|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حقيقة الذكر
حقيقة الذكر الشيخ طه محمد الساكت حقيقة الذكر، فهو عدم الغفلة والنسيان، فذكر الله إذًا هو استحضار جلاله وعظمته، وعدم الغفلة عن أوامره وطاعته. قد يظن كثير من الناس أن ذكر الله - عزَّ اسمه - مقصور على تسبيحه وتحميده، وتكبيره وتهليله، ودعائه بأسمائه الحسنى، وهذا قصر للذكر على بعض معناه، والحقيقة أن ذكره تبارك وتعالى شامل لكل عبادة، متمثل في كل طاعة، ظاهر في اجتناب كل معصية خوفًا من الله تعالى، حتى قال بعض العلماء: إن مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلق، وتحج وأشباه هذا، وقد فُسِّر الذكر بالصلاة في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران: 191]؛ لما رواه البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب))، ورواه الترمذي وقال فيه: "سألته عن صلاة المريض"، ولا شك أن الصلاة مجمع الأذكار ودليل البر، وأيًّا ما كان الأمر فذكر الله: عدم الغفلة عنه؛ ولهذا أجمع العلماء أنه يكون بالقلب واللسان، وأفضله أن يكون بهما معًا، قال الإمام النووي في كتابه الأذكار: فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل، ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفَ الرياء، بل يذكر بهما جميعًا ويقصد وجه الله تعالى؛ فقد قال الفضيل رحمه الله: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما"، ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس لانْسَدَّ عليه أكثر أبواب الخير. وقد امتدح الله عباده الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض ويقولون: ربنا ما خلقت هذا باطلاً؛ لأنهم جمعوا بين فكر القلب وذكر اللسان، وهذا أكمل أنواع الذكر، أما ذكر اللسان مجردًا من خشية القلب فهو أضعف أنواعه، ولكن لا ينبغي للعبد تركه؛ لأن اللسان مع التكرار يحرِّك القلب وينشِّطه كما هو معروف بالمشاهدة، وبقية الكلام على الذكر وفضله تقدَّمت في العدد السابع عشر، وقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنهما قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل في أحيانه. وأما إضمار الطلاق من غير لفظ - صريح أو كناية - فلا عبرة به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدَّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم))، وعلى هذا فشاربالدخان الذي أسَرَّ في نفسه أنه إذا عاد إلى شربه فزوجته طالق، ثم غلبه هواه فشربه مخالفًا نيته وعزمه - لا شيء عليه، نعم يقع عليه الطلاقان السابق واللاحق؛ لأنه حلف ثم حنث، فإن كانت هناك يمين ثالثة فقد حرُمت عليه زوجته، ولا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره. ومما يؤسَف له أشد الأسف إقحام الزوجة وكثرة الحلف بالطلاق فيما جلَّ ودقَّ، ولا تفسير لهذا إلا ضعف الإيمان، والتلاعب بالمواثيق والعهود، وعدم المبالاة بشريعة الله عز وجل ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227]. ألا فليتق الله هؤلاء العابثون، وليعلموا أن طرق التأديب كثيرة، وقد يكون من أنفعها أن يفرض الإنسان على نفسه صدقةً كلما رجعت إلى غيِّها، أو يوظف عليها ذِكرًا، وقد يؤيد هذا الأئمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق))، قال الخطابي: أيْ: فليتصدق بقدر ما كان قد جعله خطرًا في القمار[1]. ثم ليذكروا أخيرًا ما رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق))[2]. هذا، وقد ضاق نطاق المجلة عن الكلام على الطريقة الإحسانية، فموعدنا العدد الآتي إن شاء الله. المصدر: مجلة الإسلام - عدد 19 - 14 من جمادى الأولى 1361 [1] تيسير الوصول ج4، ص301. [2] بلوغ المرام ص112.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |