المانع في الفقه: تعريفه، أقسامه، أمثلة عليه

[ابوالوليد المسلم]

المانع في الفقه


تعريفه، أقسامه، أمثلة عليه


خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني



المَانِع هو:
أ‌- مَا يلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ العَدَمُ: أي يلزم من وجود المانع عدم الحكم.
وخرج بهذا القيد السبب؛ فإنه يلزم من وجوده الوجود[1].


والمانع عكس السبب.
مثال [1]: يلزم من وجود القتل عدمُ صحة الإرث؛ لأن القتل مانعٌ من موانع الإرث.
مثال [2]: يلزم من الأبوة عدمُ وجوب القصاص؛ لأن الأبوة من موانع القصاص.
مثال [3]: يلزم من وجود الحيض عدمُ وجوب الصوم والصلاة للمرأة؛ لأن الحيض مانع من موانع الصوم والصلاة.
مثال [4]: يلزم من وجود العدة عدمُ صحة النكاح؛ لأن العدَّة مانع من موانع النكاح.


ب‌- وَلَا يلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ: أي: ولا يلزم من عدم المانع وجودُ الحكم، ولا عدمُ وجود الحكم.


وخرج بهذا القيد الشرطُ؛ فإنه يلزم من عدمه العدم[2].
مثال [1]: لا يلزم من عدم القتل وجودُ الحكم وهو الإرث، فقد ينعدم الإرث بمانع آخر كاختلاف الدِّين. ولا يلزم من عدم وجود القتل عدمُ وجود الحكم وهو الإرث، فقد يوجد الإرث إذا لم يوجد مانع آخرُ.


مثال [2]: لا يلزم من عدم الأُبوة وجود الحكم وهو وجوب القصاص، فقد ينعدم القصاص بمانع آخر كأن يكون الجاني صبيًّا. ولا يلزم من عدم الأبوة عدمُ وجود الحكم وهو وجوب القصاص، فقد يجب القصاص إذا لم يوجد مانع آخرُ.


مثال [3]: لا يلزم من عدم وجود الحيض وجودُ الحكم وهو وجوب الصوم، والصلاة للمرأة، فقد لا يجب الصوم والصلاة على المرأة لوجود مانع آخر كالنفاس. ولا يلزم من عدم وجود الحيض عدمُ وجود الحكم وهو وجوب الصوم والصلاة للمرأة، فقد يجب الصوم والصلاة على المرأة إذا لم يوجد مانعٌ آخرُ.


مثال [4]: لا يلزم من عدم وجود العدة وجودُ الحكم وهو صحة النكاح، فقد ينعدم النكاح لوجود مانع آخرَ، كأن يكون أحدُ الزوجين مَحرَمًا للآخر. ولا يلزم من عدم وجود العدة عدمُ وجود الحكم وهو صحة النكاح، فقد يصح النكاحُ لعدم وجود مانعٍ آخرَ.


أقسام المانع:

ينقسم المانع قسمين[3]:
أحدهما: مانع وجوب.
مثال [1]: النِّفاس مانع من وجوب الصلاة والصوم للمرأة.
مثال [2]: الأبوة مانعة من وجوب القصاص.


الثاني: مانع صحة.
مثال [1]: العدَّة مانعة من صحة النكاح.
مثال [2]: الكفر مانع من صحة الإرث.
مثال [3]: الجنون مانع من صحة الوضوء.


متى يثبت الحكم الشرعي؟
يثبت الحكم الشرعي إذا توفرت ثلاثة أشياء[4]:
الأول: وجود الأسباب.
الثاني: وجود الشروط.
الثالث: انتفاء الموانع.


مثال [1]: لا تثبت الزكاة إلا بتوفر ثلاثة أشياء:
الأول: وجود النصاب الذي هو سبب وجوب الزكاة.
الثاني: ثبوت الحول الذي هو شرط وجوب الزكاة.
الثالث: عدم وجود الدَّين الذي هو مانع وجوب الزكاة.


فإذا اختل أحد هذه الأشياء الثلاثة لم تجب الزكاة.
مثال [2]: لا يثبت الإرث إلا بتوفر ثلاثة أشياء:
الأول: وجود القرابة الذي هي سبب وجوب الإرث.
الثاني: حياة الوارث وموت المورِّث اللذان هما شرطا وجوب الإرث.
الثالث: عدم اختلاف الدِّين، أو الرِّق، أو القتل الذين هم من موانع وجوب الإرث.


فإذا اختل أحدُ هذه الشروط لم يجبِ الإرث.
مثال [3]: لا تجب الصلاة إلا بتوفر ثلاثة أشياء:
الأول: دخول الوقت الذي هو سبب وجوب الصلاة.
الثاني: البلوغ والإسلام اللذان هما شرطا وجوب الصلاة.
الثالث: عدم الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة، اللذان هما من موانع وجوب الصلاة.

[1] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /457).

[2] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /457).

فائدة: يَحْسُنُ إضافة قيد «لذاته» في تعريف المانع؛ ليكون «ما يلزم من وجوده العدمُ، ولا يلزم من عدمه وجودٌ ولا عدم لذاته»؛ لئلَّا يقارن عدمُ المانع وجودَ سبب آخر، فإنه يلزم الوجود، ولكن لا لعدم المانع، وإنما لوجود السبب الآخر.

مثال: المرتد القاتل لولده، فإن هذا يقتل بالردة وإن لم يقتل قصاصًا؛ لأن المانع إنما منع أحد السببين فقط، وهو القصاص، وقد حصل القتل بسبب آخر، وهو: الردة؛ [انظر: شرح الكوكب المنير (1 /457)].

[3] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /457-458).

[4] انظر: شرح الكوكب المنير (1 /435).