|
|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تفسير الزركشي لآيات من سورة الجمعة
تفسير الزركشي لآيات من سورة الجمعة د. جمال بن فرحان الريمي ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 5]. قوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾، فإن الغرض تشبيه حال اليهود في جهلها بما معها من التوراة وآياتها الباهرة بحال الحمار الذي يحمل أسفار الحكمة، وليس له من حملها إلا الثقل والتعب من غير فائدة[1]. وقوله: ﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾؛ لأن حملهم التوراة ليس كالحمل على العاتق، إنما هو القيام بما فيها[2]. وقوله تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾، فالتشبيه مركّب من أحوال الحمار، وذلك هو حمل الأسفار التي هي أوعية العلم وخزائن ثمرة العقول، ثم لا يحسن ما فيها ولا يفرّق بينها وبين سائر الأحمال التي ليست من العلم في شيء، فليس له مما يحمل حظ سوى أنه يثقل عليه ويتعبه[3]. ﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 7] قوله تعالى: وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا جاءت بحرف "لا" في الموضع الذي اقترن به حرف الشرط بالفعل، فصار من صيغ العموم يعم الأزمنة، كأنه يقول: متى زعموا ذلك لوقت من الأوقات، وقيل لهم: تمنوا الموت، فلا يتمنونه[4]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9] قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ﴾، أي في يوم الجمعة[5]. وقوله تعالى: ﴿ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، أشار إلى سرٍّ في الجمعة وفضلٍ عظيم، أُراهما الزيارة والرؤية في الجنة، فإنها تكون في يوم الجمعة[6]. ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الجمعة: 11] قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾ قال الزمخشري: تقديره: إذا رأوا تجارةً انفضّوا إليها، أو لهوًا انفضّوا إليه، فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه[7]. ويبقى عليه سؤال؛ وهو أنه: لم أُوثر ذكر التجارة؟ وهلا أوثر اللهو؟ وجوابه ما قال الرَّاغب في تفسير سورة البقرة: إن التجارة لما كانت سبب انفضاض الذين نزلت فيهم هذه الآية أعيد الضمير إليها، ولأنه قد تُشغل التجارة عن العبادة ما لا يشغله اللهو[8]. قال رحمه الله: قد يُذكر شيئان ويعاد الضمير على أحدهما، ثم الغالب كونه للثاني. قال ابن الأنباري: ولم يؤثر الأوّل بالعائد في القرآن كله إلا في موضع واحد، وهو قوله تعالى ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾ معناه "إليهما"، فخصّ التجارة بالعائد لأنها كانت سبب الانفضاض عنه وهو يخطب. قال: فأما كلام العرب فإنها تارة تؤثر الثاني بالعائد وتارة الأول، فتقول: إن عبدك وجاريتك عاقلة، وإن عبدك وجاريتك عاقل. قلتُ: ليس من هذا قوله تعالى ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾ وقوله ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا ﴾ [النساء: 112][9]؛ لأن الإخبار عن أحدهما لوجود لفظه، أو هي لإثبات أحد المذكورين، فمن جعله نظير هذا فلم يُصِب، إلا إن يدعى أن "أو" بمعنى الواو. وفي هاتين الآيتين لطيفة، وهي أن الكلام لما اقتضى إعادة الضمير على أحدهما أعاده في الآية الأولى على التجارة، وإن كانت أبعد ومؤنثة؛ لأنها أجذب لقلوب العباد عن طاعة الله من اللهو، بدليل أن المشتغلين بها أكثر من اللهو، ولأنها أكثر نفعًا من اللهو، أو لأنها كانت أصلاً واللهو تبعًا؛ لأنه ضُرِب بالطبل لقدومها على ما عرف من تفسير الآية[10]، وأعاده في الآية الثانية على الإثم، رعايةً لمرتبة القرب والتذكر[11]. وقوله تعالى: ﴿ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾، أي خير من كل من تسمى برازق، قاله أبو القاسم السعدي[12]. [1] البرهان: معرفة الأمثال الكائنة فيه 1/ 334. [2] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - أقسام التشبيه باعتبار طرفيه 3/ 258. [3] المصدر السابق: أقسام التشبيه باعتبار مفرد ومركب 3/ 259. [4] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - لن 4/ 236. [5] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - من 4/ 256 [6] المصدر السابق: بيان معاضدة السنة للقرآن 2/ 89. [7] الكشاف 6/ 121. [8] تفسير الراغب الأصفهاني، تحقيق د. محمد عبدالعزيز بسيوني، كلية الآداب - جامعة طنطا، ط/ 1 ت/ 1420هـ -1999م، ص/ 177. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - أقسام الحذف 3/ 83. [9] سورة النساء: 112. [10] أسباب النزول للواحدي، ص/ 449. [11] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - قاعدة في الضمائر 4/ 23. [12] هو عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي بن عوض السعدي المصري، تاج الدين أبو القاسم، ولد سنة 650، اعتنى بالحديث وكان ذاكرا لشيوخه وسماعه حسن الخط، ناب في الحكم عن تقي الدين الحنبلي، وولى مشيخة الحديث بالصاحبية، كان يقول في أواخر عمره إنه كتب بخطه ما يزيد على خمسمائة مجلد ما بين فقه وحديث وغيرهما، مات في شهر ربيع الأول سنة 732هـ. (الدرر الكامنة 2/ 386)، رقم الترجمة (2457). البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - أفعل التفضيل 4/ 107.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |