في أسباب النصر الحقيقية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191073 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2651 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 658 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 933 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1091 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 853 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 836 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 920 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92801 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-07-2019, 11:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي في أسباب النصر الحقيقية

في أسباب النصر الحقيقية






الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


هذا الدرس من كتاب مجالس شهر رمضان للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وبعد ما استعرض غزوة بدر، وبين كيف تم فتح مكة، أراد أن يبين كيف يتحقق النصر؛ فكان هذا الدرس.

الحمدُ لله العظيمِ في قَدْرِه، العزيزِ في قهْرِه، العالمِ بحالِ العَبْدِ في سِرِّه وجَهْرِه، الجائِدِ على المُجَاهدِ بِنَصْرِه، وعلى المتَواضِعِ من أجْلِهِ بِرَفْعِه، يسمعُ صَريفَ القلمِ عند خطِّ سَطْرِه، ويرى النَّملَ يدبُّ في فيافي قَفْرِه، ومِن آياتِه أنْ تقوم السَماءُ والأرضُ بأَمْرِه، أحْمَدُهُ على القَضَاءِ حُلْوِه ومُرِّه، وأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له إقامةً لِذْكْرِهِ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالبِرِّ إلى الخلْقِ في بّره وبَحْرِه، صلَّى الله عليه وعلى صاحِبِه أبي بكرٍ السابقِ بما وَقَرَ من الإِيمانِ في صَدْرِه، وعلى عُمَر مُعزِّ الإِسلامِ بَحَزْمِه وقهرهِ، وعلى عثمانَ ذِي النُّورَينِ الصابِر من أمره على مُرِّه، وعلى عليٍّ ابن عمِّه وصِهْرِه، وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعينَ لهم بإِحسانٍ ما جاد السحابُ بقطْرِه، وسلَّم تسليماً.

إخواني: لقد نصرَ الله المؤمنينَ في مَواطنَ كثيرةٍ في بدرٍ والأحزابِ والفتحِ وحُنينٍ وغيرها، نصرَهُمُ اللهُ وفاءً بِوَعدِه {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ } [الروم: 47] {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَـادُ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّـلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ الْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [غافر: 51، 52]. نَصرَهُمُ اللهُ لأنهم قائمونَ بدينِه، وهو الظَّاهرُ على الأديانِ كلِّها، فمن تمسك به فهو ظاهرٌ على الأممِ كلِّها {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]. نصَرَهم اللهُ تعالى لأنهم قاموا بأسبابِ النصرِ الحقيقيَّةِ المادَيةِ منها والمَعْنَويةِ، فكان عندهم من العَزْمِ ما بَرَزُوا به على أعدائهم، أخذاً بتوجيه اللهِ تعالى لَهُم، وتَمشِّياً مع هديهِ وتثبيتِه إياهم {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّـلِمِينَ} [آل عمران: 139، 140] {وَلاَ تَهِنُواْ فِى ابْتِغَآءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء: 104] {فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَـلَكُمْ، إِنَّمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْـأَلْكُمْ أَمْوَلَكُمْ} [محمد: 35، 36].


فَكانوا بهذِه التَّقْويَةِ والتثبيتِ يَسِرونَ بِقُوةٍ وعزْمٍ وجِدٍّ، وأخَذُوا بكِلَّ نصيبٍ من القُوة امتثالاً لقولِ ربِّهم سبحانه وتعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } [الأنفال: 60] من القُوَّةِ النفسيةِ الباطنةِ، والقوةِ العسكريةِ الظاهرة.

نصرهم الله تعالى لأنهم قامُوا بنصر دينِه {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَآتَوُاْ الزَّكَـوةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَـقِبَةُ الأمُورِ} [الحج: 40، 41]. ففي هاتين الآيتين الكريمتين وعدَ اللهُ بالنصر من ينصرُه وعداً مؤكداً بمؤكدات لفظية ومَعنوية، أما المؤكدات اللفظية فهي القسمُ المقدَّرُ؛ لأنَّ التقديرَ واللهِ لينصرنَّ اللهُ مَنْ ينصرُهُ وكذلك اللامُ والنونُ في «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ » كلاهُما يفيدُ التوكيدَ، وأمَّا التوكيدُ المعنويُّ ففي قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ } فهو سبحانه قَويٌّ لا يضْعُفُ وعزيزٌ لا يذِلُّ، وكلُّ قوةٍ وعزةٍ تُضَادُّهُ ستكونُ ذُلاً وضعفاً وفي قولِه: {وَلِلَّهِ عَـقِبَةُ الأمُورِ} تثبيتٌ للمؤمِنِ عندما يسْتَبعِدُ النصر في نَظَره؛ لِبُعد أسبابِه عندَه، فإنَّ عواقبَ الأمورِ لله وحْدَهُ يغَيِّر سبحانَه ما شاءَ حَسْبَ ما تَقْتَضِيه حكمَتُه.

وفي هاتين الايتين بيانُ الأوْصافِ التي يُستحقُّ بها النصرُ، وهي أوصافٌ يَتَحَلَّى بها المؤمنُ بعدَ التمكين في الأرضِ، فلا يُغْرِيه هذا التمكينُ بالأشَرِ والْبَطرِ والعلوِّ والفسادِ، وإنما يَزيدُه قوةً في دين الله وتَمسُّكاً به.

الوصفُ الأول: { الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَآتَوُاْ الزَّكَـوةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَـقِبَةُ الأمُورِ} [الحج: 41].

والتمكينُ في الأرض لا يكونُ إلاّ بعْدَ تحقيق عبادةِ الله وحْدَه كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّـلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُمْ فِى الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ } [النور: 55]. فإذا قام العبدُ بعبادَةِ الله مخلصاً له في أقْوَالِه وأفعالِه وإرادَتِه لا يريدُ بها إلا وجه الله والدار الآخرة ولا يريد بها جاهاً ولا ثناءً من الناسِ ولا مالاً ولا شيئاً من الدُّنيا، واستمَرَّ على هذِه العبادة المخْلصة في السَّراء والضَراءِ والشِّدةِ والرَّخاءِ، مكَّنَ الله له في الأرض. إذَنْ فالتمكينُ في الأرضَ يستلزمُ وصفاً سابقاً عليه وهو عبادةُ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له.

وبعد التمكين والإِخلاص يَكُونُ:

الوصفُ الثاني: وهو إقامةُ الصلاةِ بأن يؤدِّيَ الصلاة على الوجهِ المطلوب منه، قائماً بشروطِها وأركانِها وواجباتِها وتمامُ ذلك القيامُ بمُسْتَحَبَّاتِ ها، فيحسنُ الطُّهورَ، ويقيمُ الركوعَ والسجودَ والقيامَ والقعودَ، ويحافَظُ على الوقتِ وعلى الجمعةِ والجماعاتِ، ويحافظُ على الخشوعِ وهو حضورُ القلبِ وسكونُ الجوارح، فإِنَّ الخشوعَ رُوحُ الصلاةِ ولُبُّها، والصلاةُ بدونِ خشوعٍ كالجسمِ بدون روحٍ، وعن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يقولُ: «إنَّ الرجل لينصرفُ وما كتِب له إلاَّ عُشْرُ صلاتِهِ تُسْعُها ثُمنْها سُبْعُها سُدسُها خُمْسُها ربْعُها ثلْثُها نصفها»، رواه أبو داود والنسائي.

الوصفُ الثالث: إيتاءُ الزكاةِ {وَآتُواْ الزَّكَوةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} بأن يعْطوُهَا إلى مستحقِّيها طِّيبةً بها نفوسُهم كاملةً بدونِ نقصٍ، يبتغُون بذلك فضلاً من الله ورضواناً، فيُزكُّون بذلك أنفسَهُم ويطهِّرون أموالَهم، وينفعونَ إخوانهم من الفقراءِ والمساكينِ وغيرهم من ذوي الحاجات، وقد سبقَ بيانُ مُسْتحِقَّي الزكاةِ الواجبةِ في المجلِسِ السابعَ عَشر.

الوصفُ الرابعُ: الأمر بالمعروفِ {وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ}.

والمعروفُ كلُّ ما أمرَ اللهُ به ورسولُه من واجباتٍ ومستحبات، يأمرون بذلك إحياءَ لشريعةِ اللهِ وإصلاحاً لعباده، واستجلاباً لرحمتِهِ ورضوانِهِ، فالمؤمنُ للمؤمنِ كالبنيِان يشدُ بعضُه بعضاً، فكما أنَّ المؤمنَ يحبُّ لنفسِهِ أَنْ يكونَ قائماً بطاعَةِ ربِّه؛ فكذلك يجبُ أن يحبَّ لإِخوانِه من القيام بِطاعةَ الله ما يحبُّ لنفسه، والأمرُ بالمعروفِ عن إيمانٍ وتصديقٍ يستلزمُ أن يكونَ الأمرُ قائماً بما يأمرُ به؛ لأنه يأمرُ به عن إيمانٍ واقتناعٍ بفائدتِهِ وثمراتِهِ العاجلة والآجلةِ.

الوصفُ الخامسُ: النَّهيُ عن المنكرِ {وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَـقِبَةُ الأمُورِ }.

والمُنْكَرُ كلُّ ما نهى اللهُ عنه ورسولُه من كبائر الذنوبِ وصغائِرِها، مما يتعلقُ بالعبادةِ أو الأخلاقِ أو المعاملةِ، ينْهونَ عن ذلك كلِّه صِيانةً لدينِ الله، وحمايةً لِعباده واتقاءً لأسْبابِ الفسادِ والعقوبةِ.

فالأمرُ بالمعروفِ والنَهْيُ عن المنكر دعَامَتَانِ قَوِيَّتانِ لبقاءِ الأمَّةِ وعزتِها ووحْدَتِها حتى لا تتفرَّق بها الأهواءُ، وتَشَتَّتَ بها المسالكُ، ولذلك كانَ الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر من فرائِضِ الدين على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ مع القدرةِ {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَـتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 104، 105].

فَلَوْلا الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر لتَفَرَّق الناسُ شِيعاً، وتمزَّقوا كل ممزَّق، كلُّ حزبٍ بما لَدَيْهِمْ فرحون، وبه فُضِّلت هذه الأمةُ على غيرها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَـبِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَـاسِقُونَ} [آل عمران: 110]. وبتَركه {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْرَءِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَـهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78، 79].

فهذه الأوصافُ الخمسةُ متى تحقَّقتْ مع القيامِ بما أرشدَ الله إليه من الْحَزمِ والعزيِمَةِ وإعْدادِ القُوَّةِ الحسيَّة حصل النصرُ بإذنِ الله {وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَـفِلُونَ} [الروم: 6، 7].

فيَحْصَلُ للأمَّةِ من نصْر الله ما لَمْ يخْطُرْ لهم على بالٍ، وإن المؤمنَ الواثقَ بوعدِ الله ليَعْلمُ أنَّ الأسباب المادِّيةَ مَهْما قويَتْ فليستْ بشيء بالنسبةِ إلى قُوةِ الله الذي خلقها وأوْجَدَها.

افْتَخَرَتْ عادٌ بقوَّتِها وقالُوا منْ أشدُّ منا قوةً فقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِـَايَـتِنَا يَجْحَدُونَ* فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ} [فصلت: 15، 16].

وافْتَخر فرعونُ بمُلكِ مصْرَ وأنْهَاره التي تْجري مِنْ تحته فأغرقَه الله بالماءِ الَّذِي كان يفْتَخرُ بِمثْلِهِ وأوْرث مُلْكهُ مُوسى وقومَه وهو الَّذِي في نظر فرعونَ مَهِيْن ولاَ يكادُ يُبِين.

وافتَخرت قريشٌ بعظَمتها وَجَبروتِها فخرجوا من ديَارِهم برؤسائِهم وزعمائِهم بطراً ورِئاءَ الناس يقولون لا نَرْجعُ حتى نقدمَ بَدْراً فننحرَ فيها الجزور، ونَسْقِيَ الخمورَ، وتعزفَ الْقِيانُ، وتسمعَ بنا العربُ فلا يزالُون يهابوننَا أبداً. فَهُزمُوا على يد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأصحابه شرَّ هزيمةٍ، وسُحبت جثثُهم جِيفاً في قليبِ بدرٍ، وصاروا حديثَ الناس في الذُّلِّ والهوانِ إلى يوم القيامةِ.


ونحنُ المسَلمين في هذا العصرِ لو أخَذْنَا بأسباب النصرِ، وقُمْنَا بواجبِ دينِنا، وكنَّا قدوةً لا مُقْتَدين، ومتبوعِين لا أتباعاً؛ لِغَيرنا وأخَذْنَا بوسائِل الحرب الْعَصْريَّةِ بصدقٍ وإخلاصٍ لنصَرنَا الله على أعدائنا كما نصر أسلافَنا.

صدقَ الله وعْدَه ونصر عَبْدَه وهزَمَ الأحزابَ وحْدَه. {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الفتح: 23].

اللَّهُمَّ هيئ لنا منْ أسبابِ النصرِ ما به نَصْرُنَا وعزتُنا وكرامتُنا، ورفعةُ الإِسلام وذُل الكفرِ والعصيانِ إنك جوادٌ كريمُ وصلَّى الله وسلَّم على نبِينا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمَعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.94 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]