أهلي يكرهونني على الخطبة

[ابوالوليد المسلم]

أهلي يكرهونني على الخطبة
أ. هنا أحمد


السؤال:

♦ الملخص:
فتاة خُطبت للمرة الثالثة، ووافق أهلها عليه، وهو لا غبار عليه من حيث الشكل والاحترام، لكنها غير مرتاحة له، وأهلها مُصرُّون عليه، ما سبَّب لها اكتئابًا وحزنًا، وتسأل: ما النصيحة؟

♦ التفاصيل:
أنا فتاة في العشرين من عمري، خُطبتُ مرتين؛ أولهما كنتُ مُكْرَهة عليه، وثانيهما تقدم لي بعد أن سألني ووافقت عليه، ثم لم أتأقلم معه، وكرهته بلا سبب، والآن خُطبتُ لثالثٍ له من العمر 29 سنة، لا غبارَ عليه من حيث الشكل والاحترام، فرِح أهلي به، وحدَّدوا موعد كتب الكتاب بعد ثلاثة أشهر؛ لأنه مستعد للزواج؛ إذ كان على وشك الزواج قبلًا وفسخ الخِطبة قبل الفرح بشهر، وقد كان هذا الاتفاق دون علمي، كونهم يعلمون أنني من المستحيل أن أوافق على هذه المدة القصيرة، ولأن الخِطبتين الأوليَيْنِ استمرتا لأكثر من سنة، المهم أن هذا الشخص - رغم احترامه - لم أشعر تجاه بالارتياح، ولم أوافق عليه إلا بضغط من أهلي ومن كلام الناس الذين يقولون أن كل قريناتي تزوجْنَ وأنا لَمَّا أتزوج بعدُ، وشيء آخر لم يعجبني به أنه ثرثار كثير الكلام، يتكلم مع كل أحد، كما أنه تافهٌ، وأنا أحب الشخص العاقل المتزن، ولما قلت لأهلي ذلك، لم يقتنعوا بما قلتُ، واتهموني بأنني أتكلف التَّعِلَّاتِ والمعاذيرَ كي أتركه، وأنه من الواجب عليَّ أن أكون في فرحة غامرة، لكني لا أستطيع أن أتقبَّله، وأعيش لأجل ذلك في عذاب واكتئاب، وقلَّ وزني، وأهلي يلاحظون ذلك، ولَما أخبرتهم أنني أريد أن أتركه، مرِضت أمي، وتعبت نفسيًّا، إضافة لذلك، فهو في الحقيقة حريص عليَّ يحبني هو وأهله، حتى إنني قلت له صراحة أني أكرهه ولا أريده، لكنه ظل متمسكًا بي، أريد أن أفرح حقيقة وأُدخل السرور على أهلي، لكني لا أملك الحب، أرهقني التفكير والخوف، أصلي الاستخارة كثيرًا، وأدعو الله عز وجل أن يُفرح قلبي ويشرح صدري، يصيبني الحزن إذا ما وجدت صديقاتي فرِحاتٍ بخطَّابهنَّ وأنا لا أملِك الفرحة، لا أدري ما أفعل، أرجو توجيهكم ونصيحتكم، وجزاكم الله خيرًا.






الجواب:

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن هذا الشكل من الزيجات نقول عنه في مصر "زواج صالونات"؛ فغالبًا العروسة تكون أول مرة ترى فيها العريس يكون في حجرة استقبال الضيوف في بيت أهلها (الصالون).

وهذ النوع من الزيجات يتسم بالعقلانية إلى حدٍّ كبير، فليس هناك مشاعر مسبقة عند طرف تجاه الطرف الآخر، وكل طرف يُقيِّم الطرف الآخر بموضوعية.

عزيزتي، عند اختياركِ لشريك حياتكِ، هناك أمور كثيرة يجب أن تُوضع في الاعتبار.
1- أنتِ من ستتزوجين وليس أهلكِ.

2- قد يحزن أهلكِ بعض الوقت إن أنتِ رفضتِ هذا العريس (الجاهز)، ولكنهم سوف يحزنون كثيرًا إذا فشلت زيجتكِ.

3- لا تجعلي لمرات الخطوبة السابقة تأثيرًا في قراركِ بالقبول أو الرفض، وخاصة أن سنَّكِ ما زالت صغيرة.

4- لا تجعلي انطباعكِ الأول هو الحَكَمُ في القبول والرفض، بل انظري إلى كل المميزات والعيوب، ووازني بينها.

لا يوجد شخص كامل، ولن تجدي رجلًا فيه كل المميزات، ولا بد أن تكوني على قناعة تامة أنكِ سوف تكتشفين في زوجكِ عيوبًا، كما أنه أيضًا سوف يكتشف فيكِ عيوبًا، وسوف يحاول العاقل منكما إصلاح بعض عيوب شريكه، والتغافل عن البعض الآخر حتى تسير سفينة الحياة.

ذكرتِ أن خطيبكِ يعيبه أنه يتكلم كثيرًا، وأنتِ محقة، فهذا عيب في الإنسان وخاصة الرجال، ولكن لو كان هذا هو عيبه الوحيد، فأنتِ محظوظة، فهذا عيب يمكن إصلاحه إلى حدٍّ كبير، أو على الأقل التعايش معه، ابحثي فيه عن الصفات الأكثر أهمية؛ عن دينه وأخلاقه، وطيبته وأدبه، وحبه لكِ وحنانه واهتمامه بكِ.

فترة الخطوبة هذه قصيرة للغاية، وهذا يُصعِّب موقفكِ، ومما يزيد الأمر صعوبة كونه جاهزًا للزواج، وأهلكِ يرغبون في إتمام الزواج بسرعة، فلا بأسَ بالاستمرار في الخِطبة مع تأجيل عقد الزواج (كتب الكتاب) حتى يوم الزفاف، وحاولي أن تلتقي به كثيرًا خلال هذه الفترة، وأعطه الفرصة ليتكلم ويعبر عما في داخله، فلعله يكشف لكِ من أسرار نفسه ما تسطيعين من خلاله تحديد موقفكِ، أو أن ينتهيَ ما عنده من الكلام ويقل كلامه، وتُحل المشكلة، فإن لم يستَبِنْ لكِ القبول، فلا تترددي في فسخ الخطبة، حتى ولو كان قبل البناء بيومٍ واحد؛ فالحياة قصيرة وهي فرصة واحدة، وليس من العقل أن يُضيِّعها الإنسان بسبب رغبة أهله في أن يعيشها في سعادة.

وأكثري من صلاة الاستخارة، وتضرَّعي إلى الله أن يهديَكِ إلى سواء السبيل، عسى الله أن ييسِّر لكِ من أمركِ رشدًا.