وافترقا.. - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4416 - عددالزوار : 852541 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3947 - عددالزوار : 387846 )           »          هل لليهود تراث عريق في القدس وفلسطين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 1063 )           »          أوليــاء اللــه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          المشكلات النفسية عند الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          هل المديرون بحاجة للحب؟هل تحب وظيفتك ومكان عملك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          وأنت راكع وساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          لماذا تصاب المرأة بالقولون العصبي بــعد الــزواج؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          لطائف تأخير إجابة الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-02-2021, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي وافترقا..

وافترقا..












ديالا عمر






لا أَذكُر كم مرَّةً استيقظت على ذلك الشِّجار شبه اليومي!





كانتْ أمِّي سريعةَ الغضب، ولا أذكُر كم مرة سمعتُ صياحها ودعاءها على مَن غيَّر ترتيبَ بعض أدوات المطبخ، فحال دون حصولها على ما تريد في الوقت الذي تريد!





ولا أذكر كم مرةً سمعت عراكها مع الجيران! وكم مرةً رأيتها تدخُل المنزل مكفهرةَ الوجه، قاطبةَ الجبين محمَّرة العينين! حقًّا كنت أُشفق على أبي عندما أراه يتجنَّب سخطَها، ويشتري راحته بالسكوتِ، فلا يَزيدها ذلك إلا ثورانًا وغضبًا!





كنتُ أذهب إلى فراشي لأحلم بيومٍ جديد؛ يومٍ أعلم أنَّه لن يأتي، رغم صِغر سنِّي، أدركت أنَّ هذا اليوم لن يأتي، لكن لن يمنعني مخلوقٌ مِن أن أُحلِّق مع أحلامي في عالمها الخيالي الرائع، كثيرًا ما كنتُ أبحث عن السعادة بيْن أحلامي الصغيرة، كثيرًا ما كنتُ أطير فوقَ الغمام، وأنظُر إلى مدرستي وواجباتي المتأخِّرة، وإلى صراخ أبويّ، وإلى عَرائسي الممزَّقة، مِن كثرة ما كنتُ أعضُّها وقتَ حزني ومشاجرات والديّ، أنظُر إلى كلِّ ذلك، وأقول للجميع: وداعًا عالَمي المرير، وادعًا حياتي البغيضة.





كنت أهرب مِن كلِّ ذلك ولم أتجاوزِ التاسعة من عمري، كنت أحيانًا أرسم السعادةَ على زميلاتي وأنسج قصصًا مِن وحي خيالي، (علمتُ فيما بعد أنَّ اسمها: كذِب)؛ لأروحَ عن نفْسي وأنا أقصُّ عليهنَّ كم أتمتَّع في بيتي بكلِّ وسائل الراحة، وأرْشُف من نبع حنان لا يتيسَّر لهنَّ الحصول عليه.





كنتُ أحْكي لهنَّ كيف يتعامل والداي الخياليان، وكيف يتهاديان، وكيف نقضي وقتَنا في ضحِك ومرَح، وتنزه في أجملِ المناطق التي لم ترَها عيناي لحظةً، أجل لم تكُن ترى عيناي إلا دموعَ أمِّي ونفورَ أبي! لم يكن يرشُف قلْبي إلا جرعات الهمِّ والغمّ، لم تكن تسمع أُذناي إلا عبارات التسخُّط وكلمات العتاب.





هكذا وَلَّت طفولتي، وأقبلت مرحلةٌ جديدة مِن عمري، شعرتُ فيها بتغير في نفْسي وجسَدي، احتجتُ فيها إلى سماع كلمة تطمئنُّ قلْبي الوجِل، وتريح نفسي الحائِرة.





تمنيتُ لو أحكي لأمِّي عن معاناتي، أحيانًا كنتُ أشعر في نظرات أبي الشَّفَقة عليَّ وعلى إخوتي، أحيانًا كنت أرَى منه امتصاصًا لغضب أمِّي الذي لا يكاد يفتُر، حتى يعود للثوران مِن جديد.





وهكذا تغلَّبتُ على أحزاني وتأقلمتُ مع أوضاعي، وعلمت أني لا مفرَّ لي من البحث عمَّا أُريد عندَ الصديقات، ولبئس ما فعلتُ، لكن ما باليدِ حِيلة! هن فتيات مِثلي، ولعلهنَّ يحتملن مني ما لا تحتمله أمِّي.





كنت أسترِقُ النظر إلى أمِّي فأراها حنونةً طيبة القلب، ما المشكلة إذًا؟!





لماذا لا تُحسن التعامُلَ مع أحد؟!





كأني أراني وأنا أسترِق النظر إليها وأحدِّثها في نفْسي: لماذا يا أمي؟!





لماذا لا أستطيع أن أرْتمي في حِضنك وأشعُر بحنانك؟!





أعلم أنَّ بداخلك ينبوعًا من الحنان، وتيارًا من العاطفة، لكنك مشغولة بمشكلاتك مع أبي، لستُ أدري مِن المخطئ فيها ومَن المصيب.






لم أشعر بحالي والسنون تجري مِن حولي إلاَّ وأنا على أعتاب دُخول الجامعة! وها هي ذي أمِّي الحنون تُشاركني اختيارَ التخصُّص الجامعي وتقترح ما تراه مناسبًا، ولم تجد لي خيرًا مِن كلية الطب، على الرغم مِن أني لم أكُن أحلم بها، لكني رأيتُها فرصةً يحلم بها الكثير!





وها هو ذا أبي يَسْعَى جاهدًا لإكمال مشواره معي وإتمام إجراءات الجامِعة، والفرحة في عينيه، وكأنَّه يقول: الحمدُ لله الذي عوَّضني بأبنائي.





عدتُ في مساء أحد الأيَّام من الجامعة لأجد أبي منهمكًا في بعضِ أعمال المطبخ، فقد أتتْ أمِّي مِن عملها متعبةً وأعلنتْ أنها لن تتمكَّن من إعداد العَشاء الليلة أيضًا! فلم يجد بدًّا من دخول المطبخ الذي ألِفه وعمل اللازم لأبنائه العائدين مِن مدارسهم وكلياتهم، نظر إليَّ فرِحًا مستبشرًا، وقال: مرحبًا بالطبيبة.





فأَكلنا وسعِدنا للحظات، وقمتُ مِن فوري فانزويتُ في غُرفتي تحسبًا لأيِّ طارئٍ قد يَطرأ!





مرَّتْ أيام الجامعة عصيبة؛ فالظروف الماديَّة لم تكن تسمح بكلية كالطب، لكن أبي كان كالجبل يأبى حتى أن يُظهِرَ لنا ما في نفْسه، وفي الحقيقة لم أكن ألحظه إلاَّ نادرًا، فتتجاهله نفْسي التي كانتْ تحاول خِداعي!





ومع انشغالي بالدِّراسة وتوغُّلي في عالَمها، لم ألحظْ أنَّ والديّ قد تحسَّنَا كثيرًا عن السابق، أو هكذا أبيت أن ألحظَ خشيةَ الانتكاس.





حتى أتى يومٌ دخَل فيه أحد الشباب الأطباء بيتَنا طالبًا يدي للزواج، فرأيتُ مِن تعاون والدي وتفاهمهما ما كنتُ أتمنَّاه طولَ حياتي السابِقة.





رأيت ما كان سيَكفيني كلَّ كذبة كذبتُها في طفولتي البائسة.





وكل لحظة كنتُ أرسمها في خيالي وأعيشها في أحلامي، فقط في أحلامي.





تمنيتُ لو أرفض هذا الشابَّ حتى يأتي غيرُه، وأرى تلك المحبَّةَ التي كم تعطَّش لها قلبي الضعيف، وتمنتها رُوحي المحرومة!





لكني قَبِلتُ لِما رأيت عليه من سِمات الخير وطيب الأخلاق، قَبِلت حتى يرى مِن حُسن تفاهم والدي ومدَى التفاهم الأُسري في بيتنا، الذي حزنتُ لأوَّل مرة أنِّي قدْ أفارقه!





لم أحكِ لزوجي عن حياتي السعيدة، وعن الجوِّ الأسري الذي نشأتُ فيه كما كنت أفعل مع زَميلاتي في صِغري؛ لأنَّه - ولا شكَّ - قد لاحظ بنفْسه ذلك الحلم.





وقد وجدتُ فيه من العطف والحنان ما اشتهتُه نفسي في الطفولة، وجدتُ من يهتمُّ لحالي بحقٍّ، ومَن يقدم راحتي على راحتِه!





كان والداي كذلك يا زَوْجي العزيز، لكن الظروف لم تَسْمَحْ لهما بإظهار ذلك العطف، كانت والدتي نهرًا مِن العطف، ووالدي نبعًا مِن ينابيع الحنان، أنا واثقةٌ من ذلك..





استمرَّ حال والدي على هذا حتى تزوَّج آخِرُ إخواني، وكنتُ قد أنجبت ابنتي الثالثة بعدَ ولدين جميلين، سعِدَ بهم والداي، وسعد بهم والدُهم الحنون.





وكانتْ ليلة زفافه مِن أجمل الليالي، جلسْنا فيها جلسةَ سَمر رائعة، ورأيت والدي وهو يُقدِّم لوالدتي الطعامَ، وكم تبسَّمت له بثغر جميل، قدْ أهلكته السِّنون، لكن لم يمنعْه مِن التبسم، وأتى والدي العزيز إلى زوْجي وقدَّم له من الطعام، فلمحتُ على يديه آثارَ الكِبَر، ورأيت عروقًا وتجاعيدَ خطَّتها الأعوام، فرأيتُ تجاعيدَ الشجار مع أمِّي، وتجاعيد الهمِّ والخوف مِن المستقبل، وتجاعيد مشكلات العمل، وتجاعيد حَفَرَتْها أحلام لم تتحقَّق.





فطار بَصري إلى أمِّي معاتبًا لأرَى على وجهها علاماتٍ أكثرَ مِن التي رأيت على يدي أبي، كيف لم ألحظْها مِن قبل؟!





عاد كلٌّ منَّا إلى بيته، وعاد العروسان، وبُعَيْدَ أيَّام من ذلك جاءتْني إحدى أخواتي بخبر هزَّ كياني.





كيف؟! وأنا الآن زوجة ولي أبناء وبيت، وقد أوشكتُ على الأربعين مِن عمري؟!





كيف أهتزُّ لهذا الخبر إلى هذا الحدِّ المؤلِم؟!





لماذا تنهار دُموعي وعلام البكاء؟ أليسَا قد قرَّرَا؟ أليس كلٌّ منهما بخير؟!





كيف مرَّ عليَّ شريط حياتي كاملاً في دقائق قلائل، كذبات الطفولة، أحلام الصبا، يوم خِطبتي، زفاف أخي وجلسة السَّمر، على كلِّ حال لقدْ تَمَّ الطلاق بعدَ خمسة وأربعين عامًا مِن الـ..





وافترقَا!!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.99 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]