرآن كله في ستين يومًا فقط؟!
نعم... قال الشيخ عبد الرحمن الدوسري: "حفظتُ القرآن العظيم في ستين يومًا، انقطعتُ عن الناس، وأغلقت عليَّ مكتبي، ولم أخرج منه إلا للصلاة فقط!".
أخي... ونحن نرغـِّبك في الاعتكاف، نؤكد على ما ينبغي أن يكون عليه الاعتكاف، فالاعتكاف المنشود اليوم ليس الاعتكاف الذي يجعل في المساجد مهاجع للنائمين، ومجالس للمتزاورين، وموائد للأكل، وحلقات للضحك، ومرتعًا لفضول الكلام؛ فهذا اعتكاف لا يزيد صاحبه إلا قسوة في القلب وبعدًا عن الله.
أما الاعتكاف المنشود: فهو الذي تسيل به دموع الخاشعين، وترق به قلوب المشفقين، وترفع فيه أكف المتضرعين، إنه الاعتكاف الذي لا يُصرف منه لحظة في غير طاعة، ليكون بذلك علاجًا فعالاً لثلاثة أمراض تعتبر مِن أهم علامات موت القلب، وهي التي أشار إليها ذو النون المصري في قوله:

"ثلاث مِن علامات موت القلب: الأنس مع الخلق، والوحشة في الخلوة مع الله، وافتقاد حلاوة الذكر".
أخي... الاعتكاف فرصتك في التغير والتغيير، وليس ذلك مستحيلاً، قال المنذر بن عبيد: "تولى عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الجمعة؛ فأنكرتُ حاله في العصر!".
فكيف بك -أخي- وأنتَ ستكون عشرة أيام في كهف الإيمان، تتدبر القرآن، وتكثر مِن الاستغفار، وتقوم بالليل والناس نيام.
فاللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 09-04-2023, 11:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان




مواعظ رمضان
(العشر الأواخر... تاج الليالي)

كتبه/ سعيد محمود
(19)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن ربنا -سبحانه وتعالى- يتفضَّل على عباده بنفحات الخيرات ومواسم الطاعات، فيغتنم الصالحون نفائسها، ويتدارك الأوابون أواخرها؛ ليالٍ مباركة أوشكتْ على الرحيل، ليالي شهر كريم، أبواب الجنان فيه مفتحة، وأبواب النار فيه مغلقة، والشياطين فيه مصفدة، العشر الأواخر منها تاج الليالي، فإنها أفضل الليالي وأعلاها قدرًا.
عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" (متفق عليه).

أخي... إن في العشر ليلة هي أم الليالي الأخيرة، تتغير فيها نواميس الكون في أحوال كثيرة، خَلق عظيم ينزل مِن السماء لشهود تلك الليلة العظيمة؛ ليلة سلام وبركات على هذه الأمة، فهي ليلة البركات والخيرات، وهي عزيزة الساعات، القليل مِن العمل فيها كثير، والكثير منه مضاعف، قال الله -تعالى-: (ليْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر:3-5).
أخي... في هذه الليلة نزل كتاب ربنا العظيم: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1)؛ مما يدل على علاقة وثيقة بينها وبيْن القرآن العظيم، الذي مَن قرأ حرفًا منه له به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، إلى أضعاف كثيرة، وهو شافع لصاحبه يوم القيامة، وسبب رفعته في الدنيا والآخرة؛ فاجعل لتلاوة القرآن على لسانك في العشر الباقية طراوة، ولصوتك منه نداوة، لتظفر بشفيعين في الآخرة: "القرآن، والصيام".

والصلاة قرة عيون الصالحين، وراحة أفئدة الخاشعين، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل مِن خير أصحابه وهو عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ) (متفق عليه).
فكيف وأنتَ في أعظم ليالي خلقها الله -تعالى-؟!
وقد بشَّرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمغفرة إذا قمتها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه). (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) أي: "تصديقًا بوعد الله بالثواب عليه، وطلبًا للأجر لا لقصد آخر مِن رياء أو نحوه" (فتح الباري).

أخي... اعلم -رحمني الله وإياك-: أن في كل ليلة مِن العام ساعة إجابة تفتح فيها الأبواب، والكريم فيها يمنح، تسأل فيها ما شئتَ؛ فكيف إذا انضاف إليها كونها في الليالي العشر بيْن هذا الحفل العظيم في السموات والأرض؟!
أخي... العبد مفتقر إلى محو أدران خطاياه، والانكسار بين يدي الله في هذه العشر المباركات؛ فارغب إلى ربك فيها، وداوم على ذكره وسؤاله، فما أكثر أوقات الإجابة في هذه العشر المباركة.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله-: "فضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل".
أخي... هذه أيام وليالي الفضائل والبركات؛ فأكثِر فيها مِن الطاعات.
أخي... إن مِن عظيم فضل الله علينا، أنه لم يحدد لنا ليلة القدر بليلة معينة، بل قال فيها نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا -أَوْ نُسِّيتُهَا-؛ فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوَتْرِ) (متفق عليه).

أخي... هذه الليالي أكثِر فيها مِن طلب العفو عساك أن تفوز به، قالتْ عائشة -رضي الله عنها-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: (تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).
وهنا لطيفة في سؤال يجيب عليه الإمام ابن رجب -رحمه الله-: لماذا سؤال العفو حتى بعد اجتهاد أيام العشر؟!
قال: "إنما أمره بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحًا، ولا حالاً ولا مقالاً؛ فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصِّر!".
فيا مَن ضاع عمره في لا شيء... استدرِك ما فاتك في الأيام الباقية.
فاللهم أعنا على ذكرك، وعلى شكرك، وعلى حسن عبادتك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 11-04-2023, 01:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضان... يوميا فى رمضان


مواعظ رمضان...

(وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)

كتبه/ سعيد محمود
(20)



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ) (البقرة:148)، وقال الله -تعالى-: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَادرُوا بِالأَعْمَالِ فِتنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعرْض من الدُّنْيَا) (رواه مسلم).
أخي... ها هي أيام وليالي الخير العظمى قد أقبلت؛ فاستبقوا الخيرات، قال الله -تعالى-: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ) (الحديد:21).

قال العلامة ابن رجب -رحمه الله-: "لما سمع القوم ذلك، فهموا أن المراد مِن ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى مَن يعمل عملاً يعجز عنه؛ خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له فيحزن لفوات سبقه، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها، ثم جاء مِن بعدهم قوم فعكسوا الأمر؛ فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة، وحظوظها الفانية" اهـ.
فإياك أخي أن تنافس مِن أجل دنيا، فإنها منافسة على لا شيء، وستكون النتيجة لا شيء، بل الخسارة! قال الحسن -رحمه الله-: "إذا رأيتَ الرجل ينافسك في الدنيا؛ فنافسه في الآخرة"، وقال: "مَن نافسك في دينك فنافسه، ومَن نافسك في دنياك فألقها في نحره".

- وقال رجل لمالك بن دينار -رحمه الله-: رأيتُ فيما يرى النائم مناديًا ينادي: الرحيل الرحيل، فما رأيت أحدًا يرتحل إلا محمد بن واسع؛ فصاح مالك: (وَالسَّابِقُون� � السَّابِقُونَ . أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (الواقعة:10-11)، وغشي عليه!
- وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "إن لي نفسًا تواقة، ما نالت شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، وإنها لما نالت هذه المنزلة -يعني الخلافة- وليس في الدنيا منزلة أعلى منها، تاقت إلى ما هو أعلى منها -يعني الآخرة-".
- وقال يوسف -عليه السلام-: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) (يوسف:101).

أخي... كن بقلبك، بل بكلك مع القوم الذين قال عنهم الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "رُفع لهم عَلَم الجنة فشمروا إليه، ووضح لهم صراطها المستقيم فاستقاموا عليه، ورأوا مِن أعظم الغبن بيع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، في أبد لا يزول ولا ينفد".
أخي... هذه أيام العشر ولياليها، فيها الخيرات والبركات، والأجور الكثيرة، والفضائل الجزيلة، فيها تزكوا الأعمال وتنال الآمال؛ كيف لا؟! والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسهر ليله، ويوقظ أهله.
هذه العشر تُملأ فيها المساجد، ويخشع فيها الراكع والساجد، وينهض إلى الخيرات كل قاعد، ويصير الراغب كالزاهد.
فاللهم أعنا على طاعتك، والمنافسة على جنتك، وتقبَّل منا إنك أنت السميع العليم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 181.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 175.40 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]