#1
|
||||
|
||||
الأدب الإباحي وهدم قيم المجتمع
الأدب الإباحي وهدم قيم المجتمع خلف أحمد محمود لقد انتشرت في الآونة الأخيرة موجات من الكتابات الأدبيَّة والقصصية التي اتَّجه أصحابُها اتِّجاهاً مُباشراً إلى خدش الحياء العام خدشاً لا تقتضيه أيُّ ضرورات أدبيَّة أو فنية، والأمر الذي يدعو للأسى أنَّ هناك من النقَّاد والمفكرين مَن يقفون وراء أصحاب هذه الكتابات تارة بالتشجيع، وتارة أخرى بالتأييد تَحت دعاوى أنَّ وجودها من الضرورات الفنيَّة في العمل الأدبي، وأن ذلك يُعَدُّ تطبيقاً لمبدأ حرية الأديب، وأن الالتزام بالضَّوابط الدينية والأخلاقية للمجتمع إنَّما يُمثِّل نوعاً من الحجر الفكري الذي يَحول - على حد زعمهم - دون التحليق في آفاق أرحب من الإبداع. وإذا ما حاولنا البحثَ عن جذور هذه الكتابات في أدبنا العربي المعاصر نجد أنَّ أصحابَها قد سقطوا فريسةً سهلة لبعض الفلسفات الغربيَّة التي غلفت أفكارَها الهدَّامة في ثوب أدبي امتلأ بالإباحيَّة والعبث بالقيم الأخلاقية، والتي عبَّر عنها الفيلسوف الفرنسي سارتر بقوله: "إنَّه لا التزام في الشعر" بهدف التحرُّر الكامل من الضَّوابط الأخلاقية، وتدمير الشخصية الإنسانيَّة، وإسقاطها في بحور اللَّذة والشهوات، ونَسِيَ هؤلاء الذين تَمَسَّكوا بأهداب هذه الفلسفات الواهية تحت دعاوى الحريَّة المريضة، والبوح عن مكنونات النَّفس؛ أنَّ هناك فريقاً من أدباءَ ومفكري الغرب قد وقفوا أمامَ غول الإباحيَّة موقفَ المناهض لها. فها هو الأديب الرُّوسي الشهير تولستوي - الذي لا يستطيعُ أحدٌ أنْ ينكر مكانته في الأدب الروسي خاصَّة، والأدب العالمي عامة - يقف مصرحاً: "أنَّ الفنَّ الذي يستهلك جزءاً كبيراً من نشاط الإنسان لا ينبغي أن يضيع في وصف الشهوات الآثمة". وأيضاً الأديب الفرنسي الشهير رومان رولان ينتقد الأدب الإباحي بقوله: "إنَّ الأمم الضعيفة الأخلاق، الماجنة التفكير في أدبها وحياتها؛ يتسرَّب إليها الخمولُ والاستسلام تَسرُّبَ الانحلالِ في الشجرة النَّخرة، فإذا لم تتلافَ الأمم هذا الدَّاء الوبيل قاضية على جراثيمه الفتَّاكة سارت إلى الانقراض". وكذلك الأمرُ بالرئيس المفكِّر مازارك - أحد رؤساء تشيكوسلوفاكيا السابقين - الذي راعه انحدار القصص الأوروبية عامَّة، والفرنسي خاصَّة، مع طوفان الأدب الوجودي بما احتوى من عواصف هالكة من الميول الجنسيَّة المنحرفة، فيقف مخاطباً لويس بارتو أحدَ وُزراء فرنسا السابقين بقوله: "إنَّ أبطال قصصكم الجديدة عامَّة تُحركهم الشهواتُ الوضيعة، والحب الجنسي الشَّرِه، ويُمكنكم أن تتأكدوا أنَّنا قد مللنا هذا الدَّرب المأفون من الرِّوايات العاطلة السقيمة التي لا تُطالعنا فيها سوى امرأة سليطة يُحبُّها اثنان أو ثلاثة سوى زوجِها الصنديد الذي تخدعه بشتَّى الحيل، وهكذا في دائرة بغير انتهاء، فهل هذا هو الفنُّ الكتابي الذي اشتهرتم به على مرِّ العصور؟! ذلك لا يُمكن أن يكون، بل هو زيغ وكبوة في الأدباء المعاصرين، فإذا لم تقضوا على هذا الدَّاء الوبيل دفعتم غالياً ثَمَنَ تهاوُنِكم". فهذه شهادات لثلاثةٍ من كبار أدباء ومفكري الغرب الذين أعلنوا موقِفَهم من هذا اللون من الأدب الهابط، الأمر الذي يوجب علينا أنْ نعملَ على مواجهة هذا النوع من الأدب المكشوف؛ صيانة وحماية لأخلاق وقيم مجتمعنا المسلم، فليسَ من الحرية في شيء أنْ تُعرِّيَ كاتبة نفسَها على الورق، وتفضح أسرارَها الخاصَّة، وتكشف عن سوء تربِيَتِها وهي تصور جموحَ غرائزها وأحلامها المكبوتة، وأيضاً ليس من الحرية في شيء أنْ يعبِّر كاتبٌ عن شذوذه وتَجاربه الساقطة تحت اسم "حرية الإبداع، والبوح عن مكنونات النفس"؛ لأنه لا يُمكن أن نَعُدَّ بأي حالٍ من الأحوال المحافظةَ على قيم وأخلاقيَّات المجتمع ضِدَّ هذه الكتابات الموبوءة؛ قيداً ثقيلاً يحجر على الحرية، ويصادر الفكر، ويقتل الإبداع.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |