تعريف الباحثين والمتخصصين للحكمة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 25 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2020, 11:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي تعريف الباحثين والمتخصصين للحكمة

تعريف الباحثين والمتخصصين للحكمة


د. أمين الدميري







تُطلَق الحكمة في اللغة على معانٍ عديدة، منها:

العدل، والعِلم، والحِلم، والنبوة، والقرآن، والإنجيل، والسنَّة، وغير ذلك.



كما تُطلق على العلة: يقال: حكمة التشريع.



وقد عرَّفها العلماء في الاصطلاح تعريفات كثيرة، منها:

الحكمة: إصابة الحق بالعلم والعقل؛ فالحكمةُ من الله تعالى: (معرفة الأشياء، وإيجادُها على غاية الإحكام)، ومن الإنسان: (معرفة الموجودات، وفِعل الخيرات).



والحكمة: وَضْعُ الأشياء مواضعها.



والحِكمة: الإصابة في القولِ والعمل[1].



والحكمة: (حاسة الصواب الكامنة في كيان الداعية، محدِّدة له في واقع الدعوة سبيلَ الوصول إلى الغاية)، وهذا التعريف يعتمد على أربعة جوانبَ للحكمة، يوضِّحها الأستاذ رفاعي سرور كما يلي:

الجانب الأول: تعريف ابن عباس رضي الله عنهما، وهي أنها: معرفةُ القرآن؛ ناسخه ومنسوخه، ومُحكَمه ومتشابهه، ومُقدَّمه ومُؤخَّره، وحلاله وحرامه؛ (نقلاً عن ابن كثير في تفسير الآية 269 من سورة البقرة).



الجانب الثاني: وفيه جاء قولُه تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269]، وهو دليلٌ على أن الحكمةَ إيتاءٌ من الله - عز وجل - لمن يشاءُ مِن عباده.



الجانب الثالث: وفيه جاء تعريفُ الحكمة: بأنها العَدْلُ في القضاء؛ كما جاء في الحديث: ((ورجُل آتاه الله الحِكمة، فهو يقضي بها ويُعلِّمُها))؛ وهو متفق عليه.



الجانب الرابع: وفيه جاء قوله تعالى: ﴿ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ﴾ [القمر: 5]، وبالغة: تعني أنها بالغةٌ منتهاها وغايتَها[2].



والحكمة: "شكر الله عز وجل"؛ وذلك بتوحيدِه، والدعوة إلى توحيد الله عز وجل؛ لأن ذلك هو الحقُّ والعدلُ والإصابة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [لقمان: 12]، قال الرازيُّ - رحمه الله -: الحِكمة: عبارةٌ عن توفيقِ العمل بالعلم؛ فمن أوتي العملَ بالعلم، فقد أوتي الحكمةَ، و(أنْ) في الآية تُسمَّى "المفسِّرة"؛ ففسر اللهُ إيتاءَ الحِكمة بقوله: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾ [لقمان: 12]، وهو كذلك[3]، هذا ومَن أوتي الحِكمة والعِلم، فقد نال نعمةَ البصيرة؛ قال في يوسفَ عليه السلام: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22].



خلاصة القول: فإن مِن مفاهيم الحِكمة ما يلي:

1- الإصابة؛ أي: فعل الأصوب.

2- العدل.

3- وَضْع الشيء موضِعَه.

4- موافقة العمل بالعِلم[4].

5- الحُجَّة البالغة.

6- والحِكمة ثمرةُ العِلم بالكتاب والسنَّة والعمل بهما.



عاشرًا: خلاصة القول في فَهْمِ الآية الكريمة:

اشتملت الآيةُ على أمرينِ:

الأول: ﴿ ادعُ ﴾: خطاب الله تعالى وأمر مستمرٌّ، وتكليف باقٍ إلى يوم القيامة: (ادعُ بالحكمةِ، والموعظة الحسَنة).

الثاني: ﴿ جادِلْهم ﴾: وجادِل مَن اعترضك، أو من احتاج إلى حُجَّةٍ ومُقارَعة بالحسنى بهدفِ الهداية والوصولِ إلى الحقِّ.



أن حرف الباء: يفيد الاستعانة والالتصاق؛ فإن الدعوةَ مرتبطةٌ بالحِكمة، وبالموعظة الحسنة، وكذا الجدال مرتبطٌ بالتي هي أحسن في القولِ، والرابطة العضوية بين الدعوة والحِكمة؛ فالدعوةُ لا تكون إلا بالحِكمة، ولا تُفيد الدعوةُ ولا تؤتي ثمرتَها إلا إذا كانت الحكمةُ ملازمةً لها، وعلى أساسها؛ فهي علاقةٌ غير منفكَّة، وعلى هذا فالحكمةُ هي الإطارُ العام الذي يحيط بالعمل الدعوى من كل جوانبه.



وإذا كان قد تمَّ إلقاءُ الضوء على الآيات التي سبقت الآية الكريمة، وهي التي تحدَّثت عن إبراهيم عليه السلام، والأمر باتباع ملَّتِه وطريقته - فإنه يجدر الإشارةُ إلى الآيات التالية للآية، وهي قوله تعالى:

﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127].



ذكَر المفسِّرون أقوالاً في تفسير الثلاث الآيات: أن الله تعالى يأمُرُ بالعدل في القِصاص، والمماثلة في استيفاءِ الحقِّ، والمعاقبة بالمِثل، وأن هذه الآيات مدنيَّة، وأنها نزلَتْ بعد غزوة أُحُد حين قُتِل حمزةُ رضي الله عنه ومُثِّل به، إلا أن الإمامَ ابن كثير - رحمه الله - ذكَر أن هذه الرواياتِ ضعيفةُ الإسناد[5].



بَيْدَ أن النظرةَ الشاملة لسياق الآيات وتسلسلِها وتناسبِها - يكشفُ عن حقيقةٍ قرآنيَّة وسنَّةٍ من سُنَن الدِّين والدعوة، وهي أن الداعيَ - في غالب الأحوال - لا ينال الثناءَ، ولا يحملُه المدعوون على الأعناق، ولكن قد يواجهُ الأذى والاضطهادَ، وقد يناله الاعتداءُ بشتى أنواع التعذيبِ البدنيِّ والمعنوي، فيعاقب؛ لأنه يدعو إلى الله تعالى، وهنا إن كان يقدِرُ على العقوبة بالمِثْل، فله ذلك، وهذا لا يحدُثُ؛ لأن ذلك لا يكونُ إلا في حالاتِ الاستضعاف، إذًا فماذا يفعل؟ إنه الصبرُ على الأذى في سبيلِ الدعوة.



ومن هنا، فإن هذه الآياتِ وما قبلها تُشبِه تلك التي تأمُرُ بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والتي تأمُرُ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى، وأذكُرُ منها:

1- ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].



2- ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].



والسورة الكريمة - أي: سورةُ النَّحْل - مكِّية، وكانت الدعوة في مِحنة وشدة وإيذاء وتكذيب، ومع هذا كان المسلمون يصبِرون ويتحمَّلون، ولا يرُدُّون الأذى بالمِثْل، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يحتمل ويدعو لقومِه بالهداية، وكان حريصًا على هدايتهم، وكان يحزنُه إعراضُهم، ومكرُهم به وبأصحابه، فكان الوحيُ ينزل ليسلِّيَه ويوصيه بالصبر.



﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127].



ولم يُؤمَرْ بالعقوبة، ولا بردِّ العُدوان في مكة، والتعبير بـ: (إن) يدلُّ على الشك في رد العقوبة أو الاعتداء، وهذا يناسب طبيعةَ المرحلة، التي كان من أهدافها التربويةِ ترويضُ النفوس، وضبطُ انفعالاتها وتصرفاتِها حسَب أوامرِ الله عز وجل.



وهذا درسٌ للدعاةِ، وهو أن يوطِّنوا أنفسهم على تحمُّل أذى المعارضين للدعوة، الرافضين لها، المعتدين على رموزِها، ولا ينشغلوا بأخذِ حقوقِهم في الدنيا، ويدَّخِروا الأجر والثواب في الآخرة، وأن يعلموا أن الصبر خيرٌ لهم، وأن الله تعالى معهم ينصُرُهم ويؤيِّدُهم؛ إما بالانتقام من عدوِّهم في الآخرة، وأما بتثبيتهم على الحق، وانتصار الإيمان في قلوبِهم فلا يُفتَنوا، ولا يهنوا ولا يحزنوا.



﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139].



خلاصة القول في أساليب الدعوة:

إذا كان بعضُ الباحثين ذكَر أن أساليب الدعوة تنحصرُ في أربعة أساليب، وهي: الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادَلة بالتي هي أحسن، والقدوة الحسنة[6]، ويرى آخرون أن أساليبَ الدعوةِ تقوم على تشخيصِ الداءِ في المدعوين، ومعرفة الدواء، وإزاحة الشبهات، والترغيب والترهيب[7] - فإنه يمكن القول: إن أساليبَ الدعوة تتوقَّفُ وتتنوَّع حسب حال المدعوين:

وبيان ذلك حسب ما جاء في الآيتينِ الكريمتين في سورة النحل: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 125، 126]: أن أصناف المدعوين أربعة: صنفان تكفيهما الدعوة، وتتحقَّق الاستجابة، ويفيد معهما أسلوبا الحِكمة والموعظة الحسنة، والصنف الثالث - وهو حالة استثنائية - وهو الذي ألجأ الداعيَ إلى مجادلتِه بالحُجَج المفحِمة الملزِمة، مع ضبط النفس، وحسن القول، وهي الجدال بالتي هي أحسن، أما الصنف الرابع، فهو الخَصِم الألَدُّ الذي لا يكتفي بالمشاغبة، ولكنه تعدَّى على الداعي، أو على الدعوة، فهذا لا ينفَعُ معه ولا مجال لأسلوب الجدال بالتي هي أحسن، ولكن تحتم التعامل معه بأسلوبٍ آخر، وهو ردُّ الاعتداء ولو بالقتال والمجالدة، وذلك في حال القدرةِ على الجِلادِ، وإلا فالصبرُ والاكتفاء بالجدال والاحتمال، والجهاد باللسان لا بالسِّنان.



ومن هنا يمكن القول بأن أساليبَ الدعوة الأربعة هي:

1- أسلوب الحكمة: وهو مع مَن بلَغ درجة الكمال، ويستجيب بمجردِ دعوتِه بالحُجَج القطعية والمفيدة لليقين.



2- أسلوب الموعظة الحَسَنة: وهو مع عوامِّ الخَلق، وتكفيهم الدلائلُ الإقناعية الموصلة للتصديق بمقدمات مقبولةٍ.



3- أسلوب الجدال: وهو الخصم المشاغب، وفي الغالب يكون صاحبَ فكرٍ ضالٍّ أو عقيدة فاسدة، أو مذهب منحرف، ولا بد مِن التزام آداب الحوار وقواعد الجدال، مع ضبطِ النفس وحسن المقال؛ بغيةَ الوصولِ إلى الهدف المنشود، وهو إفحام الخَصْم، وإحقاق الحق، وإبطال الباطل.



4- أسلوب الجِلاد: وهو مع الخَصِمين المعاندين المعتدين، الذين شاقُّوا الله ورسولَه، وصدُّوا عن سبيل الله؛ كالذين قال الله فيهم في سورة الأنفال: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 13]، ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الأنفال: 22]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، وهذه الأساليبُ تتحدَّدُ حسَب طبيعة المدعو كما سبق بيانه، أما عملية التبليغ ذاتها، فإنها ترتكزُ على خمسِ حقائق - كما بيَّنها الشيخ رفاعي سرور - هي:



1- الداعية المبلِّغ عن الله: ويجب أن يكون أداةً صالحة، وكون المبلغ عن الله أداة صالحة؛ فإنها - قدرًا - لا يجب أن تتجاوزَ حدودَ الأداة والسبب، وسببية الدعاة إلى الله تحمي الدعاةَ من ثلاثةِ أخطار، وهي: خطرُ الغرور واليأس، وخطرُ الخروجِ بالدعوة عن موضعها بملاحقة مَن لا يستحقُّون الدعوة، وإهمال دعوة مَن يستحقون الدعوة.



2- سنن التأثير في النفس البشرية: فمن حيث الأسلوب والتبليغ عن الله، فيجب أن يجمعَ كل سنن التأثير في النفس، وممارسة الدعوة باعتبار الجبلَّة التي خلَق الله الناس عليها، ومن أهمِّ عوامل التأثير: العمل؛ فالتصورُ القدري للبلاغ يفرض علينا ألا نفهمَ ممارسةَ الكلام دون العمل، أو مخالفة الكلام للعمل على أنه مجرَّدُ مخالفة شرعية، ولكن على أنه تناقضٌ يعبِّرُ القرآنُ عنه في سورة الصفِّ بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3]، فممارسة الكلامِ دون عملٍ يُفقِده أثرَه؛ لأنه تناقض بين الدعوة وسُنن الله في خَلق الإنسان، وإذ إنه من السُّنن النفسية أن يتأثَّرَ الإنسانُ بالعمل، ومن هنا كانت أهميةُ سنَّة القدوة، وسنة المنفعة (تأليف القلوب من خلال المنافع والعطايا)، والتواضُع وسنَّة القوة في تأثير القويِّ على الضعيف، واقتداء الضعيفِ بالقوي.



3- التصور القدري لمن هو موضعٌ للبلاغ؛ فاليهود مثلاً قد قدر الله فيهم أنهم مغضوبٌ عليهم، والنصارى هم الضالون، فكان من المقتضى المنهجي في ممارسةِ الدعوة مع اليهود أن يقوم على إثبات الوحي والرسالة دون استفاضة معهم في الحوار أو المناقشة؛ (بدليل وَفْدِ نصارى نجرانَ، ونزول سورة آل عمران).



4- حدود إقامة الحجة: فيجب الارتكازُ على جانب الفِطرة، والتعامل معها، ومخاطبة العقل والقلب معًا، ومراعاة تنوُّع الخَلق في القَبول والهداية.



5- قضية الأسماء والصفات: وهو اهتمام المبلِّغ بالتعريف بالله، وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وكمال قدرتِه، وسُنَنه في الأرض وفي الخَلْق[8].



من كتاب: "البصيرة في الدعوة إلى الله"





[1] المدخل إلى علم الدعوة؛ الشيخ البيروني، ص 244.



[2] حكمة الدعوة؛ رفاعي سرور، ط2، 1987، ص 8.



[3] مفاتيح الغيب، جزء 12، ص 506.




[4] خصيصة التدرُّج في الدعوةِ إلى الله؛ للباحث، كلية أصول الدين، القاهرة، 2004/ ص 165(ماجستير).



[5] تفسير ابن كثير، جزء 2، ص 592.



[6] الأستاذ محمد أبو الفتح البيانوني (المدخل إلى علم الدعوة ص 241).



[7] د. عبدالكريم زيدان (أصول الدعوة)، ص42.



[8] قدر الدعوة؛ الشيخ رفاعي سرور، مكتبة الحرمين للعلوم النافعة 1412هـ/ 1992م، ص 321 وباختصار ص 328.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.15 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]