وسائل الدعوة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          دولة الموحدين - ملوك دولة الموحدين عبد المؤمن وابنه يوسف وحفيده يعقوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          عقد مودة ورحمة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          16طريقة تجلب بها البركة لبيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ألا تشعرين بالحر ؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          المرأة عند الإغريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2020, 11:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,971
الدولة : Egypt
افتراضي وسائل الدعوة

وسائل الدعوة


د. أمين الدميري






وسائل الدعوة هي الطُّرق التي يسلكُها الداعي ويتوصَّل بها إلى تحقيق أهدافه، ولا شك أن الوسائلَ يجب أن تكون مشروعةً؛ أي: التي أباحها الشرعُ الحكيم وأمر بها، فالوسيلة - أيضًا - ما يتقرَّب به الإنسانُ إلى مَن يريد قبول دعائه، (وهو الله عز وجل)، أو دعوته (وهو المدعو)؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35]، وفي المعجم: وَسَلَ لي: وسيلة ووسائل، وأنا متوسِّل إليه بكذا، ووسلت إليه، وتوسلت إلى الله بالعمل: تقرَّبت؛ (أساس البلاغة؛ للزمخشري).



والتوسُّل إلى الله تعالى إنما يكونُ بالعمل الصالح، وهو ما كان خالصًا وصوابًا؛ أي: موافقًا للشرع؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وهناك أنواعٌ أخرى من التوسُّل المشروع، ليس المجال ذكرها.



أما توسُّل الداعي للمدعو، فهو ما يتوصل به إلى قلبِه وعقله، وتوصل الداعي إلى قلب المدعو أن ينجيَه الله تعالى من النار؛ بإنقاذِه من مستنقع الشِّرك والمعاصي إلى محيط الإيمان وجو الطاعة، وقد يكون بمصاحبتِه بالمعروف، أو بتقديم الهدايا الرَّمزية، والثناء عليه، وذكر محاسنه؛ وذلك بغَرَض الوصول إلى قلبه، وتحقيق الاستعداد للسماع والقَبول لِما يُلقَى ويقال، أما الوصول إلى عقل الداعي وتحقُّق الإقناع، فإنما يكون بالحجَّة البالغة الواضحة, وقد يكون المدعو راسخًا في معتقدِه، فيلزم حينئذٍ تجنُّب مصادمتِه في أفكاره، والعملُ على زحزحته عن موقفه؛ بتشكيكه في معتقده شيئًا فشيئًا، مع تقديم الأدلة والبدائل المفحمة، وذلك من باب استدراجِ الخَصم حتى يكونَ هو الحَكَم على نفسه بفساد معتقدِه؛ كما فعَل إبراهيم عليه السلام في مناظرتِه مع عَبَدَةِ الكواكب؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴾ [الأنعام: 76، 77]، فقوله عليه السلام: ﴿ هَذَا رَبِّي ﴾ ليس اعترافًا منه وإقرارًا بما هم عليه، وإنما موافقة الخَصم ظاهرًا لتجنُّب الصِّدام معه في أول المناظرة، ولكن الكوكب أفَل واختفى، إذًا فكيف نعبُدُ إلهًا يأفُلُ ويغِيبُ؟! وهكذا سار معهم حتى قال في نهاية الأمر: ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 79] وما بعدها، إن تغييرَ مألوفات الناس وما وجدوا عليه آباءهم لا يتحوَّلون عنه في يومٍ وليلة؛ لذا وجَب على الداعي المداومةُ بغير ملَلٍ ولا كلل، والصبرُ، وهو مِن أهمِّ الوسائل الدعوية التي يجب أن يتحلَّى بها الداعي، ومن الوسائل الدعوية ما يلي:

* اللغة: وتشملُ لغة التخاطب، ولغة الخطاب؛ أما لغة التخاطب، فهي ثابتة غير متغيرة، وهي لغة القوم التي يتحدَّثون ويتفاهمون بها؛ كاللغة العربية، أو غيرها من لغات أهل الأرض، وأما لغة الخطاب، فهي متغيِّرة حسب تغيُّرات العصر وحال الناس وثقافتهم، وحسب قُرْبهم أو بُعْدهم عن الفَهْم الإسلامي الصحيح، وعلى سبيل المثال: فإننا نسمع الآن ويردِّد البعضُ مصطلحات حديثة؛ كتجديد الخطاب الديني، وأهمية الخطاب التنويري أو المستنير، وخطورة الخطاب الظَّلامي، وعالِم أو داعٍ مستنير، وآخر غير مستنير، وغير ذلك، ولا شك أن وراء هذه التعبيراتِ أغراضًا وجهاتٍ مشبوهة، وتريدُ من الناس التحولَ والتحلُّل مِن قِيَم الإسلام ومبادئه الأصيلة، وتخوِّفُ وتحذِّرُ الناسَ من الإسلام الحقيقي الذي كان عليه سَلَفُ الأمَّة!



ومن هنا كان على الداعي أن يخاطبَ الناسَ بلغتِهم، كما أن أسلوبَ الخطاب يكون موافقًا لمستوياتِهم من الفَهْم والثقافة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]، ومعنى ﴿ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾؛ أي: بِلُغَة قومه، (وضمير الهاء في قوله: ﴿ قَوْمِهِ ﴾ يعودُ على كل نبيٍّ، أو يعود على خاتَمِهم صلى الله عليهم أجمعين، وقيل: إنه ما من كتاب أُنزِل إلا بالعربية، وكان جبريلُ عليه السلام يترجم للنبيِّ بلغته... أما القرآنُ الكريم، فقد نزَل: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]، ثم حمَله العربُ إلى سائر الأُمَم والأجناس)[1].



وما من شكٍّ أن الالتزامَ بقواعد اللغةِ العربية في الكتابةِ والخَطابة من واجباتِ الدَّاعية، بل أرى أنه من واجبات كلِّ المسلمين أن يتحدَّثوا فيما بينهم باللغةِ العربية الفصحى، ويلتزِموا بقواعدِها، ويتركوا العاميَّة، وغيرَها من اللِّغات الأجنبية في الحديث تنطعًا أو إظهارًا لمستوى علميٍّ رفيعٍ أو ثخين لا داعيَ له، وقد عده بعض الأئمة ميلاً وتشبُّهًا بالأعاجم؛ فإن المشابهة في الظاهر تورِثُ الموافقة في الباطن؛ فقد ورد النهيُ عن رطانة الأعاجم؛ روى البيهقيُّ بإسناد صحيح في: باب كراهةِ الدخول على أهل الذِّمَّة في كنائسهم، والتشبُّه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم: عن سفيانَ الثوري، عن ثور بن يزيدَ، عن عطاءِ بن دينار قال عمرُ: "لا تَعَلَّموا رطانةَ الأعاجم، ولا تدخُلوا على المُشركينَ في كنائسِهم يوم عيدِهم؛ فإن السخطةَ تنزِلُ عليهم"، وقال شيخُ الإسلام: (وأما الخطابُ بالعجميَّة من غير حاجةٍ، فهو منهيٌّ عنه؛ فقد كرِه الشافعيُّ لِمَن يعرف العربيةَ أن يسمِّيَ بغيرِها، وأن يتكلَّمَ بها خالطًا لها بالعجَمية، وأما اعتيادُ الخطاب بغير العربية التي هي شِعار الإسلام، ولغةُ القرآن، حتى يصيرَ ذلك عادةً للمِصر وأهله، فلا ريب أن هذا مكروهٌ؛ فإنَّه من التشبُّهِ بالأعاجم, واعلَمْ أن اعتيادَ اللغة يؤثِّرُ في العقل والخُلُق والدِّين، وأيضًا فإن نَفْس اللغة العربية مِن الدِّين، ومعرفتها فرضٌ واجب؛ فإن فَهْمَ الكتاب والسنَّة فرضٌ، ولا يُفهَم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ..)[2]، أما تعلُّمُ لغةٍ أجنبية معينة بقَصْد دعوة أهلها للإسلام، وتعليمِه إياهم، فلا بأس به، بل هو واجبٌ على من تُعُيِّن عليه؛ كالمسافر في بعثة، أو العمل في مجال الدعوة في تلك البلادِ الأجنبية!



ومِن الوسائل الدَّعوية المتعلقة بوسيلة اللغة: المناقشة والمحاضرة والخطبة والندوة والدرس، وغير ذلك، ويُطلَق عليها وسيلة القول؛ (وعلى الداعي أن يكون عَذْبَ القول، ويتخيَّر الألفاظ الحَسَنة والبليغة، وأن يبدأ بلين الكلام، ثم التغليظ في القول، أو في الفعل حسب الحال؛ ففي القولِ اللَّيِّن يقول تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44]، وفي القولِ الحسَنِ يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، وفي القول البليغِ يقول تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ [النساء: 63]، كذلك الكلمةُ الطَّيِّبة تأتي بثمارٍ طيبة: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [إبراهيم: 24، 25]، هذا وقد يُضطَرُّ الداعي إلى التغليظِ في القول؛ ذلك لأنه إذا كان القول اللَّيِّن هو الكلمة الأولى، فليس هو الكلمةَ الأخيرة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التحريم: 9]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73].



ولأن القول هو الوسيلة الأولى في إيصال الحقِّ إلى الناس؛ لذا كان لا بد له من ضوابط، فمن الضوابط العامةِ في القول:

1- أن يكون واضحًا بيِّنًا مفهومًا للسامع.

2- أن يكون بعيدًا عن التكلُّف والتفاصُح؛ حتى يمكنَ فهمُه وقَبولُه.

3- أن يكون مناسبًا للواقعِ من ناحية بيئة الدعوة وحال المدعوين.

4- أن يكون سديدًا...[3].



ومن الوسائل الدعويَّة التي فرضت نفسَها بقوة في زماننا هذا: الكتابة والحوار، عن طريق ما يسمَّى بشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وهو مجال خصب في الدعوة والردِّ على مزاعمِ وشبهات أعداء الإسلام، غيرَ أنني أحذِّرُ من تبديد الطاقات في مناقشات جانبية أو فرعية يجرُّنا إليها أو يعرضُها خصومنا؛ فكثيرًا ما تُثار - عن عمد - قضايا لم تكُنْ مطروحة من قبلُ، ثم ينبري المدافعون عن دِينهم بتلقائية للرد، وإبداء الرأي؛ كما في موضوع إنكارِ الشفاعة، وكما حدَث من قبلُ لَمَّا أطلق المستشرقون دعوى انتشارِ الإسلام بالسيف، ثم قام المدافعون يُفنِّدون تلك الشُّبهة ويردُّون عليها؛ ليثبتوا أن الإسلامَ ليس فيه سيف، بينما الحقيقة أن الإسلامَ شرَع السيف لتأديب المُعتدين، والدفاع عن الدعوةِ؛ لتحقيق قاعدة (بيان الرشد)، ثم بعد ذلك تكون الحريةُ في اختيارِ العقيدة: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، وعلى هذا، فإن الواجبَ على الدعاة الالتزامُ بالهدفِ الدعويِّ المَرْحلي، (وعدم الالتفات إلى أمورٍ جانبية تصرِفُ عن الهدفِ المرسوم، أو تُبدِّد الطاقات).



وسيلة أخرى من وسائل الدعوة، وهي: العملُ الصالح والقدوة الحَسَنة:

إن الإسلامَ يأمُرُ بالإحسان في كلِّ شيء، وإتقانِ العمل والأمانة، والصدق في التعامل، وينهى عن الغِشِّ، وخُلْف الوعد، والظُّلم، وغير ذلك من سيئِ الخِصال، وتُسمَّى الأخلاقَ الأساسية، ومن هنا كان الالتزامُ بالمبادئ أو الأخلاقِ الأساسية هو أولَ الطَّريق للنهوض، كما أنه ذاته دعوةٌ ودليلٌ على الالتزام بأخلاقِ الإسلام، وقد أُمرنا بالعمل الصالح بعد الإيمان بالله عز وجل؛ فإيمانٌ بلا عمل دعوى فارغةٌ لا قيمةَ لها، والقرآن الكريم مليءٌ بمثل هذه التوجيهات: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾:

قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]، فمن لم يؤمِنْ ويعمَلْ عملاً صالحًا كان مِن أهل الخسران!



كما أن مطابقةَ القول للعملِ مِن أهمِّ الوسائل التي تؤثِّرُ في المدعوين، ومخالفة القول للعمل أو القول بلا عملٍ يُعَد عيبًا لا يليقُ أن يتصفَ به مسلمٌ أو داعيةٌ؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3]؛ فالمُسلِم مكلَّفٌ أن يأتمرَ بالمعروفِ وينتهي عن المُنكَر، ثم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وذلك قدر الاستطاعة.



ومطابقة القول للعمل تستوجب أن يُلزم نفسَه بما يدعو إليه، فلا يدعو إلى الزهدِ وهو يعيشُ في قصرٍ مُنِيفٍ، ويركب سيارة فارهة! كما لا تُقبَل منه دعوتُه وهو لا يتعامل معهم بصدقٍ ولا يتَّقي اللهَ فيهم؛ قال تعالى إخبارًا عن شعيبٍ عليه السلام: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]، ذكر ابنُ كثير - رحمه الله تعالى - ما يليق ويحسُنُ ذِكرُه في هذا المقام، قال: قال مسلمُ بن عمرو:



ما أقبَحَ التَّزهيدَ مِن واعظٍ

يُزهِّد الناسَ ولا يزهَدُ



لو كان في تزهيدِه صادقًا

أضحى وأمسى بيته المسجدُ



إنْ رَفَضَ النَّاسُ فما بالُه

يستفتح الناسَ ويسترقِدُ



الرِّزقُ مقسومٌ على مَن ترى

يُسقَى له الأبيضُ والأسودُ








وقال بعضُهم: جلس أبو عثمان الحيري الزاهد يومًا على مجلسِ التذكير فقال:



وغيرُ تَقيٍّ يأمُرُ الناسَ بالتُّقى

طبيبٌ يداوي والطَّبيبُ مريضُ








فضجَّ الناسُ بالبكاءِ.



وقال أبو الأسودِ الدُّؤَليُّ:



لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَه

عارٌ عليكَ إذا فعَلْتَ عَظيمُ



فابدَأْ بنفسِكَ وانْهَهَا عن غَيِّها

فإذا انتَهَتْ عنه فأنتَ حَكيمُ



فهناكَ يُقبَلُ إنْ وعَظْتَ ويُقتَدى

بالقولِ منكَ وينفَعُ التَّعليمُ








إن مخالفةَ القول للعمل لا تكونُ إلا مِن فاقدٍ للبصيرة، أما صاحبُ البصيرةِ، فلا ريبَ أنه حريصٌ على موافقةِ عملِه لقوله، وقولِه لعمله، وهو ما يجبُ أن يكونَ!



وفي الختام، فإن مِلاكَ الوسائل كلها وسيِّدها ورائدها وذِورة سَنامها: الجهادُ بمفهومه الشامل، والذي يبدأُ من داخل النَّفسِ بإصلاحِها ومجاهدتها على تعلُّمِ العِلمِ، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على ذلك، ثم مجاهدة الشيطان، وسد مداخله، وهي الشَّهوات والشُّبهات، ثم جهاد الأعداء المنافقين؛ كما ذكَر ابن القيم - رحمه الله تعالى - في زادِ المعاد.



والله المستعان





[1] روح المعاني - الألوسي، جزء 7، ص 607، باختصار.



[2] اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم؛ شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع المجد، ص 204 وما بعدها، باختصار.




[3] ولمزيد من التعرف على وسيلة القول: انظر: (منهج الدعوة الإسلامية من خلال سورة الأنفال)؛ للمؤلف - رسالة دكتوراه - كلية أصول الدين، 2008، ص 146.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.79 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]