الانتماء وحب الأوطان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836806 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379363 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191145 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 660 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1094 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 837 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-10-2020, 02:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي الانتماء وحب الأوطان

الانتماء وحب الأوطان


الشيخ حسين شعبان وهدان






الحمد لله فالقِ الحبِّ والنَّوى، سبحانه هو العالم بكل قلبٍ وما نوى، يعلم السرَّ وأخفى، له آياتُ كمالٍ وإبداعٍ في الكون شاهداتٌ، ودلائلُ على خلقه بالقدرةِ ناطقاتٌ، نحمدُهُ على فضله وآلائِهِ ونسأَلُهُ المَنَّ من كُنُوزِ عطائِهِ، ونستجيرُ به من حسابه وعقابه وعذابه، ونسأله تمام النُّعمى .. إنه كاشف البلوى وعالم النَّجوى.

يا أخا الإسلام:
بِلادي هَواهَا في لِسَاني وفي دَمِي
يُمَجِّدُها قلبي ويدْعو لهَا فَمِي

ولا خيرَ فيمنْ لا يحبُّ بلادَهُ ولا
في حليفِ الحُبِّ إنْ لمْ يُتَيَّمِ

ومن تؤوِهِ دارٌ فيجْحَدُ فضلَها
يكنْ حيواناً فوقَهُ كلُّ أَعْجَمِ

ألم ترَ أنَّ الطيرَ إنْ جَاءَ عِشَّهُ
فآواهُ في أكنَافِهِ يَتَرَنَّمِ

وليسَ من الأوطانِ من لم يكنْ لها
فِداءً وإنْ أَمْسَى إليهنَّ ينْتَمي

على أنها للناسِ كالشَّمْسِ لم تزلْ
تُضِيءُ لَهُمْ طُرّاً وكم فيهمُ عَمي

ومن يظلمِ الأوطانَ أو ينْسَ حقَّهَا
تجبْهُ فنُونُ الحَادِثاتِ بَأَظْلَمِ

ولا خيرَ فيمنْ إنْ أحَبَّ دِيَارَهُ
أقَامَ لِيَبْكي فَوقَ رَبْعٍ مُهَدَّم

وقد طُوِيَتْ تِلْكَ الليالي بِأَهْلِهَا
فمَنْ جهلَ الأيامَ فليتعَلَّمِ

وما يرفعُ الأوْطانَ إِلا رِجَالُهَا
وهَلْ يَترَقَى النَّاسُ إِلا بِسُلَّمِ


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده له الكبرياء الدائم بحق جلاله الأسمى وكماله الأقدس، وله الأمر والحكم كله، علانيته وسره، والكل مرهونٌ بقضائه وطامعٌ في إحسانه وعطائه.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم رائدُ الخير وصاحبُ البُشرى، منْ جاء بالحسنى وأتم الله تعالى به كمالَ النعمى .. المؤيد بالمعجزات والآيات الباهرات.
اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم إنا نسألك الإِعَانةَ على الإبانةِ والسيرَ في مناكب الهدى يا واسع الخيرات.

أما بعد:
فمن سنة الله تعالى وفطرته في خلقه أنَّ الأوطان محببةٌ إلى القلوب وأثيرةٌ في النفوس، إنها مرتعُ الصِّبا ومَدْرجُ الخُطى وأرضُ النشأة ومهدُ التاريخ في مبتداه وملجؤُه في منتهاه، وحبُّ الوطن دليلُ الوفاء لأنه مسقط الرأس وبالوفاء يُعرَفُ المُحِبُّونَ بعيداً عن المُدَّعين:
وللأوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ ♦♦♦ يَدٌ سَلَفَتْ ودَيْنٌ مُسْتَحَقُّ


إن كل آدميٍّ له وطنٌ يهواه فهو ما وُلِدَ في الجوزاء ولا على سطح الماء ولا على أديم الهواء، وإنما له أرضٌ يحن إليها ويفتديها بالنفيس والغالي، يقول الأصمعي: "ثلاثُ خصالٍ في ثلاثة أصنافٍ: الإبلُ تحنُّ إلى أوطانها وإن كان عهدُهَا بها بعيداً، والطيرُ إلى وكره وإن كان موضعه مجدباً . والإنسان إلى وطنه ، وإن كان غيرُه أكثر نفعاً"، على حد قول القائل:
بلادٌ ألِفْناها على كل حالةٍ وقد
يُؤْلَفُ الشئ الذي ليسَ بالحَسَنِ

ونستَعْذِبُ الأرضَ التي لا هوا بها
ولا ماؤُهَا عَذْبٌ ولكنَّها وطنُ


حبُّ الأوْطانِ فطرةٌ:
وكلُّ كائنٍ يُقدِّرُ وطنه ويعرف حقَّهُ، ولهذا لا يستغني عنه أبداً، فالحشرة الصغيرة تخرجُ لرزقها ومآربها في رحلةٍ قد تطول بين الصخور والرمال ثم تعود سراعاً إلى وطنها، والدابةُ العجماء تعرف وطنها وتعود إليه بهدايةٍ تجلُّ عن الوصف ولا يقرُّ لها قرارٌ إلا عند الوصول إليه، وكذلك مخلوقات البحر وفي رجوعها إلى وطنها آيةٌ في العجبِ رغم أن البيئةَ البحريةَ تتشابه مع بعضها إلى حدٍ بعيدٍ، إنها حالةٌ فِطريةٌ في الأنفس والكائنات حتى مع الأنبياء، قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾ [القصص:29]، قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير ذلك: [ قالوا: كان موسى "عليه السلام" قد اشتاق إلى بلاده وأهله، فعزم على زيارتهم في خفيةٍ من فرعون وقومه، فتحمَّلَ بأهله وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره فسلك بهم في ليلة مطيرةٍ مظلمةٍ باردةٍ ] (الإمام ابن كثير / تفسير القرآن العظيم 3 /243 بتحقيق سامي بن محمد سلامة / 1999م / دار طيبة للنشر والتوزيع).

وما من مخلوقٍ إلا وله وطنٌ يأوي إليه من الأخطار ومظان الهلكة، حتى الفواتك من المخلوقات الشرسة التي تؤذي العباد لها أوطانٌ تحنُّ إليها وتأوي فكيف بالإنسان السويِّ؟.

ولا زلنا نسمع عن عرين الأسد ومبارك الإبل ووكر الطائر وجُحر الحية، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (( إن الإيمانَ ليأْرِزُ إلى المدينةِ، كما تأْرِزُ الحيةُ إلى جُحرِها )) (صحيح البخاري 1867 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه)، ونسمع كذلك عن قنِّ الدجاج واصطبل الدواب وحظيرة الحُمُرِ وشباك العنكبوت وأجمة الفيلة ووجار الثعلب وقرية النمل وخلية النحل وكور الدبور ومكاس الظبي وسك العقرب وكناس الغزال ولغز الفأر وأفحوص القطا.

هناك رابط مودةٍ واحتضانٍ بين هذه المخلوقات العجماوات وبين أوطانها، ترجع إليها بعد الغياب وتعرف عنوانها بوحيٍ من هدى الخلاق العليم لها دونما قائدٍ أو مُلهمٍ إلا من إلهام الله لها، ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ (طـه: من الآية 50)، فلا غرو؛ أن يُولَعَ الإنسان حُبّاً وهُياماً بوطنه ويزيد اشتياقه ولوعته عند الغياب.

وحب الأوطان فطرةٌ تُقَاسِمُ الإنسان أنفاسَهَ مهما كانت ثقافته أو دينه، وفي بيانِ هذه الفطرة يقول الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء من الآية 66]، لأن فطرة الإنسان السويِّ تقضي أن لا يفارقَ موطنه، بل ويقاتلُ من أجله عند الضرورة قال الله تعالى: ﴿ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة من الآية 246].

ولأهمية الأوطان في جانب الهداية فقد بعث الله عز وجل الرسل والأنبياء من قومهم ومواطنيهم لمعرفة أساليب الإقناع ومراعاة أحوالهم وحسن تعهدهم بالدعوة لما يعرفون من طبائعم وأخلاقهم قال الله تعالى: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 65]، وقال تعالى: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 73]، وقال تعالى: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [هود: 84]، فمن حقوق الأوطان على أهلها أن يكون منها هداةٌ ودعاةٌ يهدون العاصي وينبهون الغافلَ ويذكِّرونَ العاقلَ ويُفقِّهُونَ الجاهلَ.

ومن أعذب الآثار في حب الأوطان ما ذكره الجاحظُ في تاريخه: إن العرب كان أحدهم إذا سافرَ يأخذ صُرَّةً من ترابِ وطنه فإذا غاب كان يُعفِّرُ به وجهَهُ ويستنشِقُهُ، فلا نامت أعين الخائنين لأوطانهم، وللإمام البيضاوي رحِمَهُ الله إشراقةٌ مبهرةٌ بأن ترابَ الوطن عند غياب الإنسان عن وطنه يعدِّلُ المزاج، وتدركنا الروعة من كلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى حين يذكرنا بأن الأوطان غاليةٌ على أهلها برغم ما فيها.

معالمُ نَبوِيَّةٌ في حُبِّ الوَطَنِ:
لقد كان حب الوطن عند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يملِكُ عليه إِسَارَهُ ويغالِبُهُ ليلَهُ ونهارَهُ، وأنعِمْ به من وفاءٍ للوطنِ يعزُّ عن الوصف في حياة الخلق، فعن ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما قال: (( لما خرجَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم من مكةَ قال: أمَا واللهِ إني لأَخرجُ منكِ وإني لأعلمُ أنك أحبّ بلادِ اللهِ إلى اللهِ، وأكرمهُ على اللهِ؛ ولولا أهلكِ أخرجُوني منك ما خَرجتُ )) (ابن عبد البر في التمهيد 6 /33 وقال: من أصح الآثار)، ولو خُيِّرَ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في مغادرة مكة طائعاً ما تركها أبداً والله عز وجل قد بيَّن أن الذين تسببوا في إخراجه هم كفارها قال الله تعالى: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، وفي بيان قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85] عندما هاجر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وهو في الجحفة اشتد به الشوقُ إلى وطنِهِ مكةَ فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية [ وهو قول جابر بن عبد الله وابن عباس ومجاهد وغيرهم قال القتبي: معادُ الرجل بلدُه لأنه ينصرف ثم يعود وقال مقاتل: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الغار ليلاً مُهَاجِراً إلى المدينة في غير طريقٍ مخافَةَ الطَّلَبِ، فلما رجع إلى الطريق ونزل الجُحْفَةَ عرفَ الطريق إلى مكةَ فاشتاق إليها فقال له جبريل إن الله يقول: (( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ )) أي إلى مكة ظاهراً عليها ] (الإمام القرطبي / الجامع لأحكام القرآن ص232 /ج5 بتحقيق هشام سمير البخاري 2003م دار عالم الكتب / الرياض).

وكان الحنين في قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لا يفارقه إلى مكة الطاهرة المباركة، فقد ورد في بعض كتب السنة ، حين قدم أصيل الغفاري – رضي الله عنه – إلى المدينة بعد الهجرة ، دخل على أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قبل أن يفرض الحجاب – فقالت له: يا أصيل ! كيف عهدت مكة ؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت: أقمْ حتى يأتيك النبي، فلم يلبثْ أن دخل النبي فقال له: "يا أصيل كيف عهدت مكة" ؟ قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق اذخرها، وأسلت ثمامها، وأمشّ سلمها، فقال: "حسبك يا أصيل لا تُحْزِنَّا"، وفي رواية: "ويها يا أصيل دع القلوب تقر قرارها".

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-10-2020, 02:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الانتماء وحب الأوطان

وحتى عندما استوطن المدينة المنورة صلى الله عليه وسلم وصارت له وطناً وكانت فيها من كروب الأمراض ولوعة الفراق للوطن ما عبَّرَ به الأصحاب الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ولأنها صارت للمؤمنين موطناً فقد فازت المدينة بدعوة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فكانت أرض هدايةٍ وبركة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهما قالت: (( لمَّا قدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينَةَ وُعِكَ أبو بكرٍ وبلالٌ، فكانَ أبو بكرٍ إذا أَخَذَتْهُ الحمَّى يقولُ:
كلُّ امرئٍ مُصْبِحٌ في أهْلِهِ ♦♦♦ والموتُ أَدْنى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ

وكانَ بلالٌ إذا أقْلَعَ عنهُ الحمَّى يرْفَعُ عَقِيَرتَهُ يقولُ:
ألا ليتَ شِعْرِي هلْ أَبِيتَنَّ ليلةً
بوادٍ وحولِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ

. وهلْ أَرِدَنَّ يومًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ
وهلْ يَبْدُوَنَّ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ


وقالَ: اللهمَّ العَنْ شَيبَةَ بنَ رَبيعَةَ، وعُتْبَةَ بنَ ربِيعَةَ، وأميَّةَ بنَ خَلَفٍ، كمَا أخْرَجُونَا من أرْضِنَا إلى أرضِ الوَبَاءِ . ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: اللهمَّ حَبِبْ إلينَا المدينةَ كحُبِّنَا مكةَ أو أَشَدَّ، اللهمَّ بارِكْ لنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ . قالتْ: وقَدِمْنَا المدينةَ وهيَ أَوْبَأُ أرضِ اللهِ، قالتْ: فكانَ بُطْحَانُ يجرِي نَجْلًا، تعنِي ماءً آجِنًا )) (صحيح البخاري 1889)، وطلب من ربه سبحانه أن يحببها إلى القلوب فقال صلى الله عليه وسلم: (( اللهم إنَّ إبراهيمَ حرَّم مكةَ فجعلَها حرامًا، وإني حرّمتُ المدينةَ ما بين مأْزَمَيْها؛ أن لا يُراق فيها دمٌ، ولا يُحمَلُ فيها سلاحٌ لقتالٍ، ولا يُخبَطُ فيها شجرةٌ إلا لعلفٍ . اللهم بارِك لنا في مدينتِنا . اللهم بارِكْ لنا في صاعِنا . اللهم بارِكْ لنا في مُدِّنا . اللهم اجعلْ مع البركة بركتَينِ، والذي نفسي بيده ما من المدينةِ شعبٌ ولا نَقْبٌ إلا عليه ملَكانِ يحرسانِها؛ حتى تقدُموا إليها )) (الألباني في صحيح الجامع 1271 بسندٍ صحيحٍ عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله تعالى عنه).

ومن معالم حب الأوطان الغامرة أن المشاعر المباركة تتفاعل بين قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وبين جبلٍ يحوي حجارةً صماء من موطنه المبارك في المدينة الطاهرة فكيف ماتت قلوبُ كثيرٍ من البشر عن هذه الدرر من المعاني ؟! قال أبو حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه: (( أقبلْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من غزوةِ تبوكٍ حتى إذا أشرفْنا على المدينةِ قال: هذه طابةُ وهذا أُحدٌ جبلٌ يُحبنا ونحبُّه )) (صحيح البخاري 4422).

ولا غرو؛ أن يكون ترابُ الوطنِ دواءً للسقيم وعلاجاً للمريضِ والمحسودِ كان تراب الأوطان كالعلاج والدواء، فقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يبلُّ أصبعه بريقه ثم يضعُهُ في التراب كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (( أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ للمريضِ: بسمِ اللهِ، تُربَةُ أرضِنا، بِريقَةِ بعضِنا، يَشفَى سَقيمُنا، بإذنِ ربِّنا )) (صحيح البخاري 5745 عن عائشة رضي الله عنها).

بلاءُ الغُرْبَةِ عن الوَطَنِ:
والغريب عن وطنهِ يشقى بالبُعْدِ عنه ويعيش في الغربة بجسمه ومع الناس بنشاطه غير أنه دائم السفر بفكره وقلبه إلى مراتع الصِّبا ونعيمِ القُرْبِ من الأهل والأحباب وروائع الذكريات على حدِّ قولِ من قال:
جِسْمي مَعَي غيْرَ أَنَّ الرُّوحَ عِنْدكُمُ ♦♦♦ فَالجِسْمُ فِي غُرْبةٍ والرُّوحُ في وَطَنِ


والغربةُ عن الوطن فاقرةُ الظهر ومُخَوِّفةٌ على الدوام وإن كان المغترب آمناً، في قلبه نداءٌ من وطنه يصبِّحُهُ ويُمسيه بأن سيعودُ إليه وبأنَّهُ لا يعيشُ على أرض وطنه ومن ثمَّ تتنازعهُ في كل يومٍ مشاعرٌ متضاربة وأوهامٌ تُذْهِبَ عنه طعمَ السعادة كما قال القائل:
إن الغريبَ له مخافةُ سارقٍ
وخضوعُ مديونٍ وذِلَّةُ موثَقِ

فإذا تذكَّرَ أَهْلَهُ وبِلادَهُ
ففؤادُهُ كجَناحِ طَيْرٍ خَافِقٍ


ومع الغربة يشتد الحنين إلى الوطن ويثيرُ التَّحزَّنَ في القلوب فينكسرُ قلبُ الغريب عن وطنه مع كلِّ طارقٍ يطرقه وربما يدركه اليأس من الأوْبَةِ إلى نعيم الأوطان فيقولُ مع القائل:
إذا شابَ الغرابُ أتيتُ أهلي ♦♦♦ وصارَ القارُ كاللّبَنِ الحليبِ
[ قيل لأعرابي: ما الغبطة؟ قال الكفايةُ مع لزومِ الأَوْطانِ، ومرَّ إياس بن معاوية بمكانٍ فقال: أسمعُ صوت كلبٍ غريبٍ، فقيل له: بم عرفت ذلك؟ فقال: بخضوع صوته وشدة نباح غيره ] ( الإبشيهي / المستطرف في كل فن مستظرف 464 ط1 2014م دار ابن الجوزي / القاهرة).

لهذا كله كان الانتماء إلى الوطن تكليفٌ يأتي بعد التشريف بالانتساب إليه وحفظ الذكريات الطيبة المحفورة في الذاكرة أيام المهد والحنين لها والانشراح بتذكارها، مع حفظ حقوق الوطن الصغير كالقرية أو الحي أو الرَّبْعِ وحفظ حقوق الوطن الكبير الذي ترفرف أعلامه فوق الرؤوس على الدوام، وحفظ حقوق الانتماء لأمة العرب والإسلام.
ومهما انتمى الإنسان لعائلةٍ أو مجموعةٍ ينتظم في سلكها فلا يجوز أن يُسْقِطَ بقية الانتماءات الهامَّةِ في حياته، فالعائلة انتماء والمهنة انتماء ولا يطغى مرغوبٌ على مرغوبٍ، والانتماء الأصغر يجعل الهدف صغيراً والانتماء للكبير يُجَلِّلُ الأهداف والأعمال بالفخار الحقيقي، ومن الحماقةِ أن ينتميَ الإنسان انتماءً جُزئياً يُفسدُ عليه انتماءه لوطنه أو أمته.

المسئوليةُ نحْوَ الأوْطان:
والمسئوليةُ قائمةٌ بقاء الروح في البدن نحو الأوطان على الدوام حتى آخر الأعمار، وكلٌّ على قدره وطاقته فمن كان في المقدمة فمسئوليته جسيمة وثقيلة ومن كان في الساقة فهو على قدر مسئوليته مهما جَلَّتْ، والناسُ في تحمِّلِ هذه المسئولية متفاوتون، ولا شك أن مسئولية الأميرِ ليست مثل مسئولية حمَّال الحطب ولا مسئولية العالم مثل مسئولية الجاهل والخامل والغافل. والخَلْقُ حيال بيانات حبِّ الأوطان نوعان؛ منهم النابهون الصادقون الذين يقدِّمون كل يومٍ جديداً ويُجَمِّلُونَ الحياة في عيون الناس بالقول والعمل ويرتادون آفاق المجد بالعطاء الدائم والسعي الدؤوب في المصلحة العامة والعمل الخيري لإشباع الجائع وكسوة العاري وإغاثة الملهوف وصنائع المعروف أو بالإصلاح بين الناس وبناء المدارس والمشافي، إضافةً إلى قيامهم بأعمالهم على خير وجهٍ فهذه أجلى وأصدق صورةٍ للتعبير عن حب الوطن وهؤلاء هم أوتاد الخير على هذه الأرض ويقطرون وُدّاً بذكراهم وثناء الناس الدائم عليهم.

والنوع الثاني والزائف في ادعاء حب الأوطان هم المُشَغِّبُون والثرثارون الذين يتفنَّنون في الكلام ولا يقدمون شيئاً، ويبقي أحدهم راحة عمره كلِّهِ لا يستريحُ إلى أحدٍ ولا يستريح إليه أحدٌ ولا يعجبه بروز أي أحد يلعنُ ويفضحُ ويذيعُ ويشيعُ وهو يدعي حبَّ الأوطان وأن عمله كله فداءً لوطنه واختصر جهاده الوطني في مجرد الكلام.

ومن الناس من يحب وطنه حُبًّا سلبياً قد اختصره أيضاً في تذكر الوطنية في أعيادها بسماع الأناشيد والأغاني التي تملأ بلاد العرب من المحيط إلى الخليج، وكفى بها جهداً في بيان حب الوطن.

إن أهل الغرب ليس لديهم من أغنيات حب الأوطان إلا النشيد الوطني ومع هذا فإنهم يسمعونه بعيونٍ دامعةٍ أما أهل العروبة فيسمعون طربهم الوطني بنشوةٍ تكشف عن مجرد التفاعل اللحني مع الأسماع!.
وكمْ من مدعٍ وصلاً بليلى ♦♦♦ وليلى لا تُقِرُّ لهم بِذَاكَا


وهناك الذين يسرقون أحلام التقدم في أوطانهم بالكسل وعدم العمل أو بقبول الرشوة أو الترشح للوظائف الهامَّة والأمانات العظمى ليُتْخِمَ جيوبه ويُعَمِّمَ نُفوذَهُ فهؤلاء مثل الحيَّةِ التي لا تحفر حجرها أبداً لكنها تسرقه من غيرها!.
هناك أوطانٌ تعاني وتحتاج إلى من يحمل همَّها وينصرها في معارك إتقان العمل وعودة الضمير وتنظيم السلوك والعودة بالمواطن إلى الأخلاق الكريمة والسلوك القويم وحفظ الممتلكات العامة وتنمية هذه الثقافة في نفوس النشئ والعامة.
لا بد وأن تكون الكلمة ممن يفهمها ويرجو نفعها لوطنه لا من يتاجر بها ويستغل بها الخلق، ويجب أن نزيح ستائر النسيان على كل متطفل مدَّعٍ في حب الأوطان.

وشعورنا في حب الوطن يمتدُّ ليشملَ كلَّ أوطان الإسلام فالمسلمون جميعاً إخوةٌ، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (( المسلمُ أخو المسلمِ، لا يخونُه، و لا يكذِّبُه، و لا يخذُلْه ... )) (الألباني في صحيح الجامع 6706 وقال: حديثٌ صحيحٌ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه)، فمطلق الإيمان والإسلام يجمع أشتات المسلمين في العالم كأنهم أبناءُ وطنٍ واحد:
يؤلفُ ايلامُ الحَوادِثِ بينَنَا ♦♦♦ وَيَجْمَعُنَا في اللهِ دينٌ ومذهبُ


والجنَّةُ الطيبةُ هي دار المتقين والوطن الحقيقي للمؤمنين بعد جهدٍ حثيثٍ من أشواط المسير في مراحلَ مضنيةٍ وصولاً إلى رضوان الله رب العالمين
فحيَّ على جَناتِ عدنٍ فإنها
منازلكَ الأولى وفيها المخيمُ

وحيَّ على روضاتها وخيامها
وحي على عيش بها ليس يُسأمُ

ولكننا سبْيُ العدوِّ فهل ترى
نعودُ إلى أوطاننا ونسلمُ


وأخيراً:
فإن أوطاننا بميزان الإيمان مثل نور العيون أو هي نبضات الأفئدة وحياة الأرواح، ونحن نخطئ حينما نَزِنُ حبَّ الأوطان على مبدأ الوطنية فقط لأن ديننا العظيم يشملُ أعمق معاني الوطنية.
وعلى مرتزقة البلبلة في معنى الوطنية المبثوثين في جنبات أمتنا والذين يحاولون السيطرة على عقول الناس بالهراء والخواء والإدعاء تحت واجهاتٍ دخيلة على العروبة والإسلام أن يكفُّوا عن هذا الإرتزاق المُهْدِرِ لكرامة الأوطان ومقدراتها.
وعلى الذين يتوهمون أنهم ورثوا الإسلام وحجبوا غيرهم وأنهم أوصياءُ على أوطانهم بما فيها أنْ يتقوا الله ويحاولوا جادِّين لوجه الله رب العالمين أن يُصْلِحُوا فسادَ عقولهم وأن يعالجوا أخطاء تربيتهم .. فإنما الأوطان لأهلها أجمعين، والانتماء بعد الإسلام للأوطان مباشرة في عقول الراشدين.
ونحن أمةٌ يجمعها كتابُ ربها وسنةُ هاديها ونبيها الكريم صلى الله عليه وسلم من شتات الفِكْرِ وأَثَرَةِ الأمرِ وضلالِ الجَادَّةِ ونَزَغَاتِ الهَوى الفاتِكَةِ بجمال الحياة.
أوطاننا وديعةُ الله رب الأرض والسماء وخالقِ الكون في أيدينا أماناتٌ فيها أشدُّ الحِسَابِ وأقسى العِقَابِ لمنْ يَخُونُ أمانة الأوطان بين مستغربٍ خئونٍ أو فاقدٍ لعقله وفكره ومشاعره توهماً باسم هذا الدين ليمنحهُ لغيره من البشر باسم الإسلام.
وإن لم نسابق الزمن ونجود بالفكر والنشاط وتقديم أهل الكفاءة في المناصب العامَّة لخدمة أوطانها فلن تقوم لنا في العالمين قائمةٌ تذكر.
إن أوطاننا تعاني وتُصُابِرُ وقد أرهقها وضناها ما لاقت من عنتِ أبنائها، ولو خلق الله لساناً ينطق لصاحتْ بأعلى صوتها: أنقذوني من سُرَّاقِ المَجْدِ ومن مُدَّعِي الوطنية ومن المتسلقين والجشعين ومصاصي دماء الشعوب.
إن أمتنا أغنى الأمم وأوطاننا ثريةٌ في رزقها ورغدها ولكن شعوبها تعاني بلاءً مستطيراً وهمّاً لا تحدوه الإشارة ولا تنطق به العبارة.
فليحمل كل ذي همٍّ همَّهُ ومسئوليته وليفرغ إليها قبل أن يلاقىَ ربه ويسأله عن جميع أماناته.
نسأل الله تعالى أن يحفظ للأمة أوطانها وأن يفئَ عليها من الخيرات والبركات والمَسَرَّاتِ ما يغيرُ أحوالَ ماضيها.
والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.35 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]