أخي في الله ما تركت شيئا لله إلا عوضك الله خيرا منه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 851047 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 387024 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 228 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28465 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60104 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 854 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-09-2020, 03:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي أخي في الله ما تركت شيئا لله إلا عوضك الله خيرا منه

أخي في الله ما تركت شيئا لله إلا عوضك الله خيرا منه


الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد






إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾. [آل عمران:102].



﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾. [النساء:1].



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾. [الأحزاب:70، 71].



أما بعد: فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.



عباد الله؛ خطبتنا اليوم فيها تسلية لأهل المصائب، وتعزية لمن عندهم أحزان، ومن ابتلوا بالكروب والهموم، ومن منا نجا من ذلك يا عباد الله؟

عباد الله؛ بعض الناس قد يخسر في تجارته أو تذهب أمواله، أو يهدم بيته، فماذا يقول؟ يا خسارة! وبعض الناس يصاب في نفسه وولده وأهله بالأمراض المختلفة فيتأفف ويتضجر، ويتفوه بما لا يرضي الله. وبعض النساء من تفقد ولدها أو أباها أو زوجها الحبيب الغالي، فتقول: تركتنا لمن، وامصيبتاه.

وبعض الشباب يضع نصب عينيه فتاة أحلامه، فيفاجأ بأنها تزوجت بغيره، فيصاب بالتعاسة وخيبة الأمل.



المؤمن ماذا يعتريه؟ وماذا يجب عليه عند وقوعه في مثل هذه الأمور وتلك الأحزان، وتلك المصائب، المؤمن - يا عباد الله - يعلم مما علَّمه الله، ومما علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك لن تترك شيئا لله إلا عوضك الله خيرا منه، ولن تفقد شيئا دنيويا إلا يبدلك الله خيرا منه، وما تصاب من مصيبة يا عبد الله يا مؤمن يا مسلم، ما تصاب من مصيبة؛ في تلك المصيبة وأثنائها تذكر الله، اذكر الله يا عبد الله، لا تنس الله في أحوج ما تكون إليه، توكل عليه، دع همومك واتركها بين يديه سبحانه وتعالى، فهو كفيل أن يتكفل بك، ويخلفك خيرا من مصيبتك، ويعوضك خيرا مما أخذ منك، المؤمن يوكل أمره لله، فيحمد الله على المصيبة، ويقول: الحمد لله، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، من قال ذلك؛ اعلم يقينا أن من قال ذلك وتوكل على الله وأرجع الأمور إلى الله، فإن الله سيأجره في مصيبته، ويخلفه خيرا منها، قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾. [البقرة: 156، 157].



عباد الله؛ إن نبي الله سليمان عليه السلام ذبح الخيل التي يحبها – على بعض التفاسير - لأنه شغلته عن طاعة الله، فتركها لله عقرها وذبحها، [قال الحسن: شغلت سليمانَ الخيلُ حتى فاتته صلاةُ العصر، فعقر الخيل فأبدله الله خيرا منها وأسرع، أبدله الريح تجري بأمره حيث شاء، غدوها شهر ورواحها شهر]. الجامع لأحكام القرآن (14/ 269).



والمؤمنان اللذان ابتليا بولد سيكون لو بقي حيًّا سببا في كفرهما، فقتله الخضر فأبدلهما الله خيرا منه، قال سبحانه وتعالى مبينا كلام الخضر، وموضحا سبب قتله للطفل والغلام، قال: ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾، أي إذا بقي حيا من شدة حبهما له هو سيكفر، ويكون سببا في طغيان وكفر والديه، قال سبحانه: ﴿ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾. [الكهف: 80، 81]، قال البخاري: أبدلهما الله بجارية خير من ذلك الولد، وكانت أقرب رحما.



وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تركَ أهلَ مكة الذين عذبوه وآذوه في نفسه وفي أهله وأصحابه، فعوضه الله بالمدينة وأهلها الذين أيدوه وآووه وعزروه وناصروه ونصروه.



وهذه أم سلمة رضي الله تعالى عنها تروي لنا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾. [البقرة: 156]، "اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا"، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ - زوجها -، قُلْتُ: (أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، - لم تجد في المسلمين خيرا من أبي سلمة، لكنها آمنت بقول النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: - (ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، - وهو خيرٌ من أبي سلمة - قَالَتْ: (أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ)، فَقُلْتُ: (إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ)، فَقَالَ: "أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ". (م) (918).



يا من ابتليت في جسمك بأمراض على مختلف أنواعها! اسمع ما قاله الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي، فـعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ، فَلَمْ يَشْكُنِي إِلَى عُوَّادِهِ"؛ - زواره الذين يزوروه لا يشكو الله إليهم يسكت، ويكثر من كلمة: (الحمد لله)، نسأل الله أن يرفع عنا الشر، وأن يأتينا بالخير، ويقول أمثال هذه الكلمات الطيبة، قال سبحانه: - "أَطْلَقْتُهُ مِنْ إِسَارِي" - أَيْ: أَسْري، وهو المَرَض -، "ثُمَّ أَبْدَلْتُهُ لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ، وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ، ثُمَّ يَسْتَأنِفُ الْعَمَلَ". (ك) (1290)، (هق) (6340)، صَحِيح الْجَامِع (4301)، الصَّحِيحَة (272). [أَيْ: يُكَفِّرُ المرضُ عمَلَهُ السَّيِّئ، ويَخرج منه كيوم ولدته أمه، ثم يَستأنِف - العمل، أي يستأنف عملا جديدا عند الله سبحانه وتعالى - وذلك؛ لأن العبدَ لمـَّا تلطَّخَ بالذنوب ولم يَتُب، طهَّرَهُ الله من الدَّنَس بِتَسْليط المرض، فلمَّا صَبَر وَرَضِي، أَطْلَقَه مِن أَسْرِه - أي من مرضه - بَعدما غَفرَ له ما كان من إصْرِه، لِيَصْلُحَ لجوارِه بِدارِ إكرامه، فَبَلاؤُه نعمة، وسَقَمُهُ مِنَّة. فيض القدير (4/ 648)].



عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَأَبِي الدَّهْمَاءِ، قَالَا: أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ». (حم) (23074)

وأيقِنوا - يا عباد الله - أن كل شيء تفقده تعوَّضُ عنه بأمر الله سبحانه وتعالى، ففقد الأولاد ماذا عوضه عند رب العباد، استمعوا إلى حديث أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ - رضي الله تعالى عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ". (ت) 1021.



الصبر على فقد الولد عوضه عظيم في الدنيا والآخرة، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ - تعالى - عَنْهُ، قال: (اشْتَكَى ابْنٌ) - أي طفل صغير - (لِأَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: فَمَاتَ، وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا، وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ البَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ)، قَالَ: (كَيْفَ الغُلاَمُ؟) - يسأل عن ابنه - قَالَتْ: (قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ)، - هو فهم أنه نام، وهي تقصد أنه استراح أي الراحة الدائمة - (وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ)، قَالَ: (فَبَاتَ)، - أي نام مع زوجته واستمتع بها - (فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ) - أي إلى الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي صلاة الصبح - (أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا»، - وانظر ماذا قال الرواة - (قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ). (خ) (1301)، فقدوا ولدا واحدا، فصبروا على فقده، عوضهم الله تعالى عنه تسعة كلهم يحفظون كتاب الله.



وإذا مات الرضيع قبل الفطام ماذا ينتظره؟ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: (كَانَ إِبْرَاهِيمُ) - ابن النبي صلى الله عليه وسلم - (مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ)، - لأن مرضعته التي كانت ترضعه زوجة حداد، يستخدم النار لإذابة الحديد وصهره، فكان يدخل البيت وإنه ليصاعد منه الدخان - (وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا)، - والقين الذي يصنع الحديد والسكاكين وما شابه ذلك - (فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ)، قَالَ عَمْرٌو: فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ" - يعني قبل الفطام، وعمره سبعة عشر شهرا تقريبا - "وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ". (م) (2316)، ظئرين أي مرضعتين اثنتين، تنتظران إبراهيم فترضعانه في الجنة، قال العلماء: [فلما خرج إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم عن الدنيا وهو يرضع، وأبدله الله عز وجل من لذات الجنة بتكميل رضاعه لتخلف عليه بذلك مرارة الفطام، فيكون هذه أول ما تخلف عليه مما فاته من الدنيا، ثم تنتقل الأحوال به حينئذ في ملاذ الجنة]. الإفصاح عن معاني الصحاح (5/ 404).



واعلموا - عباد الله - أن من فقد عضوًا من أعضائه وهو في طاعة من الطاعات لله، سيعوضه خيرا منه، كما حدث مع جعفر الطيار الذي مات مجاهدا في سبيل الله ففقد يديه، قطع الأعداء يديه الاثنتين، قال عليه الصلاة والسلام: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ جَعْفَرًا مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَهُ جَنَاحَانِ عَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْ يَدَيْهِ، سَلَّمَ عَلَيَّ». (ت ك) واللفظ للحاكم انظر حديث رقم: 3465 في صحيح الجامع، يعني يطير بجناحين في الجنة.



وأما الابتلاء في العينين؛ فقد ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ"، يُرِيدُ: عَيْنَيْهِ. (خ) (5653)، يعني الذي يصيبه العمى في عينيه يعوضه الله الجنة.



عن عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ - رحمه الله سمع وهو - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: (مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَعَاضَهُ مَكَانَ مَا انْتَزَعَ مِنْهُ الصَّبْرَ)، - عوضه عن النعمة الصبر - (إِلَّا كَانَ مَا عَوَّضَهُ خَيْرًا مِمَّا انْتَزَعَ مِنْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾. [الزمر: 10]. الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا (ص: 30) رقم (22)



يا صاحب الهم والغم! يا صاحب الحزن والكرب والمصيبة! إذا أردت أن يذهب عنك همُّك فلتكثر من هذا الدعاء النبوي الشريف؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: "مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحاً"، فَقِيلَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟!) فَقَالَ: "بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا". (حم) (3712)، (ش) (29318)، (يع) (5297)، (طب) (10352)، انظر الصَّحِيحَة: (199)، صَحِيح التَّرْغِيبِ(1822).



وورد في الحديث المرسل: (لا يقدر رجل على حرام، ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله، إلا أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك). (ابن جرير عن قتادة مرسلاً)، أخرجه ابن جرير (15/85) . انظر جامع الأحاديث (17/ 220) ح (17999)



[ونُقِل عن المازني] - أحد العلماء الذي يجلس عنده لتعلم اللغة والنحو والإعراب - [أنه جاءه أحدٌ من اليهود يريدُ أن يقرأ عليه كتابَ سيبويه] - في اللغة - [على مئة دينار]؛ - وتساوي أربعمائة وخمسة وعشرون جرام من الذهب - [فتفكر فيه المازني ساعةً، وأَبى أن يعلِّمه، وقال: (إنَّ في كتابه)] - أي كتاب سيبويه - [(نحو مئة آية، وفي تفسرها له مضرةٌ، وضِيق العيشِ أَحبُّ إلى من مضرَّةِ الدِّين)، فأبدله الله تعالى ألفًا، بدل المئة]. فيض الباري على صحيح البخاري (4/ 200)، عوض عن المائة ألف.



بل - يا عباد الله - من ترك المباح لله عوضه الله خيرا منه، عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ تَوَاضُعًا للهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ"، - يقدر على شراء الثمين والغالي والفاخر من اللباس، فترك هذا الغالي لله، واشترى من الملابس الطبيعية بين الناس - "دَعَاهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الْإِيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا". (ت) 2481، (حم) 15657، صَحِيح الْجَامِع: 6145، الصَّحِيحَة: 718 [قال أبو عيسى: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (حُلَلِ الْإِيمَانِ) يَعْنِي: مَا يُعْطَى أَهْلُ الْإِيمَانِ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ].



[في هذا الحديث: فضيلة من ترك الفاخر من اللباس تواضعًا - لله، وطلبا لرضاه - وثوابه؛ لأنَّ من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ومن تواضع لله رفعه في الدنيا والآخرة. من تطريز رياض الصالحين (ص: 496)]، فمن تواضع لله رفعه الله في الدنيا والآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة مهداة للعالمين كافة، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد:

واعلموا - عباد الله - أننا نعيش في هذه الحياة الدنيا بين نعمة ونقمة، بين مصيبة وحزن، بين فرح وسرور، وهذه لا تغيير لها عن العباد حتى يغيروا ما بأنفسهم، قال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[الأنفال: 53].



لذلك إذا غيرنا إلى الأسوأ جاءنا ما يسوؤنا، وإذا غيرنا إلى الأحسن جاءنا ما يسرنا، قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾. [الرعد: 11]، فإن أردنا العزة ففي الإسلام، وإن أردنا الكرامة ففي الإسلام، وإن أردنا الرفعة في الدارين ففي دين الله الإسلام، وإن أردنا تبديلَ الخوفِ أمنًا، والهزيمةِ نصرًا، والذلةِ عزةً وكرامة، فعلينا بالإيمانِ والعمل الصالح وعدم الشرك بالله سبحانه وتعالى، قال العظيم الجليل سبحانه: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾. [النور: 55]. بهذا يكون التغيير، وبهذا يكون التبديل والتعويض.



وأحسنُ التبديل وأفضلُه، وخيرُ التعويض وأعظمُه؛ - ليس ما يأتينا عبر المعابر وما شابه ذلك، ليس تعويض ما خربته الحروب السابقة، ليس ما ننتظره في هذه الحياة الدنيا، هو أفضل شيء لا والله؛ لأن هذا سنتركه ونقبل على الله -، فخير التبديل والتعويض هو ما يكون للمؤمنين يوم القيامة. ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ. [الفرقان: 70].



فنحن نقول في دعائنا للميت ما تعلمناه من حديث نبينا صلى الله عليه سلم الوارد عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ يَقُولُ: "اللهُمَّ، اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ"، قَالَ عَوْفٌ - راوي الحديث - : (فَتَمَنَّيْتُ أَنْ لَوْ كُنْتُ أَنَا الْمَيِّتَ، لِدُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ). (م) (963).



أبدله؛ فالإبدال هنا بدار خيرٍ من داره، وأهل خير من أهله، وزوج خير من زوجه، سواء بالصفات أو بالذوات.

وسيعوض الله - سبحانه وتعالى - أهل الاجتهاد والعبادة ممن تركوا لذة النوم للصلاة في الليل والتلاوة، بما يشابه ما تركوه من متاع الدنيا، قال ابن رجب الحنبلي: [ومما يجزي به المتهجدين في الليل: كثرةُ الأزواجِ من الحور العين في الجنة، فإن المتهجد قد ترك لذة النوم، ولذةَ التمتع بأزواجه؛ طلباً لما عند الله عز وجل، فعوَّضه الله تعالى خيراً مما تركه، وهو الحور العين في الجنة]. اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى (ص: 87)



وهناك - يا عباد الله - أمر عظيم في الجنة، يكون فيه تبديل السيئات للمؤمنين الذين رحمهم الله، يبدل سيئاتهم حسنات، ماذا تريدون أكثر من ذلك من الله الرحمن الرحيم؟ قال الله سبحانه - بعد أن عرض كل المعاصي والذنوب والخطايا -، قال سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 70].



عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله تعالى عنهما -؛ (أَنَّ قَوْمًا كَانُوا قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا) - من القتل -، (وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا، وَانْتَهَكُوا)، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: (يَا مُحَمَّدُ) - صلى الله عليه وسلم -! (إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ)، - أي شيء جميل - (لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً؟) - لو دخلنا معك هل له من كفارة - (فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ﴾. (الفرقان)، إِلَى - قوله سبحانه: - ﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾. (الفرقان)، قَالَ: "يُبَدِّلُ اللَّهُ شِرْكَهُمْ إِيمَانًا، وَزِنَاهُمْ إِحْصَانًا، وَنَزَلَتْ": ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، (س) (4003).



وقال الحسن: (التبدل في الدنيا؛ أبدلهم بالعملِ السيءِ العملَ الصالح؛ أبدلَهم بالشركِ إخلاصًا، وبالفجور إحصانا وسلاما). الزهد لابن المبارك (ص: 386)، رقم: (1092).



هذا تفسير للآية، وتفسير آخر أن ذلك يوم القيامة عندما يقابل الله عبده ليس بينه وبينه ترجمان، أي والله، أنا وأنت سنقف بين يدي الله ليس بيننا وبين الله ترجمان، فيبدل الله مكان كل سيئة حسنة، نسأل الله أن نكون نحن المذنبين ممن بدل الله سيئاتهم حسنات، اللهم آمين.



وستعترف بذنوبك بين يدي الله عز وجل ويحولها إلى حسنات، وهذا ما ثبت عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله - تعالى - عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ! لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ، وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَاهُنَا"، - يعني يريد أن يخبره الله عز وجل بأنه قد عمل الكبائر، مع أنه قبل قليل هو مشفق من ظهورها، وهذا من رحمة الله عز وجل، وهنا - قَالَ أَبُو ذَرٍّ: (فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ). (م) (190)، (ت) (2596).



هذه الأمور وهذه التعويضات من الله عز وجل، أفضل من كل تعويضات الدنيا، لا تكلفك يا عبد الله شيئا إلا أن تذكر الله في كل حال، وفي كل وقت خصوصا في المصائب في وقت الأحزان، فلا نكون كتلك المرأة التي كانت تبكي على ولدٍ لها على قبر، فقد مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي» قَالَتْ: (إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي)، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: (إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: (لَمْ أَعْرِفْكَ)، فَقَالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى»، (خ) (1283).

الذين ينتظرون هذا التعويض من الله سبحانه وتعالى، والذين ينتظرون الخير أولئك الذين يصبرون عند الصدمة الأولى يا عباد الله.




فنسأل الله أن يغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وأن يثبت أقدامنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.

اللهم وحِّد صفوفَنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغلَّ والحقد والحسدَ والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.



اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، وبارك لنا فيما أعطيتنا، وعوضنا عما افتقدنا يا رب العالمين.

وأنت يا مؤذن ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.41 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.37%)]