|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
القَسَمُ فِي مَعانِي (ق والقُرآنِ المَجِيدِ)
القَسَمُ فِي مَعانِي (ق والقُرآنِ المَجِيدِ) د. سعد الدين إبراهيم المصطفى قوله تعالى: ﴿ ق والقُرآنِ المَجِيدِ ﴾ [1]: "ق" فيها المعنى الذِي أَقسَمَ بهِ، ذُكرَ أنَّها: قُضِيَ واللهِ، كما قِيلَ فِي "حم": قُضِيَ واللهِ، وحُمَّ واللهِ: أي: قُضِيَ. والقرآن المجيدِ لَتُبعَثُنَّ، أو لَيُبعَثُنَّ بعدَ الموتِ[2] . هذا القسَمُ نوع تقليدي بأداة قسمٍ وجوابٍ مقدَّرٍ، أداة القَسَمِ هِيَ الواو، وجواب القسمِ المقدَّر هو لَتُبعَثُنَّ بعد الموتِ. فالواو حرفُ جرٍّ وقَسَمٍ. واللهِ: لفظ الجلالة اسم مجرور. والجار والمجرور متعلقان بفعلٍ محذوف. وجملةُ (لَتُبعثُنَّ ): جوابُ القَسَمِ لا محلَّ لها من الإعرابِ. وهي جملةٌ فِعليَّة. وقوله: (﴿ والذَّارِياتِ ذَرواً ﴾).[3] يعني الرِّياح،: ﴿ إنَّكُمْ لَفِيْ قَوْلٍ مُختَلِفٍ ﴾.[4] جَوابٌ لِلقَسَمِ، والقولُ المختلِفِ: تَكذِيبُهُم بَعضُهُم بِالقُرآنِ، وبِمُحمَّدٍ، وإيمانِ بَعضِهِم[5]. هذا القَسَمُ صَريحٌ جاءَتْ أَداتُهُ الواو، وهِيَ حَرفُ جرٍّ وقَسمٍ. والذَّارِياتِ: اسمٌ مجرورٌ. والجارُّ والمجرورُ مُتَعلِّقانِ بِفعلٍ مَحذُوفٍ أُقسِمُ. وجملة ﴿ إنَّكُم لَفِي قَولٍ مُختَلِفٍ ﴾: جوابُ القَسَمِ لا مَحلَّ لَها مِن الإعرابِ. وهي جملة اسميَّةٌ. جاءَ الجوابُ هنا جُملةً اسميَّةً مؤلَّفةً مِن إنَّ واسمِها وخَبرِها. وقولُهُ: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاْءِ والأَرْضِ ﴾.[6] أَقسَمَ عزَّ وجلَّ بِنفسِهِ: أنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكُم لَحَقٌّ مِثلَ ما أنَّكُم تَنطِقُونَ. وقد يَقُولُ القَائِلُ: كَيفَ اجتَمَعَتْ " ما "، و " أنَّ "، وقَد يُكتَفَى بِإحدَاهُما مِن الأخرى، وفيه وجهان، أحدُهُما: أنَّ العربَ تَجمعُ بَينَ الشَّيئَيْنِ من الأسماءِ والأدواتِ إذا اختَلَفَ لَفظُهُما، فَمِن الأسماء قَولُ الشَّاعِرِ (من الطويل): مِنَ النَّفَرِ الَّلائِي الَّذِينَ إذا هُمُ يَهابُ الَّلئامُ حَلْقَةَ البَابِ قَعقَعُوا[7] فَجَمَعَ بَينَ " الَّلائِي "، و " الَّذِينَ "، وأحدُهُما مُجزِيءٌ عنِ الآخِرِ. وأمَّا فِي الأَدواتِ فَقولُهُ: (من الكامل) ما إنْ رَأَيْتُ ولا سَمِعتُ بِهِ كَاليَومِ طالِيَ أَينُقٍ جُرْبِ[8] فَجَمَعَ بينَ " ما " وبينَ "إنَّ "، وهما جَحدانِ أَحدُهُما يُجزِي عنِ الآخرِ. وأمَّا الوَجهُ الآخرُ فإنَّ المعنَى لَو أُفرِدَ بِما لَكَانَ كأنَّ المَنطِقَ فِي نَفسِهِ حَقٌّ لا كَذِبٌ، ولَم يُرَدْ بِهِ ذلِكَ. إنَّما أرادُوا أنَّهُ لَحَقٌّ كما حَقٌّ أنَّ الآدمِيَّ ناطِقٌ[9]. تعليق ومقارنة: وفِي أُسلُوبِ القَسَمِ الَّذِي ذَكَرَهُ -سُبحانَهُ وتَعالَى- أَقسَمَ بنفسِهِ، فَالواوُ حرفُ جرٍّ وقَسَمٍ، وربِّ: لفظ الجلالة. اسمٌ مجرورٌ. والجارٌّ والمجرورُ متعلِّقان بِفعلٍ مَحذُوف أُقسِمُ، وجَوابُ القَسَمِ: " أنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكُم لَحَقٌّ مِثلَ ما أنَّكُم تَنطِقُونَ " جُملةُ جوابِ القَسَمِ لا مَحلَّ لها مِن الإعرابِ. وهِيَ اسميَّةٌ. وهُنا أَمرانِ تَكلَّمَ فِيهِما الفرَّاء، الأوَّل أنَّ العَربَ تَجمَعُ بَينَ المِثلينِ مِن الأسماءِ والأدواتِ وهذا لِلتأكِيدِ، وقَد يَختلِفُ الَّلفظانِ، وهذا ممَّا أَجمَعَ علَيهِ النَّحويُونَ، ولم يَختلِفُوا فِيهِ وعلَّلُوا ذلِكَ تَعلِيلاً حَسَناً. والأَمرُ الثَّانِي الَّذِي ذَكرَهُ الفرَّاءُ يَتَعلَّقُ بالمعنى، وذلِكَ أنَّ "ما " إذا وَرَدَتْ فِي الكَلامِ دُونَ " إنْ " فَكَأنَّهُ أكَّدَ المَنطقَ فِي نَفسِهِ حَقٌّ لا كَذِبٌ، والأَصلُ لم يَذهَبْ بهِ هذا المَذهَبَ إنَّما الصَّحِيحُ القولُ: أنَّه لَحقٌّ كَمَا هُو حَقٌّ أنَّ الآدَمِيَ ناطِقٌ. وقَولُهُ: (﴿ والنَّجْمِ إِذَا هَوَى * ما ضَلَّ صَاْحِبُكُمْ ﴾.[10] أَقسَمَ -تبارك وتعالى- بالقُرآنِ، لأَنَّهُ يَنزِلُ نُجُوماً، الآية والآيتانِ، وكانَ بَينَ أَوَّلِ نُزُولِهِ وآخِرِهِ عِشرُونَ سَنَةً. وقوله: " ما ضَلَّ صَاْحِبُكُمْ "جوابٌ لِقَولِهِ ﴿ والنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾.[11]. تعليق: جَاءَ القَسَمُ فِي هذِهِ الآيةِ مبدوءاً بالواوِ، وهُو حرفُ جرٍّ وقَسَمٍ، والنَّجمِ: اسمٌ مَجرُورٌ. والجارُّ والمجرُورُ متلِّقانِ بفعلٍ مَحذُوف تقديرُهُ: أقسِمُ. وجواب القسَمِ " ما ضَلَّ صَاحِبُكُم " جملة فعلية مقترنة بأداة النفي" ما " لا محلَّ لها من الإعراب. فالماضِي المنفِي جاءَ جواباً لِلقَسَمِ، وهنا يَنقَلِبُ إلَى مَعنى المُستَقبَلِ، لماذا؟ لأنَّ الجوابَ كما ذَكَرنا جاءَ بالماضي، نحو: واللهِ ما قامَ زَيدٌ، وأمَّا إنْ نُفِيَ بـ " لا "، أو " إنْ "انقَلَبَ إلى معنَى الحَاضِر. وقولُهُ: (﴿ لا أُقسِمُ بِيَومِ القِيامَةِ * ولا أُقسِمُ بِالنَّفْسِ الَّلوَّامَةِ ﴾.[12] قالَ أبُو عبدِاللهِ: سَمِعْتُ الفرَّاءَ يَقُولُ: وقوله " لا أُقسِمُ " كانَ كَثيرٌ من النَّحْويِينَ يَقُولُونَ: " لا " صلةٌ، قالَ الفرَّاءُ: ولا يُبتَدَأُ بِجَحدٍ، ثُمَّ يُجعَلُ صِلَةً يُرَادُ بِهِ الطَّرْحُ، لأنَّ هذا الوِجازَ لَم يُعرَفْ خَبرٌ فِيهِ جَحدٌ مِنْ خَبرِ لا جَحدَ فِيهِ. ولكنَّ القُرآنَ جاءَ بالرَّدِّ علَى الَّذِينَ أَنكَرُوا البَعثَ والجنَّةَ والنَّارَ، فَجاءَ الإِقسَامُ بِالرَّدِّ علَيهِم فِي كَثيرٍ من الكلامِ المبتَدأِ منهُ، وغير المبتَدأ، كَقولِكَ فِي الكَلامِ: لا واللهِ لا أَفعَلُ ذاكَ، جَعَلُوا " لا " وإنْ رَأَيْتَها مُبتَدَأةً رَدَّاً علَى لِكلامٍ قد كانَ مَضَى، فَلَو أَلقَيْتَ "لا"، ممَّا يُنوَى بِهِ الجوابُ لم يَكُنْ بينَ اليَمينِ التي تكونُ جواباً، واليمينِ التي تَستأنِفُ فَرقٌ. تعليق ومقارنة: ألا تَرَى أنَّكَ تَقُولُ مُبتَدِئاً: واللهِ إنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ، فإذا قُلْتَ لا واللهِ إنَّ الرَّسُولَ، فكأنَّكَ أَكذَبْتَ قَوماً أَنكَرُوهُ، فَهذِهِ جِهةُ " لا " مع الإقسامِ، وجميع الأيمانِ في كلِّ مَوضِعٍ ترى فيهِ " لا " مُبتَدأٌ بِها، وهُو كَثيرٌ فِي الكَلامِ. وكانَ بَعضُ مَنْ لم يَعرِفْ هذِهِ الجِهةِ فيما ترى يَقرَأُ: (لَأُقسِمُ بِيَومِ القِيامَةِ )[13]، ذُكِرَ عنِ الحَسَنِ يَجعلُها " لاماً " دَخَلَتْ علَى أُقسِمُ، وهو صوابٌ، لأنَّ العربَ تَقُولُ: لأَحلِفُ بِاللهِ لَيَكُونَنْ كذا وكذا، يَجعَلُونَهُ " لاماً " بِغَيرِ مَعنى " لا ". وقَرَأَ " لَأُقسِمُ " الأُولَى بِحذفِ الألِفِ مِن غيرِ لَفظِ " لا " البزي، من طريقِ أبي ربيعة، وقنبل. ووُجِّهَتْ بِأنَّ الَّلامَ لا التأكيد، أو جوابَ قسمٍ مُقدَّر، دخلَتْ علَى مُبتدأ محذُوفٍ، أي: لأنا أُقسِمُ، وإذا كانَ الجوابُ جُملةً اسمِيَّةً أُكِّدَ بِالَّلامِ، وإذا كانَ خبرها مُضارِعاً جازَ أنْ يَكُونَ للحالِ، لأنَّ البَصرِيينَ يَمنَعُونَ أنْ يَقَعَ فِعلُ الحالِ جواباً لِلقسم، فإنْ وَرَدَ ما ظاهِرُهُ ذلِكَ كما هنا جُعِلَ الفِعلُ خبرَ المضمَرِ، فَيَعُودُ الجوابُ جملةً اسميَّة، والتقدير: واللهِ لأنا أقسمُ[14]. [1] الآية 1 من سورة ق. [2] معاني القرآن 3: 75. [3] الآية 1 من سورة الذاريات. [4] الآية 8 من سورة الذاريات. [5] معاني القرآن 3: 82-83. [6] الآية 23 من سورة الذاريات. [7] ينظر خزانة الأدب 2: 532. وفيها: " اعتَزَوا " بدل " هم "، في الشطر الأول، و "هابَ الرجال " بدل "يهابُ الِّلئام. [8] البيت لدريد بن الصمة يصف الخنساء ينظر شرح شواهد المغني 2: 955. [9] معاني القرآن 3: 84-85. [10] الآيتان 1و2 من سورة النجم. [11] معاني القرآن 3: 94-95. [12] الآيتان 1و2 من سورة القيامة. [13] البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة: أبو حفص سراج الدين عمر بن زين الدين قاسم بن محمد بن علي الأنصاري النشار (ت 938هـ)، تحقيق: علي محمد معوض، وعادل أحمد عبدالموجود، وأحمد عيسى المعصراوي، عالم الكتب، بيروت، لبنان، 1421هـ-200م، 2: 399. وينظر إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر: أحمد بن محمد بن عبدالغني البنا الدمياطي (ت 1117ه) تحقيق: عبدالرحمن الطرهوني، دار الحديث، القاهرة، 1430هـ-2009م، 2: 504. [14] إتحاف فضلاء البشر 2: 504.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |